ماراثون كليات القمة يداعب أحلام أسر مصرية

وسط تساؤلات حول مصاريف الجامعات الأهلية والخاصة

كلية الطب بجامعة القاهرة من كليات القمة في مصر (صفحة الجامعة على فيسبوك)
كلية الطب بجامعة القاهرة من كليات القمة في مصر (صفحة الجامعة على فيسبوك)
TT

ماراثون كليات القمة يداعب أحلام أسر مصرية

كلية الطب بجامعة القاهرة من كليات القمة في مصر (صفحة الجامعة على فيسبوك)
كلية الطب بجامعة القاهرة من كليات القمة في مصر (صفحة الجامعة على فيسبوك)

لم يكن محمد محسن (18 عاماً) يتوقع أن يتجاوز مجموعه الـ90 في المائة في الثانوية العامة (أدبي)، حتى وهو يجتهد من أول يوم في العام الدراسي، لكن المخاوف من النتائج «غير المتوقعة»، جعلته يضع هدفاً يستطيع الوصول إليه بدخول كلية «التربية»، التي تقبل الطلاب من مجموع دون الـ80 في المائة عادة، في تخصص «تاريخ» أو «جغرافيا»، لكن بعد حصوله على هذا المجموع الكبير، عادت كليات القمة لتداعب مخيلته، وتجعله يعيد التفكير في رغباته.

وتبدأ المرحلة الأولى من تسجيل الرغبات للالتحاق بالجامعات المصرية (التنسيق)، الثلاثاء، وتستمر حتى مساء السبت، للطلاب الحاصلين على حد أدنى 91.5 في المائة بشعبة «علمي علوم»، و88.4 في المائة شعبة «علمي رياضة»، و82.8 في المائة شعبة «أدبي».

يقول محسن لـ«الشرق الأوسط»: «الخيارات أصبحت كثيرة، وفكرة كلية القمة تمنح نوعاً من الوجاهة، لذلك فالكثيرون حولي يدفعونني إلى الالتحاق بواحدة منها، لكن ما أفكر فيه دخول كلية تتيح لي فرص عمل بعد التخرج، وغالباً ما سأختار كلية الألسن».

حفل تخرج لطلاب من جامعة «أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب» (صفحة الجامعة على فيسبوك)

ويعلق الكثير من الطلاب آمالهم على الالتحاق بكليات القمة، وفي أحيان أخرى يصبح الالتحاق بها حلماً عائلياً؛ ما يضع على الطالب مزيداً من الأعباء. وكليات القمة التي تحتاج إلى مجاميع كبيرة للالتحاق بها تُحدد كل عام وفق تنسيق، يتم الإعلان عنه بعد نتيجة الثانوية العامة، يرتفع أو ينخفض وفق متوسط المجاميع، والعدد الذي تحتاج إليه كل كلية من هذه الكليات، وهي «الطب والهندسة والأسنان والعلاج الطبيعي» في علمي، و«سياسة واقتصاد وإعلام وألسن»، في أدبي.

وتصرّ العديد من الأسر على إلحاق أبنائها بإحدى تلك الكليات، حتى لو لم تؤهلهم درجاتهم للالتحاق بها، من خلال خيار الجامعات الخاصة أو الأهلية، والأخيرة جامعات حكومية تتيح العديد من التخصصات، لكن بمصاريف تتراوح بين 30 ألف جنيه سنوياً (الدولار يساوي نحو 49 جنيهاً)، إلى 150 ألفاً وفق التخصص.

في مصر حالياً 28 جامعة أهلية، وفق وزير التعليم العالي، أيمن عاشور، الذي قال في تصريحات صحافية على هامش افتتاح جامعة كفر الشيخ الأهلية قبل أيام، إن «إنشاء هذه الجامعات يحظى بدعم كبير من القيادة السياسية؛ بوصفها أحد المسارات التعليمية الحيوية التي تسهم في استيعاب الزيادة المستمرة في أعداد الطلاب، والتقليل من اغتراب أبنائنا الطلاب للدراسة في الخارج، وتوفير تجربة تعليمية متميزة».

ويبلغ عدد الجامعات الخاصة في مصر 35 جامعة، وفق الموقع الرسمي للمجلس الأعلى للجامعات.

افتتاح جامعة كفر الشيخ الأهلية (وزارة التعليم العالي)

قضى محمد السيد،47 عاماً، وهو معد برامج تلفزيونية، الأيام الماضية بحثاً عن طريقة التقديم في الجامعات الخاصة والأهلية لمحاولة إلحاق ابنته «فريدة» بإحدى كليات القمة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «المصاريف مرتفعة للغاية، بحثت عن حلول كثيرة لدخول إحدى الكليات التي تناسب مهارات ابنتي التي تعشق الرياضيات والحساب والأرقام، ولأن مجموعها لن يمكنها من الالتحاق بإحدى كليات القمة خصوصاً الهندسة التي كانت تتمناها، فنسعى جاهدين لتحقيق حلمها في دخول كلية تحبها ومجال تريده حتى لو بمصروفات معقولة بعض الشيء».

وعلى خلاف السيد، الذي يبحث عن أقل مصاريف ممكنة لتحقيق حلم ابنته، لاحظت مؤسِّسة ائتلاف «تحيا مصر للتعليم» وغروب «حوار مجتمعي تربوي»، منى أبو غالي، إقبال كثير من أولياء الأمور على السؤال عن مصاريف الجامعات الأهلية والخاصة، والمفاضلة بينها عبر مجموعات «الواتساب»، حتى قبل صدور النتيجة.

وأبدت منى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، تعجُّبها من «هذه الظاهرة»، وأرجعتها إلى «الوجاهة الاجتماعية»، موضحة أن «بعضهم لم ينتظروا معرفة درجات أبنائهم، وآخرين حصل أبناؤهم على درجات تتيح لهم كثيراً من الكليات الحكومية، لكنهم يتمسكون بتخصصات القمة في الكليات الأهلية والخاصة، والبعض يضع الجامعات الأهلية والخاصة الخيار الأول».

ويرى الخبير التربوي، وائل كامل، أن الإقبال على الكليات الأهلية والخاصة ليس شرطاً أن يكون مقصوداً به «الوجاهة» بقدر ما يعد محاولة من الأسر لإلحاق أبنائها بتخصصات قد يستطيعون العمل فيها فيما بعد، خصوصاً مع كثرة الإقبال على دخول كلية «الحاسبات والمعلومات» وما يوازيها في كليات أهلية وخاصة، وكذلك كليات الطب والهندسة.

وحذر كامل من التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية على حساب الجامعات الحكومية، والتي أصبحت «تقلل أعداد المقبولين فيها في توجُّه واضح بمحاولة التخفيف من عبء مجانية التعليم»، مؤكداً أن ذلك يعكس «خللاً» في المنظومة التعليمية؛ إذ «قد يُحرم طالب من الالتحاق بكلية الطب أو الهندسة في الجامعات الحكومية بفارق واحد في المائة أو أقل، في المقابل يستطيع طالب آخر حاصل على مجموع 70 في المائة من الالتحاق بهذه الكليات بمقابل مادي».

وأضاف الخبير التربوي أن «التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية دون وضع معايير للالتحاق بها يفاقم من ظاهرة وجود خريجين غير مؤهلين لسوق العمل»، مطالباً بـ«فرض عام تمهيدي يسبق الدراسة الفعلية فيها، أو اختبارات قبل قبول الطالب تقيس قدرته على تحصيل المادة العلمية في الكلية ومدى كفاءته لها»، معقباً: «للأسف، في حالات كثيرة يتحول الأمر إلى بيزنس فقط».


مقالات ذات صلة

مصر: اتهامات متعاقبة بـ«التحرش» تُصعّد الانتقادات للتعليم الخاص

شمال افريقيا وزارة التربية والتعليم المصرية اتخذت إجراءات صارمة ضد مدرسة دولية جديدة بالإسكندرية (الوزارة)

مصر: اتهامات متعاقبة بـ«التحرش» تُصعّد الانتقادات للتعليم الخاص

بعد اتهامات متعاقبة بوجود وقائع «تحرش جنسي» داخل مدارس خاصة ودولية في مصر، تصاعدت الانتقادات الموجهة لهذه النوعية من المدارس.

أحمد جمال (القاهرة)
الاقتصاد أم وأولادها يشترون الذرة من بائع متجول في إسطنبول (أ.ف.ب)

تركيا: تباطؤ التضخم بأقل من التوقعات يمنح «المركزي» فرصة لخفض الفائدة

تراجع معدل التضخم السنوي في تركيا نوفمبر  الماضي إلى 31.07 % بينما انخفض على أساس شهري إلى ما دون 1 % مسجلاً 0.87 %

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اضطرت رويا محبوب إلى الفرار من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة وازدياد التهديدات بالقتل بسبب جهودها في تعليم الفتيات... وهي الآن تعيش بالولايات المتحدة (أ.ب)

رائدة أعمال أفغانية تؤمن بأن التكنولوجيا قادرة على مساعدة الفتيات في التعلّم

تعمل رائدة الأعمال، رويا محبوب، على تطوير تطبيقات لا تحتاج إلى الاتصال بالإنترنت، وإنشاء شبكات سرية؛ بهدف تمكين الفتيات الأفغانيات من مواصلة تعلّمهن في كابل.

شيفاني فورا (واشنطن )
العالم العربي رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي برفقة عدد من المسؤولين المصريين والإيطاليين خلال التوقيع على بروتوكولات تعاون تعليمي الثلاثاء (مجلس الوزراء)

شراكات دولية متنوعة بـ«التعليم المصري»... هل تُقلص البطالة؟

دشّنت مصر شراكات تعليمية دولية مختلفة تضمنت اتفاقيات تعاون مع دول مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا واليابان، ضمن مساعٍ حكومية لتطوير منظومة التعليم.

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التعليم المصري محمد عبد اللطيف يتابع سير العملية التعليمية بإحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم)

مصر تفرض «ضوابط» على المدارس الدولية بعد «اتهامات تحرش بطلاب»

أقرت وزارة التربية والتعليم في مصر، الأحد، مجموعة من «الضوابط الجديدة» على المدارس الدولية، التي لم يكن معمولاً بها سابقاً ضمن لوائح هذه المدارس.

رحاب عليوة (القاهرة)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
TT

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

في «عيد الكاريكاتير المصري» الخامس، يحتفي فنانون من مصر والبلاد العربية وأوروبا بـ«المتحف المصري الكبير»، وبمرور مائة عام على ميلاد فنان الكاريكاتير أحمد طوغان، أحد رموز مدرسة الكاريكاتير المصرية.

المعرض الاستثنائي، الذي افتتحه الفنان محمد عبلة، الخميس، ويستمر حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضمُّ 150 لوحة، وتستضيفه قاعتا «نهضة مصر» و«إيزيس» في «مركز محمود مختار الثقافي» بالقاهرة، ضمن مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير ولسه متاحف مصر كتير» التي أطلقتها مصر بهدف تعزيز ارتباط المواطنين بتراثهم الثقافي والفني.

لوحة الفنان الأردني محمود الرفاعي (الشرق الأوسط)

وقال الفنان فوزي مرسي، قوميسير المعرض، إن الأعمال التي شاركت في الاحتفاء بمئوية طوغان اقتصرت على الفنانين المصريين، وجاءت بأساليب متعددة؛ فمنهم من رسمه وهو يحمل ريشته كسلاح لمواجهة الفساد ومشكلات المجتمع وعيوبه، مثل الفنان مصطفى الشيخ، في حين صوّره الفنان حسني عباس في لوحة معبّرة وهو يحمل ريشته كشعلة يضيء بها الظلام من حوله، في إشارة إلى ما قدّمه طوغان عبر مسيرته في فن الكاريكاتير. أما في لوحة لخضر حسن، فجاء تصويره لطوغان وهو يحمل قلماً تنطلق منه رصاصات ضد الفساد وأمراض المجتمع.

ويضيف مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت أبرز المشاركات العربية في (عيد الكاريكاتير) من الإمارات، من خلال عمل للفنانة آمنة الحمادي. ومن السعودية حيث شارك الفنان أمين الحبارة بلوحة رسم في قلبها هرماً كبيراً تتصدره راية مصر، وتظهر خلفه مجموعة من الأهرامات. ومن الأردن شارك الفنان محمود الرفاعي، وقد كرّمته جمعية الكاريكاتير وأهدته درعها تقديراً له. واحتفت لوحته بالمتحف المصري الكبير عبر رموز فرعونية وقبطية وإسلامية وفنية وثقافية، رآها عناصر أساسية في تشكيل الشخصية المصرية، وجعل الأهرامات وأبو الهول في قلبها بوصفهما العماد الذي تقوم عليه حضارة مصر».

طوغان يحمل شعلة مضيئة... لوحة الفنان حسني عباس (الشرق الأوسط)

لوحاتُ الفنانين الأجانب عبّرت عن سعادتهم بافتتاح المتحف، وقدّموا أعمالاً رسموها خصيصاً لـ«عيد الكاريكاتير». وجاءت بعض المشاركات من الصين وبولندا وإسبانيا، ومن أوروغواي التي شارك منها الفنان لويس هارو بلوحةٍ رسم في قلبها فارساً فرعونياً يرحّب بزيارة المتحف. كما ركّزت لوحات فناني أوكرانيا على إبراز عناصر مصرية خاصة، من بينها أبو الهول والأهرامات و«حورس» والكباش، فجاءت بمثابة رسالة سلام ترحِّب بافتتاح المتحف الكبير وتدعو إلى زيارته.

أمّا لوحات الفنانين المصريين التي شاركت في الاحتفال بالمتحف، فقد اتخذ بعضها منحًى اجتماعياً ساخراً، منها عملٌ للفنان سعيد أبو العينين صوَّر فيه زوجةً تهاتف والدتها مستنجدةً بها من زوجها وابنها، مشيرةً إلى أنهما بعد افتتاح المتحف «تفرعنا» عليها، في إشارة إلى استعراضهما القوة أمامها. وقد اتخذ الفنانان عمرو سليم ودعاء العدل المنحى الساخر نفسه في أعمالهما.

لوحة الفنان الأوكراني كازانيفسكي (الشرق الأوسط)

«تركّزت لوحات الرسامين الأجانب المشاركة على الصورة، بخلاف المصريين الذين كان لتعبيرهم بالكلمات دورٌ أساسي في تشكيل أعمالهم وتكويناتها»، وفق الفنان سمير عبد الغني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(عيد الكاريكاتير) في دورته الخامسة يتشكّل من موضوعين: الأول الاحتفال بافتتاح المتحف الكبير، والثاني مئوية ميلاد طوغان».

وأضاف عبد الغني: «في كل الدورات السابقة كانت المشاركة تقتصر على فناني مصر، لكن هذه السنة كانت متميّزة، خصوصاً بمناسبة افتتاح المتحف الكبير؛ لذا وجّهنا دعوات إلى فنانين من بلدان كثيرة للمشاركة. وتميّزت لوحاتهم بوعي بصري كبير اشتغلوا من خلاله على الصورة التي سيطرت على التكوين، بخلاف لوحات المصريين التي ينقسم تشكيلها بين الرسم والتعبير اللغوي. والفرق بيننا وبينهم، كما أرى، نابعٌ من أنهم يشتغلون على فكرة سبعة آلاف سنة حضارة، والمومياوات، والضوء الذي يخرج من قلب عالمنا الخاص الساحر الزاخر بالعظمة منذ آلاف السنين، ومن هنا جاءت رسوماتهم مختلفة، بخلاف أعمال المصريين التي اتسمت بالوضوح والمباشرة».

لوحة الفنان جورج رودريغيز من فنزويلا (الشرق الأوسط)

تعود الفروق بين مساهمات فناني مصر والمشاركات الأجنبية، حسب عبد الغني، إلى ما يمكن تسميته بـ«الوعي البصري» المرتبط بثقافة الفنانين الأجانب، التي تتغذّى على زيارة المتاحف وما تضمه من آثار وتحف مصرية قديمة، إضافة إلى الاهتمام المبكر بالصورة عبر التعليم في مراحله المختلفة. أمّا الفنانون المصريون، فيأتي تعبيرهم في رسوم الكاريكاتير متأثّراً بسيطرة التعبير اللغوي في كثير من فنوننا، منها الأغنية والنكتة. ولعل أعمال مصطفى حسين، وأحمد رجب، وصلاح جاهين، وحجازي، وبهجت عثمان، وغيرهم كثيرون، خير تمثيل لذلك.

ورحّبت وزارة الثقافة المصرية بالمعرض، مشيرةً في بيان إلى أن «عيد الكاريكاتير» يهدف إلى ترسيخ الشعور بالهوية المصرية، وإعادة تسليط الضوء على ما تمتلكه مصر من متاحف وقيمة حضارية فريدة، إضافةً إلى تشجيع المشاركة المجتمعية في الفعاليات الثقافية والفنية التي تنظمها المتاحف المصرية، وتعميق الوعي بدورها بوصفها جسوراً تربط المصريين بتاريخهم العريق، وتغرس الانتماء من خلال الاحتفاء بموروثهم الإنساني والحضاري.

وتعكس الأعمال المشاركة تنوّعاً بصرياً وفنياً لافتاً؛ إذ تجمع بين النقد المرح، والفلسفة الساخرة، والطرح الإنساني، بما يمنح الجمهور تجربةً غنية تُبرز قدرة الكاريكاتير على تناول القضايا الكبرى بلغة فنية جذابة وقريبة من الناس.


من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».