هل تشهد إيران صراعاً بشأن إدارة المفاوضات النووية؟

عباس عراقجي يقلل من احتمال سحب الملف من «الخارجية»

صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
TT

هل تشهد إيران صراعاً بشأن إدارة المفاوضات النووية؟

صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي

تتواصل في إيران النقاشات حول صلاحيات إدارة الملف النووي بين وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للأمن القومي، في ظل عودة علي لاريجاني إلى منصب أمين عام المجلس؛ ما أثار تكهنات بإمكانية نقل الملف من «الخارجية»، رغم نفي وزيرها عباس عراقجي.

وقال عراقجي لموقع «خبر أونلاين»، المقرب من مكتب لاريجاني، الذي أثار احتمال إحالة الملف: «حالياَ لا يوجد مثل هذا البرنامج على جدول الأعمال، ولا أتصور أن يحدث ذلك».

تشير هذه التصريحات، في سياقها الزمني، إلى محاولة تهدئة النقاش الدائر حول إعادة توزيع الصلاحيات، خاصة بعد الربط الإعلامي بين عودة لاريجاني وإمكانية إعادة الملف إلى المجلس الأعلى.

تأتي تصريحات عراقجي بعد شهر من إقرار البرلمان الإيراني قانوناً يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويشترط موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي على أي عمليات تفتيش مستقبلية للمواقع النووية.

هذه الخطوة، وإن لم تمثل اختراقاً جديداً، إلا أنها تعدّ «مناورة» للضغط على القوى الغربية والوكالة الذرية، علماً أن لجنة فرعية تابعة للمجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، تعمل على تأمين المنشآت النووية، التي تتولاها فعلياً وحدة خاصة في «الحرس الثوري» تم إنشاؤها لحماية هذه المواقع، ومن بين مهام اللجنة المشتركة تنسيق دخول المفتشين الدوليين مع المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

لكن خطوة البرلمان تدل على توجه لتعزيز الدور الأمني في إدارة الملف النووي، بما يمنح المجلس الأمن القومي مساحة أوسع في التحكم بمسار المفاوضات المقبلة.

تقلبات

النقاش حول صلاحيات إدارة المفاوضات ليس جديداً في إيران. فقد تغيرت التكتيكات مع تغير الحكومات، لكن جوهر السلطة بقي بيد المرشد علي خامنئي، صاحب القرار النهائي في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، وعلى رأسها الملف النووي.

أبرز تحول في توزيع الصلاحيات حدث عام 2013، في عهد الرئيس الأسبق حسن روحاني، حيث نُقلت إدارة المفاوضات إلى وزارة الخارجية، لكن المجلس الأعلى للأمن القومي ظل المطبخ الأساسي للقرارات الحاسمة قبل إقرارها من المرشد. ومنح هذا التحول وزارة الخارجية دوراً أكبر في التواصل مع الأطراف الدولية، لكنه لم ينتزع سلطة القرار من مجلس الأمن القومي.

عودة علي لاريجاني إلى منصبه أثارت الجدل من جديد، خاصة أن رد وزير الخارجية، عباس عراقجي، وهو الآن كبير المفاوضين الإيرانيين، على سؤال من موقع قريب من لاريجاني، حول احتمال إحالة الملف، عُدّ إشارة إلى جدية النقاش.

لاريجاني شغل منصب الأمين العام لمجلس الأمن القومي بين 2004 و2006 وكان حينها كبير المفاوضين النوويين، قبل أن يستقيل بسبب خلافات مع الرئيس حينها، محمود أحمدي نجاد، الذي تبنى سياسة أكثر تشدداً أدت إلى إحالة الملف النووي إلى مجلس الأمن وإصدار ستة قرارات أممية، جُمدت لاحقاً بموجب اتفاق 2015.

الخلافات حول الصلاحيات ليست وليدة اليوم. فقد شهدت فترة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني محاولات لنقل الملف من المجلس الأعلى للأمن القومي والحكومة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو الهيئة الاستشارية العليا للمرشد، ويرأسه حالياً صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاني.

ونشبت الخلافات بين لاريجاني وأحمدي نجاد، بعدما حاول فريق الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني في مجلس تشخيص مصلحة النظام، حينها، نقل صلاحيات التفاوض من المجلس الأعلى للأمن القومي والحكومة، إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يُعدّ أعلى هيئة تقدم استشارات سياسية للمرشد علي خامنئي. ويترأس المجلس حالياً صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاني.

وفي الواقع، حاول رفسنجاني وفريقه استمرار السياسة التفاوضية التي بدأت خلال عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وتحديداً في عام 2003، عندما كان حسن روحاني أميناً عاماً لمجلس الأمن القومي وكبيراً للمفاوضين النوويين.

حدود نفوذ الجهاز الدبلوماسي

في مارس (آذار) 2024، ظهرت مؤشرات على رغبة المرشد علي خامنئي في إعادة الملف النووي إلى مؤسسات تابعة مباشرة له، مثل المجلس الأعلى للأمن القومي، بعد تقارير عن تكليف مستشاره السياسي، علي شمخاني، مهمة إجراء مفاوضات موازية لتلك التي كانت تجريها حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، قبل وفاته في حادث تحطم مروحية.

وأكدت هذه المؤشرات أن القيادة العليا تسعى إلى إحكام قبضتها على الملف في مراحل التفاوض الحساسة؛ ما ينعكس على طبيعة الصلاحيات الممنوحة لوزارة الخارجية.

شمخاني كان قد أشرف على المفاوضات النووية لمدة عشر سنوات خلال توليه منصب الأمين العام للمجلس منذ عام 2013، وهي الفترة التي شهدت نقل الملف إلى وزارة الخارجية، لكن دون أن يفقد المجلس تأثيره في رسم مسار المفاوضات والمصادقة النهائية على القرارات.

يرى كثيرون في إيران أن الصلاحيات المحدودة لوزارة الخارجية مقارنة بمجلس الأمن القومي تزيد من تعقيدات المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.

هذه الفجوة في الصلاحيات كانت موضع شكوى الرئيس الأسبق حسن روحاني، خلال المفاوضات النووية، خصوصاً في الأشهر الستة الأخيرة من ولايته الثانية، عندما اقتربت مفاوضات فيينا مع إدارة جو بايدن من إحياء الاتفاق النووي، قبل أن تتوقف في مارس 2022 مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

تشير هذه التجربة إلى أن غياب وحدة القرار التفاوضي يضعف قدرة إيران على تحقيق اختراقات دبلوماسية في المراحل الحرجة.

لجان موازية

وجود لاريجاني قد يمنح أنصار التفاوض في الداخل شعوراً بالاطمئنان؛ نظراً لدوره في تمرير اتفاق 2015 عندما كان رئيساً للبرلمان. ويُعزى رفض ترشحه للرئاسة في انتخابات 2021 و2024 جزئياً إلى خلافاته مع التيار المحافظ بسبب دعمه ذلك الاتفاق. وتشير سوابق لاريجاني التفاوضية بما في ذلك خلال فترة رئاسة البرلمان لمدة 12 عاماً إلى قدرته على المناورة بين الضغوط الداخلية والخارجية؛ ما يرجّح أن يكون لعودته أثر مباشر على صياغة الاستراتيجية التفاوضية المقبلة.

على خلاف النظرة المتفائلة، يتخوف بعض أنصار التفاوض من أن يعود لاريجاني إلى فترة تحالفه الوثيق مع المحافظين، خصوصاً الآن هو مكلف تطبيق سياسات المرشد وتمثيله في مجلس الأمن القومي، ومطالب بتبني خطاب يعبر عن أعلى جهاز أمني في البلاد. وأرسل لاريجاني مؤشراً مبكراً على ذلك خلال حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، عندما هدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي وتوعده بالمحاسبة.

فيديو نشره لاريجاني على منصة «إكس» ويتضمن تهديداً لمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في يونيو

في 16 يوليو (تموز)، وفي ثاني ظهور علني له منذ اندلاع الحرب، أوصى خامنئي الدبلوماسيين بالالتزام بـ«التوجيهات» والعمل بحذر ودقة، وهي رسالة فُسّرت على نطاق واسع بأنها أوامر مباشرة تعكس حساسية المرحلة وأهمية ضبط مسار المفاوضات.

الجدل حول صلاحيات التفاوض يتصاعد أيضاً بعد تصريحات وزير الخارجية الأسبق، علي أكبر صالحي، مطلع الشهر الحالي، والتي كشف فيها عن وجود لجنة موازية تدير المفاوضات من خلف الكواليس، خارج إطار المجلس الأعلى، لكنها تتمتع بنفوذ واسع وقدرة على اتخاذ القرارات. صالحي رفض الكشف عن أعضائها، مكتفياً بوصفها بـ«المؤثرة والفاعلة». تؤشر هذه التصريحات إلى أن مسار التفاوض لا يقتصر على الهياكل المعلنة، بل يشمل قنوات غير رسمية ذات تأثير معتبر في صياغة القرار.

من جانبه، أوضح المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، أن الوزارة تعمل وفق تسلسل هرمي واضح، وتبلغ وجهات نظرها إلى الجهات المعنية بالقرار. ورغم أن سحب الملف من الخارجية يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، فإن المعطيات الحالية ترجّح أن يلعب لاريجاني دوراً أكبر في صياغة التوجهات التفاوضية؛ استناداً إلى خبرته وصلاته المباشرة بالمرشد.

تشير مجمل المعطيات إلى أن الجدل الدائر حول إدارة الملف النووي الإيراني يعكس توازنات قوة داخل النظام، أكثر من كونه نقاشاً حول الإجراءات الفنية. وزارة الخارجية تمتلك أدوات التواصل والخبرة الدبلوماسية، لكنها لا تتحكم في القرار النهائي، في حين يحتفظ المجلس الأعلى ولجانه الموازية بسلطة الحسم تحت إشراف المرشد. من المرجح أن تؤدي عودة لاريجاني إلى تعزيز مركزية القرار وتوحيد الخطاب التفاوضي، لكن هذا قد يحدّ في المقابل من قدرة الفريق الدبلوماسي على المناورة في القضايا الشائكة. وعليه، فإن نجاح طهران في المفاوضات المقبلة سيعتمد على قدرتها على الموازنة بين متطلبات الانضباط الداخلي وضغوط الأطراف الدولية.


مقالات ذات صلة

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
شؤون إقليمية زوارق سريعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات سابقة في مضيق هرمز (أرشيفية - تسنيم)

مناورات بحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني

أعلنت القوة البحرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، الأربعاء، عن إجراء مناورات في مياه الخليج العربي، «ابتداءً من الخميس ولمدة يومين، وتشمل مناطق الخليج وجزر نازعات…

«الشرق الأوسط» (طهران)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».


تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

قال نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي، الخميس، إن أنقرة استدعت سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود.

وقال إكينجي، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان: «شهدنا تصعيداً خطيراً للغاية في الأسابيع القليلة الماضية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث شهدنا هجمات متبادلة. وأخيراً، وقعت هجمات محددة في البحر الأسود داخل منطقتنا الاقتصادية الخالصة أيضاً».

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء: «استدعينا أمس واليوم القائم بالأعمال الروسي بالإنابة وسفير أوكرانيا للتعبير عن قلقنا».

كان مسؤول من جهاز الأمن الأوكراني قال، السبت الماضي، إن أوكرانيا استهدفت ناقلتين من «أسطول الظل» الروسي بطائرات مسيَّرة في البحر الأسود.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن العملية المشتركة نفذها جهاز الأمن والبحرية الأوكرانية، وفق ما نقلته «رويترز».

وتابع: «تُظهِر لقطات الفيديو أن أضراراً جسيمة لحقت بالناقلتين بعد استهدافهما، وخرجتا من الخدمة فعلياً. وهذا سيوجه ضربة كبيرة لعمليات نقل النفط الروسي».

وذكر مسؤول تركي بارز، الأسبوع الماضي، أن ناقلتي نفط تردد أنهما جزء من «أسطول الظل»الروسي، اللتين اشتعلت فيهما النار، قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود، ربما تعرضتا لهجوم بألغام أو طائرات مسيَّرة أو صواريخ.