«الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين موسكو وطهران تدخل حيز التنفيذ اليوم

«النووي الإيراني» على أجندة الرئاسة الروسية لمجلس الأمن هذا الشهر

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحضران حفل توقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين البلدين في الكرملين بموسكو يوم 17 يناير 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحضران حفل توقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين البلدين في الكرملين بموسكو يوم 17 يناير 2025 (رويترز)
TT

«الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين موسكو وطهران تدخل حيز التنفيذ اليوم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحضران حفل توقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين البلدين في الكرملين بموسكو يوم 17 يناير 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحضران حفل توقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين البلدين في الكرملين بموسكو يوم 17 يناير 2025 (رويترز)

دخلت معاهدة «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين روسيا وإيران حيز التنفيذ رسمياً الخميس. ووصفت «الخارجية» الروسية المعاهدة بأنها «نقطة تحول فارقة تعكس الخيار الاستراتيجي لقيادتَي البلدين» في إطار العزم المشترك على مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، والعمل في ظل «ظروف عالم متعدد الأقطاب».

وتشكل المعاهدة التي وقعها الرئيسان فلاديمير بوتين ومسعود بزشكيان في موسكو في 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، الأساس القانوني المحدث الذي ينظم العلاقات بين البلدين، بدلاً من «معاهدة أساس العلاقات ومبادئ التعاون» الموقعة عام 2001.

واستغرق العمل على وضعها سنوات عدة، مرت العلاقات خلالها بمراحل شد وجذب، لكن التوصل إلى الصياغة النهائية في خريف العام الماضي عكس رغبة مشتركة في تجاوز النقاط الخلافية وإطلاق آلية موسعة لتعميق التعاون الاقتصادي، وتخفيف تأثير العقوبات الأميركية، وتعزيز الشراكات العسكرية والسياسية.

علامة فارقة

وتهدف الاتفاقية إلى تنظيم العلاقات بين روسيا وإيران على مدى السنوات العشرين المقبلة، وتغطي مجالات مختلفة بما في ذلك الدفاع، ومكافحة الإرهاب، والطاقة، والتمويل، والثقافة.

وتتكون المعاهدة من 47 مادة تتناول التعاون في كل المجالات التقليدية، وتم التركيز فيها على توسيع التعاون في قطاعات التكنولوجيا والمعلومات، والأمن السيبراني، والتعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، وجهود مكافحة الإرهاب، والتعاون الإقليمي، والقضايا البيئية، ومكافحة غسل الأموال والجريمة المنظمة.

وأفادت «الخارجية» الروسية في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الخميس، بأن دخول المعاهدة حيز التنفيذ رسمياً «يمثل علامة فارقة في تاريخ العلاقات الروسية - الإيرانية التي وصلت إلى مستوى جديد نوعياً من الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأشار البيان إلى أن المعاهدة تضع مبادئ توجيهية محورية في جميع المجالات ذات الأولوية للتعاون الثنائي طويل الأمد، لافتاً إلى أنها توفر أساساً قانونياً محدثاً لـ«تعزيز التعاون على الساحة الدولية في ظل ظروف النظام العالمي متعدد الأقطاب الناشئ، بما في ذلك التنسيق الوثيق داخل المنظمات متعددة الأطراف الرائدة، والجهود المشتركة لتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة، ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة».

وشددت «الخارجية» على أنها «تعكس الاختيار الاستراتيجي للقيادة السياسية العليا في روسيا وإيران لتعزيز علاقات الصداقة وحسن الجوار بشكل شامل، بما يتوافق مع المصالح الجذرية لشعبَي البلدين».

الأحكام الرئيسية

ونصت المعاهدة على سعي الطرفين إلى تعميق وتوسيع العلاقات في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك.

واتفقت موسكو وطهران على تطوير مستويات التعاون التجاري والاقتصادي، وتوسيع التعاون في المجال الدفاعي والعسكري، بما في ذلك في إطار إجراء مناورات عسكرية مشتركة.

وعلى الرغم من أن المعاهدة خلت من بند «الدفاع المشترك» على غرار معاهدة مماثلة أبرمتها روسيا مع كوريا الشمالية، وكان هذا مطلباً إيرانياً قوبل بتحفظ في موسكو، فإنها نصت في إحدى فقراتها على تعاون في مواجهة التهديدات الخارجية، و«في حال تعرض أحد الطرفين للعدوان، يجب على الطرف الآخر عدم تقديم المساعدة للمعتدي».

كما أكدت أن «روسيا وإيران لن تسمحا باستخدام أراضيهما لدعم الحركات الانفصالية التي تهدد سلامة» أحد البلدين.

ونصت المعاهدة على عزم البلدين على مقاومة العقوبات، واعتبار فرضها غير قانوني. و«سوف يمتنع الطرفان عن الانضمام إلى القيود التي تفرضها دول ثالثة على بعضهما، ويضمنان عدم استخدام التدابير الأحادية الجانب».

كما اتفقت موسكو وطهران على تعزيز التعاون الإعلامي لمواجهة التضليل والدعاية السلبية. وتقدم الدولتان المساعدة في منع الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان، وتتعاونان لإنشاء بنية تحتية للدفاع مستقلة عن الدول الثالثة.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

وتطرقت الاتفاقية إلى إطلاق مشروعات استراتيجية بشكل مشترك، وركزت على تدشين خط أنابيب الغاز من روسيا إلى إيران عبر أذربيجان، على أن يتفاوض الطرفان على آليات تسعيره.

كما أكدت موسكو وطهران مواصلة التعاون في مشاريع الطاقة النووية المشتركة، بما في ذلك بناء منشآت للطاقة النووية للاستخدام السلمي. وأكد الطرفان تطابق مواقفهما في مكافحة الإرهاب الدولي والتحديات والتهديدات الأخرى.

تعزيز التعاون «النووي»

وكانت موسكو وطهران أكدتا العزم على توسيع التعاون في كل المجالات، بما في ذلك في إطار الاستخدام السلمي للطاقة الذرية برغم كل السجالات التي تحيط ببرنامج إيران النووي. وقبل أسبوع، وقع الطرفان اتفاقاً جديداً لبناء 8 محطات طاقة نووية صغيرة، وسط تعهد مشترك بإعادة بناء منشآت تضررت إثر هجمات أميركية وإسرائيلية في يونيو (حزيران).

ووقع الاتفاق رئيس «روساتوم» أليكسي ليخاتشوف، ورئيس «منظمة الطاقة الذرية» الإيرانية محمد إسلامي، خلال اجتماع في موسكو. ووصفت «روساتوم» الاتفاق بأنه «مشروع استراتيجي».

وقال إسلامي، وهو يشغل أيضاً منصب نائب الرئيس الإيراني، لوسائل إعلام رسمية إيرانية هذا الأسبوع، إن الخطة تتضمن بناء 8 محطات طاقة نووية، في إطار سعي طهران للوصول إلى قدرة إنتاجية للطاقة النووية تبلغ 20 غيغاواط بحلول عام 2040.

وتواجه إيران أزمة نقص الكهرباء خلال أشهر ذروة الطلب، ولا تمتلك سوى محطة طاقة نووية واحدة عاملة في مدينة بوشهر الجنوبية بنتها روسيا، وتبلغ قدرتها نحو واحد غيغاواط.

وكان الطرفان طورا خلال سنوات تعاوناً وثيقاً في مجال الطاقة، وتولت إحدى شركات «روساتوم» إكمال بناء وتجديد الوحدة الأولى من محطة «بوشهر» النووية، التي بدأها كونسوريوم ألماني عام 1975 وتوقفت بعد الثورة الإسلامية عام 1979. ودخلت الوحدة الخدمة عام 2011، وسُلمت رسمياً لإيران عام 2013. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وقع الجانبان عقداً لبناء الوحدتين الثانية والثالثة بتكلفة 10 مليارات دولار، ومن المقرر تشغيلهما بين 2025 - 2027.

وخلال السنوات الأخيرة أبرم الطرفان سلسلة اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات عدة. وفي 2023 وقعت روسيا وإيران اتفاقية لإنشاء القسم السككي «رشت-آستارا» في شمال إيران الساحلي. وبموجب الاتفاقية، يشترك البلدان في تمويل التصميم والتنفيذ للمشروع. وسيبلغ طول الخط 170 كيلومتراً، ومن المقرر الانتهاء من أعمال البناء بحلول عام 2028. ويربط هذا الخط الأقسام البرية لممر «الشمال-الجنوب» الدولي للنقل، مما يعزز الكفاءة الاقتصادية للطريق العابر لبحر قزوين.

ومنذ عام 2023 أصبحت روسيا أكبر مستثمر في إيران؛ إذ استثمرت في عام واحد 2.76 مليار دولار، من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة البالغة 4.2 مليار دولار. وفي السنوات اللاحقة حافظت موسكو على موقعها كأكبر مستثمر أجنبي في السوق الإيرانية.

وفي القطاع العسكري واصل الطرفان تطوير التعاون. وفي يناير 2023، أعلنت إيران عن شراء مقاتلات من طراز «سوخوي-35» من الجانب الروسي، بالإضافة إلى معدات عسكرية أخرى تشمل مروحيات وصواريخ. وفي نوفمبر من العام نفسه، كشف المسؤول في وزارة الدفاع الإيرانية، اللواء مهدي فرحي، عن حصول بلاده على مروحيات «مي-28» الهجومية، ومقاتلات «سوخوي-35»، والطائرات القتالية التدريبية «ياك-130»، لكن اللافت مع ذلك أن عقد المقاتلات «سوخوي» لم يجد طريقه إلى التنفيذ بعد.

مجلس الأمن

وتزامن دخول المعاهدة حيز التنفيذ مع تسلم روسيا مطلع الشهر الرئاسة الدورية لمجلس الأمن. وعكست التصريحات التي أطلقها المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أولويات موسكو خلال توليها الرئاسة، خصوصاً في إطار تنظيم نحو 20 جلسة مناقشات للملفات المطروحة. وبالإضافة إلى طرح ملفَّي التسوية في أوكرانيا، والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، يحظى ملف إيران النووي ومسألة رفض الغرب رفع العقوبات عن طهران بأولوية أساسية، إلى جانب عزم موسكو على مناقشة الوضع حول غزة وملف التسوية في الشرق الأوسط في جلسة خاصة يُنتظر أن تنعقد في 23 أكتوبر (تشرين الأول)، ويرجح أن يحضرها وزير الخارجية سيرغي لافروف.

أعضاء مجلس الأمن يصوّتون على مشروع قرار يتعلق بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران يوم 26 سبتمبر (رويترز)

واستهل نيبينزيا نشاطه الأربعاء كرئيس لمجلس الأمن، بتوجيه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بشدة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدول الغربية والأمانة العامة للأمم المتحدة لإعادة فرض العقوبات على إيران، واصفاً إياها بغير القانونية.

وأكد نيبينزيا أن بيان الأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن ما يسمى «إعادة تفعيل» القرارات أرقام: 1696 و1737 و1747 و1803 و1835 و1929، لا أساس له من الصحة، بل يُمثل تحريفاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن، وانتهاكاً مباشراً للقرار رقم 2231.

وكما أشار الدبلوماسي، فقد قوبل مشروع الاقتراح الذي قدمته جمهورية كوريا لتمديد نظام رفع العقوبات، وكذلك الاقتراح الروسي - الصيني المشترك لتمديد القرار رقم 2231، بمعارضة من الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا، ولم يُعتمدا. وقال إن هذه الدول الغربية الثلاث، إلى جانب بعض الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، أحبطت فعلياً الجهود الرامية إلى خلق مساحة إضافية للحوار بشأن البرنامج النووي الإيراني من خلال اختيار طريق المواجهة والتصعيد.


مقالات ذات صلة

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
شؤون إقليمية زوارق سريعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات سابقة في مضيق هرمز (أرشيفية - تسنيم)

مناورات بحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني

أعلنت القوة البحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، الأربعاء، عن إجراء مناورات في مياه الخليج العربي، «ابتداءً من الخميس ولمدة يومين، وتشمل مناطق الخليج وجزر نازعات…

«الشرق الأوسط» (طهران)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».


تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

قال نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي، الخميس، إن أنقرة استدعت سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود.

وقال إكينجي، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان: «شهدنا تصعيداً خطيراً للغاية في الأسابيع القليلة الماضية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث شهدنا هجمات متبادلة. وأخيراً، وقعت هجمات محددة في البحر الأسود داخل منطقتنا الاقتصادية الخالصة أيضاً».

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء: «استدعينا أمس واليوم القائم بالأعمال الروسي بالإنابة وسفير أوكرانيا للتعبير عن قلقنا».

كان مسؤول من جهاز الأمن الأوكراني قال، السبت الماضي، إن أوكرانيا استهدفت ناقلتين من «أسطول الظل» الروسي بطائرات مسيَّرة في البحر الأسود.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن العملية المشتركة نفذها جهاز الأمن والبحرية الأوكرانية، وفق ما نقلته «رويترز».

وتابع: «تُظهِر لقطات الفيديو أن أضراراً جسيمة لحقت بالناقلتين بعد استهدافهما، وخرجتا من الخدمة فعلياً. وهذا سيوجه ضربة كبيرة لعمليات نقل النفط الروسي».

وذكر مسؤول تركي بارز، الأسبوع الماضي، أن ناقلتي نفط تردد أنهما جزء من «أسطول الظل»الروسي، اللتين اشتعلت فيهما النار، قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود، ربما تعرضتا لهجوم بألغام أو طائرات مسيَّرة أو صواريخ.