عودة غانتس إلى حكومة نتنياهو «طبخة أميركية» متأخرة

المبادرة طرحت في عهد بايدن وفكرت فيها إدارة ترمب... وردود الفعل الحزبية الإسرائيلية تجاهها سلبية

بيني غانتس وبنيامين نتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)
بيني غانتس وبنيامين نتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

عودة غانتس إلى حكومة نتنياهو «طبخة أميركية» متأخرة

بيني غانتس وبنيامين نتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)
بيني غانتس وبنيامين نتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)

أخيراً، وبعد شهور طويلة جداً من الطبخ في أروقة السياسة بواشنطن، خرج رئيس حزب «كاحول لافان» وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، بمبادرة للعودة إلى حكومة بنيامين نتنياهو ولكن بصيغة مختلفة، سمّاها «حكومة افتداء الأسرى».

وتوجه غانتس إلى نتنياهو ورفيقيه وحليفيه السابقين، أفيغدور ليبرمان ويائير لبيد، لكي يصبحوا شركاء في الحكومة المقترحة لأهداف ولفترة محددة، لكن لبيد وليبرمان اعتبرا هذه المبادرة «ضربة لوحدة المعارضة» تقدم خدمة صافية لنتنياهو.

وزير المالية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان (حسابه على «إكس»)

أما في «الليكود» الذي يقوده نتنياهو، فقد رحبوا بغانتس ولكن وضعوا شروطاً أخرى، ومع أن المبادرة قدمت على أنها «أقصر الطرق للصفقة» المفترض إبرامها مع حركة «حماس»، فإنها تحتاج إلى وقت طويل للمفاوضات، بينما نتنياهو يصر على كسب هذا الوقت لمواصلة إشعال لهيب الحرب.

وكان غانتس قد عقد مؤتمراً صحافياً مساء السبت، دعا فيه إلى حكومة وحدة من أجل هدفين؛ هما افتداء الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وسن قانون يضمن تجنيد الحريديم (المتزمتين دينياً)، يكون مقبولاً من الجميع.

انتخابات مبكرة

وقال غانتس إن حكومة كهذه «يجب ألا تبقى لأكثر من ستة شهور تنتهي بإجراء انتخابات مبكرة في الربيع المقبل»، متوجهاً خلال مؤتمره إلى نتنياهو، من جهة، ومن جهة أخرى رئيس المعارضة لبيد، ورئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، ليبرمان، من أجل تشكيل هذه الحكومة.

وذكّر غانتس بأنه «في أنفاق (حماس) يوجد 50 مختطفاً ومختطفة يعانون من الجوع والتعذيب، وواجب الدولة قبل كل شيء هو إنقاذ الأرواح. كل مختطف معرض للموت، وهم في خطر حقيقي ووقتهم ينفد، بينما جنود الاحتياط والجيش النظامي ينهارون تحت العبء».

وأضاف غانتس: «يدعي البعض أنني أنقذت نتنياهو حين دخلت الحكومة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد الحرب، لكن الحقيقة أنني فعلت ذلك بسبب الظروف القاسية التي فرضت علينا قراراً سياسياً صعباً (يقصد هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر، وشن الحرب)»، مشيراً إلى أنه يقف اليوم أمام «مفترق حاسم» شبيه، إذ توجد إمكانية للتقدم نحو صفقة من أجل إعادة جميع المختطفين. وأما (حماس النازية)، فسنحاربها ونلاحقها حتى آخر نفس».

وخاطب نتنياهو ولبيد وليبرمان قائلاً: «حان الوقت لتشكيل حكومة افتداء للأسرى وجعل الجيش مجنداً بالكامل. وكل هذا لفترة زمنية محدودة؛ خلال نصف عام، ننجز فيها هاتين المهمتين (إعادة الأسرى وقانون تجنيد الحريديين)، ثم نذهب إلى انتخابات متفق عليها». واقترح أن يحددوا معاً الربيع المقبل (2026) موعداً لذلك.

نتنياهو يجب أن يرحل فقط عبر الانتخابات

ورأى غانتس أن الحكومة الحالية «سيئة ويجب أن ترحل، ولكن نتنياهو يجب أن يرحل فقط عبر الانتخابات»، ومع ذلك، فقد برر دعوته للتحالف معها قائلاً: «هذه المبادرة ليست لأجل الحكومة، بل بسببها لأنها فاشلة في تحقيق النصر أو إعادة المختطفين، ولأنها تفرق الشعب».

متظاهر إسرائيلي يشارك في احتجاج ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب مساء السبت (أ.ب)

وخاطب غانتس رؤساء المعارضة قائلاً: «هنالك فرق بين تقديم شبكة أمان من الخارج، والدخول للمشاركة والتأثير من الداخل، وإبعاد المتطرفين عن مركز القرار. إذا لم يوافق نتنياهو فسنعرف أننا فعلنا كل ما نستطيع، وأننا استخدمنا القوة التي منحنا إياها الشعب، ولم نكتفِ بالجلوس والصراخ من المدرجات».

وختم بالقول: «ليس لدينا وقت. المختطفون لا يملكون وقتاً وهم يتضورون جوعاً والعائلات تنهار والجنود يسحقون تحت الضغط. لدينا شعب رائع متكاتف، وغالبية في الكنيست تؤيد هذا المسار. حكومة فداء المختطفين الداعمة للجنود والمحدودة زمنياً هي مطلب الساعة».

مبادرة منذ عهد بايدن

يذكر أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، كانت أول من طرح مبادرة كهذه، بهدف التخلص من المتطرفين في الحكومة، تحديداً الوزيرين إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش. وأقامت اتصالات مع قادة المعارضة من الأحزاب الثلاثة واستضافتهم في البيت الأبيض، وأرسلت مبعوثاً خاصاً لممارسة الضغط عليهم، هو السفير الأسبق في تل أبيب، دان شبيرو، الذي أقام في تل أبيب عدة أسابيع.

وبحسب مصادر سياسية في تل أبيب، عاد الأميركيون في إدارة الرئيس دونالد ترمب لطرح المقترح، معتبرين أنه حبل نجاة لنتنياهو، الذي يريدون له أن يبقى رئيساً للحكومة.

اقتراح متأخر وشرط من «الليكود«

لكن الاقتراح جاء متأخراً جداً على ما يبدو؛ ففي «الليكود» صمت نتنياهو بانتظار ردود الفعل، لكن مساعديه يرحبون بعودة غانتس وحده، من دون ليبرمان ولبيد، بل إنهم يضعون شروطاً؛ أولها عدم تبكير موعد الانتخابات وإجراؤها في موعدها (أكتوبر 2026).

متظاهرون يخرجون إلى الشوارع في تل أبيب لدعوة الحكومة الإسرائيلية إلى التوقيع على صفقة الرهائن وإجراء انتخابات مبكرة يوم 1 يونيو 2024 (رويترز)

وتحدث مصدر في «الليكود» إلى وسائل إعلام عبرية، وقال إن «غانتس ليس بذلك السياسي العبقري، لكنه ليس ساذجاً؛ فهو يعرف أن مبادرته غير واقعية، لكنه يحاول بها تبييض سمعته. فإما تقبل مبادرته وإما ترفض، وفي الحالتين يحقق هدفه في وقف انهيار شعبيته».

أما لبيد فلم يبدُ متحمساً لأنه يعتقد أن نتنياهو سوف يستغل وجود المعارضة لإهانتها، مثلما فعل مع غانتس مرتين في السابق، وحذر من أن المقترح سيقسم المعارضة ويشتتها.

ولم يختلف الأمر في حزب ليبرمان الذي رفض المبادرة بالمطلق، وقال، في بيان، إن «إعادة جميع المختطفين ليست قضية يمين ولا يسار، بل قضية إنسانية وأخلاقية»، ودعا إلى إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين «الآن ومن دون أي شروط».

متظاهر إسرائيلي يرتدي قناعاً بملامح نتنياهو ضمن احتجاجات عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة السبت الماضي (أ.ف.ب)

وأضاف أن «الحكومة الوحيدة التي سنكون شركاء فيها هي حكومة صهيونية جامعة، ولن نكون جزءاً في أي تضليل».

أما المستهدف البارز بالإطاحة - وفق المبادرة - بن غفير، فقد شن هجوماً عليها بالمطلق قائلاً: «رأينا الفرق بين الكابينت مع غانتس والكابينت من دونه، في إيران ولبنان وسوريا ورفح. ناخبو اليمين اختاروا سياسة يمينية لا سياسة غانتس ولا حكومة وسط ولا صفقات استسلام لـ(حماس)، نعم للنصر المطلق».


مقالات ذات صلة

غراهام بعد لقائه نتنياهو: «حماس» و«حزب الله» يعيدان التسلّح

الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

غراهام بعد لقائه نتنياهو: «حماس» و«حزب الله» يعيدان التسلّح

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام خلال زيارته إسرائيل، الأحد، حركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني بإعادة تسليح نفسيهما.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الولايات المتحدة​ جانب من لقاء ترمب ونتنياهو بالبيت الأبيض يوليو 2025 (أ.ف.ب)

ترمب: سألتقي نتنياهو «على الأرجح» في فلوريدا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الخميس، إنه لم يرتب اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكن الأخير «يرغب في رؤيته». 

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت (أرشيفية - رويترز)

تحذيرات إسرائيلية من «رسائل نصية خبيثة» لتجنيد جواسيس لإيران

حذّرت هيئة الأمن السيبراني في إسرائيل، الخميس، من هجمة رسائل نصية وصلت إلى آلاف الإسرائيليين سعياً لتجنيدهم للتجسس لصالح إيران.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز) play-circle

عقوبات أميركية على قاضيين إضافيين في «الجنائية الدولية»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضيين إضافيين بالمحكمة الجنائية الدولية، في خطوة دعم لإسرائيل، التي يواجه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مذكرة توقيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الموافقة على صفقة الغاز مع مصر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

عيد «يلدا» العريق في إيران تحت ضغط الغلاء والركود

امرأة إيرانية تلتقط صورة وهي تحمل بطيخة فيما يستعد الإيرانيون للاحتفال بعيد «يلدا» (إ.ب.أ)
امرأة إيرانية تلتقط صورة وهي تحمل بطيخة فيما يستعد الإيرانيون للاحتفال بعيد «يلدا» (إ.ب.أ)
TT

عيد «يلدا» العريق في إيران تحت ضغط الغلاء والركود

امرأة إيرانية تلتقط صورة وهي تحمل بطيخة فيما يستعد الإيرانيون للاحتفال بعيد «يلدا» (إ.ب.أ)
امرأة إيرانية تلتقط صورة وهي تحمل بطيخة فيما يستعد الإيرانيون للاحتفال بعيد «يلدا» (إ.ب.أ)

يحتفل الإيرانيون، الأحد، بعيد «يلدا»، وهي مناسبة ضاربة في التاريخ تعود إلى العصور الفارسية القديمة وترمز إلى بدء فصل الشتاء، في لحظة فرح نادرة تُعكّرها معدلات التضخم والركود الاقتصادي.

ويُحيي الإيرانيون المناسبة على شكل تجمعات عائلية لتناول الحلويات والفاكهة، وخصوصاً الرمّان والبطيخ والكاكي (أو الخرما) إضافة إلى الجوز.

وقالت ماري غوزاردي، وهي مصممة ديكور تبلغ 37 عاماً التقتها «وكالة الصحافة الفرنسية» في بازار تجريش شمال طهران خلال تسوقها لعيد «يلدا»: «في ليلة (يلدا)، تجتمع العائلة كلّها في منزل جدي لنستعيد ذكريات الأيام الجميلة».

وأضافت، وقد وضعت وشاحاً زهرياً حول عنقها: «للأسف، بسبب أحداث مثل الحرب (التي استمرت 12 يوماً ضد إسرائيل في يونيو/ حزيران وارتفاع سعر الدولار)، تراجعت القدرة الشرائية للناس بشكل كبير».

امرأة إيرانية تحمل حبات من الرمان في وقت يستعد فيه الإيرانيون للاحتفال بعيد «يلدا» (إ.ب.أ)

وأعلن المصرف المركزي الإيراني مطلع ديسمبر (كانون الأول) معدل تضخم سنوياً بلغ 41 في المائة، وهو رقم لا يعكس بدقة الزيادات الحادة في أسعار السلع الأساسية.

وقالت غوزاردي بأسف: «لهذا السبب، لا نرى الكثير من الأصناف على الموائد كما في السنوات السابقة».

فاكهة بعيدة المنال

قال بائع الفاكهة علي أكبر محمدي أمام بسطته: «مع ارتفاع الأسعار، لم يعد الأمر كما كان، حين كنّا نستطيع دعوة العائلة كلّها».

وأوضح أنّ أسعار الرمّان، الفاكهة الأساسية في «يلدا»، تضاعفت مقارنة بالعام الماضي، فتراجعت المبيعات تلقائياً.

ونشرت صحيفة «هم ميهن»، أمس، رسماً كاريكاتورياً بعنوان «ليلة يلدا» يُظهر رجلاً فقيراً يحاول التقاط سلّة فاكهة معلّقة بالقمر ولا يمكنه الوصول إليها، في إشارة إلى أنّ الفاكهة أضحت بعيدة من متناول بعض العائلات.

إيرانيون يحتفلون بزينة «يلدا» استعداداً للمهرجان السنوي (أ.ف.ب)

وسجّل الريال الإيراني في الأيام الأخيرة أدنى مستويات له في مقابل الدولار بسوق الصرف غير الرسمية، عند نحو 1,3 مليون ريال، مقارنة بنحو 770 ألفاً قبل عام.

وقال البائع رحيمي (21 عاماً) الذي فضّل عدم كشف اسمه الكامل من متجره لبيع المكسّرات إن «السوق والاقتصاد في حالة فوضى. نحاول الصمود، فلا خيار أمامنا».

وتسببت الحرب في يونيو ضد إسرائيل، والخشية من اندلاع مواجهة جديدة، وعودة العقوبات الأممية على خلفية البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب جمود المفاوضات مع الولايات المتحدة؛ في زيادة القلق بين الإيرانيين وإرباك الاقتصاد.

أمل وشِعر

ترمز ليلة «يلدا» (أو شب يلدا بالفارسية) تقليدياً إلى انتصار الخير والأمل (النور) على الشرّ (الظلام)، وتمثل عادة لحظة بهجة وتمنّيات.

إيرانيون يتفقدون زينة «يلدا» مع اقتراب الاحتفال بالعيد (إ.ب.أ)

وقالت مارال باغربور، وهي طالبة في السادسة عشرة مبتسمة: «نمضي الوقت مع العائلة - الأجداد والعمات وأبناء العم - نقرأ حافظ (الشيرازي)، نشرب الشاي أو القهوة، وأحياناً تغنّي جدّتي».

ويعد ديوان حافظ، لشاعر القرن الرابع عشر شمس الدين محمد حافظ الشيرازي والأيقونة الثقافية في إيران، جزءاً لا يتجزأ من تقاليد يلدا، بحثاً عن بصيص أمل وسط صعوبات الحياة.

إيرانيون يتأملون زينة «يلدا» أثناء استعدادهم للاحتفال بالعيد في طهران (إ.ب.أ)

وكما تنتشر أشجار الميلاد والزينة في الغرب، تزدان المراكز التجارية في طهران بأشجار رمزية ورمّان وصحون فاكهة ضخمة إيذاناً بحلول «يلدا».

ولا تقتصر الاحتفالات على إيران، بل تُقام أيضاً في دول ناطقة بالفارسية مثل أفغانستان وطاجيكستان.


تركيا: تجاذب حول قانون أوجلان للسلام والاعتراف بـ«المشكلة الكردية»

سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)
سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)
TT

تركيا: تجاذب حول قانون أوجلان للسلام والاعتراف بـ«المشكلة الكردية»

سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)
سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)

جدّد حزب كردي في تركيا تمسكه بوضع لوائح قانونية ضمن «قانون السلام» بوصف ذلك ضرورة لإنجاح عملية «السلام والمجتمع الديمقراطي» التي تمر عبر حل حزب «العمال الكردستاني»، ونزع أسلحته.

جاء ذلك بينما يستمر الجدل حول تقارير قدمتها الأحزاب إلى البرلمان على ضوء المناقشات حول متطلبات العملية، التي تطلق عليها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب».

وفي ظل هذه الأجواء، رفضت الرئاسة التركية طرح مطالب «مستحيلة» لن تؤدي إلا إلى عرقلة العملية، مؤكدة أن استخدام لغة «تُشيطن» الدولة، التي تُدير عملية الانتقال، أمر غير مقبول إطلاقاً.

لا «صفقة ديمقراطية»

وقال كبير مستشاري الرئيس التركي للشؤون القانونية محمد أوتشوم، عبر حسابه في «إكس» الأحد، إن اللوائح القانونية المزمع وضعها في إطار العملية يجب ألا تتضمن أي بنود تثير دعاوى عدم الدستورية.

وأضاف أوتشوم أن «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» التابعة للبرلمان، التي تعمل على اقتراح الأساس القانوني للعملية، وصلت إلى مرحلة إعداد التقرير المتعلق بالقانون الانتقالي، الذي يجب أن يعزز التوافق الاجتماعي، مشدداً على أنه ليس هناك «صفقة ديمقراطية» أو مجال للمساومة على الديمقراطية خلال المرحلة الانتقالية.

أوجلان أطلق نداءه من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي بسجن إيمرالي في 27 فبراير الماضي (إ.ب.أ)

وأشار أوتشوم، إلى أن «نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي»، الذي أطلقه زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين، عبد الله أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي، ملزم لجميع الأطراف، وفي سوريا يُعدّ الالتزام التام باتفاقية 10 مارس (آذار)، بشأن اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري أمراً جوهرياً.

وأضاف: «باختصار، على كل من يُؤمن بضرورة اغتنام هذه الفرصة التاريخية أن يُعارض جميع أشكال التخريب الآيديولوجي والعملي، وأن يُقدّم مقترحات معقولة وواقعية، ويتجاهل المطالب المستحيلة».

بروين بولدان متحدثة خلال مؤتمر صحافي عقب لقاء «وفد إيمرالي» مع مسؤولي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بالبرلمان في 20 ديسمبر (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

جاء تعليق أوتشوم، غداة تصريحات نائبة حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، بروين بولدان، عقب لقاء «وفد إيمرالي» المؤلف منها والنائب مدحت سانجار وفائق أوزغور إيرول المحامي في شركة «عصرين» التي تتولى الملف القانوني لأوجلان، مع مسؤولين من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، السبت، حيث أكدت أن «السلام سيكون مستحيلاً دون وضع قانون السلام».

و«قانون السلام للمرحلة الانتقالية» هو مصطلح أطلقه أوجلان خلال لقاء مع «وفد إيمرالي» في سجنه في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وعدّه أساساً قانونياً لعملية السلام، وتضمن مطالبات بـ«المساواة في المواطنة»، والتخلي عن «الدولة القومية»، وتعزيز الديمقراطية في الإدارة المحلية، أي منح سلطات لا مركزية للبلديات في ولايات تركيا، وهي مطالبات تتعلق بعدد من مواد الدستور التركي.

جدل حزبي

في الوقت نفسه لا تزال تقارير الأحزاب حول «عملية السلام»، المقدمة إلى البرلمان، تفجر نقاشاً واسعاً على الساحة السياسية، بينما تواجه العملية والمفاوضات مع أوجلان انتقادات في الشارع التركي.

وانتقد الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونجر باكيرهان، تقرير حزب «الحركة القومية»، قائلاً إن التقرير الذي جاء في 120 صفحة لم يعترف بوجود «مشكلة كردية» في تركيا، وجاء منافياً تماماً لنهج رئيس الحزب دولت بهشلي، الذي أطلق المبادرة لحل حزب «العمال الكردستاني» في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لعملية السلام تلقت تقارير الأحزاب وستعمل على إصدار تقرير واحد شامل (البرلمان التركي - إكس)

وأشار إلى أن تقرير حزب «العدالة والتنمية»، لم يأت تماماً كما نريده، لكن على الرغم من أوجه القصور يتضمن التقرير جوانب جديرة بالملاحظة.

وبالنسبة لتقرير حزب «الشعب الجمهوري»، ذكر باكيرهان أن التقرير المؤلف من 53 صفحة لم يذكر «المشكلة الكردية» إلا في صفحتين فقط، وأنه كان من الأفضل أن يقوم الحزب بتحديث تقريره الذي أصدره عام 1989 حول الديمقراطية والمشكلة الكردية.

ورداً على باكيرهان، قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «الشعب الجمهوري»، مراد أمير، الأحد، إن تقريرنا ليس «تقريراً كردياً»، وتقييمه من هذا المنظور غير دقيق.

وذكّر أمير بالهدف الأساسي للجنة البرلمانية المعنية بوضع الأساس القانوني لعملية السلام، قائلاً إن «الغرض من إنشاء اللجنة هو تحديد المشكلات والحلول المتعلقة بالديمقراطية وسيادة القانون والسلم الاجتماعي. وقد أعدّ حزبنا تقريراً في هذا الصدد، يحدد الخطوات العاجلة اللازمة لبناء تركيا أكثر ديمقراطية، ذات سيادة قانون أقوى وسلم اجتماعي راسخ».

وتضمن تقرير حزب «الشعب الجمهوري» 29 مادة بوصفها حزمة للإصلاح الديمقراطي لحل المشكلة الكردية، وتوسيع الحريات، وتعزيز الديمقراطية.

منظور عسكري

في السياق ذاته، أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن العمل من أجل تحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب» مستمر، قائلاً إن القوات التركية أوصلت «المنظمة الإرهابية» (حزب العمال الكردستاني)، من خلال عملياتها الناجحة، إلى مرحلة إلقاء السلاح، ومن الآن فصاعداً لن يتحقق أي شيء إلا من خلال ما تريده الدولة».

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في 20 ديسمبر (الدفاع التركية)

وأضاف غولر، خلال لقاء السبت، مع ممثلي وسائل الإعلام التركية لاستعراض نتائج أعمال وزارة الدفاع التركية عام 2025: «أود أن أؤكد مجدداً أننا لن نسمح لأي منظمة إرهابية، وعلى رأسها حزب (العمال الكردستاني)، و(وحدات حماية الشعب) في سوريا، بالتجذّر في المنطقة، أو العمل تحت أسماء مختلفة، أو فرض أمر واقع».


بعد إخفاقات 7 أكتوبر... إسرائيل تسمح للآلاف من جنود الاحتياط بالاحتفاظ ببنادق في منازلهم

سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

بعد إخفاقات 7 أكتوبر... إسرائيل تسمح للآلاف من جنود الاحتياط بالاحتفاظ ببنادق في منازلهم

سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

يستعدّ الجيش الإسرائيلي لتسليح نحو 10 آلاف جندي احتياطي من الفرقة 96 ببنادق طويلة تُحفظ في منازلهم على مدار العام، بهدف تقليص أوقات الاستجابة بشكلٍ كبير في حالات الطوارئ المستقبلية، في تحوّل جذريّ في السياسة عقب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

يأتي هذا الإجراء بعد تأخيراتٍ قاتلة حدثت عقب هجوم 7 أكتوبر، حيث تُرك كثير من التجمعات السكنية المدنية قرب حدود غزة دون حماية لساعات، وفي حالاتٍ كثيرة لم تكن فرق الطوارئ المحلية قادرة على الوصول إلى الأسلحة، حسبما أفاد موقع صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية.

وقال ضابط رفيع في الفرقة 96 للصحيفة: «نتذكر جيداً سبب استغراق وصول القوات إلى نير عوز ست ساعات. قبل السابع من أكتوبر، لم تكن لدى كثير من فرق الاحتياط أسلحة في منازلهم أو مدنهم، ما أدى إلى كارثة».

وسيحصل جنود الاحتياط - ومعظمهم تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاماً - على بندقية مطورة من طرازي (إم 4) أو (إم 16)، ومخازن ذخيرة، وسترة قتالية، وخوذة. سيتم تخزين المعدات في خزنة كبيرة من صنع الجيش الإسرائيلي، مثبتة داخل منازلهم. سيخضع كل جندي لفحوصات طبية ونفسية وجنائية قبل الموافقة على ذلك.

وتابع الضابط: «في السابع من أكتوبر، كنت نائب قائد في قوات الاحتياط المظلية. وعندما وصلنا إلى قاعدة الطوارئ، وتسلمنا معداتنا، ووصلنا إلى الجنوب، كان الأوان قد فات. الآن نعمل على بناء كتائب قادرة على الاستجابة الفورية، والحفاظ على مواقعها حتى وصول القوات النظامية».

وفي السابق، كان الجيش الإسرائيلي يحظر على غالبية الجنود الاحتفاظ بالأسلحة في منازلهم، خشية تعرّضها للسرقة أو إساءة استخدامها عن طريق الخطأ. لكن بعد 7 أكتوبر، تم التراجع عن هذه السياسة بالنسبة لفئة مختارة من جنود الاحتياط، والذين يُتوقَّع منهم أيضًا إتمام مهمة عملياتية قبل تسلُّم سلاحهم.

حتى الآن، تسلّم مئات من جنود الاحتياط بنادق، وينضم إليهم العشرات شهرياً. الأسلحة المُسلّمة هي بنادق جيش الدفاع الإسرائيلي القياسية، وهي محفوظة في المنازل، وفق الصحيفة.