مصر: تعهدات جديدة بحماية قاطني «الإيجار القديم» لا تخفف قلقهم

مسؤول حكومي أكد أن القانون يتضمن «فترات انتقالية مدروسة»

قانون «الإيجار القديم» يستمر في إثارة الجدل حتى بعد صدوره (الشرق الأوسط)
قانون «الإيجار القديم» يستمر في إثارة الجدل حتى بعد صدوره (الشرق الأوسط)
TT

مصر: تعهدات جديدة بحماية قاطني «الإيجار القديم» لا تخفف قلقهم

قانون «الإيجار القديم» يستمر في إثارة الجدل حتى بعد صدوره (الشرق الأوسط)
قانون «الإيجار القديم» يستمر في إثارة الجدل حتى بعد صدوره (الشرق الأوسط)

جددت الحكومة المصرية تعهدها بحماية المستأجرين عند تطبيق قانون «الإيجار القديم» خصوصاً أصحاب المعاشات وكبار السن، فيما استمرت حالة القلق لدى قاطني «الإيجار القديم»، وسط حديث عن رفضهم «إخلاء» شققهم بعد انتهاء الفترة الانتقالية، و«التشكيك» في قدرة الحكومة على توفير «وحدات بديلة».

وتحرص الحكومة على تجديد «رسائل الطمأنة» للمستأجرين من وقت لآخر، غير أن هذه الرسائل لا تنجح حتى الآن في امتصاص قلق قاطني شقق «الإيجار القديم» ممن تُقدر أعدادهم بنحو 1.6 مليون أسرة، وفق تقديرات رسمية.

وقال وزير الشؤون النيابية والتواصل السياسي في مصر، محمود فوزي، إن «القانون يتضمن (فترات انتقالية مدروسة)»، موضحاً في تصريحات متلفزة، مساء الخميس، أن «تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، سيتم وفق مراحل زمنية محددة، تبدأ بالوحدات غير السكنية بعد خمس سنوات، بينما الوحدات السكنية سيتم تحريرها بعد سبع سنوات، وهي فترة عدّها كافية لإيجاد الحلول وتسوية الأوضاع».

وصدَّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على القانون رقم «164 لسنة 2025» الخاص بـ«الإيجار القديم»، في 4 أغسطس (آب) الحالي، ودخل حيز التنفيذ في اليوم التالي، بعدما أثار حالة من الجدل على مدار شهور، ولم يتوقف الجدل حتى بعد صدور القانون، في ظل القلق من «قدرة الحكومة على توفير الوحدات البديلة»، و«رفض المستأجرين للمادة الخاصة بتحرير العقد بينهم وبين الملاك».

وأضاف الوزير فوزي أن «الحكومة جادة في التعامل مع هذا الملف، وتعمل بسرعة على عقد الاجتماعات اللازمة لإصدار القرارات التنفيذية المرتبطة بالقانون»، مؤكداً أن «الأولوية ستكون للمستأجر الأصلي وزوجته، فضلاً عن كبار السن والفئات الأولى بالرعاية مثل أصحاب المعاشات». ولفت إلى أن التجارب السابقة مثل مشروع «حياة كريمة» وتطوير العشوائيات تؤكد أن الدولة لا تترك مواطنيها دون حلول.

مجلس النواب المصري وافق على قانون «الإيجار القديم» مطلع يوليو الماضي (وزارة الشؤون النيابية)

وأكد السيسي، الشهر الماضي، خلال الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو (تموز)، أن «مصر التي أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات والأماكن الخطرة لن تترك مستحقاً لسكن يقع في دوامة القلق على غده».

ووفق رئيس «اتحاد مستأجري وحدات الإيجار القديم»، شريف الجعار، فإن «التعهدات الحكومية المتكررة لا تنعكس على حالة المستأجرين «القلقة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التصريحات الحكومية حول الإجراءات التنفيذية، هي استكمال لعمل الوزارات، لكن ذلك بعيد كل البعد عن شاغل المستأجرين الذين يرفضون من الأساس إخلاء منازلهم أو محالهم التجارية».

ولفت إلى حالة «قلق كبيرة بين قاطني الإيجار القديم بعد صدور القانون»، منوهاً إلى «وجود اتجاه لدى عدد من المستأجرين بعدم تنفيذ الزيادة في القيمة الإيجارية التي نص عليها قانون الإيجار القديم، الأمر الذي سيدفع الملاك إلى رفع قضايا على المستأجرين بالطرد، وهنا سوف يتدخل (الاتحاد) للدفع بعدم دستورية القانون».

أحد الشوارع الجانبية في ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة (الشرق الأوسط)

ونص قانون «الإيجار القديم» على «تشكيل لجان حصر في كل محافظة لتقسيم المناطق إلى متميزة، ومتوسطة، واقتصادية، وفق معايير تشمل الموقع الجغرافي، ونوعية البناء والمرافق والخدمات، وتحديد الزيادة في الإيجار، ليرتفع إلى 20 ضعفاً في المناطق المتميزة، وبحد أدنى ألف جنيه (نحو 20 دولاراً)، و10 أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية بحد أدنى 400 و250 جنيهاً على التوالي».

فيما دعت عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، سلاف درويش، المستأجرين، إلى الالتزام بالقانون، والعمل على بدء تسوية أوضاعهم من الآن، والتقديم على الوحدات البديلة التي ستطرحها الحكومة، دون الالتفات إلى من يشكك في هذه الإجراءات. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بدء تطبيق الحكومة للإجراءات في ملف الإيجار القديم يعكس مصداقيتها وجديتها، فهي ملزمة بما جاء في القانون من توفير وحدات بديلة للمستحقين، ولا يوجد أي مجال للقلق أو التشكيك في ذلك».

وألزم القانون الحكومة بتوفير سكن بديل للمتضررين، «من الوحدات المتاحة لدى الدولة، وذلك بطلب يقدمه المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار مرفقاً به إقرار بإخلاء وتسليم العين المستأجرة فور صدور قرار التخصيص وتسلم الوحدة، وتكون الأسبقية في التخصيص للفئات الأولى بالرعاية، خصوصاً المستأجر الأصلي وزوجته ووالديه ممن امتد منهم إليه عقد الإيجار».

حول توجه البعض إلى القضاء للطعن على «عدم دستورية» القانون، قالت عضو مجلس النواب إن «القضاء المصري يعمل وفق القوانين، وفي هذه الحالة، هو يتعامل مع قانون صدر ودخل حيز التنفيذ»، عادّةً أن القانون «حقق قدراً كبيراً من العدالة والتوازن بين الطرفين؛ الملاك والمستأجرين».

في السياق نفسه، أبدى الوزير محمود فوزي تفهم الحكومة المصرية لحالة القلق لدى المستأجرين، قائلاً مساء الخميس، إن «جدية الحكومة سوف تظهر من خلال التنفيذ العملي للقانون، وستتم مراقبة التطبيق من كثب لضمان عدم تأثر أي مواطن سلباً».


مقالات ذات صلة

مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

المشرق العربي طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

رحبت مصر بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

أعربت السعودية و7 دول عربية وإسلامية عن بالغ القلق إزاء تصريحات إسرائيل بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)

«النيابة المصرية» تنفي علاقة «الدارك ويب» بواقعة «التحرش» داخل مدرسة دولية

نفت النيابة العامة في مصر وجود علاقة بين «الدارك ويب» أو ما يُعرف بـ«الإنترنت المظلم» وقضية «التحرش» بإحدى المدارس الدولية في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

مصر: نتائج أولية تشير لـ«تقدم» مستقلين في «الدوائر الملغاة» بـ«النواب»

المؤشرات الأولية تشير إلى تزايد فرص المرشحين المستقلين؛ إذ يخوض أكثر من 30 منهم جولة الإعادة المقررة في 23 و24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

علاء حموده (القاهرة )

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».


أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

خطوة جديدة نحو إنهاء أزمة شرق الكونغو التي تصاعدت منذ بداية العام، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ذلك الاتفاق الذي أكد ترمب أنه «وضع حداً للنزاع»، يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خطوة تحمل أملاً كبيراً لشرق الكونغو الديمقراطية، لكن «تحتاج لتطبيق فعلي على أرض الواقع، وآليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، في ظل تكرار المواجهات رغم التفاهمات التي جرت خلال الآونة الأخيرة».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

وقال كاغامي عقب توقيع الاتفاق: «ستكون هناك عثرات أمامنا، لا شك في ذلك»، بينما وصف تشيسكيدي الاتفاق بأنه «بداية مسار جديد، مسار يتطلب الكثير من العمل».

وهذه النبرة الأكثر حذراً من الرئيسين الأفريقيين تأتي في ظل تواصل المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي بيانين متبادلين، الثلاثاء، اتهم جيش الكونغو، ومتمردو «23 مارس» بعضهما بـ«انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة التي جرى تجديدها الشهر الماضي». وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، الأربعاء، حمّل المسؤول الكونغولي، باتريك مويايا، الحركة «مسؤولية القتال الأخير»، قائلاً إنه «دليل على أن رواندا لا تريد السلام».

وتفاقمت الهجمات التي تهدد المسار السلمي في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ إذ برزت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، وتواصلت هجمات الجماعة في مناطق شرق الكونغو مع تصاعد عمليات حركة «23 مارس»، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «اتفاق واشنطن» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، خطوة تحمل قدراً من الأمل، لكنه يبقى أملاً هشاً للغاية، موضحاً أنه رغم أن التوقيع الرسمي يمنح الانطباع بأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التهدئة، فإن الواقع في شرق الكونغو يكشف عن أن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً وشائكاً.

ولفت إلى أنه رغم التوقيع، عادت الاشتباكات إلى الاشتعال في مناطق كيفو، وهو ما يدل على أن المشكلة أعمق بكثير من اتفاق يعلن من واشنطن، مشدداً على أن «السلام في شرق الكونغو يحتاج أكثر من توقيع، ويحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، وتعامل مباشر مع مطالب المجتمعات المحلية التي عاشت سنوات من الإهمال والصراع».

ترمب يحيي حفل توقيع «اتفاق السلام» مع بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

والاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار سلام في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، بخلاف إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو الماضي.

ووسط ذلك التقدم، رحبت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الجمعة، بتوقيع اتفاقات السلام والازدهار في واشنطن بين الكونغو الديمقراطية رواندا، مؤكدة أنه «يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، بما يسهم في دعم جهود إحلال السلام، وترسيخ أسس المصالحة وإفساح المجال للتنمية الشاملة في المنطقة».

وأمام هذا الواقع والتفاؤل المصري، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أنه يمكن الحفاظ على الاتفاق وتجاوز عثراته عبر خطوات عملية وواضحة، أهمها تنفيذ البنود الأمنية بشكل جدي، خصوصاً انسحاب القوات الرواندية ووقف أي دعم للجماعات المسلحة، وبناء ثقة مع سكان شرق الكونغو عبر تحسين الأمن، وإشراكهم في أي ترتيبات ميدانية، باعتبارهم الأكثر تأثراً، ودون رضاهم سيظل الاتفاق هشاً.

ويعتقد أن الأمل المصري بشأن اعتبار الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء التوتر بين البلدين، يعود إلى «احتمال تجاوز حالة الانسداد السياسي التي سادت لسنوات»، مؤكداً أن «هذه الخطوة يُمكن أن تترجم إلى استقرار فعلي إذا بدأ الطرفان بتنفيذ البنود الأكثر حساسية، وهي الانسحاب التدريجي للقوات، ووقف دعم الجماعات المسلحة، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التعاون».

وشدد على أنه يمكن أن يستمر اتفاق السلام إذا تحول إلى عملية تنفيذ ملزمة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والدولية، لكن إن بقي الوضع الميداني على حاله، أو استُخدم الاتفاق غطاءً لإعادة تموضع قوات أو جماعات مسلحة، فسيظل مجرد هدنة مؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت.