«البديل لألمانيا» يكمل صعوده على المستوى الوطني... ويزحف غرباً

مستفيداً من أزمة اقتصادية مستمرة وسياسات هجرة متشددة

أليس فيدل زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا» بعد الانتخابات في فبراير الماضي (أ.ب)
أليس فيدل زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا» بعد الانتخابات في فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«البديل لألمانيا» يكمل صعوده على المستوى الوطني... ويزحف غرباً

أليس فيدل زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا» بعد الانتخابات في فبراير الماضي (أ.ب)
أليس فيدل زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا» بعد الانتخابات في فبراير الماضي (أ.ب)

ما بدا ظاهرة تقتصر على الولايات الشرقية قبل سنوات، بدأ يتمدد إلى كل الولايات الألمانية؛ فشعبية حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف تتصاعد حتى في الولايات الغربية التي هي أكثر ثراء، بشكل بات يؤرق الأحزاب السياسية المعتدلة.

وأظهرت الانتخابات المحلية ولاية شمال الراين فستفاليا، أكبر ولاية ألمانية بعدد ناخبين يقارب 14 مليوناً من أصل 60 مليون ناخب في أنحاء البلاد، أن حزب «البديل من أجل ألمانيا» ضاعف أصواته بثلاث مرات منذ الانتخابات الأخيرة قبل 5 سنوات. وحقق الحزب اليميني المتطرف أكثر من 16 في المائة من نسبة الأصوات.

ورغم أنه حلّ ثالثاً، وحافظ الحزبان الحاكمان «المسيحي الديمقراطي» بزعامة المستشار فريدريش ميرتس و«الاشتراكي الديمقراطي»، على نسبة الأصوات نفسها تقريباً، فإن مكاسب «البديل لألمانيا» السريعة في تلك الولاية شكلت جرس إنذار للأحزاب الأخرى. وغالباً ما تعتبر ولاية شمال الراين فستفاليا عينة لمزاج البلاد بشكل عام، بسبب حجمها وقوتها الاقتصادية.

رسم توضيحي لصعود اليمين المتطرف في ألمانيا على حساب الأحزاب الأخرى (الشرق الأوسط)

سياسات هجرة متشددة

ويحاول ميرتس منذ وصول حزبه للسلطة اعتماد سياسات متشددة حيال الهجرة، في محاولة لوقف تمدد «البديل من أجل ألمانيا» الذي يضع مسألة الهجرة في طليعة اهتماماته، معتمداً خطاباً مجيّشاً ضد المهاجرين. وقد اعتمدت حكومة ميرتس منذ بدء مهامها قبل نحو 5 أشهر مجموعة من القوانين لقمع الهجرة، منها وقف لمّ الشمل لحاملي الحماية الثانوية، وهو نوع من اللجوء المؤقت، كما تبحث إعادة الترحيل إلى سوريا وأفغانستان رغم تصنيف الدولتين غير آمنتين.

واستفاد الحزب اليميني المتطرف من مجموعة من العمليات الإرهابية التي وقعت في الأشهر الماضية ونفذها طالبو لجوء من أفغانستان وسوريا، إضافة إلى أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع أرباح أكبر قطاع صناعي، وهو قطاع السيارات.

وقبل 5 سنوات، كانت نسبة التأييد لحزب «البديل من أجل ألمانيا» لا تتعدى 16 في المائة في الولايات الشرقية التي تعد معقلاً له، في حين وصلت اليوم في بعض الولايات الشرقية إلى أكثر من 34 في المائة.

أما في الولايات الغربية، حيث لم يكن الحزب يتمتع بتأييد يُذكر، فقد ارتفعت نسبة تأييده إلى قرابة 16 في المائة كما أظهرت الانتخابات الأخيرة.

ويكرر ميرتس أن هذه الفرصة الأخيرة أمام حزبه لوقف تمدد الحزب المتطرف وإعادة كسب الناخبين منه. ولكن رغم سياسات حكومته التي يعتمدها حول الهجرة، فهو لا يبدو قادراً على وقف هذا التمدد اليميني.

ويأمل الحزب المتطرف الذي يحظى بأكبر كتلة معارضة في البرلمان الفيدرالي (بوندستاغ) أن يدخل الحكومة القادمة رغم رفض كل الأحزاب السياسية الألمانية التحالف معه. ولكن خبراء يرون أن استمرار تحقيق الحزب تقدماً على الصعيد الوطني قد يجعل من الصعب استمرار رفض التحالف معه. وتراقب المخابرات الحزب بسبب تصنيفه مشتبهاً بأنه يميني متطرف، بحثاً عن أدلة قد تؤكد تورطه بالعمل خلافاً للدستور، وهو أمر إذا ثبت يمكن أن يؤدي إلى حظره.

مرشحون في الانتخابات المحلية عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» في ولاية شمال الراين فستفاليا (أ.ف.ب)

تمثيل الطبقات العاملة

ورأت صحف ألمانية أن الحزب المتطرف يتمدد بسبب تدهور الوضع الاقتصادي. وكتبت صحيفة «تزودويتشه تزايتوغ» العريقة أن حزب «البديل من أجل ألمانيا» بات الحزب الرئيسي للقاعدة الشعبية السابقة لـ«الحزب الاشتراكي»؛ أي العمال. واستنتجت صحيفة «مونشينير مركور» استنتاجاً شبيهاً، وقالت إن «الحزب الاشتراكي» لم يعد يمثل الطبقة العاملة، وكتبت أن «البديل من أجل ألمانيا» أصبح «ينمو حيث الخوف والتدهور يظهران، وفي منطقة الرور وعلى الصعيد الوطني حيث تنتشر صناعة السيارات، يتزايد المد الأزرق»، وهو لون حزب «البديل من أجل ألمانيا». وكتبت الصحيفة أن «العواطف تتغلب على التحليل بأن أفكار (البديل من أجل ألمانيا) حول إعادة التأميم، ستقضي على الصناعة الألمانية الموجهة نحو التصدير بشكل أكثر وحشية من أي تغيير هيكلي».

وانتقدت صحيفة «نيو زورشير تزايتوغ» محاولات «شيطنة» الحزب المتطرف، وقالت إن هذه المحاولات لا تنجح، بل من الواضح أنها باتت تدفع بناخبين إضافيين في أحضان الحزب.

وانتقدت صحف أخرى «حزب الخضر» الذي كان الخاسر الأكبر، ويبدو أن عدداً كبيراً من أصواته ذهب لحزب «البديل من أجل ألمانيا»، وكتبت صحيفة «ميندنر تاغبلات» أن «(حزب الخضر) يدّعي أنه حزب الجيل الأصغر والمدن، ولكن هذا لم يعد كافياً لتأمين تأييد له فيما يتزايد عدم اليقين الاقتصادي وأزمة النفط المستمرة». وأضافت الصحيفة أنه «بالنسبة للكثيرين في حياتهم اليومية، لم تعد فقط القناعات البيئية هي المهمة، ولكن أيضاً مسألة القدرة على تحمل أعباء السكن، وتأمين وظائف، ووجود بنى تحتية مضمونة».


مقالات ذات صلة

محاكمة 7 «مناهضين للفاشية» في ألمانيا بتهمة العنف ضد يمينيين متطرفين

أوروبا متهمون ومحاموهم يصلون إلى بداية محاكمة 7 متطرفين يساريين متهمين بالانتماء إلى منظمة إجرامية في 25 نوفمبر 2025 في المحكمة الإقليمية العليا في دريسدن بشرق ألمانيا (أ.ف.ب)

محاكمة 7 «مناهضين للفاشية» في ألمانيا بتهمة العنف ضد يمينيين متطرفين

بدأت في ألمانيا، الثلاثاء، محاكمة 7 أشخاص يُشتبه في أنهم ينتمون إلى حركة «أنتيفا أوست» اليسارية المتطرفة، بتهمة شن هجمات عنيفة على أشخاص من اليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم بولين هانسون زعيمة حزب «أمة واحدة» ترتدي النقاب في مجلس الشيوخ الأسترالي اليوم (د.ب.أ)

أستراليا: برلمانية يمينية تثير غضباً بارتدائها النقاب في مجلس الشيوخ

أثارت سياسية أسترالية من اليمين المتطرف غضباً واسعاً، الاثنين، بعد وضعها النقاب في برلمان البلاد، في تصرف وصفه نواب آخرون بأنه «عنصري».

«الشرق الأوسط» (سيدني)
شؤون إقليمية النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)

ميليشيات لكتم الأفواه تعمل في إسرائيل

بعد تكرار حوادث الاعتداءات على القادة السياسيين العرب ونشطاء سياسيين يهود من المعارضة وصحافيين ناقدين، بات واضحاً أن هناك ميليشيات لكتم الأفواه.

نظير مجلي (تل أبيب)
أوروبا أفراد من جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: محاكمة أعضاء بجماعة يسارية بتهمة مهاجمة أهداف ليمينيين متطرفين

جماعة «أنتيفا - أوست» متهمة بالمسؤولية عن هجمات على فاشيين وناشطين يمينيين متطرفين بين عامي 2018 و2023.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف (ألمانيا))
أوروبا المستشاران الألمانيان السابقان أولاف شولتس وأنجيلا ميركل (د.ب.أ)

ألمانيا: توقيف رجل بتهمة التخطيط لهجمات ضد شولتس وميركل

أوقفت برلين مواطناً ألمانياً - بولندياً للاشتباه بتخطيطه لهجمات ضد شخصيات سياسية ألمانية.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
TT

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

وكتبت هيئة الأركان العامة للجيش على تطبيق تلغرام أن مصنع نيفينوميسكي أزوت تعرض للقصف يوم الخميس، موضحة أن المنشأة تنتج مكونات للمتفجرات ووصفتها بأنها واحدة من أكبر المنشآت من هذا النوع في روسيا.

ولم يصدر على الفور رد فعل من جانب المسؤولين الروس، ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة ما أعلنه الجيش الأوكراني بشكل مستقل.


أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
TT

أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، اليوم الخميس، في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أوكرانيا تريد «سلاماً حقيقياً وليس تهدئة» مع روسيا.

وتسعى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي هيئة معنية بالأمن والحقوق، إلى الاضطلاع بدور في أوكرانيا ما بعد الحرب.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الأربعاء، إن الطريق أمام محادثات السلام غير واضح حالياً، في تصريحات بعد محادثات وصفها بأنها «جيدة إلى حد معقول» بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثين أميركيين.

وأضاف سيبيها أمام المجلس الوزاري السنوي للمنظمة: «ما زلنا نتذكر أسماء أولئك الذين خانوا الأجيال القادمة في ميونيخ. يجب ألا يتكرر ذلك مرة أخرى. يجب عدم المساس بالمبادئ ونحن بحاجة إلى سلام حقيقي وليس إلى تهدئة».

جنود روس يقومون بدورية بمنطقة سودجا بإقليم كورسك (أرشيفية - أ.ب)

وأشار الوزير بهذا على ما يبدو إلى اتفاقية عام 1938 مع ألمانيا النازية، التي وافقت بموجبها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا على أن يضم أدولف هتلر إقليماً فيما كان يُعرف آنذاك بتشيكوسلوفاكيا. وتستخدم هذه الاتفاقية على نطاق واسع باعتبارها إشارة إلى عدم مواجهة قوة مهددة.

ووجه سيبيها الشكر للولايات المتحدة على ما تبذله من جهود في سبيل إرساء السلام، وتعهد بأن أوكرانيا «ستستغل كل الفرص الممكنة لإنهاء هذه الحرب»، وقال: «أبرمت أوروبا الكثير للغاية من اتفاقيات السلام غير العادلة في الماضي. أسفرت جميعها عن كوارث جديدة».

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس إن فريقه يستعد لعقد اجتماعات في الولايات المتحدة وإن الحوار مع ممثلي ترمب سيستمر.

وبرزت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تضم 57 دولة منها الولايات المتحدة وكندا وروسيا ومعظم دول أوروبا وآسيا الوسطى، بوصفها منتدى مهماً للحوار بين الشرق والغرب خلال الحرب الباردة.

وفي السنوات القلائل الماضية، وصلت المنظمة إلى طريق مسدود في كثير من الأحيان، إذ عرقلت روسيا تنفيذ قرارات مهمة، واتهمتها بالخضوع لسيطرة الغرب. واشتكت روسيا في بيانها من «هيمنة أوكرانيا الشاملة على جدول الأعمال» في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.


تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
TT

تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)

ذكرت وسائل إعلام محلية في آيرلندا، الخميس، أن سفينة تابعة للبحرية الآيرلندية رصدت ما يصل إلى 5 طائرات مسيرة تحلق بالقرب من مسار طائرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى وصوله في زيارة دولة إلى آيرلندا، يوم الاثنين.

وذكرت صحيفة «آيريش تايمز» أن عملية الرصد أثارت استنفاراً أمنياً واسعاً وسط مخاوف من أنها محاولة للتدخل في مسار الرحلة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمّها القول إن الطائرة، التي وصلت قبل موعدها بقليل، لم تكن معرضة للخطر، وفقاً لوكالة «رويترز».

ووصل الوفد الأوكراني في ساعة متأخرة من مساء يوم الاثنين، وغادر في وقت متأخر من اليوم التالي، في إطار رحلة للمساعدة في حشد الدعم الأوروبي لكييف، في الوقت الذي تواصل فيه روسيا حربها على أوكرانيا.

وأدّت توغلات الطائرات المسيرة، التي لم يُكشف عن الجهة المسؤولة عنها حتى الآن، إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية في أوروبا في الآونة الأخيرة. ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، هذه التوغلات بأنها «حرب متعددة الوسائل».