هل تشهد إيران صراعاً بشأن إدارة المفاوضات النووية؟

عباس عراقجي يقلل من احتمال سحب الملف من «الخارجية»

صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
TT

هل تشهد إيران صراعاً بشأن إدارة المفاوضات النووية؟

صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي

تتواصل في إيران النقاشات حول صلاحيات إدارة الملف النووي بين وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للأمن القومي، في ظل عودة علي لاريجاني إلى منصب أمين عام المجلس؛ ما أثار تكهنات بإمكانية نقل الملف من «الخارجية»، رغم نفي وزيرها عباس عراقجي.

وقال عراقجي لموقع «خبر أونلاين»، المقرب من مكتب لاريجاني، الذي أثار احتمال إحالة الملف: «حالياَ لا يوجد مثل هذا البرنامج على جدول الأعمال، ولا أتصور أن يحدث ذلك».

تشير هذه التصريحات، في سياقها الزمني، إلى محاولة تهدئة النقاش الدائر حول إعادة توزيع الصلاحيات، خاصة بعد الربط الإعلامي بين عودة لاريجاني وإمكانية إعادة الملف إلى المجلس الأعلى.

تأتي تصريحات عراقجي بعد شهر من إقرار البرلمان الإيراني قانوناً يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويشترط موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي على أي عمليات تفتيش مستقبلية للمواقع النووية.

هذه الخطوة، وإن لم تمثل اختراقاً جديداً، إلا أنها تعدّ «مناورة» للضغط على القوى الغربية والوكالة الذرية، علماً أن لجنة فرعية تابعة للمجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، تعمل على تأمين المنشآت النووية، التي تتولاها فعلياً وحدة خاصة في «الحرس الثوري» تم إنشاؤها لحماية هذه المواقع، ومن بين مهام اللجنة المشتركة تنسيق دخول المفتشين الدوليين مع المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

لكن خطوة البرلمان تدل على توجه لتعزيز الدور الأمني في إدارة الملف النووي، بما يمنح المجلس الأمن القومي مساحة أوسع في التحكم بمسار المفاوضات المقبلة.

تقلبات

النقاش حول صلاحيات إدارة المفاوضات ليس جديداً في إيران. فقد تغيرت التكتيكات مع تغير الحكومات، لكن جوهر السلطة بقي بيد المرشد علي خامنئي، صاحب القرار النهائي في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، وعلى رأسها الملف النووي.

أبرز تحول في توزيع الصلاحيات حدث عام 2013، في عهد الرئيس الأسبق حسن روحاني، حيث نُقلت إدارة المفاوضات إلى وزارة الخارجية، لكن المجلس الأعلى للأمن القومي ظل المطبخ الأساسي للقرارات الحاسمة قبل إقرارها من المرشد. ومنح هذا التحول وزارة الخارجية دوراً أكبر في التواصل مع الأطراف الدولية، لكنه لم ينتزع سلطة القرار من مجلس الأمن القومي.

عودة علي لاريجاني إلى منصبه أثارت الجدل من جديد، خاصة أن رد وزير الخارجية، عباس عراقجي، وهو الآن كبير المفاوضين الإيرانيين، على سؤال من موقع قريب من لاريجاني، حول احتمال إحالة الملف، عُدّ إشارة إلى جدية النقاش.

لاريجاني شغل منصب الأمين العام لمجلس الأمن القومي بين 2004 و2006 وكان حينها كبير المفاوضين النوويين، قبل أن يستقيل بسبب خلافات مع الرئيس حينها، محمود أحمدي نجاد، الذي تبنى سياسة أكثر تشدداً أدت إلى إحالة الملف النووي إلى مجلس الأمن وإصدار ستة قرارات أممية، جُمدت لاحقاً بموجب اتفاق 2015.

الخلافات حول الصلاحيات ليست وليدة اليوم. فقد شهدت فترة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني محاولات لنقل الملف من المجلس الأعلى للأمن القومي والحكومة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو الهيئة الاستشارية العليا للمرشد، ويرأسه حالياً صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاني.

ونشبت الخلافات بين لاريجاني وأحمدي نجاد، بعدما حاول فريق الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني في مجلس تشخيص مصلحة النظام، حينها، نقل صلاحيات التفاوض من المجلس الأعلى للأمن القومي والحكومة، إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يُعدّ أعلى هيئة تقدم استشارات سياسية للمرشد علي خامنئي. ويترأس المجلس حالياً صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاني.

وفي الواقع، حاول رفسنجاني وفريقه استمرار السياسة التفاوضية التي بدأت خلال عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وتحديداً في عام 2003، عندما كان حسن روحاني أميناً عاماً لمجلس الأمن القومي وكبيراً للمفاوضين النوويين.

حدود نفوذ الجهاز الدبلوماسي

في مارس (آذار) 2024، ظهرت مؤشرات على رغبة المرشد علي خامنئي في إعادة الملف النووي إلى مؤسسات تابعة مباشرة له، مثل المجلس الأعلى للأمن القومي، بعد تقارير عن تكليف مستشاره السياسي، علي شمخاني، مهمة إجراء مفاوضات موازية لتلك التي كانت تجريها حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، قبل وفاته في حادث تحطم مروحية.

وأكدت هذه المؤشرات أن القيادة العليا تسعى إلى إحكام قبضتها على الملف في مراحل التفاوض الحساسة؛ ما ينعكس على طبيعة الصلاحيات الممنوحة لوزارة الخارجية.

شمخاني كان قد أشرف على المفاوضات النووية لمدة عشر سنوات خلال توليه منصب الأمين العام للمجلس منذ عام 2013، وهي الفترة التي شهدت نقل الملف إلى وزارة الخارجية، لكن دون أن يفقد المجلس تأثيره في رسم مسار المفاوضات والمصادقة النهائية على القرارات.

يرى كثيرون في إيران أن الصلاحيات المحدودة لوزارة الخارجية مقارنة بمجلس الأمن القومي تزيد من تعقيدات المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.

هذه الفجوة في الصلاحيات كانت موضع شكوى الرئيس الأسبق حسن روحاني، خلال المفاوضات النووية، خصوصاً في الأشهر الستة الأخيرة من ولايته الثانية، عندما اقتربت مفاوضات فيينا مع إدارة جو بايدن من إحياء الاتفاق النووي، قبل أن تتوقف في مارس 2022 مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

تشير هذه التجربة إلى أن غياب وحدة القرار التفاوضي يضعف قدرة إيران على تحقيق اختراقات دبلوماسية في المراحل الحرجة.

لجان موازية

وجود لاريجاني قد يمنح أنصار التفاوض في الداخل شعوراً بالاطمئنان؛ نظراً لدوره في تمرير اتفاق 2015 عندما كان رئيساً للبرلمان. ويُعزى رفض ترشحه للرئاسة في انتخابات 2021 و2024 جزئياً إلى خلافاته مع التيار المحافظ بسبب دعمه ذلك الاتفاق. وتشير سوابق لاريجاني التفاوضية بما في ذلك خلال فترة رئاسة البرلمان لمدة 12 عاماً إلى قدرته على المناورة بين الضغوط الداخلية والخارجية؛ ما يرجّح أن يكون لعودته أثر مباشر على صياغة الاستراتيجية التفاوضية المقبلة.

على خلاف النظرة المتفائلة، يتخوف بعض أنصار التفاوض من أن يعود لاريجاني إلى فترة تحالفه الوثيق مع المحافظين، خصوصاً الآن هو مكلف تطبيق سياسات المرشد وتمثيله في مجلس الأمن القومي، ومطالب بتبني خطاب يعبر عن أعلى جهاز أمني في البلاد. وأرسل لاريجاني مؤشراً مبكراً على ذلك خلال حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، عندما هدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي وتوعده بالمحاسبة.

فيديو نشره لاريجاني على منصة «إكس» ويتضمن تهديداً لمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في يونيو

في 16 يوليو (تموز)، وفي ثاني ظهور علني له منذ اندلاع الحرب، أوصى خامنئي الدبلوماسيين بالالتزام بـ«التوجيهات» والعمل بحذر ودقة، وهي رسالة فُسّرت على نطاق واسع بأنها أوامر مباشرة تعكس حساسية المرحلة وأهمية ضبط مسار المفاوضات.

الجدل حول صلاحيات التفاوض يتصاعد أيضاً بعد تصريحات وزير الخارجية الأسبق، علي أكبر صالحي، مطلع الشهر الحالي، والتي كشف فيها عن وجود لجنة موازية تدير المفاوضات من خلف الكواليس، خارج إطار المجلس الأعلى، لكنها تتمتع بنفوذ واسع وقدرة على اتخاذ القرارات. صالحي رفض الكشف عن أعضائها، مكتفياً بوصفها بـ«المؤثرة والفاعلة». تؤشر هذه التصريحات إلى أن مسار التفاوض لا يقتصر على الهياكل المعلنة، بل يشمل قنوات غير رسمية ذات تأثير معتبر في صياغة القرار.

من جانبه، أوضح المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، أن الوزارة تعمل وفق تسلسل هرمي واضح، وتبلغ وجهات نظرها إلى الجهات المعنية بالقرار. ورغم أن سحب الملف من الخارجية يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، فإن المعطيات الحالية ترجّح أن يلعب لاريجاني دوراً أكبر في صياغة التوجهات التفاوضية؛ استناداً إلى خبرته وصلاته المباشرة بالمرشد.

تشير مجمل المعطيات إلى أن الجدل الدائر حول إدارة الملف النووي الإيراني يعكس توازنات قوة داخل النظام، أكثر من كونه نقاشاً حول الإجراءات الفنية. وزارة الخارجية تمتلك أدوات التواصل والخبرة الدبلوماسية، لكنها لا تتحكم في القرار النهائي، في حين يحتفظ المجلس الأعلى ولجانه الموازية بسلطة الحسم تحت إشراف المرشد. من المرجح أن تؤدي عودة لاريجاني إلى تعزيز مركزية القرار وتوحيد الخطاب التفاوضي، لكن هذا قد يحدّ في المقابل من قدرة الفريق الدبلوماسي على المناورة في القضايا الشائكة. وعليه، فإن نجاح طهران في المفاوضات المقبلة سيعتمد على قدرتها على الموازنة بين متطلبات الانضباط الداخلي وضغوط الأطراف الدولية.


مقالات ذات صلة

اغتيال مسؤول أمني أفغاني سابق في العاصمة الإيرانية

شؤون إقليمية أكرم الدين سريع القائد السابق لشرطة ولايتي بغلان وتخار (إكس)

اغتيال مسؤول أمني أفغاني سابق في العاصمة الإيرانية

قتل أكرم الدين سريع، مسؤول أمني سابق في الحكومة الأفغانية السابقة، في هجوم مسلح وقع في العاصمة الإيرانية طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)

400 شخصية نسائية عالمية تطالب إيران بإلغاء إعدام ناشطة

طالب أكثر من 400 شخصية نسائية عالمية طهران بالإفراج فوراً عن المهندسة والناشطة الإيرانية زهراء طبري، مُعربين عن قلقهم من احتمال تنفيذ حكم الإعدام بحقّها قريباً.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على متن ناقلة جند مدرعة في المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن سوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية فبراير الماضي (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أنّ روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني بين الجانبين، وذلك بمعرفة ورضا الإدارة الأميركية.

وقالت هيئة البثّ الإسرائيلية الرسمية «كان 11» إنّ أذربيجان تستضيف وتقود حالياً الاجتماعات والمحادثات، التي يقوم بها مسؤولون رفيعو المستوى من الطرفين إلى العاصمة باكو.

ولفت مصدر أمني مطّلع إلى أنّ هناك فجوة قائمة في الاتصالات بين إسرائيل وسوريا، على الرغم من الوساطة الروسية، ولكن تمّ إحراز بعض التقدّم خلال الأسابيع الأخيرة.

وذكرت «كان 11» عن المصادر أنّ موسكو ودمشق تعملان على تعزيز العلاقات بينهما، إذ نقلت روسيا، الشهر الماضي، جنوداً ومعدّات إلى منطقة اللاذقية عند الساحل. وأضافت المصادر أنّ إسرائيل تفضّل السماح بوجود روسي يكون على حساب محاولة تركيا لترسيخ وجودها التمركز في الجنوب السوري أيضاً.

لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو الأربعاء (سانا)

وأمس (الأربعاء)، زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني موسكو، والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، مشيراً إلى أنّ الهدف هو نقل العلاقات بين البلدين إلى مستوى استراتيجي.

وكان التطور الأبرز في العلاقات حين استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ شدّد الطرفان على أهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية والسياسية بين بلديهما والتعاون في مجالات الطاقة والغذاء.

يذكر أن إسرائيل تقيم علاقات ودية مع روسيا، تحاول فيها تل أبيب التفاهم على تقاسم مصالحهما في سوريا. وفي الشهور الماضية، منذ مايو (أيار) الماضي، أجرى بوتين ونتنياهو 4 مكالمات هاتفية طويلة تباحثا خلالهما في عدة مواضيع، بينها الموضوع السوري.

وأكّدت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية، في أعقاب المكالمة في مايو، أن الرئيس الروسي شدد في لقاءاته مع المسؤولين السوريين دائماً على رفض بلاده القاطع لأي تدخلات إسرائيلية أو محاولات لتقسيم سوريا، وأكّد التزام موسكو بدعمها في إعادة الإعمار واستعادة الاستقرار.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والتركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي مشترك في دمشق (إ.ب.أ)

وفي تل أبيب يتحدثون عن «عدة مصالح مشتركة مع موسكو في سوريا لمواجهة النفوذ التركي». وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن الروس يقيمون علاقات جيدة مع تركيا ومع إسرائيل، ويسعون لمنع تدهور العلاقات بينهما. وفي الوقت ذاته، تريد الحفاظ على مواقعها في سوريا بموافقة الطرفين، وتفعل ذلك بالتنسيق مع جميع الأطراف، بما فيها سوريا.

ومع أن الولايات المتحدة هي التي تتولى موضوع التفاهمات الأمنية بين إسرائيل وسوريا، فإنها لا تمانع في مساهمات إيجابية تأتي من بقية الأصدقاء، بما في ذلك روسيا.

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال مباحثاته في إسطنبول السبت مع مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (إ.ب.أ)

الدبلوماسي السابق، ميخائيل هراري، الباحث والمحاضر الجامعي في موضوع سوريا والشرق الأوسط، يرى أنه في الوقت الذي يدير فيه أحمد الشرع سوريا بطريقة حكيمة، جعلتها تحظى بهذا الاحتضان الإقليمي والدولي، ينبغي لإسرائيل أن تحرص على ألا تظهر كمن يريد استمرار الفوضى في سوريا.

ولكي تدير إسرائيل مصالحها بشكل جيد، يجب أن تسارع إلى إبرام اتفاق أمني مع دمشق. وأضاف، في مقال لصحيفة «معاريف»، إن إسرائيل تحتاج إلى ترجمة إنجازاتها العسكرية في الحرب الأخيرة إلى مكسب سياسي، وهذا لا يكون بمواصلة السياسة الحالية التي تظهر فيها إسرائيل سلبية.


واشنطن تؤنب إسرائيل: تصريحاتكم الاستفزازية تُبعد الدول العربية

آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)
آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تؤنب إسرائيل: تصريحاتكم الاستفزازية تُبعد الدول العربية

آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)
آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ)

أعربت أوساط أمريكية رفيعة عن امتعاضها من التصريحات الإسرائيلية المتلاحقة حول الاستيطان في قطاع غزة والضفة الغربية، وعدّتها «استفزازية».

ووفقاً لموقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، وجَّهت هذه الأوساط تأنيباً حاداً للحكومة الإسرائيلية بسببها، ونقل عن المصادر التي وصفها الموقع بأنها تحتل مركزاً مرموقاً في البيت الأبيض، أن «التصريحات الاستفزازية لوزير الدفاع، يسرائيل كاتس، وغيره تمس بالتقدم المرجوّ في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام الشامل في الشرق الأوسط، وتبعد المزيد والمزيد من الدول العربية عن الانخراط فيه، وأنه على جميع الفرقاء الالتزام بما تعهدوا به لدعم هذه الخطة».

كان كاتس قد أعلن يوم الثلاثاء الماضي أنه سيقيم بؤر استيطان في المنطقة الشمالية من قطاع غزة، ولكنه تراجع عن هذا التصريح، في أعقاب اعتراض أميركي، وقال إنه يقصد إقامة مواقع سكن عسكرية مؤقتة.

عودة لنفس النغمة

وكرر كاتس معنى قريباً، عندما أعلن، الخميس، أن الجيش لن ينسحب أبداً من القطاع. وبدا ذلك متناغماً مع حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي عاد ليُثبت موقف كاتس وغيره من المتطرفين في الحكومة، ويظهر النيات الحقيقية لهم إزاء غزة.

وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب، عن أنه ينوي الطلب من الرئيس ترمب، خلال لقائهما الاثنين القادم في ميامي، موافقته على جعل الخط الأصفر حدوداً دائمة بين إسرائيل وقطاع غزة، مما يعني ضم 58 في المائة من القطاع وفرض السيادة عليها.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

ونُقل على لسان نتنياهو القول إن «على العرب أن يفهموا أن من يقتل إسرائيليين يخسر أرضاً». وبذلك، يبرر نتنياهو قيام الجيش الإسرائيلي بالتقدم في احتلاله غزة، من 53 في المائة لدى وقف إطلاق النار إلى 58 في المائة اليوم.

وعلى أثر ذلك، عاد الوزير كاتس، الخميس، ليعلن أنه لم يتراجع عن موقفه وأن إسرائيل تعتزم إقامة نوى استيطانية في شمالي قطاع غزة، مشدداً على أن إسرائيل «لن تخرج أبداً من أراضي غزة»، وأنها ستُبقي داخل القطاع «منطقة أمنية واسعة» بحجة حماية البلدات الإسرائيلية في «غلاف» القطاع.

أمام جمهور الاستيطان

جاءت تصريحات كاتس خلال مشاركته في مؤتمر التربية الذي نظّمته صحيفة «مكور ريشون» اليمينية الاستيطانية، وأمام جمهور اليمين الاستيطاني، فقال: «حتى بعد الانتقال إلى مرحلة أخرى، وإذا جرى نزع سلاح (حماس)، وتفكيك قدرات الحركة، فستكون هناك منطقة أمنية كبيرة داخل غزة. ففي الجزء الشمالي، ووفق رؤيتي، يمكن في المستقبل إقامة نوى استيطانية (نوى يشكلها شباب طلائعي محارب) بشكل منظّم... هذا أمر مهم سيتعيّن القيام به».

مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل (رويترز)

ورداً على سؤال إن كان يتراجع عن تراجعه، قال: «أنا لا أتراجع. رؤيتي هي أنه في المنطقة الشمالية من القطاع، وهي المنطقة التي أُخليت منها مستوطنات سابقاً، ستُقام نوى استيطانية عسكرية، لكنها ذات معنى، يمكن أن تكون هناك يشيفا (معهد توراتي) وأمور أخرى. تماماً مثلما نفعل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). فقد شاركت هذا الأسبوع في مراسم بمناسبة بناء وحدات سكنية في مستوطنة بيت إيل، وكان ذلك احتفالاً عظيماً. نحن نُطبّق هناك سياسة السيادة العملية».

مستوطَنة إسرائيلية في الضفة الغربية (رويترز)

وقال: «هذه دفعة لم نشهد مثلها، برأيي، منذ بداية الاستيطان»، مضيفاً: «قلت هناك إننا نقود فرض سيادة عملية على أرض الواقع. لا يمكن في هذه المرحلة، بسبب الظروف، إعلان السيادة (ضم الضفة)».

وأوضح كاتس أنه في إطار ما وصفها بـ«السيادة العملية»، أخلى الجيش الإسرائيلي فلسطينيين من مخيمات لاجئين في الضفة الغربية، واصفاً هذه المخيمات بأنها «مخيمات إرهاب»، على حد تعبيره.

إدانة للمستوطنات

في السياق نفسه، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، وزعمت أن الانتقادات «خطأ أخلاقي» و«تنطوي على تمييز ضد اليهود».

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، إن «الحكومات الأجنبية لن تقيّد حقّنا في العيش في إسرائيل، وإن قرار الحكومة الإسرائيلية إنشاء 11 مستوطنة جديدة وإضفاء الطابع القانوني على 8 مستوطنات إضافية يهدف، من بين أمور عديدة، إلى المساعدة في التعامل مع التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل».

كانت 14 دولة، من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وكندا، قد أصدرت بياناً دعت فيه إسرائيل إلى التراجع عن قرارها والكف عن «توسيع المستوطنات».

وقالت هذه الدول إن مثل هذه الإجراءات الأحادية «تنتهك القانون الدولي»، وتهدّد بتقويض وقف إطلاق النار الهش في غزة، الساري منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأكدت أنها «مصممة على دعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، وعلى «سلام عادل وشامل وقابل للحياة... يستند إلى حل الدولتين».


الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيّرتين حاولتا دخول أجواء إسرائيل من جهة الغرب

جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيّرتين حاولتا دخول أجواء إسرائيل من جهة الغرب

جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، إن قواته اعترضت طائرتين مسيّرتين حاولتا دخول الأجواء الإسرائيلية من الجهة الغربية في محاولة تهريب.

وأضاف الجيش في بيان مقتضب أنه بمجرد رصد الطائرتين تمكنت طائرة هليكوبتر حربية من اعتراضهما لدى دخولهما أجواء إسرائيل.

كانت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي قد ذكرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن الجيش أحبط محاولة تهريب أسلحة على الحدود الغربية بواسطة طائرة مسيّرة.