كيف أسهمت استراتيجية وطنية في تدفق الاستثمارات إلى السعودية؟

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: الحكومة أجرت إصلاحات تنظيمية محفّزة لرؤوس الأموال الدولية

العاصمة الرياض وتظهر أبراج مركز الملك عبد الله المالي (الشرق الأوسط)
العاصمة الرياض وتظهر أبراج مركز الملك عبد الله المالي (الشرق الأوسط)
TT

كيف أسهمت استراتيجية وطنية في تدفق الاستثمارات إلى السعودية؟

العاصمة الرياض وتظهر أبراج مركز الملك عبد الله المالي (الشرق الأوسط)
العاصمة الرياض وتظهر أبراج مركز الملك عبد الله المالي (الشرق الأوسط)

منذ إعلان الحكومة السعودية برامج «رؤية 2030» في 2016، وضعت المملكة على عاتقها رفع حجم الاقتصاد، من خلال استقطاب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب تنمية القطاع الخاص المحلي، ليطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الاستراتيجية الوطنية للاستثمار في 2021، لتكون أحد الممكنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات «الرؤية».

تسهم الاستراتيجية الوطنية للاستثمار في نمو الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره، ما سيحقق عدداً من أهداف «رؤية 2030»، بما في ذلك رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المائة، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إسهاماته إلى 5.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16 إلى 50 في المائة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي.

وبعد تمكين الاستراتيجية الوطنية في السنوات الماضية، استطاعت البلاد تحقيق عدد من المؤشرات القياسية في حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر منذ الإطلاق في 2021.

جاذبية البيئة الاستثمارية

ووفق الإحصائيات الأخيرة، تجاوزت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024 مستهدف الاستراتيجية، للعام الرابع على التوالي، ما يعكس جاذبية بيئة المملكة الاستثمارية، حيث بلغ حجم التدفقات في العام 119 مليار ريال (31.7 مليار دولار)، قياساً بالمستهدف عند 109 مليارات ريال (29 مليار دولار).

وأسهمت الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، في زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر بالمملكة، وبلغ معدل النمو السنوي لتدفقات الاستثمار الأجنبي نحو 23 في المائة، خلال الفترة من 2017 إلى 2024، ما يعكس التزام البلاد بتعزيز بيئتها الاستثمارية وتحقيق «رؤية 2030».

ونَمَت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، في العام الماضي، بنسبة 58.3 في المائة، قياساً بعام 2021؛ أي منذ انطلاق الاستراتيجية، ما يؤكد الجهود الملموسة في تعزيز البيئة الاستثمارية بالبلاد. وتضاعفت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد أكثر من 4 مرات بين عاميْ 2017 و2024، لتصل، في العام الماضي، إلى 119 مليار ريال، قياساً بنحو 28.1 مليار ريال.

ويرى مختصون أن الممكنات المتاحة لجميع القطاعات المرتبطة في الاستراتيجية الوطنية للاستثمار جعلت المملكة مركزاً استثمارياً عالمياً ووجهة رئيسية للمقرات الإقليمية لكبرى الشركات الدولية. وأوضح المختصون أن الحكومة أقرت أنظمة وتشريعات أتاحت الأرضية الخصبة للمستثمرين، وقدمت تسهيلات ومميزات تنافسية من أجل دخول السوق السعودية.

«إقامة مستثمر أعمال»

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة أقرت تشريعات وأنظمة جديدة محفزة للمستثمرين منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، أبرزها «إقامة مستثمر أعمال»، التي تقدم عدداً من المزايا أبرزها الإعفاء من المقابل المالي المقرر على الوافدين والمرافقين، ومزاولة الأعمال التجارية وفقاً لنظام الاستثمار، إلى جانب تملُّك العقارات والانتفاع بها. وصدر قرار مجلس الوزراء في العام السابق، على نظام الاستثمار المحدث الذي يُعد من ركائز الاستراتيجية. وهو امتداد لعدد من الإجراءات التطويرية التي اتخذتها المملكة، ويؤكد التزامها بتوفير بيئة جاذبة وداعمة وآمنة للمستثمرين المحليين والأجانب، وفق أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز.

وأضاف باعجاجة أن وزارة الاستثمار تقدم الدعم وعدداً من الخدمات الأخرى لتسهيل الوصول إلى الفرص المفتوحة بالمملكة، من شركاء يربطون المستثمرين بالمنظومة الكاملة في القطاعين العام والخاص، واستشارات ومعلومات قيّمة عن البيئة وعملية تطوير القطاع في البلاد، وأيضاً تحديد الفرص المتاحة في المجالات التي تتناسب مع الشركات الراغبة في دخول السوق المحلية.

وتحدّث أستاذ الاقتصاد عن مشاركة الجهات العامة والخاصة السعودية في عدد من المؤتمرات والمعارض الدولية تحت منصة «استثمر في السعودية»، مؤكداً أن تلك المشاركات تطرح أمام الشركات العالمية الفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة حالياً في البلاد، ما أسهم في زيادة حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية.

تسويق الفرص

من جهته، أوضح المحلل الاقتصادي أحمد الشهري، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار مكّنت المستثمرين من دخول السوق السعودية، ما رفع من مؤشر تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة، بفضل عدد من الإجراءات المتخَذة لتحفيز رؤوس الأموال من أجل استغلال الفرص المتاحة حالياً في البلاد.

وأكمل الشهري أن تحسين التشريعات والسياسات، في الآونة الأخيرة، جعل المملكة بيئة جاذبة للمستثمرين، سواءً من مميزات «إقامة مستثمر أعمال»، أو النظام المحدث، لتطوير وتحسين بيئة الاستثمار بالسعودية. ووفق المحلل الاقتصادي، ففي السنوات الماضية ومنذ إطلاق الاستراتيجية، أجرت الحكومة مراجعة شاملة لإعادة صياغة المشهد، وقامت بتنفيذ 800 إصلاح اقتصادي، الأمر الذي أسهم في تحسين البيئة الجاذبة لرؤوس الأموال.

وتطرّق الشهري إلى خطوة الحكومة في إنشاء هيئة مختصة لتسويق الاستثمار، واصفاً ذلك بـ«النقلة النوعية»، لإبراز المملكة بوصفها وجهةً استثمارية عالميّاً ومحليّاً، وتسويق الفرص في كل القطاعات بجميع مكوناتها، وتعزيز الأعمال والخدمات ذات الصلة.

الإجراءات التصحيحية

تهدف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار إلى رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال (106 مليارات دولار) سنوياً، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى نحو 1.7 تريليون ريال (453 مليار دولار) سنوياً بحلول عام 2030.

وبتحقيق هذه المستهدفات، من المتوقع ارتفاع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 22 في المائة خلال 2019 إلى 30 في المائة بحلول 2030، الأمر الذي سيُسهم في نمو الاقتصاد السعودي ليصبح من أكبر 15 اقتصاداً على مستوى العالم.

وستدفع هذه الاستراتيجية الاستثمار في المملكة للأمام بوتيرةٍ أعلى وخُطى أسرع، من خلال تحسين بيئة الاستثمار، وزيادة جاذبيتها وتنافسيتها، وتنفيذ إجراءات تصحيحية جوهرية على مستوى الإطارين التنظيمي والتشريعي، وحصر وتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على المستثمرين، وتوفير حُزم من الحوافز للمشروعات النوعية، وجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية إلى المملكة، إضافةً إلى دعم استثمارات وأعمال الشركات الوطنية؛ لتعزيز مكانتها الدولية، وتمكينها من إيصال وترسيخ استثماراتها ومنتجاتها وخدماتها بكفاءة وتنافسية عالية. وتتكامل الاستراتيجية مع برامج الرؤية، التي سبق الإعلان عنها، والتي يمثل الاستثمار جزءاً أساسياً فيها، مثل: برنامج صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وبرنامج التخصيص، وبرنامج تطوير القطاع المالي، وبرنامج جودة الحياة، بالإضافة إلى الاستراتيجيات الوطنية الأخرى.


مقالات ذات صلة

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

على امتداد أشهَر عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظت واشنطن وبكين على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

لمياء نبيل (القاهرة)
بيع محصول الدخن في جنوب السعودية (واس)

نمو قياسي لقطاع المحاصيل البعلية في السعودية بأكثر من 1100%

كشف برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة (ريف السعودية) عن تحقيق قطاع زراعة المحاصيل البعلية قفزاتٍ نوعية في خدمة مستفيديه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال استحواذ «دلّه الصحية» على مستشفى المملكة يعزز حضورها في الرياض

استحواذ «دلّه الصحية» على مستشفى المملكة يعزز حضورها في الرياض

أعلنت «دلّه الصحية» عن إتمام إجراءات الاستحواذ على شركة درع الرعاية القابضة (مستشفى المملكة والعيادات الاستشارية)

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)

تقدم قوي في أداء التجارة الخارجية بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية

أظهرت بيانات حديثة تقدماً قوياً في أداء التجارة الخارجية للسعودية، بما يعكس نجاح سياسات تنويع الاقتصاد وتعزيز الصادرات غير النفطية.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

وزير الصناعة السعودي: ولي العهد سرّع إلغاء المقابل المالي لتعزيز تنافسية القطاع عالمياً

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، عن كواليس ما قبل إصدار قرار مجلس الوزراء، الأخير، المتمثل في إلغاء المقابل المالي عن القطاع الصناعي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
TT

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

مع إسدال الستار على عام 2025، يتضح أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تجاوزت بكثير كونها نزاعاً حول الرسوم الجمركية أو فائض الميزان التجاري، لتتحول إلى صراع طويل الأمد على إعادة هندسة النظام الاقتصادي العالمي. فقد مثَّل هذا العام محطة مفصلية رسَّخت انتقال المواجهة من أدوات تقليدية إلى سباق شامل يشمل التكنولوجيا، وسلاسل الإمداد، والمعايير الدولية، والتحالفات الجيوسياسية.

وعلى امتداد أشهَرَ عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظ الطرفان على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، وسط إدراك متبادل بأن كلفة الانفصال الاقتصادي الكامل ستكون باهظة على الاقتصاد العالمي برمته.

* من نزاع تجاري إلى مسار استراتيجي طويل

عند مراجعة المسار الزمني للصراع، يظهر أن جذوره تعود إلى عام 2018، غير أن حصيلة السنوات اللاحقة، وخصوصاً خلال 2025، تؤكد أن الحرب التجارية باتت تعبيراً عن تنافس استراتيجي شامل.

فمع تمسّك بكين بخططها لتوطين الصناعات المتقدمة ضمن رؤية «صنع في الصين 2025»، ازداد القلق الأميركي من تآكل التفوق التكنولوجي الغربي في قطاعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية.

علم صيني بجوار علامة «صنع في الصين» على لوحة دوائر وقد استهدفها ترمب بعقوبات تجارية (رويترز)

وقد أسهمت جائحة «كوفيد - 19»، ثم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، في ترسيخ قناعة غربية بأن الاعتماد الاقتصادي المفرط على الصين يحمل مخاطر استراتيجية، ما مهَّد لاعتماد سياسات «إزالة المخاطر» بدلاً من «فك الارتباط» الكامل.

* السياسة الأميركية والبعد الانتخابي

أحد أبرز ملامح 2025 كان تداخل الاعتبارات الاقتصادية مع الحسابات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. فمع دخول البلاد مرحلة تحضيرية انتخابية للكونغرس، تحوّل التشدد تجاه الصين إلى ملف شبه توافقي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وخلال العام، استُخدمت أدوات التجارة والتكنولوجيا لإرسال رسائل مزدوجة: للخارج عبر كبح الطموحات الصينية، وللداخل عبر طمأنة الناخب الأميركي وحماية الوظائف في قطاعات التصنيع والتكنولوجيا، مما أضفى على الحرب التجارية بعداً سياسياً لا يقل وزناً عن بعدها الاقتصادي.

* حصيلة عام العقوبات والقيود المتبادلة

تميَّز عام 2025 بتكريس منطق العقوبات والضوابط المتبادلة. فمن الجانب الأميركي، توسّعت القيود على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقائق الدقيقة المتطورة، خصوصاً تلك المرتبطة بالحوسبة الفائقة والتطبيقات العسكرية، مع إضافة عشرات الكيانات الصينية إلى القوائم المقيدة.

ترمب يستعرض الرسوم المفروضة على الصين ودول أخرى في البيت الأبيض 2 أبريل 2025 (رويترز)

أما بكين، فجاء ردّها عبر مسارين متوازيين:

الأول، تعزيز الدعم الحكومي للشركات الوطنية في قطاعات استراتيجية، مثل الرقائق والبطاريات والسيارات الكهربائية والطائرات التجارية.

والثاني، استخدام المعادن النادرة كورقة ضغط، عبر فرض قيود على تصدير بعض المواد الأساسية لصناعة الشرائح الإلكترونية.

وحصيلة هذه الإجراءات كانت تعميق حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، ودفع الشركات متعددة الجنسيات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية والإنتاجية.

* إعادة رسم سلاسل التوريد

أحد أبرز دروس عام 2025 تمثّل في أن سلاسل التوريد العالمية لم تنهَر، لكنها خضعت لإعادة تموضع واسعة. فقد أدت القيود المتبادلة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في قطاعات الإلكترونيات والسيارات، مما انعكس على أسعار المستهلكين في عدد من الاقتصادات الكبرى.

في المقابل، خرجت دول آسيوية وأميركية لاتينية رابحة نسبياً من هذا التحول، مع انتقال جزء من خطوط الإنتاج إليها. وبرزت الهند وفيتنام وماليزيا والمكسيك بوصفها محطات بديلة ضمن استراتيجية «تنويع مصادر التصنيع»، من دون أن يعني ذلك تراجعاً حاداً لدور الصين، التي حافظت على مكانتها كمركز صناعي يصعب الاستغناء عنه.

ورغم المخاوف، فإن الاقتصاد العالمي لم يشهد صدمة كبرى خلال 2025، غير أن الضغوط التراكمية كانت واضحة. فقد أسهم نقص الشرائح المتوسطة في رفع أسعار الهواتف والسيارات، كما أبقى الصراع التجاري على مستويات تضخم مرتفعة نسبياً في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

وسجَّل العام تراجعاً ملحوظاً في الاستثمارات الغربية المباشرة داخل الصين، مقابل توسّع لافت في الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية، في بحث واضح عن أسواق أقل حساسية من الناحية الجيوسياسية.

وبحسب تقديرات مؤسسات مالية دولية، فإن استمرار هذه المواجهة قد يقتطع ما بين 0.3 و0.5 في المائة من النمو العالمي على المدى المتوسط، إذا تحوّلت القيود الحالية إلى واقع دائم.

* أدوات نفوذ جديدة

وبرزت المعادن النادرة خلال 2025 كأحد أهم ميادين الصراع غير المعلنة. فالصين، التي تهيمن على إنتاج ومعالجة هذه المعادن، استخدمتها كورقة تفاوضية، بينما كثّفت الولايات المتحدة وحلفاؤها جهودهم لتأمين بدائل عبر الاستثمار في مشروعات الليثيوم والنيكل والكوبالت خارج النفوذ الصيني.

وتحوّلت هذه المعركة الصامتة إلى عنصر حاسم في سباق التحول الطاقي العالمي، حيث بات تأمين المواد الخام لا يقل أهمية عن تطوير التكنولوجيا نفسها.

ويبقى قطاع الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات ساحة المعركة الحقيقية. فعلى مدار 2025، حافظت الشركات الأميركية على تفوقها في تصميم الشرائح عالية الأداء، بينما واصلت الصين سباقها لتقليص الفجوة عبر بناء قدرات تصنيع محلية.

تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)

غير أن الضغوط الأميركية على الموردين الأوروبيين واليابانيين حالت دون حصول بكين على أحدث معدات تصنيع الرقائق، مما أبقى مسألة الاكتفاء الذاتي الصيني رهناً بتطورات تقنية وسياسية معقّدة.

وفي هذا السياق، تعكس الفجوة بين البلدين اختلافاً أعمق في الرؤية؛ إذ تدفع واشنطن نحو نموذج ابتكار تقوده السوق، بينما تعتمد بكين نموذجاً مركزياً يدمج الذكاء الاصطناعي في التخطيط الحكومي، مما ساهم في بروز نظامين تقنيين عالميين ومعايير رقمية متباينة.

* تحالفات وتوازنات نهاية العام

لم يكن الجنوب العالمي خارج مشهد 2025، بل تحوّل إلى ساحة تنافس نشطة. فبينما استفادت دول عدة من انتقال الاستثمارات والمصانع، وجدت نفسها في الوقت ذاته أمام ضغوط غير مباشرة للاصطفاف أو الالتزام بمعايير تقنية وتجارية مختلفة، مما فرض تحديات على استقلال قراراتها الاقتصادية.

وعلى المستوى الجيوسياسي، كثَّفت واشنطن جهودها لتعزيز تحالفاتها في آسيا، ولا سيما عبر الشراكة الرباعية «كواد»، واتفاقيات تكنولوجية ودفاعية جديدة.

وفي المقابل، واصلت الصين توسيع حضورها الاقتصادي في آسيا وأميركا اللاتينية والخليج، مع إعادة ضبط مبادرة «الحزام والطريق» والتركيز على المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية.

* من حصاد 2025 إلى أسئلة 2026

ورغم التصعيد، تتجنب واشنطن وبكين الانزلاق إلى مواجهة كاملة؛ فكلاهما يدرك أن الانفصال الاقتصادي الشامل (Decoupling) غير ممكن عملياً.

لكن بحسب الخبراء والمراقبين، فسيظل المشهد المقبل متوتراً، مع مجموعة من السيناريوهات المحتملة، ويأتي على رأسها:

1. استمرار سياسة «نزع المخاطر»:

من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها تقليص اعتمادهم على الصين في المعادن والرقائق، مما سيؤدي إلى إعادة أحد أكبر التحولات في سلاسل الإمداد منذ عقدين.

2. تسريع الصين تصنيع الرقائق محلياً:

ستكثف بكين استثماراتها في تكنولوجيا ومعدات تصنيع الرقائق، مع احتمال إطلاق جيل جديد من الشرائح محلية الصنع يقترب من المستوى الغربي، مما قد يغيّر معادلة القوة التقنية.

3. مفاوضات محدودة لتخفيف الاحتقان:

قد تشهد 2026 محاولات لإعادة قنوات الحوار التجاري، خصوصاً في ظل تخوّف الأسواق العالمية من تباطؤ النمو. غير أن هذه المفاوضات -إن حدثت- ستكون جزئية ولن تعالج جذور الأزمة.

4. ازدياد الحضور الآسيوي في المشهد العالمي:

ستستفيد دول آسيا الناشئة من إعادة التمركز الصناعي، ما يمنحها ثقلاً اقتصادياً أكبر ويجعلها طرفاً مساهماً في تشكيل ملامح نظام اقتصادي عالمي جديد.

وفي المحصلة، يكشف حصاد عام 2025 أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لم تعد حدثاً ظرفياً، بل مساراً طويلاً لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

ومع أن الطرفين حرصا على إدارة الصراع دون كسر الخطوط الحمراء، فإن العام المقبل مرشح لحمل استمرار التوتر، مع مفاوضات محدودة لا تمس جذور الخلاف.

والسؤال الذي سيرافق العالم إلى 2026 هو ما إذا كان هذا السباق سينتهي إلى توازن جديد يعيد تعريف العولمة، أم إلى انقسام طويل الأمد يفرض نظاماً اقتصادياً أكثر تسييساً وتعدداً في الأقطاب، حيث تصبح التكنولوجيا والتجارة أدوات نفوذ لا تقل شأناً عن القوة العسكرية.

متداولون يعملون في بورصة نيويورك خلال يوم تداول مختصر قبل عطلة عيد الميلاد في 24 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)


تشيلي تنشئ شركة عملاقة لاستعادة ريادتها العالمية في إنتاج الليثيوم

برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
TT

تشيلي تنشئ شركة عملاقة لاستعادة ريادتها العالمية في إنتاج الليثيوم

برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)

أعلنت شركة «كوديلكو» الرائدة في إنتاج النحاس والمملوكة للدولة في تشيلي، تحالفها مع شركة التعدين الخاصة «إس كيو إم» المدعومة برأس مال صيني، لإنشاء شركة عملاقة لاستخراج معدن الليثيوم، أو «الذهب الأبيض» كما يسمى.

وتملك تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم -وهو عنصر أساسي في صناعة السيارات الكهربائية- نحو 40 في المائة من احتياطيات الليثيوم العالمية.

وسيمكن هذا التحالف بين القطاعين العام والخاص من زيادة استكشاف الليثيوم واستخراجه، بشكل مشترك في منطقة أتاكاما، شمال تشيلي.

وستحمل الشركة الجديدة اسم «نوفا أندينو ليتيو إس بي إيه»، وفقاً لما ذكرته «كوديلكو» التي وصفت الصفقة بأنها «من الأهم في تاريخ الأعمال التجارية التشيلية».

وتملك شركة «تيانكي» الصينية حصة 22 في المائة في شركة «إس كيو إم».

وأوضحت «كوديلكو» في بيان لها أن الشركة الجديدة «ستجري عمليات استكشاف واستخراج وإنتاج وتسويق الليثيوم، في سهل أتاكاما الملحي حتى عام 2060».

وحظيت هذه الشراكة بموافقة أكثر من 20 هيئة تنظيمية وطنية ودولية، بما في ذلك هيئات في الصين والبرازيل والسعودية والاتحاد الأوروبي.

وكانت تشيلي آخر الدول التي وافقت على الصفقة. والشهر الماضي، أعطت الصين الضوء الأخضر للشراكة المزمعة بين «كوديلكو» و«إس كيو إم».

وتهدف هذه الشراكة إلى استعادة ريادة تشيلي في إنتاج الليثيوم، بعد أن تجاوزتها أستراليا قبل نحو عقد.

وتسعى الشركة الجديدة إلى زيادة الإنتاج بنحو 300 ألف طن سنوياً في منطقة أتاكاما. وفي عام 2022 أنتجت تشيلي 243100 طن من الليثيوم.

وهذه الشراكة هي جزء من الاستراتيجية الوطنية لليثيوم التي أعلنتها حكومة غابرييل بوريتش اليسارية عام 2023، بهدف استعادة تشيلي ريادتها العالمية.


رئيس مدغشقر لـ«الشرق الأوسط»: خطة اقتصادية ثلاثية المحاور للنهوض بالبلاد

جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)
جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)
TT

رئيس مدغشقر لـ«الشرق الأوسط»: خطة اقتصادية ثلاثية المحاور للنهوض بالبلاد

جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)
جانب من مدينة أنتاناناريفو عاصمة مدغشقر وأكبر المدن فيها وتحمل أهمية اقتصادية وتجارية منذ تأسيسها (الشرق الأوسط)

قال رئيس مدغشقر، مايكل راندريانيرينا، إن بلاده تنظر إلى السعودية بوصفها «الشريك الرئيسي» في مرحلة «إعادة التأسيس» وبناء نموذج تنموي جديد، كاشفاً لـ«الشرق الأوسط» عن خطة اقتصادية ثلاثية المحاور تستهدف استعادة الاستقرار السياسي والمؤسسي، وتحريك القطاعات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال لجذب الاستثمار، مع التركيز على التعاون في التعدين والموارد الطبيعية، بما فيها المعادن النادرة.

وفي أول حوار له مع صحيفة عربية منذ توليه السلطة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال راندريانيرينا عبر «زووم» من مكتبه الرئاسي إن مدغشقر «تمتلك إمكانات حقيقية في الطاقة والزراعة والتعدين والسياحة ورأس المال البشري»، وإن الدفع بالنهضة «يتطلب ترسيخ استقرار مؤسساتنا، وبناء شراكات متوازنة مع دول مثل السعودية؛ لتحويل الإمكانات إلى واقع ملموس للشعب والشباب».

خطة بـ3 محاور

وأوضح الرئيس أن خطته تقوم على 3 محاور رئيسية، يبدأ أولها باستعادة الاستقرار السياسي والمؤسسي عبر «خريطة طريق انتقالية واضحة»، وهيئة تنفيذية لإدارة المشروعات ومراجعتها، إلى جانب لجنة داعمة «لضمان انتقال منظم وشفاف».

وأضاف أن المحور الثاني يركز على الاستثمار في القطاعات الهيكلية، مثل الطاقة والمواني والتحول الرقمي والصحة والتعدين، «بالشراكة مع السعودية وشركاء آخرين»؛ بهدف إزالة العقبات الرئيسية أمام النهضة.

أما المحور الثالث، وفق راندريانيرينا، فيستهدف تهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين عبر تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل المناطق الاقتصادية الخاصة، والاستفادة من الأطر الإقليمية مثل «اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)»، و«الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (SADC)»؛ لفتح أسواق أفريقية أوسع عبر مدغشقر.

رئيس مدغشقر مايكل راندريانيرينا (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية... ومشروعات «جاهزة للاستثمار»

وحول خطته لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين السعودية ومدغشقر، قال راندريانيرينا إن هدفه هو «بناء شراكة استراتيجية طويلة الأمد» بإطار مؤسسي واضح ومشروعات رائدة ذات أثر ملموس على البلدين.

واقترح إنشاء هيئة استثمارية مشتركة بين مدغشقر والسعودية تحت مسمى «OIMS» لتنسيق وتمويل المشروعات في قطاعات الطاقة والمواني والصحة والحوكمة الرقمية والتعدين والزراعة والسياحة، مشيراً إلى أن بلاده تعمل بالتوازي على إعداد «حزمة مشروعات جاهزة للاستثمار» بما ينسجم مع «رؤية السعودية 2030» والتكامل الإقليمي لأفريقيا؛ لضمان فرص «منظمة وآمنة» لرأس المال والخبرات السعودية.

السعودية «الشريك الرئيسي»

وأكد الرئيس أن مدغشقر ترى في السعودية شريكاً محورياً في مجالات ذات أولوية. فعلى صعيد الطاقة والتكرير، قال إن بلاده تخطِّط لإنشاء مصفاة نفط وطنية، وتوريد الوقود مباشرة من المملكة، إضافة إلى التطوير المشترك لموارد النفط الثقيل في غرب مدغشقر.

وفي المواني والخدمات اللوجيستية، أشار إلى مساعٍ لتحديث وتوسيع ميناءي توليارا وماهاغانغا؛ لترسيخ مكانة مدغشقر «مركزاً لوجيستياً وطاقة» في المحيط الهندي.

أما في التحول الرقمي والحوكمة الآمنة، فأوضح أن بلاده تسعى لإطلاق منصة رقمية وطنية آمنة للإدارة العامة والأمن «بالاستفادة من التجربة السعودية».

ولفت إلى أن قطاع التعدين والموارد الطبيعية، بما في ذلك المعادن النادرة، يمثل مرتكزاً مهماً للتعاون؛ بهدف تحسين التقييم وضمان تتبع الذهب الملغاشي وغيره من الموارد المعدنية «بطريقة شفافة ومتبادلة المنفعة». كما أبدى اهتماماً بالقطاع الصحي، مع طرحه فكرة إنشاء مجمع صحي ملكي في أنتاناناريفو يتبعه توسع تدريجي لمرافق مماثلة في المحافظات.

زيارة مرتقبة للرياض

وقال راندريانيرينا إن بلاده تعمل مع السلطات السعودية على ترتيب زيارة رسمية في «المستقبل القريب» بموعد يُحدَّد لاحقاً وفق ما يتناسب مع الحكومة في المملكة.

وأضاف أن الزيارة تمثل فرصةً مهمةً للقاء والتواصل مع ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن «رؤية 2030 أحدثت نقلةً نوعيةً في صورة المملكة ومسارها الاقتصادي».

وتابع أن المملكة عزَّزت، في ظل الرؤية، دورها لاعباً رئيسياً في التحديث الاقتصادي وتنويع مصادر الطاقة والتحول الرقمي والاستثمار العالمي، «مع الحفاظ على دورها المحوري في العالمَين العربي والإسلامي».

وعدّ ما تحقَّق من إصلاحات ومشروعات كبرى «مصدر إلهام» لجهود إعادة بناء مدغشقر، معرباً عن رغبته في الاستفادة من التجربة السعودية في أولويات تشمل الطاقة والبنية التحتية والتحول الرقمي والصحة وتنمية الموارد الطبيعية.

وأوضح أنه يأمل أن تتضمَّن الزيارة لقاءً مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب اجتماعات قطاعية حول الطاقة والمواني والتحول الرقمي والصحة والتعدين والدفاع والأمن والتجارة والثقافة والرياضة، ومناقشات بشأن إنشاء الهيئة الاستثمارية المشتركة.

روابط تاريخية مع العالم العربي

وأشار الرئيس إلى أن مدغشقر كانت لها روابط تاريخية مع العالم العربي قبل وصول القوى الغربية، موضحاً أن بحّارة وتجاراً وعلماء عرباً وصلوا إلى سواحلها، وتركوا بصمات في بعض اللغات وأسماء الأماكن والعادات.

3 تحديات

وأقرّ راندريانيرينا بـ3 تحديات رئيسية تواجه بلاده، تشمل الفقر وانعدام الأمن الغذائي، ونقص البنية التحتية، وضعف المؤسسات. وقال إن عدداً كبيراً من السكان لا يزالون يعيشون في فقر، وإن الأمن الغذائي «غير مضمون» في مناطق عدة، مشدداً على أن التصدي لهذه التحديات يمر عبر الاستثمار في الزراعة والبنية التحتية الريفية، والبحث عن شركاء لدعم سلاسل قيمة مستدامة تحسن دخل المزارعين.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار إلى أن قدرات قطاعَي الطاقة والمواني «غير كافية» بما يعيق النمو والتجارة، لافتاً إلى أن الحوار المرتقب مع المملكة يركز على مشروعات مثل المصفاة وتطوير النفط الثقيل وميناءي توليارا وماهاغانغا والبنية التحتية الرقمية. وأضاف أن الأزمات المتكررة أضعفت المؤسسات، وأن حكومته تعمل على تعزيز سيادة القانون وآليات مكافحة الفساد وحوكمة الاستثمار العام عبر رقابة مستقلة وتقارير شفافة «لاستعادة الثقة».

مكافحة الفساد

وقال الرئيس إن الفساد المالي «مشكلة خطيرة» في مدغشقر لأنه يضعف ثقة الجمهور، ويحوّل الموارد بعيداً عن التنمية. وأوضح أن خطة مكافحته تقوم على 3 مستويات: إنشاء هيئة تنفيذية بإجراءات واضحة وتدقيق مستقل وتقارير دورية، ثم توظيف الرقمنة لتحسين التتبع والحد من فرص إساءة الاستخدام، وثالثاً تعزيز الجهات المعنية بمكافحة الفساد ودعم استقلال القضاء.

وعند سؤاله عن مزاعم تتعلق بفساد مالي مرتبط بالقيادة السابقة، قال إنه يركز على «المؤسسات، لا الاتهامات الشخصية»، مشدداً على أن معالجة أي مزاعم من اختصاص الجهات القضائية والرقابية المختصة، مع ضرورة حمايتها من التدخل السياسي، وضمان التعامل مع القضايا وفق القانون والإجراءات الواجبة.

تعاون دفاعي منظم

وعلى صعيد الدفاع والأمن، تحدث راندريانيرينا عن برنامج تعاون دفاعي منظم يركز على التدريب والعقيدة وحماية البنية التحتية الحيوية.

وختم بالقول إن توليه المسؤولية جاء «انطلاقاً من شعور بالواجب تجاه البلد والشباب»، مؤكداً أن الشباب يشكلون وزناً ديموغرافياً كبيراً في مدغشقر، وأنهم يطالبون بالتغيير والكرامة ومستقبل أفضل عبر الوظائف والتعليم والاستقرار والفرص داخل وطنهم.