جعجع: «حزب الله» أعاد لبنان 100 سنة إلى الوراء

اتصالات سياسية تسبق جلسة الحكومة لتنفيذ «حصرية السلاح»

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (إعلام القوات)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (إعلام القوات)
TT

جعجع: «حزب الله» أعاد لبنان 100 سنة إلى الوراء

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (إعلام القوات)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (إعلام القوات)

اتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، «حزب الله» بإعادة لبنان مائة سنة إلى الوراء، معتبراً أن سلاحه هو من جلب إسرائيل إلى لبنان، بالتزامن مع اتصالات لبنانية تسبق جلسة للحكومة يوم الثلاثاء المقبل لإقرار آلية تنفيذية للبدء بـ«حصرية السلاح»، في وقت جدد «حزب الله» موقفه القائل إن «طلب التخلي عن السلاح دون بديل هو دعوة لتسليم لبنان لإسرائيل».

وتناقش جلسة الحكومة الثلاثاء بشكل واضح «الخطوط العريضة التي رسمها الرئيس اللبناني جوزيف عون في خطابه»، حسبما قال وزير الزراعة نزار هاني، في تصريح إذاعي، مشيراً إلى أن خطاب عون «وضع جدولة زمنية واضحة لحصر السلاح بيد الدولة»، مشدداً على أن «هذا العنوان يحظى بتوافق سياسي واسع بين مكونات الحكومة». وأكد أنه لا توجد مقاطعة متوقعة من أي طرف سياسي، بما في ذلك وزراء ثنائي «حزب الله أمل».

جعجع

وفي ظل هذا الترقب، رفع جعجع سقف انتقاداته لـ«حزب الله»، وقال في تصريح إن الحزب «يتّبع منطقاً مغايراً تماماً، ويتحدّث بلغة لا يفهمها الآخرون، كما أنّه بدوره لا يفهم لغة معظم اللبنانيين»، مضيفاً أن 75 في المائة من اللبنانيين لا يريدون هذا الواقع المفروض، لكن الحزب متمسّك به، ومصرّ عليه»، مشيراً إلى أن الحزب «بوجوده وطريقة تصرّفه أعاد لبنان فعلياً إلى الوراء مائة سنة، إن لم يكن أكثر».

ورفض جعجع الذريعة القائلة إنّ «حزب الله» لا يستطيع التخلي عن سلاحه طالما أنّ إسرائيل ما زالت موجودة في الجنوب، معتبراً أنّ «إسرائيل جاءت إلى الجنوب بسبب السلاح، والحروب التي خاضها الحزب». وتابع: «(حزب الله) يدّعي أنّ سلاحه هو الذي سيُخرج إسرائيل من الجنوب، في حين أنّ هذا السلاح هو من جلبها»، وأضاف أنّ أيّ أمل بخروج إسرائيل من الجنوب يجب أن يتمّ عبر أدوات أخرى، لأنّ سلاح الحزب أثبت فشله الذريع. كما قال إن «إسرائيل لا تريد احتلال لبنان، ليس لأنها آدميّة وجيّدة، بل لأنّ ذلك ليس ضمن استراتيجيتها حالياً».

ورأى جعجع أن المستقبل لا يزال جيداً، فيما خسر لبنان الأشهر الستة الماضية «بسبب التراخي والتعلق بأوهام الحوار مع (حزب الله)». وقال إنّ رئيس الجمهورية يتمتّع بشرعية كاملة، ومجلس النواب أعطى الحكومة ثقته مرتين، مضيفاً: «المطلوب أن تتحرّك هذه السلطات من دون انتظار ردّ (حزب الله)، لأنّه لن يردّ». وشدّد على أنّ الشعب اللبناني: «ينتظر من هذه السلطات أن تتخذ القرار المطلوب لإخراج لبنان من الحفرة التي أوقعه فيها الحزب، وأن تفتح صفحة جديدة لمستقبل مختلف».

«حزب الله»

وفي المقابل، يصر «حزب الله» على إقرار استراتيجية دفاعية، قبل اتخاذ قرار سحب السلاح. وقال النائب عن الحزب، حسين جشي، في تصريح: «اليوم يُطرح داخل الحكومة ملف السيادة والسلاح، ونحن نؤمن بالدولة، ونريد لها أن تكون قوية، وأن يكون السلاح بيدها، لكن السؤال: أين هي الدولة في مواجهة الاعتداءات منذ ثمانية أشهر؟ ماذا فعلت؟ هل تحركت؟ هل دافعت عن أهلها؟».

النائب في «حزب الله» حسين جشي (المركزية)

وتابع جشي: «نحن نطالب بدولة تحمي شعبها، في الوقت الذي نؤيد فيه أن يكون السلاح بيدها، ولكن أي دولة، الدولة التي تملك القرار والإرادة، الدولة التي تملك الإمكانات، الدولة التي تقف في وجه العدو، لا الدولة العاجزة الصامتة».

وطالب السلطة السياسية بأن «تجرؤ على اتخاذ قرار بتسليح الجيش اللبناني ليصبح قادراً على حماية الأرض والسيادة»، معتبراً أن «الطلب من المقاومة التخلي عن سلاحها دون وجود بديل حقيقي يعد دعوة مكشوفة لتسليم لبنان لإسرائيل».


مقالات ذات صلة

لودريان يواصل لقاءاته في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار

المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رئاسة البرلمان)

لودريان يواصل لقاءاته في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار

استكمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لليوم الثاني على التوالي لقاءاته في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)

ذكرى سقوط الأسد تعيد التوتر إلى لبنان

لا تزال الارتدادات السورية تجد طريقها إلى الشارع اللبناني وتتحول أحياناً إلى احتكاك أو توتر في مناطق شديدة الحساسية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني في بلدة علما الشعب الحدودية نوفمبر الماضي (رويترز) play-circle

هل يدفع مسار التفاوض إسرائيل إلى تبريد جبهة لبنان؟

منذ تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، شهد جنوب لبنان تبدّلاً لافتاً تمثل بوقف إسرائيل الاغتيالات مع تفاوت في التصعيد.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى وصوله إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني من عمان: السلطنة تضطلع بدور حكيم إقليمياً ودولياً

وصل الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى سلطنة عمان حيث كان باستقباله السلطان هيثم بن طارق ووفد رسمي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري خريطة انتشار النفوذ العسكري الأمني في سوريا لعام 2025 (مركز «جسور»)

تحليل إخباري ماذا تقول خريطة النفوذ العسكري في سوريا بعد عام على التحرير؟

شهدت خريطة السيطرة في سوريا منذ أواخر عام 2024 تحولاً جذرياً أنهى مرحلة جيوسياسية استقرّت ملامحها منذ عام 2020.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قذائف تستهدف محيط مطار المزة بدمشق... ولا إصابات

تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
TT

قذائف تستهدف محيط مطار المزة بدمشق... ولا إصابات

تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد غارات جوية إسرائيلية على دمشق في الصيف الماضي (رويترز)

ذكرت قناة «الإخبارية السورية» التلفزيونية مساء اليوم الثلاثاء أن قذائف «مجهولة المصدر» سقطت في محيط مطار المزة في العاصمة دمشق، من دون أن تسفر عن أي إصابات.

وكانت القناة التلفزيونية قد أفادت قبل قليل بسماع دوي انفجارات في منطقة المزة.


لودريان يواصل لقاءاته في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رئاسة البرلمان)
TT

لودريان يواصل لقاءاته في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رئاسة البرلمان)

استكمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لليوم الثاني على التوالي، لقاءاته في بيروت بهدف تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

والتقى لودريان، الثلاثاء، كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري وقائد الجيش رودولف هيكل ورئيسي الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، والحالي النائب تيمور جنبلاط، كما اجتمع مساءً مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء على مأدبة العشاء في قصر الصنوبر.

وكان لودريان قد بدأ زيارته إلى بيروت، مساء الاثنين، بلقاء مع رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي أبلغه أن لبنان يرحب بأي دور فرنسي في إطار لجنة «الميكانيزم»، رافضاً كذلك الاتهامات التي تدعي عدم قيام الجيش اللبناني بدوره كاملاً.

وكان رئيس الجمهورية جوزيف عون أبلغ الموفد الفرنسي في لقائهما الاثنين «أن لبنان يرحب بأي دور فرنسي في إطار لجنة «الميكانيزم»، يسهم في تحقيق الأهداف الأساسية للمفاوضات التي تجري في إطار هذه اللجنة، والتي تهدف إلى وقف الأعمال العدائية، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الجنوبية التي تحتلها، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وتصحح النقاط العالقة على الخط الأزرق».

وأكد عون، بحسب بيان الرئاسة اللبنانية، أن المواقف الداعمة للبنان التي أعلنها دائماً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تعكس عمق العلاقات اللبنانية - الفرنسية المتجذرة في التاريخ، والتي نحرص على تطويرها في المجالات كافة».

وشرح عون للموفد الرئاسي الفرنسي المعطيات التي أدت إلى تفعيل اجتماعات لجنة «الميكانيزم»، وتولي السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبناني، مشيراً إلى أن الاجتماع المقبل للجنة في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يفترض أن يباشر البحث في النقاط المطروحة، وفق الأولويات المحددة، وقال: «موقفنا من تحريك اجتماعات (الميكانيزم)، يعكس رغبتنا في التفاوض لإيجاد حلول دبلوماسية لأننا لا نريد مطلقاً اعتماد لغة الحرب، ولعل ردود الفعل الإيجابية التي تلت موقف لبنان من الدول الشقيقة والصديقة، تعني التأييد لهذه الخطوة، وتخفف حتماً الضغط الذي كان سائداً مع استمرار الاعتداءات ضد لبنان».

وجدد الرئيس عون رفضه للاتهامات التي تدعي عدم قيام الجيش اللبناني بدوره كاملاً في جنوب الليطاني، وقال إن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة.

وأشار عون إلى أن القوات الإسرائيلية تواصل تدمير المنازل والممتلكات ولا تفتح في المجال أمام الجيش و«اليونيفيل» ولجنة «الميكانيزم» للتأكد من خلوها من العناصر المسلحة. وجدد رئيس الجمهورية التأكيد على التنسيق الكامل القائم بين الجيش و«اليونيفيل»، لافتاً إلى ضرورة توفير العتاد والتجهيزات الضرورية ليتمكن الجيش من تنفيذ المهام الموكلة إليه والتي لا تقتصر فقط على جنوب الليطاني، بل تشمل كل الأراضي اللبنانية. ولفت الرئيس عون الوزير السابق لودريان إلى أن لبنان يؤيد أي تدقيق تقوم به لجنة «الميكانيزم» في الإجراءات المطبقة في جنوب الليطاني، وفق قرار مجلس الأمن 1701.

وكان لودريان نقل في مستهل الاجتماع إلى عون دعم الرئيس ماكرون للخطوات التي اتخذها بتسمية السفير كرم لرئاسة الوفد اللبناني إلى المفاوضات وتفعيل عمل لجنة «الميكانيزم»، مؤكداً أن بلاده تقف دائماً إلى جانب لبنان في خياراته الوطنية، وتدعم كل ما من شأنه أن يحقق أمنه واستقراره.

بري

استقبل بري لودريان والوفد المرافق، في حضور السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفية ماغرو. وتناول اللقاء الذي استمر أكثر من ساعة، بحسب بيان صادر عن رئاسة البرلمان، تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة إسرائيل لاعتداءاتها على لبنان، إضافة للعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.

«تثبيت وقف النار» مع «الاشتراكي»

والتقى لودريان، الثلاثاء، الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب النائب تيمور جنبلاط، بحضور النائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور، وتم خلال الاجتماع استعراض التطورات السياسية الراهنة ومناقشة الأوضاع العامة في البلاد.

وشدد المشاركون، بحسب بيان «الاشتراكي» على ضرورة مواكبة الخطوات الإيجابية المطروحة لبنانياً، سواء ما يتعلق بتكليف السفير سيمون كرم بناءً على مبادرة رئيس الجمهورية، أو بالخطوات الميدانية التي يتولاها الجيش».

كما تناول البحث النقاط التي سبق أن طرحها وليد جنبلاط مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي مقدمتها تثبيت وقف إطلاق النار، وتأمين عودة أبناء الجنوب وتحرير الأسرى، إلى جانب التأكيد على أهمية الدور الفرنسي في دعم المسار الإيجابي في العلاقات اللبنانية – السورية.

قائد الجيش

وأفاد بيان للجيش اللبناني بأن العماد هيكل استقبل لودريان على رأس وفد مرافق، و«جرى عرض آخر التطورات في لبنان والمنطقة وسبل دعم الجيش في ظلّ التحديات الراهنة».

كما التقى لودريان، الاثنين، وزير الخارجية يوسف رجي، مشدداً على «أهمية إيجاد آلية تتيح التحقق من مدى التقدم المحرز فعلياً لحصر السلاح في يد الدولة».

وقال إن «هدف زيارته الاطلاع على الموقف اللبناني قبل الاجتماع الثلاثي المرتقب عقده، الأسبوع المقبل، في باريس بين فرنسا والولايات المتحدة والسعودية، تحضيراً للمؤتمر المنتظر لدعم الجيش اللبناني، ودعم خريطة طريق لتثبيت وقف إطلاق نار طويل الأجل».


ذكرى سقوط الأسد تعيد التوتر إلى لبنان

عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)
عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)
TT

ذكرى سقوط الأسد تعيد التوتر إلى لبنان

عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)
عناصر من الجيش اللبناني يواجهون معتصمين يرفعون أعلام «حزب الله» على طريق المطار حيث نفذوا في فبراير الماضي تحركات رفضاً لقرار لبنان عدم استقبال طائرة إيرانية (الشرق الأوسط)

تُظهر تطورات الأيام الأخيرة أنّ الساحة اللبنانية لا تزال تتأثر مباشرة بالتحولات العميقة التي أحدثها سقوط نظام بشار الأسد وتولي الرئيس السوري أحمد الشرع الحكم قبل عام.

فعلى الرغم من انشغال بيروت بملفات داخلية متراكمة، فإن الارتدادات السورية لا تزال تجد طريقها إلى الشارع اللبناني وتتحول أحياناً إلى احتكاك أو توتر في مناطق شديدة الحساسية. وقد برز ذلك بوضوح مع تحركات احتفالية شهدتها مدينة صيدا، عاصمة الجنوب، ومحيط منطقة قصقص في بيروت ليل الاثنين - الثلاثاء، حيث نجح الجيش اللبناني في تطويق التوتر، لكنّ أصداءه السياسية بقيت حاضرة.

وأحيت مدينة طرابلس ومناطق في شمال لبنان ذكرى عام على سقوط نظام الأسد برفع العلم السوري وصور الشرع.

وفي مدينة صيدا الجنوبية، تحولت مسيرة سيارات مؤيدة للشرع إلى توتر عند أحد مداخل المدينة القريبة من أحياء تُعد تاريخياً حاضنة سياسية لـ«حزب الله» و«حركة أمل». وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام بوقوع إشكال عند مدخل حارة صيدا، بين عدد من الشبان من المنطقة وآخرين كانوا يمرّون في مسيرة سيارات. وقد تطوّر إلى تلاسن وتضارب بالعصي، ما أدّى إلى تكسير عدد من السيارات في المكان».

والمشهد نفسه تقريباً تكرر في محيط منطقة قصقص في بيروت وعند مدخل الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد تجمعات مرتبطة بالمناسبة، وسط انتشار أمني من دون تسجيل اشتباكات في منطقة لطالما شهدت سابقاً احتكاكات على خلفيات مشابهة.

وانتشرت مقاطع فيديو لشباب على دراجات نارية يرفعون أعلام «حزب الله» ويطلقون هتافات داعمة للرئيس السوري المخلوع، على غرار «نحنا رجالك يا بشار». كذلك انتشر فيديو يظهر اعتراض سيارة على طريق المطار وفي داخلها أطفال.

في هذا السياق، رأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم أنّ التحركات التي ظهرت في ذكرى سقوط الأسد،«تعبّر عن محاولة من (حزب الله) لإظهار حضور سياسي مضاد».

وقال كرم لـ«الشرق الأوسط» إنّ ما جرى هو «من أدوات الحزب في صناعة الفتن كلّما شعر بأن نفوذه يتراجع في لبنان أو سوريا».

وأضاف أنّ الحزب ««لا يؤمن أصلاً بمفهوم السيادة اللبنانية» وأنه «ينطلق في كلّ سلوكياته من مشروعه الأوسع المرتبط بالثورة الإيرانية وبتمدّدها الإقليمي»، مشيراً إلى أنّ حدود نفوذه «كانت تمتد حين كان النظام السوري حليفاً مباشراً له، أما اليوم، ومع تغيّر موازين القوى في دمشق وصعود نظام جديد أقل التصاقاً به، فقد انكفأ وبدأ يتصرّف وفق حدود نفوذ متقلّصة».

سعي للفتنة

ورأى كرم أنّ «أناشيد التمجيد لبشار الأسد تعبّر عن نوستالجيا لدى الحزب للعودة إلى زمن البعث السوري». وأكد أنّ الحزب «منزعج تماماً من الواقع السوري الجديد ويسعى إلى إشعال الفتن سواء داخل لبنان أو داخل سوريا أو حتى بين اللبنانيين والسوريين معاً»، مضيفاً أنّ الرسالة الواضحة من التحركات هي «رفض أي مسار لبناء دولة حقيقية في لبنان أو في سوريا، والتمسك بنموذج النفوذ الأمني القديم الذي انهار في دمشق ويحاول الحزب تعويضه داخل لبنان».

وتأتي هذه المؤشرات في لحظة تشهد تحولاً في موقع «حزب الله» داخل المعادلة السورية بعد صعود الشرع، خصوصاً بعدما أعلنت القيادة الجديدة في دمشق رفضها استخدام الأراضي السورية لمرور السلاح أو لتأمين نفوذ خارجي يتجاوز سلطة الدولة.

ملفات الذاكرة

من جهته، عدّ الناشط السياسي مالك مروة أنّ التحركات المضادة التي حاول أنصار «حزب الله» تنظيمها ضد المحتفلين بذكرى سقوط نظام بشار الأسد في عدد من المناطق اللبنانية «تعكس محاولة واضحة لفرض حضور استفزازي داخل بيئات لا تنتمي إلى نفوذ الحزب التاريخي»، مشيراً إلى أنّ «الحادثة ليست معزولة بل امتداد لسلوكيات مشابهة مورست طوال السنوات الماضية في أكثر من منطقة لبنانية».

وقال مروة لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «القوى المحسوبة على ثنائي (حزب الله وحركة أمل)، دأبت طوال نحو عشرين عاماً على تنظيم استعراضات مماثلة في المناطق السنية تحديداً، سواء عبر مواكب مؤيدة أو عبر إظهار سطوة مسلّحة أو حزبية في أماكن لا تمثّل بيئتهم السياسية».

ورأى أنّ «هذه التصرفات راكمت غضباً واسعاً لدى أغلبية اللبنانيين غير المناصرين لـ(حزب الله)، لكونها مثّلت في الوعي العام شكلاً من أشكال الفرض القسري للوجود السياسي والحزبي»، لافتاً إلى أنّ «اللبنانيين لم ينسوا حوادث الاقتحام السابقة لبيروت ولا الاغتيالات ولا التدخل العسكري في سوريا، وهي ملفات لا يمكن شطبها من الذاكرة بسهولة».

رسالة داخلية من «حزب الله»

ورأى مروة أنّ الرسالة التي حاول الحزب إيصالها «تبدو داخلية أكثر منها خارجية»، موضحاً أنّ «استعراض القوة في وجه مناسبة تحتفل بسقوط نظام الأسد، يحمل محاولة لردع أي مظهر سياسي لا ينسجم مع خيارات الحزب التاريخية، إلا أنّ ردود الفعل المقابلة أظهرت تغيراً في المزاج العام وتراجعاً في التسليم بما كان مفروضاً بالقوة».

وأكّد أنّ «الأيام تتغيّر وما كان يُفرض طوال ربع قرن لم يعد حقيقة ثابتة اليوم»، داعياً إلى «عودة الجميع إلى الدولة والتخلّي عن عقلية الاستقواء على الداخل»، لأنّ «أي تطور باتجاه التصعيد سيكون خطأً استراتيجياً جديداً لن يفيد (حزب الله) ولا لبنان».

عاجل سقوط قذائف مجهولة المصدر في محيط مطار المزة بدمشق (التلفزيون السوري)