«عالهوى سوا» لسامر حنا تجربة شخصية ينقلها إلى الخشبة

المسرحية تدور في إطار «الميوزيكال كوميدي»

يرى حنا في عروض الـ«ميوزيكال» عنصراً جذاباً لهواة المسرح (سامر حنا)
يرى حنا في عروض الـ«ميوزيكال» عنصراً جذاباً لهواة المسرح (سامر حنا)
TT

«عالهوى سوا» لسامر حنا تجربة شخصية ينقلها إلى الخشبة

يرى حنا في عروض الـ«ميوزيكال» عنصراً جذاباً لهواة المسرح (سامر حنا)
يرى حنا في عروض الـ«ميوزيكال» عنصراً جذاباً لهواة المسرح (سامر حنا)

في 4 سبتمبر (أيلول) المقبل، تبدأ عروض مسرحية «عالهوى سوا» للمخرج سامر حنّا على مسرح «مونو» في بيروت.

للوهلة الأولى، قد يخيَّل لمن يعرف عنوان العمل أنّه شاهده من قبل على الشاشة الصغيرة أو سمع به عبر الأثير. وبالفعل، سبق لمعدّي برامج تلفزيونية وإذاعية أن استخدموا هذا الاسم. أمّا سامر حنّا فقد أطلقه على مسرحيته انطلاقاً من تجربة شخصية خاضها في مجال الإعلام، ورغب في نقلها إلى الخشبة على طريقته، بعد أن صاغها لتحمل رسائل اجتماعية وإعلامية محدَّدة.

ويقول حنّا لـ«الشرق الأوسط»: «خضتُ تجربة إعلامية في إحدى محطات التلفزة حيث كنت أكتب المسلسلات، لكنها للأسف لم تكن موفّقة، إذ اعترتها تفاصيل كثيرة كانت تثير استيائي باستمرار».

مسرحية «عالهوى سوا» تنطلق في 4 سبتمبر على مسرح «مونو» (سامر حنا)

لم يلقَ سامر في عمله الإعلامي ما كان يصبو إليه. فالواقع كان مغايراً تماماً لأفكاره وأحلامه، وما تمنى أن يدرجه في العمل الدرامي من باب دراسته الأكاديمية. اصطدم بحواجز كثيرة كانت بمثابة مبادئ وتقاليد موروثة أباً عن جدّ في العمل الإعلامي. ويوضح: «كنتُ أواجه عقبات كلّما اقترحتُ اسم ممثلة أكاديمية، إذ كان المنتج يفضّل عليها إعلامية تعمل تحت الأضواء، باعتبار أنّ وجودها يرفع نسبة المشاهدة. وقد استندتُ إلى هذا النوع من الأمثلة وأدرجته في مسرحية (عالهوى سوا)».

تحكي المسرحية قصة ثنائي إعلامي هما كريم وكاتيا، يجسّد دورهما شربل أبي نادر وجوانا طوبيا. يقدّم الاثنان برنامجاً تلفزيونياً صباحياً يتسم بسطحية في المضمون وضعف في الإنتاج. ويعتقدان أنّهما نجما إعلام، متظاهرَين أمام الجمهور بأنهما يعيشان زواجاً مثالياً، فيما الحقيقة خلف الكاميرا تكشف عن علاقة متصدّعة تقترب من الانفصال.

وفي الوقت عينه ومن باب رفع نسبة المشاهدة يستعين المنتج بفتاة مؤثرة مشهورة لتشاركهما البرنامج. وهنا تبدأ المواقف تتعقّد ويتخلَّلها الكوميديا والغناء. ويوضح سامر حنا: «أحب في أعمالي المسرحية تلوينها بالموسيقى والأغنيات. وأبرر ذلك من باب التعبير وترجمة مشاعر الحزن أو الفرح عند أبطالي. وفي (عالهوى سوا) أدخلت النمط نفسه بأسلوب جديد. فركنت إلى فكرة إجبار المنتج للثنائي الإعلامي على الغناء في فقرات من برنامجهما الصباحي. ويستخدمانها في نشرات الطقس وغيرها. فالمسرحية تتألف بمعظمها من الحوارات المغناة».

فكاهة ومواقف كوميدية لتقديم الأغنيات، هي عناصر فنية مختلفة يركن إليها حنا في مسرحيته. تألق الأغنيات يعود إلى بطلة العمل جوانا طوبيا. فيما الألحان فهي مستعارة من ألحان فربية معروفة، تُقولب لتتلاءم مع النصوص المكتوبة.

يستغرق عرض المسرحية نحو 90 دقيقة ويعلّق سامر حنا: «قد أعمل على تقصيرها أكثر كي لا تتجاوز الـ 75 دقيقة. ولكن مشاهدها سيستمتع بأحداثها، كما سيتزوّد برسائل اجتماعية عديدة».

تتناول المسرحية رسائل اجتماعية وإعلامية (سامر حنا)

قلب سامر حنا الأدوار في قصة تنبع من واقع شخصي. واختار إعلاميين أكاديميين بدل من فنانين مسرحيين. وأبقى على دور المنتج العديم الخبرة ليدير هذه المرة البرنامج وليس مسلسلاً درمياً.

وعن طبيعة الرسائل التي تتضمنها المسرحية يقول سامر حنا في سياق حديثه: «من خلال قصة هذا الثنائي المتزوج أُطلُّ على المشاكل الزوجية وأهمها الطلاق. وفي الوقت عينه أعطيهما الفرصة ليرمِّما علاقتهما. ففي هذا النوع من العلاقات الجديّة لا ينبغي أن نفقد الأمل. وفي نهاية المسرحية نرى الثنائي يتصالحان بعدما أعادت إليهما الذكريات الجميلة مشاعر الحنين تجاه بعضهما بعضاً. كما أسلّط الضوء على أشخاص يتبوأون مراكز مهمّة في عالم الإعلام والإنتاج من باب التوريث، حيث لا يَعنِي إن كانوا جديرين بالمناصب أم لا، بقدر ما يهمّ أن يواصلوا مساراً موروثاً أباً عن جد. هؤلاء يشبهون ما نطلق عليه اليوم (الرايتينغ)، الذي يقاس فقط بارتفاع نسبة المشاهدة أو انخفاضها، بصرف النظر عن طبيعة المحتوى. فمهما بلغت فكرة البرنامج من سطحية أو سخافة، يبقى الأهم ما تحقّقه من أرقام على صعيد المشاهدة».

ويشارك في المسرحية كلّ من ماريا بشارة بدور الفتاة المؤثّرة، وجاد حرب بدور مدير المسرح. وعن حضور عنصر الميوزيكال في الأعمال المسرحية اليوم، يقول المخرج سامر حنّا: «إنها عنصر جذب لهواة المسرح، وبالنسبة إليّ فهي تحافظ على موقعي في مجال المسرح الغنائي، إذ سبق أن قدّمت أعمالاً عدّة من هذا النوع، وأرغب في الاستمرار في الحفاظ على هذه الهوية المسرحية».


مقالات ذات صلة

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

يوميات الشرق كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)

الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

الفنّ يستطيع أن يُحوّل القرية النائية والمزرعة الفقيرة والسجن المُغلق إلى مساحات مفتوحة على أسئلة عن الحرّية والسلطة والذنب والذاكرة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق حفل تُشارك فيه النساء رحلة تُحرّرهنّ من أحكام المجتمع (كوين أوف فتنيس)

حفل «ملكة الصحة» يكسر الأحكام المُسبقة بحق النساء

حفل تُشارك خلاله نساء قصصهنّ مع التنمُّر والوجع الطويل الذي خبّأنه خلف ملابس فضفاضة وأبواب مغلقة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق أسواق بيروت تتزيَّن في مناسبة عيد الميلاد (الشرق الأوسط)

لبنان ينشغل باستقبال الأعياد بموازاة زيارة البابا التاريخية

تحت عبارة «بيروت إلى الأبد» المكتوبة بأحرف حمراء كبيرة، وقف اللبنانيون يلتقطون الصور للذكرى في أسواق بيروت...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق خطى لا تنظر إلا إلى الأمام (بيروت ماراثون)

جونية ركضت قصصها... 10 آلاف مُشارك صنعوا نهاراً استعاد فيه اللبنانيون أنفسهم

كان الركض نوعاً من الإجابة المُشتركة عن سؤال كيف نستعيد أنفسنا في بلد من دون أمان؟ هذا الاستفهام الصعب الذي لا يكفُّ اللبنانيون على التهرُّب من صياغته.

فاطمة عبد الله (بيروت)

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.


«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
TT

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع ليلة «رأس السنة»، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه، واستند الحكم إلى حصول الفيلم على التراخيص المطلوبة من الرقابة على المصنفات الفنية، وفق منتجه.

الفيلم الذي كان مقرراً عرضه في شهر أغسطس (آب) 2024، تأجّل طرحه أكثر من مرة بسبب تجدد الدعاوى القضائية، من بينها دعوى المحامي مرتضى منصور، بالإضافة إلى الجدل الذي أُثير حوله عقب عرض «البرومو الترويجي»، واعتبار البعض أنه عمل مسيء من الناحية الدينية، إلى جانب تعرّضه لأزمات أخرى، من بينها التحفّظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من العمل احتجاجاً على آراء مؤلفه.

لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد عدد من الفنانين والنقاد والجمهور، وبعض صنّاعه، منع الفيلم عبر منشورات «سوشيالية»، مؤكدين أن المنع ليس حلاً، وأن حرية الإبداع حق للجميع، ولا بدّ من المشاهدة قبل الاعتراض لوضع تصوّر كامل عن فكرة أي عمل فني.

من جانبه أكّد المنتج أحمد السبكي أن الفيلم حصل على جميع التراخيص والموافقات الرقابية اللازمة، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تأجيل العرض كان بسبب المناوشات (السوشيالية) من بعض المحامين، التي حصلت بالتزامن مع طرح البرومو الترويجي، وليس لأسباب أخرى».

وأوضح السبكي أن العرض سيتم دون أي تعديل أو حذف، بعدما أصدر القضاء الإداري حكماً يقضي برفض جميع الدعاوى المقامة لمنع عرضه. وقال: «لا توجد أي إشارة تمنع عرضه، وبحوزتي النصّ القانوني الذي يؤكد أن العمل لا يتضمّن أي إساءة كما اعتقد بعضهم، وقد صدر الحكم قبل المشاهدة».

وأشار السبكي إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء الجمهور قبل مشاهدة العمل، قائلاً: «في عصر (السوشيال ميديا)، يتشكّل رأي الناس بسرعة من خلال البرومو، وهذا أمر طبيعي، لكننا نؤكد أن الحكم النهائي يعود للمشاهد بعد مشاهدة الفيلم كاملاً».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

واتّفق نقاد على أن المنع يحدّ من حرية الإبداع؛ إذ أكدت الكاتبة والناقدة المصرية صفاء الليثي رفضها لفكرة المنع، خصوصاً بعد حصول الفيلم على الموافقات الرقابية وتصويره بالفعل. وأشارت إلى أن «المنع بعد إنجاز الفيلم مشكلة كبيرة وكارثة على الصناعة، كما أنه أسلوب غير واقعي؛ فالجمهور اليوم يستطيع الوصول إلى كل الأفكار بسهولة، ولم يعد الاطلاع على أي موضوع أمراً صعباً».

وقالت صفاء الليثي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة المنع لا بدّ من التراجع عنها؛ فمن غير المعقول الحكم على عمل من اسمه أو من لقطاته الترويجية. فالأسماء أحياناً تكون وسيلة للجذب التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للبرومو، الذي لا يُفترض أن يكون ملخصاً للفيلم، بل قد يُستخدم فقط لجذب الجمهور. والحكم من خلاله غير صائب، فهو دافع للمشاهدة لا سبب للرفض والمنع».

ويتناول فيلم «الملحد» قضية فكرية واجتماعية بطريقة درامية، من خلال قصة رجل دين متشدّد وابنه الذي يتمرّد على أفكاره ويعلن إلحاده. والفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، ونخبة من الفنانين، وهو من إخراج محمد العدل، وتأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي.

من جهتها أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «حرية الإبداع مكفولة للجميع، وأنها ضدّ المنع مطلقاً»، لافتةً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض (الملحد) بعد رفض كبير يُعد مؤشراً جيداً إلى أن الحرية تبقى أول العناصر الضرورية للإبداع».