هانيبال القذافي يشتكي «أزمة نفسية» بسبب عزلته «تحت الأرض» بلبنان

«هيومان رايتس» تطالب بالإفراج عنه و«تعويضه» عن احتجازه قرابة عقد من الزمن

هانيبال معمر القذافي (أ.ف.ب)
هانيبال معمر القذافي (أ.ف.ب)
TT

هانيبال القذافي يشتكي «أزمة نفسية» بسبب عزلته «تحت الأرض» بلبنان

هانيبال معمر القذافي (أ.ف.ب)
هانيبال معمر القذافي (أ.ف.ب)

طالبت منظمة دولية السلطات اللبنانية بـ«الإفراج الفوري» عن هانيبال، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وتقديم «تعويض مناسب» له عن احتجازه قرابة عقد من الزمن «تعسفاً وظلماً»؛ موضحة أنه يشتكي «أزمة نفسية بسبب اعتقاله في زنزانة تحت الأرض».

صورة لهانيبال القذافي من محبسه (أرشيفية - قناة لبنانية)

وقالت «هيومن رايتس ووتش» في بيان، أصدرته الخميس، إنه «ينبغي على السلطات اللبنانية التحقيق مع المسؤولين عن محنة هانيبال ومحاسبهم».

وهانيبال معتقل في لبنان منذ نحو 10 سنوات، بتهمة «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

وقالت المنظمة إن هانيبال: «لا يزال رهن التوقيف الاحتياطي التعسفي المطول» منذ اعتقاله من قِبل «قوى الأمن الداخلي» اللبنانية في ديسمبر (كانون الأول) 2015، بناءً على «مزاعم يُفترض أنه لا أساس لها؛ تتعلق بحجب معلومات عن اختفاء الصدر، الذي أُخفِي في ليبيا عام 1978 مع اثنين من رفاقه».

ورأت «هيومن رايتس ووتش» أن السلطات القضائية «لم تتخذ أي خطوات لمحاكمة نجل القذافي، أو تقديم مبرر قانوني لاستمرار احتجازه».

«هيومن رايتس ووتش» قالت إن هانيبال يشتكي «أزمة نفسية بسبب اعتقاله في زنزانة تحت الأرض» (متداولة)

ونقل مدافعون عن هانيبال لـ«الشرق الأوسط» أن المعلومات التي تصلهم من هيئة الدفاع عنه تشير إلى «اعتلال صحته في السجن اللبناني»، وطالبوا السلطات الليبية «بضرورة التحرّك للإفراج عنه وإغلاق هذا الملف».

وسبق أن صرح مستشار «اتحاد القبائل الليبية»، خالد الغويل، لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «نحن نريد معرفة حقيقة اختفاء الصدر لطي هذا الملف، ولا ينبغي أن يترك (الكابتن) هانيبال يعاني ظلماً في السجن بتهمة لم يرتكبها؛ إذ كان عمره لا يتجاوز العامين عندما أثيرت قضية الصدر».

من جهته، قال رمزي قيس، من «هيومن رايتس ووتش»، إن قضية هانيبال «رمز لنظام قضائي متصدع، يفتقر إلى الاستقلالية، وعرضة للتدخل السياسي من قِبل الأطراف القوية في لبنان. وينبغي للسلطات اللبنانية أن تنهي احتجازه».

وأوضحت «المنظمة» أن باحثاً بها زار نجل القذافي في 12 أغسطس الحالي بمقر «فرع المعلومات»، التابع للمديرية العامة للأمن الداخلي في بيروت، حيث يُحتجز، وكانت تلك أول زيارة لمنظمة دولية لحقوق الإنسان لهانيبال.

صورة أرشيفية لهانيبال معمر القذافي (أ.ف.ب)

كما أوضحت المنظمة أن أحد محامي القذافي، يدعى نسيب شديد، الذي نظّم الزيارة، حضر اللقاء الذي استمر لساعة في أحد المكاتب، وقالت إنه لم يحضر أي مسؤول من سلطات السجن أو الحراس؛ لكن «هيومن رايتس» لم تتمكن من التحقق مما إذا كانت سلطات السجن تراقب الاجتماع، أو ترصده إلكترونيا. ولفتت إلى أن هانيبال كان على علم بأن «هيومن رايتس ووتش» ستنشر المعلومات التي قدمها.

كما أوضحت المنظمة أن الباحث «لم يقم بجولة في السجن، أو بزيارة زنزانة هانيبال، التي سبق أن وصفها بأنها غرفة تحت الأرض، بلا نوافذ، لكنها مزودة بالتهوية». ونقلت عن هانيبال أنه «يتلقى ما يكفي من الطعام، ويحصل على الرعاية الصحية الأساسية؛ لكن لديه ضعفاً جسدياً بسبب سوء التغذية، ونقص الفيتامينات». كما قال إن لديه «مشاكل صحية نفسية»؛ بسبب عزلته الطويلة في زنزانة تحت الأرض، دون ضوء الشمس الطبيعي، وعدم تمكنه من رؤية أسرته بانتظام.

وتابعت المنظمة موضحة أن صحة هانيبال البدنية «تدهورت في السنوات الأخيرة، وشمل ذلك آلاماً في الظهر، وكسراً في الأنف، وآلاماً شديدة في الرأس نتيجة كسر في الجمجمة، تعرّض له أثناء تعذيبه على يد مسلحين اختطفوه في البداية على الحدود السورية أواخر 2015».

وكان فريق الدفاع عن هانيبال قد ندد باستمرار احتجازه دون أي تهمة قانونية واضحة، واتهم السلطات اللبنانية بـ«المماطلة».

وأشارت المنظمة إلى أن هانيبال «يمكنه التواصل مع فريقه القانوني، الذي يشمل محامياً فرنسياً. لكنّ زوجته وأطفاله مُنعوا من دخول لبنان، وحُرموا من الاتصال به خلال السنوات السبع الأولى بعد اعتقاله، حتى عام 2022، عندما سمحت لهم السلطات بالدخول».

وأضافت المنظمة أنه «يُسمح بزيارات العائلة لهانيبال، لكنها مقيّدة بشدة، ولا يوجد جدول زمني منتظم أو مضمون للزيارة»، حسبما قال هانيبال الذي أشار إلى أن طلبات مقابلة فريقه القانوني وعائلته «غالباً ما تُرفض أو تُؤجل لأيام عدة أو تُتجاهل دون مبرر».

الرئيس الراحل معمر القذافي مع عدد من أفراد عائلته (متداولة)

وتعود من وقت إلى آخر قضية هانيبال إلى واجهة الأحداث، على الرغم من عدم ظهور أي بوادر منذ توقيفه، تشير إلى تحديد موقفه، سواء بالإدانة أو الإفراج عنه.

وكانت السلطتان الليبية واللبنانية قد تواصلتا في يناير (كانون الثاني) 2024 بشأن هانيبال، حيث زار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار من وزارة العدل بحكومة «الوحدة» العاصمة بيروت، قصد متابعة ملف نجل القذافي، واتفقوا على التعاون في قضتيه.

وأضاف قيس مشدداً على أنه «ينبغي إنهاء الاحتجاز غير القانوني بحق القذافي. وينبغي منحه هو وجميع المعتقلين والسجناء الآخرين حقوقهم وفق القانون».

وفي ديسمبر 2015، أصدر المحقق العدلي اللبناني، القاضي زاهر حمادة، مذكرة توقيف بحق هانيبال، واتهمه بـ«حجب معلومات» عن اختفاء الصدر ورفيقيه في ليبيا عام 1978، عندما كان هانيبال في الثانية من عمره. ووجَّه حمادة تهمة رسمية إلى القذافي في 2016، تقول إنه «حجب معلومات بشأن الاختفاء».


مقالات ذات صلة

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
TT

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

دافع أسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، عن الجهود التي تجريها سلطات شرق البلاد، وقال إن «ما تحقق من أمن واستقرار وتنمية يُجسّد المشروع الوطني الحقيقي لجمع الكلمة ولمّ الشمل، وبناء ليبيا على أسس الدولة والمؤسسات وسيادة القانون».

خالد حفتر يتوسط بلقاسم (يمين) وحماد (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

واستغل حمّاد افتتاحه عدداً من المشروعات التنموية في جنوب ليبيا، مساء السبت، وشدّد على أن «الحلول في بلادنا لن تأتي من الخارج، بل يصنعها الشعب الليبي بإرادته»، داعياً «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب البناء والتنمية، بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية تعيق مسار بناء الدولة».

وكان حمّاد وعدد من الشخصيات النيابية والعسكرية، من بينهم نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني» الفريق صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة الفريق خالد حفتر، شاركوا في مراسم الافتتاح التي شهدتها مدينة سبها، وذلك عقب استكمال أعمال الصيانة والتطوير التي نفّذها «صندوق التنمية وإعادة الإعمار».

ويقول الصندوق الذي يترأسه بلقاسم حفتر إنه «يعمل ضمن خطة للنهوض بالبنية التحتية والخدمية في المنطقة الجنوبية»، وهي الجهود التي ينظر إليها متابعون بأنها «تخصم من رصيد سلطات العاصمة طرابلس في إطار معادلة تمدد النفوذ بين عسكر شرق ليبيا وغربها».

وحمّاد - الذي تحظى حكومته بدعم من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر - دائماً يوجه انتقادات لغريمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة. وأمام جمع من سلطات شرق ليبيا المشاركين في عملية الافتتاح، أكد «الوقوف بحزم أمام كل محاولات الفتنة أو المساس بالأمن والاستقرار، وعدم السماح بإعادة البلاد إلى مربع الفوضى أو العبث بمصالح المواطنين».

وذهب حمّاد، حسب بيان حكومته، إلى أن «ما تشهده ليبيا اليوم من أمن واستقرار وإعمار يُمثل نقلة حقيقية وغير مسبوقة شملت مختلف المدن والمناطق شرقاً وغرباً وجنوباً»، مشيراً إلى أن «هذا التحول لم يكن ليتحقق لولا ترسيخ الأمن والاستقرار، وما قدّمه رجال القوات المسلحة من تضحيات جسام في سبيل حماية الوطن واستعادة هيبة الدولة».

ونوّه حماد بأن المشروعات التي افتُتحت اليوم شملت قطاعات حيوية، من بينها الإسكان والتعليم والصحة، إضافة إلى شبكات المياه والكهرباء، مع استمرار العمل في عددٍ من المشروعات الأخرى، إلى جانب إطلاق مشروعات جديدة في عدة مدن، بما يضمن وصول الإعمار إلى جميع مدن ومناطق الجنوب دون استثناء.

وتطرّق حمّاد إلى عملية المصالحة في ليبيا، بين القبائل والمدن، وأعلن «بلوغ المراحل النهائية لوضع ميثاق المصالحة الوطنية الشاملة موضع التنفيذ»، وبشّر مواطنين الجنوب بـ«إصدار القرارات اللازمة لتخصيص الأموال، تمهيداً للبدء في صرف تعويضات جبر الضرر للمتضررين، بما يُسهم في طيّ صفحة مؤلمة، وفتح صفحة جديدة قوامها العدل والمصالحة والتسامح».

عدد من قيادات شرق ليبيا خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

وحكومة حمّاد ليست على توافق مع البعثة الأممية، إذ سبق واتهمتها بـ«تجاوز القوانين والتشريعات الليبية والمواثيق والاتفاقيات الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي»، وذلك على خلفية إعلانها تلقيها «ترشيحات لـ(الحوار المهيكل) المتعلق بـ(خريطة الطريق) السياسية».

وبدا أن سلطات بنغازي آخذة في تمديد نفوذها، إذ سبق ووضع صدام حفتر، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حجر الأساس لمشروع يتضمن «مباني خدمية وعسكرية متكاملة» في مدينة سبها. كما تحدّث عن «العمل على ربط مدن الجنوب بشبكات طرق حديثة، وتطوير بنية تحتية، ودعم المشروعات الزراعية التي تمثل ركيزة للأمن الغذائي حتى تكون مركزاً للإنماء والإنتاج، لا معبراً للمعاناة أو التهميش».

وتنقل وسائل إعلام محلية «فرحة سكان جنوب ليبيا مما تحقق في مناطقهم المهمشة من تنمية». وظل الجنوب يشتكي إلى بعثة الأمم المتحدة مما يعانيه من «الإقصاء والتمييز ونقص الخدمات الحكومية».

وكان وفد يتقدمه حمّاد ومدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، زار مدينة غات في أقصى الجنوب الغربي لليبيا على الحدود الجزائرية، وذلك للوقوف على أوضاع المدينة، ومتابعة سير العمل بالمشروعات الخدمية والتنموية.

ووضعت الحكومة زيارة غات في إطار «حرصها على الاطلاع الميداني على احتياجات المواطنين، وتقييم مستوى الخدمات العامة، ومتابعة أداء الجهات التنفيذية، وبحث آليات تعزيز الاستقرار ودعم جهود التنمية، بما يسهم في تحسين مستوى الخدمات وتلبية تطلعات أهالي المدينة».


مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

شدَّدت مصر على «دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه». وأشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني، وبجهود الدولة العراقية وسلطات إقليم كردستان - العراق الرامية إلى إحلال الاستقرار والسلام بالمنطقة».

وأجرى السيسي محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق، مسرور بارزاني، في القاهرة، الأحد، بحضور رئيس المخابرات العامة في مصر حسن رشاد، ووزير داخلية إقليم كردستان - العراق رايبوار أحمد، ورئيس جهاز مخابرات إقليم كردستان - العراق محسن كمال.

وبحسب إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن الرئيس السيسي أكد خلال اللقاء «دعم مصر الكامل والمستمر للعراق الشقيق، ولوحدة وسلامة أراضيه، ومساندته في مواجهة التحديات الكثيرة التي تمر بها المنطقة، لا سيما الإرهاب».

في حين أعرب بارزاني عن تقدير حكومة إقليم كردستان - العراق لدور مصر والرئيس السيسي في «دعم العراق، وفي استعادة السلام والاستقرار في المنطقة»، مؤكداً أن «حكومة إقليم كردستان - العراق تتطلع لمواصلة تعزيز علاقات التعاون مع المؤسسات المصرية».

وتعليقاً على اللقاء ومخرجاته، قال الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية»، نائب وزير الخارجية الأسبق، السفير علي الحفني لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات بين مصر والعراق، تاريخية وقوية، وقائمة على الاحترام المتبادل»، مؤكداً أن «القاهرة حريصة على متابعة موقف بغداد حيال القضايا التي تمثل أولوية واهتماماً، وأيضاً تُشكِّل تحديات خاصة لدولة تربطنا بها مصالح كثيرة».

وأوضح أنه «من الأهمية أن تبقى هناك لقاءات على هذا المستوى والمستويات الأخرى، بحيث يكون هناك تبادل لوجهات النظر، والتنسيق في المواقف، واستطلاع كل الفرص التي من الممكن توظيفها لكل من الجانبين، فمصر تشعر بارتياح أنها تستمع لمختلف القوى في العراق، وتتبادل معها وجهات النظر».

مصر شددت على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه (الرئاسة المصرية)

وزار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، العراق، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وبحث مع رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، «العلاقات بين البلدين، وتعزيز التعاون والشراكة، وتنسيق المواقف إزاء التحديات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وأكد السوداني حينها «توفر أرضية خصبة للتعاون والشراكة، والتبادل التجاري والاقتصادي والتنموي والثقافي والعلمي بين البلدين»، بينما قال مدبولي: «إن هناك تطابقاً كاملاً بين الرؤى المصرية والعراقية في الشأن السياسي، وبشأن التحديات التي تواجه المنطقة العربية، وعلى رأسها حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 67 وعاصمتها القدس الشرقية، والرفض التام لأي إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين إلى أي دولة من دول الجوار».

وبحسب متحدث الرئاسة المصرية، الأحد، فإن المحادثات تناولت كذلك علاقات التعاون الاقتصادي بين مصر والعراق، بما في ذلك إقليم كردستان. وأكد السيسي «حرص مصر على تعميق التعاون الاقتصادي بصوره كافة بين الجانبين»، مبرزاً في هذا الصدد القدرات الكبيرة للشركات المصرية، لا سيما في مجالات الطاقة والبنية الأساسية، والخبرات التي تتمتع بها في مصر وخارجها، داعياً حكومة كردستان للاستفادة من قدرات هذه الشركات على تنفيذ المشروعات بجودة عالية وتكلفة تنافسية.

وفي الإطار ذاته، رحَّب بارزاني بدور الشركات المصرية في العراق، مشدداً على أنه يتطلع خلال زيارته للعمل مع الجهات المصرية المعنية على بحث سبل تعزيز التعاون، والاستفادة من الخبرات المصرية في عدد من القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لحكومة إقليم كردستان - العراق.

وحول أبرز الملفات التي تناولتها المحادثات، أشار الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية» إلى أنه تمت مناقشة ملف الحرب في قطاع غزة وتطوراتها المتسارعة، وكذا الملف السوري، والوضع في لبنان، لافتاً إلى أن «توقيت الزيارة مهم للغاية، فمصر تكثف مشاوراتها للحد من أي تصعيد في المنطقة».

ووفق متحدث الرئاسة المصرية، فإن اللقاء شهد «تبادل الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك»، حيث استعرض الرئيس السيسي الرؤية المصرية لسبل استعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة، كما استمع لتقدير رئيس حكومة إقليم كردستان - العراق في هذا الصدد.


مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)
وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)
وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

جددت مصر والجزائر وتونس دعمها لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية الليبية في أقرب الآجال؛ بما يضمن إنهاء الانقسام الحكومي في البلاد، وتوحيد المؤسسات السياسية والعسكرية.

عبد العاطي يتوسط النفطي (يمين) وعطاف 20 ديسمبر (وزارة الخارجية المصرية)

وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، قد عقد اجتماعاً ثلاثياً، مساء السبت، مع نظيريه الجزائري أحمد عطاف والتونسي محمد علي النفطي، وذلك على هامش أعمال المنتدى الوزاري الثاني للشراكة الروسية - الأفريقية المنعقد في القاهرة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية، الأحد، إن الوزراء الثلاثة «اتفقوا على مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية بين مصر والجزائر وتونس؛ انطلاقاً من مسؤولية دول الجوار المباشر، وبما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته في الاستقرار والتنمية، ويعزز أمن المنطقة كلها».

وسبق أن احتضنت الجزائر اجتماعاً ثلاثياً، في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بحضور عطاف، بالإضافة إلى عبد العاطي والنفطي، وحضّ الأطراف الليبية كافة على «تغليب المصلحة الوطنية العليا؛ بما يضمن إنهاء حالة الانقسام، تمهيداً لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية».

وأوضح السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، الأحد، أن الاجتماع تناول تطورات الأوضاع في ليبيا، مشيراً إلى أن عبد العاطي أكد «موقف مصر الداعم للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة يقودها الليبيون أنفسهم، وبملكية وطنية خالصة؛ بما يفضي إلى إنهاء حالة الانقسام واستعادة الأمن والاستقرار».

وشدد وزير الخارجية على أن «أي مسار ناجح لتسوية الأزمة يجب أن يستند إلى التوافق بين الأطراف الليبية، ودعم جهود الأمم المتحدة، دون تدخلات خارجية أو فرض حلول من الخارج». كما أكد عبد العاطي «أهمية توحيد المؤسسات الليبية التنفيذية، وتهيئة المناخ الملائم لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن؛ بوصفها السبيل الأساسي لتجديد الشرعية وبناء مؤسسات مستقرة».

ونوّه وزير الخارجية المصري إلى «ضرورة توافر بيئة أمنية مستقرة؛ بما يشمل خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب و(المرتزقة) من الأراضي الليبية؛ بما يحفظ وحدة ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها». وهي الرؤية التي سبق أن انتهى إليها اجتماعهم في الجزائر، وفق ما يعرف باسم «آلية دول الجوار الثلاثية».

وكان الوزراء الثلاثة قد جددوا رفض بلدانهم «كل أشكال التدخلات الخارجية في الشأن الليبي»، و«عدّوها من الأسباب الرئيسية لإطالة أمد الأزمة، وتعميق حالة الانقسام السياسي والمؤسساتي، وتقويض نجاح العملية السياسية، وتهديد أمن واستقرار ليبيا ودول الجوار على حد سواء».

كما دعوا إلى «سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية؛ حفاظاً على وحدة ليبيا وسيادتها واستقلال قرارها الوطني».

وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

وتراوح الأزمة الليبية مكانها دون تقدم ملحوظ وسط انقسام سياسي وحكومي حاد، وعلى خلفية ذلك دعت المبعوثة الأممية هانا تيتيه، في إحاطتها لمجلس الأمن حول مستجدات الوضع في ليبيا (الجمعة)، إلى ضرورة تجاوز التأخير في تنفيذ «خريطة الطريق» السياسية، متهمةً الأطراف السياسية الفاعلة الرئيسية بـ«التقاعس وإبقاء الوضع الراهن، سواء عن قصد أو غير قصد».

وانتهت فعاليات المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية - الأفريقية، السبت، واستعرض وزير الخارجية المصري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي، أبرز نتائج أعماله، وما شهده من نقاشات معمّقة حول سبل تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي بين روسيا وأفريقيا، إلى جانب التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور بما يخدم المصالح المشتركة ودعم السلم والأمن والاستقرار في القارة الأفريقية.