إصلاحيّو إيران يطالبون بوقف تخصيب اليورانيوم طوعاً

كشفوا عن خريطة طريق لتغيير النهج نحو التنمية بدلاً من الصراعات الآيديولوجية

بزشكيان يلتقي أعضاء جبهة الإصلاحات 22 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يلتقي أعضاء جبهة الإصلاحات 22 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

إصلاحيّو إيران يطالبون بوقف تخصيب اليورانيوم طوعاً

بزشكيان يلتقي أعضاء جبهة الإصلاحات 22 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يلتقي أعضاء جبهة الإصلاحات 22 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)

دعت «جبهة الإصلاحات» في إيران، أعلى هيئة تنسيقية للأحزاب المؤيدة للرئيس مسعود بزشكيان، إلى وقف تخصيب اليورانيوم طوعاً، وقبول رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل رفع العقوبات، في إطار مبادرة نووية للخروج من الأزمة الراهنة.

وكشفت الجبهة، التي تضم 30 حزباً وتكتلاً سياسياً إصلاحياً، عن خريطة طريق عاجلة للقيام بإصلاحات هيكيلية، في مجالي السياسية الداخلية والخارجية، مشددة على أن البلاد تواجه «جملة من المخاطر والتهديدات الجسيمة».

وأضافت، في بيان نشرته مواقع إيرانية، أن «تحقيق المصالحة الوطنية ووقف حالة العداء داخلياً وخارجياً هما السبيل الوحيدة لإنقاذ إيران وفرصة ذهبية للتغيير والعودة إلى الشعب».

وحذّرت «الجبهة» من أن تهديد الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) بتفعيل آلية «سناب باك» للعودة التلقائية إلى العقوبات الأممية «واقعي وقابل للتنفيذ في المدى القريب».

وقالت الجبهة، في بيان، إن «إعادة الملف النووي الإيراني إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ستعني عودة عقوبات المنظمة الدولية، وفرض ركود أعمق من آثار الحرب الأخيرة، فضلاً عن أنها ستوفر غطاءً شرعياً لأي حرب مستقبلية ضد إيران بذريعة تهديد السلم».

ورأت الجبهة أن تجنب هذا السيناريو «يشكّل أولوية عاجلة للأمن القومي، وليس مسألة حزبية أو انتخابية. إنها قضية وجودية تتطلب وحدة وطنية ورؤية استراتيجية واضحة لتفادي كارثة تُهدد مستقبل البلاد بأَسره».

يأتي هذا بعد أيامٍ من انتقادات حادة وجّهها الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي إلى ما وصفها بـ«السياسات الكارثية»، خصوصاً البرنامج النووي، قائلاً إنه أوصل الشعب إلى «قاع الهاوية».

ودعا القيادة الإيرانية إلى «العودة للشعب»، وإجراء «إصلاحات هيكلية قائمة على إرادة الأمة قبل فوات الأوان». وأبدى أسفه على «ابتعاد الناس عن الثورة والنظام نتيجة سوء أداء المسؤولين».

ورفعت السلطات القيود والإقامة الجبرية عن كروبي، في مايو (أيار) الماضي، بعد 14 عاماً، في أعقاب قيادته «الحركة الخضراء» مع حليفه الإصلاحي ميرحسين موسوي، الذي لا يزال يخضع للإقامة الجبرية برفقة زوجته الناشطة الإصلاحية زهرا رهنورد، منذ فبراير (شباط) 2011.

كروبي يتوسط قربان بهزاديان نجاد (يمين الصورة) وعلي رضا بهشتي شيرازي وعلي رضا حسيني بهشتي كبار مستشاري ميرحسين موسوي الأحد (جماران)

كما دعا الرئيس الأسبق حسن روحاني إلى ضرورة مراجعة النهج القائم، وصياغة استراتيجية وطنية تعكس إرادة الشعب. كما دعا لتعزيز العلاقات مع أوروبا والجوار، وخفض التوتر مع الولايات المتحدة. وفي بداية الأسبوع الماضي، دعا 78 دبلوماسياً سابقاً، في بيان، إلى «تغيير توجهات السياسة الخارجية».

جاء بيان جبهة الاصلاحات في وقتٍ ذكرت وسائل إعلام إصلاحية أن مهدي كروبي استقبل ثلاثة من كبار مستشاري حليفه ميرحسين موسوي، الأحد.

ثلاثة خيارات بعد الحرب

وأشار بيان «جبهة الإصلاحات» إلى ثلاثة خيارات أمام البلاد، «في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة»، أولها «استمرار الوضع القائم؛ مع هدنة هشة ومستقبل غامض»؛ في إشارة إلى الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

وثانيها «تكرار النموذج السائد خلال الأعوام الـ22 الماضية؛ مفاوضات تكتيكية لشراء الوقت من دون معالجة جذور الأزمات».

وثالثها «الاختيار الشُّجاع للمصالحة الوطنية، ووقف العداء في الداخل والخارج؛ بهدف إصلاح هيكل الحكم، والعودة إلى مبدأ سيادة الشعب، عبر انتخابات حرة وإلغاء (الرقابة الاستصوابية لمجلس صيانة الدستور على الانتخابات)»، فضلاً عن «وضع حد لسياسة التصعيد والعزلة الدولية».

وتطرّق البيان إلى حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، في يونيو (حزيران) الماضي. وقال: «رغم الرد الحاسم وظهور قدرات الردع والقوة الدفاعية للقوات المسلّحة، فقد غيّر ملامح أمننا القومي في المنطقة والعالم». و

زاد: «لقد أثبتت هذه الحرب أن إيران عازمة وقادرة على الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، لكنها كشفت، في الوقت نفسه، أن استمرار هذا المسار، من دون إعادة بناء الثقة الوطنية وفتح باب التفاعل البنّاء مع العالم، سيفرض على الشعب تكاليف بشرية ومالية ونفسية باهظة».

سيارات تمر بجانب لوحة تحمل صورة خامنئي وعبارة «يا إيران» في ساحة «انقلاب» (الثورة) وسط طهران (أ.ف.ب)

ووصف البيان المجتمع الإيراني بـ«الجريح»، قائلاً إن «ظلال اليأس والقلق لا تزال تثقل كاهل الحياة اليومية».

أما عن تفاقم الأزمة الاقتصادية بعد الحرب، فقد قال البيان إنه «قبل الحرب كان الاقتصاد يرزح أصلاً تحت وطأة اختلالات مزمنة وقرارات متقلبة أنهكت بنيته، أما اليوم فقد ضاعفت الحرب من أزماته مع تفاقم التضخم الجامح، وركود الإنتاج، وانهيار قيمة العملة الوطنية، وهروب رؤوس الأموال، مما جعل خطر الشلل الاقتصادي وشيكاً وأكثر وضوحاً من أي وقت مضى».

وشدّدت «جبهة الإصلاحات» على ضرورة القيام بتغييرات جذرية؛ «استناداً إلى استراتيجية الإصلاح من الداخل». وقالت إن «المصالحة الوطنية وما يترتب عليها من نتائج، تمثل الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد وفرصة ذهبية للتغيير والعودة إلى الشعب. ولا شك أنه من دون الشروع في إصلاحات هيكلية عميقة، فإن المصالحة الوطنية والعفو العام سيتحولان إلى مجرد عرض سياسي».

خريطة طريق

وشملت خريطة الطريق المقترَحة 11 مقترحاً؛ على رأسها إعلان عفو عام، ورفع الإقامة الجبرية عن الزعيم الإصلاحي ميرحسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد، وإنهاء القيود على الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، والإفراج عن جميع السُّجناء السياسيين والعقائديين، وإنهاء قمع المعارضة الإصلاحية.

كما حضّت الجبهة على تغيير خطاب المؤسسة الحاكمة، وتمحوره حول التنمية، بدلاً من إعلاء الأولوية للنزاعات الآيديولوجية.

ويقترح البيان «تفكيك المؤسسات الموازية، وإجراء تغييرات جذرية في تلك المؤسسات ونهجها، وإنهاء تعدد مراكز صنع القرار، وإعادة صلاحيات الحكومة، ومنع تدخُّل المجالس غير القانونية وغير الشفافة وغير الخاضعة للمساءلة في إدارة الدولة».

وشملت المقترحات إعادة القوات العسكرية إلى الثكنات، وخروجها من المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وأيضاً «مراجعة نهج وسياسات الأمن الداخلي، مع الحفاظ على القدرة الردعية الدفاعية، وتقليل النظرة الأمنية للمجتمع».

لوحة دعائية مكتوب عليها بالفارسية كلمة «هتيانياهو» وبالعبرية عبارة «النازي الألماني لليوم» معلقة فوق مركز التنسيق الإيراني الفلسطيني وسط طهران (أ.ف.ب)

وتطرّق إلى ضرورة «إصلاح نهج وإدارة الإذاعة والتلفزيون، وحرية الإعلام، وإلغاء الرقابة». وكذلك «تعديل القوانين المتعلقة بحقوق المرأة التي تُعرّض نصف المجتمع للتمييز المنهجي والعنف».

اقتصادياً، شدّدت المقترحات على ضرورة «انتزاع الاقتصاد الوطني من سيطرة الأوليغارشية الحاكمة، وتوفير فرص اقتصادية متساوية للجميع، وتهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب».

أما عن السياسة الخارجية فقد دعا البيان إلى «إصلاح السياسة الخارجية على أساس المصالحة الوطنية والتضامن بين جميع الإيرانيين داخل البلاد وخارجها، واستخدام كل أدوات الدبلوماسية الرسمية والشعبية لمنع تفعيل آلية الزناد، وإلغاء العقوبات، واستعادة المكانة اللائقة للأمة الإيرانية ذات الثقافة السلمية في النظام الدولي».

وأشار البيان إلى أهمية «التكامل الإقليمي لإحلال سلام دائم، واستغلال فرص التعاون مع الجيران، ودعم تشكيل دولة فلسطينية مستقلّة وفقاً لإرادة شعبها، والتعاون مع السعودية ودول المنطقة لإعادة صياغة صورة إيران كأمة مسالمة ومسؤولة».

وقالت الجبهة إن «تغيير النهج الحالي في الحكم هو مطلب أغلبية الشعب الإيراني»، مشيرة إلى أن الإيرانيين يطالبون بـ«التفاعل مع المجتمع الدولي، والعيش بسلام مع الجيران، وتحقيق التنمية».

وأعربت عن اعتقادها أن «الفرصة الذهبية للتغيير متاحة، الآن، أمام الأمة والسلطة، ويمكن أن تُشكّل منصة انطلاق نحو تنمية مستدامة وإعادة بناء رأس المال الاجتماعي، والتفاعل مع العالم».

وناشدت جميع القوى السياسية الداعمة لمنهج «الإصلاح السلمي الرافض للعنف» أن تتوحد حول محور المصالح الوطنية، بدلاً من الاستمرار في «الحدود المصطنَعة والعقيمة».


مقالات ذات صلة

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)

400 شخصية نسائية عالمية تطالب إيران بإلغاء إعدام ناشطة

طالب أكثر من 400 شخصية نسائية عالمية طهران بالإفراج فوراً عن المهندسة والناشطة الإيرانية زهراء طبري، مُعربين عن قلقهم من احتمال تنفيذ حكم الإعدام بحقّها قريباً.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب) play-circle

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

حذر مسؤولون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة بشأن تجدد الاشتباك مع إيران قد تؤدي لحرب جديدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية

«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

وضعت الولايات المتحدة وإسرائيل البرنامج الصاروخي الإيراني تحت المجهر، مع تصاعد التوتر الإقليمي وتضارب المعطيات بشأن تحركات عسكرية داخل إيران. وتشير تقديرات.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب - طهران)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
TT

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

قدّمت الحكومة الإيرانية، الثلاثاء، مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار، في أول موازنة تُقدم رسمياً بالريال الجديد بعد حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية.

وسلّم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مشروع الموازنة إلى رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف خلال الجلسة العلنية، مؤكداً أن الموازنة أُعدت على أسس الشفافية والانضباط المالي، والواقعية في تقدير الموارد والمصروفات.

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية بأن إجمالي موارد ومصارف الموازنة العامة يبلغ 14.44 تريليون تومان (ريال جديد)، أي ما يعادل نحو 107.4 مليار دولار، وفق سعر صرف 134,450 للدولار الواحد.

وذكرت وكالة «مهر» أن موازنة العام الجديد الذي يبدأ 21 مارس (آذار) المقبل، جاءت مختلفة من حيث الشكل، إذ قُدمت من دون مواد وأحكام تفصيلية، واقتصرت على «مادة واحدة»، على أن تعرض الأرقام والبيانات في صيغة جداول.

ومن المنتظر أن يباشر البرلمان خلال الأيام المقبلة مناقشة بنود مشروع الموازنة داخل لجانه المختصة، تمهيداً لإحالته إلى الجلسة العامة للتصويت عليه، وسط توقعات بجدل واسع حول تقديرات الإيرادات، ومستويات الإنفاق، وانعكاسات الموازنة على معيشة المواطنين، في ظل التضخم المرتفع، وتراجع قيمة العملة.

بزشكيان يلقي خطاباً أمام البرلمان على هامش تقديم مشروع الموازنة (الرئاسة الإيرانية)

وبعد تقديم مشروع الموازنة، قال بزشكيان للصحافيين إن الحوارات بين الحكومة والبرلمان، مع التركيز على معيشة الشعب، ستتواصل خلال العامين الحالي والمقبل، بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة قائمة على موارد حقيقية، مؤكداً أن الحكومة ستعمل على تهيئة الظروف اللازمة للحفاظ على مستوى المعيشة.

وأضاف أن مسار النقاش بين الحكومة والبرلمان يهدف، سواء لهذا العام أو العام المقبل، إلى اعتماد لغة ورؤية مشتركتين بشأن معيشة المواطنين، مشدداً على أن مسعى الحكومة هو تمكين الشعب، في العام المقبل أيضاً، من تأمين الحد الأدنى من المعيشة بالأسعار الحالية، حتى في حال ارتفاع معدلات التضخم، حسب وكالة «إرنا».

وكان المصرف المركزي الإيراني قد أعلن مطلع ديسمبر (كانون الأول) أن معدل التضخم السنوي بلغ 41 في المائة، وهو رقم لا يعكس بدقة الارتفاعات الحادة في أسعار السلع الأساسية، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين الماضي.

وسجل الريال الإيراني خلال الأيام الأخيرة أدنى مستوياته التاريخية أمام الدولار في السوق غير الرسمية، عند نحو 1.3 مليون ريال للدولار، مقارنة بنحو 770 ألف ريال قبل عام.

رجل يمر أمام لافتة في مكتب صرافة للعملات مع تراجع قيمة الريال الإيراني بطهران السبت الماضي (رويترز)

ويؤدي التراجع السريع للعملة إلى تفاقم الضغوط التضخمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، ما يزيد من الضغط على ميزانيات الأسر.

ويأتي تدهور العملة في ظل ما يبدو تعثراً للجهود الرامية إلى إحياء المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب استمرار حالة عدم اليقين حيال خطر تجدد الصراع، عقب الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي.

كما يخشى كثير من الإيرانيين من احتمال اتساع رقعة المواجهة بما قد يجر الولايات المتحدة إليها، وهو ما يفاقم حالة القلق في الأسواق.

ويعاني الاقتصاد الإيراني منذ سنوات من وطأة العقوبات الغربية، لا سيما بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى، عام 2018، من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، الذي كان قد خفض بشكل حاد تخصيب اليورانيوم الإيراني ومخزوناته مقابل تخفيف العقوبات. آنذاك كان سعر صرف الريال الإيراني يقارب 32 ألف ريال للدولار الواحد.

وبعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في يناير (كانون الثاني)، أعادت إدارته إحياء حملة «الضغط الأقصى»، موسعة نطاق العقوبات التي تستهدف القطاع المالي الإيراني وصادرات الطاقة. ووفق بيانات أميركية، عادت واشنطن إلى ملاحقة الشركات المنخرطة في تجارة النفط الخام الإيراني، بما في ذلك عمليات البيع بأسعار مخفّضة لمشترين في الصين.

وتصاعدت الضغوط في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما أعادت الأمم المتحدة فرض عقوبات مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني عبر ما وصفه دبلوماسيون بآلية «العودة السريعة»، ما أدى إلى تجميد أصول إيرانية في الخارج، وتعليق صفقات الأسلحة مع طهران، وفرض قيود إضافية مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية.


400 شخصية نسائية عالمية تطالب إيران بإلغاء إعدام ناشطة

إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)
إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)
TT

400 شخصية نسائية عالمية تطالب إيران بإلغاء إعدام ناشطة

إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)
إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)

طالب أكثر من 400 شخصية نسائية عالمية، من بينها أربع حائزات جوائز نوبل وعدد من الرئيسات ورئيسات الحكومات السابقات، طهران بالإفراج فوراً عن المهندسة والناشطة الإيرانية زهراء طبري، مُعربين عن قلقهم من احتمال تنفيذ حكم الإعدام بحقّها قريباً.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حُكم على طبري، وهي أمّ تبلغ 67 عاماً، بالإعدام بعد «محاكمة صورية لم تستغرق سوى عشر دقائق، عُقدت عبر الفيديو دون حضور محاميها»، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الرسالة التي وقّعتها النساء.

وأشارت الرسالة إلى أن طبري تُواجه الإعدام «لرفعها لافتة عليها عبارة (امرأة، الحياة، حرية)»، والتي يُرجَّح أنها مُستوحاة من شعار «امرأة، حياة، حرية» الذي لقي رواجاً واسعاً خلال احتجاجات عام 2022.

ووقّعت الرسالة، التي صاغتها جمعية «العدالة لضحايا مَجزرة 1988 في إيران» التي تتخذ من لندن مقراً، رئيساتٌ سابقات لسويسرا والإكوادور، ورئيسات وزراء سابقات لفنلندا والبيرو وبولندا وأوكرانيا.

وجاء في الرسالة: «نطالب بالإفراج الفوري عن زهراء، وندعو الحكومات في مختلف أنحاء العالم إلى التضامن مع المرأة الإيرانية في نضالها من أجل الديمقراطية والمساواة والحرية».

ووقّع الرسالة أيضاً قضاة ودبلوماسيون وأعضاء في البرلمان وشخصيات عامة، مِن بينهم الفيلسوفة الفرنسية إليزابيث بادينتر.

وفي حين لم تتطرق وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إلى قضية طبري، ولم تؤكد صدور حكم الإعدام بحقها، أكّدت مجموعة من ثمانية خبراء مستقلين من الأمم المتحدة، الثلاثاء، صدور الحكم، استناداً فقط إلى لافتة ورسالة صوتية لم تُنشر، وطالبوا إيران بـ«تعليق» تنفيذ الحكم فوراً.

وأكد هؤلاء الخبراء المفوَّضون من مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، أنّ الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي صادقت عليها إيران، يقتصر في المبدأ على تطبيق عقوبة الإعدام على «أخطر الجرائم».

وشددوا على أن «القضية لا تشمل أي جريمة قتل متعمَّدة وتشوبها عدة مخالفات إجرائية»، وخلصوا إلى أن «إعدام طبري في ظل هذه الظروف يُعدّ إعداماً تعسفياً».

وفق منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو، أعدمت السلطات الإيرانية أكثر من 40 امرأة، هذا العام.


مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

صرّح مساعد سابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه عقب هجوم «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أشعل فتيل الحرب الإسرائيلية على غزة التي استمرت عامين، كلّفه الزعيم الإسرائيلي بإيجاد طريقة للتهرب من مسؤولية هذا الخرق الأمني.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، وجّه المتحدث السابق باسم نتنياهو، إيلي فيلدشتاين، الذي يواجه محاكمة بتهمة تسريب معلومات سرية إلى الصحافة، هذا الاتهام الخطير، خلال مقابلة مطولة مع قناة «كان» الإسرائيلية، مساء الاثنين.

وقد اتهم منتقدون نتنياهو مراراً وتكراراً برفض تحمّل مسؤولية الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل. لكن لا يُعرف الكثير عن سلوك نتنياهو في الأيام التي أعقبت الهجوم مباشرة، في حين قاوم رئيس الوزراء باستمرار إجراء تحقيق حكومي مستقل.

وفي حديثه لقناة «كان»، قال فيلدشتاين إن «المهمة الأولى» التي تلقاها من نتنياهو بعد 7 أكتوبر 2023، كانت إسكات المطالبات بالمساءلة. قال فيلدشتاين: «سألني: عمّ يتحدثون في الأخبار؟ هل ما زالوا يتحدثون عن المسؤولية؟». وأضاف: «أراد مني أن أفكر في شيء يُخفف من حدة العاصفة الإعلامية المحيطة بمسألة ما إذا كان رئيس الوزراء قد تحمل المسؤولية أم لا».

وأضاف أن نتنياهو بدا «مرتبكاً» عندما طلب منه ذلك. وقال فيلدشتاين إنه أُبلغ لاحقاً من قِبل أشخاص في الدائرة المقربة من نتنياهو بحذف كلمة «المسؤولية» من جميع التصريحات.

وصف مكتب نتنياهو المقابلة بأنها «سلسلة طويلة من الادعاءات الكاذبة والمكررة التي أدلى بها رجل ذو مصالح شخصية واضحة يحاول التهرب من المسؤولية»، حسبما أفادت وسائل إعلام عبرية.

وتأتي تصريحات فيلدشتاين بعد توجيه الاتهام إليه في قضية يُتهم فيها بتسريب معلومات عسكرية سرية إلى صحيفة شعبية ألمانية لتحسين الصورة العامة لرئيس الوزراء، عقب مقتل 6 رهائن في غزة في أغسطس (آب) من العام الماضي.

كما يُعدّ فيلدشتاين مشتبهاً به في فضيحة «قطر غيت»، وهو أحد اثنين من المقربين لنتنياهو متهمين بتلقي أموال من قطر أثناء عملهما لدى رئيس الوزراء.