«سناب باك» يطل على إيران بالعقوبات والفصل السابع

طهران رفضت مقترحاً أميركياً لتسليم اليورانيوم... وهددت بالانسحاب من معاهدة نووية

رجل يسحب العلم الإيراني من القاعة عقب لقاء الرئيس مسعود بزشكيان بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
رجل يسحب العلم الإيراني من القاعة عقب لقاء الرئيس مسعود بزشكيان بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

«سناب باك» يطل على إيران بالعقوبات والفصل السابع

رجل يسحب العلم الإيراني من القاعة عقب لقاء الرئيس مسعود بزشكيان بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
رجل يسحب العلم الإيراني من القاعة عقب لقاء الرئيس مسعود بزشكيان بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

يدخل الملف النووي الإيراني، فجر الأحد، مرحلة حاسمة مع انقضاء مهلة الثلاثين يوماً التي سبقت إعادة تفعيل عقوبات الأمم المتحدة بموجب آلية «سناب باك»، في حين يتعامل المجتمع الدولي مع ما يشبه «الوفاة السياسية» للاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الكبرى عام 2015.

مهما تكن النتيجة التي ستؤول إليها هذه المرحلة، فإن نهاية الاتفاق النووي تنذر بتصعيد دبلوماسي متبادل، وتراشق اتهامات بين إيران من جهة، والولايات المتحدة والترويكا الأوروبية من جهة أخرى.

الانسحاب من «حظر الانتشار»

أعلن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في تصريحات أدلى بها من نيويورك قبل عودته إلى طهران، أن بلاده ستتخذ «قرارها بشأن الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» بعد تفعيل العقوبات.

ووصف بزشكيان المقترح الأميركي الأخير، الذي تضمن إعفاءً مؤقتاً من العقوبات لمدة ثلاثة أشهر مقابل تسليم كامل مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، بأنه «غير مقبول بأي شكل من الأشكال».

وقال بزشكيان: «بعد بضعة أشهر، سيعودون بطلبات جديدة... هذه ليست مفاوضات، بل استغلال سياسي». وأضاف أن طهران توصلت إلى تفاهمات مع الأوروبيين، لكن «الولايات المتحدة كانت لها وجهة نظر مختلفة، وأصرّت على التصعيد»، وفق ما نقلته وكالة «مهر» الإيرانية الرسمية.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

ردود غاضبة

احتجاجاً على موقف بريطانيا وفرنسا وألمانيا، استدعت «الخارجية» الإيرانية سفراءها من العواصم الثلاث «للتشاور»، حسب ما أفادت وسائل الإعلام الرسمية.

وقال التلفزيون الإيراني إن الخطوة الأوروبية تعكس «نية مبيّتة لإحياء قرارات ملغاة، وفرض مواجهة دبلوماسية مع طهران».

وفي المقابل، اتهم مسؤولون غربيون إيران بالمناورة ومحاولة كسب الوقت، مؤكدين أن «عودة العقوبات باتت لا رجعة فيها».

ورغم إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن استئناف عمليات التفتيش في بعض المواقع النووية الإيرانية هذا الأسبوع، فإن الدول الغربية اعتبرت الخطوة غير كافية.

وأكد دبلوماسيون غربيون أن الشروط الثلاثة التي طرحتها الترويكا الأوروبية لا تزال قائمة، وتشمل: منح وصول غير مشروط للمفتشين، العودة الفورية إلى المفاوضات، وضمان أمن مخزون اليورانيوم المخصب.

وحسب أحدث تقارير الوكالة، تمتلك إيران حالياً نحو 440 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، وهي نسبة تقترب من العتبة التقنية لصناعة السلاح النووي (90 في المائة).

وتقدّر مصادر غربية أن هذه الكمية تكفي لصنع ما بين 8 إلى 10 رؤوس نووية، إذا ما جرى تخصيبها بالكامل.

«أوروبا دفنت الدبلوماسية»

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن «الولايات المتحدة خانت الدبلوماسية، والترويكا الأوروبية دفنتها». وأكد عراقجي، الذي شكر روسيا والصين على دعمهما طهران في تقديم مشروع قرار لتأجيل العقوبات، أن «إيران راهنت على وعود الأوروبيين، لكنها قوبلت بالمواجهة بدل الحوار».

وأشار الوزير الإيراني إلى أن بلاده كانت مستعدة لقبول قيود إضافية مقابل رفع العقوبات، مضيفاً: «قبلنا دعوة ترمب للتفاوض، لكن قبيل الجولة السادسة، هاجمت إسرائيل، بدعم أميركي، أحد مواقعنا النووية».

واعتبر عراقجي أن إعادة فرض العقوبات «باطلة قانوناً»، محذراً من «عواقب وخيمة» قد تترتب على هذا القرار في المرحلة المقبلة.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يستمع إلى إسلامي أثناء زيارته لـ«معرض للإنجازات النووية» في طهران (أرشيفية - أ.ب)

مساعٍ روسية - صينية

في آخر محاولة لكبح «آلية الزناد»، كانت روسيا والصين قد طرحتا على مجلس الأمن مشروع قرار يهدف إلى تأجيل إعادة فرض العقوبات الأممية لستة أشهر إضافية، من أجل إعطاء فرصة جديدة للدبلوماسية.

غير أن المشروع سقط، بعدما رفضه 9 من أصل 15 عضواً، بينما أيده 4 وامتنع اثنان عن التصويت. وبذلك، تدخل آلية الزناد حيز التنفيذ تلقائياً عند منتصف ليل السبت - الأحد، حسب ما أكده دبلوماسيون غربيون.

وقالت مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوورد، إن العقوبات الأممية «ستُعاد تلقائياً بسبب عدم امتثال إيران لالتزاماتها النووية». وعبّر نظيرها الفرنسي، جيروم بونافون، عن أسفه لما وصفه بـ«الفرص الضائعة»، قائلاً إن «إيران لم تقدّم أي مبادرات ملموسة يمكن البناء عليها».

«الفصل السابع»

بموجب آلية «سناب باك»، تُعاد تلقائياً العقوبات الأممية التي كانت مفروضة على طهران قبل توقيع اتفاق 2015، بما في ذلك حظر السلاح، وتجميد الأصول، والقيود على التمويل والتكنولوجيا، وقيود السفر على المسؤولين الإيرانيين.

وبذلك، قد تعود إيران رسمياً إلى وضع قانوني ينضوي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يُطبق في حالات تهديد السلم والأمن الدوليين، كما ورد في القرار الدولي 1737 الصادر عام 2006. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن ذلك قد يشمل تطبيق المادة 41، التي تتيح اتخاذ تدابير عسكرية في حال استمرار التهديد.

انقسام دولي

في المقابل، رفضت روسيا والصين إعادة تفعيل العقوبات، ووصفتا الخطوة بأنها «غير قانونية»، ولا تحظى بإجماع دولي. وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ديميتري بوليانسكي: «كل محاولات إحياء قرارات ما قبل 2015 هي لاغية وباطلة»، مضيفاً: «ما نشهده ليس دبلوماسية، بل فرض إرادات سياسية بالقوة».

وأعربت بكين بدورها عن أسفها لما سمّته «التخلي الكامل عن الحوار»، مؤكدة أنها «ستواصل دعم المساعي التي تضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني دون تسييس».


مقالات ذات صلة

3 أفغان قضوا من شدة البرد خلال محاولتهم التوجه إلى إيران

آسيا أحد عناصر أمن «طالبان» يقف حارساً على طريق قرب معبر غلام خان الحدودي بين أفغانستان وباكستان (أ.ف.ب)

3 أفغان قضوا من شدة البرد خلال محاولتهم التوجه إلى إيران

قضى 3 أفغان برداً في إقليم هرات، غرب أفغانستان، وهم في طريقهم خلسةً إلى إيران، وفق ما كشف عنه مسؤول محلي في الجيش، السبت.

«الشرق الأوسط» (هرات)
شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

ذكر «معهد العلوم والأمن الدولي» أن السلطات الإيرانية قد تسعى إلى فحص أنقاض ضربة عسكرية في منشأة «نطنز» بعيداً عن أعين المراقبين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية (أ.ف.ب - أرشيفية)

الأمن الإسرائيلي يعتقل روسياً بتهمة التجسس لصالح إيران

اعتقل الأمن الإسرائيلي، الجمعة، مواطناً روسياً أرسل صور موانئ وسفن وبنية تحتية في إسرائيل إلى عناصر المخابرات الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ العقوبات الأميركية تستهدف تدفق عائدات النفط الإيراني (رويترز) play-circle

أميركا تفرض عقوبات على 29 ناقلة ضمن «أسطول الظل» الإيراني

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 29 سفينة وشركة إدارة سفن، في إطار استهدافها «أسطول الظل» التابع لطهران الذي تقول إنه يصدر النفط والمنتجات البترولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)

الرئيس الإيراني: نرفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده لن تقبل «شروطاً مهينة» للتفاوض مع الولايات المتحدة محذراً من محاولات تجريد إيران من مكونات القوة العسكرية و«إضعافها».

«الشرق الأوسط» (طهران)

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
TT

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)

عثر على مسيّرة مجهولة المصدر محطّمة في حقل شمال غربي تركيا، في حادثة هي الثانية من نوعها في أقلّ من 24 ساعة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام تركية.

وأشارت عدّة قنوات تلفزيونية خاصة وصحيفة «جمهورييت» التي نشرت صوراً قالت إنها للمسيّرة المتحطّمة التي لا تحمل أيّ إشارات تسمح بالتعرّف عليها، إلى أنّه تمّ العثور على هذه الطائرة المُسيرة الصغيرة في حقل خالٍ بالقرب من مدينة باليكسير (بالي قصر) على بعد نحو ثلاث ساعات من جنوب غربي إسطنبول.

وأفادت قناة «هالك تي في» و«هابرترك» بأن المسيّرة نُقلت إلى أنقرة لتحليلها.

طائرة مسيّرة محطمة مجهولة الهوية في حقل خالٍ بمنطقة مانياس في باليكسير (أ.ف.ب)

ويبدو أن الحادثة وقعت منذ أيّام، حسبما نقل الإعلام التركي استناداً إلى روايات قرويين في المنطقة. وهي ثاني حادثة من هذا النوع في أقلّ من 24 ساعة والثالثة منذ الاثنين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وكشفت السلطات التركية عن أن إحدى المسيّرات المنخرطة في هذه الحوادث «روسية الصنع».

والجمعة، عُثر على مُسيّرة محطّمة في منطقة ريفية بالقرب من إزميت شرق إسطنبول على بعد نحو 30 كيلومتراً من سواحل البحر الأسود.

وأفادت وزارة الداخلية التركية التي أعلنت عن فتح تحقيق في هذا الخصوص، بأنّه يُعتقد أن المسيّرة «روسية الصنع من طراز أورلان-10، وتُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، وفقاً للنتائج الأولية».

تقع تركيا على الضفة الجنوبية من البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا وروسيا وهما في حالة حرب.

والاثنين، أسقطت الدفاعات التركية مسيّرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود في المجال الجوّي التركي، من دون أن تحدّد السلطات مصدرها أو موقع اعتراضها.

وأفاد عدّة مراقبين بأن العملية نفّذت فوق الأراضي التركية وليس البحر الأسود.

وبعد هذه الحادثة، دعت وزارة الدفاع التركية الخميس، أوكرانيا وروسيا إلى «توخّي مزيد من الحذر».


تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
TT

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي» واللامركزي، والتخلّص من العناصر «الإرهابية» في صفوفها، والاندماج التام في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية واحدة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن «قسد» يجب أن تنفصل عن «عناصرها الإرهابية»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تُشكل عمادها الأساسي، وتُعدها أنقرة ذراعاً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، وأن يتم القضاء التام على الهياكل الأمنية الموازية على الأرض.

وأكد غولر أنه ينبغي على «قسد» أن تنفذ اتفاقية الاندماج في الجيش السوري، الموقعة بين الرئيس أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، برؤية واضحة وخريطة طريق محددة.

خريطة طريق للاندماج

ولفت وزير الدفاع التركي، خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية لمراجعة وتقييم التطورات والأحداث خلال عام 2025، إلى أن الاتفاقية، التي أُعدت في إطار مبدأ «دولة واحدة وجيش واحد» في سوريا، لم تُترجم بعد إلى واقع ملموس، ولم تُدعم بخطوات عملية.

جانب من لقاء وزير الدفاع التركي يشار غولر مع ممثلي وسائل الإعلام التركية (الدفاع التركية)

وأضاف: «نودّ أن نؤكد بوضوح أن عملية الاندماج يجب أن تتم، ليس بتصريحات غامضة ومفتوحة، بل برؤية واضحة وخريطة طريق محددة المعالم وملزمة وقابلة للتنفيذ، وفي هذا السياق، يُعدُّ القضاء على العناصر الإرهابية من قِبل (قسد) أمراً بالغ الأهمية».

وتابع غولر: «جرى تشكيل حكومة جديدة في سوريا، وهناك رئيس دولة جديد، ونعتقد أنه من الضروري منحهم بعض الوقت لإرساء النظام في البلاد، وأعلن الرئيس السوري أنه سيحتضن جميع الفصائل في بلاده، والتزم، ولا يزال، بذلك، ولا يزال ملتزماً به، خلال اجتماعاتنا مع القادة السوريين، نرى ونتفهم موقفهم تجاه دمج (قسد)».

الرئيس الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاقية الاندماج في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وعن الموقف الأميركي بشأن اندماج «قسد»، وما إذا كانت هناك خلافات بين أنقرة وواشنطن في هذا الشأن، قال غولر إن المحادثات بين الجانبين مستمرة، وقد تغيَّرت وجهة نظر الولايات المتحدة بشكل كبير.

وأضاف: «أصبح أصدقاؤنا الأميركيون الآن أكثر وعياً بالواقع، وتتضاءل خلافاتنا في هذا الشأن، لقد أوضحنا ما نريده بوضوح، لا رجعة في هذا الأمر، سيتم دمجهم حتماً في الجيش السوري».

وتابع: «تتحدث (قسد) أيضاً عن الدمج، لكن ما تتحدث عنه هو الدمج بوصفها وحدة، لكنهم يجب أن يندمجوا أفراداً وليس وحدة، وإلا، لما سُمي ذلك دمجاً؟».

الخيار العسكري

وعن موقف تركيا إذا لم تلتزم «قسد» بتنفيذ الاندماج، قال غولر إن «تركيا لديها خطط جاهزة للتعامل مع جميع التطورات، نعرف جيداً ما سنفعله، ولدينا القدرة والإمكانية للقيام بما فعلناه حتى اليوم».

وأضاف: «خلال عملياتنا في سوريا منذ عام 2016، كانت الولايات المتحدة وروسيا موجودتين في سوريا، وقد فعلنا ما كان يجب فعله دون استشارة أحد، وأنجزناه، وفي المستقبل، إذا لزم الأمر، سنفعل ما هو ضروري دون استشارة أحد».

فيدان بحث مع برّاك تنفيذ اتفاقية اندماج «قسد» خلال لقائهما بوزارة الخارجية التركية الثلاثاء (الخارجية التركية)

كان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد حذّر، الخميس، يعد يومين من لقائه السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك بمقر «الخارجية التركية»، من نفاد صبر الأطراف المعنية بسبب عدم التزام «قسد» بتنفيذ اتفاق الاندماج.

وقال فيدان إنه «يجب على (قسد) الالتزام بالاتفاق من دون تأخير»، مضيفاً: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ لكن صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق و(قسد) من خلال الحوار».

وأفاد وزير الدفاع التركي بأن بلاده تتابع التطورات في سوريا من كثب، قائلاً: «حددنا موقفنا منذ البداية، ولا مجال للتراجع عنه، ضمان الاستقرار والأمن في سوريا ومكافحة الإرهاب أمران حيويان للأمن القومي التركي».

التعاون مع دمشق

وأضاف غولر: «نحن على اتصال وثيق مع الحكومة السورية، التي قطعت شوطاً مهماً على طريق العيش بسلام والاندماج مجدداً في المجتمع الدولي بعد معاناة طويلة، ونحن منخرطون في تنسيق قوي وتعاون بناء».

غولر ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة خلال توقيع مذكرة التفاهم للتعاون العسكري بين أنقرة ودمشق في أغسطس الماضي (الدفاع التركية)

وأشار إلى أنه في إطار مذكرة التفاهم للتدريب والاستشارات الموقعة بين البلدين، في أغسطس (آب) الماضي، «نواصل إسهاماتنا في مجالات مثل تعزيز القدرات الدفاعية للجيش السوري، وتطوير وتحديث هيكله التنظيمي، وتدريب الأفراد، ولا سيما في مكافحة الإرهاب».

ولفت غولر إلى أنه عندما سيطرت القوات التركية على عفرين (ريف حلب) من أيدي «قسد» عام 2018، كانت جميع المساجد والكنائس والمدارس قد تحوّلت إلى «معاقل للإرهابيين» (في إشارة إلى عناصر «قسد»/ و«وحدات حماية الشعب» الكردية)، وقامت القوات «بتطهير عفرين من الإرهاب» ودمّرت جميع الأنفاق التي اكتشفتها.

وأضاف: «رغم أن أكبر سد في المنطقة يقع شمال عفرين، فإن السكان كانوا يعانون انقطاع المياه، لقد جعلنا المنطقة آمنة وصالحة للعيش، ونراقب من كثب أنشطة حفر الأنفاق الجارية التي تقوم بها المنظمة الإرهابية (في إشارة إلى «قسد») في الرقة ودير الزور».

جنود أتراك يعملون في تطهير الأنفاق في شمال سوريا (الدفاع التركية)

وتابع أن القوات التركية دمّرت 732 كيلومتراً من الأنفاق، منها 302 كيلومتر في تل رفعت (ريف حلب) و430 كيلومتراً في منبج (ريف حلب)، ما جعل المنطقتين صالحتين للسكن مجدداً.

من ناحية أخرى، انتقد غولر النهج الإسرائيلي القائم على «فهم أمني خاطئ»، والذي يستفز جهات فاعلة غير حكومية ضد الحكومة السورية، ويستخدم قوة مفرطة، ويُلحق مزيداً من الضرر بالتوازنات الهشة أصلاً في المنطقة، ويُعمِّق حالة عدم الاستقرار، ويُشكل تهديداً للأمن القومي التركي.

وقال إن على إسرائيل أن تُدرك أنها لا تستطيع حلّ مخاوفها الأمنية بمهاجمة سوريا وزعزعة استقرارها؛ بل يجب أن تقوم بذلك من خلال التعاون مع الحكومة السورية الجديدة على أساس حسن الجوار، وإقامة العلاقات وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.


تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن هيئة البث العام الإسرائيلية (كان)، أن إسرائيل جمعت معلومات استخبارية قبل أقل من 24 ساعة على الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» وأشعل الحرب في غزة، مشيرة إلى أن الحركة كانت تخطِّط لعمل ما في صباح اليوم التالي.

وحسب التقرير، جاءت المعلومات عبر عملية جمع استخباراتية نُفِّذت باستخدام طائرات مُسيَّرة فوق قطاع غزة، وركَّزت على عناصر «حماس» الذين كانوا يتولُّون حراسة نفق كانت إسرائيل تعتقد أن الأسير أفيرا منغستو محتجز فيه.

أكثر من 70 % من سكان غزة يعيشون في ملاجئ مؤقتة بسبب الحرب الإسرائيلية التي دمرت القطاع (أ.ف.ب)

ووفق «تايمز أوف إسرائيل»، كان منغستو الذي يعاني من مرض نفسي، قد دخل قطاع غزة من تلقاء نفسه عام 2014، قبل أن تعتقله الحركة وتحتجزه. وأُفرج عنه في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في فبراير (شباط) من العام الجاري.

وأشارت «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن إحدى المعلومات التي جُمعت خلال تلك العملية بالطائرات المُسيَّرة، ورغم عدم وضوحها، أثارت «إشارة تحذير»، فتم تمريرها إلى قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن «كان» استناداً إلى «مصادر»، أن قيادة المنطقة الجنوبية قلَّلت من أهمية هذه المعلومة، واعتبرتها على الأرجح مؤشراً إلى تدريب تجريه «حماس»، وليس إلى هجوم وشيك.

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن عملية السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لا تظهر في سجلات الجيش الإسرائيلي، كما لم يُشر إليها في التحقيقات التي أُجريت بشأن الأحداث التي سبقت الهجوم الواسع اللاحق أو رافقته، لافتة إلى أن سبب إغفالها لا يزال غير واضح.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد أفادت في وقت سابق من الشهر الحالي بهذه العملية الاستخبارية، ولكنها نُسبت حينها إلى مصدر مطَّلع قوله إنها لم تسفر عن اختراق استخباري يتعلق بمنغستو، ولا عن أي مؤشر على هجوم وشيك من جانب «حماس».

ويأتي هذا التقرير -وفق «تايمز أوف إسرائيل»- بعد نحو أسبوعين من قيام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بتعيين لجنة من الخبراء للتحقيق في إخفاقات الجيش في التعامل مع التقارير الاستخبارية التي وردت منذ عام 2018، والتي أشارت إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، وهي مسألة لم تُدرج ضمن التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش بشأن هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وجاء هذا القرار عقب مراجعة أجراها فريق آخر من الضباط الكبار السابقين لتحقيقات الجيش الداخلية بشأن إخفاقات السابع من أكتوبر؛ حيث خلص الفريق إلى أن كثيراً من هذه التحقيقات كانت غير كافية، كما أشار إلى ملفات عدة لم يتم التحقيق فيها إطلاقاً، وفي مقدمتها التقارير الاستخبارية المتعلقة بخطة «حماس» للهجوم التي كانت تحمل في الجيش الاسم الرمزي «أسوار أريحا».

وفي فبراير، خلص التحقيق الداخلي للجيش الإسرائيلي في الإخفاقات الاستخبارية التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر إلى أن المؤسسة العسكرية كانت قد تلقت على مدى سنوات معلومات وخططاً تشير إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، ولكنها اعتبرت هذه الخطة غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، في وقت واصلت فيه الحركة استعداداتها للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر.