هل تشهد إيران صراعاً بشأن إدارة المفاوضات النووية؟

عباس عراقجي يقلل من احتمال سحب الملف من «الخارجية»

صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
TT

هل تشهد إيران صراعاً بشأن إدارة المفاوضات النووية؟

صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي
صورة نشرها حساب لاريجاني على حسابه في «تلغرام» مايو الماضي

تتواصل في إيران النقاشات حول صلاحيات إدارة الملف النووي بين وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للأمن القومي، في ظل عودة علي لاريجاني إلى منصب أمين عام المجلس؛ ما أثار تكهنات بإمكانية نقل الملف من «الخارجية»، رغم نفي وزيرها عباس عراقجي.

وقال عراقجي لموقع «خبر أونلاين»، المقرب من مكتب لاريجاني، الذي أثار احتمال إحالة الملف: «حالياَ لا يوجد مثل هذا البرنامج على جدول الأعمال، ولا أتصور أن يحدث ذلك».

تشير هذه التصريحات، في سياقها الزمني، إلى محاولة تهدئة النقاش الدائر حول إعادة توزيع الصلاحيات، خاصة بعد الربط الإعلامي بين عودة لاريجاني وإمكانية إعادة الملف إلى المجلس الأعلى.

تأتي تصريحات عراقجي بعد شهر من إقرار البرلمان الإيراني قانوناً يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويشترط موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي على أي عمليات تفتيش مستقبلية للمواقع النووية.

هذه الخطوة، وإن لم تمثل اختراقاً جديداً، إلا أنها تعدّ «مناورة» للضغط على القوى الغربية والوكالة الذرية، علماً أن لجنة فرعية تابعة للمجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، تعمل على تأمين المنشآت النووية، التي تتولاها فعلياً وحدة خاصة في «الحرس الثوري» تم إنشاؤها لحماية هذه المواقع، ومن بين مهام اللجنة المشتركة تنسيق دخول المفتشين الدوليين مع المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

لكن خطوة البرلمان تدل على توجه لتعزيز الدور الأمني في إدارة الملف النووي، بما يمنح المجلس الأمن القومي مساحة أوسع في التحكم بمسار المفاوضات المقبلة.

تقلبات

النقاش حول صلاحيات إدارة المفاوضات ليس جديداً في إيران. فقد تغيرت التكتيكات مع تغير الحكومات، لكن جوهر السلطة بقي بيد المرشد علي خامنئي، صاحب القرار النهائي في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، وعلى رأسها الملف النووي.

أبرز تحول في توزيع الصلاحيات حدث عام 2013، في عهد الرئيس الأسبق حسن روحاني، حيث نُقلت إدارة المفاوضات إلى وزارة الخارجية، لكن المجلس الأعلى للأمن القومي ظل المطبخ الأساسي للقرارات الحاسمة قبل إقرارها من المرشد. ومنح هذا التحول وزارة الخارجية دوراً أكبر في التواصل مع الأطراف الدولية، لكنه لم ينتزع سلطة القرار من مجلس الأمن القومي.

عودة علي لاريجاني إلى منصبه أثارت الجدل من جديد، خاصة أن رد وزير الخارجية، عباس عراقجي، وهو الآن كبير المفاوضين الإيرانيين، على سؤال من موقع قريب من لاريجاني، حول احتمال إحالة الملف، عُدّ إشارة إلى جدية النقاش.

لاريجاني شغل منصب الأمين العام لمجلس الأمن القومي بين 2004 و2006 وكان حينها كبير المفاوضين النوويين، قبل أن يستقيل بسبب خلافات مع الرئيس حينها، محمود أحمدي نجاد، الذي تبنى سياسة أكثر تشدداً أدت إلى إحالة الملف النووي إلى مجلس الأمن وإصدار ستة قرارات أممية، جُمدت لاحقاً بموجب اتفاق 2015.

الخلافات حول الصلاحيات ليست وليدة اليوم. فقد شهدت فترة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني محاولات لنقل الملف من المجلس الأعلى للأمن القومي والحكومة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو الهيئة الاستشارية العليا للمرشد، ويرأسه حالياً صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاني.

ونشبت الخلافات بين لاريجاني وأحمدي نجاد، بعدما حاول فريق الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني في مجلس تشخيص مصلحة النظام، حينها، نقل صلاحيات التفاوض من المجلس الأعلى للأمن القومي والحكومة، إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يُعدّ أعلى هيئة تقدم استشارات سياسية للمرشد علي خامنئي. ويترأس المجلس حالياً صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاني.

وفي الواقع، حاول رفسنجاني وفريقه استمرار السياسة التفاوضية التي بدأت خلال عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وتحديداً في عام 2003، عندما كان حسن روحاني أميناً عاماً لمجلس الأمن القومي وكبيراً للمفاوضين النوويين.

حدود نفوذ الجهاز الدبلوماسي

في مارس (آذار) 2024، ظهرت مؤشرات على رغبة المرشد علي خامنئي في إعادة الملف النووي إلى مؤسسات تابعة مباشرة له، مثل المجلس الأعلى للأمن القومي، بعد تقارير عن تكليف مستشاره السياسي، علي شمخاني، مهمة إجراء مفاوضات موازية لتلك التي كانت تجريها حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، قبل وفاته في حادث تحطم مروحية.

وأكدت هذه المؤشرات أن القيادة العليا تسعى إلى إحكام قبضتها على الملف في مراحل التفاوض الحساسة؛ ما ينعكس على طبيعة الصلاحيات الممنوحة لوزارة الخارجية.

شمخاني كان قد أشرف على المفاوضات النووية لمدة عشر سنوات خلال توليه منصب الأمين العام للمجلس منذ عام 2013، وهي الفترة التي شهدت نقل الملف إلى وزارة الخارجية، لكن دون أن يفقد المجلس تأثيره في رسم مسار المفاوضات والمصادقة النهائية على القرارات.

يرى كثيرون في إيران أن الصلاحيات المحدودة لوزارة الخارجية مقارنة بمجلس الأمن القومي تزيد من تعقيدات المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.

هذه الفجوة في الصلاحيات كانت موضع شكوى الرئيس الأسبق حسن روحاني، خلال المفاوضات النووية، خصوصاً في الأشهر الستة الأخيرة من ولايته الثانية، عندما اقتربت مفاوضات فيينا مع إدارة جو بايدن من إحياء الاتفاق النووي، قبل أن تتوقف في مارس 2022 مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

تشير هذه التجربة إلى أن غياب وحدة القرار التفاوضي يضعف قدرة إيران على تحقيق اختراقات دبلوماسية في المراحل الحرجة.

لجان موازية

وجود لاريجاني قد يمنح أنصار التفاوض في الداخل شعوراً بالاطمئنان؛ نظراً لدوره في تمرير اتفاق 2015 عندما كان رئيساً للبرلمان. ويُعزى رفض ترشحه للرئاسة في انتخابات 2021 و2024 جزئياً إلى خلافاته مع التيار المحافظ بسبب دعمه ذلك الاتفاق. وتشير سوابق لاريجاني التفاوضية بما في ذلك خلال فترة رئاسة البرلمان لمدة 12 عاماً إلى قدرته على المناورة بين الضغوط الداخلية والخارجية؛ ما يرجّح أن يكون لعودته أثر مباشر على صياغة الاستراتيجية التفاوضية المقبلة.

على خلاف النظرة المتفائلة، يتخوف بعض أنصار التفاوض من أن يعود لاريجاني إلى فترة تحالفه الوثيق مع المحافظين، خصوصاً الآن هو مكلف تطبيق سياسات المرشد وتمثيله في مجلس الأمن القومي، ومطالب بتبني خطاب يعبر عن أعلى جهاز أمني في البلاد. وأرسل لاريجاني مؤشراً مبكراً على ذلك خلال حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، عندما هدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي وتوعده بالمحاسبة.

فيديو نشره لاريجاني على منصة «إكس» ويتضمن تهديداً لمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في يونيو

في 16 يوليو (تموز)، وفي ثاني ظهور علني له منذ اندلاع الحرب، أوصى خامنئي الدبلوماسيين بالالتزام بـ«التوجيهات» والعمل بحذر ودقة، وهي رسالة فُسّرت على نطاق واسع بأنها أوامر مباشرة تعكس حساسية المرحلة وأهمية ضبط مسار المفاوضات.

الجدل حول صلاحيات التفاوض يتصاعد أيضاً بعد تصريحات وزير الخارجية الأسبق، علي أكبر صالحي، مطلع الشهر الحالي، والتي كشف فيها عن وجود لجنة موازية تدير المفاوضات من خلف الكواليس، خارج إطار المجلس الأعلى، لكنها تتمتع بنفوذ واسع وقدرة على اتخاذ القرارات. صالحي رفض الكشف عن أعضائها، مكتفياً بوصفها بـ«المؤثرة والفاعلة». تؤشر هذه التصريحات إلى أن مسار التفاوض لا يقتصر على الهياكل المعلنة، بل يشمل قنوات غير رسمية ذات تأثير معتبر في صياغة القرار.

من جانبه، أوضح المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، أن الوزارة تعمل وفق تسلسل هرمي واضح، وتبلغ وجهات نظرها إلى الجهات المعنية بالقرار. ورغم أن سحب الملف من الخارجية يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، فإن المعطيات الحالية ترجّح أن يلعب لاريجاني دوراً أكبر في صياغة التوجهات التفاوضية؛ استناداً إلى خبرته وصلاته المباشرة بالمرشد.

تشير مجمل المعطيات إلى أن الجدل الدائر حول إدارة الملف النووي الإيراني يعكس توازنات قوة داخل النظام، أكثر من كونه نقاشاً حول الإجراءات الفنية. وزارة الخارجية تمتلك أدوات التواصل والخبرة الدبلوماسية، لكنها لا تتحكم في القرار النهائي، في حين يحتفظ المجلس الأعلى ولجانه الموازية بسلطة الحسم تحت إشراف المرشد. من المرجح أن تؤدي عودة لاريجاني إلى تعزيز مركزية القرار وتوحيد الخطاب التفاوضي، لكن هذا قد يحدّ في المقابل من قدرة الفريق الدبلوماسي على المناورة في القضايا الشائكة. وعليه، فإن نجاح طهران في المفاوضات المقبلة سيعتمد على قدرتها على الموازنة بين متطلبات الانضباط الداخلي وضغوط الأطراف الدولية.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )

قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
TT

قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)

أعلنت مجموعة قرصنة إلكترونية مرتبطة بإيران، اليوم (الأحد)، أنها اخترقت هاتفاً جوالاً لأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أيام من إعلانها اختراق حساب رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على تطبيق «تلغرام».

وأعلنت مجموعة «حنظلة» أنها اخترقت هاتف تساحي برافرمان، رئيس ديوان نتنياهو والسفير المُعيّن لدى بريطانيا. وفي بيان نُشر على الإنترنت، ادّعى المخترقون أنهم تمكنوا من الوصول إلى جهاز برافرمان وحذّروا الدائرة المقربة من نتنياهو من تسريب معلومات حساسة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الادعاء قيد التحقيق، وإنه لم يتم تأكيد أي اختراق حتى الآن، حسبما أورد موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت».

ووفقاً للصحيفة، أصدر المخترقون ادعاءات واسعة النطاق بامتلاكهم اتصالات مشفرة ومواد حساسة أخرى، لكنهم لم يقدموا أي دليل يدعم هذه الادعاءات. وأشاروا إلى أنه سيتم نشر معلومات إضافية لاحقاً. كما نشرت المجموعة صوراً لبرافرمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسلفه جو بايدن.

وأعلنت المجموعة نفسها مسؤوليتها عن اختراق هاتف بينيت الجوال قبل نحو أسبوع ونصف، فيما أطلقت عليه اسم «عملية الأخطبوط». وفي البداية، نفى مكتب بينيت اختراق الهاتف، لكن المخترقين نشروا لاحقاً صوراً ووثائق وآلاف أرقام الهواتف على صفحات متعددة، بما في ذلك أرقام زعموا أنها مرتبطة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.

وأقرّ بينيت لاحقاً باختراق حسابه على تطبيق «تلغرام». ولم تؤكد السلطات الإسرائيلية علناً صحة ادعاءات المخترقين الأخيرة، وقالت إن التحقيقات لا تزال جارية.


تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) بشأن سلسلة من التقارير الكاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

وبحسب صحيفة «إسرائيل هيوم»، فقد شملت هذه التقارير مزاعم بأنّ مصر تُشيِّد قواعد هجومية في سيناء، وهو ما ردّده السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، وأيضاً مزاعم بأنّ شخصيات بارزة في المخابرات المصرية كانت تتقاضى عمولات من تهريب الأسلحة إلى سيناء، وبأنّ مصر كانت متواطئة في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

واحتجّت مصر على حملة التشويه، وأثارت القضية في اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين، ولكن دون جدوى. وقد تسبب ذلك في تصاعد الخلاف بين مصر وإسرائيل.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والوجود الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيَّرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة».

وسبق أن عدَّ رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو «مخاوفه من حشد مصر لقواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها على أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام».

وأشارت «الهيئة» حينها إلى أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».


ما الذي ستجنيه إسرائيل من الاعتراف بـ«أرض الصومال»؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما الذي ستجنيه إسرائيل من الاعتراف بـ«أرض الصومال»؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

سلطت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الضوء على إعلان إسرائيل اعترافها، الجمعة، بإقليم «أرض الصومال»، وقالت الصحيفة إن البعض قد يرى في ذلك بداية عهد جديد من التنافس الدولي في القرن الأفريقي، لكن القضية الحقيقية تكمن في أن الأمر قد يبدو أقرب إلى رقعة شطرنج استراتيجية مما هو عليه في الواقع.

ولفتت إلى أن إقليم «أرض الصومال» يقع في القرن الأفريقي، ويجاور دولاً مثل إثيوبيا وجيبوتي، ويثير هذا الاعتراف تساؤلات أكثر بشأن ما يحيط به عبر خليج عدن والبحر الأحمر، حيث يفصل بينهما مضيق باب المندب، الذي يُعدّ نقطة عبور اقتصادية حيوية للملاحة المتجهة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى المحيط الهندي، وبالتالي يُنظر إليه بوصفه منطقةً تجاريةً بالغة الأهمية عالمياً، بالإضافة إلى وجود قوات بحرية متعددة.

ومع ذلك، تعاني العديد من دول هذه المنطقة من الضعف أو الصراعات الداخلية، فالسودان غارق في حرب أهلية منذ سنوات، أما دولة الصومال فقد تفككت إلى حد كبير في أوائل التسعينات، مما استدعى تدخلاً دولياً بلغ ذروته في معركة قُتل فيها جنود أميركيون، وتعاني إريتريا منذ زمن طويل من الفقر والصراعات الداخلية، كما شهدت إثيوبيا صراعات داخلية.

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

وذكرت الصحيفة أن منطقة القرن الأفريقي أشبه برقعة شطرنج استراتيجية، وصحيح أن وجود قوات بحرية أو أصول عسكرية في هذه المنطقة يبدو مهماً، إلا أن هجمات الحوثيين على السفن أظهرت أنه يمكن تهديد الملاحة البحرية باستخدام طائرات مسيَّرة وصواريخ بسيطة ورخيصة نسبياً، وكذلك اعتاد القراصنة الصوماليون على اختطاف القوارب باستخدام زوارق صغيرة وبنادق كلاشينكوف.

وأضافت أن منطقة القرن الأفريقي تفتقر إلى الموارد الطبيعية، ولذلك فإن العديد من دولها ضعيفة، لذا، قد يكون الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» أقل من مجموع مصالح دول المنطقة على مستوى الاستراتيجية الكبرى، وصحيح أن للعديد من الدول مصالح فيها، إلا أن هذه المصالح لم تُترجم حتى الآن إلا إلى مشاركة محدودة، وهناك أولويات أخرى أهم، ومعظم الدول تدرك ذلك.