خطة بلير لغزة: هيئة دولية مؤقتة وقوات متعددة ومشاركة رمزية للسلطة

مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: السلطة يجب أن تحكم القطاع ولا مانع أن تعاونها جهات دولية

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان في يوليو الماضي لبحث اليوم التالي (وفا)
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان في يوليو الماضي لبحث اليوم التالي (وفا)
TT

خطة بلير لغزة: هيئة دولية مؤقتة وقوات متعددة ومشاركة رمزية للسلطة

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان في يوليو الماضي لبحث اليوم التالي (وفا)
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان في يوليو الماضي لبحث اليوم التالي (وفا)

أورد تقرير مطول نشره موقع «تايمز أوف إسرائيل»، الخميس، أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير طوَّر خطة لليوم التالي لانتهاء الحرب في قطاع غزة، تقوم على تشكيل هيئة دولية مؤقتة وقوات دولية ومحلية متعددة الجنسيات، لحين نقل المسؤولية للسلطة الفلسطينية؛ ولا تشمل تهجير السكان، وإنما ضمان حقهم في العودة والحفاظ على ممتلكاتهم.

واستشهد التقرير بتصريحات من أربعة مصادر مطلعة قالت إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فوض بلير بحشد الأطراف الإقليمية والدولية للاقتراح.

غير أن مصادر فلسطينية صرَّحت لـ«الشرق الأوسط» بأن السلطة لا تمانع في مساعدة تقدمها لها جهات دولية وعربية، لكن على أن تحكم هي غزة، لا أن تكون تلك الجهات هي الحاكمة.

فلسطينيون ينزحون عن مدينة غزة سيراً وعلى العربات باتجاه جنوب القطاع يوم الخميس (أ.ب)

وبحسب المصادر، فإن ترمب لم يتبنَّ الخطة حتى الآن، ولم يوافق عليها العرب كذلك. وأكدت أن الأولوية تنصب الآن على إطلاق مسار نحو دولة فلسطينية مستقبلية في الضفة وغزة والقدس الشرقية.

ويشير تقرير «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن بلير بدأ بصياغة الاقتراح في الأشهر الأولى من الحرب، لكنه طوره في الأشهر الأخيرة إلى خطة لإنهاء الحرب بشكل فعلي، بعدما توصلت إدارة ترمب إلى استنتاج مفاده أن موافقة الأطراف الرئيسية بشأن الهيئة التي ستحل محل «حماس» في غزة ضرورية لضمان اتفاق لوقف إطلاق نار دائم وإطلاق سراح الرهائن، وفقاً لمسؤول أميركي ومصدر ثانٍ مطلع على الأمر.

وينص الاقتراح، الذي قالت «تايمز أوف إسرائيل» إنها اطلعت على مسودة مطورة وموثقة منه، على إنشاء سلطة غزة الانتقالية الدولية (GITA) إلى جانب سلسلة من الهياكل التابعة لها.

تفاصيل الخطة

ويُصوّر اقتراح بلير إنشاء سلطة غزة الانتقالية الدولية بقرار من مجلس الأمن الدولي، على أن تكون هذه السلطة بمثابة «السلطة السياسية والقانونية العليا لغزة خلال الفترة الانتقالية».

وسيكون لدى هذه السلطة مجلس إدارة مُكوَّن من سبعة إلى عشرة أعضاء، من بينهم «ممثل فلسطيني مؤهَّل واحد على الأقل (ربما من قطاع الأعمال أو الأمن)»، ومسؤول كبير في الأمم المتحدة، وشخصيات دولية بارزة ذات خبرة تنفيذية أو مالية، وتمثيل قوي لأعضاء مسلمين لتعزيز الشرعية الإقليمية والمصداقية الثقافية.

وبحسب الخطة، سيُكلَّف المجلس بإصدار قرارات مُلزِمة، والموافقة على التشريعات والتعيينات، وتقديم التوجيه الاستراتيجي، مع رفع تقارير إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وسيعَيَّن رئيس المجلس بتوافق الآراء الدولية، وسيقود المشاركة الخارجية والدبلوماسية للسلطة، ويحدد التوجه السياسي لها، بالتنسيق الوثيق مع السلطة الفلسطينية، وفقاً للوثيقة.

كما سيكون لرئيس المجلس فريق دعم يضم ما يصل إلى 25 شخصاً يعملون في «الأمانة الاستراتيجية»، وسيتم إنشاء وحدة حماية تنفيذية تضم نخبة من الموظفين من المساهمين العرب والدوليين، وستوضع تحت سلطة (GITA) «أمانة تنفيذية»، وستكون بمثابة المركز الإداري والذراع التنفيذية لها، مع الإشراف المباشر على السلطة التنفيذية الفلسطينية (لجنة التكنوقراط الفلسطينيين المستقلين) الذين سيكونون مسؤولين عن إدارة غزة بعد الحرب.

أما مهمة اللجنة التنفيذية فتتمثل في متابعة المجالات الرئيسية لإدارة غزة: الشؤون الإنسانية، وإعادة الإعمار، والتشريعات والشؤون القانونية، والأمن، والتنسيق مع السلطة الفلسطينية.

نازحون في خيام بمدينة غزة رغم تواصل العملية العسكرية الإسرائيلية يوم الخميس (رويترز)

وتؤكد الخطة وجود مفوض التنسيق في السلطة الفلسطينية، ومهمته «ضمان توافق قرارات سلطة غزة الانتقالية وقرارات السلطة الفلسطينية، قدر الإمكان، مع التوحيد النهائي لجميع الأراضي الفلسطينية تحت السلطة الفلسطينية».

كما سيتابع المفوض «جهود إصلاح السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع الجهات المانحة الدولية والمؤسسات المالية والشركاء العرب المنخرطين في تطوير المؤسسات الفلسطينية».

التكاليف والأمن

وأكد المصدر المشارك في المناقشات أن الإصلاحات التي تتوقعها خطة بلير من السلطة الفلسطينية «ليست تجميلية»، وأن تسليم غزة للسلطة الفلسطينية عملية «تعتمد على الأداء». وأوضح المصدر أن الجدول الزمني سيكون «بضع سنوات»، وليس «عشر سنوات».

وتتضمن الخطة إنشاء هيئة تشجيع الاستثمار والتنمية الاقتصادية في غزة لتأمين الاستثمارات اللازمة وإعادة إعمار غزة. وسيتم إنشاء هيئة منفصلة لتأمين وتوزيع المنح الحكومية.

كما ستخضع لـ(GITA) بلديات غزة، التي ستكون مسؤولة عن تقديم الخدمات على المستوى المحلي، وقوة شرطة مدنية في غزة مؤلفة من عناصر «مجندين على الصعيد الوطني، وخاضعين لفحص مهني، وغير حزبيين» مكلفين بالحفاظ على النظام العام وحماية المدنيين، ومجلس قضائي برئاسة قاض عربي سيشرف على محاكم غزة ومكتب النيابة العامة.

وستدعم قوة الشرطة المدنية «قوة الاستقرار الدولية»، وهي قوة أمنية متعددة الجنسيات مُفوَّضة دولياً، سيتم إنشاؤها لتوفير الاستقرار الاستراتيجي والحماية العملياتية في غزة خلال الفترة الانتقالية.

الدخان يتصاعد جراء الضربات الإسرائيلية بمدينة غزة يوم الخميس (رويترز)

وتنص الخطة على أن هذه القوة «تضمن سلامة الحدود، وتمنع عودة الجماعات المسلحة، وتحمي العمليات الإنسانية وعمليات إعادة الإعمار، وتدعم إنفاذ القانون المحلي».

وفي ملحق يتعلق بتكاليف (GITA)، توضح الخطة أن الميزانية ستتوسع سنوياً؛ إذ تبلغ في السنة الأولى 90 مليون دولار، والسنة الثانية 135 مليون دولار، والسنة الثالثة 164 مليون دولار.

تعليق المصادر الفلسطينية

وفيما رفض مكتب بلير التعليق رسمياً على هذا التقرير، قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن الخطة معروفة لصناع القرار في رام الله، ولم تتم الموافقة عليها.

وقال مصدر: «السلطة يجب أن تحكم غزة، ولا تمانع في مساعدة ووجود جهات وقوات دولية وعربية، ولكن ليس العكس: جهات دولية تحكم والسلطة تشارك».

وبحسب المصدر، فإن الجهد العربي والفلسطيني ينصب الآن على إطلاق مسار نحو دولة فلسطينية مستقبلية في الضفة وغزة والقدس الشرقية.

وأكد المصدر أن ترمب لم يتبنَّ الخطة حتى الآن، ولم يوافق عليها العرب كذلك.

ويتضح من التقرير أن خطة بلير لم تحظَ بعد بموافقة الأطراف. وأقرت المصادر بأنه واجه عقبات بسبب حظر الولايات المتحدة منح تأشيراتٍ لكبار مسؤولي السلطة الفلسطينية والضربة الإسرائيلية التي استهدفت قادة «حماس» في الدوحة في التاسع من سبتمبر (أيلول) الحالي.

وأضاف مصدر أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق كان يُجري اتصالاتٍ مع مصر وقطر لإقناع «حماس» بعدم الوقوف في طريق الخطة.

ماذا عن التهجير؟ وماذا عن «حماس»؟

تعارض الخطة فكرة ترمب حول تهجير الفلسطينيين من غزة، وتنص على إنشاء «وحدة لحفظ حقوق الملكية» تهدف إلى ضمان ألا يُمس أي رحيل طوعي لسكان غزة بحقهم في العودة إلى القطاع أو الاحتفاظ بملكيتهم.

وقال مصدر مُشارك في مناقشات خطة بلير: «ليست لدينا خطة لإخراج سكان غزة. غزة لأهل غزة».

طفل فلسطيني بين النازحين الفارين من مدينة غزة باتجاه جنوب القطاع يوم الخميس (رويترز)

وكان ترمب قد أعطى الشرعية لأول مرة لمفهوم «الهجرة الطوعية» في فبراير (شباط) عندما أعلن عن خطته للسيطرة على غزة ونقل سكان القطاع بالكامل بشكل دائم؛ لكنه بحسب مسؤول إسرائيلي نأى بنفسه عن الفكرة منذ ذلك الحين، وأعلن بوضوح خلال جلسة السياسة العامة التي عقدت في البيت الأبيض في 27 أغسطس (آب) الماضي أنه سيتبنى خطة بلير بدلاً من ذلك.

وإلى جانب إنشاء بديل لـ«حماس» من خلال (GITA)، تشير الخطة صراحةً إلى مفهوم «نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج»، في إشارة إلى إمكانية بقاء «حماس»، لكن كعنصر غير مسلح بدلاً من عدم وجودها أصلاً.

السلطة والإصلاحات

ودخل بلير على خط اليوم التالي عبر صهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، الذي شغل منصب كبير مستشاريه خلال ولايته الأولى.

وقال مصدر مطلع ودبلوماسي عربي إن بلير التقى مسؤولي ترمب والتقى برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في يوليو (تموز) من أجل بلورة خطته.

ويتصور اقتراح بلير أن تخضع السلطة الفلسطينية لإصلاحات جوهرية، وأن تقتصر مشاركة رام الله في (GITA) بشكل كبير على مسائل التنسيق. ومع ذلك، فإن السلطة الفلسطينية مذكورة صراحة في جميع أجزاء الخطة التي تنص على «توحيد جميع الأراضي الفلسطينية في نهاية المطاف تحت سلطة السلطة الفلسطينية».

وهذا تطور حارب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة لمنعه، وهو ما يثير شكوكاً حول قبوله بالخطة، رغم أن التقرير قال إن إسرائيل تعاملت أيضاً بشكل بنَّاء مع جهود بلير.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

شؤون إقليمية 
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقاً في انفجار رفح لمعرفة توقيت زرع العبوة؛ فإن نتنياهو اتهم «حماس» بأنها انتهكت اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفق خطة قدمها ترمب. لكن «حماس» أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

إلى ذلك، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، أمس، من المشاركة في قداس منتصف الليل الذي تقيمه كنيسة المهد ببيت لحم احتفالاً بعيد الميلاد، ومنعت موكبه من الوصول إلى الكنيسة.


فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
TT

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

نشر المكتب الصحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية غير محددة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن الفيديو الذي تم نشره على تطبيق «إنستغرام» يبدو أنه يأتي في مناسبة مرور 6 أشهر على الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

ويظهر في الفيديو، الذي تبلغ مدته بضع ثوانٍ، نتنياهو وترمب وهما يرتديان نظارات شمسية ويتبادلان نظرة خاطفة. وجاء في التعليق: «في جولة احتفالية بالنصر»، مع وسم «ستة أشهر».

واستمرت المواجهة العسكرية الخاطفة بين إسرائيل وإيران 12 يوماً فقط، وبدأت في ساعات الفجر الأولى من يوم 13 يونيو (حزيران) 2025، حين شنّت إسرائيل هجوماً مباغتاً على عشرات الأهداف الإيرانية.

وقالت إسرائيل إن هجومها على كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وعلماء نوويين، ومواقع تخصيب اليورانيوم، وبرنامج الصواريخ الباليستية، «كان ضرورياً لمنع طهران من تنفيذ خطتها المعلنة لتدمير الدولة اليهودية»، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتنفي إيران باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، فقد زادت من مستويات تخصيب اليورانيوم إلى مستويات «يمكن استخدامها في أغراض غير سلمية»، وعرقلت وصول المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية، ووسّعت قدراتها الصاروخية الباليستية.

وقالت إسرائيل إن إيران اتخذت مؤخراً خطوات نحو إعادة بناء قدراتها الصاروخية، ولا تزال تسعى إلى امتلاك سلاح نووي.

وردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي، ونحو 1100 طائرة مسيرة على إسرائيل. وأسفرت الهجمات عن مقتل 32 شخصاً، وإصابة أكثر من 3000 آخرين في إسرائيل، وفقاً لمسؤولين صحيين ومستشفيات.

ومع اقتراب نهاية الحرب، انضمّت الولايات المتحدة إلى الضربات على المنشآت النووية الإيرانية.


تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
TT

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

مدّدت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمر عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس أيضاً اللجنة المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إنه تم خلال فترة عمل اللجنة، الذي استمر منذ تشكيلها في 5 أغسطس (آب) الماضي، تجاوز مراحل حرجة بحساسية بالغة.

وعقدت اللجنة، الأربعاء، اجتماعها الـ20 لعرض وتحليل نتائج الاجتماعات السابقة، تمهيداً لإعداد «تقرير مشترك» استناداً إلى التقارير التي أعدّتها الأحزاب المشاركة وقدمتها إلى البرلمان.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش متحدثاً خلال اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» (حساب البرلمان في «إكس»)

وجرى تصويت خلال الاجتماع، تمّ خلاله الموافقة بالإجماع على تمديد عملها لمدة شهرين بدءاً من 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال كورتولموش إنهم كانوا يهدفون إلى إتمام العملية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن لم تستطع إنجاز عملها بالكامل حتى هذا التاريخ.

قضايا عالقة وغموض

وأكد كورتولموش أن اللجنة البرلمانية ليست هي مَن سيحل القضية برمتها، لافتاً إلى أن هناك شقاً يتعلق بإلقاء «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهي ذراع لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، أسلحتها، استجابة لنداء زعيم الحزب السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي، وطالب فيه بحل الحزب ومختلف المجموعات المرتبطة به. وتساءل كورتولموش: «كيف ستضمن اللجنة إلقاء (قوات سوريا الديمقراطية) أسلحتها؟».

وعرضت أكاديميتان تركيتان، خلال الجلسة، ملخصاً تنفيذياً لتحليل محاضر جلسات اللجنة التي بلغت 58 جلسة خلال 19 اجتماعاً، تم خلالها الاستماع إلى 135 شخصاً يمثلون الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك عائلات ضحايا عملية حزب «العمال الكردستاني» وجمعيات المحاربين القدامى.

لا تزال عودة مسلحي «العمال الكردستاني» واندماجهم بالمجتمع تشكّل نقطة غامضة في عملية السلام بتركيا (رويترز)

وعكس التحليل تبايناً واضحاً في مقاربات الجهات الفاعلة فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين مفهومي الأمن والحرية، في العملية التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإهارب»، ويسميها الجانب التركي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

وأشار التحليل إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الهدف النهائي للعملية، وهو «إنهاء الإرهاب»، ويتم التعبير عن أهداف مختلفة مثل «المصالحة» و«النموذج التركي» لحلّ المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) و«الأخوة» و«التطبيع» و«الديمقراطية» و«الاندماج السياسي». ولا يوجد إجماع واضح على كيفية دمج هذه الأهداف معاً، وما الخطوات الملموسة التي ستُتخذ.

ولفت أيضاً إلى وجود اختلافات كبيرة في المقاربات بالنسبة لمسألة العفو والاندماج الاجتماعي لعناصر «العمال الكردستاني»، فضلاً عن استخدام أُطر مختلفة في تحديد الأسباب الجذرية للمشكلة، وهي أمور يجب معالجتها في التقرير النهائي.

مبادئ أساسية

وطالبت الأحزاب المشاركة في اللجنة، خلال الاجتماع، بسرعة الانتهاء من إعداد التقرير النهائي دون تأخير، مع «التمسك بمبادئ الجمهورية التركية وهوية الأمة واللغة في أي خطوات ستتخذ من أجل تعزيز الديمقراطية، ومراعاة ألا تفتح هذه الخطوات آفاقاً جديدة أمام المنظمات الإرهابية». ورفض النائب عن حزب «العدالة والتنمية»، كورشاد زورلو، استخدام مصطلح «السلام» للإشارة للعملية الجارية، قائلاً إن «الحرب تقع بين الدول».

رئيس حزب «الجيد القومي» موساوات درويش أوغلو متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية للحزب الأربعاء (حساب الحزب في «إكس»)

في السياق، طالب رئيس حزب «الجيد القومي»، الذي أعلن منذ البداية رفضه العملية الجارية وأي تفاوض مع أوجلان، مساوات درويش أوغلو، الرئيس رجب طيب إردوغان بعدم إهدار وقت البرلمان في إعداد تقارير.

وقال دوريش أوغلو، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء، إن إردوغان «يتصرف أحياناً بوصفه رئيساً لحزب (العدالة والتنمية)، وأحياناً بصفته رئيساً للبلاد، خلال هذه العملية. وبما أنه يدعي أنه وراء هذه العملية، وأنها مشروع دولة ومشروع القرن، فإنه يملك السلطة، لا ينبغي أن يضيع وقت البرلمان في إعداد التقارير، بل وأن يفرج عن أوجلان، إن استطاع».