باريس تُودّع متحف «بومبيدو» الشهير 5 سنوات

زوّار محزونون وتجّار يخشون الركود مع بدء ورشة الترميم الكبرى

يُغلق أبوابه ويترك خلفه ذاكرة ملايين الزوار (إ.ب.أ)
يُغلق أبوابه ويترك خلفه ذاكرة ملايين الزوار (إ.ب.أ)
TT

باريس تُودّع متحف «بومبيدو» الشهير 5 سنوات

يُغلق أبوابه ويترك خلفه ذاكرة ملايين الزوار (إ.ب.أ)
يُغلق أبوابه ويترك خلفه ذاكرة ملايين الزوار (إ.ب.أ)

يشعر زوّار مركز «بومبيدو» في فرنسا بالحزن؛ لغلق أبوب المبنى الباريسي الشهير، الذي يضمّ أهم متحف للفنّ الحديث في العالم، إلى جانب متحف الفنّ الحديث «موما» في نيويورك، 5 سنوات؛ بسبب أعمال التجديد، فيما يُعرِب أصحاب المتاجر عن قلقهم من تأثير المشروع عليهم.

في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، تقول رئيسة البرامج الثقافية في «التلفزيون الفرنسي»، سولين سان جيل، في ردهة المبنى ذي الهندسة المعمارية الأنبوبية المتعدّدة الألوان، قبيل إغلاقه: «حضورنا اليوم ضمن هذه الزيارة الأخيرة يحمل دلالة رمزية كبيرة».

وداع أخير قبل أن يدخل المتحف غيبوبة الترميم (أ.ف.ب)

وتؤكد صديقتها المنتجة فوزية كشكاش: «يحزننا الأمر. 5 سنوات مدّة طويلة. كنا نرغب في تجربة السلم المتحرّك الشهير، لكنه توقف قبل شهر». في الطبقات التي أُقفلت أمام العامة، بدت قاعات العرض الكبيرة فارغة؛ بعضها غارق في الظلام، فيما نُقلت اللوحات بواسطة عربات نقل. ولم يبقَ في أرجاء المتحف سوى بعض السلالم الصغيرة ومكانس الورشات المتناثرة. يمتدّ المتحف، الذي استقبل 5 ملايين زائر عام 2024، على 9 طبقات يمكن للعامة الوصول إليها عبر السلالم المتحرّكة (120 ألف متر مربع)، وقد أُخليت تدريجياً.

تجّار باريس يترقّبون ركوداً قاسياً بعد إغلاق المتحف (رويترز)

يوضح تيم باودر ريدجر، وهو سائح من لندن، وإلى جواره صديقه: «نحن مهندسان معماريان، وكان من أولوياتنا رؤيته قبل إغلاقه». وتقول كلودي روكار لابيروساز، وهي مصوّرة فوتوغرافية تبلغ 65 عاماً ومقيمة في الحيّ: «قبل الصيف، عدتُ أنا وبناتي. عاينّا كل المجموعات الدائمة مرّات عدّة رغبةَ الغوص في تجربةِ أكبر قدر من الأعمال الفنّية».

كان أوغو نصري، وهو طالب هندسة معمارية يبلغ 22 عاماً، يزور مكتبة مركز «بومبيدو» أسبوعياً. يقول بأسف: «إنّ هذا المبنى كان جزءاً لا يتجزأ من حياتي».

بدورها، تقول ميليس سيلين كوجيغيت، وهي طالبة دكتوراه في الهندسة المعمارية من تركيا: «أزور (بومبيدو) 10 مرّات على الأقل سنوياً، وكلّما مررتُ من أمامه أدخله حتى وإن لم تكن هناك أي معارض فيه، فأصعد لأتأمل المناظر من الأعلى». وتضيف: «أعتقد أن جيلاً كاملاً سيفتقد تجربة زيارة المتحف».

في محيط «المركز»، يخشى التجار على مداخيلهم، فيقول ألكسندر محفوظ، وهو مدير معرض يقع على مقربة من مدخل مركز «بومبيدو» ورئيس جمعية تجار الحيّ: «نحن قلقون جداً. سيتغيَّر كامل الحيّ». ويضيف أنّ السياح «يتجوّلون في الحيّ عند مغادرتهم مركز (بومبيدو)، ويأتون إلى متاجرنا أو مطاعمنا، ويتسوّقون، لكن جميعهم، يا للأسف، لن يعاودوا المجيء؛ لأنهم كانوا يأتون من أجل مركز (بومبيدو)». ويشير محفوظ إلى أنه بدأ يشعر بانخفاض كبير في النشاط التجاري، يقدّره بـ«30 أو 40 في المائة» منذ وقف إتاحة المجموعات الدائمة للعامة في مارس (آذار) الماضي. ويتابع: «أكثر مَن يشتري منّا هم السياح. إنهم يمثّلون 80 في المائة من نشاطنا».

المدينة تفقد أحد أبرز معالمها الثقافية لسنوات مقبلة (أ.ف.ب)

افتُتح مركز «بومبيدو» عام 1977، وصُمّم مساحةً مفتوحةً للجميع من جانب المهندسَيْن المعماريَيْن رينزو بيانو وريتشارد روجرز، وكان مُكرّساً لاستقبال مختلف أشكال الثقافة. يُعرف المركز أيضاً باسم «بوبور»، وقد أحدث ثورة في عصره، وأصبح يجذب جمهوراً من باريس وخارجها. لكنّه يعاني تدهوراً في حالته. وتشمل أعمال الترميم الكبرى إزالة الأسبستوس، وتحسين إمكان الوصول إلى المكان، وتعزيز إجراءات السلامة، بالإضافة إلى إعادة تصميم كاملة للداخل.

من 22 إلى 25 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، سيُعاد افتتاح مركز «بومبيدو» استثنائياً لمدة 3 أيام من الاحتفالات، تتضمَّن عروضاً لفرقة «كريستين آند ذي كوينز»، وكاثرين رينجر، وسيلا سو، بالإضافة إلى عرض للألعاب النارية خلال النهار.


مقالات ذات صلة

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

أوروبا خلال العمل على تحصين النافذة التي استُخدمت لسرقة مجوهرات من متحف اللوفر (أ.ب)

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

عزّز متحف اللوفر في باريس إجراءات الأمن عبر تركيب شبكة حماية على نافذة زجاجية استُخدمت في عملية سرقة مجوهرات في 19 أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (باريس )
أوروبا زوار يصطفون قرب الهرم الزجاجي لمتحف اللوفر للدخول (رويترز)

بعد تعليق إضراب العاملين... «اللوفر» يعيد فتح أبوابه مجدداً

أعلنت إدارة متحف اللوفر في باريس، والنقابات المعنية، فتح أبواب المتحف بالكامل أمام الزوار.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أشخاص يصطفّون لدخول متحف اللوفر (رويترز) play-circle

«اللوفر» يفتح أبوابه جزئياً رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب

أعلن متحف اللوفر بباريس إعادة فتح أبوابه جزئياً، الأربعاء، رغم استمرار الإضراب، الذي صوّت عليه الموظفون في اجتماع الجمعية العامة خلال وقت سابق من اليوم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا لوحة إعلانية تُشير إلى تأجيل فتح أبواب متحف اللوفر الأكثر زيارة في العالم (أ.ب)

بسبب إضراب... متحف اللوفر في باريس يغلق أبوابه

أغلق متحف اللوفر الشهير بباريس، صباح الاثنين، بسبب إضراب، وفق ما أفاد عناصر أمن، في وقتٍ تواجه المؤسسة العريقة صعوبات منذ عملية السرقة الصادمة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

مصر تنفي وجود عيوب في تصميم «المتحف الكبير»

نفت الحكومة المصرية، السبت، وجود عيوب في تصميم المتحف المصري الكبير، بعد تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف خلال الأيام الماضية.

رحاب عليوة (القاهرة )

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
TT

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)

استعاد العرض المسرحي «متحف باكثير» جانباً من روائع الأديب اليمني المصري علي أحمد باكثير في القاهرة، بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ115 لميلاده.

العرض الذي أُقيم على خشبة المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية، مساء الاثنين، كان ضِمن فعالية ثقافية وفنية عكست حضور اسمه المتجدد في الوجدان العربي، نظّمتها مؤسسة «حضرموت للثقافة» السعودية، بالشراكة مع «ضي للثقافة والإعلام».

لم تقتصر الاحتفالية، التي نُظّمت تحت عنوان «علي أحمد باكثير... 115 عاماً من التأثير»، على استدعاء السيرة الإبداعية للأديب الكبير، بل سعت إلى تحويل إرثه الأدبي إلى فعل حي على خشبة المسرح بوصفه أحد الفضاءات الأساسية التي شكّلت مشروعه الإبداعي، من خلال العرض الذي استمر لنحو 80 دقيقة، حيث قُدِّم من دراماتورج وإخراج أحمد فؤاد، برؤية تقوم على فكرة المتحف بوصفه مساحة جامعة، تتجاور فيها العصور والشخصيات والأفكار، وتتحول فيها النصوص الأدبية إلى لوحات حية نابضة بالحركة والصوت.

المخرج أحمد فؤاد قدّم العرض بصورة بصرية جذابة (الشركة المنتجة)

اعتمد العرض على استلهام عدد كبير من أعمال علي أحمد باكثير، التي تحولت عبر العقود إلى نصوص مسرحية وسينمائية مؤثرة، من بينها «وا إسلاماه» و«الشيماء»، إلى جانب مسرحيات مثل «جلفدان هانم» و«قطط وفئران» و«الحاكم بأمر الله»، وغيرها من الأعمال التي كشفت عن انشغاله الدائم بالتاريخ والهوية والإنسان.

ومن خلال هذا التنوع، تنقّلَ العرض بين العصور الفرعونية والإسلامية والحديثة، مستحضراً شخصيات تاريخية وأسطورية ومتخيلة، في معالجة درامية سعت إلى إبراز الأسئلة الكبرى التي شغلت الكاتب؛ من الحرية والعدل، إلى الصراع بين السلطة والضمير، وعبر فتاة شابة من جيل «زد» تدخل متحفاً يضم عدداً من الشخصيات التي قدّمها.

يقول أحمد فؤاد، مؤلف العرض ومُخرجه، لـ«الشرق الأوسط»، إن عرض «متحف باكثير» جاء انطلاقاً من إيمان عميق بأهمية إعادة تقديم أعمال علي أحمد باكثير بصيغة مسرحية معاصرة تتيح للجمهور، اليوم، الاقتراب من عالمه الفكري والإنساني دون حواجز زمنية، مشيراً إلى أن اختيار فكرة المتحف كان المدخل الأنسب للتعامل مع هذا الإرث المتنوع؛ نظراً لما تزخر به أعمال باكثير من شخصيات تنتمي إلى عصور وخلفيات مختلفة، من مصر القديمة، مروراً بالتاريخ الإسلامي، وصولاً إلى الشخصيات المتخيَّلة والمعاصرة.

وأضاف أن «العرض صُمِّم على هيئة قاعات متحفية متجاورة، ينتقل بينها المتفرج، بحيث تقوده الأحداث في مسار درامي واحد، تتقاطع داخله الشخصيات والأفكار، في محاولةٍ للكشف عن الخيط الإنساني المشترك الذي يربط هذه العوالم المتباعدة ظاهرياً».

العرض قُدّم على مدار 80 دقيقة على خشبة المسرح الكبير بالأوبرا (الشركة المنتجة)

وأوضح فؤاد أنه اعتمد في بناء العرض على دراسة وقراءة عدد كبير من نصوص باكثير، قبل الاستقرار على اختيار 12 نصاً مسرحياً كُثِّفت وأُعيدت صياغتها داخل بنية واحدة. وعَدّ «التحدي الأكبر تمثل في ضغط الزمن، ومحاولة تجميع هذا الكم من الأعمال في إطار جذاب بصرياً ودرامياً، دون الإخلال بالفكرة الأساسية لكل نص؛ لأن الهدف كان تقديم عرض نوعي، قريب من المتفرج، يُعيد طرح سؤال عن باكثير وقدرته المتجددة على مخاطبة الحاضر».

ووفق الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، فإن عنوان عرض «متحف باكثير» قد يوحي، منذ الوهلة الأولى، بطابع وثائقي تقليدي، إلا أن التجربة المسرحية جاءت مغايرة تماماً لهذا الانطباع، وقال، لـ«الشرق الأوسط»: «استطاعت التجربة أن تحصد إعجاب الجمهور بفضل طبيعتها المختلفة واعتمادها الواضح على الحركة فوق خشبة المسرح، كما أن تعدد الشخصيات وتنوعها، والتنقل بينها بسلاسة، منح العرض حيوية خاصة، وخلق حالة من التفاعل المستمر مع المتلقي، بعيداً عن الجمود أو السرد المباشر».

العرض نال إشادات من الحضور (الشركة المنتجة)

وأضاف عبد الرحمن أن «عناصر العرض الفنية جاءت متوازنة، إذ اتسم الحوار بالجاذبية والقدرة على الإمتاع دون إسهاب أو خطابية، مدعوماً بمتعة بصرية واضحة على مستوى الحركة والتشكيل المسرحي»، لافتاً إلى أن الموسيقى لعبت دوراً أساسياً في تكوين المناخ العام للعمل؛ لاعتمادها على إرث أعمال باكثير.

وخلال الاحتفالية أُعلن إطلاق جائزة سنوية تحمل اسم علي أحمد باكثير، تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار أميركي، وتُمنح في مجالات عدّة تعكس تنوع تجربته الإبداعية، من بينها الشعر، والكتابة المسرحية، والرواية، والترجمة الأدبية، والنقد الأدبي، في خطوة تستهدف دعم الإبداع العربي وتشجيع الأصوات الجديدة، بجانب تكريم أسماء عدد من الفنانين الذين ارتبطت أعمالهم به، منهم أحمد مظهر، ولبنى عبد العزيز، وسميرة أحمد، وحسين رياض.


مطاعم أميركية تقدم وجبات أصغر لإرضاء مستخدمي علاجات إنقاص الوزن

لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
TT

مطاعم أميركية تقدم وجبات أصغر لإرضاء مستخدمي علاجات إنقاص الوزن

لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)

لطالما كانت لينا أكسماشر من كبار مرتادي المطاعم في نيويورك إلى أن بدأت تتناول دواء «أوزمبيك» لإنقاص الوزن فلم يعد في وسعها تناول ما لذّ وطاب، غير أنها وجدت حلّاً لهذه المعضلة في مطاعم تقدّم وجبات أصغر تلبية لحاجات هذه الفئة من الزبائن.

وما زالت لينا السويدية الأصل والبالغة من العمر 41 عاماً تصرّ على «مخالطة الناس» وارتياد المطاعم، حتّى لو أنها لم تعد تأكل كالسابق.

وقد سهّل عليها أحد مطاعمها المفضّلة «لو بوتي فيلاج» (القرية الصغيرة) الأمر، وبات كمطاعم كثيرة غيره يقدّم وجبات بكمّيات أصغر وأسعار أقل.

ويعزى هذا القرار إلى الإقبال الكثيف الذي تشهده في الولايات المتحدة أدوية إنقاص الوزن الحديثة التطوير المستخدمة لمعالجة البدانة والسكّري.

وبحسب استطلاع أجراه مركز الأبحاث «كاي إف إف» المتخصّص في مسائل الصحة في نوفمبر (تشرين الثاني)، يلجأ أميركي واحد من كلّ ثمانية إلى هذه العلاجات المسوّقة تجارياً تحت أسماء «أوزمبيك» أو «ويغوفي» أو «مونجارو» والتي أوصت «منظمة الصحة العالمية» أخيراً بها.

والاثنين، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه) على نسخة أولى بالأقراص من «ويغوفي» الذي يوفّر عادة كغيره من هذه العلاجات على شكل محلول قابل للحقن.

وبفضل هذه التقنية المتطوّرة التي تقوم على محاكاة عمل الهرمون الهضمي «جي إل بي-1» الضابط للشهيّة، فُتحت سوق لتلبية حاجات ملايين الأشخاص الراغبين في خسارة الوزن.

وقال أريستوتل هاتسييوريو الذي يملك خمسة مطاعم في نيويورك: «لاحظت أن الناس باتوا يأكلون كمّيات أصغر بكثير»، مخلّفين الكثير من الطعام في أطباقهم.

تقليص حجم الوجبات

وفي ظلّ هذه التغيّرات، بادر رجل الأعمال إلى تقليص حجم الوجبات مع كمّيات أصغر وعدد أقلّ من المأكولات والمشروبات.

وشهدت قوائم الأطعمة المقلّصة هذه نجاحاً كبيراً، بحسب هاتسييوريو، في أوساط مستخدمي علاجات إنقاص الوزن وأيضا الزبائن الراغبين في عدم دفع مبالغ كبيرة لتناول وجبات في المطاعم في مدينة معروفة بغلاء المعيشة الفاحش.

أطباق طعام في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)

وما زال تناول «أوزمبيك» وغيره من العلاجات المخفّضة للوزن محدود النطاق في الولايات المتحدة بسبب الأسعار المرتفعة لهذه العقاقير. غير أنه من المتوقع أن تصبح هذه العلاجات ميسورة الكلفة على نحو متزايد، وقد تعهّد الرئيس دونالد ترمب شخصياً بذلك.

ويُحدث الاستخدام المتزايد لهذه العلاجات تحوّلاً في العادات الغذائية في البلاد، بحسب ماريون نستله اختصاصية علم التغذية في جامعة نيويورك التي قالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما يصبح الطعام الذي لطالما كان من أكبر ملذّات الحياة عدوّاً، تتغيّر المعادلة برمّتها».

«معجزات»

صحيح أن هذه العلاجات غالباً ما تترافق مع آثار جانبية، غير أنها أحدثت «معجزات» للبعض، بحسب نستله.

غير أن الأستاذة الجامعية حذّرت من أن الآثار بعيدة المدى لهذه المنتجات ليست معروفة بعد، سواء على الصعيد الجسدي أو الاجتماعي، إذ يشكّل الاستخدام الواسع النطاق لهذه العلاجات «تجربة بشرية كبيرة».

وأقرّت لينا أكسماشر بأنها تتوقّف أحيانا عن تناول «أوزمبيك» كي «تستمتع أكثر بالحياة». وقالت: «أريد أن أشعر بالجوع وأتناول ما يحلو لي».

وقد ساعدها تناول «أوزمبيك» على اكتساب عادات حميدة، مثل ممارسة الرياضة بوتيرة أكبر واستهلاك الكحول بكميّة أقلّ.

واعتبرت ماريون نستله أنه لا ضير في تقديم وجبات أصغر في الولايات المتحدة، بغضّ النظر عن العلاجات الرائجة لخفض الوزن.

وأكّد أريستوتل هاتسييوريو أن هذه الوجبات المقلّصة «قد تكون الأنسب حجماً» للزبائن.


«شتاء طنطورة»... تجربة ثقافية بين تاريخ العلا ومستقبلها الواعد

أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
TT

«شتاء طنطورة»... تجربة ثقافية بين تاريخ العلا ومستقبلها الواعد

أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)

شتاء ثقافي يمدُّ جسوراً معرفية وإثرائية بين الماضي بقيمته الثمينة المحفورة على صخور العلا، والمستقبل الواعد الذي تتطلع إليه المدينة التاريخية، حيث تفتح أبوابها كل شتاء لتروي قصصها، وتكشف أسرارها.

الموسم الثقافي السنوي، الذي اختار اسم «شتاء طنطورة»، تستضيفه بلدة العلا القديمة في المدينة المنورة شمال غربي السعودية، وسُمّي هذا المهرجان الاستثنائي نسبة إلى «طنطورة»، الساعة الشمسية التقليدية في قلب البلدة القديمة، التي اعتمدها أهل العلا لمعرفة الوقت والاحتفال بدخول المربعانية وبداية موسم الزراعة.

تعامد ظل عمود من طين أمام حجر مغروس يحدث مرة واحدة سنوياً ولمدة وجيزة (واس)

يضم المهرجان سلسلة من الفعاليات والتجارب التي تحتفي بالتراث العريق، والثقافة المحلية الأصيلة، والفنون التقليدية، ويستقطب آلاف الزوار الذين يتدفقون لاكتشاف أسرار المواقع التاريخية التي تُمثِّل كُتباً مفتوحة على التاريخ الحي، بدءاً بالحِجر (مدائن صالح)، بمقابرها النبطية الضخمة المنحوتة في الصخر، منذ كانت عاصمة نبطية جنوبية، مروراً بالبلدة القديمة التي تظهر تطور العمارة المحلية، مروراً بوادي دادان عاصمة مملكتي دادان ولحيان، وصولاً إلى جبل عكمة المعروف بـ«المكتبة المفتوحة» وآلاف النقوش الأثرية المنتشرة فيه.

تقول أمل الجهني، إحدى رواة التاريخ في موقعي دادان وجبل عكمة، إن زوار العلا من داخل السعودية وخارجها لا تغادرهم الدهشة أبداً، ويعودون مراراً لاستكشاف مزيد من أسرارها وآثارها.

«الطنطورة»... تقليد يعكس دورة الحياة

برنامج ثقافي يعرض تنوّع الفنون والموروثات الشعبية ويعكس عمق ذاكرة المجتمع المحلي (واس)

وفي موعد يتكرَّر كل عام، التأم أهالي العلا، الاثنين، لإحياء تقليد ثقافي موروث، يعتمد على الساعة الشمسية التقليدية (مزولة)، أو ما يعرف بـ«الطنطورة» التي كانت تُحدِّد مواقيت الفصول ودخول المواسم الزراعية، حين كان أهالي وسكان العُلا قديماً يعتمدون عليها لتنظيم دورة العمل الزراعي وتنظيم الحياة اليومية.

عند تعامد ظل عمود من الطين يقف على أحد مباني البلدة القديمة أمام حجر مغروس في الأرض، وهو حدث يحدث مرة واحدة سنوياً ولمدة وجيزة، يعلن الأهالي رسمياً دخول مربعانية الشتاء في العلا، وهي فترة يشتد فيها البرد وتستمر 40 يوماً، ومن هنا جاء الاسم.

أمسيات مميّزة تتضمّن عروض فنية تراثية تقام طوال الموسم في البلدة القديمة (واس)

وعلى الرغم من التوقف عن استخدام الطنطورة أداة لضبط أوقات الحياة في الزمن المعاصر، بقي هذا التقليد مستمراً للاحتفاء بقيمته الثقافية والتاريخية لأهالي العلا، حيث تتهيأ الفرصة لاستعادة طيف من الماضي القديم بذكرياته وتفاصيله التي بقيت في ذاكرة الأجيال عبر العقود.

ليالي البلدة القديمة... فن وتراث

تُقدِّم ليالي البلدة القديمة أمسيات فنية وتراثية مميزة طوال موسم «شتاء طنطورة»، تقام بين البلدة القديمة وقلعة العلا التاريخية، وبين التكوينات الصخرية المذهلة خلف مدرّج البلدة القديمة، مع إطلالات ساحرة على قلعة العلا التي يعود تاريخها إلى القرن العاشر الميلادي، حيث يستمتع الزوار بعروض فنية مستوحاة من ذكريات البلدة القديمة وتراث واحة العلا العريق.

وفي داخل قلعة العلا التاريخية، تُحاكى أجواء احتفالات الأعراس التقليدية، مع إطلالات بانورامية على البلدة القديمة ليلاً، لتعكس الهوية الثقافية للعلا وثراءها الحضاري، وتمنح الزائر تجربة حيَّة في قلب المشهد التراثي للمكان.

العُلا تحتفي بفعالية «الطنطورة» ضمن تقليد ثقافي سنوي (واس)

على مسرح «ليالي البلدة القديمة»، يُنظَّم برنامج ثقافي متنوع يُبرز الفنون الشعبية والموروثات المحلية، ويعكس عمق الذاكرة الثقافية للمجتمع المحلي.

ولا تكتمل زيارة البلدة القديمة دون الجولات التفاعلية داخل 3 منازل مُرمَّمة، ومزوّدة بتقنيات سمعية وبصرية، لتسليط الضوء على العادات والتقاليد المحلية. تستعرض هذه الجولات محطات مميزة من حياة المجتمع المحلي، مثل مراسم الزواج، وذكريات الطفولة، وحكايات كبار السن الغنية بالحكمة، لتمنح الزائر تجربة ثقافية وإنسانية متكاملة.