الزنجبيل لعلاج مرض السكري

دراسة حديثة تعيد التذكير بالجدوى الصحية له

الزنجبيل لعلاج مرض السكري
TT

الزنجبيل لعلاج مرض السكري

الزنجبيل لعلاج مرض السكري

لطالما طُرح هذا السؤال في أوساط التغذية الإكلينيكية: هل يُمكن للزنجبيل أن يُساعد مرضى السكري في ضبط ارتفاعات نسبة السكر في الدم، أو في تخفيف سرعة ظهور مضاعفات وتداعيات السكري؟

إجابات مدعومة بالأدلة

والآن يبدو أن ثمة إجابات مدعومة بأدلة علمية تُشير إلى ذلك، فهو يُخفّض سكر الدم، ويُخفّض الالتهابات بفعالية. وذلك مما أكدته مراجعة علمية منهجية رفيعة المستوى للأدلة الإكلينيكية، قام بها باحثون من الولايات المتحدة، حول الفوائد الصحية الواسعة للزنجبيل، والتي استعرض فيها الباحثون تأثيراته المضادة للالتهابات، وتخفيف الغثيان أثناء الحمل NVP، ومرض السكري. ومع تأكيد إمكانية استخدامه على أنه علاج طبيعي آمن، ولكن بعدة ضوابط صحية في الكمية المُتناولة، ومراجعة الأدوية التي يتناولها الشخص بشكل يومي، واستشارة الطبيب المعالج.

ووفق ما تم نشره ضمن عدد بداية أغسطس (آب) الماضي من مجلة «آفاق علم الصيدلة» Frontiers in Pharmacology، قام باحثون في كلية بوريل للطب التقويمي وكلية الطب بجامعة ميرسر في الولايات المتحدة الأميركية بمراجعة عدد من الدراسات الإكلينيكية السابقة التي صدرت في الفترة ما بين عامي 2010 و2025، والتي تناولت بالبحث آثار الزنجبيل على الالتهاب، وسكر الدم، وغيرهما من المؤشرات الفسيولوجية، ما قد يُفيد في استخدامه على أنه غذاء وظيفي.

ورغم استمرار وجود قيود على جودة الدراسات واتساقها، أكدت نتائجهم أن مكملات الزنجبيل تُقلل بشكل ملحوظ من العلامات الرئيسة للالتهابات، وتُخفض مستوى السكر في الدم، ومستويات الهيموغلوبين السكري HbA1c لدى مرضى السكري من النوع الثاني T2D، وتُحسّن من مستويات المواد المضادة للأكسدة في الجسم.

وسائل علاج طبيعية

ومن المهم التعامل مع مرض السكري بتلقي المعالجات الطبية المعتمدة أولاً، نظراً للمضاعفات والتداعيات المرضية عميقة التأثير للمرض. ولكن باعتباره خطوة «مُكملة»، يمكن الاستفادة من الوسائل العلاجية الطبيعية التي ثبتت جدواها الإكلينيكية، دون إهمال المتابعة الطبية، وتلقي المعالجات الطبية المعتمدة. ذلك أن مع تغيرات نمط الحياة والبيئة المعيشية، يتزايد انتشار داء السكري من النوع الثاني بمعدلات مثيرة للقلق. ووفقاً للبيانات الصادرة عن الاتحاد الدولي للسكري International Diabetes Federation، فقد ارتفع عدد مرضى السكري إلى 415 مليوناً بحلول عام 2015، ومن المتوقع أن يعاني 10 في المائة من البالغين من داء السكري في عام 2040.

وفي الوقت نفسه، زادت متلازمة التمثيل الغذائي (MetS)، وهي عامل خطر مهم لمرض السكري، من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنحو خمسة أضعاف، ووصل معدل الإصابة به إلى ربع سكان العالم البالغين (الاتحاد الدولي للسكري، 2017). ويشترك مرضى داء السكري من النوع الثاني أو متلازمة التمثيل الغذائي في خصائص مشتركة تتمثل في ارتفاع نسبة السكر في الدم، وانخفاض حساسية الإنسولين، والسمنة، واضطراب كولسترول ودهون الدم، وارتفاع ضغط الدم، والتي غالباً ما تظهر مجتمعةً بدلاً من أن تظهر منفردة.

الزنجبيل غني بمضادات الأكسدة

والحقيقة أن البشر منذ القدم، استخدموا الأعشاب والتوابل لأكثر من مجرد مُحسِّنات للنكهة، بل لتعزيز الصحة، وعلاج الأمراض. ولدى كثير من شعوب العالم القديمة، استُخدم الزنجبيل لآلاف السنين لعلاج كل شيء.

والزنجبيل يتميز بنكهة عطرية لاذعة مُشتقة بالأساس من مركبات نشطة بيولوجياً، من أشهرها الجنجيرول، والشوغول. وكثير من الباحثين الإكلينيكيين سعوا بالفعل، وخاصة خلال العقود الأخيرة، إلى الالتفات إلى هذا الأمر. ذلك أن من غير الصحيح إهمال الموروثات العلاجية القديمة.

ولذا تم إجراء العشرات من الدراسات العلمية، في مناطق عدة من العالم، لاستكشاف إمكانات الزنجبيل في معالجة حالات مرضية، مثل مرض السكري من النوع الثاني، والإجهاد التأكسدي، والغثيان والقيء المرتبطين بالحمل. ولأسباب عدة، كانت نتائجها في الغالب متضاربة ومُربكة، مما يُصعِّب على الأطباء والمستهلكين اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الاستهلاك، والجرعة.

وقال الباحثون: «تُشير الدراسات إلى أن الزنجبيل يُمكن أن يُخفض مستوى السكر في الدم أثناء الصيام، ويُحسّن مستوى الدهون في الدم من خلال تعزيز وظيفة إنزيم مضادات الأكسدة، لاحتوائه على أكثر من 40 مركباً كيميائياً تعمل مضادات للأكسدة. وقد أثبتت التجارب السريرية قدرة الزنجبيل على تقليل الإجهاد التأكسدي، والالتهابات».

وفي هذا الجانب أوضحوا بالقول: «يلعب الإجهاد التأكسدي دوراً محورياً في الشيخوخة، والعديد من الأمراض المرتبطة بها، بما في ذلك أمراض القلب والشرايين، والخرف، والتهاب المفاصل، وهشاشة العظام، والسرطان، مما قد يؤدي إلى انخفاض جودة الحياة، وزيادة العبء الاقتصادي على المجتمعات».

وأفاد الباحثون في ملخص نتائجهم بالعناصر التالية:

-ارتبط تناول مكملات الزنجبيل بانخفاضات ملحوظة في مستويات البروتين التفاعلي سي CRP، وعامل نخر الورم ألفا TNF - α، إنترلوكين - 6 IL - 6، مما يشير إلى نشاطه المضاد للالتهابات.

-لدى مرضى السكري من النوع الثاني، خفض الزنجبيل بشكل ملحوظ مستوى الهيموغلوبين السكري HbA1c، ومستوى سكر الدم بعد الصوم FBG، ما يُعزز آثاره المفيدة في مرض السكري من النوع الثاني.

-لوحظت تأثيرات مضادة للأكسدة من خلال انخفاض مستويات المالونديالدهيد Malondialdehyde، وزيادة نشاط الغلوتاثيون بيروكسيديز Glutathione Peroxidase. ما يعكس نشاطه المُضاد للأكسدة.

-لدى النساء الحوامل، خفف الزنجبيل بشكل ملحوظ من أعراض الغثيان. ويُمكن اعتبار الزنجبيل خياراً آمناً وفعالاً بشكل عام غير دوائي للنساء اللواتي يُعانين من القيء اللاإرادي (NVP).

-استُخدمت جرعات تتراوح بين 1 و3 غرامات يومياً بشكل شائع لأغراض مضادة للالتهابات، ومضادات الأكسدة، ومضادات السكري، مع آثار جانبية ضئيلة.

-استُخدمت جرعات تتراوح بين 500 و1500ملغم يومياً على جرعات مقسمة لعلاج غثيان المعدة.

-هناك حاجة إلى المزيد من التجارب العشوائية واسعة النطاق والتحليلات التلوية لتأكيد التأثيرات الدوائية للزنجبيل، وتحديد مؤشراته السريرية.

مُنتج طبيعي آمن يُخفض سكر الدم ويقلل الالتهابات بفعالية

ضوابط صحية لكمية الزنجبيل المتناولة بشكل يومي

تشير مراجعة علمية لباحثين طبيين من جامعة ماريلاند الأميركية بشأن العلاج بالأعشاب إلى ضرورة عدم تقديم الزنجبيل للأطفال الأقل من عمر سنتين. ويُمكن للأطفال الأكبر من عمر سنتين أن يتناولوا الزنجبيل لمعالجة الغثيان، أو آلام البطن، أو الصداع. والجرعة التي يتناولها طفل بوزن يتراوح ما بين 20 إلى 25 كيلوغراماً هي نحو ثُلث الجرعة التي يُمكن للبالغ بوزن نحو 70 كيلوغراماً تناولها.

وبالعموم كما يقول هؤلاء الباحثون، فإن على البالغ عدم تجاوز كمية 4 غرامات من الزنجبيل الطازج في اليوم الواحد. أي ما يُعادل نحو 1 غرام من مسحوق الزنجبيل الجاف. ولذا فإن الحامل التي تُعاني من الغثيان والقيء يُمكنها تناول أربع جرعات من مسحوق الزنجبيل الجاف، كل جرعة تحتوي على ربع غرام.

ووفق ما تشير إليه العديد من المصادر الطبية، فإن من المهم بالنسبة لمرضى القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم ثلاثة أمور، هي:

-لا يتناول المرء الزنجبيل بديلاً لأي دواء علاجي، مثل الأسبرين، أو دواء خفض الكولسترول، أو خفض ضغط الدم، بدعوى أن الزنجبيل سيحقق الغاية نفسها.

-أن تكون كمية ما يتناوله المرء من الزنجبيل بشكل يومي كمية معتدلة، أي لا تزيد عن 1 غرام، أو نصف ملعقة شاي من مسحوق الزنجبيل الجاف.

- أن يُخبر المريض طبيبه بأنه يتناول الزنجبيل بشكل يومي، وكمية ذلك تقريباً.

وبالنسبة للمرضى الذين تتطلب حالتهم المرضية تناول أدوية لزيادة سيولة الدم، فإن عليهم التنبيه إلى أن الزنجبيل يزيد من سيولة الدم أيضاً. وتأثيرات الزنجبيل على سيولة الدم تحصل عبر آليتين: الأولى: هي إضعاف قدرة الصفائح الدموية على الالتصاق ببعضها البعض عند تكوين خثرة التجلط الدموي. والآلية الثانية عبر إعاقة عمل المركبات الكيميائية التي تُوصف بـ«عوامل تكوين تخثر الدم». ولكن هذه التأثيرات طفيفة في زيادة سيولة الدم عند عدم تجاوز كمية 4 غرامات من الزنجبيل الطازج، أو 1 غرام من مسحوق الزنجبيل الجاف. ولذا فإن على المرضى الذين يتناولون أدوية زيادة سيولة الدم عدم الإفراط في تناول الزنجبيل، وليس عدم تناول الزنجبيل بالمطلق.

وتفيد إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA بأن الزنجبيل من التوابل التي تم في بعض الدراسات الطبية ملاحظة أن له تأثيرات على قوة تخثر الدم، وبالتالي التسبب بزيادة سيولة الدم، وفي نفس الوقت أشارت إلى أن دراسات أخرى لم تلاحظ أن للزنجبيل هذه التأثيرات على سيولة الدم. ولذا تنصح بضبط كمية الزنجبيل المتناولة من قبل عموم الناس، وعلى وجه الخصوص من قبل المرضى الذين يتناولون الأسبرين، أو الوارفرين، أو أي أدوية أخرى لها علاقة بسيولة الدم، أو المرضى الذين سيذهبون لإجراء عمليات جراحية. كما تجدر ملاحظة أن تناول الزنجبيل ليس بديلاً لتناول الأدوية التي يصفها الطبيب لزيادة سيولة الدم، أو لإعاقة التصاق الصفائح الدموية ببعضها البعض.

هذا وتنصح الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد بتناول الزنجبيل باعتباره أحد العلاجات المنزلية الفاعلة وثابتة الجدوى في تخفيف مشكلة الغثيان والقيء لدى الحوامل. وتحديداً، يُشير الباحثون من جامعة ماريلاند إلى أن إجمالي كمية 1 غرام من الزنجبيل، موزعة على عدة فترات، كافية خلال اليوم لتلك الغاية.


مقالات ذات صلة

حرقة المعدة المتكررة قد تكون مؤشراً على حالة أخطر

صحتك «بوابة الحمض» قد تضعف عندما يرتخي الصمام المريئي السفلي أو يبقى مفتوحاً جزئياً (بكساباي)

حرقة المعدة المتكررة قد تكون مؤشراً على حالة أخطر

تُعدُّ حرقة المعدة عارضاً مؤقتاً ومزعجاً فحسب، ولكن استمرارها فترات طويلة قد يقود إلى مضاعفات أكثر خطورة، وقد يصل في بعض الحالات إلى مراحل ما قبل السرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الكافيين منبه يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن النوم (متداولة)

متى عليك التوقف عن تناول الطعام قبل النوم؟

ينصح الخبراء عادةً بالامتناع عن تناول الطعام خلال ثلاث ساعات قبل النوم للحصول على نوم هانئ وتجنب مشاكل الجهاز الهضمي مثل الارتجاع الحمضي

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مرحاض (رويترز)

ما هو البراز الشبحي؟ ... وهل يعد مؤشراً على صحة جهازك الهضمي؟

قال موقع «هيلث» إن البراز الشبحي هو عبارة عن حركة للأمعاء لا تترك أي أثر في المرحاض، أو على ورق التواليت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك شخص يُجري فحصاً لقياس نسبة السكر في الدم (جامعة كولومبيا البريطانية)

14 طريقة لخفض سكر الدم دون أدوية

يُعد خفض سكر الدم والحفاظ عليه ضمن المستويات الطبيعية أمراً بالغ الأهمية للصحة العامة إذ يسهم في تحسين الطاقة والمزاج والقدرة على التركيز 

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الوجبات الغنية بالدهون غير الصحية تضر بخلايا الكبد (جامعة هارفارد)

كيف تؤثر الدهون على نمو خلايا الكبد السرطانية؟

أظهرت دراسة حديثة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة أن النظام الغذائي الغني بالدهون يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

حرقة المعدة المتكررة قد تكون مؤشراً على حالة أخطر

«بوابة الحمض» قد تضعف عندما يرتخي الصمام المريئي السفلي أو يبقى مفتوحاً جزئياً (بكساباي)
«بوابة الحمض» قد تضعف عندما يرتخي الصمام المريئي السفلي أو يبقى مفتوحاً جزئياً (بكساباي)
TT

حرقة المعدة المتكررة قد تكون مؤشراً على حالة أخطر

«بوابة الحمض» قد تضعف عندما يرتخي الصمام المريئي السفلي أو يبقى مفتوحاً جزئياً (بكساباي)
«بوابة الحمض» قد تضعف عندما يرتخي الصمام المريئي السفلي أو يبقى مفتوحاً جزئياً (بكساباي)

بالنسبة لمعظم الناس، تُعدُّ حرقة المعدة عارضاً مؤقتاً ومزعجاً فحسب، ولكن استمرارها فترات طويلة قد يقود إلى مضاعفات أكثر خطورة، وقد يصل في بعض الحالات إلى مراحل ما قبل السرطان.

ووفق تقرير نشرته شبكة «فوكس نيوز»، يشير خبراء طبيون إلى أن نحو 10 في المائة من المصابين بالارتجاع المعدي المريئي المزمن (GERD) قد يُصابون بحالة تُعرَف بـ«مريء باريت»؛ حيث تُستبدل ببطانة الجزء السفلي من المريء خلايا غير طبيعية تكون أكثر عرضة للتحول السرطاني.

وتُظهر دراسات أن ما بين 3 في المائة و13 في المائة من المصابين بـ«مريء باريت» قد يصابون لاحقاً بسرطان المريء، بينما لا تتطور الحالة لدى الغالبية العظمى منهم.

متى يصبح الارتجاع الحمضي خطيراً؟

يقول اختصاصي صحة الجهاز الهضمي، الدكتور داريل جوفري: «المعدة مُصمَّمة للتعامل مع الحمض، أما المريء فليس كذلك». ويضيف: «في حالات الارتجاع، لا تكمن الخطورة في الإحساس بالحرقان في الصدر أو الحلق؛ بل في التدفق المستمر للحمض في الاتجاه الخاطئ».

ويوضح أن الصمام المريئي السفلي -الذي يصفه بـ«بوابة الحمض»- يمنع في معظم الأشخاص عودة الحمض إلى أعلى؛ إذ يُبقيه داخل المعدة التي تتمتع ببطانة سميكة من المخاط وخلايا متخصصة صُممت لحمايتها من تأثير الأحماض.

ويلفت الدكتور جوفري إلى أن «بوابة الحمض» قد تضعف عندما يرتخي الصمام المريئي السفلي أو يبقى مفتوحاً جزئياً، ما يسمح بارتداد الحمض إلى أعلى. ويوضح أن هذا الضعف قد يرتبط بنقص المغنيسيوم، وارتفاع مستويات التوتر، وتناول الكحول، وسوء النوم، والجفاف، وتناول الطعام ليلاً، وهي عوامل تُربك الهضم الصحي.

ويضيف أن وصول الحمض إلى المريء يهيِّج أنسجة لم تُصمَّم لتحمُّل الأحماض. ويقول: «في كل مرة يعود فيها الحمض بالاتجاه الخاطئ، يُحدث أذى تدريجياً يشبه حرقاً كيميائياً بطيئاً». ومع مرور الوقت، قد يؤدي هذا التهيُّج إلى تآكل البطانة، وتعزيز الالتهاب، وتغيير طبيعة الخلايا.

ويتابع: «هذه الخلايا الجديدة لم تعد خلايا مريئية طبيعية؛ بل تبدأ في التحول إلى خلايا تشبه بطانة المعدة؛ لأنها أكثر تحمُّلاً للحمض»، لافتاً إلى أن هذا التحول يُعرف باسم «التحوّل النسيجي» (Metaplasia) أو «مريء باريت».

وحذَّر من أنه مع بدء تغيُّر الخلايا يرتفع خطر حدوث طفرات إضافية، وإذا استمر هذا المسار فقد يتطور إلى «خلل التنسُّج» (Dysplasia)، وهي المرحلة التي تسبق سرطان المريء مباشرة.

وختم: «الخطر الحقيقي لا يكمن في الشعور بحرقة المعدة بحد ذاته؛ بل في التعرُّض المتكرر للحمض الذي يُجبر المريء على التكيّف بطرق لم يُصمَّم لها أساساً... ومعالجة الارتجاع من جذوره كفيلة بوقف هذه السلسلة كاملة، قبل أن تبدأ التغيُّرات الخلوية».

الرجال أكثر عرضة للخطر

وحذَّر الدكتور جوفري من أن الرجال عموماً أكثر عرضة لمخاطر الارتجاع الحمضي؛ إذ إنهم يستهلكون مخزون المغنيسيوم بوتيرة أسرع، ويميلون إلى تراكم دهون حشوية تضغط صعوداً على المعدة، كما يتناولون وجبات أثقل، ويُكثرون من الوجبات الخفيفة ليلاً. وأوضح أن هذه العوامل جميعها تُضعف «بوابة الحمض» وتُعطِّل الهضم الصحي.

وأضاف: «تناول الطعام خلال الساعات الثلاث التي تسبق الاستلقاء يكاد يضمن عدم إفراغ المعدة، وهو من أكبر مسببات الارتجاع الليلي». وتابع: «إلى ذلك، يتجاهل الرجال الأعراض في كثير من الأحيان، أو يُخفونها باستخدام مثبطات مضخة البروتون (PPIs) ومضادات الحموضة، بدل معالجة السبب الجذري».

وأشار جوفري إلى أن اجتماع هذه العوامل يخلق «عاصفة مثالية» من الالتهاب المزمن والضرر طويل الأمد.

علامات تحذيرية

توجد إشارات إنذارية تدل على أن الارتجاع الحمضي تجاوز كونه إزعاجاً عابراً وأصبح مستمراً ومزمناً. وقال جوفري: «إذا أصبح الإحساس بالحرقان أكثر تكراراً أو أشدَّ حدَّة، أو بدأ يظهر حتى من دون تناول طعام، فهذه علامة تحذير كبيرة يطلقها الجسم».

وأوضح جوفري أن صعوبة البلع، أو الإحساس بأن الطعام «عالِق»، أو بُحَّة الصوت المزمنة، أو السعال المستمر، أو الحاجة المتكررة لتنظيف الحلق، أو الشعور بوجود كتلة في الحلق، جميعها مؤشرات على أن الحمض يرتدُّ إلى مناطق لا ينبغي أن يصل إليها.

وحذَّر قائلاً: «ظهور تقرُّحات في الحلق، أو حتى في الفم، يُعدُّ علامة إضافية على أن الحمض يُحدث أضراراً حقيقية».

وأضاف أن «من أبرز إشارات الخطر أيضاً تحوُّل الارتجاع من حالة تُلاحظ أحياناً إلى شعور يومي أو ليلي، أو توقُّف مثبطات مضخة البروتون ومضادات الحموضة عن تقديم فائدة». ولفت إلى أن ذلك «يعني غالباً أن بطانة المريء متهيِّجة ومتآكلة، وربما بدأت بالفعل تشهد تغيُّرات على المستوى الخلوي».


ساعات ذكية تُساعد الآباء في التحكم بنوبات غضب الأطفال

ساعات ذكية تُساعد الآباء في التحكم بنوبات غضب الأطفال
TT

ساعات ذكية تُساعد الآباء في التحكم بنوبات غضب الأطفال

ساعات ذكية تُساعد الآباء في التحكم بنوبات غضب الأطفال

كشفت دراسة نفسية جديدة، نُشرت في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن نظام تنبيه قام بتطويره باحثون في مايو كلينك Mayo Clinic، في الولايات المتحدة، يعتمد بشكل أساسي على الساعات الذكية للفت نظر الآباء، وتنبيههم عند ظهور أول علامات نوبة الغضب في الأطفال الذين يعانون من اضطرابات عاطفية، وسلوكية، ما يدفعهم للتدخل قبل تفاقمها.

ساعة ذكية وتطبيق هاتفي

في هذا النظام الجديد، ترصد الساعة الذكية التي يرتديها الطفل الإشارات الفسيولوجية للتوتر، والغضب، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب، أو أي تغيرات تحدث في الحركة، وترسلها إلى تطبيق مزود ​​بتقنية لتحليل هذه البيانات الطبية بالذكاء الاصطناعي على الهواتف الذكية للوالدين، ويقوم التطبيق بالتنبؤ بالسلوك الغاضب الذي يمكن أن يقدم عليه الأطفال، ويرسل تنبيهاً فورياً للآباء، بحيث يمكنهم التواصل السريع مع طفلهم.

قام الباحثون بإجراء الدراسة على خمسين طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، وكان جمعيهم تلقوا علاجاً نفسياً تفاعلياً بين الوالدين والأطفال في مايو كلينك على مدار 16 أسبوعاً، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين متساويتين، نصفهم ارتدوا الساعة الذكية، بينما استمر النصف الآخر في تلقي العلاج التفاعلي المعتاد.

تدخل الآباء السريع لتقديم الدعم النفسي

أظهرت النتائج أنه حتى التدخلات الصغيرة من قبل الآباء في الوقت المناسب كان لها أثر واضح في تغيير مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الأطفال، حيث وفرت هذه اللحظات للوالدين فرصة التدخل السريع، وتقديم الدعم النفسي، من خلال الاقتراب من الطفل، وطمأنته، وتوجيه رد فعله بشكل صحيح قبل أن تتفاقم نوبة الغضب.

تقليل فترة نوبة الغضب

وجدت الدراسة أن الساعات الذكية ساعدت الآباء على التدخل قبل تفاقم نوبات الغضب في غضون أربع ثوانٍ فقط، وكذلك قللت من مدة نوبات الغضب الشديدة في حالة حدوثها، حيث استمرت لمدة 10 دقائق فقط في المجموعة التي ارتدت الساعة الذكية، مقارنة بـ22 دقيقة في المجموعة التي تلقت العلاج التفاعلي العادي، أي ما يقرب من نصف المدة، كما قلّت احتمالية استمرار نوبة الغضب لمدة 15 دقيقة أو أكثر بمعدل 3 مرات في هؤلاء الأطفال.

دقة تنبؤ عالية

أظهرت دراسة سابقة لنفس الفريق البحثي، منشورة في مجلة «علم الأدوية النفسية للأطفال والمراهقين»، أن الخوارزمية المستخدمة في الساعة الذكية قادرة على التنبؤ بالحالة السلوكية للطفل بدقة تصل إلى 81 في المائة، وبالتالي تستطيع هذه الخوارزميات تقديم إنذار مسبق قبل حدوث نوبة الغضب بفترة كافية.

أوضح الباحثون أن الساعات الذكية سوف تساهم في حل مشكلة كبيرة بالنسبة للآباء، نظراً لعدم استياء الأطفال من ارتدائها، حيث أوضح الباحثون أن معظم الأطفال ارتدوا الساعة الذكية تقريباً لنحو 75 في المائة من فترات الدراسة، ما يُشير إلى إمكانية توقع ارتدائهم لها باستمرار، وهذا سيفيد ملايين الأسر. ويوجد طفل واحد من بين كل خمسة أطفال في الولايات المتحدة يعاني من اضطراب نفسي، أو سلوكي، أو عاطفي تبعاً لبيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC.

علاجات مبنية على تحليلات متقدمة

رغم أن فكرة الساعة الذكية تبدو بسيطة، فإنها توفر علاجات مبنية على تحليلات متقدمة، لذلك من المتوقع أن تغير حياة العائلات التي تعاني من الأعراض السلوكية الحادة، ونوبات الغضب في الأطفال.

في النهاية، أكد الباحثون أنهم بصدد تحسين دقة نظام التنبؤ في الساعات الذكية في المستقبل، واختبارها على مجموعات أكبر، وتقييم فوائدها طويلة الأمد في الرعاية الروتينية للأطفال.


متى عليك التوقف عن تناول الطعام قبل النوم؟

الكافيين منبه يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن النوم (متداولة)
الكافيين منبه يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن النوم (متداولة)
TT

متى عليك التوقف عن تناول الطعام قبل النوم؟

الكافيين منبه يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن النوم (متداولة)
الكافيين منبه يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن النوم (متداولة)

ينصح الخبراء عادةً بالامتناع عن تناول الطعام خلال ثلاث ساعات قبل النوم للحصول على نوم هانئ، وتجنب مشاكل الجهاز الهضمي مثل الارتجاع الحمضي. لكن بالنسبة للبعض، يُعدّ تناول الطعام قبل النوم ضرورة.

تقول لورين تويغ، أخصائية التغذية المسجلة لدى «لورين تويغ نيوتريشن»، لموقع «هيلث»: «قد يؤدي تناول الطعام قبل النوم مباشرةً إلى زيادة السعرات الحرارية غير الضرورية، مما يُسبب زيادة الوزن، وارتفاعاً حاداً في مستوى السكر في الدم، وانخفاضاً في جودة النوم. أما بالنسبة للآخرين، فقد تُساعد وجبة خفيفة متوازنة في نهاية اليوم على كبح الشهية، وموازنة مستوى السكر في الدم، وبالتالي الحصول على نوم أفضل ليلاً».

قبل نومك بكم ساعة عليك التوقف عن تناول الطعام؟

أضافت تويغ: «إذا كنت تتناول الطعام قبل النوم مباشرةً، فمن المهم مراعاة أنواع الأطعمة التي تتناولها في المساء، والتأكد من أن هذه الوجبة الخفيفة غنية بالعناصر الغذائية المفيدة للنوم والصحة».

إليك بعض الإرشادات العامة حول الوقت الأمثل للتوقف عن تناول الطعام قبل النوم، بما في ذلك أنواع الأطعمة التي يجب الحدّ منها.

تعرف على فوائد القرنفل للنوم

الكربوهيدرات

نصحت كايت ريتشاردسون، اختصاصية التغذية المسجلة لدى مؤسسة «نيوتريشن أويرنس»، بموقع «هيلث» الإلكتروني، بتجنب تناول الكربوهيدرات الغنية بالعناصر الغذائية، مثل المعكرونة والخبز، قبل النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات على الأقل.

وأضافت: «قد ترفع الكربوهيدرات الغنية بالعناصر الغذائية مستوى السكر في الدم بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى اضطرابات النوم. أما الكربوهيدرات المعقدة، مثل الشوفان أو البطاطا الحلوة، فهي خيار ممتاز في وقت مبكر من اليوم».

البروتين

تشير ريتشاردسون إلى أن تناول كمية قليلة من البروتين قبل النوم، مثل قطعة صغيرة من الديك الرومي أو الدجاج، أمر جيد. لكن تناول كميات كبيرة منه قد يُرهق عملية الهضم ويؤثر سلباً على النوم.

وتنصح ريتشاردسون: «احرص على تناول الكمية الرئيسية من البروتين في وقت مبكر من اليوم».

الكافيين

حاول تجنب الكافيين بعد الساعة الثانية ظهراً. وأوضحت ريتشاردسون: «مع أن تحمل الكافيين يختلف من شخص لآخر، إلا أن معظم الناس يحتاجون إلى التوقف عن تناوله قبل العشاء بوقت كافٍ لتجنب اضطراب النوم».

الكافيين منبه يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن النوم ويغير عادات النوم. قالت تويغ: «يجب تجنب تناول الأطعمة والمشروبات مثل القهوة والشاي ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية وبعض أنواع الشوكولاته وألواح الطاقة، وحتى بعض الحلويات والوجبات الخفيفة بنكهة الإسبريسو، ليلاً».

وأوضح الدكتور سانديب ساشار، طبيب أسنان في مدينة نيويورك يعمل لدى عيادة ساشار لطب الأسنان، لموقع «هيلث»، أن الكافيين قد يؤثر أيضاً على إفراز اللعاب، ويزيد من صرير الأسنان وضغطها ليلاً.

ماذا تكشف وضعية نومك عن صحتك النفسية؟

السكر

ينبغي تجنب تناول الحلويات قبل النوم. يقول ريتشاردسون: «إنها ترفع مستوى السكر في الدم بشكل حاد، مما يؤدي إلى انخفاضه لاحقاً، وقد تؤثر سلباً على قدرتك على النوم». حاول إشباع رغبتك في تناول الحلويات في وقت مبكر من اليوم بتناول الفواكه أو الوجبات الخفيفة الحلوة طبيعياً.

كما أن تناول الأطعمة السكرية أو اللزجة قبل النوم قد يؤثر على صحة الفم. يقول الدكتور ساشار: «تُعد الوجبات الخفيفة والمشروبات السكرية من أسوأ الأطعمة التي تغذي نمو البكتيريا وما يتبعه من إنتاج الأحماض التي تسبب تآكل مينا الأسنان». تلتصق الأطعمة اللزجة، مثل البسكويت والفواكه المجففة وألواح الجرانولا والحلوى، بالأسنان، مما يُطيل فترة تعرضها للعوامل الخارجية ويُسبب تآكل المينا.

الأطعمة المالحة

قد يؤدي تناول كميات كبيرة من الأطعمة المالحة إلى زيادة العطش، مما يدفعك لشرب المزيد من السوائل قبل النوم مباشرةً. يقول تويغ: «قد يجعلك هذا تستيقظ للذهاب إلى الحمام أكثر من المعتاد طوال الليل».

حاول أيضاً تجنب الأطعمة الحارة أو المقلية قبل النوم. فتناول هذه الأنواع من الأطعمة قبل النوم مباشرةً قد يُسبب عسر الهضم أو حرقة المعدة، مما قد يُؤثر سلباً على نومك، وفقاً لتويغ.

ابدأ يومك بشكل صحيح... خطوتان صباحيتان بسيطتان لنوم أفضل في المساء

كيف يُؤثر تناول الطعام قبل النوم على صحتك؟

يُمكن أن يُؤثر تناول الطعام قبل النوم سلباً على نومك، ويُسبب زيادة في الوزن، وحموضة المعدة، وتآكل الأسنان، وفقاً للدكتور ساشار.

يقول الدكتور ساشار: «يُسبب حمض المعدة في الفم تآكل مينا الأسنان. وهذه علامة خفية ولكنها مهمة على حموضة المعدة، وغالباً ما يتم تجاهلها».

بينما يقوم اللعاب بغسل جزيئات الطعام وإذابتها ومعادلة الأحماض، ينخفض ​​إفراز اللعاب أثناء النوم، كما أوضح الدكتور ساشار. يؤدي ذلك إلى تراكم البكتيريا المسببة للتسوس على الأسنان، التي تتغذى على هذه الجزيئات. في نهاية المطاف، قد تعاني من تآكل الأسنان وأمراض اللثة.

إضافةً إلى ذلك، من الشائع تناول وجبة خفيفة في منتصف الليل وعدم تنظيف الأسنان بالفرشاة، مما يؤدي إلى تراكم السكر والبكتيريا والأحماض على الأسنان طوال الليل.

تمرين صيني بسيط يعالج الأرق المزمن

هل هناك فوائد لتناول الطعام قبل النوم؟

أوضح الدكتور خوسيه أوردوفاس، كبير العلماء في مركز جان ماير لأبحاث التغذية البشرية التابع لوزارة الزراعة الأميركية والمتخصص في أمراض الشيخوخة في جامعة تافتس، لموقع «هيلث»، أنه قد يكون من الضروري تناول الطعام قبل النوم لبعض الأشخاص.

  • الوقاية من انخفاض سكر الدم: قال أوردوفاس: «قد يحتاج مرضى السكري أو من يعانون من مشاكل في تنظيم سكر الدم إلى تناول وجبة خفيفة للوقاية من انخفاض مستوى الغلوكوز في الدم ليلاً».
  • استشفاء العضلات: وفقاً لأوردوفاس، قد يستفيد الرياضيون أو الأشخاص ذوو الاحتياجات العالية من الطاقة من تناول البروتين قبل النوم لدعم استشفاء العضلات.
  • تناول فيتامينات ومعادن: تقول تويغ إن تناول الطعام قبل النوم قد يتيح فرصة أخرى لإضافة أطعمة مغذية إلى نظامك الغذائي ربما تكون قد أغفلتها خلال النهار. كما أنه قد يساعد في كبح الرغبة الشديدة في تناول الطعام والشعور بالجوع، مما قد يساعدك على النوم بشكل أفضل.
  • تناول أطعمة تساعد على النوم: «يمكنك تناول وجبة خفيفة قبل النوم تحتوي على أطعمة تساعد على النوم مثل الحليب أو المكسرات أو الكرز الحامض».