لبنان: «شرط تعجيزي» لإطلاق سراح رياض سلامة

فرض كفالة 20 مليون دولار ومنعه من السفر

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أرشيفية - رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان: «شرط تعجيزي» لإطلاق سراح رياض سلامة

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أرشيفية - رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أرشيفية - رويترز)

فتح القضاء اللبناني الباب أمام خروج حاكم مصر لبنان السابق رياض سلامة من السجن، لقاء كفالة مالية مرتفعة جداً، اعتبرها وكيله القانوني المحامي مارك حبقة «شرطاً تعجيزياً»، يراد منها إبقاء موكله موقوفاً، حيث وافقت الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي نسيب إيليا على إخلاء سبيل سلامة لقاء كفالة مالية قدرها 20 مليون دولار أميركي، و5 مليارات ليرة لبنانية (5.5 ألف دولار أميركي)، وقررت منعه من السفر لمدة سنة كاملة تبدأ من تاريخ تنفيذ القرار، وذلك في الدعوى المقامة ضدّه من النيابة العامة المالية ومصرف لبنان بشبهة «اختلاس 44 مليون دولار من حساب الاستشارات في البنك المركزي».

وسجّل القرار المفاجئ في توقيته ومضمونه سابقتين؛ الأولى أنه فرض أعلى كفالة مالية يحددها القضاء في تاريخه مقابل إطلاق سراح موقوف، والثانية أنها المرة الأولى التي يفرض كفالة بالدولار الأميركي؛ إذ إن الكفالات تُحَدّد بالعملة الوطنية أي بالليرة اللبنانية.

واللافت أيضاً أن القرار يأتي عشية انقضاء عام كامل على توقيف سلامة (4 سبتمبر «أيلول» الماضي)، وكان يفترض بالقضاء أن يفرج عنه في حلول الرابع من سبتمبر المقبل، أي بعد أسبوع واحد من دون أي كفالة، الأمر الذي لم تفسّره الهيئة الاتهامية في قرارها.

غير أن مصدراً قضائياً مطلعاً أشار إلى أن الهيئة الاتهامية «استندت في قرار إخلاء سبيل سلامة إلى تقرير صادر عن اللجنة الطبية التي عينتها للكشف عليه، وأفاد بأن وضعه الصحي صعب، وحياته معرضة للخطر في حال استمرار توقيفه».

وعما إذا كان بالإمكان تخفيض قيمة الكفالة لتسريع الإفراج عنه، أكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الأمر غير وارد، باعتبار أن قيمة الكفالة أقلّ من نصف المبلغ المدعى باختلاسه». وقال: «إما أن يسدد سلامه قيمة الكفالة ويعود إلى منزله، وإما أن يبقى في السجن إلى حين محاكمته وإصدار الحكم بحقه، وهذا يحتاج إلى أشهر طويلة».

هذا الإجراء الذي كان ينتظره سلامة منذ أشهر، حظي بترحيب وكيله القانوني المحامي مارك حبقة لجهة الموافقة على إخلاء سبيله، وأثار بالوقت نفسه استياءه حيال الكفالة المالية «التعجيزية»، واعتبر حبقة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «صدور القرار في هذا التوقيت جاء ليقطع الطريق على إلزامية الإفراج عنه الأسبوع المقبل بحقّ، ومن دون أي كفالة تذكر». وسأل: «كيف تفرض كفالة بهذه القيمة والتحقيق بالملفّ لم يتنه بعد، ولم تبدأ المحاكمات أو يصدر حكم بحق موكلي؟ ولماذا لم توافق الهيئة على إخلاء سبيل موكلي في وقت سابق ما دامت أنها وضعت هذه الكفالة العالية وغير المسبوقة؟».

وفي تعليقه على تبرير إخلاء السبيل بالوضع الصحّي لموكله، استغرب حبقة الأمر، وذكّر بأن «كل التقارير الطبية كانت تحذر من الخطر على حياة سلامة، فلماذا أهملت الهيئة الاتهامية كلّ تلك التقارير وتذرعت بالوضع الصحي قبل أسبوع من موعد الإفراج عنه بحقّ؟»، لافتاً إلى أن «كلّ ما فعلته اللجنة الطبية التي عينتها الهيئة أنها صادقت على تقارير الأطباء الذين عاينوا سلامة وواكبوا تطورات حالته الصحية».

ولم يتخذ سلامة وفريق الدفاع عنه قراراً بإمكانية تسديد الكفالة أو الامتناع عن ذلك، وكشف المحامي حبقة عن أنه «أعطى لنفسه مهلة 24 ساعة للتشاور مع موكله حيال الخطوات التي سيلجأ إليها».

ورجّح أن يتقدّم بطلب إلى الهيئة الاتهامية لتخفيض قيمة الكفالة ما دام أن سلامة ممنوع من السفر، وضامن لحتمية مثوله أمام المحاكمة لاحقاً».

واستطرد حبقة قائلاً: «سنعمل كلّ شيء من أجل الإفراج عن موكلي سريعاً». وعن إمكانية تسديد الكفالة كاملة في حال جرى رفض تخفيض قيمتها، أوضح أن «القرار بذلك سيتخذ في أقرب وقت بالاتفاق مع موكلي».

ويواجه رياض سلامة عدداً من الدعاوى القضائية، التي سبق وأقامتها ضدّه المدعية العامة السابقة في جبل لبنان القاضية غادة عون، وأوضح المصدر القضائي أن «سلام خضع للتحقيق في قضيتين بمعزل عن ملفّ حساب الاستشارات: الأولى أقامها ضدّه رجل الأعمال الأردني طلال أبو غزالة أمام قاضي التحقيق في بيروت رولا صفير، اتهمه بـ«إصدار تعاميم وقرارات تهدف إلى تعديل وتغيير النظام الاقتصادي الحرّ، وأدت إلى عرقلة تطبيق القوانين المرعية الإجراء، بهدف إخفاء حالة الإفلاس التي طالت القطاع المصرفي، وأدت إلى الاستيلاء على أموال المودعين»، وأن القاضية صفير استجوبت سلامة وأصدرت مذكرة توقيف وجاهية بحقّه، ثم أخلت سبيله الشهر الماضي».

وأشار المصدر إلى أن الدعوى الثانية رفعها مودعون أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور بجرم «إساءة أمانة وتبييض أموال»، وأن منصور أصدر مذكرة توقيف بحق سلامة، لكن الهيئة الاتهامية في جبل لبنان أخلت سيبله قبل شهرين.

وشدد المصدر على أنه «بمجرد أن يسدد سلامة كفالة الـ20 مليون دولار سيفرج عنه فوراً»، لافتاً إلى أن القاضية غادة عون «ادعت على سلامة بـ6 قضايا في جبل لبنان، لكنّ هذه الدعاوى لم تأخذ طريقها إلى التحقيق».


مقالات ذات صلة

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح اليوم الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».


14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ندّدت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن، ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وإيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف البيان: «نؤكد مجدداً معارضتنا أي شكل من أشكال الضم، وأي توسيع لسياسة الاستيطان»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودعت الدول إسرائيل إلى «العدول عن هذا القرار، بالإضافة إلى ⁠إلغاء التوسع في ‌المستوطنات».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات ⁠أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يؤجج أيضاً انعدام الاستقرار».