السعودية وباكستان توسعان شراكتهما الدفاعية باتفاقية استراتيجية

تضمنت اعتبار أي اعتداء على أحدهما استهدافاً للبلدين

TT

السعودية وباكستان توسعان شراكتهما الدفاعية باتفاقية استراتيجية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف بعد توقيع الاتفاقية في الرياض (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف بعد توقيع الاتفاقية في الرياض (واس)

وسَّعت السعودية وباكستان شراكتهما الدفاعية باتفاقية استراتيجية من ضمنها عدّ أي هجوم خارجي مسلح على أحد البلدين يُعتبر اعتداءً على كليهما.

ووقّع «اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك»، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، في الرياض، الأربعاء، بعد جلسة محادثات رسمية، استعرض خلالها الجانبان العلاقات «الثنائية الوثيقة»، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس).

كما ناقشت الجلسة، وفق المصادر الرسمية، الجهود التنسيقية لتعزيز أوجه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، والجهود المبذولة تجاهها، بما يحقق الأمن والاستقرار.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف خلال جلسة مباحثات في الرياض (واس)

وتأتي الاتفاقية تتويجاً لمسار طويل من التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، يمضي الآن نحو فصل جديد من الشراكة الدفاعية يقوم على مبدأ المصير الأمني الواحد.

وفق بيان مشترك، تأتي الاتفاقية «في إطار سعي البلدين في تعزيز أمنهما وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم، والتي تهدف إلى تطوير جوانب التعاون الدفاعي، وتعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء، وتنص هذه الاتفاقية على أن أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما».

وعلَّق وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، على اتفاقية الشراكة، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، قائلاً: «السعودية وباكستان... صفاً واحداً في مواجهة المُعتدي... دائماً وأبداً».

يقرأ علي عواض عسيري، السفير السعودي الأسبق لدى باكستان، العلاقات الدفاعية بين البلدين بأنها «مزيج من الخبرة والقوة العسكرية مع القدرة المالية والموقع الاستراتيجي للمملكة، ويُتوج ذلك الثقة القوية بين الدولتين والقيادتين. مهما تغيرت القيادات في البلدين فالعلاقات تزداد متانة وعمقاً مع كل قيادة جديدة».

ويقول عسيري لـ«الشرق الأوسط» إن «التعاون المميز يبعث برسالة قوية لمن أراد المساس بأمن البلدين».

ويرى مراقبون بأن الاتفاقية الجديدة لا تستهدف أي طرف بعينه، ولا تمثل بديلاً عن أي تعاون قائم مع دول أخرى، بل تُعدّ ممارسة طبيعية لحق سيادي مشروع. وهي تعكس إدراكاً متبادلاً أن التحديات الأمنية المعاصرة لم تعد محصورة في نطاق حدود وطنية، بل عابرة للمنطقة والقارات. من هنا تأتي أهمية صياغة اتفاق واضح، يضع البلدين في جبهة دفاعية واحدة، ويمنحهما قوة ردع إضافية في ظل التحولات الجارية في النظام الدولي وتبدل التحالفات التقليدية.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف بعد توقيع الاتفاقية في الرياض (واس)

تتويج لمسار ممتد

لم تكن الاتفاقية وليدة الحاضر وحسب، بل امتداد طبيعي لعقود من التعاون الدفاعي بين الرياض وإسلام آباد، وتتكئ على سنين بدأت منذ ستينات القرن الماضي، حين بدأ أول أشكال التدريب والتنسيق العسكري.

وعلى مدى عقود، نفَّذت القوات المسلحة في البلدين مناورات دورية شملت الجوانب الجوية والبحرية والبرية، وأسست لبنية دفاعية متينة عزَّزتها اتفاقيات في مجال الإنتاج العسكري والتعاون الفني. ومع ذلك، فإن إدراج بند «يعتبر أي اعتداء على أحد الطرفين هجوماً على الآخر» يمثل نقلة نوعية غير مسبوقة، ترفع سقف الالتزام إلى مستوى الشراكات الدفاعية الكبرى.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الباكستاني خلال مراسم توقيع الاتفاقية (واس)

خلفية تاريخية

العلاقات السعودية – الباكستانية تحمل زخماً كبيراً خلال العقود الثمانية الماضية. زيارات متبادلة بين قادة البلدين أسهمت في تحويل الروابط التاريخية إلى شراكة استراتيجية شاملة.

وشكلت زيارة ولي العهد السعودي إلى إسلام آباد عام 2019 محطة فارقة؛ إذ أُعلن خلالها عن إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي – الباكستاني، وتوقيع اتفاقيات استثمارية تجاوزت قيمتها 20 مليار دولار. تلك الخطوات عكست رؤية مشتركة بأن الأمن لا ينفصل عن الاقتصاد، وأن بناء تحالفات راسخة يقتضي دمج المصالح التنموية بالالتزامات الأمنية.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف في الرياض الأربعاء (واس)

من التوقيع إلى التنفيذ

أهمية الاتفاقية لا تقتصر على الإعلان، بل تتوقف على آليات التطبيق. فنجاحها يتطلب تنسيقاً عسكرياً أوسع، وتبادلاً استخبارياً أكثر عمقاً، وربما صياغة هياكل مشتركة للقيادة والسيطرة، غير أن التوقيع بحد ذاته يمثل رسالة قوية، مفادها أن السعودية وباكستان دخلتا مرحلة جديدة من التزامات الدفاع المشترك، وأن أي تهديد مستقبلي لن يُقرأ إلا باعتباره اعتداءً على جبهة واحدة، وبالتالي، لا تبدو الاتفاقية مجرد وثيقة قانونية، بل علامة فارقة في مسار العلاقات بين البلدين، ورسالة إلى الداخل والخارج بأن الشراكة السعودية – الباكستانية انتقلت إلى مستوى أعلى، يجمع بين الردع والدفاع والتكامل الاستراتيجي.

وكان رئيس الوزراء الباكستاني وصل والوفد المرافق له إلى الرياض، ظهر الأربعاء، في زيارة دولة، حيث رافقت طائرته بعد دخولها أجواء السعودية، مقاتلات «إف - 15» تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية.

وتأتي زيارة شهباز شريف للرياض بعد يومين من لقاء جمعه بالأمير محمد بن سلمان في العاصمة القطرية الدوحة، على هامش أعمال القمة العربية - الإسلامية الطارئة، حيث بحثا خلاله آفاق العلاقات بين البلدين، واستعرضا تطورات أوضاع المنطقة.


مقالات ذات صلة

عالم الاعمال جانب من أحد المعارض السابقة (الشرق الأوسط)

الطائف تحتضن النسخة الثالثة من مهرجان الكُتّاب والقُرّاء 2026

تطلق هيئة الأدب والنشر والترجمة النسخة الثالثة من مهرجان الكُتّاب والقُرّاء في الطائف خلال الفترة من 9 إلى 15 يناير (كانون الثاني) المقبل، تحت شعار «حضورك مكسب»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال استحواذ «دلّه الصحية» على مستشفى المملكة يعزز حضورها في الرياض

استحواذ «دلّه الصحية» على مستشفى المملكة يعزز حضورها في الرياض

أعلنت «دلّه الصحية» عن إتمام إجراءات الاستحواذ على شركة درع الرعاية القابضة (مستشفى المملكة والعيادات الاستشارية)

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال «غروب آي بي» و«ڤاز للحلول المتكاملة» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون

«غروب آي بي» و«ڤاز للحلول المتكاملة» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون

وقعت «غروب آي بي» مذكرة تفاهم مع شركة «ڤاز للحلول المتكاملة»، وهي موزع ذو قيمة مضافة لعلامات تجارية رائدة، يقدم حلول تكنولوجيا معلومات متكاملة لمختلف قطاعات…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (منفذ رفح الحدودي)

الإمارات ترحّب بجهود السعودية لدعم أمن واستقرار اليمن

علم الإمارات (وام)
علم الإمارات (وام)
TT

الإمارات ترحّب بجهود السعودية لدعم أمن واستقرار اليمن

علم الإمارات (وام)
علم الإمارات (وام)

رحّبت الإمارات بالجهود التي تبذلها السعودية لدعم الأمن والاستقرار في اليمن، مثمّنة دورها في خدمة مصالح الشعب اليمني والمساهمة في تحقيق تطلعاته نحو الاستقرار والازدهار.

وأكدت الإمارات، في بيان، التزامها بدعم كل ما من شأنه تعزيز مسارات الاستقرار والتنمية في اليمن، بما ينعكس إيجاباً على أمن المنطقة وازدهارها، مشددة على أهمية تضافر الجهود بما يخدم الشعب اليمني ويدعم فرص التعافي.


السعودية تدعو «الانتقالي» إلى مغادرة حضرموت والمهرة عاجلاً

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

السعودية تدعو «الانتقالي» إلى مغادرة حضرموت والمهرة عاجلاً

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعت السعودية «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى المغادرة العاجلة لمحافظتي حضرموت والمهرة في شرق اليمن، ووصفت التحركات العسكرية التي نفّذها هناك بأنها إجراءات أحادية تمت من دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف، وأدّت إلى تصعيد غير مبرر أضرّ بمصالح الشعب اليمني، وبالقضية الجنوبية نفسها، وبجهود تحالف دعم الشرعية.

وجاءت هذه الدعوة في بيان لوزارة الخارجية السعودية، أمس (الخميس)، أكدت فيه دعم الرياض الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء المجلس والحكومة اليمنية، لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في اليمن. وشدّد البيان على أن المملكة آثرت خلال الفترة الماضية التركيز على وحدة الصف، وبذل كل الجهود لمعالجة الأوضاع سلمياً في المحافظات الشرقية.

وكشفت السعودية عن إرسال فريق عسكري سعودي – إماراتي مشترك إلى عدن، لوضع ترتيبات تضمن عودة قوات «الانتقالي» إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف. وشدّد البيان على ضرورة تغليب المصلحة العامة، وضبط النفس، وإنهاء التصعيد بشكل عاجل، مؤكداً أن القضية الجنوبية عادلة، ولن تُحل إلا عبر الحوار، ضمن الحل السياسي الشامل، بعيداً عن فرض الأمر الواقع بالقوة.


البحرين تؤكد دعمها لجهود السعودية والإمارات لتعزيز الاستقرار في اليمن

علم البحرين
علم البحرين
TT

البحرين تؤكد دعمها لجهود السعودية والإمارات لتعزيز الاستقرار في اليمن

علم البحرين
علم البحرين

أعربت البحرين عن دعمها للجهود والمساعي التي تقوم بها السعودية والإمارات بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في اليمن.

ونقلت وكالة أنباء البحرين عن بيان لوزارة الخارجية القول اليوم الخميس إن المنامة تدعو كافة القوى والمكونات اليمنية للتهدئة وعدم التصعيد واللجوء للحوار والحلول السلمية.

كما دعت الوزارة إلى «تجنب كل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار والعمل على إعادة السلم والأمن إلى اليمن حفاظًا على المصالح العليا للشعب اليمني».

كانت وزارة الخارجية السعودية قد قالت في بيان صدر في وقت سابق من اليوم إن التحركات العسكرية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة بالآونة الأخيرة أدت إلى «تصعيد غير المبرر أضر بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته والقضية الجنوبية وجهود التحالف».

وأشارت الوزارة إلى أن السعودية عملت مع الإمارات ورئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة اليمنية لاحتواء الموقف.