مصر تحيي رأس السنة القبطية باستعادة «أقدم تقويم زمني»

ارتبط بفيضان النيل ومواسم الزراعة عند «الفراعنة»

التقويم القبطي والمصري القديم ارتبط بالزراعة والفيضان (قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار)
التقويم القبطي والمصري القديم ارتبط بالزراعة والفيضان (قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تحيي رأس السنة القبطية باستعادة «أقدم تقويم زمني»

التقويم القبطي والمصري القديم ارتبط بالزراعة والفيضان (قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار)
التقويم القبطي والمصري القديم ارتبط بالزراعة والفيضان (قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار)

أحيت مصر عيد رأس السنة القبطية المتوافق مع رأس السنة المصرية القديمة، ويحل في 11 سبتمبر (أيلول) من كل عام، ويوافق أيضاً عيد «النيروز» وبداية الفيضان، ويتم استخدامه في تحديد مواسم الزراعة منذ عصور المصريين القدماء.

واحتفت منصات «سوشيالية» عدة بهذه المناسبة، حيث نشرت صوراً مختلفة لعيد «النيروز» وبداية السنة القبطية (1 توت 1742)، وهو التقويم الذي يسمى بتقويم الشهداء، فيما نشرت صفحات أخرى بداية السنة المصرية القديمة (1 توت 6267).

ونشر قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار المصرية صورة للتقويم القبطي بشهوره ودلالاتها ومرادفها في الطبيعة، وجاء في المنشور: «يعتبر التقويم المصري من أوائل التقاويم التي عرفتها البشرية، وهو تقويم نجمي شمسي يرتبط بنهر النيل والزراعة ويعتمد على رؤية نجم الشعرى ‏اليمانية، ويُنسب إلى (تحوت) رب الحكمة والمعرفة عند المصريين القدماء، الذي ‏توصّل إلى أول حساب للأيام ‏عرفه الإنسان».

وأوضح أن المصريين القدماء اعتمدوا بشكل أساسي على التقويم المصري في مواسم الزراعة والحصاد منذ آلاف ‏السنين وحتى وقتنا الحالي، على أساس أن السنة الشمسية الزراعية تضم 12 شهراً، عدد أيام كل منها 30 يوماً، ‏ومجموع أيام السنة 360 يوماً، ثم أضافوا إليها الأيام الخمسة المنسية التي ولدت فيها المعبودات المصرية القديمة الخمسة ‏‏‏(أوزيريس - إيزيس - نفتيس – ست - حورس)، ثم أضافوا إليها يوماً سادساً كل أربع سنوات في السنة الكبيسة، ‏قدموه هدية ‏للمعبود «تحوت» الذي علّمهم التقويم.

وارتبطت مظاهر الاحتفال برأس السنة المصرية عند قدماء المصريين، بيوم ‏اكتمال الفيضان، وكانت أيام النسيء تعتبر «إجازة» عن العمل، ويقوم ‏المصريون فيها بتنظيف البيوت والمعابد ‏التي يعاد طلاء ألوانه.

ويعدّ التقويم القبطي، وفق منشور قطاع المتاحف، امتداداً للتقويم المصري القديم، وتطور هذا الاحتفال فيما بعد إلى «عيد ‏النيروز»، وأصبح الاحتفال برأس السنة القبطية هو عيد يحتفي فيه المسيحيون المصريون بذكرى شهدائهم الأوائل، الذين اضطهدهم الإمبراطور الروماني دقلديانوس عام 284 ميلادي.

ويوضح المتخصص في اللغة القبطية وآدابها بكلية الآثار جامعة سوهاج، الدكتور إبراهيم ساويرس، أن «المصريين القدماء تبنوا التقويم الشمسي اعتماداً على 3 مواسم؛ الأول موسم الفيضان، ثم فصل الاستزراع الذي يستمر تقريباً 4 أشهر، ثم فصل الحصاد. وكانت السنة مقسمة إلى 12 شهراً؛ كل شهر 30 يوماً، بالإضافة إلى 5 أيام نسيء، ويوم سادس في حالة السنة الكبيسة». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الطريقة نفسها تبناها الأقباط. على اعتبار أن مصر كانت أقدم دول العالم التي عرف علماؤها الفلكيون التقويم وكانوا واسعي المعرفة، وارتبط هذا التقويم لدى الأقباط بفترة الاضطهاد التي تعرضوا لها على يد الإمبراطور الروماني دقلديانوس، ولكن بعد أن تحولت الإمبراطورية الرومانية المتأخرة (البيزنطية) إلى المسيحية كانت لمصر مكانة كبيرة في العالم المسيحي، وتم استخدام التقويم المصري القديم بشكل موسع، وحين ظهرت خلافات بين المسيحيين على تحديد عيد القيامة، أسند بقرار رسمي لبطريرك الإسكندرية أن يحدد هذا الموعد».

لوحة تعبر عن رؤية المصري القديم للفلك والنجوم (صفحة الباحث سامي حرك على «فيسبوك»)

وكان لارتباط التقويم القبطي بالحياة اليومية والزراعة والمحاصيل الموسمية تأثير على طقوس الاحتفال برأس السنة القبطية؛ فشمل الاحتفال تناول بعض الفواكه مثل البلح الأحمر والجوافة، حيث يرمز البلح في لونه الأحمر إلى دم الشهداء، أما الجوافة فتتميز ببياض قلبها، ويرمز ذلك لقلب الشهداء الأبيض النقي، وقد أصدر محمد علي باشا أمراً سنة 1839م باتخاذ التقويم القبطي أساساً لحسابات الحكومة، وكانت السنة تُسَمى «السنة التوتية»؛ نسبة إلى شهر «توت» أول شهور السنة القبطية؛ وفق منشور وزارة السياحة والآثار.

ولفت ساويرس إلى أن «هناك جماعات تستعيد التاريخ المصري القديم، الذي يعود إلى آلاف السنين؛ لكن في النهاية التقويم واحد ويتغير العدد من عام 284، لكن الشهور، وعدد الأيام، وارتباطها بمواسم الفيضان والزراعة والحصاد يظل ثابتاً».

ونشر الباحث في الحضارة المصرية القديمة، سامي حرك، صوراً احتفالية وتوضيحية للسنة المصرية القديمة، وأشار في منشور على صفحته بـ«فيسبوك» إلى ضرورة الاهتمام بهذا التقويم إلى جانب التقاويم الأخرى، وعَدّه «أقدم تقويم في التاريخ، ويصل هذا العام إلى سنة 6267».


مقالات ذات صلة

فنان يوناني يُعيد قراءة الإسكندر الأكبر في معرض بمكتبة الإسكندرية

يوميات الشرق بورتريه مُتخيَّل للإسكندر تظهر في خلفيته عناصر حداثية (مكتبة الإسكندرية)

فنان يوناني يُعيد قراءة الإسكندر الأكبر في معرض بمكتبة الإسكندرية

قصة الإسكندر وغزوه مصر حاضرة بين المعروضات، من بينها لوحة تُصوّره واقفاً في معبد آمون بواحة سيوة.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق تركي آل الشيخ يشاهد العناصر البصرية الدقيقة التي تعكس البيئة التاريخية للفيلم (هيئة الترفيه)

تركي آل الشيخ يتابع تحضيرات فيلم «خالد بن الوليد»

زار المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه السعودية، استوديوهات «الحصن بيغ تايم» و«القدية»، للاطلاع على سير العمل في فيلم «معركة اليرموك... خالد بن الوليد».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق لغز القدم القديمة يُعاد حلّه (غيتي)

مفاجأة من إثيوبيا... كائن مجهول عاش جنباً إلى جنب مع «لوسي»

أحفوريات جديدة اكتُشفت في إثيوبيا أثبتت أنّ قدماً غامضة تنتمي إلى نوع قديم من أشباه البشر سُمّي حديثاً، كان يعيش جنباً إلى جنب مع نوع «لوسي» الشهير...

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا الجنرال عبد الرحمن تياني (الثاني على اليسار) رئيس النظام العسكري في النيجر والذي جاء إلى السلطة بانقلاب يُحيّي حشداً من الناس في نيامي في يوليو 2024 (أ.ف.ب) play-circle

تاريخ حافل بالاضطرابات... ما أبرز الانقلابات العسكرية في أفريقيا خلال العقد الأخير؟

تاريخ أفريقيا حافل بها... فيما يلي الانقلابات العسكرية الناجحة في السنوات العشر الأخيرة في القارة السمراء وآخرها انقلاب غينيا بيساو يوم الأربعاء 26 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق السلحفاة «غرامّا» تأكل جذع موز في حديقة حيوان سان دييغو بالولايات المتحدة 17 مايو 2023 (أ.ب)

نفوق السلحفاة «غرامّا» الشهيرة عن عمر 141 عاماً

نفقت «غرامّا»، السلحفاة العملاقة التي عاشت أكثر من 141 عاماً، في حديقة سان دييغو بأميركا، بعدما أصبحت رمزاً محلياً وواحدة من أقدم السلاحف المعروفة عالمياً.

«الشرق الأوسط» (سان دييغو (الولايات المتحدة))

«SRMG» و«Snapchat» لشراكة استراتيجية لتعزيز الابتكار الإعلامي ونمو صناع المحتوى

ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
TT

«SRMG» و«Snapchat» لشراكة استراتيجية لتعزيز الابتكار الإعلامي ونمو صناع المحتوى

ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)

أعلنت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) و«سناب شات» (Snapchat) شراكة استراتيجية تهدف إلى دفع عجلة الابتكار الإعلامي، وتطوير منظومة صُناع المحتوى، وتقديم حلول تجارية متكاملة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتجمع هذه الشراكة بين علامات «SRMG» الرائدة التجارية الإعلامية، وخبرتها العميقة في صناعة المحتوى، وقدراتها، وبين منصة «Snapchat»، التقنية ومنظومتها الواسعة من صناع المحتوى. وسيعمل الشريكان معاً على استكشاف نماذج جديدة للسرد القصصي، وتعزيز تفاعل الجمهور، وتطوير سبل التعاون الإعلاني، بما يعكس التطور المتسارع للمشهد الإعلامي الرقمي إقليمياً وعالمياً.

وترتكز الشراكة على خمس ركائز استراتيجية تشمل: الإعلام، والمحتوى، وصُناع المحتوى، والرياضة، والابتكار التجاري. كما تتضمّن تطوير صيغ تحريرية وقصصية جديدة مدعومة بأدوات منصة «Snapchat»، وإطلاق مبادرات تدريبية متخصصة بالتعاون مع أكاديمية «SRMG»، ووضع استراتيجيات محتوى مشتركة تهدف إلى دعم المواهب الصاعدة وبناء منظومات قابلة للتوسع لصُناع المحتوى.

كما تتمحور هذه الشراكة حول التزام مشترك ببناء نماذج إعلامية مستدامة تجارياً، ومتجذرة في المشهدَين الثقافي والرقمي للمنطقة. وتؤمن كل من «Snapchat» و«SRMG» بأن المحتوى والتجارب التي يصوغها الجمهور المحلي ليست أكثر جاذبية فحسب، بل هي أيضاً أعلى قيمة للعلامات التجارية. ومن خلال الدمج بين البيئات الإعلامية النوعية، وأساليب السرد القصصي التي تحتويها المنصة، والتخطيط التجاري المشترك، تهدف هذه الشراكة إلى فتح آفاق أوسع للفرص، وتقديم أعمال ذات كفاءة أعلى، وتوسيع النطاق، وتحقيق نتائج ملموسة للمعلنين في المملكة العربية السعودية والمنطقة ككل.

وقالت ندى المبارك، الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية: «تعكس هذه الشراكة استراتيجية (SRMG) طويلة المدى لبناء منظومة إعلامية مترابطة، تعتمد على البيانات، وتتمتع بمرونة اقتصادية عالية. وذلك من خلال المواءمة بين محتوانا ومواهبنا وقدراتنا التجارية مع الابتكار التقني لمنصة (Snapchat)، وابتكار مسارات أكثر فاعلية للمعلنين، مع دعم الجيل القادم من صُناع المحتوى في جميع أنحاء المنطقة».

من جانبه، قال عبد الله الحمادي، المدير العام لـ«Snapchat» في السعودية: «في ظل التسارع الذي يشهده قطاع الإعلام والتقنية في السعودية، فإن التزامنا يُعد طويل الأمد وعميق الارتباط بالمشهد المحلي. ومع وجود أكثر من 26 مليون شخص يستخدمون (Snapchat) شهرياً في المملكة، أصبحنا جزءاً من أسلوب الحياة اليومي لهذه السوق. ونظراً إلى ما تتمتع به (SRMG) من حجم وتأثير وريادة، فإنها تُعد الشريك الأنسب لتوسيع هذا الأثر المتنامي. معاً، نجمع قوتَين بارزتَين جنباً إلى جنب، تتمتع كل منهما بنقاط قوة مكملة للأخرى، لخلق أوجه تعاون جديدة تُمكّن صناع المحتوى، وترتقي بالعلامات التجارية، وتُسهم بشكل هادف في رؤية المملكة لهذا القطاع».

وتحظى «Snapchat» بمكانة قوية واستثنائية في السعودية، مدفوعةً بمعدلات تفاعل يومية عالية، ومنظومة متنامية من صُناع المحتوى المحليين، وارتباط ثقافي عميق مع مختلف فئات المجتمع في السعودية. وللمعلنين، تُعد «Snapchat» منصة أثبتت فاعليتها من حيث الأداء، حيث تحقق نتائج قوية عبر مراحل الإعلان المختلفة، وذلك من خلال صيغ مُصممة لتتوافق مع طرق التواصل والتفاعل الطبيعية للناس.

ومن المقرر أن تنطلق الشراكة عبر مراحل متعددة تبدأ في عام 2026، مع تفعيل المبادرات عبر العلامات التجارية الإعلامية التابعة لـ«SRMG»، وتقديم الحلول المشتركة بقيادة «SRMG» للحلول الإعلامية.


مصرع فينس زامبيلا أحد مبتكري لعبة «كول أوف ديوتي» بحادث سيارة

فينس زامبيلا (إ.ب.أ)
فينس زامبيلا (إ.ب.أ)
TT

مصرع فينس زامبيلا أحد مبتكري لعبة «كول أوف ديوتي» بحادث سيارة

فينس زامبيلا (إ.ب.أ)
فينس زامبيلا (إ.ب.أ)

قتل فينس زامبيلا، أحد مبتكري لعبة الفيديو الشهيرة «كول أوف ديوتي»، في حادث سيارة، وفق ما أفادت وسائل إعلام أميركية الاثنين.

وذكرت قناة «إن بي سي 4» المحلية أن زامبيلا قُتل الأحد أثناء قيادته سيارته من طراز فيراري على طريق في شمال لوس أنجليس. وقد أنتجت استوديوهاته بعضاً من أكثر ألعاب الفيديو مبيعاً في العالم.

واشتهر زامبيلا بمشاركته في تطوير سلسلة ألعاب «كول أوف ديوتي» وتأسيس شركة «ريسبون إنترتينمنت»، الاستوديو الذي يقف وراء ألعاب «تايتانفول» و«أبيكس ليجندز» و«ستار وورز جيداي»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعدما بدأ مسيرته المهنية في التسعينات بوصف أنه مصمم لألعاب إطلاق النار، شارك في تأسيس شركة «إنفينيتي وارد» عام 2002، وساهم في إطلاق لعبة «كول أوف ديوتي» عام 2003. واستحوذت شركة «أكتيفيجن» لاحقاً على الاستوديو الخاص به.

ترك «أكتيفيجن» في ظروف مثيرة للجدل، وأسس شركة «ريسبون» عام 2010 التي استحوذت عليها شركة «إلكترونيك آرتس» عام 2017.

وفي «إلكترونيك آرتس» تولى زامبيلا مسؤولية إعادة إحياء سلسلة ألعاب «باتلفيلد»، ما رسخ سمعته بوصف أنه واحد من أكثر الشخصيات تأثيراً في ألعاب إطلاق النار.


كيف صنعت الجبال والبرد تنوّع النباتات عبر ملايين السنين؟

جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)
جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)
TT

كيف صنعت الجبال والبرد تنوّع النباتات عبر ملايين السنين؟

جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)
جبال تحتضن تنوعاً نباتياً ناشئاً بفعل الارتفاع ودرجات الحرارة المنخفضة (غيتي)

تلعب الجبال ودرجة الحرارة المنخفضة دوراً أساسياً في نشوء النباتات وتنوّعها على الأرض، إذ تشكل الارتفاعات العالية بيئات جديدة وتربط التغيرات المناخية بين سلاسل جبلية منفصلة، مما يسمح للنباتات بالانتشار والتكيف على مدى ملايين السنين.

أظهرت دراسة حديثة أجراها شينغ ياو وو وزملاؤه، في حديقة شيشوانغباننا النباتية الاستوائية بالأكاديمية الصينية للعلوم، ونُشرت في مجلة «ساينس أدفانس (Science Advances)» أن ارتفاع الجبال وانخفاض درجات الحرارة العالمية لعبا دوراً محورياً في نشوء وتنوّع النباتات الجبلية في نصف الكرة الشمالي. إذ أسهمت الجبال في خلق بيئات جديدة على ارتفاعات شاهقة، في حين سمح التبريد العالمي بربط سلاسل جبلية منفصلة، مما مكّن النباتات من الانتشار والاختلاط عبر مساحات واسعة على مدى ملايين السنين.

ركزت الدراسة على 5 أنظمة جبلية رئيسية وحلَّلت 34 مجموعة من النباتات الزهرية تضم 8456 نوعاً، لإعادة بناء تاريخ انتشار هذه النباتات وتنوعها زمنياً ومكانياً. أظهرت النتائج أن تشكّل الجبال وفّر بيئات جديدة على ارتفاعات عالية، مما أتاح فرصاً للتكيّف والتنوع المحلي، في حين ساعد انخفاض درجات الحرارة على توسيع نطاق البيئات الباردة وربط سلاسل جبلية كانت معزولة سابقاً، مما سهّل امتزاج النباتات عبر مسافات شاسعة.

كما كشفت الدراسة عن اختلافات واضحة في الآليات التطورية بين الأنظمة الجبلية. فقد تبين أن منطقة «التبت - الهيمالايا - هنغدوان» مثّلت مركزاً رئيسياً لنشوء التنوع البيولوجي، حيث نشأ أكثر من نصف الأنواع الجديدة من تطور محلي. في المقابل، أظهرت الأنظمة الجبلية الأوروبية والإيرانية - التورانية نمطاً مختلفاً، إذ تشكّلت نباتاتها الجبلية أساساً من سلالات محلية متوسطة إلى منخفضة الارتفاع، ومن ثَمَّ تكيفت لاحقاً مع البيئات العالية.

تؤكد هذه النتائج أن تنوع النباتات الجبلية لا يعود إلى عامل منفرد، بل إلى تفاعل طويل الأمد بين العمليات الجيولوجية والتغيرات المناخية العالمية. كما توفر الدراسة إطاراً لفهم كيفية استجابة النظم البيئية الجبلية للتغيرات المناخية المستقبلية، وتُسهم في توضيح الأنماط العامة لتشكّل التنوع البيولوجي على سطح الأرض.