أزمة العقوبات تثير دعوات في طهران لاجتماع بزشكيان وترمب

«الأمن القومي» الإيراني هدد بتعليق التعاون مع «الوكالة الذرية»

بزشكيان يدلي بإفادة في البرلمان الأسبوع الماضي (د.ب.أ)
بزشكيان يدلي بإفادة في البرلمان الأسبوع الماضي (د.ب.أ)
TT

أزمة العقوبات تثير دعوات في طهران لاجتماع بزشكيان وترمب

بزشكيان يدلي بإفادة في البرلمان الأسبوع الماضي (د.ب.أ)
بزشكيان يدلي بإفادة في البرلمان الأسبوع الماضي (د.ب.أ)

وسط تصاعد التوترات بين طهران والقوى الغربية، برزت الدعوات في طهران لعقد لقاء بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، في محاولة لكسر الجمود الدبلوماسي ووقف تفعيل آلية «سناب باك» التي تعيد فرض العقوبات الأممية على طهران.

يأتي ذلك غداة تحذير مجلس الأمن القومي الإيراني من احتمال تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية رداً على إعادة فرض العقوبات، وسط رفض دولي لإلغاء العقوبات المستمرة منذ اتفاق 2015.

ويخطط بزشكيان في ظل هذه الأجواء المشحونة، للسفر إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط ترقب إيراني ودولي لكيفية تعاطي طهران مع هذه الأزمة المتصاعدة.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية مساء الأحد، أن وزير الخارجية عباس عراقجي، قد غادر إلى فيينا لإجراء محادثات مع قادة «الترويكا» الأوروبية، دون تقديم تفاصيل عن الزيارة المفاجئة. وفي وقت لاحق، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن عراقجي توجه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبدورها نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن مصادر أن عراقجي سيجري في نيويورك مفاوضات بين يومي الأثنين والثلاثاء.

وصوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الجمعة، على عدم رفع العقوبات عن طهران بشكل دائم. وجاء التحرك بعدما أطلقت بريطانيا وفرنسا وألمانيا الشهر الماضي، عملية مدتها 30 يوماً لإعادة فرض العقوبات، متهمة طهران بعدم الالتزام بالاتفاق النووي المبرم بين إيران وقوى عالمية في عام 2015، بهدف منعها من تطوير سلاح نووي.

وتعيد الآلية فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن التأجيل بين طهران والقوى الأوروبية الرئيسية في غضون أسبوع تقريباً.

وتشمل إعادة العقوبات فرض حظر على الأسلحة وعلى تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته، وعلى أنشطة الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، فضلاً عن أصول بأنحاء العالم وأفراد وكيانات إيرانية. وحذر مجلس الأمن القومي الإيراني في بيان السبت، من أن تعاون البلاد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، «سيُعلق فعلياً» إذا أعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة.

ونقلت وكالة «نور نيوز» المنصة الإعلامية للمجلس عن البيان، أن سياسة طهران «في المرحلة الحالية تركز على تعزيز التعاون من أجل إرساء السلام والاستقرار في المنطقة». ووصف البيان الخطوة الأوروبية بـ«غير المدروسة». وأضاف: «رغم تعاون وزارة الخارجية الإيرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتقديمها مقترحات بنّاءة لتسوية القضايا العالقة، فإن ممارسات الدول الأوروبية ستؤدي عملياً إلى تعليق مسار التعاون مع الوكالة».

وأفاد البيان: «تم تكليف وزارة الخارجية بمواصلة مشاوراتها وتحركاتها الدبلوماسية بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن القومي، وذلك حفاظاً على المصالح الوطنية للبلاد».

وبموجب قانون داخلي صوت عليه البرلمان في يوليو (تموز)، علقت إيران تعاونها مع الوكالة الأممية إثر حرب شنتها إسرائيل على طهران في 13 يونيو (حزيران)، واستمرت اثني عشر يوماً. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت إيران والوكالة الدولية إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن استئناف عمليات التفتيش في مواقع من بينها تلك التي قصفتها الولايات المتحدة وإسرائيل، دون الكشف عن تفاصيل.

في الأثناء، شدد النائب والقيادي في «الحرس الثوري» الإيراني إسماعيل كوثري، على منع دخول الوكالة التابعة للأمم المتحدة إلى المنشآت النووية المتضررة في هجمات يونيو.

وقال كوثري، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إن «المواقع النووية التي تعرضت لهجمات أو قصف من قبل الولايات المتحدة، يجب ألا تكون خاضعة بأي شكل من الأشكال لتفتيش الوكالة الذرية».

ولفت كوثري في مقابلة تلفزيونية، إلى أنه «في جزء من قانون التعاون مع الوكالة الذرية، أوضحنا بشكل صريح أن اتخاذ القرارات من صلاحيات مجلس الأمن القومي».

ويترأس بزشكيان جلسات مجلس الأمن القومي الذي يعد جهازاً خاضعاً للمرشد علي خامنئي صاحب الكلمة الفصل في جميع شؤون البلاد. ويعد صاحب الدور الأبرز في مجلس الأمن القومي، أمينه العام علي لاريجاني؛ وهو أحد الممثلين للمرشد الإيراني في المجلس.

ويسافر بزشكيان الثلاثاء إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة، حسبما أعلن مستشاره للشؤون السياسية، مهدي سنائي الأحد.

أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة تصويت حول العقوبات الأممية على إيران الجمعة الماضي (رويترز)

ويأمل المؤيدون للرئيس الإيراني في أن يتمكن من تحقيق اختراق دبلوماسي، يمنع العودة التلقائية للعقوبات الأممية، خصوصاً عبر آلية «سناب باك» التي حرّكتها القوى الأوروبية.

وقال سنائي إن بزشكيان «سيجري لقاءات ومشاورات مع عدد من رؤساء الدول والأمين العام للأمم المتحدة»، كما أشار إلى مشاركته في عدة لقاءات.

وبالتوازي مع الإعلان، أطلقت وسائل إعلام إصلاحية حملة تطالب بصلاحيات للرئيس بزشكيان من أجل عقد اجتماعات ومفاوضات مع مسؤولين غربيين رفيعي المستوى، بما في ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال نائب رئيس البرلمان السابق علي مطهري، إن «على رئيس الجمهورية، خلال زيارته المقبلة إلى نيويورك، أن يقبل بلقاء نظيره الأميركي دونالد ترمب إذا طلب ذلك، رغم نفاقه وكذبه، ما دام ذلك يصبّ في مصلحة الشعب الإيراني»، كما دعا الرئيس إلى أن «يوضح في خطابه حقيقة العدوان الأميركي والإسرائيلي على إيران».

وفي منشور على منصة «إكس»، دعا مطهري وزير الخارجية عباس عراقجي، إلى إجراء مفاوضات مع الدول الأوروبية الثلاث حول مقترحه الأخير.

وحض مطهري على استثمار «شخصية ترمب النرجسية التي ترغب في تسجيل كل إنجاز باسمها لصالح إيران». وأضاف: «هذه المبادرة قد تبدو مخاطرة سياسية، لكنها تحمل في طياتها فرصة دبلوماسية يمكن أن تسهم في كسر الجمود الحالي بالعلاقات الخارجية».

من جانبه، قال الناشط السياسي الإصلاحي البارز غلام حسين كرباسجي، إن «على الرئيس الحصول على الصلاحيات الكاملة قبل زيارة نيويورك»، محذراً من تكرار تجارب الرؤساء السابقين في اجتماعات الجمعية العامة، «التي لم تسفر عن نتائج ملموسة»، وفق ما نقل عنه موقع «جماران» الإخباري التابع لمؤسسة الخميني.

وأضاف كرباسجي: «عليه أن يذهب بإدارة وصلاحيات كاملة... من الضروري أن يلتقي بالمرشد (علي خامنئي) وكل الجهات المعنية بالقرار، ليحصل على التفويض الكامل الذي يُمكّنه من تحقيق الاستقرار وتوفير حياة كريمة للشعب».

وأشار كرباسجي وهو من كبار قادة حزب «كاركزاران» فصيل الرئيس علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إلى الدور الذي لعبه رفسنجاني في 1988، «عندما أبلغ المرشد الأول (الخميني) بأن استمرار الحرب (مع العراق) بات مستحيلاً، واقترح قبول قرار وقف إطلاق النار».

وحث كرباسجي، بزشكيان، على لقاء كبار المسؤولين الأميركيين والأوروبيين، وتابع: «خلال عامه الأول في المنصب، أدرك بزشكيان جيداً أن أوضاع البلاد اليوم - اجتماعياً، واقتصادياً، وأمنياً، وسياسياً - أسوأ مما كانت عليه في نهاية حرب الثمانينات. ولذلك، يجب عليه أن يلعب دوراً تاريخياً مشابهاً، وأن يتحلّى بشجاعة هاشمي الذي قال آنذاك: حاكموني وأعدموني إن أردتم، لكن لا يمكن أن نستمر في هذه الظروف».

وقال كرباسجي: «إذا لم يكن الرئيس يمتلك تلك الصلاحيات أو تلك الإرادة، فإن الذهاب إلى نيويورك مع وفد كبير، وعدد من الخطابات واللقاءات الشكلية، لن يُغيّر شيئاً». وحذر من أنه «كلما ازدادت ملف العقوبات، ازدادت معاناة الشعب».

من جهته، انضم موقع «انتخاب» المقرب من مكتب الرئيس الأسبق حسن روحاني، إلى الحملة الإعلامية. وقال الناشط السياسي محمد عطريانفر للموقع، إنه في حال أراد الرئيس بزشكيان «إحداث تحول في نهج المفاوضات مع الغرب واتباع سياسة جديدة، فيجب عليه الحصول على موافقة المرشد».

وأضاف: «إذا حصل على هذه الموافقات، فيمكنه حتى إجراء لقاء مباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، دون وسطاء، واستثمار هذه الفرصة في خدمة مصالح البلاد. كما سيفهم الجانب الأميركي أن هذا اللقاء تم بموافقة المرشد، مما يمنحه وزناً سياسياً ويمكن أن يكون خطوة بنّاءة».

ورأى عطريانفر أن «نظام الحكم لن يتخلى عن الدبلوماسية أو الدفاع، فهما وجهان لعملة واحدة ويجب استمرارهما حتى في أصعب الظروف». كما حث المسؤولين على «الواقعية وتجنّب تبسيط القضايا»، معرباً عن اعتقاده بأن «باب المفاوضات ما زال مفتوحاً، ويجب العمل ضمن إطار القيادة».

في المقابل، هاجمت صحيفة «فرهيختغان» المحافظة، الدعوات لاجتماع الرئيسين الإيراني والأميركي. وقالت: «من يقترحون لقاء بزشكيان وترمب لا يملكون معرفة توازي طالباً في الفصل الأول للعلاقات الدولية».

والصحيفة التي يرأس مجلس تحريرها علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، قالت أيضاً إن «إيران قد خاضت حرباً، والمنطقة لا تزال مضطربة، ومع ذلك يصر بعض السياسيين المنتمين إلى التيار الإصلاحي على حلول لم تحقق لإيران أي مكسب حتى في عام 2019، فكيف الحال الآن مع تصاعد التوترات إلى مستويات عالية مع الغرب؟».

وأضافت في السياق نفسه: «سيتوجه بزشكيان إلى نيويورك في وقت لم يمضِ فيه أكثر من 3 أشهر على العدوان الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، ولم تمضِ أيام على رفض مجلس الأمن قرار تعليق العقوبات على إيران. كما رفضت أوروبا آخر اقتراح إيراني وصفه ماكرون بأنه معقول، ويبدو أن تفعيل آلية الزناد بات شبه مؤكد».

ورأت أن «فرص التوصل إلى اتفاق مربح للطرفين لإيران ضعيفة جداً... لكن بعض الإصلاحيين لا يزالون يعتقدون أن لقاء مباشراً بين ترمب وبزشكيان قد يحقق اختراقاً، وهو تصور ساذج يعكس جهلاً بسياسات وتعقيدات العلاقات الدولية».

وخاطبت الرئيس الإيراني قائلة: «إذا كان الهدف تقديم صورة إيران بوصفها دولة قوية تدافع عن السلام، فيجب الابتعاد عن هذه الأفكار البسيطة وغير الواقعية».


مقالات ذات صلة

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ) play-circle

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام play-circle 01:12

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية play-circle 00:36

تباين إيراني بشأن بدء مناورات صاروخية واسعة النطاق

أفادت وسائل إعلام إيرانية ببدء اختبار صاروخي في عدد من المناطق داخل البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صواريخ باليستية إيرانية تُرى خلال عرض عسكري في طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

إيران: برنامجنا الصاروخي دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الاثنين، إن البرنامج الصاروخي الإيراني دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

حذرت إسرائيل إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.


نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

TT

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

وأضاف نتنياهو، وفقاً لوكالة «رويترز»، ‌أن ‍أنشطة طهران النووية ستخضع للنقاش مع الرئيس الأميركي دونالد ​ترمب خلال زيارته في وقت لاحق من هذا الشهر.

و أضاف نتنياهو في بيان مشترك مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس «نحن نراقب الوضع ونتخذ الاستعدادات اللازمة. أود أن أوضح لإيران أن أي عمل ضد إسرائيل سيقابل برد قاس للغاية»، بحسب صحيفة«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني (واي نت).

ولم يدل نتنياهو بمزيد من المعلومات عن إشارته إلى التدريبات الإيرانية.

تأتي تصريحات نتنياهو في سياق تصاعد التحذيرات الأميركية – الإسرائيلية من عودة إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية، بعد الحرب التي اندلعت بين الطرفين في يونيو (حزيران) الماضي.

ويتزايد القلق في إسرائيل، من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أمس، أن هامش تحمل المخاطر بات أقل من السابق، في ظل تجربة الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب متعددة الجبهات.

ورغم أن التقديرات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم إيراني وشيك، فإن المخاوف تتركز على احتمال سوء تقدير متبادل قد يقود إلى مواجهة غير مقصودة.

وتقول تقديرات أمنية غربية إن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة خلال تلك الحرب لم تُنه التهديد بالكامل، بل دفعت طهران، وفق هذه التقديرات، إلى السعي لإعادة ترميم قدراتها بأساليب أكثر تحصيناً.

وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي أن القوات المسلحة تراقب «بدقة» تحركات خصومها، وستتعامل «بحزم» مع أي أعمال عدائية.

تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.

وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.


نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

​قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل وافقت على ‌تعزيز ‌التعاون الأمني ​​مع ‌اليونان ⁠وقبرص.

وجاءت ​تعليقات ‌نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ⁠ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي ‌نيكوس ‍خريستودوليديس في ‍القدس.

وقال نتنياهو أيضاً ‍إن الدول الثلاث تعتزم المضي قدماً ​في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند ⁠والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مبادرة لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط بحراً وبراً.


مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

TT

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام
صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية، في وقت تشير فيه تقديرات أمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال حرب يونيو (حزيران) لم تنه التهديد بالكامل.

وبينما تؤكد واشنطن أن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد قصف منشأة فوردو، تتحدث تل أبيب عن نافذة زمنية تضيق، وخيارات عسكرية تعود إلى الطاولة، وسط مخاوف من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» عقب القصف الأميركي لمنشأتها النووية بواسطة قاذفات الشبح «بي 2» خلال الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في يونيو، وذلك وسط تقارير تشير إلى محاولات طهران إعادة ترميم قدراتها النووية والصاروخية.

وأضاف هاكابي، في مقابلة أُجريت على هامش مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، أنه «لا يعتقد أن إيران أخذت الرئيس الأميركي دونالد ترمب على محمل الجد إلى أن جاءت الليلة التي توجهت فيها قاذفات الشبح إلى فوردو»، وفق ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية.

ورداً على سؤال بشأن التقارير المتداولة حول مساعي طهران لإعادة ترميم المنشأة، قال: «آمل أنهم فهموا الرسالة، لكن يبدو أنهم لم يفهموها كاملة؛ لأنهم يحاولون إعادة تشكيل الموقع وإيجاد طرق جديدة لتعميق التحصينات وجعلها أكثر أمناً».

حركة المرور أمام جدارية دعائية تصور رأساً حربياً لصاروخ إيراني يحمل شعاراً بالفارسية يقول: «سقط الصاروخ بين العفاریت» في أحد شوارع طهران يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وتعرب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن قلق متزايد إزاء تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، متهمين طهران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما مع وقوع إسرائيل ضمن مدى هذه الصواريخ.

وحسب شبكة «إن بي سي» الأميركية، يتخوف مسؤولون أميركيون بصورة متزايدة من توسع البرنامج الصاروخي الإيراني، ونقلت الشبكة عن مصادر لم تسمّها، السبت، أن مسؤولين يستعدون لإطلاع الرئيس الأميركي على «الخيارات المتاحة» للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في 29 ديسمبر (كانون الأول) في ميامي، حيث يعتزم، وفق مصادر إسرائيلية، بحث مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، إضافة إلى احتمال توجيه ضربة أخرى لإيران في عام 2026. وكانت قناة «إن بي سي نيوز» قد كشفت سابقاً عن نية نتنياهو عرض هذا الملف على ترمب، في إطار ما تصفه إسرائيل بأنه تهديد آخذ في التصاعد.

وعند سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تمنح الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي جديد على إيران في حال رأت إسرائيل أن ذلك ضروري، أجاب هاكابي: «كل ما يمكنني فعله هو التذكير بما قاله الرئيس ترمب مراراً، وهو أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم أبداً، ولن تمتلك سلاحاً نووياً». وأضاف أن استئناف إيران لقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي لا يشكل تهديداً لإسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل «يمثل تهديداً حقيقياً لأوروبا بأكملها»، متابعاً بنبرة حادة أن الأوروبيين «إن لم يفهموا ذلك، فهم أكثر غباءً مما أعتقد أحياناً»، مع الإشارة إلى أن أوروبا أعادت تفعيل عقوبات «سناب باك» ضد إيران.

واشنطن على الخط

وفي السياق ذاته، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه «يؤيد شن هجوم على إيران»، محذّراً من أن مساعي طهران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن برنامجها النووي.

وجاءت تصريحات غراهام خلال زيارة يجريها حالياً إلى إسرائيل، التقى خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيلي، من بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس. وقال غراهام في مقابلة مع محطة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إن إيران «تحاول استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم»، معتبراً أن ذلك، إلى جانب تطوير الصواريخ الباليستية، يمثل «تهديداً حقيقياً لإسرائيل».

وأضاف السيناتور الجمهوري أن «أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضاً»، داعياً إلى استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية في أي ضربة مقبلة. وفي مقابلة منفصلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، قال غراهام إن الصواريخ الباليستية الإيرانية قد «تغرق القبة الحديدية»، مؤكداً أنه «لا يمكن السماح لإيران بإنتاجها». وأوضح أنه لا يؤيد غزواً أميركياً لإيران، لكنه يدعم «توجيه ضربة عسكرية» في حال ظهرت مؤشرات على استئناف البرنامج النووي أو برنامج الصواريخ.

قلق إسرائيلي متصاعد

بالتوازي، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة». في المقابل، أكد مصدر أميركي أن الاستخبارات الأميركية لا تملك حالياً مؤشرات على هجوم إيراني وشيك.

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه. وفي هذا السياق، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، اتصالاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أبلغه خلاله بقلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها «الحرس الثوري».

وأشار زامير إلى أن تحركات الصواريخ الإيرانية وخطوات تشغيلية أخرى قد تكون غطاءً لهجوم مفاجئ، داعياً إلى تنسيق دفاعي وثيق بين القوات الأميركية والإسرائيلية.

تلميحات بحرب جديدة

وترافق القلق الاستخباراتي مع تصعيد في الخطاب العلني. وحذر زامير، خلال مراسم تسليم مهام رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، من أن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء»، في تلميح واضح إلى احتمال استهداف إيران مجدداً.

وقال زامير إن «في صميم أطول وأعقد حرب في تاريخ إسرائيل تقف الحملة ضد إيران»، معتبراً أن طهران هي التي «مولت وسلّحت حلقة الخنق حول إسرائيل»، في إشارة إلى الحرب متعددة الجبهات التي اندلعت منذ أكتوبر 2023.

تهديد مُلح

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وتؤكد المصادر أن طهران بدأت بالفعل خطوات لإعادة بناء قواتها الصاروخية، لكنها لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الحرب. ولا ترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ولا جهاز «الموساد» أن وتيرة هذه الخطوات تفرض تحركاً عسكرياً عاجلاً خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة، إلا أنها قد تتحول إلى مسألة أكثر إلحاحاً لاحقاً هذا العام.

طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

وفي هذا الإطار، يتركز القلق الإسرائيلي بشكل متزايد على الصواريخ الباليستية بوصفها تهديداً أكثر إلحاحاً من البرنامج النووي نفسه، رغم وصف إسرائيل العلني للنووي الإيراني بأنه تهديد وجودي؛ إذ يرى مسؤولون إسرائيليون أن الصواريخ تمثل الخطر الفوري الأكبر، خصوصاً بعد التجربة الأخيرة التي لم تتمكن فيها الدفاعات الإسرائيلية من اعتراض جميع الهجمات.