يوم الأربعاء المقبل، السادس من هذا الشهر، هو موعد انطلاق الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان لوكارنو السينمائي الواقع عند سفوح الألب الشمالي في سويسرا. مكان مثالي كموقع على شاطئ البحيرة التي تتوزع على ضفافها البلدات. لا مدينة كبيرة هنا، ولا زحام سيارات وحافلات. أرض المدينة ذاتها منبسطة يُقيم المهرجان في وسطها عروضه المختلفة في صالة بلا سقف. موقع هو أقرب إلى رمز وشعار لمهرجان عريق هو ثالث أقدم مهرجانات العالم بعد ڤينيسيا (1932) وموسكو (1935) وقبل مهرجاني «كان» (1946) و«كارلوڤي ڤاري» (1946).
في السياسة...ما يبدو أنه سيميّز الدورة الجديدة هو مدى إقبالها على عرض أفلام تدور حول الراهن من الأحداث. المديرة الفنية للمهرجان غلونا نازارو تؤكد ذلك بقولها: «يعرض المهرجان هذا العام سينما كاشفة بينما العالم يمر باضطرابات عنيفة. نحن نشهد في العالم الحقيقي رعباً لم نعرفه إلا من خلال كتب التاريخ والأفلام الأرشيفية».

يتبلور هذا الإعلان عملياً منذ فيلم الافتتاح الآتي من أرمينيا. وعنوانه «في بلاد آرتو» (In the Land of Arto) لتامارا ستبانيان والمتوقع منه أن يتحدّث عن الاضطرابات السياسية التي مرّت بها البلاد منذ حين. المخرج العراقي عباس فاضل يعرض في المهرجان فيلمه اللبناني الإنتاج «حكايات الأرض المجروحة». هذا فيلم آخر له في سلسلة أعمال نفّذها في لبنان، وبدأت بـ«يارا» سنة 2018. يتناول الفيلم الجديد الوضع في الجنوب اللبناني خلال الحرب الأخيرة التي دارت بين «حزب الله» وإسرائيل. لا يتّخذ، على الأرجح، موقفاً بين الفريقين، بل ينقل أوضاع الأهالي الأبرياء الذين كان عليهم تحمّل تبعات ما يدور.

في الجوار فيلم قطري التمويل عن ضحايا غزّة المدنيين بعنوان «مع حسن في غزّة» لكمال الجفاري، الذي يصف فيلمه التسجيلي هذا بالقول: «هو فيلم عن الكارثة والشِعر الذي يقاومها». يتألّف الفيلم، حسب المُتاح من المعلومات حوله، عن الحياة الغزّاوية من عام 2001 عبر ثلاثة أشرطة فيديو أعيد اكتشاف وجودها. «هذا فيلمي الأول الذي لم أحققه»، يقول المخرج قاصداً - على الأغلب - قيامه بتوليف الأفلام المصوّرة سابقاً في فيلم جديد واحد. على غراره لناحية التطرق للواقع القائم فيلم إسرائيلي بعنوان «بعض الملاحظات عن الوضع الحالي» (Some Notes on the Current Situation) للمخرج إيران كوليرين الذي ما زال «زيارة الفرقة» (The Band Visit) سنة 2007 حول فرقة موسيقية مصرية دخلت إسرائيل خطأ، أشهر أفلامه. يتطرّق الفيلم إلى الوضع في غزّة في واحد من فصوله الستّة، لكنه يطمح لطرح ما يحدث داخل إسرائيل أساساً.
في سياق الأفلام التي تتحدّث عن الوقائع السياسية نفسها هناك «الصفقة» (The Deal) وهو فيلم روائي سويسري الإنتاج أخراجه جان - ستيفان برون مستمد من المحادثات الرسمية بين إيران والولايات المتحدة التي دارت في جنيف.... وبعيداً عنها بينما يُعرض الفيلمان اللبناني والفلسطيني في المسابقة الدولية، ينضم «الصفقة» و«بعض الملاحظات عن الوضع الراهن» لمجموعة كبيرة من الأفلام المعروضة خارجها.
في هذا القسم نجد فيلماً للتونسي مهدي حميلي عنوانه «نفي». قصة رجل من عمال المعادن متأثر لموت صديق له في حادثة سببها الإهمال. محمد، بطل الفيلم (يؤديه غانم زريلي) مشرف على الموت بدوره، بسبب قطعة معدنية صدئة موجودة في صدره. لكن قبل أن يودّع الحياة يسعى للكشف عن الفساد المتسبب في الحوادث.
الفيلم الجديد للعراقي محمد جبارة الدراجي وعنوانه «إركالا، حلم غلغامش». فانتازيا حول صبي يؤمن بوجود عالم خفي ما يضعه في الفاصل بين الحقيقة والأسطورة. هذه عودة في مكانها لمخرج شق طريقه بنجاح من عام 2006 عندما قدّم أول أعماله تحت عنوان «أحلام». بالعودة إلى ما هو معروض في المسابقة ذاتها نجد فيلماً من إنتاج ألماني- هولندي مشترك بعنوان «أيام حمار» (Donkey Days)، وهو دراما عن شقيقتين كبيرتين في السن تتقاسمان العيش في البيت وذكريات والدتهما وحمارها المفضل. المخرج الروماني رادو جود اختار لوكارنو لعرض فيلمه الجديد «دراكولا»، وهو، كما يصفه المخرج الذي عادة ما يتوجه بإعماله لمهرجان برلين، فيلم عن «دراكولا ومصاصي الدماء في قصّة خيال علمية واقتباس عن أول رواية دراكولية ومونتاج فيلم قديم عن الموضوع».
الجدير بالذكر أن هذا هو ثاني فيلم أوروبي عن شخصية دراكولا، حيث تعرض صالات فرنسا منذ يوم الجمعة الماضي، فيلم يحمل العنوان نفسه من إخراج لوك بيسون. نجد فيلماً آخر في مسابقة «لوكارنو» يتعامل مع موضوع سبق طرحه في فيلم آخر هذا العام. إنه «ورقة شجر جافّة» (A Dry Leaf) من إخراج الجورجي ألكنسدر كوبريدزه.
تدور الحبكة هنا عن رجل يبحث عن ابنته التي كانت انطلقت في مهمّة تصوير في بعض الريف البعيد واختفت. في «كان» هذا العام شاهدنا «سِرات» لأوليڤر لاكس، ودار حول أب يبحث عن ابنته المفقودة في صحاري المغرب.
يدير لجنة التحكيم المخرج الكمبودي ريثي، وهو أحد الناجين من مذابح الخمير روج (1975-1979) التي أودت بحياة عائلته.








