ارتفاع اقتراض المستهلكين في بريطانيا بأعلى وتيرة منذ أكتوبر 2024

الجنيه الإسترليني ينتعش بعد موجة بيع وسط ترقب البيانات الأميركية

أوراق الجنيه الإسترليني مكدسة بمقر شركة «موني سيرفيس أوستريا» بفيينا (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني مكدسة بمقر شركة «موني سيرفيس أوستريا» بفيينا (رويترز)
TT

ارتفاع اقتراض المستهلكين في بريطانيا بأعلى وتيرة منذ أكتوبر 2024

أوراق الجنيه الإسترليني مكدسة بمقر شركة «موني سيرفيس أوستريا» بفيينا (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني مكدسة بمقر شركة «موني سيرفيس أوستريا» بفيينا (رويترز)

أظهرت بيانات بنك إنجلترا، يوم الاثنين، أن اقتراض المستهلكين البريطانيين ارتفع بأسرع وتيرة سنوية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024 خلال أغسطس (آب)، مما يشير إلى استمرار قوة طلب الأسر رغم المخاوف من الزيادات الضريبية المحتملة في موازنة نوفمبر (تشرين الثاني).

وسجّل الاقتراض غير المضمون ارتفاعاً بنسبة 7.1 في المائة على أساس سنوي في أغسطس، مقارنة بزيادة 7 في المائة في يوليو (تموز)، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر الماضي. وعلى مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، شهد الاقتراض أسرع وتيرة منذ مارس (آذار) 2024 وفق «رويترز».

وقالت روث غريغوري، نائبة كبير الاقتصاديين البريطانيين في «كابيتال إيكونوميكس»: «لم يُثنِ القلق بشأن الزيادات الضريبية المرتقبة في الموازنة المستهلكين عن الاقتراض والإنفاق خلال أغسطس على الأقل».

ومن المتوقع أن تقدم وزيرة المالية، راشيل ريفز، موازنتها السنوية في 26 نوفمبر، ويعتقد كثير من الاقتصاديين أنها ستضطر إلى إيجاد عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية من خلال الزيادات الضريبية للحفاظ على أهداف خفض العجز في الموازنة.

وعلى أساس شهري، ارتفع صافي اقتراض المستهلكين بمقدار 1.692 مليار جنيه إسترليني (2.27 مليار دولار) في أغسطس، متجاوزاً توقعات استطلاع «رويترز» البالغة 1.6 مليار جنيه إسترليني، ولم يختلف ذلك كثيراً عن الزيادة المسجلة في يوليو البالغة 1.669 مليار جنيه إسترليني.

أما موافقات الرهن العقاري، فلم تشهد تغيراً كبيراً في أغسطس، وسجلت سجلت 64,680 مقارنة بـ65,161 في يوليو، متجاوزة قليلاً توقعات «رويترز». بينما انخفض صافي الإقراض العقاري، الذي يتأخر عادة عن الموافقات بنحو شهر إلى 4.308 مليار جنيه إسترليني من 4.506 مليار، أقل من توقعات استطلاع الرأي البالغة 4.8 مليار.

وأشارت غريغوري إلى أن المخاوف بشأن ارتفاع الضرائب على المنازل الأغلى قد تُضعف الطلب قبل الموازنة.

الجنيه الإسترليني ينتعش بعد موجة بيع

واصل الجنيه الإسترليني ارتفاعه للجلسة الثانية على التوالي مقابل الدولار واليورو يوم الاثنين، بعد توقف المستثمرين عن التداول عقب أسبوعين من الخسائر المدفوعة بالمخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية والمالية للمملكة المتحدة.

وانخفض الدولار نتيجة المخاوف من إغلاق حكومي محتمل، فيما ينتظر المستثمرون صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الأميركية التي قد تقدم مؤشرات إضافية لمسار سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

وأوضح محللون أن الارتفاع المفاجئ في الاقتراض العام بالمملكة المتحدة، إلى جانب تباطؤ الزخم في قطاعي التصنيع والخدمات، أسهم في تحسين المعنويات.

وسجل الجنيه الإسترليني ارتفاعاً بنسبة 0.26 في المائة إلى 1.3434 دولار، مع تعافٍ جزئي من خسائر الأسبوعين الماضيين البالغة 1.15 في المائة. في المقابل، انخفض مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.6 في المائة خلال الفترة نفسها.

وأشار كريس تيرنر، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في بنك «آي إن جي»، إلى أن التركيز سينصب على مؤتمر حزب «العمال» في ليفربول، مضيفاً أن النمو الاقتصادي «والأوضاع المالية العامة المتعثرة» يثقلان كاهل العملة البريطانية، وأي دلائل على تقديم الحكومة تنازلات للجناح اليساري بشأن إلغاء الحد الأقصى لطفلين على الإعانات ستلقى استياء من الأسواق المالية.

وتراجعت عوائد سندات الحكومة البريطانية لأجل 30 عاماً يوم الاثنين بعد أن بلغت 5.583 في المائة يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى لها خلال ثلاثة أسابيع، بعد أن سجلت 5.752 في المائة في أوائل سبتمبر (أيلول)، وهو الأعلى منذ أواخر التسعينات.

وقالت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قبل خطابها في مؤتمر حزب «العمال» إن هناك حاجة إلى خيارات صعبة للالتزام بالقواعد المالية.

ويرى خبراء مجموعة «إم يو إف جي» المصرفية أن هناك مجالاً أمام بنك إنجلترا لخفض أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) مع تباطؤ الاقتصاد وانحسار التضخم، فيما تتوقع الأسواق خفضاً قدره 25 نقطة أساس بحلول أبريل (نيسان) 2026، مع احتمال بنسبة 25 في المائة لمثل هذه الخطوة في ديسمبر. كما تشير الأسواق إلى تخفيف محتمل لأسعار الفائدة بمقدار 39 نقطة أساس بنهاية العام المقبل.

وقالت سواتي دينغرا، مسؤولة تحديد أسعار الفائدة في بنك إنجلترا، إنه من المرجح أن يتراجع التضخم المرتفع في بريطانيا، وعلى البنك المركزي التحرك بسرعة أكبر لخفض تكاليف الاقتراض.

وانخفض اليورو بنسبة 0.15 في المائة إلى 87.16 بنس، وهو أدنى مستوى له منذ 22 سبتمبر، في حين توقعت الأسواق أن يبقي البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مع استقرار سعر فائدة الإيداع عند نحو 1.95 في المائة حتى نهاية 2026 مقارنة بمستواه الحالي البالغ 2 في المائة.


مقالات ذات صلة

برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

الاقتصاد البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)

برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

توقعت الحكومة التركية انخفاض معدل التضخم السنوي خلال عام 2026 إلى ما دون الـ20 في المائة وإعادته إلى خانة الآحاد في عام 2027.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أشخاص ومتسوقون يعبرون مفترق الطرق في «أكسفورد سيرك» بلندن (رويترز)

اقتصاد بريطانيا يتباطأ 0.1 % خلال الربع الثالث

أعلن «مكتب الإحصاء الوطني»، الاثنين، أن الاقتصاد البريطاني نما بنسبة 0.1 في المائة خلال الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) من هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو في أثناء حديثه خلال جلسة الأسئلة الموجهة إلى الحكومة في الجمعية الوطنية 16 ديسمبر 2025 (رويترز)

فشل التوافق حول موازنة فرنسا 2026... واللجوء إلى «تشريع طارئ» بات وشيكاً

فشل المشرعون الفرنسيون، يوم الجمعة، في التوصل إلى مشروع قانون توافقي لموازنة عام 2026، ما يجعل من المرجح اللجوء إلى تشريع طارئ لتمديد حدود الإنفاق.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد صورة الملك تشارلز على ورقة خمسة جنيهات استرلينية في مانشستر، 25 نوفمبر 2025 (رويترز)

عجز موازنة بريطانيا يتجاوز التوقعات في نوفمبر

أظهرت بيانات رسمية صدرت يوم الجمعة أن المملكة المتحدة سجلت عجزاً في الموازنة أكبر من المتوقَّع خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مبنى الكونغرس الأميركي في واشنطن (رويترز - أرشيفية)

مجلس الشيوخ الأميركي يقر ميزانية الدفاع بقيمة 901 مليار دولار

وافق مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، على قانون ميزانية الدفاع بقيمة 901 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إيطاليا تغرّم «أبل» 115 مليون دولار لاستغلال هيمنتها على متجر التطبيقات

شعار الشركة الأميركية متعددة الجنسيات «أبل» وسط ميلانو (أ.ف.ب)
شعار الشركة الأميركية متعددة الجنسيات «أبل» وسط ميلانو (أ.ف.ب)
TT

إيطاليا تغرّم «أبل» 115 مليون دولار لاستغلال هيمنتها على متجر التطبيقات

شعار الشركة الأميركية متعددة الجنسيات «أبل» وسط ميلانو (أ.ف.ب)
شعار الشركة الأميركية متعددة الجنسيات «أبل» وسط ميلانو (أ.ف.ب)

أعلنت هيئة المنافسة الإيطالية، يوم الاثنين، أنها فرضت غرامة قدرها 98.6 مليون يورو (115.53 مليون دولار) على عملاق التكنولوجيا الأميركي «أبل» واثنين من فروعها، بتهمة إساءة استخدام موقعها المهيمن في سوق تطبيقات الهواتف المحمولة.

وقالت الهيئة إن المجموعة انتهكت، على ما يبدو، القواعد الأوروبية المنظمة لمتجر تطبيقات «أبل»؛ حيث تتمتع بهيمنة شبه مطلقة في تعاملها مع مطوري التطبيقات من الأطراف الثالثة. وكانت الهيئة قد فتحت تحقيقاً مع الشركة في مايو (أيار) 2023، متهمة إياها بمعاقبة مطوري تطبيقات الطرف الثالث من خلال فرض «سياسة خصوصية أكثر تقييداً» عليهم اعتباراً من أبريل (نيسان) 2021، وفق «رويترز».

وأفادت شركة «أبل»، في بيان رسمي، بأنها ترفض رفضاً قاطعاً قرار الهيئة، معتبرة أنه يتجاهل الضمانات الأساسية والجوهرية لحماية الخصوصية التي توفرها ميزة «شفافية تتبع التطبيقات (إيه تي تي)».

وقالت هيئة المنافسة الإيطالية إن «أبل» اشترطت على مطوري تطبيقات الطرف الثالث الحصول على موافقة صريحة من المستخدمين لجمع البيانات وربطها لأغراض إعلانية، وذلك عبر نافذة «إيه تي تي» التي فرضتها الشركة.

وأضافت الهيئة، في بيانها، أن «شروط سياسة (إيه تي تي) فُرضت بشكل أحادي، وأضرت بالمصالح التجارية لشركاء (أبل)، كما أنها لا تتناسب مع هدف حماية الخصوصية الذي تدعي الشركة تحقيقه»، مؤكدة أن هذه الممارسات لا تتوافق مع لوائح الخصوصية المعمول بها.

وأشارت الهيئة إلى أن المطورين أُجبروا كذلك على تكرار طلبات الموافقة من المستخدمين لنفس الأغراض، ما زاد من القيود المفروضة عليهم.

من جانبها، أوضحت «أبل» أن نظام «إيه تي تي» صُمم «لمنح المستخدمين وسيلة واضحة وبسيطة للتحكم فيما إذا كانت الشركات تستطيع تتبع أنشطتهم عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية الأخرى»، مؤكدة أن القواعد تُطبق بالتساوي على جميع المطورين، بمَن فيهم «أبل» نفسها.

وأكدت الشركة أنها ستطعن في قرار الهيئة التنظيمية، مجددة التزامها «بالدفاع عن حماية قوية وفعالة لخصوصية المستخدمين».

بدورها، أوضحت هيئة المنافسة وحماية المستهلك الإيطالية أن التحقيق كان معقداً، ونُفذ بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية وهيئات دولية أخرى معنية بمكافحة الاحتكار.


ترمب يعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية... والرسوم تتصدّر المشهد في 2026

دونالد ترمب يغادر المنصة بعد إلقاء كلمته في مركز فعاليات روكي ماونت بمدينة روكي ماونت في كارولاينا الشمالية 19 ديسمبر 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يغادر المنصة بعد إلقاء كلمته في مركز فعاليات روكي ماونت بمدينة روكي ماونت في كارولاينا الشمالية 19 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

ترمب يعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية... والرسوم تتصدّر المشهد في 2026

دونالد ترمب يغادر المنصة بعد إلقاء كلمته في مركز فعاليات روكي ماونت بمدينة روكي ماونت في كارولاينا الشمالية 19 ديسمبر 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يغادر المنصة بعد إلقاء كلمته في مركز فعاليات روكي ماونت بمدينة روكي ماونت في كارولاينا الشمالية 19 ديسمبر 2025 (أ.ب)

أدت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 2025 إلى سنة صاخبة للتجارة العالمية، مع موجات من الرسوم الجمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، رفعت الضرائب على الواردات إلى أعلى مستوياتها منذ الكساد الكبير، وأثارت اضطرابات في الأسواق المالية، وأطلقت جولات من المفاوضات حول الصفقات التجارية والاستثمارية.

سيظل تأثير سياسات ترمب التجارية -وردود الفعل العالمية عليها- محور الاهتمام في 2026، لكنها تواجه بعض التحديات الكبيرة.

ما حدث في 2025

أسهمت إجراءات ترمب التي هدفت بشكل عام إلى إنعاش قاعدة التصنيع المتراجعة، في رفع متوسط معدل الرسوم الجمركية إلى نحو 17 في المائة مقارنة بأقل من 3 في المائة نهاية 2024، وفقاً لمختبر «موازنة ييل»، وتدر الرسوم الآن نحو 30 مليار دولار شهرياً إلى خزينة الولايات المتحدة.

ودفعت هذه الإجراءات زعماء العالم للتوجه إلى واشنطن بحثاً عن صفقات لخفض المعدلات، غالباً مقابل التزامات بمليارات الدولارات من الاستثمارات الأميركية. وقد تم التوصل إلى صفقات إطار عمل مع عدد من الشركاء التجاريين الرئيسيين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وغيرهم، لكن الاتفاق النهائي مع الصين لا يزال غير مكتمل على الرغم من جولات متعددة من المفاوضات واجتماع وجهاً لوجه بين ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ.

وتعرّض الاتحاد الأوروبي لانتقادات عديدة، بسبب اتفاقه الذي فرض رسوماً بنسبة 15 في المائة على صادراته والتزاماً غامضاً باستثمارات أميركية ضخمة. ووصف رئيس وزراء فرنسا، آنذاك، فرنسوا بايرو، ذلك بأنه عمل استسلام ويوم «مظلم» للكتلة، فيما عدّه آخرون «الصفقة الأقل سوءاً» المتاحة.

منذ ذلك الحين، تكيّف المصدرون والاقتصادات الأوروبية بصفة عامة مع معدل الرسوم الجديد، بفضل الإعفاءات المختلفة وقدرتهم على إيجاد أسواق بديلة. وقدَّر بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي أن التأثير المباشر الإجمالي للرسوم يعادل فقط 0.37 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.

في الوقت نفسه، تجاوز فائض الصين التجاري توقعات ترمب، ليصل إلى أكثر من تريليون دولار؛ إذ نجحت البلاد في التنويع بعيداً عن الولايات المتحدة، وتحريك قطاع التصنيع إلى مراحل أعلى من القيمة المضافة، واستخدام النفوذ الذي اكتسبته في المعادن النادرة -وهي مدخلات حاسمة للأمن الغربي- للضغط على الولايات المتحدة وأوروبا للحد من فائضها.

ما لم يحدث بشكل ملحوظ هو الكارثة الاقتصادية أو التضخم المرتفع الذي توقعه العديد من الاقتصاديين نتيجة رسوم ترمب الجمركية.

عانى الاقتصاد الأميركي من انكماش طفيف في الربع الأول نتيجة السباق لاستيراد البضائع قبل سريان الرسوم، لكنه تعافى سريعاً واستمر في النمو بوتيرة أعلى من الاتجاه الطبيعي بفضل طفرة ضخمة في استثمارات الذكاء الاصطناعي وإنفاق المستهلكين القوي. في الواقع، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي مرتَين بعد إعلان ترمب الرسوم الجمركية يوم «التحرير» في أبريل (نيسان)، مع تراجع حالة عدم اليقين وإبرام صفقات لتقليل المعدلات المعلنة أصلاً.

تُظهر هذه الصورة التوضيحية علم الولايات المتحدة وملصقاً مكتوباً عليه «رسوم جمركية» (رويترز)

ما الذي تجب مراقبته في 2026 ولماذا يهم؟

من أبرز المجهولات لعام 2026 هو ما إذا كان سيُسمح بالاحتفاظ بالعديد من رسوم ترمب الجمركية. وقد طُعن في الأساس القانوني الجديد لما أطلق عليه «الرسوم المتبادلة» على سلع من دول محددة، وكذلك على الرسوم المفروضة على الصين وكندا والمكسيك المتعلقة بتدفق «الفينتانيل» إلى الولايات المتحدة، أمام المحكمة العليا الأميركية في أواخر 2025، ومن المتوقع صدور قرار في أوائل 2026.

تصر إدارة ترمب على أنه يمكنها الانتقال إلى سلطات قانونية أخرى أكثر رسوخاً للحفاظ على الرسوم إذا خسرت، لكنها أكثر تعقيداً وغالباً محدودة النطاق، لذا فإن خسارة الإدارة في المحكمة العليا قد تدفع إلى إعادة التفاوض على الصفقات التي أُبرمت حتى الآن، أو تفتح حقبة جديدة من عدم اليقين حول مصير الرسوم.

ومن المهم بالقدر نفسه لأوروبا ما يحدث في علاقتها التجارية مع الصين التي كانت لسنوات وجهة موثوقة لمصدريها؛ فقد ساعد خفض قيمة اليوان والتحرك التدريجي لشركات الصين نحو مستويات أعلى في سلسلة القيمة على تعزيز صادراتها، في حين كافحت الشركات الأوروبية لاختراق السوق المحلية الصينية المتباطئة. ومن الأسئلة الرئيسية لعام 2026 ما إذا كانت أوروبا ستستخدم أخيراً الرسوم الجمركية أو تدابير أخرى، لمعالجة ما بدأ بعض المسؤولين يسمونه «عدم التوازن» في العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي.

كما تبرز الجهود لإنهاء صفقة أميركية-صينية بشكل نهائي. الاتفاق الهش الذي تم التوصل إليه في محادثات هذا العام سينتهي في النصف الثاني من 2026، ومن المقرر أن يلتقي ترمب وشي مرتَين على مدار العام.

وأخيراً، ستخضع اتفاقية التجارة الحرة مع أكبر شريكَين تجاريَّين للولايات المتحدة -كندا والمكسيك- للمراجعة في 2026، وسط حالة من عدم اليقين حول ما إذا كان ترمب سيترك الاتفاقية تنتهي أو سيحاول تعديلها بما يتوافق مع تفضيلاته.

لقطة من الجو لمحطة حاويات في شنغهاي الصين (أ.ب)

ما يقوله المحللون

قال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «كور إنفستمنتس»، رئيس معهد الاستثمار في شركة «أكسا» لإدارة الاستثمارات، كريس إيغو، خلال مكالمة هاتفية لمناقشة توقعات عام 2026: «يبدو أن الإدارة تتراجع عن موقفها المتشدد بشأن الرسوم الجمركية، بهدف التخفيف من حدة بعض مشكلات التضخم والأسعار. لذا، فإن هذا الأمر أقل إثارة للقلق بالنسبة إلى الأسواق. وقد يكون له أثر إيجابي طفيف على توقعات التضخم إذا خُفّضت الرسوم الجمركية أو على الأقل عدم زيادتها».

وأضاف، قبيل الانتخابات النصفية في وقت لاحق من هذا العام: «لن تكون الحرب التجارية مع الصين في صالح الولايات المتحدة، بل سيكون التوصل إلى اتفاق أفضل سياسياً واقتصادياً بالنسبة إلى توقعاتها».


برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)
البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)
TT

برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)
البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)

توقعت الحكومة التركية انخفاض معدل التضخم السنوي خلال العام 2026 إلى ما دون الـ20 في المائة وإعادته إلى خانة الآحاد في عام 2027.

وقال نائب الرئيس التركي، جودت يلماظ، إن الحكومة تتحرك من خلال برنامجها الاقتصادي متوسط المدى بخطوات تعزز جانب العرض مع العمل على إدارة الطلب، و«نهدف إلى خفض التضخم إلى أقل من 20 في المائة في عام 2026، والوصول إلى خانة الآحاد مجدداً في عام 2027».

وأضاف يلماظ، في كلمة خلال الجلسة الختامية للبرلمان التركي لإقرار مشروع موازنة عام 2026، أن نجاح البرنامج تجلى بوضوح في بيانات شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث انخفض التضخم السنوي في أسعار المستهلكين إلى 31.1 في المائة، وتضخم أسعار السلع إلى 18.6 في المائة.

توقعات التضخم

وتابع يلماظ: «نتوقع استمرار اتجاه هبوط التضخم في ديسمبر (كانون الأول)، وأن نُنهي عام 2025 بنسبة تزيد قليلاً على 30 في المائة. كما نتوقع أن تُظهر أرقام التضخم في يناير (كانون الثاني) معدلات تضخم في حدود العشرينات».

كان البنك المركزي التركي توقع أن يتراجع التضخم في نهاية العام الحالي إلى 24 في المائة، لكنه ظل هدفاً بعيداً عن الأرقام التي سجلت في شهر نوفمبر، والتي تشير إلى أن التضخم في نهاية العام قد يواصل بمعدل يدور حول 30 في المائة.

شهدت الجلسة الختامية لمناقشة مشروع موازنة 2026 اشتباكات بالأيدي بين نواب من الحكومة والمعارضة (إعلام تركي)

ووافق البرلمان التركي، ليل الأحد – الاثنين، بعد جلسة عاصفة شهدت اشتباكات بالأيدي بين نواب حزبَي «العدالة والتنمية»، الحاكم، و«الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، على خلفية هجوم نائب الحزب الحاكم عن مدينة بورصة (غرب) وزير الصناعة والتكنولوجيا السابق، مصطفى فارانك، على رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، في موضوعات لا تتعلق بمناقشات مشروع الموازنة.

كما وافق البرلمان على مشروع قانون الحسابات الختامية للحكومة لعام 2024.

ملامح الموازنة

وحسب مشروع الموازنة ستبلغ المصروفات 18 تريليوناً و929 مليار ليرة، والإيرادات 16 تريليوناً و216 مليار ليرة (الدولار يساوي 42.80 ليرة تركية)، ومن المتوقع أن يبلغ نمو الاقتصادي 3.3 في المائة في نهاية العام الحالي، وهو المعدل الذي تحقق عام 2024، وأن يبلغ 3.8 في المائة في عام 2026، وأن يبلغ حجم الصادرات 282 مليار دولار، مع هدف 16 في المائة للتضخم.

نائب الرئيس التركي، جودت بلماظ، متحدثا خلال الخلسة الختامية لمناقشة مشروع الموازنة (من حسابه في إكس)

وقال يلماظ إن توجه الحكومة يقوم على اقتصاد أكثر استقراراً، وأسس اقتصادية كلية أقوى، ونمو شامل، وأن هذا المسعى سيستمر بحزم من خلال إصلاحات هيكلية تدعم الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات حتى الوصول إلى هدف التضخم ذي الرقم الأحادي.

وأضاف أن اقتصاد تركيا سيصبح في المرتبة الـ16 عالمياً من حيث القيمة الاسمية، والـ11 من حيث تعادل القوة الشرائية في نهاية العام الحالي، بحجم يتجاوز 1.5 تريليون دولار.

وأشار إلى أن الاحتياطيات الإجمالية للبنك المركزي بلغت 190.8 مليار دولار حتى 12 ديسمبر الحالي، بزيادة 27.3 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي.

واستنكر يلماظ تصريحات نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري، مراد أمير، بشأن أرقام النمو، قائلاً: «لقد زعم أننا كذبنا في الإحصاءات... يمكنك القول إنها غير مكتملة، ويمكنك الانتقاد، لكن أن تقول إننا كذبنا، فهذا أمر لا يليق بكم».

عوامل خارجية إيجابية

وأكد يلماظ أن الاقتصاد التركي واصل نموه بثبات على أسس متوازنة ومستدامة في عام 2025، وهو عام هيمنت عليه المخاطر والشكوك على مستوى العالم، مضيفاً: «نتوقع أن يكون الوضع الخارجي أكثر إيجابية نسبياً من حيث النمو ومكافحة التضخم في عام 2026».

تركيا تتوقع زيادة حجم التجارة الصادرات في 2026 مع عوامل خارجية مواتية (إكس)

وأشار يلماظ إلى أن التحول الرقمي الذي يركز على الرقمنة في العالم قد خلق «وضعاً طبيعياً جديداً» تهيمن عليه الخلافات السياسية المتزايدة والصراعات والقيود المفروضة على التجارة، وأن العالم يواجه الكثير من التحديات، مثل الأوبئة، وتغير المناخ، والهجرة، والطاقة، والمعادن الحيوية والتحول الديموغرافي.

وقال يلماظ إنه في هذه الفترة العصيبة ستكون الدول التي تتبع سياسات متوازنة وقابلة للتنبؤ أكثر قدرة على الصمود في وجه الصدمات الخارجية، وأنه في بيئة تتسم بتقلبات اقتصادية حادة، أصبح الانضباط المالي والبنية المالية المتينة أهم درع يحمي الاقتصاد والبنية الاجتماعية.

وشدد على أنه يتم اعتماد نهج أكثر حذراً واستراتيجية عند وضع الخطط المالية، مع مراعاة المخاطر الحالية والمستقبلية على حد سواء.