جاستن ترودو... طلاقٌ فاستقالة فحبٌّ جديد والقلب يدقُّ على إيقاع كيتي بيري

رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)
رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)
TT

جاستن ترودو... طلاقٌ فاستقالة فحبٌّ جديد والقلب يدقُّ على إيقاع كيتي بيري

رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)
رئيس الحكومة الكندية السابق جاستن ترودو والمغنية الأميركية كيتي بيري (رويترز– إنستغرام)

منذ تقدَّمَ جاستن ترودو باستقالته من رئاسة حكومة كندا مطلع 2025، يبدو الرجل وكأنه راغبٌ في تحوُّلاتٍ جذريَّة في حياته.

أحدثُ طلائع المسار الجديد، علاقة عاطفية استفاضت الصحافة العالمية في الحديث عنها، من دون أن ينفيها رئيس الوزراء الكندي السابق. المغنية الأميركية كيتي بيري هي التي خفق لها قلب ترودو، كما تمايل على إيقاع أغانيها خلال حفل لها حضره في يوليو (تموز) الماضي، بمدينة مونتريال في كندا.

كيتي وجاستن يُنزِّهان الكلب في مونتريال

قبل سنتَين، أعلن ترودو انفصاله عن صوفي غريغوار، بعد زواجٍ استمرَّ 18 عاماً. من جانبها، أنهت بيري هذا الصيف زواجها من الممثل أورلاندو بلوم الذي ارتبطت به في 2016. ومن ثمَّ، يخشى أصدقاؤها من أن تكون تلك العلاقة المستجدة مجرَّد ردَّة فعلٍ على طلاقٍ لم تتعافَ منه بعد، وفق ما تناقلت بعض الصحف البريطانية.

إلا أنَّ الأمور بين ترودو وبيري ما زالت في بداياتها، وهي تسلك الدرب المستقيم، منذ انتشار أول صورة جمعتهما في عشاء رومانسي في كندا، نهاية يوليو الماضي، أي بعد أسابيع على إعلان انفصال بيري عن بلوم. فقبل أيام، نقلت مجلة «US Weekly» عن مصادر مطَّلعة أن «كيتي وجاستن مهتمان بعضهما ببعض، وما زالا على تواصل، إلا أنهما يحرصان على خصوصية العلاقة». وأوضح مصدر آخر أن بيري متروِّية، وربما تلتقي ترودو خلال أسابيع بعد اختتام جولتها الغنائية في البرازيل. يأتي ذلك عقب معلومات جرى تداولها الشهر الماضي بأنَّ ترودو منزعج من انتشار صورهما معاً.

الصورة التي نشرها موقع «TMZ» لترودو وبيري في أحد مطاعم مونتريال (يوتيوب)

فارق السن بين ترودو وبيري 13 عاماً، إلا أنَّ تناغماً كبيراً يجمع بينهما. وتحدَّثت المصادر المواكبة للعلاقة بأنَّ الانجذاب بين الاثنين كان فورياً، وقد شوهدا مراتٍ عدة معاً في مونتريال؛ حيث تناولا الغداء والعشاء في مطاعمها، وأخذا كلب ترودو في نزهة.

رحلات ترودو الصيفية مع الأولاد

رغم رغبته في الحفاظ على سرية العلاقة الناشئة وخصوصيتها، فإنه من المعروف عن ترودو عدم تردده في مشاركة بعض تفاصيل حياته الخاصة على الملأ. فهو غالباً ما ينشر صوراً برفقة أولاده على حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة به، وقد تكرَّر ذلك مؤخراً، ولا سيما بعد انفصاله عن زوجته.

أمضى ترودو إجازته الصيفية مع أولاده في رحلات ذات طابع رياضي (إنستغرام)

في اليوم الوطني الكندي مطلع شهر يوليو، نشر صورة تجمعه بولدَيه: كزافييه، وهادريان، وهم يقومون بنشاطٍ رياضي معاً. تلت ذلك مجموعة من الصور؛ حيث ظهر مع ابنه الأصغر خلال رحلة في الطبيعة عبر كندا. أما حصة الابن الأكبر من الترحال، فكانت إلى سويسرا؛ حيث تسلَّقا الجبال معاً. واختتم ترودو الإجازة الصيفية بجانب ابنته إيلا غريس في إيطاليا؛ حيث تنقَّلا بين روما وفلورنسا، وغيرهما من المدن.

ترودو وابنته إيلا غريس في إيطاليا (إنستغرام)

ترودو... خارج الصندوق

بعيداً عن الشؤون العاطفية والعائلية، فإنَّ جاستن ترودو لا يشبه سواه من رجال السياسة. منذ ما قبل تولِّيه رئاسة الحكومة الكندية وخلالها وبعدها، أثبت أنه شخصية غير تقليدية وخارج الصندوق. ما لا يعرفه كثيرون أنه -في عام 2007- شارك كممثل في الفيلم التلفزيوني الطويل «The Great War» حول دور كندا في الحرب العالمية الأولى. وقد أدَّى في العمل شخصية أحد أنسبائه الذي شارك في الحرب، وقُتل في إحدى معاركها.

جاستن ترودو ممثلاً في الفيلم الوثائقي «The Great War» عام 2007 (موقع imdb)

لا تنتهي مفاجآت ترودو الفنية عند هذا الحدِّ، فخلال تولِّيه رئاسة الحكومة، أعار صوته لأحد مسلسلات الكرتون المعروفة في كندا. ضمن «Corner Gas» أطلَّ ترودو في ظهور مقتضب بشخصيته رئيساً للحكومة.

ترودو بشخصية كرتونية صوتاً وصورة خلال رئاسته الحكومة الكنديَّة (موقع imdb)

ترودو في المطبخ

انسحبت تلك الإطلالات الخارجة عن المألوف خلال تولِّيه رئاسة الحكومة، على برامج الطهو. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2024، وعشية أعياد نهاية السنة، فاجأ ترودو متابعيه بالظهور إلى جانب الشيف الكندي الشهير أندي هاي. حضَّر معه آنذاك حلوى لفائف القرفة.

قبل 8 سنوات من تلك الإطلالة، وبينما كان ترودو في سنته الرئاسية الثانية، لم يمانع أن يظهر في برنامج الطهو الخاص بالشيف الأميركية كريستين كيش؛ حيث تحدَّث عن غِنى المطبخ الكندي والأطباق التقليدية التي تختلف بين ولاية وأخرى. وكذلك تناول رئيس الحكومة السابق الطعام على مائدة مطعم كيش في مونتريال.

وشوم دولة الرئيس وجواربُه

شكلاً ومضموناً، أثبت جاستن ترودو أنه شخصية سياسية غير تقليدية. وليس الوشم الذي يزيِّن زنده الأيسر آخر مفاجآته. ظهر هذا الوشم في المرة الأولى إلى العلن عام 2016، خلال مباراة ملاكمة خاضها في الولايات المتحدة الأميركية، بينما كان رئيساً للحكومة.

وفي تفاصيل الوشم، فإنه أُنجزَ على مرحلتَين. يتخذ الجزء الأول منه شكل الكرة الأرضية، وهو يعود إلى عام 1994، يوم كان ترودو يبلغ الـ23 من العمر. أما يوم ميلاده الـ40 فقد استحدث إضافة إلى الوشم الأول، وهي عبارة عن طائر غُراب يحمل اسم «هايدا». اختار ترودو هذا الرسم تحديداً لأنه رمز قبيلة «هايدا»، وهي من الشعوب الأصلية في كندا، والتي كان والده عضواً فخرياً فيها. كما أنَّ هذا الرمز يشكِّل تحية لشقيقه الراحل الذي كان يحمل الوشم ذاته.

ظهَر وشم ترودو إلى العلن خلال مباراة ملاكمة خاضها وهو في سدَّة رئاسة الحكومة (رويترز)

لا تنتهي غرائب ترودو هنا، فقد اشتُهر كذلك بجواربه الملوَّنة ذات الرسوم الطريفة. حتى خلال لقاءاته الرسمية ووجوده على المنابر الأممية، لم يتردَّد في ارتدائها.

جوارب «Star Wars» التي ارتداها ترودو عام 2017 في لقائه مع نظيره الآيرلندي (أ.ب)

ومن المعروف أنَّ ترودو كان يستخدم تلك الجوارب كصندوق بريد لتوجيه رسائل سياسية، أو للتعبير عن مواقف معينة. وقد استفزَّ هذا الأمر ضيوفه ونظراءه، إلى درجة أنَّ بعضهم دخل اللعبة، فباتوا يرتدون جوارب غريبة كلَّما اجتمعوا به.


مقالات ذات صلة

الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

يوميات الشرق صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)

الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

الفنّ يستطيع أن يُحوّل القرية النائية والمزرعة الفقيرة والسجن المُغلق إلى مساحات مفتوحة على أسئلة عن الحرّية والسلطة والذنب والذاكرة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
العالم الشرع خلال إلقائه كلمته (سانا)

أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025

فيما يأتي لمحة عن أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025 في مختلف المجالات ومن مختلف أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق السير الذاتية تُنشر مقرونة بصور عن كلّ مرحلة حياتية (الشرق الأوسط)

«ذكرى»... مشروع لتدوين السير الذاتية باحترافية

جاءتها الفكرة بعد أن تُوفيت جدتها ومعها رحلت قصصها الجميلة التي كانت ترويها لأحفادها وتُسهم في تكوين وعيهم...

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق الممثلة جنيفر أنيستون وحبيبها الجديد جيم كورتيس (إنستغرام)

جنيفر أنيستون في الـ56... الحب لا يأتي متأخراً

فاجأت الممثلة الأميركية، جنيفر أنيستون، الجمهور بإعلانها علاقة عاطفية جديدة تجمعها بجيم كورتيس. فما تفاصيل قصة الحب هذه الآتية على مشارف خريف العمر؟

كريستين حبيب (بيروت)

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.


«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
TT

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع ليلة «رأس السنة»، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه، واستند الحكم إلى حصول الفيلم على التراخيص المطلوبة من الرقابة على المصنفات الفنية، وفق منتجه.

الفيلم الذي كان مقرراً عرضه في شهر أغسطس (آب) 2024، تأجّل طرحه أكثر من مرة بسبب تجدد الدعاوى القضائية، من بينها دعوى المحامي مرتضى منصور، بالإضافة إلى الجدل الذي أُثير حوله عقب عرض «البرومو الترويجي»، واعتبار البعض أنه عمل مسيء من الناحية الدينية، إلى جانب تعرّضه لأزمات أخرى، من بينها التحفّظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من العمل احتجاجاً على آراء مؤلفه.

لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد عدد من الفنانين والنقاد والجمهور، وبعض صنّاعه، منع الفيلم عبر منشورات «سوشيالية»، مؤكدين أن المنع ليس حلاً، وأن حرية الإبداع حق للجميع، ولا بدّ من المشاهدة قبل الاعتراض لوضع تصوّر كامل عن فكرة أي عمل فني.

من جانبه أكّد المنتج أحمد السبكي أن الفيلم حصل على جميع التراخيص والموافقات الرقابية اللازمة، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تأجيل العرض كان بسبب المناوشات (السوشيالية) من بعض المحامين، التي حصلت بالتزامن مع طرح البرومو الترويجي، وليس لأسباب أخرى».

وأوضح السبكي أن العرض سيتم دون أي تعديل أو حذف، بعدما أصدر القضاء الإداري حكماً يقضي برفض جميع الدعاوى المقامة لمنع عرضه. وقال: «لا توجد أي إشارة تمنع عرضه، وبحوزتي النصّ القانوني الذي يؤكد أن العمل لا يتضمّن أي إساءة كما اعتقد بعضهم، وقد صدر الحكم قبل المشاهدة».

وأشار السبكي إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء الجمهور قبل مشاهدة العمل، قائلاً: «في عصر (السوشيال ميديا)، يتشكّل رأي الناس بسرعة من خلال البرومو، وهذا أمر طبيعي، لكننا نؤكد أن الحكم النهائي يعود للمشاهد بعد مشاهدة الفيلم كاملاً».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

واتّفق نقاد على أن المنع يحدّ من حرية الإبداع؛ إذ أكدت الكاتبة والناقدة المصرية صفاء الليثي رفضها لفكرة المنع، خصوصاً بعد حصول الفيلم على الموافقات الرقابية وتصويره بالفعل. وأشارت إلى أن «المنع بعد إنجاز الفيلم مشكلة كبيرة وكارثة على الصناعة، كما أنه أسلوب غير واقعي؛ فالجمهور اليوم يستطيع الوصول إلى كل الأفكار بسهولة، ولم يعد الاطلاع على أي موضوع أمراً صعباً».

وقالت صفاء الليثي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة المنع لا بدّ من التراجع عنها؛ فمن غير المعقول الحكم على عمل من اسمه أو من لقطاته الترويجية. فالأسماء أحياناً تكون وسيلة للجذب التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للبرومو، الذي لا يُفترض أن يكون ملخصاً للفيلم، بل قد يُستخدم فقط لجذب الجمهور. والحكم من خلاله غير صائب، فهو دافع للمشاهدة لا سبب للرفض والمنع».

ويتناول فيلم «الملحد» قضية فكرية واجتماعية بطريقة درامية، من خلال قصة رجل دين متشدّد وابنه الذي يتمرّد على أفكاره ويعلن إلحاده. والفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، ونخبة من الفنانين، وهو من إخراج محمد العدل، وتأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي.

من جهتها أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «حرية الإبداع مكفولة للجميع، وأنها ضدّ المنع مطلقاً»، لافتةً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض (الملحد) بعد رفض كبير يُعد مؤشراً جيداً إلى أن الحرية تبقى أول العناصر الضرورية للإبداع».