أكدت نتائج دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين الأستراليين، أن تناول حبة يومية من «باريسيتينيب»، الذي يوصف عادةً لعلاج التهاب القولون التقرحي والتهاب المفاصل الروماتويدي والثعلبة، يمكن أن يحافظ بأمان على إنتاج الجسم للأنسولين ويبطئ من تطور داء السكري من النوع الأولT1D) ) لدى الأشخاص الذين شُخِّصوا حديثاً بهذه الحالة.
وكشفت النتائج التي عُرضت في الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية لدراسة داء السكري EASD))، في فيينا بالنمسا في الفترة من 15 إلى 19 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن أنه بمجرد إيقاف علاج «باريسيتينيب»، تفاقم داء السكري لدى المشاركين، حيث انخفض إنتاجهم للأنسولين وتراجعت مستويات سكر الدم لديهم، ولم تختلف اختلافاً كبيراً عن أولئك الذين تناولوا الدواء الوهمي. وهو ما يتوافق مع نتائج تجربة BANDIT الأسترالية الرائدة، والتي أجريت من قبل في عام 2023.
قالت الدكتورة ميكيليا وايبل، الباحثة في معهد «سانت فنسنت» للأبحاث الطبية في فيتزروي بأستراليا: «من بين العوامل الواعدة التي ثبتت فاعليتها في الحفاظ على وظيفة خلايا بيتا في داء السكري من النوع الأول، يبرز دواء «باريسيتينيب» لإمكانية تناوله عن طريق الفم، وتحمله الجيد، حتى من قبل الأطفال الصغار، وفاعليته الواضحة».
وأضافت، في بيان نشر الخميس: «تدعم هذه البيانات الأخيرة بيانات تجاربنا السريرية السابقة، حيث تُظهر أن التأثير العلاجي يزول عند إيقاف استخدام (باريسيتينيب)».
مستويات السكر
ويحدث داء السكري من النوع الأول نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي عن طريق الخطأ للخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس. ومع مرور الوقت، يؤدي هذا إلى الحاجة إلى حقن الأنسولين مدى الحياة للتحكم في مستويات السكر في الدم.
ويعد علاج «باريسيتينيب» مثبطاً لإنزيم جانوس كيناز( JAK)، ويعمل عن طريق حجب الإشارات في الجسم التي تؤدي إلى فرط نشاط الجهاز المناعي، ويساعد على حماية الخلايا المتبقية المنتجة للأنسولين لدى الأشخاص الذين شُخِّصوا حديثاً بمرض السكري من النوع الأول، مما يُؤخر تطور الأعراض الكاملة.
ويُوصف هذا الدواء بالفعل لعلاج العديد من أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك التهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب القولون التقرحي، والثعلبة.
وشارك في تجربة BANDIT، 91 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 10 و30 عاماً، ممن شُخِّصوا بالسكري من النوع الأول خلال المائة يوم السابقة. أُعطي المشاركون إما قرص «باريسيتينيب» (4 ملغ) وإما دواءً وهمياً، مرة واحدة يومياً لمدة 48 أسبوعاً.
في بداية التجربة، وفي الأسابيع 12 و24 و48، قام الباحثون بقياس مستويات الببتيد C لدى المشاركين كمؤشر على إفراز الأنسولين، لمعرفة كمية الأنسولين التي يمكن للمشاركين إنتاجها بأنفسهم. كما استخدموا مراقبة الجلوكوز المستمرة ومؤشر الهيموغلوبين السكري (HbA1c) كمؤشر لمستويات سكر الدم على المدى الطويل، لتقييم الحاجة إلى حقن الأنسولين ومدى فاعلية التحكم في مستويات سكر الدم.
وأظهرت النتائج أن تناول حبة «باريسيتينيب» يومياً لمدة 48 أسبوعاً حافظ على وظيفة خلايا بيتا المنتجة للأنسولين، وخفض تقلبات سكر الدم، وقلل الحاجة إلى الأنسولين لدى الأشخاص الذين شُخِّصوا حديثاً بمرض السكري من النوع الأول. كما وجد الباحثون أن «باريسيتينيب» آمن، ولا يُعزى إليه أي آثار جانبية.
وقالت الدكتورة وايبل: «تُبرر هذه النتائج إجراء المزيد من التجارب لتحديد ما إذا كان من الممكن استدامة فائدة العلاج لسنوات عديدة، وما إذا كان علاج المراحل المبكرة من المرض يمكن أن يمنع أو يؤخر التشخيص السريري».
وأضافت: «هذه خطوة مثيرة حقاً وإلى الأمام، فلأول مرة، لدينا علاج فموي مُعدّل للمرض، يُمكنه التدخل مُبكراً بما يكفي ليُتيح لمرضى السكري من النوع الأول أن يُقلّلوا بشكل ملحوظ من اعتمادهم على علاج الأنسولين، ويُوفّروا وقتاً مُريحاً من مُتطلبات الإدارة اليومية للمرض، مما قد يُخفّض أيضاً من مُعدّلات المُضاعفات طويلة الأمد».


