أثارت واقعة قتل مصري أبناءه الثلاثة ومحاولة قتل زوجته، قلقاً في البلاد من تصاعد «جرائم العنف الأسري»، كما انتحر الأب أسفل عربات أحد القطارات بعد وقت قصير من جريمته.
الواقعة بدأت عندما قام عصام عبد الفتاح (سائق) من مدينة نبروه التابعة لمحافظة الدقهلية في دلتا مصر، بقتل أبنائه الثلاثة، وطعن زوجته التي كانت تتولى تربية أولاده بعد رحيل والدتهم عدة طعنات، نُقلت على أثرها للمستشفى لتلقي العلاج في حالة حرجة.
ونعى الأب في تدوينة عبر حسابه على «فيسبوك» وفاة أبنائه الثلاثة قبل أن يقدم على الانتحار، في حين تباشر الأجهزة الأمنية التحقيقات في الواقعة حول دوافع الجاني، وأسباب وتوقيت الجريمة التي أثارت قلقاً.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن خلافاً عائلياً نشب بين الزوج وزوجته التي طلبت الطلاق منه بسبب «سوء معاملته لها رغم رعايتها لأبنائه». وتداول متابعون تفاصيل الحادثة عبر منصة «إكس» مع تداول صور الأبناء الموجودة على الحساب الشخصي للأب القاتل.
في نبروه قتل أولاده أيتام الأم مريم، معاذ، ومحمد خنقاًواعتدي علي زوجته 16 طعنه وتم إنقاذ الام وإسعافها رغم حالتها الصعبةوبعدين نزل صورة لأطفاله الثلاثة، وكتب آية قرآنية تقول : «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون»ياوجع القلب pic.twitter.com/I6IkipWpkS
— سعد هلال. الزمالك حياتنا (@helal_saad56563) September 19, 2025
في حين تساءل بعض المتابعين عن دوافع الأب لارتكاب الجريمة.
عندنا واحد فى نبروه قتل ولاده من زوجته المتوفية دبحهم وراح انتحر وطعن زوجته الجديدة وبعد كدا راح رمي نفسه تحت قطر، أيه الاستفادة محدش عارف، أيه انتشار قتل الزوج لزوجته أو لزوجته وأطفاله محدش عارف، دا أطفال فقدوا امهم وانت جبت لهم زوجة اب وقتلت الجميع ايه الاستفادة قولي pic.twitter.com/qlaj0qL97Q
— مختار الحسانين (@MokhtarGeo1981) September 19, 2025
وتشهد مصر عديداً من الجرائم الأسرية خلال الفترة الأخيرة، من بينها واقعة قيام زوجة بدس السم في الخبز لقتل زوجها وأبنائه الستة في دلجا بمحافظة المنيا في يوليو (تموز) الماضي، وهي القضية المنظورة أمام القضاء في الوقت الحالي، في حين أقدمت زوجة بمحافظة الغربية في دلتا مصر على تحريض شقيقَيها لإشعال النيران في زوجها بسبب خلافات أسرية بينهما.
ايه كمية الضغوط اللي توصل راجل انه يقتل أطفاله الثلاثه و يحاول يقتل زوجته و ينعيهم على صفحته ع الفيس و بعدها يقرر ينتحر، مخي مش قادر يستوعب و الله #نبروه#طلخا#جريمة_نبروه
— لمياء قنصوه (@lamyakonsou15) September 19, 2025
وأطلق أب الرصاص على زوجته وطفلَيه خلال وجودهم على الطريق الدائري بالقاهرة في يونيو (حزيران) الماضي، في حين أقدمت أمّ على قتل أبنائها الثلاثة بسبب انفصالها عن زوجها وعدم قدرتها على سداد مصروفات أبنائها الدراسية، في جريمة هزت الشارع المصري.
وأبدى عدد من أقارب الأب وزملائه صدمتهم من ارتكابه الجريمة، مؤكدين «حبه الشديد لأبنائه وتعلقه بهم وحرصه على تلبية طلباتهم باستمرار»، في حين قال شهود عيان من الجيران إن «حياة الأسرة كانت تسير بشكل هادئ، وانتظمت الابنة الكبرى في الدراسة قبل وقت قصير من مقتلها».
وبحسب إحصائية مكتب شكاوى المجلس القومي للمرأة عام 2023، فإن 12.3 في المائة من نسبة الشكاوى ارتبطت بالتعرض للعنف، في وقت تغيب فيه الإحصاءات التفصيلية عن «جرائم العنف الأسري».

خبير علم الاجتماع في مصر، محمد ناصف، قال: «على الرغم من صعوبة تعميم مثل هذه الجرائم باعتبارها ظاهرة؛ لكونها لا تتجاوز حتى الآن حالات فردية تحدث بين الحين والآخر، فإنها تشير إلى وجود ضرورة لمعالجة بعض السلوكيات الاجتماعية، بالإضافة لأهمية العمل على حلحلة الضغوط الاجتماعية التي قد يتعرض لها الفرد، وعدم تركها تتراكم بشكل قد يكون دافعاً في المستقبل لارتكاب الجرائم».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن القلق من هذه الجرائم المروعة «أمر مشروع ومتفهم، ويتطلب مواجهة عبر عدة مستويات بشكل رسمي أو غير رسمي، مع التوسع في تطبيق برامج السلامة النفسية، والتركيز في الحديث عليها باستمرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام وغيرها».
استشاري الطب النفسي في مصر، جمال فرويز، أرجع إقدام الأب على ارتكاب جريمة قتل أبنائه إلى إصابته بـ«اكتئاب شديد» وضغوط فاقت قدرته على التحمل حتى لو لم تظهر في تعاملاته اليومية بشكل مباشر، مشيراً إلى أن رغبة زوجته في الانفصال وخوفه على مستقبل أبنائه ربما تكون ضغوطاً أخرى تعرض لها ودفعته للإقدام على خطوة القتل والانتحار بعدها.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هذا النوع من الاكتئاب منتشر على مستوى العالم؛ فالرجل يقدم على قتل من يحب ويشعر بالخوف عليه، نتيجة الظروف التي يعيشها والتصورات السوداء التي يتوقعها عن المستقبل، مشيراً إلى أن «الضغوط الاقتصادية، وربما رؤية نماذج مشابهة واجهت معاناة في حياتها، والاعتقاد بأن الموت سيكون بمثابة نهاية للمشكلات وحل لها... أمور تدفع بعض الأشخاص لمثل هذه الخطوة».





