مخاوف أوروبية من أزمة السكن واستمرار ارتفاع تكاليف المعيشة

الأجور لم تواكب الزيادات في الأسعار

امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية بمدينة نيس (رويترز)
امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية بمدينة نيس (رويترز)
TT

مخاوف أوروبية من أزمة السكن واستمرار ارتفاع تكاليف المعيشة

امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية بمدينة نيس (رويترز)
امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية بمدينة نيس (رويترز)

حذّر رئيس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، المنتهية ولايته، أوليفر روبكه، من عواقب وخيمة على المجتمع حال الإخفاق في معالجة نقص المساكن، وارتفاع تكاليف المعيشة.

وقال روبكه في مقابلة مع غرفة الأخبار الأوروبية (إي إن آر)، بمناسبة انتهاء ولايته التي استمرت عامين ونصف العام، وتنتهي هذا الشهر: «تمثل أزمة تكاليف المعيشة تهديداً واسعاً للثقة في الديمقراطية، وللثقة كذلك في قدرة أوروبا على التحرك».

وأضاف: «يتعين علينا مواجهة هذه الأزمة، وإلا فإننا نشهد بالفعل تآكلاً في المعايير الأساسية، ومعايير الحقوق الأساسية، وسيادة القانون».

واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية هي عبارة عن هيئة استشارية تضم 329 عضواً، ولا تتمتع بأي سلطات تشريعية رسمية. وتعد بمثابة منتدى للتشاور والحوار والتوافق بين ممثلين عن جميع قطاعات المجتمع المدني المنظم. ومن خلال آرائها، تمنح اللجنة المجتمع المدني وأصحاب الأعمال والعمال صوتاً رسمياً في صياغة تشريعات وسياسات الاتحاد الأوروبي.

ودعت اللجنة منذ سنوات إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات على مستوى الاتحاد الأوروبي لمعالجة أزمة السكن.

وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) الصادرة في يوليو (تموز) الماضي، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 57.9 في المائة في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2010، وزادت الإيجارات بنسبة 27.8 في المائة، ولكن لم تواكب الأجور الزيادة في التكاليف خلال الفترة نفسها.

ومع ارتفاع تكاليف البناء وتباطؤ وتيرة الإنشاءات، انخفض عدد المساكن الجديدة المعروضة في السوق الأوروبية. وفي الوقت نفسه، يزداد عدد المنازل المعروضة للإيجار قصير الأجل، أو التي تشترى بهدف الاستثمار، مما يفاقم أزمة ارتفاع الأسعار، بصفة خاصة في المدن.

رافعة في موقع بناء بالقرب من مبانٍ سكنية بجزيرة إيل دو لا سيتي بباريس (رويترز)

وأوضح روبكه: «ندرك أنه ليست هناك حلول موحدة تناسب الجميع»، غير أنه أعرب، مع اقتراب انتهاء ولايته البالغة عامين ونصف العام هذا الشهر، عن أمله في أن تضع المفوضية الأوروبية مقترحات ملموسة وإطار عمل وخطة عمل للدول الأعضاء، في هذا الشأن.

وطرحت اللجنة توصيات بشأن سياسات الإسكان على مستوى الاتحاد الأوروبي، وسلّطت الضوء على عجز بقيمة 270 مليار يورو (318 مليار دولار) حدّده بنك الاستثمار الأوروبي.

وتقول اللجنة إنه يجب أن تتضمن سياسة التماسك الخاصة بالاتحاد الأوروبي - الجهود المبذولة لتقليص الفوارق الاقتصادية بين الدول الأعضاء - أدوات لمعالجة مشكلة الإسكان بأسعار معقولة، كما يتعين على قواعد ميزانية الاتحاد الأوروبي أن تمنح هامشاً أوسع للمناورة.

سياسة للإسكان

لا يملك الاتحاد الأوروبي سلطة مباشرة على سياسات الإسكان في الدول الأعضاء - مثل تحديد أسعار المنازل أو قوانين البناء أو السياسات السكنية - ولكن تعود هذه الأمور إلى كل دولة على حدة.

ورغم ذلك، من المقرر أن تطرح «خطة الإسكان الميسر» الخاصة بالتكتل مطلع عام 2026.

وقال دان يورغنسن، أول مفوض أوروبي للإسكان، يوم الثلاثاء الماضي: «سوف توضح هذه الخطة كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يحدث تأثيراً، وكيف يمكننا العمل معاً من أجل توفير مساكن ميسورة التكلفة، مستدامة وتليق بالجميع».

ودعا يورغنسن الأوروبيين إلى المشاركة في المشاورات العامة بشأن الخطة، عبر استبانة إلكترونية.

وصعد ملف الإسكان إلى صدارة جدول الأعمال السياسي للاتحاد الأوروبي عقب انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت العام الماضي، حيث شكلت قضايا ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة والوضع الاقتصادي أبرز الدوافع لدى الناخبين، بحسب المسح الانتخابي الأوروبي لعام 2024.

وقال روبكه إن أحد الأسئلة المهمة يتعلق بكيفية وجود آليات تمويل واضحة للإسكان، وأقر بأن الأمر سيكون مكلفاً، ولكنه شدّد على أن تكلفة عدم التحرك ستكون «أعلى بكثير».

وأضاف: «كلي أمل في أن نشهد أدوات جديدة، حيث إن هناك استعداداً كبيراً لدى بنك الاستثمار الأوروبي للمضي قدماً، ولقد أكدت دائماً أن سياسة التماسك الأوروبية يجب أن تركز بدرجة أكبر على الإسكان الميسر».

وتطرق روبكه خلال المقابلة إلى توسيع الاتحاد الأوروبي، حيث دعا إلى إظهار «إرادة سياسية قوية» للمضي قدماً في هذه العملية، كي يضم التكتل دولاً جديدة «خلال السنوات المقبلة».

وقال النقابي النمساوي إن اللجنة كانت «رائدة بشكل مطلق في إطار هذه الفكرة»، وأشاد بمبادرة «أعضاء الدول المرشحة للتوسع» التي أنشئت تحت قيادته، وعدّها من أكبر النجاحات التي تحققت خلال فترة رئاسته.

وأطلقت المبادرة في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2023 بهدف إشراك ممثلي منظمات المجتمع المدني من الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، في العمل الاستشاري الذي تقدمه اللجنة للمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي.

وحالياً، هناك تسع دول تحمل صفة مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهي ألبانيا، والبوسنة والهرسك، وجورجيا، ومولدوفا، والجبل الأسود، ومقدونيا الشمالية، وصربيا، وتركيا وأوكرانيا.

وقال روبكه: «نحن أول مؤسسة (في الاتحاد الأوروبي) تشرك أعضاء مرشحين من جميع الدول المرشحة. في عملنا اليومي... أعتقد أن هذا كان بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام».

كان روبكه انتخب رئيساً للجنة في أبريل (نيسان) عام 2023 لمدة عامين ونصف العام، وسوف ينضم إلى منظمة العمل الدولية، بجنيف في سويسرا، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ومن المقرر اختيار الآيرلندي شيموس بولاند رئيساً للجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية في أكتوبر (تشرين الأول) للفترة من 2028 - 2025.


مقالات ذات صلة

توقعات بارتفاع أسعار العقارات في ألمانيا خلال 2026

الاقتصاد مبنى مكاتب تابع لمجموعة «دويتشه فونن» العقارية الألمانية في برلين (رويترز)

توقعات بارتفاع أسعار العقارات في ألمانيا خلال 2026

بعد تراجع ملحوظ في الأسعار، سيضطر المشترون إلى دفع المزيد مقابل شقق ومنازل في ألمانيا، ومن المرجح ألا يتغير ذلك في عام 2026، بحسب تقديرات الخبراء.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
خاص لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

خاص «ممنوع استقبال الرجال»... الإيجارات في غزة مكبلةٌ بشروط معقدة وأسعار مرتفعة

في ظل المتبقي القليل من المنازل والشقق الصالحة للسكنى في قطاع غزة، يفرض المؤجرون شروطاً بالغة التعقيد وأسعاراً باهظة على المستأجرين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الاقتصاد رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

الصين تتعهد بتحقيق استقرار سوق الإسكان في 2026

ستُسرّع الصين وتيرة التجديد الحضري وجهودها الرامية إلى تحقيق استقرار سوق العقارات في عام 2026، مع بداية خطتها الخمسية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

الرقم القياسي لتكاليف البناء في السعودية يرتفع 1 % خلال نوفمبر

ارتفع الرقم القياسي لتكاليف البناء السنوية في السعودية إلى 1 %، خلال شهر نوفمبر 2025، مقارنة بنظيره من العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص مشاريع عقارية في الرياض (واس)

خاص كيف أعادت قرارات 2025 رسم مستقبل السوق العقارية في الرياض؟

شهدت العاصمة السعودية الرياض عام 2025 تحولاً هيكلياً غير مسبوق في بنيتها العقارية، يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برؤية استباقية.

محمد المطيري (الرياض)

تشيلي تنشئ شركة عملاقة لاستعادة ريادتها العالمية في إنتاج الليثيوم

برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
TT

تشيلي تنشئ شركة عملاقة لاستعادة ريادتها العالمية في إنتاج الليثيوم

برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)

أعلنت شركة «كوديلكو» الرائدة في إنتاج النحاس والمملوكة للدولة في تشيلي، تحالفها مع شركة التعدين الخاصة «إس كيو إم» المدعومة برأس مال صيني، لإنشاء شركة عملاقة لاستخراج معدن الليثيوم، أو «الذهب الأبيض» كما يسمى.

وتملك تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم -وهو عنصر أساسي في صناعة السيارات الكهربائية- نحو 40 في المائة من احتياطيات الليثيوم العالمية.

وسيمكن هذا التحالف بين القطاعين العام والخاص من زيادة استكشاف الليثيوم واستخراجه، بشكل مشترك في منطقة أتاكاما، شمال تشيلي.

وستحمل الشركة الجديدة اسم «نوفا أندينو ليتيو إس بي إيه»، وفقاً لما ذكرته «كوديلكو» التي وصفت الصفقة بأنها «من الأهم في تاريخ الأعمال التجارية التشيلية».

وتملك شركة «تيانكي» الصينية حصة 22 في المائة في شركة «إس كيو إم».

وأوضحت «كوديلكو» في بيان لها أن الشركة الجديدة «ستجري عمليات استكشاف واستخراج وإنتاج وتسويق الليثيوم، في سهل أتاكاما الملحي حتى عام 2060».

وحظيت هذه الشراكة بموافقة أكثر من 20 هيئة تنظيمية وطنية ودولية، بما في ذلك هيئات في الصين والبرازيل والسعودية والاتحاد الأوروبي.

وكانت تشيلي آخر الدول التي وافقت على الصفقة. والشهر الماضي، أعطت الصين الضوء الأخضر للشراكة المزمعة بين «كوديلكو» و«إس كيو إم».

وتهدف هذه الشراكة إلى استعادة ريادة تشيلي في إنتاج الليثيوم، بعد أن تجاوزتها أستراليا قبل نحو عقد.

وتسعى الشركة الجديدة إلى زيادة الإنتاج بنحو 300 ألف طن سنوياً في منطقة أتاكاما. وفي عام 2022 أنتجت تشيلي 243100 طن من الليثيوم.

وهذه الشراكة هي جزء من الاستراتيجية الوطنية لليثيوم التي أعلنتها حكومة غابرييل بوريتش اليسارية عام 2023، بهدف استعادة تشيلي ريادتها العالمية.


رئيس مدغشقر لـ«الشرق الأوسط»: خطة اقتصادية ثلاثية المحاور للنهوض بالبلاد

جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)
جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)
TT

رئيس مدغشقر لـ«الشرق الأوسط»: خطة اقتصادية ثلاثية المحاور للنهوض بالبلاد

جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)
جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)

قال رئيس مدغشقر، مايكل راندريانيرينا، إن بلاده تنظر إلى السعودية بوصفها «الشريك الرئيسي» في مرحلة «إعادة التأسيس» وبناء نموذج تنموي جديد، كاشفاً لـ«الشرق الأوسط» عن خطة اقتصادية ثلاثية المحاور تستهدف استعادة الاستقرار السياسي والمؤسسي، وتحريك القطاعات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال لجذب الاستثمار، مع التركيز على التعاون في التعدين والموارد الطبيعية، بما فيها المعادن النادرة.

وفي أول حوار له مع صحيفة عربية منذ توليه السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال راندريانيرينا عبر «زووم» من مكتبه الرئاسي إن مدغشقر «تمتلك إمكانات حقيقية في الطاقة والزراعة والتعدين والسياحة ورأس المال البشري»، وإن الدفع بالنهضة «يتطلب ترسيخ استقرار مؤسساتنا، وبناء شراكات متوازنة مع دول مثل السعودية؛ لتحويل الإمكانات إلى واقع ملموس للشعب والشباب».

خطة بـ3 محاور

وأوضح الرئيس أن خطته تقوم على 3 محاور رئيسية، يبدأ أولها باستعادة الاستقرار السياسي والمؤسسي عبر «خريطة طريق انتقالية واضحة»، وهيئة تنفيذية لإدارة المشروعات ومراجعتها، إلى جانب لجنة داعمة «لضمان انتقال منظم وشفاف».

وأضاف أن المحور الثاني يركز على الاستثمار في القطاعات الهيكلية، مثل الطاقة والمواني والتحول الرقمي والصحة والتعدين، «بالشراكة مع السعودية وشركاء آخرين»؛ بهدف إزالة العقبات الرئيسية أمام النهضة.

أما المحور الثالث، وفق راندريانيرينا، فيستهدف تهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين عبر تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل المناطق الاقتصادية الخاصة، والاستفادة من الأطر الإقليمية مثل «اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)»، و«الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (SADC)»؛ لفتح أسواق أفريقية أوسع عبر مدغشقر.

رئيس مدغشقر مايكل راندريانيرينا (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية... ومشروعات «جاهزة للاستثمار»

وحول خطته لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين السعودية ومدغشقر، قال راندريانيرينا إن هدفه هو «بناء شراكة استراتيجية طويلة الأمد» بإطار مؤسسي واضح ومشروعات رائدة ذات أثر ملموس على البلدين.

واقترح إنشاء هيئة استثمارية مشتركة بين مدغشقر والسعودية تحت مسمى «OIMS» لتنسيق وتمويل المشروعات في قطاعات الطاقة والمواني والصحة والحوكمة الرقمية والتعدين والزراعة والسياحة، مشيراً إلى أن بلاده تعمل بالتوازي على إعداد «حزمة مشروعات جاهزة للاستثمار» بما ينسجم مع «رؤية السعودية 2030» والتكامل الإقليمي لأفريقيا؛ لضمان فرص «منظمة وآمنة» لرأس المال والخبرات السعودية.

السعودية «الشريك الرئيسي»

وأكد الرئيس أن مدغشقر ترى في السعودية شريكاً محورياً في مجالات ذات أولوية. فعلى صعيد الطاقة والتكرير، قال إن بلاده تخطِّط لإنشاء مصفاة نفط وطنية، وتوريد الوقود مباشرة من المملكة، إضافة إلى التطوير المشترك لموارد النفط الثقيل في غرب مدغشقر.

وفي المواني والخدمات اللوجيستية، أشار إلى مساعٍ لتحديث وتوسيع ميناءي توليارا وماهاغانغا؛ لترسيخ مكانة مدغشقر «مركزاً لوجيستياً وطاقة» في المحيط الهندي.

أما في التحول الرقمي والحوكمة الآمنة، فأوضح أن بلاده تسعى لإطلاق منصة رقمية وطنية آمنة للإدارة العامة والأمن «بالاستفادة من التجربة السعودية».

ولفت إلى أن قطاع التعدين والموارد الطبيعية، بما في ذلك المعادن النادرة، يمثل مرتكزاً مهماً للتعاون؛ بهدف تحسين التقييم وضمان تتبع الذهب الملغاشي وغيره من الموارد المعدنية «بطريقة شفافة ومتبادلة المنفعة». كما أبدى اهتماماً بالقطاع الصحي، مع طرحه فكرة إنشاء مجمع صحي ملكي في أنتاناناريفو يتبعه توسع تدريجي لمرافق مماثلة في المحافظات.

زيارة مرتقبة للرياض

وقال راندريانيرينا إن بلاده تعمل مع السلطات السعودية على ترتيب زيارة رسمية في «المستقبل القريب» بموعد يُحدَّد لاحقاً وفق ما يتناسب مع الحكومة في المملكة.

وأضاف أن الزيارة تمثل فرصةً مهمةً للقاء والتواصل مع ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن «رؤية 2030 أحدثت نقلةً نوعيةً في صورة المملكة ومسارها الاقتصادي».

وتابع أن المملكة عزَّزت، في ظل الرؤية، دورها لاعباً رئيسياً في التحديث الاقتصادي وتنويع مصادر الطاقة والتحول الرقمي والاستثمار العالمي، «مع الحفاظ على دورها المحوري في العالمَين العربي والإسلامي».

وعدّ ما تحقَّق من إصلاحات ومشروعات كبرى «مصدر إلهام» لجهود إعادة بناء مدغشقر، معرباً عن رغبته في الاستفادة من التجربة السعودية في أولويات تشمل الطاقة والبنية التحتية والتحول الرقمي والصحة وتنمية الموارد الطبيعية.

وأوضح أنه يأمل أن تتضمَّن الزيارة لقاءً مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب اجتماعات قطاعية حول الطاقة والمواني والتحول الرقمي والصحة والتعدين والدفاع والأمن والتجارة والثقافة والرياضة، ومناقشات بشأن إنشاء الهيئة الاستثمارية المشتركة.

روابط تاريخية مع العالم العربي

وأشار الرئيس إلى أن مدغشقر كانت لها روابط تاريخية مع العالم العربي قبل وصول القوى الغربية، موضحاً أن بحّارة وتجاراً وعلماء عرباً وصلوا إلى سواحلها، وتركوا بصمات في بعض اللغات وأسماء الأماكن والعادات.

3 تحديات

وأقرّ راندريانيرينا بـ3 تحديات رئيسية تواجه بلاده، تشمل الفقر وانعدام الأمن الغذائي، ونقص البنية التحتية، وضعف المؤسسات. وقال إن عدداً كبيراً من السكان لا يزالون يعيشون في فقر، وإن الأمن الغذائي «غير مضمون» في مناطق عدة، مشدداً على أن التصدي لهذه التحديات يمر عبر الاستثمار في الزراعة والبنية التحتية الريفية، والبحث عن شركاء لدعم سلاسل قيمة مستدامة تحسن دخل المزارعين.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار إلى أن قدرات قطاعَي الطاقة والمواني «غير كافية» بما يعيق النمو والتجارة، لافتاً إلى أن الحوار المرتقب مع المملكة يركز على مشروعات مثل المصفاة وتطوير النفط الثقيل وميناءي توليارا وماهاغانغا والبنية التحتية الرقمية. وأضاف أن الأزمات المتكررة أضعفت المؤسسات، وأن حكومته تعمل على تعزيز سيادة القانون وآليات مكافحة الفساد وحوكمة الاستثمار العام عبر رقابة مستقلة وتقارير شفافة «لاستعادة الثقة».

مكافحة الفساد

وقال الرئيس إن الفساد المالي «مشكلة خطيرة» في مدغشقر لأنه يضعف ثقة الجمهور، ويحوّل الموارد بعيداً عن التنمية. وأوضح أن خطة مكافحته تقوم على 3 مستويات: إنشاء هيئة تنفيذية بإجراءات واضحة وتدقيق مستقل وتقارير دورية، ثم توظيف الرقمنة لتحسين التتبع والحد من فرص إساءة الاستخدام، وثالثاً تعزيز الجهات المعنية بمكافحة الفساد ودعم استقلال القضاء.

وعند سؤاله عن مزاعم تتعلق بفساد مالي مرتبط بالقيادة السابقة، قال إنه يركز على «المؤسسات، لا الاتهامات الشخصية»، مشدداً على أن معالجة أي مزاعم من اختصاص الجهات القضائية والرقابية المختصة، مع ضرورة حمايتها من التدخل السياسي، وضمان التعامل مع القضايا وفق القانون والإجراءات الواجبة.

تعاون دفاعي منظم

وعلى صعيد الدفاع والأمن، تحدث راندريانيرينا عن برنامج تعاون دفاعي منظم يركز على التدريب والعقيدة وحماية البنية التحتية الحيوية.

وختم بالقول إن توليه المسؤولية جاء «انطلاقاً من شعور بالواجب تجاه البلد والشباب»، مؤكداً أن الشباب يشكلون وزناً ديموغرافياً كبيراً في مدغشقر، وأنهم يطالبون بالتغيير والكرامة ومستقبل أفضل عبر الوظائف والتعليم والاستقرار والفرص داخل وطنهم.


«أكوا باور» توقع اتفاقية بـ400 مليون دولار لإنشاء محطة تحلية في أذربيجان

مقر «أكوا باور» الرئيسي في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)
مقر «أكوا باور» الرئيسي في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)
TT

«أكوا باور» توقع اتفاقية بـ400 مليون دولار لإنشاء محطة تحلية في أذربيجان

مقر «أكوا باور» الرئيسي في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)
مقر «أكوا باور» الرئيسي في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)

أعلنت شركة «أكوا باور» السعودية عن توقيع اتفاقية شراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة تقارب 400 مليون دولار (1.5 مليار ريال)، وذلك لتصميم وبناء وتمويل وتملك وتشغيل وصيانة محطة لتحلية مياه بحر قزوين، بين حكومة جمهورية أذربيجان، ممثلة بوكالة موارد المياه الحكومية الأذربيجانية بصفتها الشريك العام، و«كاسبيان سي أذربيجان بروجكت» ذات المسؤولية المحدودة بصفتها شركة المشروع.

وبحسب بيان للشركة على موقع سوق الأسهم السعودية (تداول)، الأحد، يشمل التوقيع اتفاقية الشراكة إلى جانب عدد من الاتفاقيات الأخرى اللازمة لتنفيذ أول محطة لتحلية مياه البحر بنظام التناضح العكسي على نطاق واسع في بحر قزوين داخل أذربيجان.

وتبلغ حصة «أكوا باور» في المشروع 100 في المائة، بينما تمتد مدة العقد إلى 27.5 سنة، تشمل فترة الإنشاء.

وتتوقع الشركة أن ينعكس الأثر المالي للإيرادات المتعاقد عليها بعد تاريخ التشغيل التجاري المبكر، على أن يتم الإعلان عنه في وقت الإغلاق المالي.