لقاء ترمب - زيلينسكي المرتقب: فرصة للسلام أم ورقة ضغط جديدة على أوروبا؟

قد يُشكّل اختباراً جديداً لمحاولة وساطة أميركية بين كييف وموسكو في وقت تتصاعد الضغوط على أوروبا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
TT

لقاء ترمب - زيلينسكي المرتقب: فرصة للسلام أم ورقة ضغط جديدة على أوروبا؟

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

تتجه الأنظار إلى نيويورك الأسبوع المقبل، حيث يُرتقب أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. اللقاء المنتظر قد يُشكّل اختباراً جديداً لمحاولة وساطة أميركية بين كييف وموسكو، في وقت تتصاعد فيه الضغوط على أوروبا لتشديد العقوبات ضد روسيا، بينما يعيش سكان شرق بولندا ورومانيا مخاوف زائدة من امتداد الحرب إلى أراضيهم.

الرئيسان ترمب وزيلينسكي خلال اجتماع سابق في المكتب البيضاوي (أ.ف.ب)

وكشف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من إسرائيل أن ترمب أجرى سلسلة اتصالات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومع زيلينسكي، وأنه سيجتمع على الأرجح مع الأخير في نيويورك. وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعٍ يصفها ترمب بـ«التفاوض من أجل إنهاء سريع للحرب». لكن خلف هذه الوساطة تلوح حسابات سياسية واقتصادية.

فقد أعلن الرئيس الأميركي، الاثنين، أنه يريد التفاوض على «اتفاق» مع أوكرانيا، بحيث تقدم معادنها النادرة - المستخدمة في الصناعات الإلكترونية - بوصفها «ضمانة» مقابل استمرار المساعدات. وفيما يعكس ذلك توجهاً براغماتياً من ترمب الذي انتقد مراراً حجم الأموال التي أنفقتها واشنطن على أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي قبل أكثر من ثلاث سنوات، تسعى أوكرانيا التي تُعدّ واشنطن الداعم الرئيسي لها في مواجهة الغزو الروسي، إلى ضمان استمرار المساعدات الأميركية.

رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي والرئيس الأوكراني ورئيس المجلس الأوروبي (أ.ب)

موقف ترمب تجاه روسيا ظل متقلباً، فبينما يعلن تشدده أحياناً، سرعان ما يلمح إلى أن الحرب «أوروبية أكثر منها أميركية». وفي منشور حديث على منصته «تروث سوشيال»، أكد أنه لن يفرض عقوبات جديدة على موسكو ما لم يلتزم جميع أعضاء «الناتو» بالخطوة ذاتها، «مقترحاً» عليهم في الوقت نفسه، فرض رسوم جمركية مرتفعة على الصين.

 

 

قادة فرنسا وأوكرانيا وبريطانيا وبولندا وألمانيا خلال الاتصال الهاتفي بالرئيس الأميركي في 10 مايو (أ.ف.ب)

ويرى البعض أنه، حتى لو أظهر ترمب ضعفاً هائلاً في التعامل مع الرئيس الروسي، فهذا لا يعني أنه ليس على حق بشأن أوروبا. كما أنه يستحق الإشادة أيضاً لتلميحه الضمني بأن الحرب في أوكرانيا أكبر من مستقبل دولة واحدة، وأن على «الناتو» بذل كل ما في وسعه لتحقيق النصر.

وتعكس تصريحاته الأخيرة استياءه من أوروبا التي ما زالت، رغم العقوبات، تعتمد على النفط والغاز الروسيين. إذ تشير بيانات 2024 إلى أن الاتحاد الأوروبي استورد ما قيمته 25.7 مليار دولار من الطاقة الروسية، بانخفاض طفيف فقط عن العام السابق. ورغم خطة أوروبية لوقف استيراد الغاز الروسي بحلول 2027، فإن دولاً مثل المجر وسلوفاكيا، حصلت على إعفاءات، ما أثار غضب البيت الأبيض.

صورة مركَّبة تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) ونظيريه الأميركي دونالد ترمب (وسط) والأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

ومع ذلك، لا أحد يعلم ما إذا كان ترمب، يُصدر إنذاراً نهائياً لإقناع أوروبا، أم أنه ذريعة له للاستمرار في تقديم القليل أو عدم تقديم أي مساعدة لأوكرانيا. فأسلوبه هو طرح المطالب، ثم تحديد مهلة أسبوعين أخرى، ثم تجاوزها، ثم تكرار ما فعله.

وفي واشنطن، تزداد الضغوط على الكونغرس للتحرك بصرامة أكبر تجاه موسكو. فقد دعا مشرعون جمهوريون وديمقراطيون إلى تمرير مشاريع قوانين لفرض «عقوبات ثانوية» على الدول التي تواصل شراء الطاقة الروسية. كما طُرحت مبادرة لتصنيف روسيا «دولة راعية للإرهاب» إذا لم تُعد نحو 19 ألف طفل أوكراني اختطفوا من عائلاتهم.

وزيرا الخارجية الأميركي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف قبيل مؤتمر ترمب وبوتين الصحافي - 15 أغسطس (أ.ف.ب)

غير أن هذه المبادرات ظلت معلّقة بفعل حرص قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس على منح ترمب مساحة لمواصلة دبلوماسيته الشخصية مع بوتين. ويخشى منتقدو هذا النهج أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الحرب، ويتيح لموسكو توسيع سيطرتها على الأرض.

في موازاة التجاذبات السياسية، فجّرت التوغلات الروسية المتكررة بطائرات مسيّرة في بولندا ورومانيا موجة جديدة من القلق في شرق أوروبا. ففي حادثة الأسبوع الماضي، اخترقت 19 طائرة روسية من دون طيار الأجواء البولندية، ما دفع «الناتو» إلى إسقاط ثلاث منها على الأقل. ورغم عدم وقوع إصابات، فإن الشظايا تسببت في أضرار، وأثارت مخاوف بين السكان المحليين الذين يعيشون على بُعد أميال قليلة من الحدود الأوكرانية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (د.ب.أ)

ودعا وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي الحلف الأطلسي إلى فرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا، عادّاً أن «حماية أوكرانيا تعني حماية بقية أوروبا». لكن الفكرة ما زالت تصطدم برفض أميركي وبريطاني خشية الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع الطائرات الروسية.

وفتحت التوغلات الروسية فصلاً جديداً في معاناة المجتمعات الحدودية. ففي قرى شرق بولندا، تحدّث سكان عن ليالٍ عاشوها في ملاجئ مؤقتة خشية سقوط الطائرات المسيّرة فوق منازلهم. وقالت سيدة فقدت سقف بيتها بفعل الحطام: «نحن في أشدّ خطر. لا نملك ملاجئ، ولا نعرف كيف نتصرف إذا تكررت الهجمات». وفي رومانيا، أُغلقت مطارات شرق البلاد مؤقتاً بعد حوادث مماثلة. وتخشى الحكومات من أن تكلف عمليات اعتراض هذه الطائرات الرخيصة مليارات الدولارات إذا استمرت. أحد الخبراء العسكريين البولنديين قدّر أن إسقاط مجموعة من الطائرات المسيّرة كلف بلاده نحو ثمانية ملايين دولار.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في أنكوريج بألاسكا - 15 أغسطس 2025 (رويترز)

في المقابل، تواصل موسكو ربط أي تسوية بشروط صارمة، من بينها تسليم كييف مساحات واسعة من أراضيها، وقطع الطريق نهائياً على انضمامها إلى «الناتو». المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أكد أن روسيا «لا تزال مهتمة بالحل السياسي»، لكنه اتهم الحلف الأطلسي بأنه «في حالة حرب فعلية مع موسكو». وبالتوازي، كثفت روسيا هجماتها الجوية هذا العام باستخدام أسراب من الطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة، وهو ما غيّر من طبيعة المعارك، وفرض على أوكرانيا طلب مزيد من أنظمة الدفاع الجوي.

التوتر لم يقتصر على الطائرات. فقد أجرت روسيا وبيلاروسيا مناورات عسكرية مشتركة هي الأولى منذ 2021، في رسالة عدّها مراقبون «تذكيراً لأوروبا بقرب الخطر من حدودها». بيد أن حضور مراقبين عسكريين أميركيين تلك المناورات عُدّ مؤشراً على رغبة واشنطن في إبقاء قنوات التواصل مع مينسك وموسكو مفتوحة، رغم التحالف الوثيق بينهما.

بين محاولات ترمب للتوسط في وقف إطلاق النار، وضغوط الكونغرس لفرض عقوبات أشد، ومخاوف الأوروبيين من أن تمتد نيران الحرب إلى عقر دارهم، تبدو الأزمة الأوكرانية بعيدة عن الحل. ورغم أن اللقاء المرتقب بين ترمب وزيلينسكي قد يفتح نافذة جديدة، لكنه يظل محاطاً بالغموض والتشكيك، خصوصاً في ظل شروط روسية قاسية، وتردد أوروبي، ومجتمع دولي منقسم بين الحسم والتسويات المؤقتة. وحتى إشعار آخر، ستبقى أوكرانيا عالقة بين حسابات القوى الكبرى، ومخاوف جيرانها من حرب قد تتسع في أي لحظة.

 

 


مقالات ذات صلة

زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

أوروبا زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي في كييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

أكّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، استعداده لسحب القوات من منطقة دونباس إذا سحبت روسيا قواتها أيضاً، وإذا تحوّلت إلى «منطقة منزوعة السلاح».

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصدر مطلع اليوم (الأربعاء) أن روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حربها مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

قضاء العراق «يجرم» المتورطين في الحرب الروسية - الأوكرانية

توعد القضاء العراقي من أسماهم المتورطين في حرب أوكرانيا بالسجن، مشدداً على مكافحة تجنيدهم للقتال على أراضٍ أجنبية.

فاضل النشمي (بغداد)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي يكشف البنود الـ20 للخطة الأميركية - الأوكرانية لإنهاء الحرب مع روسيا

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تفاصيل بنود أحدث خطة تم الاتفاق عليها مع الولايات المتحدة سعيا لإنهاء الحرب مع روسيا، وتمّ رفعها إلى موسكو لإبداء موقفها

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: خطة السلام لا تلزمنا بالتخلي رسمياً عن السعي للانضمام إلى «الناتو»

كشف الرئيس الأوكراني، في تصريحات نُشرت، أن المقترح الجديد لإنهاء الحرب الذي تفاوضت عليه كييف وواشنطن لا يُلزم كييف بالتخلي عن «الناتو».

«الشرق الأوسط» (كييف)

كيف تُقارن السفن الحربية الجديدة لترمب بنظيراتها الصينية والروسية؟

ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
TT

كيف تُقارن السفن الحربية الجديدة لترمب بنظيراتها الصينية والروسية؟

ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب فتح نقاش قديم - جديد داخل الأوساط العسكرية والاستراتيجية، بعد كشفه عن مشروع فئة جديدة من السفن الحربية أطلق عليها اسم بارجة «فئة ترمب»، واصفاً إياها بأنها «أقوى بمائة مرة من أي بارجة بُنيت في التاريخ»، وقادرة على مواجهة «أي خصم وفي أي بحر».

ويأتي هذا الإعلان في وقت لم تستخدم فيه الولايات المتحدة البارجات التقليدية منذ إخراج سفن فئة «آيوا» من الخدمة مطلع تسعينات القرن الماضي، غير أن ترمب، الذي أبدى مراراً إعجابه بالسفن الحربية الضخمة، كان قد دعا علناً إلى إحياء هذا النوع من القطع البحرية، مؤكداً أنه سيتدخل شخصياً في تصميمها، بعدما انتقد سابقاً مظهر بعض السفن الأميركية الحديثة واصفاً إياها بأنها «غير جذابة».

ووفق ما أعلنته الإدارة الأميركية، سيبلغ عدد أفراد طاقم كل بارجة نحو 850 عنصراً، لتكون هذه السفن العمود الفقري لما يسميه ترمب «الأسطول الذهبي»، وهو مشروع طموح يشمل أيضاً سفناً قتالية صغيرة مستوحاة من زوارق خفر السواحل الأميركية من فئة «Legend». وتخطط البحرية الأميركية لشراء ما يصل إلى 25 سفينة من هذه الفئة، على أن تحمل الأولى اسم «USS Defiant».

ومن المتوقع أن يبدأ بناء السفينة الرئيسية في أوائل ثلاثينات القرن الحالي، لتتحول لاحقاً إلى السفينة القائدة «Flagship» للبحرية الأميركية، وسط تقديرات تشير إلى أن تكلفة الواحدة منها ستبلغ عدة مليارات من الدولارات.

مقارنة مع الصين وروسيا

وخلال الإعلان عن التصميم، قال وزير البحرية الأميركي، جون فيلان، إن بارجة «فئة ترمب» ستكون الأكبر والأكثر فتكاً وتعدداً في المهام، بل والأجمل شكلاً، بين جميع السفن الحربية في العالم. وفقاً لمجلة «نيوزويك».

عرض تصوّري للسفينة «يو إس إس ديفاينت» المقترحة من «فئة ترمب» خلال إعلان الرئيس الأميركي مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية (رويترز)

ويُنظر تقليدياً إلى الأسطول السطحي الروسي على أنه أقل قوة مقارنة بأسطوله من الغواصات، التي تتمتع بقدرات عالية على التخفي وتنفيذ ضربات بعيدة المدى. أما الصين، فتمتلك اليوم أكبر بحرية في العالم من حيث عدد السفن، مدعومة باستثمارات ضخمة في بناء السفن، في مقابل معاناة البرامج الأميركية من تأخيرات وتجاوزات متكررة في التكاليف.

ويرى محللون أن التصميم الأولي لبارجة «فئة ترمب» يحمل أوجه شبه مع الطرادات السوفياتية النووية الثقيلة من فئة «كيروف»، وكذلك مع المدمرة الصينية الحديثة من طراز «Type 055». غير أن فريدريك ميرتنز، المحلل الاستراتيجي في مركز الأبحاث الهولندي «TNO»، يرى أن «هذه السفن صُممت أساساً للرد على التفوق الأميركي في حاملات الطائرات»، معتبراً أن البارجة الجديدة «تتفوق على أهداف تمتلك البحرية الأميركية بالفعل وسائل أكثر كفاءة للتعامل معها عبر القوة الجوية والغواصات».

حاملات الطائرات والأسلحة الفرط صوتية

وتشغّل الولايات المتحدة حالياً 11 حاملة طائرات، من بينها «جيرالد آر. فورد»، الأكبر في العالم، في حين احتفلت الصين مؤخراً بإطلاق حاملة الطائرات «فوجيان»، الأكثر تطوراً ضمن أسطولها المؤلف من ثلاث حاملات، والمزوّدة بمقاليع كهرومغناطيسية لإطلاق الطائرات.

وحسب البحرية الأميركية، ستتمتع بارجات «فئة ترمب» بقدرة على ضرب أهداف على مسافات تصل إلى 80 ضعف مدى السفن الحالية، باستخدام أنظمة إطلاق صواريخ عمودية متقدمة، قادرة على تنفيذ ضربات فرط صوتية بعيدة المدى ضد أهداف استراتيجية برية.

وتُعد الأسلحة الفرط صوتية، التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بخمس مرات على الأقل، مجال تفوق حالي لكل من روسيا والصين، في حين لا تزال الولايات المتحدة تسعى إلى امتلاك قدرات تشغيلية كاملة في هذا المجال. وقد استخدمت موسكو هذه الصواريخ بشكل متكرر خلال حربها في أوكرانيا منذ بدايتها عام 2022.

الحجم والتكلفة... وأسئلة مفتوحة

وتشير التقديرات إلى أن طول السفينة الجديدة قد يصل إلى 880 قدماً، مع قدرة على إطلاق صواريخ كروز يمكن تزويدها برؤوس نووية، إضافة إلى أسلحة ليزر عالية الطاقة ومدافع متقدمة، رغم أن عدداً من هذه التقنيات لا يزال في طور التطوير.

وستفوق بارجات «فئة ترمب» أكثر من ضعف حجم مدمرات «زوموالت»، الأكبر حالياً في الأسطول الأميركي، لتقترب من أبعاد بوارج «آيوا» التي خرجت من الخدمة قبل ثلاثة عقود.

غير أن مستقبل المشروع لا يزال محفوفاً بالتساؤلات، في ظل غموض مسارات التمويل، واشتداد المنافسة على الموارد داخل البحرية الأميركية، فضلاً عن المخاوف من تأثيره على برامج تسليح أخرى، من بينها برنامج المقاتلة المستقبلية «F/A-XX»، ما يفتح الباب أمام جدل واسع حول جدوى المشروع وتوقيته في خضم سباق التسلح البحري المتسارع.


ديمقراطيون يدعون ترمب للتراجع عن استدعاء عشرات السفراء من الخارج

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ديمقراطيون يدعون ترمب للتراجع عن استدعاء عشرات السفراء من الخارج

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

دعا أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، اليوم الأربعاء، إلى التراجع عن قرار استدعاء ما يقرب من 30 سفيراً يعملون ​في الخارج، وحذروا من أن هذه الخطوة ستترك فراغا في القيادة يمثل خطورة، ويسمح لخصوم، مثل روسيا والصين، بتوسيع نفوذهم، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأمرت إدارة ترمب في الأيام القليلة الماضية أكثر من 24 دبلوماسياً يعملون في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية بالعودة إلى واشنطن، لضمان أن تعكس البعثات الأميركية في الخارج سياسة «أميركا أولاً» التي تمثل أولوية للرئيس.

ووصف عشرة ‌أعضاء من الديمقراطيين ‌في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ هذا ‌الاستدعاء ⁠الجماعي ​المفاجئ ‌بأنه «خطوة غير مسبوقة» لم تقم بها أي إدارة أخرى منذ أن أنشأ الكونغرس السلك الدبلوماسي الحديث قبل مائة عام، وقالوا إنه لا توجد خطة لإرسال مؤهلين آخرين بدلاً منهم.

وقال الأعضاء في رسالتهم إلى ترمب، التي اطلعت عليها «رويترز»، إن هذا الاستدعاء يرفع عدد مناصب السفراء الأميركيين الشاغرة إلى أكثر من ⁠100 منصب، أي حوالي نصف عدد هذه المناصب بالكامل في العالم. وذكروا ‌أن 80 وظيفة كانت شاغرة قبل ‍القرار.

ولم ترد وزارة الخارجية والبيت ‍الأبيض بعد على طلبات للتعليق على الرسالة. ووصف مسؤول ‍كبير في الوزارة، يوم الاثنين، الاستدعاء الجماعي بأنه «عملية معتادة في أي إدارة».

وقال الأعضاء الديمقراطيون في رسالتهم: «بينما تنتظر أكثر من 100 سفارة أميركية تفتقر إلى قيادة عليا سفراء أميركيين، ستحافظ ​الصين وروسيا وغيرهما على اتصالات منتظمة مع القادة الأجانب الذين سنتخلى عنهم فعليا، مما سيسمح لخصومنا بتوسيع ⁠نطاق نفوذهم وتأثيرهم للحد من المصالح الأميركية بل وحتى الإضرار بها».

وأضاف الأعضاء، ومن بينهم العضوة البارزة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جين شاهين، وكريس ميرفي، وآخرون: «أظهر هؤلاء السفراء التزامهم بتنفيذ سياسات إدارات الحزبين لعقود بإخلاص... إننا ندعوكم إلى التراجع عن هذا القرار فوراً قبل أن تتعرض مكانة أميركا في العالم لمزيد من الضرر».

وتعهد ترمب مراراً «بتطهير الدولة العميقة» من خلال إقالة المتسببين في البيروقراطية، الذين يعدهم غير موالين له، وتعيين مناصرين له في مناصب عليا.

وأمر وزير الخارجية ‌ماركو روبيو في فبراير (شباط) بتجديد السلك الدبلوماسي الأميركي لضمان تنفيذ سياسته الخارجية «بأمانة».


خبراء بالأمم المتحدة: الحصار البحري الأميركي على فنزويلا ينتهك القانون الدولي

طائرة تابعة لسلاح مشاة البحرية الأميركية تحلق بعد إقلاعها من قاعدة روزفلت رودز البحرية السابقة في بورتوريكو (رويترز)
طائرة تابعة لسلاح مشاة البحرية الأميركية تحلق بعد إقلاعها من قاعدة روزفلت رودز البحرية السابقة في بورتوريكو (رويترز)
TT

خبراء بالأمم المتحدة: الحصار البحري الأميركي على فنزويلا ينتهك القانون الدولي

طائرة تابعة لسلاح مشاة البحرية الأميركية تحلق بعد إقلاعها من قاعدة روزفلت رودز البحرية السابقة في بورتوريكو (رويترز)
طائرة تابعة لسلاح مشاة البحرية الأميركية تحلق بعد إقلاعها من قاعدة روزفلت رودز البحرية السابقة في بورتوريكو (رويترز)

ندد خبراء مكلّفون من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، بالحصار البحري الذي تفرضه الولايات المتحدة على فنزويلا، واصفين إياه بأنه «عدوان مسلّح غير قانوني» ينتهك قواعد القانون الدولي.

ونشرت الولايات المتحدة اعتباراً من أغسطس (آب) أسطولاً ضخماً في منطقة البحر الكاريبي وبدأت استهداف قوارب تتّهمها بتهريب المخدرات بضربات أسفرت عن مقتل أكثر من مائة شخص حتى الآن.

كما بدأت القوات الأميركية الاستيلاء على ناقلات نفط خاضعة لعقوبات بموجب الحصار الذي أعلنه الرئيس دونالد ترمب.

وقال خبراء مكلّفون من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لكنّهم لا يتحدثون نيابة عن المنظمة، «لا يوجد حق في فرض عقوبات من جانب واحد من خلال حصار مسلّح».

وأشاروا في بيان إلى أنّ هذا الحصار المفروض على ناقلات النفط الخاضعة لعقوبات أميركية، يشكّل «استخداماً محظوراً للقوة العسكرية» ضد دولة أخرى، بموجب المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.

وأضافوا: «هذا استخدام خطير للقوة، لدرجة أنّه معترف به صراحة على أنّه عدوان مسلّح غير مشروع بالمعنى المقصود في تعريف العدوان الذي اعتمدته الجمعية العامة (للأمم المتحدة) في عام 1974»، مشيرين إلى أنّ ذلك من حيث المبدأ يمنح «الدولة الضحية حق الدفاع المشروع» عن النفس.

ويأتي الحصار في أعقاب اتهامات وجهتها الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) لمسؤولين فنزويليين من بينهم الرئيس نيكولاس مادورو.

ووفق واشنطن، فإنّ هؤلاء المسؤولين جزء من «منظمة إرهابية» مفترضة تُعرف باسم «كارتل الشمس».

وبحسب العديد من الخبراء، فإنّ «كارتل الشمس» هي منظمة لم يتم إثبات وجودها، مشيرين بدلاً من ذلك إلى شبكات فساد تتساهل مع الأنشطة غير المشروعة.

واحتجزت الولايات المتحدة حتى الآن ناقلتي نفط اشتبهت في قيامهما بنقل النفط الفنزويلي.

وأشار الخبراء المكلّفون من مجلس حقوق الإنسان إلى أنّه «وفقاً للمعلومات المتوفرة، لم يشكّل أي من القتلى حتى الآن تهديداً مباشراً يبرر اللجوء إلى القوة القاتلة».

وأوضحوا أنّ «هذه الإعدامات تشكل انتهاكاً للحق في الحياة»، مؤكدين أنّه «يجب التحقيق فيها وتقديم المسؤولين عنها للعدالة». وأضافوا: «في الوقت نفسه، ينبغي على الكونغرس الأميركي التدخل لمنع المزيد من الهجمات ورفع الحصار».

والثلاثاء، دانت فنزويلا وروسيا والصين سلوك واشنطن تجاه كاراكاس أمام مجلس الأمن الدولي، حيث اتهم المندوب الفنزويلي الولايات المتحدة بـ«أكبر عملية ابتزاز في تاريخنا».