مخاوف أزمة سياسية جديدة تضع اقتصاد فرنسا في مهب الريح

تضرُّر الأصول جراء احتمال خسارة الحكومة في تصويت مفاجئ على الثقة

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يتحدث في مؤتمر صحافي لتقديم إرشادات الموازنة في 25 آغسطس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يتحدث في مؤتمر صحافي لتقديم إرشادات الموازنة في 25 آغسطس (إ.ب.أ)
TT

مخاوف أزمة سياسية جديدة تضع اقتصاد فرنسا في مهب الريح

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يتحدث في مؤتمر صحافي لتقديم إرشادات الموازنة في 25 آغسطس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يتحدث في مؤتمر صحافي لتقديم إرشادات الموازنة في 25 آغسطس (إ.ب.أ)

تزداد المخاوف في فرنسا من دخولها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، مع تصويت حاسم على الثقة قد يؤدي إلى سقوط حكومة الأقلية بقيادة رئيس الوزراء فرنسوا بايرو. ومع تراجع الأسواق المالية وارتفاع تكاليف الاقتراض، يلوح في الأفق شبح أزمة اقتصادية جديدة، الأمر الذي دفع وزير المالية الفرنسي نفسه إلى التحذير من خطر تدخل محتمل لصندوق النقد الدولي في حال انهيار الحكومة. يكشف هذا المشهد عن تحديات عميقة تواجهها فرنسا، حيث يجد بايرو نفسه في مواجهة جبهة معارضة موحَّدة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، مما يضع مصير خططه المالية الطموحة على المحك.

وكان رئيس الوزراء فرنسوا بايرو، فاجأ البلاد، يوم الاثنين، بإعلانه أنه طلب من الرئيس إيمانويل ماكرون عقد جلسة نيابية استثنائية في الثامن من سبتمبر (أيلول) للتصويت على الثقة بحكومته، وذلك على خلفية تقليص موازنته، البالغ 43.8 مليار يورو. وقال يوم الاثنين: «إذا لم تكن هناك أغلبية، فستسقط الحكومة». وهو ما أثار صدمةً قبل أسبوعين من موعد عودة النواب إلى العمل.

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يغادر بعد مؤتمر صحافي لتقديم إرشادات الموازنة (إ.ب.أ)

يُراهن بايرو على أن المُشرِّعين سيتفقون على الأقل على أن الوضع المالي المُزري في فرنسا بحاجة إلى تصحيح، لكن يبدو أن الحظوظ مُتقاربة ضدّ هذا الوسطي المُخضرم. وقد تعهد قادة كلٍّ من حزب «فرنسا المُتمردة» اليساري المتطرف، وحزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، بمَن فيهم مارين لوبان، بدعم إسقاط الحكومة. ولكي يبقى رئيس الوزراء في منصبه، يحتاج إلى تصويت الاشتراكيين لدعم حكومته بدلاً من الامتناع عن التصويت، وهو احتمال استبعده زعيم الحزب أوليفييه فور في مقابلة مع صحيفة «لوموند». ولا يزال حزب «يسار الوسط» غاضباً من بايرو بعد انهيار محادثات إصلاح نظام التقاعد في وقت سابق من هذا العام. حتى إن جان لوك ميلينشون، من حزب «فرنسا المتمردة» اليساري المتشدد، ذهب إلى أبعد من ذلك، قائلاً إن على الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه أن يرحل. وكتب ميلينشون على منصة «إكس»: «يجب على إيمانويل ماكرون الرحيل. إنه المسؤول عن الأزمة».

مؤسس حزب «فرنسا المتمردة» الفرنسي اليساري جان لوك ميلينشون يلقي كلمة خلال أحد مؤتمرات الحزب الصيفية (أ.ف.ب)

كان من المتوقع أن يواجه بايرو تصويتاً على الثقة في وقت لاحق من العملية التشريعية. وبدعوته إلى هذا التصويت قبل العودة الرسمية للبرلمان الفرنسي إلى العمل، وقبل يومين فقط من الإغلاق الوطني المقرر في 10 سبتمبر، اختار بايرو فعلياً التعجيل بمصيره ومواجهة خطر انهيار الحكومة بشكل مباشر، وفق موقع «بوليتيكو».

وكشف بايرو، الشهر الماضي، عن خطط إنفاق طموحة للعام المقبل تهدف إلى خفض عجز موازنة 2026 إلى 4.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ومنع انهيار اقتصادي على غرار ما حدث في اليونان. وأثار أحد مستشاري الحكومة احتمال وضع فرنسا تحت إشراف صندوق النقد الدولي، أو «الترويكا» وهي المؤسسات الثلاث التي فرضت إجراءات التقشف خلال أزمة منطقة اليورو، إذا لم تُتخذ أي إجراءات.

ويوم الثلاثاء، لمَّح وزير المالية الفرنسي، إريك لومبارد، إلى وجود خطر يَفرض على صندوق النقد الدولي التدخل في الاقتصاد في حال سقوط حكومة بايرو. وصرّح لومبارد لإذاعة «فرنس إنتر»: «نحن في خضمّ المعركة». وأضاف أنه «ليس مستسلماً على الإطلاق» لخسارة حكومة بايرو تصويت الثقة.

وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد (أ.ف.ب)

وعندما سُئل عن تعليقات سياسيين آخرين بأن انهيار حكومة بايرو قد يؤدي إلى اضطرار صندوق النقد الدولي إلى التدخل في الشؤون المالية لفرنسا، أجاب لومبارد: «هذا خطر واقع أمامنا». وأضاف: «إنه خطر نود تجنبه، وخطر يجب علينا تجنبه، لكن لا أستطيع الجزم بأنه غير موجود».

وأوضح لومبارد أن الحكومة لا تزال تأمل في التوصُّل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع المعارضة، ولكن من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أوضح قادة الأحزاب أن ذلك غير مرجح.

ردة فعل الأسواق

وقد تسبَّبت هذه التطورات في ارتفاع تكاليف الاقتراض الفرنسية لـ10 سنوات إلى 3.53 في المائة، مقتربة من أعلى مستوى لها بعد أزمة منطقة اليورو، الذي سُجِّل في مارس (آذار). وبلغ سعر الفائدة الإضافي على سندات الخزانة الألمانية القياسية نحو 0.8 نقطة مئوية، قريباً من ذروته خلال الأزمة السياسية العام الماضي.

وانخفض مؤشر «كاك 40» للأسهم القيادية في البلاد بنسبة 2.2 في المائة في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء، مضافاً إليه انخفاض بنسبة 1.5 في المائة يوم الاثنين. قال بيتر شافريك، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي الأوروبي في «آر بي سي كابيتال ماركتس» لصحيفة «فاينانشال تايمز»: «الخطر الذي يلوح في السوق هو أنه في حال سقوط الحكومة مجدداً، سيدخل البلد في حالة جمود تام، ولن تكون هناك أي فرصة لمعالجة العجز».

كما تضرَّرت الأسهم المحلية بشكل خاص. وانخفضت أسهم بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي بنسبة 3.5 في المائة.

وشهدت الأزمة السياسية المتصاعدة في فرنسا تقارب تكاليف اقتراضها مع تكاليف اقتراض إيطاليا في الأشهر الأخيرة، لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية. وقال وزير المالية الفرنسي إن تكاليف اقتراض فرنسا ستتجاوز تكاليف اقتراض إيطاليا «في غضون 15 يوماً» إذا خسرت الحكومة التصويت. صباح الثلاثاء، ضاقت الفجوة أكثر، حيث انخفض عائد سندات الحكومة الفرنسية لأجل 10 سنوات إلى 0.1 نقطة مئوية فقط أقل من عائد سند الحكومة الإيطالية.

وصرَّح نيكولاس ترينداد، كبير مديري المحافظ الاستثمارية في شركة «أكسا» لإدارة الاستثمارات، بأنه يتوقع أداءً أضعف من أداء سندات الحكومة الفرنسية، لأن «احتمال انهيار الحكومة قد ارتفع بشكل حاد، حيث أشارت أحزاب المعارضة الرئيسية إلى أنها ستصوت ضد حكومة بايرو». وأضاف أن تنصيب رئيس وزراء جديد «لن يغير الحسابات البرلمانية»، لذا فإن أي ضبط مالي حقيقي «سيظل صعب التنفيذ للغاية». وقال إن إجراء انتخابات مبكرة «سيُعرض اليمين المتطرف لخطر الحصول على أغلبية مطلقة هذه المرة».


مقالات ذات صلة

سرقة ملفات «حساسة» في هجوم سيبراني على الداخلية الفرنسية

أوروبا أوضح وزير الداخلية الفرنسي أن الخرق الأمني جرى بسبب ضعف إجراءات «السلامة الرقمية» (رويترز)

سرقة ملفات «حساسة» في هجوم سيبراني على الداخلية الفرنسية

أعلنت الحكومة الفرنسية، الأربعاء، أنه تم «استخراج... بضع عشرات» من السجلات السرية خلال هجوم سيبراني على وزارة الداخلية الفرنسية استمر عدة أيام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أعضاء البرلمان يرفعون أيديهم خلال جلسة مناقشة مشروع قانون الموازنة لعام 2026 في الجمعية الوطنية (أ.ف.ب)

المشرّعون الفرنسيون يرفضون الجزء المتعلق بالإيرادات من مشروع الموازنة

رفض مجلس النواب الفرنسي، يوم السبت، أجزاءً من مشروع قانون موازنة 2026، تاركاً الباب مفتوحاً أمام إمكانية توصل البرلمان لاتفاق.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد ليكورنو يتفاعل خلال المناقشة قبل التصويت على اقتراحين لسحب الثقة من الحكومة (رويترز)

«ستاندرد آند بورز» تفاجئ فرنسا بخفض تصنيفها بسبب «الاضطراب السياسي»

خفّضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني للديون السيادية الفرنسية، محذرة من حالة الاضطراب السياسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو يلقي خطاباً خلال مناقشة قبل التصويت على اقتراحين لسحب الثقة من الحكومة الفرنسية خلال جلسة عامة في الجمعية الوطنية في باريس 16 أكتوبر 2025 (رويترز)

رئيس الحكومة الفرنسية ينجو من تصويتين لحجب الثقة

نجا رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو من تصويتين لحجب الثقة في البرلمان، اليوم (الخميس)، بعدما تلقى دعما حاسما من الحزب الاشتراكي بعد تقديمه تنازلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يتحدث مع وزير القوات المسلحة الفرنسي حينها سيباستيان ليكورنو خلال زيارة إلى هانوي - فيتنام 26 مايو 2025 (أ.ف.ب)

فرنسا على حافة أزمة سياسية حادة مع تصويت البرلمان لحجب الثقة عن حكومة ماكرون

قد تغرق فرنسا أكثر في أزمة سياسية يوم الخميس، إذ تواجه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون تصويتين لحجب الثقة في البرلمان ضد رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الفضة والذهب يقودان انتفاضة المعادن النفيسة في 2025

حبيبات من الذهب والفضة في مصنع «كرستسفيتميت» بمدينة كراسنويارسك السيبيرية في روسيا (رويترز)
حبيبات من الذهب والفضة في مصنع «كرستسفيتميت» بمدينة كراسنويارسك السيبيرية في روسيا (رويترز)
TT

الفضة والذهب يقودان انتفاضة المعادن النفيسة في 2025

حبيبات من الذهب والفضة في مصنع «كرستسفيتميت» بمدينة كراسنويارسك السيبيرية في روسيا (رويترز)
حبيبات من الذهب والفضة في مصنع «كرستسفيتميت» بمدينة كراسنويارسك السيبيرية في روسيا (رويترز)

تراجعت أسعار المعادن النفيسة يوم الأربعاء، ولكنها لا تزال تتجه نحو تحقيق مكاسب سنوية لافتة، مدفوعة بالقفزة التاريخية للفضة التي تجاوزت 140 في المائة، إلى جانب أقوى أداء سنوي للذهب منذ أكثر من 40 عاماً.

وانخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.4 في المائة، ليصل إلى 4286.89 دولار للأونصة بحلول الساعة 05:56 بتوقيت غرينيتش، وهو أدنى مستوى له في أكثر من أسبوعين، بعدما كان قد سجل مستوى قياسياً جديداً بلغ 4549.71 دولار يوم الجمعة، وفق «رويترز».

كما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم فبراير (شباط) بنسبة 2 في المائة إلى 4298.60 دولار للأونصة.

ورغم هذا التراجع، لا يزال الذهب محققاً ارتفاعاً يفوق 60 في المائة منذ بداية عام 2025، مسجلاً بذلك أفضل مكاسب سنوية له منذ عام 1979، عندما أدت التوترات الجيوسياسية، وفي مقدمتها الثورة الإيرانية، إلى دفع الأسعار بقوة نحو الصعود.

وجاء هذا الأداء القوي مدعوماً بخفض أسعار الفائدة، وتوقعات مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي بمزيد من التيسير النقدي، إلى جانب تصاعد النزاعات الجيوسياسية، والطلب القوي من البنوك المركزية، وزيادة حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب.

وقال إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في شركة «تايستي لايف»: «قد نشهد مع نهاية الربع الأول من عام 2026 اختبار الذهب لمستوى 5000 دولار للأونصة؛ إذ تبدو العوامل التي دعمت صعوده خلال العام الماضي ذات طابع مستدام وقادرة على تغذية نفسها».

وفي المقابل، انخفض سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 7.1 في المائة إلى 71.02 دولار للأونصة، بعد أن كان قد بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 83.62 دولار يوم الاثنين.

ومع ذلك، سجلت الفضة مكاسب تجاوزت 140 في المائة منذ بداية العام، متفوقة بفارق واسع على الذهب، لتكون في طريقها نحو تحقيق أفضل أداء سنوي في تاريخها.

وقد اجتاز المعدن الأبيض عدة محطات مفصلية خلال عام 2025، مدعوماً بتصنيفه كمعدن أميركي حيوي، إلى جانب محدودية المعروض، وتراجع المخزونات، وارتفاع الطلبين الصناعي والاستثماري.

وفي سياق متصل، ارتفع الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له في أكثر من أسبوع، ما شكَّل عامل ضغط على أسعار المعادن المقوَّمة بالعملة الأميركية.

وقال جيغار تريفيدي، كبير محللي البحوث في شركة «ريليانس سيكيوريتيز» في مومباي: «شهد الدولار ارتفاعاً طفيفاً، وهو ما يضغط سلباً على المعادن النفيسة، ومع اقتراب نهاية العام، نشهد عمليات جني أرباح».

أما البلاتين، فقد تراجع في المعاملات الفورية بنسبة 12 في المائة إلى 1935.35 دولار للأونصة، بعد أن كان قد سجل مستوى قياسياً عند 2478.50 دولار يوم الاثنين، ورغم ذلك لا يزال مرتفعاً بأكثر من 110 في المائة منذ بداية العام، محققاً أقوى مكاسب سنوية له على الإطلاق.

كما انخفض سعر البلاديوم بنسبة 8.2 في المائة إلى 1478.0 دولار للأونصة، ولكنه لا يزال متجهاً لإنهاء العام على ارتفاع يقارب 66 في المائة، مسجلاً أفضل أداء سنوي له في 15 عاماً.


أسواق آسيا تتحرك بشكل متباين وسط عطلات نهاية العام

تُظهر الشاشات مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الوون داخل قاعة التداول ببنك هانا في سيول (أ.ب)
تُظهر الشاشات مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الوون داخل قاعة التداول ببنك هانا في سيول (أ.ب)
TT

أسواق آسيا تتحرك بشكل متباين وسط عطلات نهاية العام

تُظهر الشاشات مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الوون داخل قاعة التداول ببنك هانا في سيول (أ.ب)
تُظهر الشاشات مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الوون داخل قاعة التداول ببنك هانا في سيول (أ.ب)

شهدت أسواق الأسهم الآسيوية تداولات متباينة، يوم الأربعاء، في وقتٍ أغلقت فيه عدة بورصات رئيسية أبوابها بمناسبة عطلة نهاية العام ورأس السنة الجديدة، من بينها طوكيو وسيول، بينما واصلت أسواق أخرى نشاطها، وسط أحجام تداول محدودة.

وفي الصين، تراجع مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة 0.9 في المائة ليصل إلى 25.630.54 نقطة، في حين ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.1 في المائة إلى 3.969.75 نقطة. أما في تايوان فقد قفز مؤشر «تايكس» بنسبة 0.9 في المائة إلى 28.963.60 نقطة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وفي أستراليا، انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز/مؤشر أستراليا 200» سيدني بنسبة طفيفة تقل عن 0.1 في المائة ليغلق عند 8.714.30 نقطة.

ومن المقرر أن تظل بورصة طوكيو مغلقة، يومي الخميس والجمعة، بمناسبة عطلة رأس السنة الجديدة، على أن تُستأنف التداولات يوم الاثنين، في حين تُغلق الأسواق في كوريا الجنوبية يوم الخميس.

أما في الولايات المتحدة، فسيظل التداول مفتوحاً في «وول ستريت»، يوم الأربعاء، قبل أن يُغلق يوم الخميس، وسط ضعف ملحوظ بأحجام التداول، كما كانت الحال يوم الثلاثاء.

وسجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تراجعاً بمقدار 9.50 نقطة، أو 0.1 في المائة، ليغلق عند 6.894.24 نقطة. ورغم تسجيله ثلاثة أيام متتالية من الخسائر الطفيفة، لا يزال المؤشر على المسار لتحقيق مكاسب سنوية تتجاوز 17 في المائة.

كما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 94.87 نقطة، أو 0.2 في المائة، إلى 48.367.06 نقطة، في حين تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بمقدار 55.27 نقطة، أو 0.2 في المائة، ليغلق عند 23.419.08 نقطة.

وظلت أسهم شركات التكنولوجيا، ولا سيما تلك المرتبطة بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ذات التأثير الأكبر على اتجاه السوق. وتراجع سهما «إنفيديا» و«آبل» بنسبتيْ 0.4 في المائة و0.2 في المائة على التوالي؛ نظراً لثقلهما الكبير من حيث القيمة السوقية.

وفي المقابل، ارتفعت أسهم «ميتا بلاتفورمز»، الشركة الأم لـ«فيسبوك»، بنسبة 1.1 في المائة، بعد إعلانها الاستحواذ على شركة «مانوس» الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، في إطار سعيها لتعزيز قدراتها بهذا القطاع عبر منصاتها المختلفة.

وشهدت أسواق السلع التحركات الأبرز، إذ ارتفع سعر الذهب بنسبة 1.4 في المائة ليصل إلى 4.386.30 دولار للأونصة، بينما قفزت أسعار الفضة بنسبة 10.9 في المائة. وجاء هذا الارتفاع بعد تراجع المعدنين، يوم الاثنين، عقب مطالبة بورصة شيكاغو التجارية المتداولين بزيادة متطلبات السيولة النقدية للاستثمار في المعادن النفيسة. وقد سجل الذهب والفضة مكاسب قوية، خلال عام 2025، مدفوعين بمزيج من المخاوف الاقتصادية ونقص المعروض.

كما ارتفع سعر النحاس بنسبة 4.4 في المائة، ليصل إجمالي مكاسبه، هذا العام، إلى أكثر من 40 في المائة؛ بدعم من الطلب القوي. ويُعد النحاس عنصراً أساسياً في البنية التحتية العالمية للطاقة، وسط توقعات باستمرار نمو الطلب عليه مع تصاعد الضغوط على مراكز البيانات وشبكات الكهرباء نتيجة التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وفي سوق السندات، تباينت عوائد سندات الخزانة الأميركية، إذ ارتفع العائد على سندات السنوات العشر إلى 4.12 في المائة، مقارنة بـ4.11 في المائة في وقت متأخر من يوم الاثنين، بينما استقر العائد على سندات العامين، الأكثر حساسية لتوقعات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، عند 3.45 في المائة.

وعلى مدار العام، انخفضت عوائد سندات الخزانة بشكل ملحوظ، مدفوعة جزئياً بتوقعات السوق بتغيّر مسار السياسة النقدية. وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد خفّض أسعار الفائدة ثلاث مرات في أواخر عام 2025، كان آخِرها خلال اجتماعه في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

ويواجه البنك المركزي الأميركي بيئة اقتصادية أكثر تعقيداً، إذ تراجعت ثقة المستهلكين، خلال العام، مع استمرار الضغوط التضخمية على الأُسر والشركات، إلى جانب المخاطر التي تفرضها الحرب التجارية واسعة النطاق التي تقودها الولايات المتحدة، والتي قد تسهم في زيادة التضخم.

ولا يزال التضخم عند مستويات مرتفعة، في وقتٍ تُظهر فيه سوق العمل مؤشرات تباطؤ. وبينما يمكن لـ«الاحتياطي الفيدرالي» خفض أسعار الفائدة لدعم سوق العمل، فإن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفاقم التضخم، الذي لا يزال أعلى بكثير من الهدف البالغ 2 في المائة، ما قد يقيّد آفاق النمو الاقتصادي.

وأشار «الاحتياطي الفيدرالي» إلى تبنّي نهج أكثر حذراً، خلال الفترة المقبلة، إذ تعكس محاضر اجتماعه، في ديسمبر، وجود انقسامات داخلية، في ظل تصاعد حالة عدم اليقين بشأن المخاطر الاقتصادية. وتُراهن «وول ستريت» على أن يُبقي البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير، خلال اجتماعه المقبل في يناير (كانون الثاني) 2026.

وفي أسواق العملات، ارتفع الدولار الأميركي إلى 156.60 ين ياباني، مقابل 156.36 ين، بينما استقر اليورو عند 1.1740 دولار، دون تغيير يُذكر، مقارنة بمستواه السابق.


محضر «الفيدرالي»: الاحتياطيات «الكافية» دفعت لشراء سندات قصيرة الأجل

مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

محضر «الفيدرالي»: الاحتياطيات «الكافية» دفعت لشراء سندات قصيرة الأجل

مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أفاد محضر اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» المنعقد يومي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول)، والمنشور يوم الثلاثاء، بأن قرار البنك المركزي في وقت سابق من هذا الشهر البدء في شراء سندات حكومية قصيرة الأجل، جاء بناءً على توصية من موظفيه، وتقييم صُنَّاع السياسة النقدية، بأن مستوى الاحتياطيات تراجع إلى النطاق المستهدف الذي يُعد «كافياً».

وجاء في المحضر أن «صُنَّاع السياسة النقدية شددوا عموماً على أهمية توضيح أن عمليات شراء إدارة الاحتياطيات تهدف حصراً إلى ضمان السيطرة على أسعار الفائدة وسلاسة عمل الأسواق، ولن يكون لها أي تأثير على التوجه العام للسياسة النقدية»، وفق «رويترز».

واستخدم رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول، صياغة متقاربة لوصف هذه العمليات، خلال مؤتمره الصحافي الذي أعقب اجتماع 10 ديسمبر، والذي شهد خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية.

وكان من المقرر أن تبدأ عمليات الشراء ذات الطابع الفني في 12 ديسمبر، بجولة أولية تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 40 مليار دولار من سندات الخزانة، وفق ما أعلنه «الاحتياطي الفيدرالي» آنذاك.

وجاءت هذه الخطوة عقب قرار اتُّخذ في الاجتماع السابق للسياسة النقدية بوقف تقليص الميزانية العمومية، في ظل مؤشرات متزايدة على أن مستويات السيولة تراجعت إلى حد قد يُعقِّد إدارة سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، وهو الأداة الأساسية التي يستخدمها البنك المركزي لتحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم والتوظيف.

وأظهر محضر الاجتماع أن موظفي «الاحتياطي الفيدرالي» أشاروا خلال اجتماع ديسمبر إلى مجموعة من المؤشرات، من بينها تشدد الأوضاع في أسواق المال، وتراجع الاحتياطيات من مستويات وفيرة سابقاً إلى مستويات فائضة.

ورغم ذلك، أقرَّ صُنَّاع السياسة النقدية بأن «مشاركين مختلفين» رأوا أن وضع تعريف أكثر دقة لمفهوم الاحتياطي «الكافي» سيكون مفيداً، في إطار سعي «الاحتياطي الفيدرالي» لتطبيق نظامه القائم على إدارة أسعار الفائدة من خلال الاحتياطيات الكافية؛ خصوصاً في ظل تقلُّب الطلب عليها.

وذكرت المحاضر أن بعض المشاركين رأوا أن تعريف «الكفاية» ينبغي أن يركِّز على مستوى أسعار سوق المال، مقارنة بسعر الفائدة المدفوع على أرصدة الاحتياطيات، في حين أعرب آخرون عن مخاوف من أن تعريفاً يؤدي إلى وفرة كبيرة في الاحتياطيات قد يشجع المستثمرين على الإفراط في تحمل المخاطر. ولم تُظهر المحاضر وجود إجماع حول تعريف محدد.

وأبلغ الموظفون صُنَّاع السياسة النقدية أنه من «الحكمة» البدء في شراء الاحتياطيات قريباً بوتيرة «مرتفعة نسبياً» حتى أواخر أبريل (نيسان)، وهي الفترة التي تؤثر فيها مدفوعات الضرائب بشكل ملحوظ على مستويات الاحتياطيات، على أن يتم خفض الوتيرة الشهرية لاحقاً.

وأضافت المحاضر أن صُنَّاع السياسة النقدية «اتفقوا عموماً» على أهمية التحلي بالمرونة، في تعديل حجم وتوقيت عمليات شراء الاحتياطيات.