هل تستطيع الولايات المتحدة استعادة زخمها الصناعي العسكري بالسرعة الكافية لمجاراة منافسيها؟

أصبحت شركات الدفاع الكبرى مثل «لوكهيد مارتن» و«بوينغ» تحت ضغط مباشر لتسريع خطوط الإنتاج

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث متحدّثاً خلال مناسبة في «البنتاغون» (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث متحدّثاً خلال مناسبة في «البنتاغون» (رويترز)
TT

هل تستطيع الولايات المتحدة استعادة زخمها الصناعي العسكري بالسرعة الكافية لمجاراة منافسيها؟

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث متحدّثاً خلال مناسبة في «البنتاغون» (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث متحدّثاً خلال مناسبة في «البنتاغون» (رويترز)

مع تصاعد التوترات في المحيطين الهادئ والهندي، يواجه «البنتاغون» معضلة خطيرة: نقص الذخائر الحساسة، خصوصاً الصاروخية منها، بعد سنوات من الدعم العسكري المكثّف لأوكرانيا واستنزاف المخزونات في المواجهة الأخيرة مع إيران وحلفائها.

وفي وقت تكشف فيه الصين عن أسلحة فرط صوتية وأنظمة متقدمة خلال استعراضها العسكري الأخير، يسعى القادة الأميركيون إلى مضاعفة أو حتى أربعة أضعاف إنتاج 12 نوعاً من الصواريخ الأكثر طلباً، تحسّباً لأي مواجهة مقبلة.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)

وبهذا يظهر أن «البنتاغون» يواجه معركتين متزامنتين: الأولى في ساحة المنافسة العسكرية مع الصين، والثانية في معركة داخلية لضمان التمويل، وإعادة بناء قاعدة صناعية دفاعية قادرة على الاستجابة لسيناريو صراع طويل الأمد.

يبقى السؤال: هل تستطيع الولايات المتحدة استعادة زخمها الصناعي العسكري بالسرعة الكافية لمجاراة منافسيها؟

وتنقل صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مصادر مطلعة، أن نائب وزير الدفاع ستيف فاينبرغ يقود جهداً استثنائياً سُمّي «مجلس تسريع الذخائر»، يضع شركات الدفاع الكبرى مثل «لوكهيد مارتن»، و«رايثيون»، و«بوينغ»، تحت ضغط مباشر لتسريع خطوط الإنتاج. وقد شملت الخطوات اجتماعات أسبوعية واتصالات مباشرة مع المديرين التنفيذيين، في إشارة غير مألوفة لحجم التدخل الحكومي في تفاصيل الصناعة العسكرية.

أرشيفية لصاروخ ينطلق من إحدى بطاريات نظام «القبة الحديدية» الدفاعي الإسرائيلي (د.ب.أ)

وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في بيان رسمي: «يستكشف الرئيس ترمب والوزير هيغسيث سبلاً استثنائية لتوسيع قوتنا العسكرية وتسريع إنتاج الذخائر»، مشدداً على أن الخطة «ثمرة تعاون بين قادة صناعة الدفاع وكبار مسؤولي البنتاغون».

لكن هذه الطموحات تصطدم بعقبات كبيرة. فإنتاج صاروخ متطور مثل «باتريوت» قد يستغرق عامين كاملين، في حين أن تأهيل موردين جدد لقطع الغيار أو الوقود الصلب يحتاج إلى استثمارات بمئات الملايين وفترات اختبار طويلة لضمان الموثوقية.

ويقول توم كاراكو، خبير الأسلحة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن «الشركات لا تُصنّع هذه الأشياء بناءً على مواصفاتها. عليك انتظار الحكومة لتوقيع عقود معها. يجب أن يكون هناك دعم مالي. لا يمكن أن يكون مجرد كلام».

أنظمة الصواريخ الصينية في العرض العسكري (رويترز)

وقد خصص مشروع القانون الدفاعي الذي أقرته إدارة ترمب في يوليو (تموز) الماضي 25 مليار دولار إضافية لتمويل الذخائر على مدى 5 سنوات. لكن محللين يرون أن هذا الرقم بعيد عن تغطية التكلفة الحقيقية، التي قد تتطلب عشرات المليارات الإضافية لمجاراة الأهداف الإنتاجية الطموحة.

على الأرض، تحاول الشركات الكبرى إظهار استعدادها. فقد وسّعت «لوكهيد مارتن» منشآتها وتعهدت بزيادة إنتاج صواريخ «باك-3»، بعد أن حصلت على عقد يقارب 10 مليارات دولار لإنتاج نحو ألفي صاروخ خلال الفترة بين 2024 و2026. لكن «البنتاغون» يريد أكثر من ذلك: رفع الإنتاج إلى أربعة أضعاف المعدلات الحالية، وهو تحدٍّ غير مسبوق منذ الحرب الباردة.

في المقابل، أبدت شركة رايثيون، حذرها. ففي رسالة رسمية إلى «البنتاغون»، قال رئيسها التنفيذي كريستوفر كاليو إن الشركة مستعدة للعمل على زيادة الإنتاج، لكنها تحتاج إلى «التزامات مالية واضحة وتمديدات برامجية» لتأمين الاستثمارات المطلوبة. وأضاف: «الإشارة إلى قوة الطلب على هذه الذخائر أمرٌ ضروري لقاعدة التوريد».

صورة لـ«البنتاغون» من الجو في واشنطن العاصمة - الولايات المتحدة (رويترز)

«بوينغ» بدورها تسابق الزمن لتفادي اختناقات في إنتاج المقذوفات التي تُثبّت في مقدمة صواريخ «باتريوت»، بعد أن أصبحت هذه المكوّنات نقطة ضعف في سلسلة التوريد. الشركة استثمرت في توسعة جديدة لمصنعها، وأعلنت أن تسليماتها الشهرية بلغت أرقاماً قياسية. أما شركة «نورثروب غرومان» فقد سبقت التعاقدات الرسمية باستثمار يفوق مليار دولار في مرافق إنتاج محركات الصواريخ الصلبة، مع خطط لمضاعفة الطاقة الإنتاجية خلال أربع سنوات.

نظام الدفاع الفضائي الصيني HQ-29 (أ.ف.ب)

هذا السباق يعكس إدراكاً متزايداً في واشنطن بأن التحدي الصيني لا يقتصر على تطوير أسلحة فرط صوتية أو صواريخ طويلة المدى، بل يمتد إلى القدرة على الإنتاج الكمي السريع. ويقول بيل لابلانت، وكيل وزارة الدفاع السابق في عهد بايدن: «الصراع في أوكرانيا كان جرس إنذار. لقد سمحنا لخطوط الإنتاج بالتجمد، ورأينا موردين يخرجون من السوق، وقطع غيار تتقادم». وهو ما يشير إلى مسؤولية الديمقراطيين أيضاً عن هذه الفجوة التي لم يتم تداركها سابقاً، في الوقت الذي كانت تشير كل المعطيات إلى احتمال اندلاع حرب في أوروبا، وتهديدات صينية علنية لإعادة السيطرة على تايوان ولو بالقوة.

اليوم، يقر المسؤولون بأن النقص الحاد في صواريخ الاعتراض مثل «باتريوت» يترك فجوة في قدرة الولايات المتحدة على حماية قواعدها وحلفائها في المحيط الهادئ. ومع إطلاق واشنطن مئات الصواريخ المتطورة خلال الصراع الأخير بين إسرائيل وإيران، تزايدت المخاوف من استنزاف الترسانة على نحو لا يتناسب مع وتيرة التهديدات المتسارعة.

ومع ذلك، يشكك بعض المحللين في أن الجهد الحالي قد يحقق أهدافه سريعاً، إذ إنه حتى ولو تضاعف الإنتاج، ستستغرق عملية ملء المخزونات سنوات، في الوقت الذي تدرك فيه الصين هذا الأمر، وهذا أحد عناصر ميزان الردع الجديد القائم الآن مع واشنطن.


مقالات ذات صلة

مقتل ضابط روسي كبير بانفجار سيارة

أوروبا محققون في موقع اغتيال الجنرال الروسي بموسكو أمس (رويترز)

مقتل ضابط روسي كبير بانفجار سيارة

قُتل جنرال في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي بانفجار سيارة في جنوب موسكو، صباح أمس، في أحدث اغتيال لشخصية عسكرية بارزة، وذلك بعد ساعات فقط من إجراء مندوبين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي (أرشيفية - أ.ب) play-circle

روسيا تتحدث عن «تقدم بطيء» في المفاوضات بشأن أوكرانيا

سجلت موسكو تقدماً «بطيئاً» في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا، ونددت بمحاولات «خبيثة» لإفشالها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا السيارة التي قتل فيها الجنرال فانيل سارفاروف (56 عاماً) وسط منطقة سكنية في موسكو الاثنين (رويترز)

مقتل ضابط روسي كبير بانفجار سيارة في موسكو

قُتل جنرال في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي في انفجار سيارة في جنوب موسكو، وذلك بعد ساعات فقط من إجراء مندوبين روس وأوكرانيين محادثات منفصلة في ميامي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل 5 بتحطم طائرة عسكرية مكسيكية في الولايات المتحدة

فرق الطوارئ تتعامل مع الحادث الذي وقع قرب قاعدة جسر مؤدي إلى غالفستون قبالة
ساحل تكساس (أ.ب)
فرق الطوارئ تتعامل مع الحادث الذي وقع قرب قاعدة جسر مؤدي إلى غالفستون قبالة ساحل تكساس (أ.ب)
TT

مقتل 5 بتحطم طائرة عسكرية مكسيكية في الولايات المتحدة

فرق الطوارئ تتعامل مع الحادث الذي وقع قرب قاعدة جسر مؤدي إلى غالفستون قبالة
ساحل تكساس (أ.ب)
فرق الطوارئ تتعامل مع الحادث الذي وقع قرب قاعدة جسر مؤدي إلى غالفستون قبالة ساحل تكساس (أ.ب)

تحطمت طائرة صغيرة تابعة للبحرية المكسيكية تقل مريضا صغير السن وسبعة آخرين يوم الاثنين قرب غالفستون، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل وأدى إلى بدء عمليات بحث في المياه قبالة ساحل ولاية تكساس الأميركية ، بحسب ما أفاد مسؤولون.

ووقعت الحادثة في البحر بينما كانت الطائرة التي استأجرتها مؤسسة مكسيكية لمساعدة الأطفال المصابين بحروق بالغة، تقترب من غالفستون قرب هيوستن في ولاية تكساس. وأوضحت البحرية المكسيكية في بيان، أنه من بين الأشخاص الثمانية الذين كانوا في الطائرة، عثر على أربعة أحياء واثنين ميتين.

بحسب موقع «فلايت رادار»، أقلعت الطائرة من مطار ميريدا في ولاية يوكاتان المكسيكية (جنوب شرق) الساعة 18,46 بتوقيت غرينتش. وانقطع الاتصال بها الساعة 21,01 فوق خليج غالفستون قرب مطار سكولز الدولي.


ترمب: نشر ملفات إبستين يهدد بتدمير سمعة أشخاص

صورة للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مع سيدة تم إخفاء وجهها ضمن ملفات جيفري إبستين المفرج عنها (أ.ب)
صورة للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مع سيدة تم إخفاء وجهها ضمن ملفات جيفري إبستين المفرج عنها (أ.ب)
TT

ترمب: نشر ملفات إبستين يهدد بتدمير سمعة أشخاص

صورة للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مع سيدة تم إخفاء وجهها ضمن ملفات جيفري إبستين المفرج عنها (أ.ب)
صورة للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مع سيدة تم إخفاء وجهها ضمن ملفات جيفري إبستين المفرج عنها (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاثنين إن أشخاصا «التقوا بشكل بريء» جيفري إبستين في الماضي قد يتعرّضون لتشويه سمعتهم بسبب نشر ملفات التحقيق المتعلقة به.

وفي أول تعليقاته منذ بدأت وزارة العدل نشر الملفات الجمعة، قلّل ترمب أيضا من شأن الضجة المثارة حول إبستين معتبرا أنها تشتيتا للانتباه عن إنجازات حزبه. وقال لصحافيين من منزله في مارالاغو «كل هذا الأمر المتعلق بإبستين هو محاولة لصرف الانتباه عن النجاح الهائل الذي حققه الحزب الجمهوري».

وظهر الرئيس السابق بيل كلينتون في الدفعة الأولى من الصور من ملفات إبستين التي نشرتها وزارة العدل وطُلب من ترمب التعليق على ذلك.

وقال «أنا أحب بيل كلينتون. لطالما كانت علاقتي جيدة مع بيل كلينتون. أكره رؤية نشر صور له». وأضاف «هناك صور لي أيضا. كان الجميع على علاقة ودية مع هذا الرجل (إبستين)». ولفت ترمب إلى أن نشر صور كلينتون وآخرين «أمر فظيع« لكنه أضاف «بيل كلينتون رجل ناضج، يستطيع التعامل مع الأمر».

وتابع «لكن قد تكشف صور لأشخاص آخرين التقوا جيفري إبستين بشكل بريء قبل سنوات عدة، وهم مصرفيون ومحامون وغيرهم يحظون باحترام كبير». وقال الرئيس الجمهوري إن «عددا كبيرا من الأشخاص غاضبون جدا من نشر صور لأشخاص آخرين لم تكن لهم علاقة بإبستين فعلا... لكنهم ظهروا في صورة معه لأنه كان في حفلة ما، وأنتم بذلك تدمرون سمعة شخص ما».


ترمب: سيكون من «الحكمة» أن يتنحى مادورو

ترمب خلال رده على سؤال صحافيين حول مادورو في منزله بولاية فلوريدا (رويترز)
ترمب خلال رده على سؤال صحافيين حول مادورو في منزله بولاية فلوريدا (رويترز)
TT

ترمب: سيكون من «الحكمة» أن يتنحى مادورو

ترمب خلال رده على سؤال صحافيين حول مادورو في منزله بولاية فلوريدا (رويترز)
ترمب خلال رده على سؤال صحافيين حول مادورو في منزله بولاية فلوريدا (رويترز)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاثنين إنه سيكون من «الحكمة» أن يتنحى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عن منصبه.

وردا على سؤال صحافيين في منزله بولاية فلوريدا عما إذا كانت تهديدات واشنطن لكراكاس تهدف إلى إنهاء رئاسة مادورو المستمرة منذ 12 عاما، قال ترمب «الأمر متروك له ليقرر ما يريد فعله. أعتقد أنه سيكون من الحكمة» أن يتنحى.

ورد الرئيس الفنزويلي على ترمب، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي، قائلا إنه «سيكون من الأفضل للرئيس ترمب أن يركز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية في بلاده (...) وأن يهتم بشؤون بلاده الخاصة».

وفي وقت سابق، قالت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم إن على الرئيس الفنزويلي «الرحيل»، في واحد من أوضح المؤشرات حتى الآن على أن واشنطن تسعى إلى تغيير القيادة في كراكاس. وكان ترمب أعلن في وقت سابق هذا الشهر فرض حصار على سفن نفط خاضعة للعقوبات تبحر من فنزويلا وإليها، وقد صادرت القوات الأميركية سفينتين وطاردت ثالثة حتى الآن.