الجزائر تعيد رسم خريطتها الاقتصادية مع واشنطن في ظل تراجع النفوذ الفرنسي

اعتمدت البرغماتية مع الولايات المتحدة... والتصعيد مع باريس في قضية الصحراء

الرئيس الجزائري مستقبلاً المستشار الخاص للرئيس الأميركي في 27 يوليو الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً المستشار الخاص للرئيس الأميركي في 27 يوليو الماضي (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تعيد رسم خريطتها الاقتصادية مع واشنطن في ظل تراجع النفوذ الفرنسي

الرئيس الجزائري مستقبلاً المستشار الخاص للرئيس الأميركي في 27 يوليو الماضي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً المستشار الخاص للرئيس الأميركي في 27 يوليو الماضي (الرئاسة الجزائرية)

بينما تتراجع الأعمال والاستثمارات الفرنسية في الجزائر بسبب استمرار تدهور العلاقات السياسية بين البلدين، تشهد العلاقات الجزائرية ‑ الأميركية انتعاشاً اقتصادياً ملحوظاً، رغم الخلاف الكبير بينهما بشأن قضية الصحراء، التي تُعد السبب المباشر في التوتر القائم بين باريس ومستعمرتها السابقة.

ارتفاع الشركات الأميركية العاملة في الجزائر

أكدت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الجزائر، إليزابيث مور أوبين، في تصريحات صحافية حديثة في ضوء بدء تطبيق قانون جديد للاستثمار في الجزائر، أن «أكثر من 100 شركة أميركية استقرت في الجزائر، وتعمل في العديد من المجالات، مثل الطاقة والاتصالات، والزراعة»، مشيرة إلى أن هذا العدد من الشركات يسهم بنسبة 29 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر، ما يضعها في صدارة المستثمرين، حسبها، دون تقديم أرقام بهذا الخصوص.

السفيرة الأميركية خلال استقبالها من طرف الرئيس الجزائري 27 يوليو 2025 (الرئاسة الجزائرية)

ويؤكد تقرير الاستثمار العالمي، الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2024، أن حجم الاستثمارات الأميركية في الجزائر يشكل جزءاً مهماً من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في البلاد، موضحاً أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الجزائر بلغ نحو 1.2 مليار دولار أميركي في عام 2023، وهو معدل يتماشى مع متوسط السنوات السابقة بين 2018 و2020.

ووفق التقرير نفسه، فقد بلغ المخزون الكلي للاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر حتى نهاية عام 2023 نحو 36.8 مليار دولار أميركي، تشكل الاستثمارات الأميركية فيه نسبة تقارب 29 في المائة، مما يعني أن قيمة الاستثمارات الأميركية الموجودة في الجزائر تبلغ تقريباً 10.1 مليار دولار أميركي، حسب التقرير ذاته.

وتتركز الاستثمارات الأميركية في الجزائر، غالباً، في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. وتعكس هذه الاستثمارات رغبة الولايات المتحدة في توطيد العلاقات الاقتصادية مع الجزائر، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وفق ما جاء في تصريحات السفيرة أوبين.

استثمار أميركي واعد في مجال الزراعة بالجزائر من خلال مشروع «بلدنا» لإنتاج الحليب (متداولة)

ويراهن الأميركيون، حسب الدبلوماسية التي تعمل بالجزائر منذ بداية 2022، على عدة قطاعات للاستثمار، لكن الموارد النفطية والغازية تظل الأكثر جذباً لهم، استناداً إلى الأرقام الخاصة بالتعاون الاقتصادي بين البلدين.

مجالات استكشاف جديدة

مؤخراً بدأت شركات أميركية في استكشاف مجالات أخرى مربحة للغاية، مثل التكنولوجيا والاتصالات. ويُعد تحديث البنى التحتية في البلاد ورشة واعدة جداً. كما أن قطاع الزراعة يحظى باهتمام خاص؛ إذ يُعد مشروع «بلدنا - الجزائر»، المخصص لتطوير إنتاج الحليب في البلاد من بين الأولويات.

وتم توقيع عقود بقيمة إجمالية تفوق 500 مليون دولار بين شركات جزائرية وأميركية، من بينها شركة «فالمونت» العملاقة المتخصصة في أشغال الري. ومن خلال هذا المشروع، تريد الجزائر أن تفرض نفسها فاعلاً إقليمياً رئيسياً في إنتاج الحليب بحلول عام 2026. كما تشارك قطر أيضاً في هذا المشروع.

اجتماع كوادر جزائريين من قطاع المحروقات بمسؤولين من شركة «شيفرون» الأميركية للنفط في سبتمبر الماضي (مؤسسة «سوناطراك» الجزائرية)

وتأتي هذه الانتعاشة مع العلاقات مع الولايات المتحدة في مجالات الاستثمار والأعمال، في سياق بدء تفعيل القانون الجزائري الجديد للاستثمار، الذي يتيح بيئة أعمال أكثر ملاءمة للمستثمرين الأجانب، بحسب الحكومة الجزائرية. ويوفر هذا القانون تسهيلات مهمة، تشمل تبسيط الإجراءات الإدارية، وتعزيز حماية رؤوس الأموال الأجنبية، إلى جانب منح حوافز ضريبية مهمة.

ويرى العديد من خبراء الاقتصاد أن هذا الإطار القانوني يمثل طريقاً سريعاً وآمناً لتنفيذ مشروعات استثمارية واعدة بين الجزائر وشركائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

وبخلاف ما يجري مع فرنسا، تبدي الجزائر حرصاً على فصل القضايا السياسية الحساسة عن الاقتصاد والتجارة في علاقاتها مع واشنطن، فبينما سحبت سفيرها من باريس العام الماضي بسبب انحيازها للحل المغربي لخلاف الصحراء، اكتفت الجزائر بالتعبير عن «أسفها» حيال القرار نفسه عندما اتخذته الإدارة الأميركية في نهاية 2020، وتم تجديده في أبريل (نيسان) 2025.

وفد رجال أعمال جزائريين بواشنطن في إطار الشراكة الاقتصادية - 13 مايو الماضي (سفارة الجزائر في واشنطن)

وقد تناول مسعد بولس، المستشار الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، نزاع الصحراء والتعاون الثنائي في العديد من المجالات، مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ووزير خارجيته أحمد عطاف، عندما زار البلاد في 27 يوليو (تموز) الماضي، حيث صرح بأن واشنطن «تُقدّر الحوار المستمر مع الجزائر»، مشيراً إلى أن العلاقة بين البلدين «تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».

كما شدّد بولس على «أهمية الدور الذي تلعبه الجزائر في تعزيز الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل... فالقيادة الجزائرية وخبرتها في مكافحة الإرهاب تُشكّلان عنصراً أساسياً في تحقيق الأمن الإقليمي».

وفيما يخص قضية الصحراء، جدّد بولس دعم الولايات المتحدة للمقترح المغربي القاضي بمنح الحكم الذاتي، ودعا إلى «استئناف الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة»، مع التأكيد على «ضرورة التوصّل إلى حل دائم يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة».

واقتصادياً، عبّر المسؤول الأميركي عن رغبة بلاده في إطلاق «شراكة اقتصادية متوازنة مع الجزائر تقوم على مبدأ الربح المشترك»، رغم وجود بعض التوترات بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على صادرات جزائرية (30 في المائة) والتي هوّن الجانب الجزائري من أهميتها طالما لا تعني منتجات الطاقة. وأشار بولس إلى أن الإدارة الأميركية «تسعى إلى تجاوز هذه الخلافات في إطار شراكة استراتيجية تشمل مجالات مثل الدفاع، والطاقة، والزراعة، والتعليم العالي، والبحث العلمي».


مقالات ذات صلة

الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء البرلمان الجزائري خلال تصويتهم بالإجماع على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي للجزائر (أ.ب)

البرلمان الجزائري يصادق بالإجماع على قانون يُجرّم الاستعمار الفرنسي

صادق البرلمان الجزائري بالإجماع، الأربعاء، على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830 - 1962)، ويصفه بأنه «جريمة دولة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من جولة لحوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

الجزائر: سباق مبكر بين المعسكر الرئاسي والتيار الديمقراطي على «استحقاقات 2026»

مع اقتراب موعد الانتخابات الجزائرية، المقررة في 2026، بدأت الساحة السياسية تستعيد بعض حيويتها، بعد فترة من الركود والجمود أعقبت توقيف الحراك الشعبي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)

الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

هوَّن مسؤول حكومي رفيع من المخاوف المرتبطة بأحد نصين سيناقشان في البرلمان الجزائري، مؤكداً أنه «لا يستهدف أصحاب الرأي المخالف».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي، حيث تستند إلى مرجعيات من بينها إعلان منبر جدة، مشدداً على أن بلاده لن تقبل بوجود أي قوات أممية أو أي رقابة مفروضة عليها.

وأوضح إدريس، خلال مؤتمر صحافي في بورتسودان بعد عودته من الولايات المتحدة، أن معظم التفاعلات في جلسة مجلس الأمن تجاه مبادرة الحكومة للسلام كانت «إيجابية»، وأكد أن هذه المبادرة من شأنها أن توقف الحرب وتحقق السلام العادل والشامل للشعب السوداني.

وأضاف رئيس الوزراء: «نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، بل الحرب قد فُرضت علينا»، محذراً من أن أي هدنة لا يصاحبها نزع سلاح مَن سماهم «الميليشيات» ستؤدي إلى تعقيد الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وأوضح أن مبادرة الحكومة للسلام تستند إلى مرجعيات عدة، منها قرارات مجلس الأمن وإعلان منبر جدة الموقع في مايو (أيار) 2023، إلى جانب الزيارات التي أجراها رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا سيما لمصر وقطر.

كان رئيس الوزراء السوداني قد توجه إلى الولايات المتحدة يوم السبت الماضي ليبحث مع مسؤولين بالأمم المتحدة تعزيز التعاون بين الجانبين ويجري مشاورات بشأن تداعيات الحرب وآفاق السلام.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها مؤخراً على مدينة الفاشر عقب حصارها لمدة 18 شهراً، فيما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.


مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

أفادت السلطات الصومالية، أمس (الخميس)، بأن انتخابات المجالس المحلية شهدت «إقبالاً واسعاً» في أول انتخابات مباشرة تجري بالبلاد منذ 57 عاماً.

ذلك الإقبال الذي تحدثت عنه مقديشو، تؤكده الصور التي تخرج من مراكز الاقتراع الـ523، ويراه خبير في الشؤون الأفريقية «يعكس رغبة شعبية خالفت رهانات المعارضة بعدم المشاركة، وتشكل فرصة لمسار ديمقراطي قد يتشكل عبر الانتخابات المباشرة، مما يدفع الرافضين لهذا المسار لبدء حوار بشأن المستقبل، لا سيما قبل رئاسيات 2026».

وتوافد سكان محافظة بنادر إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية المباشرة، في أول عملية انتخابية من هذا النوع تشهدها العاصمة مقديشو منذ نحو 6 عقود.

وافتُتح 523 مركزاً للاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأغلقت عند السادسة مساءً، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية مشددة شملت 16 مديرية من مديريات المحافظة التي تضم العاصمة مقديشو، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس، مشيرة إلى وجود «إقبال واسع على مراكز الاقتراع في بنادر».

وبحسب الجهات المختصة، تسلّم 503 آلاف و916 ناخباً بطاقات الاقتراع من بين المسجلين، تمهيداً للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية. وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري، السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991 يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، فيما أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل 20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أن «تسجيل الانتخابات إقبالاً شعبياً لافتاً تجاوز التوقعات، عكس رغبة واضحة لدى سكان مقديشو في الانخراط بالعملية السياسية، وطيّ صفحة طويلة من العزوف القسري عن المشاركة الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «يُنظر إلى هذا الحراك الشعبي بوصفه مؤشراً على تعافٍ تدريجي تشهده العاصمة، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، بعد سنوات من الهشاشة والصراع».

وأكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الإدلاء بصوته، وذلك في مركز مسرح الدولة الوطنية، أن انتخابات المجالس المحلية في محافظة بنادر، تمثل «محطة تاريخية مفصلية وحلماً طال انتظاره»، مشيراً إلى أنها تشكل خطوة أساسية تقود البلاد نحو الانتخابات الدستورية الشاملة.

طوابير من الناخبين خلال الإدلاء بأصواتهم في محافظة بنادر (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقب الإدلاء بصوته في ذلك الاقتراع، أكد رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، أن الانتخابات المباشرة لمجالس الإدارة المحلية في إقليم بنادر تمثل خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد.

وتقدمت سفارة الصومال بمصر في بيان، بالتهنئة لشعب وحكومة الصومال على بدء الانتخابات المحلية، مؤكدة أنها لحظة تاريخية وتحويلية، حيث يشارك المواطنون في هذه العمليات الديمقراطية لأول مرة منذ نحو 6 عقود.

ويعتقد كلني أن طريقة إدارة الحكومة للعملية الانتخابية، إلى جانب المشهد العام الذي ساد المدينة خلال يوم الاقتراع، حملا رسائل سياسية متعددة؛ من أبرزها قدرة الدولة على تنظيم استحقاقات انتخابية في بيئة أمنية معقّدة، والحدّ من المخاوف التي روّجت لها أطراف معارضة بشأن استحالة تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل مواطن» في مقديشو.

وكان «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، أعلن في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو، الأسبوع الماضي، رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس، الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

ورغم الشكوك العميقة التي عبّرت عنها قوى المعارضة حيال إجراء انتخابات المجالس المحلية في العاصمة مقديشو، والمخاوف الواسعة من احتمالات الاضطراب الأمني والسياسي، شهدت المدينة محطة سياسية غير مسبوقة، تمثلت في إجراء انتخابات محلية بعد ما يقارب 60 عاماً من الانقطاع، وفق كلني.

نائب رئيس الوزراء الصومالي صالح أحمد جامع خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

وقد شكّلت هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً في الوعي الجمعي، لا سيما لدى ما يقارب 3 أجيال من سكان العاصمة الذين لم يسبق لهم أن عايشوا عملية اقتراع رسمية مباشرة، يُمنح فيها المواطن حق اختيار ممثليه السياسيين عبر صندوق الاقتراع.

ويتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر. واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

رئيس الوزراء الصومالي خلال جولة تفقدية في عدد من مراكز الاقتراع بالعاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

وسيطوي زخم الإقبال في تلك الانتخابات مشهد الخلافات، بحسب ما يعتقد كلني، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن مشهد الإقبال في الانتخابات قد يسفر عن ارتفاع مستوى الثقة الشعبية بالحكومة، لا سيما بالحزب الحاكم، بوصفه الجهة التي أشرفت على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وتعزيز ثقة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المنظومة الأمنية الوطنية وقدرتها على تأمين الاستحقاقات الديمقراطية، وتحوّل تدريجي في موقف المعارضة التي كانت تشكك في إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بالعاصمة.

ويتوقع أيضاً انجذاب شرائح من المتعاطفين مع المعارضة نحو الحكومة، مع احتمال انضمام بعضهم إلى صفوف الحزب الحاكم، فضلاً عن ازدياد ثقة المجتمع الدولي في المسار الانتخابي الصومالي، واستمرار دعمه لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود من أجل تعميم الانتخابات المباشرة على كامل البلاد.


البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
TT

البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، آخر التطورات في السودان، و«التعاون الدفاعي» بين الجانبين، في ظل التطورات الأخيرة في السودان، وضمنها تحقيق «قوات الدعم السريع» تقدماً في ولاية شمال دارفور قرب الحدود مع تشاد.

واستقبل إردوغان، البرهان، بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة، أمس (الخميس)، ثم عقدا جلسة ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة بحضور عدد من الوزراء. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات في السودان، والخطوات الكفيلة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والتعاون الدفاعي بين أنقرة والخرطوم، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

وكانت تقارير كشفت سابقاً عن تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات مسيَّرة، العام الماضي، استخدمها لتحقيق تقدم مهم ضد «قوات الدعم السريع» في مناطق مثل الخرطوم والأبيض.

كما أعرب مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، قبل أيام، عن إدانة بلاده الشديدة لـ«الظلم» الذي تمارسه «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين في السودان.