مهرجانات عربية تكرس دوراتها الجديدة لدعم الفلسطينيين

«القاهرة» و«الدوحة» و«الجونة» الأبرز

لقطة من فيلم «مع حسن في غزة» (إدارة مهرجان الدوحة السينمائي)
لقطة من فيلم «مع حسن في غزة» (إدارة مهرجان الدوحة السينمائي)
TT

مهرجانات عربية تكرس دوراتها الجديدة لدعم الفلسطينيين

لقطة من فيلم «مع حسن في غزة» (إدارة مهرجان الدوحة السينمائي)
لقطة من فيلم «مع حسن في غزة» (إدارة مهرجان الدوحة السينمائي)

حرصت مهرجانات عربية على دعم القضية الفلسطينية من خلال تكريس دوراتها الجديدة لتسليط الضوء على القصص المأساوية والأحداث المهمة التي عاشها الشعب الفلسطيني، خلال السنوات الماضية عبر عروضها الفنية، من بينها مهرجانات «القاهرة»، و«الدوحة»، و«الجونة».

فقد أعلن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قبل أيام عن اختيار فيلم «صوت هند رجب»، للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، ليكون فيلم ختام دورته الـ46، المقرر عقدها في الفترة من 12 إلى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث يأتي عرض الفيلم في القاهرة بعد تتويجه أخيراً بجائزة «الأسد الفضي»، في الدورة الـ82 من مهرجان «البندقية السينمائي الدولي».

وأكد مهرجان «الدوحة السينمائي»، في دورته المقبلة، المقرر عقدها أيضاً خلال نوفمبر المقبل، على التزام «مؤسسة الدوحة للأفلام» بدعم وتمكين الأصوات العربية المؤثرة، من خلال إبراز القصص المهمة من فلسطين.

وتشارك في «الدوحة السينمائي» مجموعة من الأفلام. هي «صوت هند رجب»، و«مع حسن في غزة»، و«كان يا ما كان في غزة»، إلى جانب عرض خاص لفيلم «فلسطين 36»، والأخير مدعوم من «صندوق البحر الأحمر»، وعرض في مهرجان «تورونتو السينمائي 2025»، وحاز على استحسان الجمهور بشكل لافت.

وتتضمن عروض «نافذة على فلسطين»، بمهرجان «الجونة السينمائي»، في دورته الـ8، التي ستقام في الفترة من 16 إلى 24 أكتوبر (تشرين الأول) 7 أفلام وثائقية قصيرة، ضمن مبادرة «من المسافة صفر وأقرب»، وذلك عن حياة الناس في غزة.

لقطة من فيلم «صوت هند رجب» (إدارة مهرجان الدوحة السينمائي)

الأفلام المشاركة هي «ألوان تحت السماء»، و«أحلام فرح وزهرة»، و«غزة إلى الأوسكار»، و«حسن»، و«حكايات غير مكتملة»، و«أحلام صغيرة جداً»، و«الأمنية».

وتعليقاً على الوجود اللافت للسينما الفلسطينية بالمهرجانات الدولية، أكّد الكاتب والناقد الفني المصري محمد عبد الخالق «أن السينما فن صوته عالٍ، ولغة عالمية تصل لأبعد مكان وتسجل وتوثق اللحظة لتصبح مرجعاً اجتماعياً وثقافياً لا يقل أهمية عن مراجع التاريخ».

ويضيف عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط»: «الاهتمام بالسينما الفلسطينية وسيلة لإلقاء الضوء عالمياً على القضية بتفاصيل لا تستطيع نشرات الأخبار أو حديث الدبلوماسية إيصالها للعالم، بالإضافة إلى وصولها إلى عدد أكبر خارج قاعات السياسة المغلقة، فالسينما هي الجانب الإنساني من القضية الذي يمتد تأثيره إلى شرائح أعرض ويبقى لسنوات طويلة في وجدان المتلقي».

وأشار عبد الخالق إلى أن «اهتمام السينما العربية بالقضية ليس جديداً فهناك العديد من الأعمال السينمائية تم تقديمها في مختلف الدول العربية منذ بداية الصراع وحتى الآن».

وأكد أن «تزايد الاهتمام الآن بفلسطين طبيعي بسبب مرور القضية بمنعطف خطير يتطلب تضافر كافة الجهود، والمهرجانات بطبيعتها ملتقى عالمي لصناع ومحبي السينما، وهى أفضل فرصة لعرض القضية، وبالفعل استطاع الفن العربي إيصال رسائل عدة للعالم بأسره، ولا أحد ينكر تأثيره الشعبي الذي نرى انعكاساته في المواقف السياسية لبعض الدول».

وخلال الدورة الـ5 من مهرجان «عنابة للفيلم المتوسطي»، التي تقام راهناً في الجزائر، تشارك 10 مشاريع في برنامج «أيام عنابة لصناعة الأفلام»، من بينها فيلما «مينوس 40»، للمخرج الفلسطيني وسيم خيار، و«وقائع زمن الحصار»، للمخرج الفلسطيني عبد الله الخطيب، للمنافسة على أفضل مشروع بـ«مرحلة التطوير».

ويرى الكاتب والناقد الفني المصري، طارق الشناوي، أن «المهرجانات السينمائية ضمن الأسلحة الناعمة التي يملكها الإنسان، وصوت مسموع بقوة، ليس من خلال الأفلام فقط، فما يحدث من مظاهرات احتجاجية ضد الممارسات الإسرائيلية أثناء عقد المهرجانات وانتقالها خارج الأسوار كلها عوامل إيجابية تؤكد قوة السينما ومدى تأثيرها»، وفق حديثه لـ«الشرق الأوسط».

الملصق الترويجي لعرض «فاطمة الهواري» (إدارة مهرجان إيزيس لمسرح المرأة)

وتشارك فلسطين أيضاً في الدورة المقبلة من مهرجان «الإسكندرية السينمائي»، المقرر إقامتها مطلع أكتوبر المقبل، وعلى صعيد المسرح يشارك عرض «فاطمة الهواري» للمخرج غنام غنام، الذي يحكي قصة «فاطمة»، ضحية قصف إسرائيلي في 28 أكتوبر 1948، في مهرجان «إيزيس»، لمسرح المرأة بمصر.

الكاتبة والناقدة الفنية المصرية الدكتورة آمال عثمان، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث هو أقل دعم، فالمهرجانات بشكل عام تستضيف كثيراً من الضيوف الأجانب، وبدورهم يدعمون القضية عبر إيصال الصوت لحكوماتهم، ما أدى لاعتراف بعض الدول بفلسطين»، موضحة أنه «بالرغم من الخسائر الفادحة التي شهدتها المنطقة، فإن السينما بارعة في نقل القضايا الهامة».

وإلى جانب المهرجانات السينمائية والمسرحية، يحرص النجوم والحضور على دعم فلسطين من خلال «الأزياء»، و«الأحاديث الإعلامية» على «الريد كاربت»، وأيضاً خلال تسلّم دروع التكريم، مثلما حدث مع الفنان المصري خالد النبوي، الذي قال في كلمته عقب تكريمه في مهرجان «عنابة»: «إن جاز لنا أن نتحدث عن البطولة والشرف والشجاعة والعزة والكرامة فجميعها تكلل هامة الإنسان الفلسطيني، الذي يثبت كل لحظة، ومنذ 75 عاماً، أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، كانت تسمى فلسطين... صارت تسمى فلسطين».


مقالات ذات صلة

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

يوميات الشرق سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

توفيت الفنانة المصرية سمية الألفي صباح اليوم (السبت)، عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع مع المرض.

يسرا سلامة (القاهرة)
تحليل إخباري لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)

تحليل إخباري جدل «الست»... هل يثير شهية صناع الدراما لمعالجة السيّر الذاتية؟

أثار فيلم «الست» جدلاً وزخماً نقدياً مكثفاً خلال الأيام الماضية، منذ الإعلان عن صناعة الفيلم قبل أشهر عدة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق واجه التصوير صعوبات عدة (الشركة المنتجة)

«فلسطيني على الطريق»... رحلة شخصية تتحول إلى فيلم عن مأساة متجددة

لا يقدم فيلم «فلسطيني على الطريق» عملاً وثائقياً تقليدياً عن مكان أو مسار، بل ينطلق من تجربة إنسانية تمثلت في لحظة فقد قاسية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

لم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق المخرج المصري أبو بكر شوقي (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

المخرج المصري أبو بكر شوقي: أبحث عن عوالم جديدة في أفلامي

قال المخرج المصري، أبو بكر شوقي، إنه يبحث دوماً عن الأفلام التي تدخله عوالم جديدة، كما في فيلميه السابقين «يوم الدين» و«هجان».

انتصار دردير (جدة )

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أفاد موقع «بيزنس إنسايدر» نقلاً عن رسالة بريد إلكتروني داخلية، ​بأن شركة «غوغل» التابعة لمجموعة «ألفابت» نصحت بعض الموظفين الذين يحملون تأشيرات أميركية بتجنب السفر الدولي، بسبب تأخير في السفارات.

وجاء في التقرير الذي نقلته «رويترز»، أن البريد الإلكتروني الذي أرسله مسؤول ‌في الشركة يوم ‌الخميس، حذَّر ​الموظفين ‌الذين سيحتاجون لختم التأشيرة لدخول الولايات المتحدة مجدداً من مغادرة الدولة؛ لأن أوقات التعامل مع التأشيرات صارت مطولة.

ووفقاً ⁠للتقرير، جاء في المذكرة أن بعض ‌السفارات والقنصليات الأميركية تشهد ‍تأخيرات في ‍مواعيد التأشيرات تصل إلى 12 ‍شهراً، محذرة من أن السفر الدولي «ينطوي على خطر البقاء لفترة طويلة خارج الولايات المتحدة».

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي ​دونالد ترمب هذا الشهر عن زيادة التدقيق مع المتقدمين للحصول ⁠على تأشيرات «إتش-1بي» للعمالة من ذوي المهارات العالية، بما في ذلك فحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي سبتمبر (أيلول)، نصحت شركة «ألفابت» المالكة لـ«غوغل» موظفيها بشدة بتجنب السفر الدولي، وحثت حاملي تأشيرة «إتش-1بي» على البقاء في الولايات المتحدة، ‌وفقاً لرسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها «رويترز».


وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
TT

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية

توفيت الفنانة المصرية سمية الألفي صباح اليوم (السبت)، عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع مع المرض.

ونعت نقابة المهن التمثيلية المصرية، في حسابها الرسمي عبر «فيسبوك»، الألفي، مقدمة التعازي لأسرتها.

وكانت الألفي أعلنت في مايو (أيار) 2023 تعافيها من مرض السرطان.

وكان آخر ظهور للألفي في أكتوبر (تشرين الأول) في كواليس فيلم «سفاح التجمع» من بطولة نجلها أحمد الفيشاوي، حسبما نشر مؤلف ومخرج الفيلم محمد صلاح العزب.

سمية الألفي كما ظهرت في كواليس فيلم «سفاح التجمع» (صفحة المؤلف محمد صلاح العزب)

وكانت سمية الألفي قد أعلنت إصابتها بمرض السرطان في عام 2017، وسافرت للعلاج في ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية.

الألفي كما ظهرت في فيديو من تصوير نجلها أحمد بعد الإعلان عن تعافيها من السرطان منذ عامين

وُلدت سمية الألفي في 23 يوليو (تموز) 1953 بمحافظة الشرقية، وحصلت على ليسانس الآداب (قسم اجتماع) قبل أن تدخل عالم الفن من خلال مسلسل «أفواه وأرانب» (1978).

وتزوجت الألفي بالفنان فاروق الفيشاوي من عام 1979 حتى 1992، وأنجبا ابنيهما أحمد وعمر. وتزوجت الألفي بعد ذلك بالملحن مودي الإمام، والمخرج جمال عبد الحميد، والمطرب مدحت صالح.

سمية الألفي مع فاروق الفيشاوي (الصفحة الرسمية للفنان أحمد الفيشاوي بـ«إنستغرام»)

وبدأت الألفي مشوارها الفني في أواخر السبعينات، لكن نجوميتها التي حظيت بها جاءت في الثمانينات والتسعينات، بعد أن قدمت أدواراً مهمة في «ليالي الحلمية» و«بوابة الحلواني» و«الراية البيضا».

سمية الألفي لها صورة واحدة على حسابها في «إنستغرام»

ونعت الألفي الفنانة شريهان في تغريدة عبر موقع «إكس».

وقدمت الألفي أكثر من 100 عمل بين السينما والمسرح والتلفزيون؛ إذ شاركت الألفي في عدد من الأعمال الدرامية مثل «العطار والسبع بنات» أمام نور الشريف، و«كناريا وشركاه» أمام فاروق الفيشاوي، وآخر ظهور لها كان ضيفة شرف في فيلم «تلك الأيام» الذي قام ببطولته نجلها الفنان أحمد الفيشاوي في عام 2010.


«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
TT

«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)

​دار برنامج «طعم السعودية» دورةً كاملة حول المملكة، وعاد بحكاياتِ أطباقٍ دخلت تاريخ البلاد وأضحت رمزاً للتراث المحلّي. بعفويّته وأسلوب تقديمه البسيط، استطاع الشيف هشام باعشن نقل الصورة والفكرة وحتى الرائحة الزكيّة عبر الشاشة، إلى كل منزلٍ سعودي وعربي من خلال منصة «شاهد»، التي تعرض البرنامج ذات الحلقات الـ15 والإيقاع السريع والسلس.

في كل حلقة، يزور المُشاهدون إحدى مناطق المملكة ويتعرّفون على طريقة إعداد أشهر أطباقها التقليدية؛ من الكبيبة، والرقش، والصياديّة، مروراً بالمليحية والمرقوق، وليس انتهاءً بالجريش والكليجة.

يخرج «طعم السعودية» عن النمط السائد في برامج الطهي، إذ ينضمّ إلى الشيف هشام زميلة أو زميلٌ له من المنطقة المقصودة ليُشرف على إعداد الطبق ويمنحَ تقييمه في ختام الحلقة. ولا تقتصر خصوصية البرنامج على هذه الثنائية في التقديم؛ بل تنسحب على هويته العامة التي تدمج ما بين المطبخ التقليدي، والسياحة المناطقية، والثقافة التراثية والمجتمعية.

لا يتحدّث الشيف هشام باعشن عن مجرّد برنامجٍ قدّمه؛ بل عن حلمٍ حققه، ففي حوار مع «الشرق الأوسط»، يقرّ الطاهي المعروف والمدوّن السعودي بأنّ «طعم السعودية» شكّل «نقلة نوعيّة ومحطة محوريّة» في مسيرته المهنية.

يتحدّث الشيف هشام باعشن عن نقلة نوعية في مسيرته (شركة الإنتاج)

هو الذي استقلّ السيارة وتنقّل بين شمال المملكة وجنوبها مروراً بوسطِها، استمتع بتلك الرحلة لأنه تعرّف من خلالها على مناطق في بلده لم يكن قد زارها سابقاً. «اكتشفت نكهاتٍ جديدة مع طهاةٍ هم الأفضل في مجالهم ومناطقهم»، يقول باعشن.

أما الطبيعة والتضاريس المتنوّعة ما بين صحراء، وبحر، وأشجار، وجبال، وصخور شاهقة، ومساحات خضراء، فلم تشكّل مفاجأةً ومتعة بصريّة للشيف فحسب؛ بل كذلك لمشاهديه.

لا يقتصر البرنامج على مطبخ السعودية بل يشكّل لمحة سياحية وثقافية (شركة الإنتاج)

أتاح «طعم السعودية» فرصة التعرّف على الخصائص الجغرافية لكل منطقة، بعيداً عن التنميط والأفكار السائدة. «لن أنسى تبوك وطبيعتها الجميلة، ولا الجوّ البارد والاخضرار في الباحة»، يعلّق باعشن. ولحائل حصة كذلك من انبهاره، «أما أبها فجمال لا يُضاهى، ومواسم الورد والمطر فيها لا مثيل لها في العالم».

يضيء الرئيس التنفيذي لشركة «Full Stop» المنتجة لـ«طعم السعودية» فهد الأحمد، على الأبعاد الإنسانية التي ركّز عليها البرنامج. «ليس الأمر مجرّد وصفة طبق أو جولة سياحية، فنحن بحثنا عن القصة والبشر والحس الإنساني المحيط بذاك الطبق»، يشرح الأحمد لـ«الشرق الأوسط». أما إنتاجياً، فكانت الأولوية للجودة العالية ولصورة تليق بـ«شاهد»، وفق ما يوضح الأحمد. «لكن في الوقت ذاته، أخذنا في الاعتبار بساطة التنفيذ وعدم البهرجة والتلميع»، وهذا خيارٌ يُحاكي المحتوى الواقعي للبرنامج، وما اعتادت أن تراه عين المُشاهد مؤخراً من خلال الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.

العفويّة في التقديم أحد مفاتيح نجاح البرنامج (شركة الإنتاج)

لم يأتِ اختيار الشيف هشام باعشن صدفةً، فإضافةً إلى كونه عالماً في مجاله وصانع محتوى محترفاً، فهو يتقن لعبة الكاميرا ويعرف كيف يتعامل معها، وفق تعبير الأحمد. كما أنه يملك شبكة علاقات واسعة في مجال الطهي، ما أتاح له اختيار أفضل الطهاة على امتداد الخريطة السعودية.

نراه يقود سيارته ويتحدّث عبر كاميرا الهاتف إلى متابعيه، واصفاً ما يشاهد من مناظر خلّابة، ثم يصل إلى محطته، حيث يبحث عن الشيف الزميل ويتفقان على الوصفة التي سيعدّها باعشن. بعد ذلك، يتوجّه إلى السوق، حيث يبتاع مكوّنات الطبق، لينتقل لاحقاً إلى التحضير، يليه التذوّق والتقييم.

في كل منطقة سعودية يعدّ الشيف هشام الطبق التقليدي الخاص بها (شركة الإنتاج)

يحصل كل ذلك من دون تدريبٍ ولا نصوصٍ مُعدّة مسبقاً، ويؤكد الشيف هشام في هذا السياق، أن «الارتجال كان سيد الموقف، ما حصّنني بالراحة لإظهار شخصيتي العفوية كما هي». يضيف: «الأمر الوحيد المتفق عليه مسبقاً، كان أن ننسى أنّ أمامنا كاميرا، وأن نتصرف بطبيعية».

تلك البنية البسيطة حرص فريق عمل البرنامج على أن تتّسم بخصوصية عربية، فلا تكون مقتبسة عن برامج الطهي الغربية. ولا مانع بالتالي من إعادة تطبيق تلك الرؤية على مطابخ عربية أخرى في مواسم جديدة، وفق ما يشير الأحمد.

لكن قبل النُّسَخ العربية، من المحتمل كذلك أن يعود «طعم السعودية» بموسمٍ ثانٍ. بما أنّ أرض المملكة شاسعة، ومطبخها متنوّع كثيراً، فبالتأكيد لا تكفي 15 حلقة لتغطيته (المطبخ) كاملاً.

يخضع الطبق الذي يعدّه الشيف هشام لتقييم أبرز طهاة المنطقة (شركة الإنتاج)

انتقى البرنامج أبرز الأكلات التقليدية التي تمثّل المناطق، تماشياً مع إعلان «هيئة فنون الطهي السعودية» عن الأطباق التي ترمز إلى كل منطقة. وافتتاحية «طعم السعودية» كانت مع طبق المرقوق «إرث المطبخ النجدي» وأشهر أطباق الرياض. أما في القصيم، فكانت المحطة مع حلوى الكليجة التقليدية تحت إشراف الشيف «أم صالح»، وقد شكّل الأمر تحدياً بالنسبة للشيف بما أنه يحترف طبخ الأطباق المالحة، وليس الحلويات.

أما التحدّي الأكبر فكان في منطقة الباحة مع خبز المقنّاة الذي يُعدّ من بين أثمن خبز في العالم. يعلّق باعشن قائلاً إن «تحضير هذا الخبز كان أشبه بالعمل على لوحة فنية، وهي تجربة زادت فخري بالمطبخ السعودي».

طبق الجريش السعودي التقليدي رمز مطبخ الرياض (شركة الإنتاج)

لا يتردد الشيف بالقول إن «طعم السعودية» أضاف إلى خبرته ومعارفه المطبخية، ونقلَه إلى مستوى آخر. والأهم، وفق ما يقول، أنه أتاح له «ردّ بعض الجميل للأرض التي ربّتني وأطعمتني من خيراتها». وإذ يبدي استعداده لدورةٍ مطبخيّة جديدة حول السعودية، يختم الشيف هشام باعشن بالإفصاح: «وقعت في حب بلدنا من أول وجديد. ممنون جداً لهذه الرحلة».