تخريب وتسميم وقتل... عملاء المخابرات الروسية يُرهبون أوروبا

سيرغي في سكريبال العقيد السابق في المخابرات العسكرية الروسية الذي أُدين عام 2006 ببيع أسرار للمخابرات البريطانية (نيويورك تايمز)
سيرغي في سكريبال العقيد السابق في المخابرات العسكرية الروسية الذي أُدين عام 2006 ببيع أسرار للمخابرات البريطانية (نيويورك تايمز)
TT

تخريب وتسميم وقتل... عملاء المخابرات الروسية يُرهبون أوروبا

سيرغي في سكريبال العقيد السابق في المخابرات العسكرية الروسية الذي أُدين عام 2006 ببيع أسرار للمخابرات البريطانية (نيويورك تايمز)
سيرغي في سكريبال العقيد السابق في المخابرات العسكرية الروسية الذي أُدين عام 2006 ببيع أسرار للمخابرات البريطانية (نيويورك تايمز)

تنشط أجهزة المخابرات الروسية في الكثير من الدول الأوروبية، خصوصاً جهاز المخابرات العسكري الروسي المعروف بالاختصار «جي آر يو» (GRU)، مركزة على تنفيذ الكثير من العمليات التي تندرج تحت بند التخريب إلى جانب عمليات التجسس والاختراق.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بقيت الاستخبارات أولوية لدى الكرملين، لا سيما منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة، رجل وكالة الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) الذي كان مركزه في ألمانيا الشرقية في ثمانينات القرن العشرين.

وكثّفت الاستخبارات الروسية نشاطها في أوروبا عبر توسيع شبكة عملائها وتصعيد حدّة «الحرب الإعلامية» منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وشهدت السنة الأولى من النزاع في أوكرانيا «حملات طرد جماعي» لجواسيس روس كانوا يعملون تحت غطاء دبلوماسي في أوروبا، ويقدّر عددهم بالمئات. وقال الصحافي الاستقصائي، أندريه سولداتوف، مؤسس موقع «أغينتورا. رو» (Agentura.ru) إنه «كان لذلك تأثير على العمليات» الروسية.

وقال أندريه سولداتوف إنهم «تمكنوا مع ذلك من تصحيح وضعهم، وأصبحنا نشهد مزيداً ومزيداً من العمليات، التي يتم تنفيذها في أوروبا، للتضليل ولعمليات تصفية أو تسلل لعملاء وتجسس»، مشيراً إلى أنه «جهد كبير جداً من جانبهم».

ويقول مركز الأبحاث «رويال يونايتد سرفيسز إنستيتيوت» (RUSI)، ومقره لندن، إن الاستخبارات العسكرية الروسية أصلحت إدارة عملياتها لتحسين دقة المعلومات وتقييمها. وتجند وجوهاً جديدة أحياناً عبر شركات وهمية. وتفيد هذه الدراسة بأنه حسب تقليد المخبرين «غير الشرعيين»، لا علاقة لهؤلاء المجندين بالمنظمات الرسمية، مما يجعل من الصعب اكتشاف أمرهم من مكافحة التجسس الغربي. ويتم تجنيد البعض حتى من الطلاب الأجانب، من البلقان أو أفريقيا أو حتى أميركا اللاتينية. وفيما يلي مجموعة من أبرز عمليات أجهزة المخابرات الروسية في أوروبا خلال السنوات الأخيرة:

«القتل بمادة مشعة»

توفي ضابط الاستخبارات السابق ألكسندر ليتفينينكو، وهو من منتقدي الكرملين، عن 43 عاماً في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 بعد أسابيع من شربه شاياً أخضر ملوثاً بمادة «البولونيوم - 210» وهي نظير مشع نادر، في فندق ميلينيوم الراقي بلندن، في هجوم تُحمِّل بريطانيا موسكو المسؤولية عنه منذ فترة طويلة.

الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو (أرشيفية - رويترز)

وطُرد ليتفينينكو، العميل السابق في جهاز الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي)، ثم في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (إف إس بي)، من أجهزة الأمن الروسية بعدما كشف محاولات لوضع مخطط لقتل رجل أعمال ثري. ومنحته المملكة المتحدة اللجوء عام 2001، فندَّد من هناك بـ«الفساد» في روسيا، وفضح وجود روابط بين أجهزة الاستخبارات الروسية وأوساط الجريمة المنظمة.

وتناول ليتفينينكو، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، الشاي مع أندريي لوغوفوي عميل الاستخبارات الروسية، ورجل الأعمال ديمتري كوفتون، في أحد فنادق لندن. وفي رسالة كتبها من على فراش الموت، اتَّهم الرئيس فلاديمير بوتين بأنه من أمر بقتله، لكنَّ الكرملين نفى هذه التهمة.

ودائماً ما تنفي روسيا ضلوعها بأي شكل من الأشكال في وفاة ليتفينينكو التي هوت بالعلاقات البريطانية - الروسية إلى أدنى مستوياتها بعد الحرب الباردة. وخلص تحقيق بريطاني مطوَّل في 2016 إلى أن بوتين، ربما أقر عملية للمخابرات الروسية لقتل ليتفينينكو. واتهم التحقيق البريطاني الروسيين ديمتري كوفتون وأندري لوغوفوي بتنفيذ عملية القتل، غير أن موسكو رفضت تسليمهما.

وقالت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في سبتمبر (أيلول) 2021، إن روسيا مسؤولة عن مقتل ضابط الاستخبارات السابق ليتفينينكو.

«مواد سامة»

في الرابع من مارس (آذار) 2018، استُهدف الجاسوس المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال في سالزبيري جنوب غربي إنجلترا وابنته يوليا بسمّ الأعصاب السوفياتي الصنع «نوفيتشوك». وعُثر على سكريبال، وهو ضابط سابق بالمخابرات الروسية، وابنته يوليا، فاقدَين للوعي بمدينة سالزبيري.

الجاسوس المزدوج السابق سيرغي سكريبال (أرشيفية)

وأوضحت بريطانيا أنهما تعرضا للتسميم بغاز الأعصاب «نوفيتشوك»، الذي صُنع خلال حقبة الاتحاد السوفياتي، واتهمت رجلين تقول إنهما ضابطان بالمخابرات العسكرية الروسية بتنفيذ الهجوم.

وقد تعافى سيرغي ويوليا بعد بقائهما في المستشفى أسابيع عدة في حالة حرجة.

واتهمت لندن موسكو بأنها مسؤولة عن محاولة التسميم، وأعلنت تجميد العلاقات الثنائية وطرد 23 دبلوماسياً روسياً. ورداً على ذلك، أمر الكرملين بطرد دبلوماسيين بريطانيين ووقف عمل المجلس الثقافي البريطاني في روسيا.

ووجهت التهمة إلى سيرغي فيدوتوف، المعروف أيضاً باسم دينيس سيرغييف بالتآمر بهدف قتل سيرغي سكريبال، وبمحاولة قتل سكريبال وابنته يوليا والشرطي نيك بايلي الذي أُصيب لدى تدخله في موقع عملية التسميم، وبحيازة واستخدام سلاح كيميائي. وتوفيت امرأة بريطانية بعدما استخدمت زجاجة عطر رماها منفذو محاولة قتل سكريبال، وكانت تحوي مادة «نوفيتشوك» السامة.

وفي 14 سبتمبر (أيلول) 2018 أدخل بيوتر فيرزيلوف، الناشط المعارض للكرملين والمرتبط بفرقة موسيقى البانك الروسية «بوسي رايوت»، إلى المستشفى إثر أعراض تسمم على ما يبدو من أدوية. ونُقل جواً على وجه السرعة إلى ألمانيا، حيث قال الأطباء إنه من «المعقول جداً» أن يكون قد تعرض للتسميم.

وتقول زوجته المنفصلة عنه، العضوة في فرقة «بوسي رايوت»، ناديا تولوكونيكوفا، إن التسميم المفترض كان «على الأرجح محاولة اغتيال أو على الأقل ترهيباً». وبعد خروجه من المستشفى، قال فيرزيلوف إنه «على اقتناع» بأنه تعرض للتسميم على أيدي جهاز الاستخبارات الروسي.

وفي سبتمبر (أيلول) 2004 أُصيب مرشح المعارضة الأوكرانية وبطل الثورة البرتقالية فيكتور يوتشنكو، بأعراض مرض خطيرة. وأظهرت نتائج فحوص أُجريت في عيادة نمساوية أنه تناول كمية كبيرة من الديوكسين. وقد نجا يوتشنكو من التسمم وفاز بالانتخابات، لكن وجهه بقي متورماً وعليه آثار ندوب، ويتهم مؤيدوه جهاز الاستخبارات الروسي بالضلوع في الواقعة.

«تخريب»

في أبريل (نيسان) 2021 اتهمت التشيك «جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي» بقصف مستودع أسلحة في البلاد.

وفي واقعة أخرى، اتهم المدعي العام في ليتوانيا الدولة الواقعة على بحر البلطيق، في مارس (آذار) 2025، جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية بأنه كان وراء حريق متعمد في متجر «إيكيا» في فيلنيوس عام 2024.

وأكد المدعي العام أن المجموعة التي تقف وراء حريق «إيكيا» المتعمد في فيلنيوس كانت أيضاً وراء إحراق مراكز تسوق في بولندا.

وأشار إلى أن الأشخاص التسعة الذين أُلقي القبض عليهم في بولندا بتهمة إحراق مركز تسوق كانوا تحت إشراف نفس الأشخاص الذين خططوا لإشعال الحريق المتعمد «إيكيا» في فيلنيوس.

وقال المدعي العام في ليتوانيا إن السلطات في بلاده تواصل التحقيق مع منظمي الحريق المتعمد الذين يزيد عددهم على 20 شخصاً، مضيفاً أنه «صدرت أوامر اعتقال دولية بحق بعض المنظمين».

وألقت بولندا، العام الماضي، القبض على تسعة أفراد بتهمة إشعال حرائق عمداً في مدينة فروتسواف بأوامر من روسيا.

الروسيان المطلوبان في بريطانيا ألكسندر بيتروف ورسلان بوشيروف (أ.ب)

وفي مايو (أيار) 2025، كشفت ألمانيا خططاً مزعومة لشن هجمات على نقل البضائع في ألمانيا. وتم القبض على 3 أوكرانيين في ألمانيا وسويسرا، وتتهمهم النيابة العامة الاتحادية بممارسة أنشطة استخباراتية بغرض التخريب. وهناك شكوك في أن السلطات الحكومية في روسيا تقف وراء هذا الأمر، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

زعزعة الاستقرار لوقف الدعم

تحدث تقرير، في فبراير (شباط) 2024، عن جهود روسيا في إعادة هيكلة وتعزيز شبكة الاستخبارات العسكرية الروسية «GRU»، بهدف تقويض استقرار الحكومات الداعمة لكييف عبر أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، وذلك عبر استخدام خدماتها السرية «بشكل عدواني» لتغيير الأنظمة وزعزعة الاستقرار في هذه المناطق، وفق صحيفة «فاينانشال تايمز».

وحسب التقرير، تتزامن هذه الجهود مع إعادة هيكلة ناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا، حيث تسعى «GRU» لإعادة بناء شبكتها الأوروبية باستخدام وكلاء غير شرعيين وشبه شرعيين، بهدف زعزعة الاستقرار وتحقيق تأثير سلبي باستخدام تكتيكات مألوفة من عهد الحرب الباردة.

والهدف هو زعزعة الحكومات المعادية لموسكو وتعطيل الدعم الغربي لأوكرانيا، إذ يستخدمون أساليب تشمل التضليل واستهداف الطبقة الحاكمة واستخدام العنف، وفقاً للتقرير الذي نشرته مؤسسة المعهد الملكي للخدمات المتحدة، في لندن.

وحذرت المؤسسة الفكرية الغربية في تقريرها من أن هذه الجهود الروسية تستهدف زعزعة الحكومات المعادية لموسكو، وتعطيل الدعم الغربي لأوكرانيا، مستخدمةً تكتيكات تشمل التضليل واستهداف الطبقة الحاكمة واستخدام العنف.

وتتضمن الإصلاحات التي قامت بها «GRU» إنشاء وحدة جديدة تُعرف بـ«خدمة الأنشطة الخاصة»، التي تشمل وحدة 29155 المسؤولة عن الاغتيالات الخارجية. ويُشير التقرير إلى أن هذه الإصلاحات تأتي بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة التي قادها عملاء «GRU» في أوكرانيا والجبل الأسود ومولدوفا.


مقالات ذات صلة

«مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

«مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
أوروبا أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي في بروكسل (رويترز)

الاتحاد الأوروبي: يجب الحفاظ على سلامة أراضي مملكة الدنمارك

​قال أنور العنوني، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، الاثنين، إنه ‌يجب ‌الحفاظ ‌على سلامة ⁠أراضي ​مملكة ‌الدنمارك وسيادتها بما في ذلك غرينلاند.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
حصاد الأسبوع الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي محاطاً بقادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين في برلين يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

واشنطن تُخاطر بالتحوّل من حليف للاتحاد الأوروبي إلى خصم

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عهد دونالد ترمب، بولايته الثانية، تحوّلاً نوعياً وعميقاً، انتقلت فيه القارة الأوروبية من موقع الشريك الاستراتيجي التقليدي إلى هدف سياسي معلن في الخطاب الأميركي الجديد. لم يعد البيت الأبيض يقدّم الاتحاد الأوروبي بوصفه ركيزة للنظام الغربي، بل كعبءٍ حضاري وأمني واقتصادي يحتاج إلى «تصحيح» جذري في البنية والسياسات والقيادة. هذا التغيّر في الرؤية لم يبقَ حبيس اللغة الدبلوماسية، بل خرج في الأسابيع الأخيرة إلى العلن عبر تصريحات نارية من واشنطن وتسريبات لأخبار ووثائق أثارت قلق بروكسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
أوروبا رئيسة المفوضية مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة وزراء الدنمارك (إ.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يقرض أوكرانيا 90 مليار يورو

بعد شهور من النقاش والجدل، توصَّل قادة الاتحاد الأوروبي في قمتهم ببروكسل، إلى حلّ وسط في الساعات الأولى أمس، بشأن تمويل أوكرانيا على مدار العامين المقبلين، من.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)

الجيش الألماني يفتح تحقيقاً في تشغيل مقطع محظور من نص النشيد الوطني

أطلق الجيش الألماني تحقيقاً بعد قيام منسق أغانٍ (دي جيه) بعزف المقطع الأول من النشيد الوطني لألمانيا والمعروف بـ«أغنية ألمانيا» خلال حفلة عيد الميلاد في ثكنة.

«الشرق الأوسط» (برلين )

أوروبا تائهة بين السعي للاستقلالية والحاجة إلى مظلة أميركية

الرئيس دونالد ترمب متحدثاً في تجمع حاشد في مركز روكي ماونت (كارولينا الشمالية) يوم 19 ديسمبر عن خططه لخفض تكلفة السلع الأساسية (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب متحدثاً في تجمع حاشد في مركز روكي ماونت (كارولينا الشمالية) يوم 19 ديسمبر عن خططه لخفض تكلفة السلع الأساسية (أ.ف.ب)
TT

أوروبا تائهة بين السعي للاستقلالية والحاجة إلى مظلة أميركية

الرئيس دونالد ترمب متحدثاً في تجمع حاشد في مركز روكي ماونت (كارولينا الشمالية) يوم 19 ديسمبر عن خططه لخفض تكلفة السلع الأساسية (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب متحدثاً في تجمع حاشد في مركز روكي ماونت (كارولينا الشمالية) يوم 19 ديسمبر عن خططه لخفض تكلفة السلع الأساسية (أ.ف.ب)

إذا كانت الشكوك ما زالت تساور القادة الأوروبيين حول نظرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإدارته الجمهورية للقارة القديمة، فإن وثيقة «استراتيجية الأمن القومي» التي نشرت في 5 ديسمبر (كانون الأول) تقطع الشك باليقين لأنها تُظهر، وبلغة فجة غير مسبوقة، الازدراء الأميركي للحليف الأوروبي أكان في إطار الاتحاد الأوروبي أم في إطار الحلف الأطلسي.

فالوثيقة الاستراتيجية التي تنشر عادة مع بداية كل عهد أميركي جديد، يراد لها أن تؤطر العلاقات الأميركية - الأوروبية للسنوات القادمة.

من هنا، يفترض بها وبالمضمون الذي حملته أن تزيل الأوهام الأوروبية في السياقات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية والاقتصادية والتجارية والثقافية. فالفقرات التي تضمنتها بخصوص أوروبا جاءت صادمة. والأسوأ أنها جاءت في وقت تحتاج فيه أوروبا لـ«الشريك» الأميركي لأنها غير قادرة، بقواها الذاتية، أن تضع حداً للحرب الأوكرانية التي تدق أبوابها، فيما تعتبر أنها تتعرض لتهديد روسي وجودي. لا بل ثمة أصوات صدرت من ألمانيا وفرنسا وبولندا ومن دول بحر البلطيق تحذر من أن الرئيس فلاديمير بوتين المقدر له أن يبقى في السلطة حتى عام 2036 لن يتردد في مهاجمة أوروبا في فترة زمنية لا تتجاوز نهاية العقد الجاري؛ ما يحتّم على الأوروبيين التأهب وتعظيم قدراتهم، خصوصاً أن ثقتهم بالحلف الأطلسي وبالمادة الخامسة منه تتلاشى.

وللتذكير، فإن حرفية المادة الخامسة من معاهدة الحلف تنص على ما يلي: «يعتبر أي هجوم مسلح على أحد الأطراف في أوروبا أو أميركا الشمالية هجوماً على جميع الأعضاء، ويوافق كل طرف على أنه إذا وقع هجوم مسلح من هذا القبيل، فإن كل عضو، بمفرده أو بالتعاون مع الآخرين، سيقوم باتخاذ ما يراه ضرورياً، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة، لاستعادة وسلامة أمن المنطقة الأطلسية. ويتفق الأطراف على أن أي تدخل من هذا النوع يُتخذ فوراً بعد وقوع الهجوم، وسيتم الإبلاغ عنه فورياً إلى مجلس الأمن الدولي وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة».

انحسار المظلة الأميركية

يريد الرئيس ترمب، من خلال الوثيقة الاستراتيجية، إفهام الأوروبيين أن زمن الاستكانة للمظلة الأميركية - الأطلسية قد ولى إلى غير رجعة، وأن عليهم بالتالي أن يتحملوا عبء الدفاع عن أنفسهم. ويبرز ذلك بوضوح من خلال الفقرة التالية من الوثيقة المذكورة، التي تنص على «تمكين أوروبا من الاعتماد على نفسها والعمل كمجموعة من الدول المتحالفة ذات السيادة، بما في ذلك تحمل المسؤولية الأساسية عن دفاعها الخاص، دون الرضوخ لهيمنة أي قوة معادية».

ملف أوكرانيا يثير خلافات أميركية - أوروبية (أ.ب)

في لقاء خاص بـ«الشرق الأوسط»، يُرجع البروفسور برتراند بادي، صاحب العديد من المؤلفات في العلاقات الدولية والمحاضر السابق في معهد العلوم السياسية في باريس، تحول النظرة الأميركية للحلف إلى أن ترمب «لم يعد يعتبره مربحاً» لبلاده وأن التحالف بين ضفتي الأطلسي «أصبح مكلفاً ومعوقاً لواشنطن». وإذا كان «الحلف» زمن الحرب الباردة، قد «مكّن الولايات المتحدة من فرض هيمنتها على الغرب وعلى جزء من العالم في وقت لم يكن قد ظهر ما يسمى الجنوب الشامل»، فإن انهيار حلف وارسو وتفكك الاتحاد السوفياتي «سمحا للأوروبيين التحرر نوعاً ما من الهيمنة الأميركية»؛ إذ إن روسيا لم تعد تخيفهم. لذا، أخذ الحليف الأميركي يعتبر أن «حماية أوروبا، من جهة، مكلفة، ومن جهة ثانية، مضرة بالمصالح الأميركية آيديولوجياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً وبرؤيتها «الجديدة» للعالم. من هنا، تأكيد ترمب على أنه يتعين على أوروبا أن تتولى حماية نفسها وزيادة إنفاقها الدفاعي.

الهجوم على أوروبا

جاء في حرفية الوثيقة الاستراتيجية عن أوروبا ما يلي: «اعتاد المسؤولون الأميركيون على النظر إلى المشكلات الأوروبية من زاوية انخفاض الإنفاق العسكري والركود الاقتصادي. وهذا صحيح، لكن المشكلات الحقيقية أعمق بكثير. فقد فقدت أوروبا القارية حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ إذ انخفضت من 25 في المائة في عام 1990 إلى 14 في المائة اليوم، جزئياً بسبب القوانين الوطنية والعابرة للحدود (أي قوانين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة الدولية) التي تقوّض الإبداع وروح المبادرة». وتضيف الوثيقة: «لكن هذا التراجع الاقتصادي يتلاشى أمام النظرة الواقعية الأكثر قتامة، وهي احتمال محو الهوية الحضارية. فالمشكلات الكبرى التي تواجه أوروبا تتعلق بأنشطة الاتحاد الأوروبي وغيرها من الهيئات العابرة للحدود، والتي تقوّض الحرية السياسية والسيادة؛ بسياسات الهجرة التي تغيّر القارة وتخلق صراعات؛ بفرض الرقابة على حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية؛ بانخفاض معدلات الولادة وفقدان الهويات الوطنية والثقة بالنفس». وبخصوص الحلف الأطلسي، ترى الوثيقة أنه «من المرجّح أنه، في غضون بضعة عقود، سيصبح أعضاء الحلف في أغلبيتهم غير أوروبيين... ونريد أن تبقى أوروبا أوروبية وأن تستعيد الإيمان الذي كانت تتمتع به بحضارتها». ويذهب النص إلى حدّ أنه لا يرى «سبباً كبيراً للأمل» للقارة القديمة إلا في «تقدم الأحزاب الوطنية الأوروبية» أي عملياً الأحزاب اليمينية المتطرفة كما في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. وتدعو الوثيقة، صراحة، إلى «تصحيح المسار الحالي».

رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا (أ.ف.ب)

إشكالية السيادة

تختصر هذه الفقرة لب الرؤية الترمبية لأوروبا. ولمزيد من الإيضاح، لم يتردد ترمب في اتهام القادة الأوروبيين، في مقابلة بتاريخ 9 ديسمبر، مع موقع «بوليتيكو» بأنهم «ضعفاء» ودولهم «في حالة تدهور»، لا بل اعتبر أن «الكثير منها لن يكون قابلاً للاستمرار» في حال لم يغيروا سياستهم إزاء الهجرات. وما كان للأوروبيين أن يبقوا صامتين إزاء نزوع ترمب للتدخل في شؤونهم، فسارع أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي، إلى توجيه سهامه إلى ترمب مؤكداً أن «ما لا يمكن قبوله هو هذا التهديد بالتدخل في الحياة السياسية لأوروبا» مضيفاً: «لا يمكن للولايات المتحدة أن تحلّ محل المواطنين الأوروبيين في تحديد الأحزاب الجيدة والأحزاب السيئة» وأن «الحلفاء لا يهددون بالتدخل في الحياة الديمقراطية أو في الخيارات السياسية الداخلية لحلفائهم، بل يحترمونها».

بيد أن كوستا الحريص على العلاقة القوية مع واشنطن تمسك بموقف الاتحاد الأوروبي الجماعي الذي يرى في الولايات المتحدة «حليفاً وشريكاً اقتصادياً مهماً ولكن يتعين على أوروبا أن تكون ذات سيادة». وفي السياق نفسه، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، رداً على ترمب، أن القارة القديمة «ستبقى قوية ومتحدة». وذهب يوهان فاديفول، وزير خارجية ألمانيا، في الاتجاه عينه بتأكيده أن ألمانيا ليست بحاجة إلى «نصائح تأتي من الخارج»، ولا سيما فيما يتعلّق بـ«حرية التعبير» أو «تنظيم المجتمعات الحرة». وقال جان نويل بارو، وزير خارجية فرنسا إن «شعوب أوروبا ترفض أن تصبح قارتهم تابعة وهرمة. إنها تريد أن تكون أوروبا قوة ديمقراطية لا تسمح لأحد بأن يقرر نيابة عنها»، مضيفاً أن التطورات الأخيرة «تثبت أن فرنسا على حق» في دعوتها أوروبا منذ عام 2017 إلى تحقيق الاستقلال الاستراتيجي. وقبل بارو، قالت وزيرة الدولة في وزارة الدفاع الفرنسية أليس روفو، في جلسة لمجلس النواب، إنه يتعين على أوروبا أن تسرع عملية إعادة التسلح رداً على التحول الواضح في العقيدة العسكرية الأميركية الجديدة، مضيفة: «نعيش في عالم من آكلي اللحوم، وأوروبا لا يمكن أن تتصرف بمفردها، ولن تحظى بالاحترام إلا إذا عرفت كيف تفرضه على الآخرين».

ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض 18 أغسطس الماضي (رويترز)

الدفاع الأوروبي إلى أين؟

الحق يقال إن إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، كان سبّاقاً في الدعوة إلى «الاستقلالية الاستراتيجية» منذ عام 2017 في خطاب شهير له في جامعة السوربون في باريس، كما أنه يُعد من أشد الدعاة لقيام «دفاع أوروبي» لن يحل بالضرورة محل الحلف الأطلسي ولكن أن يقوم «إلى جانبه». بيد أن دعوته لاقت رفضاً شديداً، في البداية، من دول رئيسية بينها ألمانيا ودول في شرق أوروبا ترى في الحلف الأطلسي الضمانة الأمنية الجدية الوحيدة إزاء ما تعتبره تهديدات روسية. والدليل على ذلك أن دولتين (السويد وفنلندا) رفضتا سابقاً الانضمام إلى الأطلسي. لكن استشعار الخطر الروسي دفع بهما، مؤخراً، للانتماء إليه.

بيد أن التخوف من تراجع الاهتمام الأميركي بالحلف المذكور، أحدث هزات ارتجاجية داخل الاتحاد الأوروبي. فالمستشار الألماني المحافظ فريدريتش ميرتس ذهب إلى حد تبني الدعوة الفرنسية رداً على سياسة ترمب؛ إذ اعتبر أنه «يتعين علينا في أوروبا، وهذا يصح على ألمانيا أيضاً، أن نصبح أكثر استقلالية بكثير عن الولايات المتحدة فيما يتصل بسياسة المحافظة على أمننا». وعملياً، عمد الأوروبيون إلى زيادة نفقاتهم الدفاعية التي ارتفعت بقوة منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا. ففي عام 2024، بلغت هذه النفقات 343 مليار يورو بزيادة نسبتها 19 في المائة قياساً بعام 2023؛ بحيث اقتربت من نسبة 2 في المائة من الناتج الإجمالي الخام للدول الـ27 المنضوية في النادي الأوروبي. ومن المفترض أن تكون قد وصلت في عام 2025 إلى 381 مليار يورو بحيث تتجاوز عتبة الـ2 في المائة. يضاف إلى ما سبق أن الدول الأوروبية، داخل الأطلسي التزمت، بمناسبة قمة الحلف في شهر يونيو (حزيران) الماضي بتخصيص 5 في المائة من ناتجها الخام للدفاع؛ بحيث تكون قادرة على المحافظة على أمنها في عام 2035.

لم تتوقف الأمور عند هذا الحد. فالأوروبيون عادوا إلى التخطيط لفرض الخدمة العسكرية مجدداً بعد أن تخلت غالبية دولهم عنها بعد عام 1991. ومن أبرز الدول الساعية لذلك فرنسا وألمانيا اللتين، إلى جانب بولندا، تدفعان ببرامج تسلح عالية الوتيرة. كذلك تسعى الدول الأوروبية التي تمتلك صناعات دفاعية قوية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى إطلاق شراكات في صناعة الدفاع والاستفادة من 150 مليار يورو وضعتها المفوضية الأوروبية بتصرفها من أجل إطلاق برامج مشتركة تستجيب للحاجات الدفاعية الأوروبية في مجالات أنظمة الدفاع الجوي والمسيّرات والسيبرانية والذكاء الاصطناعي... كذلك، بدأ بحث على المستوى الأوروبي لمد المظلة النووية الفرنسية والبريطانية لحماية الدول الأوروبية الأخرى. إلا أن البحث بهذا الخصوص ما زال في بداياته والعقبات كبيرة وربما كأداء.

هل الطريق إلى دفاع أوروبي ميسرة؟ يجيب برتراند بادي على هذا التساؤل بقوله إن الأوروبيين «لم ينجحوا يوماً في إطلاق سياسة منسجمة ومُجمَع عليها في مجال العلاقات الدولية أو الدفاع. والسبب في ذلك أن حمضهم النووي نفسه سمته الأولى التنافس والصراع؛ لذلك يسود شعور بأن الأوروبيين من دون الحماية الأميركية يكونون عرضة للخطر، وهم كذلك ضعفاء أيضاً، وبالدرجة الأولى، بسبب انقساماتهم الداخلية».

ما سبق ليس سوى جانب واحد من العلاقة بين ضفتي الأطلسي. وثمة جوانب أخرى لا تقل أهمية كالتجارة البينية مثلاً؛ حيث فرضت إدارة ترمب رسوماً تبلغ 15 في المائة على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة؛ ما اعتبرته أوساط أوروبية بمثابة «إهانة وإذلال» لحليف قديم لواشنطن. وأكثر من ذلك، فإن ترمب وإدارته لهما نظرة فوقية إزاء أوروبا. وللتذكير، فإن ترمب شجّع بريطانيا، خلال ولايته الأولى على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ووعدها باتفاقيات اقتصادية وتجارية يسيل لها اللعاب.

حقيقة الأمر أن الخلاصة التي تفرض نفسها عنوانها الأول التبعية الأمنية التي تدفع القارة القديمة ثمنها اليوم. وخوفها الأكبر أن يشيح ترمب بنظره عنها مفضلاً عليها التحالف مع روسيا من جهة والتفرغ للتعامل مع الصين التي يعدها منافسته الأولى على جميع الأصعدة.


هجوم روسي واسع على أوكرانيا عشية لقاء زيلينسكي وترمب

مواطنون يلجأون إلى محطة مترو الأنفاق خلال الغارات الجوية الروسية على كييف (أ.ف.ب)
مواطنون يلجأون إلى محطة مترو الأنفاق خلال الغارات الجوية الروسية على كييف (أ.ف.ب)
TT

هجوم روسي واسع على أوكرانيا عشية لقاء زيلينسكي وترمب

مواطنون يلجأون إلى محطة مترو الأنفاق خلال الغارات الجوية الروسية على كييف (أ.ف.ب)
مواطنون يلجأون إلى محطة مترو الأنفاق خلال الغارات الجوية الروسية على كييف (أ.ف.ب)

أعلن ​الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم السبت أن روسيا هاجمت أوكرانيا بما يقرب من ‌500 ‌طائرة ‌مسيَّرة و40 ⁠صاروخاً خلال ​الليل، ‌مستهدفة البنية التحتية للطاقة والبنية التحتية المدنية.

وكتب زيلينسكي على منصة «إكس»: «إذا ⁠حولت روسيا حتى فترة ‌الكريسماس (عيد ‍الميلاد) ‍ورأس السنة الجديدة إلى فترة من المنازل المدمرة والشقق المحترقة ​ومحطات الطاقة المدمرة، فلا يمكن ⁠الرد على هذا النشاط المريض إلا بخطوات قوية حقاً»، داعياً الولايات المتحدة وأوروبا إلى الضغط على موسكو بشكل ‌أقوى.

وأشار الرئيس إلى أن الهجوم الروسي الأخير على كييف يُظهر أن روسيا «لا تريد إنهاء الحرب»، وذلك قبيل مغادرته إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات مع نظيره الأميركي دونالد ترمب حول خطة لوقف الحرب.

وقال زيلينسكي: «لا يريد الروس إنهاء الحرب، ويسعون إلى استغلال كل فرصة للإمعان في معاناة أوكرانيا وزيادة ضغوطهم على الآخرين حول العالم».

وأعلن عمدة مدينة كييف فيتالي كليتشكو أن خمسة أشخاص أصيبوا في كييف، وتضررت البنية التحتية المدنية أيضاً بسبب هجمات صاروخية روسية على أوكرانيا خلال الليل.

وكانت القوات الروسية قد شنت موجة أخرى من الهجمات الصاروخية على أوكرانيا خلال الليل قبل يوم واحد من اجتماع مرتقب بين زيلينسكي وترمب. واستهدفت الهجمات عدة مناطق بما في ذلك تشيرنيهيف، وميكولايف، وخاركيف، وجيتومير، حسبما أفاد سلاح الجو الأوكراني اليوم.

ووردت أنباء عن وقوع انفجارات في مواقع متعددة، بما في ذلك العاصمة، حيث أبلغ العمدة عبر تطبيق «تلغرام» عن وقوع عدة انفجارات، وقال إن الدفاعات الجوية كانت نشطة.

وأفاد الحاكم العسكري لكييف ميكولا كالاشنيك بإصابة شخص واحد في المنطقة، وتضرر البنية التحتية المدنية.

شرطي يقف بجوار سيارة دُمرت خلال غارة جوية روسية مسائية على خاركيف الأوكرانية (رويترز)

وذكرت وسائل إعلام أوكرانية أن صواريخ «كينغال» فرط الصوتية كانت من بين الأسلحة المستخدمة، مع استهداف البنية التحتية للطاقة حسبما ورد. ولم يتضح بعد الحجم الكامل للأضرار.

وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية حالة تأهب جوي على مستوى البلاد في الساعات الأولى من صباح اليوم (السبت)، مشيرة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن طائرات مسيَّرة تحلق فوق عدة مناطق أوكرانية، بما في ذلك العاصمة.

وسمع مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» دوي عدة انفجارات قوية ترافقت مع وميض ساطع أضاء الأفق باللون البرتقالي.

أشخاص يحتمون في محطة المترو خلال هجوم روسي على كييف (رويترز)

وبعد مرور نحو ثلاث ساعات، أعلنت الإدارة العسكرية الإقليمية في كييف أنه تم تفعيل الدفاعات الجوية بسبب اقتراب طائرة مسيَّرة.

كما كشفت إدارة مدينة كييف اليوم أن التدفئة انقطعت ‌عن ‌أكثر ‌من ⁠2600 ​مبنى ‌سكني و187 حضانة و138 مدرسة في العاصمة الأوكرانية بعد هجوم ⁠روسي وقع خلال ‌الليل. وحامت درجة الحرارة في كييف حول الصفر المئوي صباح اليوم. وقالت ​السلطات في منطقة كييف، التي ⁠تحيط بالعاصمة لكنها لا تشملها، إن الكهرباء انقطعت عن 320 ألف أسرة بعد الهجوم.

يأتي هذا في الوقت الذي من المقرر أن يغادر فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة لبحث خطة معدلة لإنهاء الحرب مع نظيره الأميركي دونالد ترمب في فلوريدا الأحد.

وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على الغزو الروسي، تسارعت وتيرة المحادثات في الأسابيع الأخيرة بهدف إيجاد حل للنزاع يستند إلى خطة وضعها ترمب.

وتتهم روسيا زيلينسكي وداعميه من الاتحاد الأوروبي بالسعي لـ«نسف» الخطة التي توسطت فيها الولايات المتحدة.

وتدعو الخطة الجديدة المعدلة المكونة من 20 نقطة إلى تجميد خط المواجهة الحالي دون تقديم حل فوري لمطالب روسيا التي تشمل السيطرة على أراضٍ تشكل أكثر من 19 في المائة من أوكرانيا.

من جهتها، كشفت ​الوكالة البولندية للملاحة الجوية على موقع «إكس» اليوم (السبت) أنه تم إغلاق مطارَي ‌جيشوف ولوبلين في ‌جنوب شرقي ⁠بولندا ​مؤقتاً ‌بعد أن نفذ الطيران العسكري البولندي والحليف عمليات جوية داخل المجال الجوي البولندي بسبب ⁠هجمات روسية ‌على أهداف داخل الأراضي الأوكرانية.

وأضافت الوكالة أن القرار جاء «بسبب ضرورة ضمان حرية عمل الطيران ​العسكري»، ولذلك تم إغلاق المطارين ⁠مؤقتاً أمام الحركة المدنية.

وتابعت أنه بعد انتهاء العمليات العسكرية في الأجواء، استأنف المطاران نشاطهما، وعاد العمل فيهما بشكل ‌طبيعي.


ترمب وزيلينسكي يضعان غداً اللمسات الأخيرة على «اتفاق السلام»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي يوم 25 يونيو (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي يوم 25 يونيو (د.ب.أ)
TT

ترمب وزيلينسكي يضعان غداً اللمسات الأخيرة على «اتفاق السلام»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي يوم 25 يونيو (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي يوم 25 يونيو (د.ب.أ)

يجتمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع نظيره الأميركي دونالد ترمب في فلوريدا، غداً، لمناقشة القضايا المتعلقة بالأراضي، والتي تعدُّ أبرز عقبة في المحادثات الرامية لإنهاء الحرب، مع اقتراب وضع اللمسات الأخيرة على «إطار السلام» المكوَّن من 20 نقطة، واتفاق الضمانات الأمنية.

وقال زيلينسكي إنَّ الاجتماع سيبحث القضايا الحساسة، والتي تشمل إقليمَ دونباس ومحطة زابوريجيا للطاقة النووية، فضلاً على «قضايا أخرى مطروحة على الطاولة ‌أيضاً». ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن زيلينسكي قوله إنَّه «مستعد» للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.

وتزامناً مع الإعلان عن لقاء فلوريدا، أكّد الكرملين أن يوري أوشاكوف، مساعدَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون السياسة الخارجية، أجرى اتصالاتٍ مع أعضاء في الإدارة الأميركية عقبَ تلقي موسكو مقترحات أميركية بشأن «اتفاق السلام» المحتمل.