تقرير: الوكالة الأميركية للتنمية لم تجد أي دليل على سرقة «حماس» لمساعدات غزة

أفراد يقفون على ظهور شاحنات المساعدات في شمال قطاع غزة (رويترز)
أفراد يقفون على ظهور شاحنات المساعدات في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

تقرير: الوكالة الأميركية للتنمية لم تجد أي دليل على سرقة «حماس» لمساعدات غزة

أفراد يقفون على ظهور شاحنات المساعدات في شمال قطاع غزة (رويترز)
أفراد يقفون على ظهور شاحنات المساعدات في شمال قطاع غزة (رويترز)

لم يتوصل تحليل داخلي أجرته الحكومة الأميركية إلى أي دليل على ضلوع حركة «حماس» في سرقة ممنهجة للإمدادات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة، وهو ما يشكك في الحجة الرئيسية التي تطرحها إسرائيل وواشنطن لدعم آلية مساعدات خاصة مسلحة جديدة.

وأجرى مكتب تابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية هذا التحليل، الذي لم يُنشر من قبل، واكتمل في أواخر يونيو (حزيران). ودرس التحليل 156 واقعة سرقة أو فقدان لإمدادات ممولة من الولايات المتحدة، التي أبلغت عنها منظمات مساعدات أميركية شريكة في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حتى مايو (أيار) من هذا العام.

ووفقاً لمقاطع عرض للنتائج، اطلعت عليها وكالة «رويترز»، لم يجد التحليل «أي تقارير تزعم أن (حماس) استفادت من الإمدادات الممولة من الولايات المتحدة».

ونفى متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية صحة هذه النتائج، مؤكداً وجود أدلة مصورة على نهب «حماس» للمساعدات، لكنه لم يقدم أي فيديوهات. واتهم المتحدث المنظمات الإنسانية التقليدية بالتستر على «فساد المساعدات».

وشككت المتحدثة باسم البيت الأبيض في وجود هذا التحليل، قائلة إنه لم يُعرض على أي مسؤول في وزارة الخارجية، وإنه «من المرجح أن يكون أحد عملاء الدولة العميقة قد أعده» في مسعى لتشويه «أجندة (الرئيس دونالد ترمب) الإنسانية».

وقال مصدران مطلعان على الأمر إنه جرى تسليم النتائج لمكتب المفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومسؤولي وزارة الخارجية المعنيين بسياسة الشرق الأوسط، وذلك في الوقت الذي يتفاقم فيه النقص الحاد في الغذاء في القطاع المدمر.

وتقول إسرائيل إنها ملتزمة بالسماح بدخول المساعدات، لكن يتعين عليها السيطرة عليها لمنع سرقتها من قبل «حماس». وتحمّل إسرائيل الحركة الفلسطينية مسؤولية الأزمة.

طفلان فلسطينيان يركضان أمام شاحنة مساعدات متحركة أثناء جمعهما للمنتجات التي سقطت على الطريق في رفح بغزة (رويترز)

ويقول برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن ما يقرب من ربع سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة يواجهون ظروفاً أشبه بالمجاعة، ويعاني الآلاف من سوء التغذية الحاد، وتتحدث منظمة الصحة العالمية وأطباء في القطاع عن وفاة أطفال وآخرين بسبب الجوع.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة أيضاً إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من ألف شخص كانوا يسعون للحصول على إمدادات غذائية، أغلبهم بالقرب من مواقع التوزيع العسكرية التابعة لـ«مؤسسة غزة الإنسانية»، وهي منظمة مساعدات خاصة جديدة تستعين بخدمات شركة لوجستية أميركية ربحية، يديرها ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية ومحاربون قدامى في الجيش الأميركي.

وأجرى التحليل مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي كانت أكبر ممول للمساعدات المقدمة لغزة، قبل أن تُجمد إدارة الرئيس دونالد ترمب جميع المساعدات الخارجية الأميركية في يناير (كانون الثاني)، مُنهيةً بذلك آلاف البرامج.

وشرعت الإدارة أيضاً في تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي أُدمجت وظائفها ضمن وزارة الخارجية.

ووفقاً لشرائح العرض الموجزة، خلص التحليل إلى أن ما لا يقل عن 44 من أصل 156 واقعة جرى فيها الإبلاغ عن سرقة أو فقدان إمدادات المساعدات كانت «بشكل مباشر أو غير مباشر» بسبب الإجراءات العسكرية الإسرائيلية. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على أسئلة بشأن هذه النتائج.

وأشار التحليل إلى وجود نقطة ضعف، وهي؛ بما أن الفلسطينيين الذين يتلقون المساعدات لا يمكن التحقق منهم، فمن الممكن أن تذهب الإمدادات الممولة من الولايات المتحدة إلى مسؤولين إداريين في حركة «حماس» التي تدير قطاع غزة.

فلسطينيون يحملون إمدادات مساعدات من مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة في خان يونس (رويترز)

وحذّر مصدر مطلع على التحليل أيضاً من أن عدم ورود تقارير عن تحويل مسار المساعدات على نطاق واسع من جانب «حماس» «لا يعني أن التحويل لم يحدث».

وبدأت الحرب في غزة بعد أن قادت «حماس» هجوماً على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ووفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، قُتل ما يقرب من 60 ألف فلسطيني منذ بدء الحملة الإسرائيلية.

إسرائيل: «حماس» تحول المساعدات لمقاتليها

قالت إسرائيل، التي تتحكم في الدخول إلى غزة، إن «حماس» تسرق إمدادات غذائية من الأمم المتحدة ومنظمات أخرى للسيطرة على المدنيين وزيادة مواردها المالية بطرق تشمل رفع أسعار السلع وإعادة بيعها للمدنيين.

ورداً على سؤال عن تقرير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، قال الجيش الإسرائيلي، لوكالة «رويترز»، إن اتهاماته لـ«حماس» تستند إلى تقارير مخابرات تشير إلى أن مقاتلي الحركة استولوا على شحنات من خلال التسلل «سراً وعلناً» إلى شاحنات المساعدات.

وذكر الجيش الإسرائيلي أن هذه التقارير تظهر أيضاً أن «حماس» حوّلت ما يصل إلى 25 في المائة من إمدادات المساعدات إلى مقاتليها أو باعتها لمدنيين، مضيفاً أن «مؤسسة غزة الإنسانية» أنهت سيطرة المسلحين على المساعدات عن طريق توزيعها مباشرة على المدنيين.

وتنفي «حماس» هذه الاتهامات. وقال مسؤول أمني من الحركة إن إسرائيل قتلت أكثر من 800 من أفراد الشرطة وحراس الأمن التابعين لـ«حماس» أثناء محاولتهم حماية مركبات المساعدات وطرق القوافل بعد تنسيق مهامهم مع الأمم المتحدة.

ولم تتمكن «رويترز» من التحقق بشكل مستقل مما تقوله «حماس» وإسرائيل التي لم تقدم علناً أي دليل على أن مقاتلي الحركة سرقوا المساعدات بشكل ممنهج.

ودفاعاً عن نموذجها في التوزيع، تتهم «مؤسسة غزة الإنسانية» أيضاً «حماس» بسرقة كميات ضخمة من المساعدات. ورفضت الأمم المتحدة ومنظمات أخرى دعوات من المؤسسة وإسرائيل والولايات المتحدة للتعاون مع «مؤسسة غزة الإنسانية»، قائلة إنها تنتهك مبادئ الحياد الإنساني الدولي.

مسلحون فلسطينيون يحرسون شاحنات مُحمَّلة بالمساعدات دخلت قطاع غزة من معبر زيكيم (أ.ف.ب)

ورداً على طلب للتعليق، أحالت المؤسسة «رويترز» إلى مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» في الثاني من يوليو (تموز)، نقل عن مواطن من غزة ومسؤولين إسرائيليين مجهولين قولهم إن «حماس» تربحت من مبيعات المساعدات الإنسانية المسروقة والضرائب التي فرضتها عليها.

شرط الإبلاغ عن السرقة أو الفقد

قدمت وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى تعمل في غزة 156 بلاغاً عن سرقة الإمدادات أو فقدها لأنه شرط لتلقي أموال المساعدات الأميركية. وراجع مكتب المساعدات الإنسانية هذه البلاغات.

وقال المصدر المطلع الثاني إن موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تابعوا مع المنظمات الشريكة، في محاولة لتحديد ما إذا كانت «حماس» متورطة في سرقة أو فقدان مساعدات ممولة من الولايات المتحدة، وذلك بعد تلقي بلاغات.

وأضاف المصدر أن هذه المنظمات ربما «تعيد توجيه أو وقف» توزيع المساعدات إذا علمت بوجود «حماس» في المنطقة.

ومطلوب من منظمات الإغاثة العاملة في غزة التحقق من أن موظفيها والمتعاقدين معها من الباطن والموردين لا تربطهم أي علاقات «بجماعات متطرفة» قبل تلقيهم الأموال الأميركية، وهو شرط تغاضت عنه وزارة الخارجية الأميركية عند موافقتها على 30 مليون دولار لصالح «مؤسسة غزة الإنسانية» الشهر الماضي.

وأشار العرض التقديمي إلى أن شركاء الوكالة يميلون إلى المبالغة في الإبلاغ عن تحويل المساعدات وسرقتها من الجماعات الخاضعة لعقوبات أو التي تصنفها الولايات المتحدة تنظيمات إرهابية أجنبية، مثل «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي في فلسطين»، لأنهم يريدون تجنب خسارة التمويل الأميركي.

وجاء في العرض أن من بين وقائع السرقة أو الفقدان المبلغ عنها، وعددها 156 واقعة، نُسب 63 منها إلى مجهولين، و35 إلى عناصر مسلحة، و25 إلى أشخاص عُزل، و11 إلى عمل عسكري إسرائيلي مباشر، و11 إلى متعاقدين من الباطن فاسدين، و5 إلى أفراد من منظمات إغاثية «متورطين في أنشطة فساد»، و6 إلى جهات «أخرى» وهي فئة تشمل «سلعاً سرقت في ظروف غامضة».

وأظهرت إحدى شرائح العرض أن العناصر المسلحة «تضم عصابات وأفراداً آخرين ربما كانوا يحملون أسلحة».

وجاء في شريحة أخرى أن «مراجعة كل الوقائع، وعددها 156، لم تكشف عن أي ارتباط» بتنظيمات أجنبية صنفتها الولايات المتحدة إرهابية، مثل «حماس».

وأظهرت شريحة ثالثة أنه «لم تُنسب معظم الوقائع بشكل قاطع إلى جهة فاعلة محددة... غالباً ما يكتشف الشركاء أن السلع سرقت أثناء النقل دون تحديد هوية الجاني».

وكشفت شريحة أنه ربما كانت هناك تقارير مخابرات سرية عن سرقة «حماس» لمساعدات، لكن موظفي مكتب المساعدات الإنسانية فقدوا إمكانية الوصول إلى الأنظمة السرية عند تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وقال مصدر مطلع على تقييمات المخابرات الأميركية، لوكالة «رويترز»، إنهم لا يعلمون بوجود أي تقارير مخابرات أميركية تتحدث بالتفصيل عن تحويل «حماس» لمساعدات، مضيفاً أن واشنطن تعتمد على التقارير الإسرائيلية.

ووجد تحليل المكتب أن الجيش الإسرائيلي «تسبب بشكل مباشر أو غير مباشر» في إجمالي 44 واقعة فقدت فيها مساعدات ممولة من الولايات المتحدة أو سرقت. ومن ضمن هذه الوقائع، تعود 11 منها إلى أعمال عسكرية إسرائيلية مباشرة، مثل الغارات الجوية أو الأوامر الصادرة للفلسطينيين بإخلاء مناطق من القطاع.

وكشف التحليل أن الخسائر المنسوبة بشكل غير مباشر إلى الجيش الإسرائيلي تتضمن حالات أُجبرت فيها جماعات الإغاثة على استخدام طرق تسليم، فيها مخاطر عالية للسرقة أو النهب، متجاهلاً طلبات إيجاد طرق بديلة.


مقالات ذات صلة

كيف خططت إسرائيل لاستغلال ملف الدروز لإرباك حكم الشرع؟

المشرق العربي استعراض عسكري مؤخراً في شوارع محافظة السويداء رُفع خلاله العلم الإسرائيلي وصورة نتنياهو (مواقع)

كيف خططت إسرائيل لاستغلال ملف الدروز لإرباك حكم الشرع؟

«واشنطن بوست» تكشف تحويل إسرائيل آلاف الدولارات إلى أشخاص، استعداداً لتفعيلهم بعد سقوط بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

مساعد سابق لنتنياهو: رئيس الوزراء كلّفني وضع خطة للتهرّب من مسؤولية «7 أكتوبر»

قال مساعد مقرب سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه في أعقاب هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (القدس )
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار بغلاف غزة في أكتوبر 2023 (أ.ب) play-circle

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

صادقت لجنة وزارية إسرائيلية على مشروع قانون قدمه حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق في هجوم «7 أكتوبر» (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثمان رضيع توفي بسبب البرد القارس في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

إسرائيل تُحرّك الخط الأصفر في جباليا لتعميق سيطرتها شمال غزة

تواصل القوات الإسرائيلية تعميق سيطرتها داخل قطاع غزة عبر إحكام قبضتها على العديد من المناطق، إذ توغلت آلياتها العسكرية بشكل مفاجئ في مخيم جباليا شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
TT

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)
قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)

جدد قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، التأكيد على أن الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح (في جنوب الليطاني)، وأنه يجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، مشيراً إلى أن أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة.

جاء حديث هيكل خلال ترؤسه اجتماعاً استثنائيًاً، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانية وعدد من الضباط، تناول فيه آخر التطورات التي يمر بها لبنان والجيش في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية، وسط استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية.

نهضة الوطن

واستُهل الاجتماع بدقيقة صمت استذكاراً لأرواح شهداء الجيش والوطن، وآخرهم العسكري الذي استشهد جراء غارة إسرائيلية مساء الاثنين على طريق القنيطرة - المعمرية في قضاء صيدا.

وخلال الاجتماع، هنّأ العماد هيكل الحاضرين والعسكريين جميعاً بمناسبة عيدَي الميلاد ورأس السنة، وأكد أنه «في ظلّ المرحلة الحساسة والتحديات الكبيرة التي يمر بها لبنان، فإنّ تضحيات العسكريين وجهودهم المتواصلة، على اختلاف رتبهم ووظائفهم، هي ركن أساسي في نهضة الوطن ومستقبله»، عادّاً «أنّهم يُشاركون في صنع تاريخ لبنان، انطلاقاً من المبادئ الثابتة للمؤسسة العسكرية، وأن هذه المبادئ لن تتغير مهما كانت الضغوط».

من جهة أخرى، تطرّق العماد هيكل إلى زيارته الأخيرة إلى فرنسا، لافتاً إلى «الإيجابية التي لمسها خلال اجتماعاته حيال الأداء المحترف للجيش»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأداء أصبح محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة، رغم اتهامات تطلَق بين حين وآخر، ومحاولات تضليل إسرائيلية تهدف إلى التشكيك في أداء الجيش وعقيدته».

مؤتمر دعم الجيش

وتحدث هيكل بشأن المؤتمر المرتقَب لدعم الجيش بداية العام المقبل، قائلاً: «أحد أهم أسباب الثقة والدعم للجيش هو وفاؤه بالتزاماته وواجباته في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما في الجنوب، رغم الإمكانات المتواضعة، وهذا أمر أثبتته التجربة»، مؤكداً أنّ «عناصرنا يُظهِرون أقصى درجات الإخلاص والتفاني إيماناً برسالتهم، وهذا ما رأيناه خلال مهام عدة نفذتْها الوحدات العسكرية في المرحلة الماضية، وتعرّضت خلالها لأخطار كبيرة، من دون أن يؤثر ذلك في معنوياتها وعزيمتها، وسط تضامن من جانب الأهالي، وتعاون فاعل بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية وقوات الـ(يونيفيل)».

وأضاف: «نطمح إلى تعزيز قدرات الجيش كي يصبح الحامي والضامن لأمن اللبنانيين، ويملك القدرة للدفاع عن أهلنا على امتداد الأراضي اللبنانية، فإيماننا بالجيش هو إيمانٌ بهذا الدور الأساسي المنوط به. يتطلب ذلك دعماً وازناً ونوعيًاً، وهو ما تدركه الدول الشقيقة والصديقة التي تتوجه إلى توفير هذا الدعم للجيش وسائر المؤسسات الأمنية».

حصرية السلاح

وجدد هيكل التأكيد على أن «الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته»، في إشارة إلى المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وأنه «يُجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، ويأخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان»، مشيداً بـ«نجاح الوحدات في مختلف المهام، بما في ذلك حفظ الأمن ومراقبة الحدود وحمايتها في ظل التنسيق القائم مع السلطات السورية».


نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ووقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وأضاف عبر منصة «إكس»: «أكدنا خلال اجتماعنا في عمّان ضرورة أولوية وقف إطلاق النار في غزة والالتزام بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار والتقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وربط جهود تحقيق الاستقرار بأفق سياسي واضح لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين».

وشدد الجانبان على أن مستقبل قطاع غزة يجب أن يستند إلى وحدته وارتباطه بالضفة الغربية، وأن تتولى السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية القطاع وفق قرار مجلس الأمن رقم 2803.

وذكر نائب الرئيس الفلسطيني أنه ناقش مع الصفدي أيضاً «التدهور الخطير في الضفة الغربية المحتلة»، وأكدا ضرورة تكاتف كل الجهود الإقليمية والدولية «لوقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تدفع نحو تفجر الأوضاع وتقوض فرص تحقيق السلام العادل والدائم على أساس حل الدولتين».

في غضون ذلك، أدانت السلطة الفلسطينية، الثلاثاء، خطة إسرائيل لإنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، واصفة إياها بأنها «خطوة خطيرة» تهدف إلى «إحكام السيطرة الاستعمارية على الأرض الفلسطينية بأكملها».

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان إنّ هذه الخطة هي «امتداد مباشر لسياسات الأبارتهايد والاستيطان والضمّ، بما يقوّض حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ويدمّر أي أفق حقيقي للاستقرار».

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت الأحد موافقتها على إنشاء 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وهو إجراء تقول إنه يهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية».


لبنان: سلام يستبق لقاء ترمب - نتنياهو لإسقاط ذرائعه بتوسعة الحرب

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان: سلام يستبق لقاء ترمب - نتنياهو لإسقاط ذرائعه بتوسعة الحرب

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)

يترقب اللبنانيون، مع بدء التحضير لانطلاقة المرحلة الثانية من الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، والتي كشف عنها رئيس الحكومة نواف سلام لـ«الشرق الأوسط»، وتقع بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً والأولي شمالاً، رد فعل «حزب الله».

فهل يصرّ الحزب في تفسيره لوقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، على أن حصريته تبدأ وتنتهي في جنوب الليطاني، ولا تمتد إلى المناطق الأخرى حتى الحدود الدولية للبنان مع سوريا، أم أنه سيعيد النظر في موقفه؛ كون تنفيذ الخطة يأتي في سياق بسط سلطة الدولة على أراضيها كافة تطبيقاً للقرار 1701؟

التفسير الأحادي

فالتفسير الأحادي لـ«حزب الله» يتعارض كلياً مع تأييده تطبيق القرار 1701؛ لأن التزام لبنان بوقف الأعمال العدائية ليس محصوراً ببسط سلطة الدولة على جنوب الليطاني، وإلا لما نص الاتفاق على أن يبدأ من جنوبه ليشمل لاحقاً الأراضي اللبنانية كافة، لا سيما أن الاتفاق أتى على ذكر هذا القرار 7 مرات ومعطوفاً، كما يقول مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، على القرارات السابقة لمجلس الأمن، وتحديداً الـ1559 الذي ينص على نزع سلاح جميع الميليشيات، وعلى الـ1680 المتعلق بضبط الحدود اللبنانية - السورية لمكافحة التهريب، وترسيمها براً وبحراً.

الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

وسأل المصدر الوزاري عن الأسباب التي تكمن وراء إصرار الحزب على تفسيره للاتفاق، بخلاف الآخرين؟ مع أن ممثلَيه الوزيرَين علي حمية ومصطفى بيرم في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كانا أيداه ولم يسجلا اعتراضاً عليه، رغم أنه، أي ميقاتي، نأى بنفسه عن الدخول طرفاً في المفاوضات التي تولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالإنابة عن نفسه وبتفويض من الحزب، وقيل في حينه بأن الأخير يحتفظ بكلمة السر ولا يبوح بها إلا لـ«أخيه الأكبر»، على حد قول أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بينما يحجبها عن ميقاتي.

بري (يمين) يصافح هوكستين في بيروت خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية 2022 (رويترز)

ولفت إلى أن بري لم يتصرّف من تلقاء نفسه عندما توافق مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين على اتفاق لوقف النار بالتشاور مع الحزب لقطع الطريق على تفلته لاحقاً من الاتفاق.

وكشف عن أنه كلف معاونه السياسي النائب علي حسن خليل التواصل مع نظيره في الحزب حسين خليل، وكانت حصيلته تأييد «الثنائي الشيعي» للاتفاق. وقال إن الحزب كان أول من تسلم من «أخيه الأكبر» نسخة عنه، بالتلازم مع تبنّيه ورعايته من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

وتوقف أمام قول قاسم بأن حصرية السلاح تبدأ وتنتهي في جنوب النهر. وسأل، كيف يوفّق بين مشاركته في حكومة سلام بالوزيرين الطبيبين محمد حيدر وراكان نصر الدين والتي تبنّت خطاب القسم باحتكار الدولة السلاح وأدرجته في بيانها الوزاري، وبين تفلّته من تعهّده متهماً رئيسها بارتكاب خطيئة بموافقته على حصريته؟

محاكاة البيئة

ورأى المصدر أنه يتفهم خلفية الموقف الذي اتخذه قاسم في محاكاته لبيئته لإخراجها من الإرباك، لكن تمسكه باستراتيجية الصبر لن يقدّم أو يؤخر؛ لأن شراءه للوقت ليس في محله، ويرفع من منسوب الضغط بالنار الذي تتبعه إسرائيل، في حين يفتقد الحزب لمن يقف إلى جانبه سوى بري الذي لن يتركه وحيداً ويصرّ على استيعابه للإمساك بيده للانخراط في التسوية لتحرير الجنوب.

وأكد أن الحزب، وإن كان يطالب بعدم التسليم مجاناً بسيطرة الجيش على جنوب الليطاني من دون أي مقابل بإلزام إسرائيل بالقيام بخطوة في مقابل إخلائه جنوب النهر، يتفق مرحلياً، في هذا الخصوص، مع رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، وأيضاً مع الرئيس بري، لكنهما سرعان ما يفترقان مع الحزب على خلفية احتفاظه بسلاحه، كما قال قاسم، لو اطّبقت السماء على الأرض.

وأضاف أن عون يتّبع سياسة النفَس الطويل في حواره مع «حزب الله»، وإنما لبعض الوقت، في حال لم يؤدّ إلى إحداث تقدّم يوحي باستعداده لمراجعة حساباته وصولاً للوقوف فعلاً لا قولاً خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي.

جنود في الكتيبة الإيطالية بـ«يونيفيل» خلال مهمة مشتركة مع الجيش اللبناني (يونيفيل)

وقال إن حوار عون و«حزب الله» ممثلاً برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد لم ينقطع، وإن كان متقطعاً، لكنه لم يتطور إيجابياً ولا يزال محصوراً بتواصل المستشار الرئاسي العميد المتقاعد أندريه رحال برعد وفريقه المكلف الحوار.

سياسة الإنكار

وأكد أن قيادة الحزب توكل أمر التفاوض على سلاحها لإيران بدلاً من أن تُقدم على خطوة شجاعة بوضعه بعهدة الدولة لتقوية موقفها في المفاوضات التي ترعاها لجنة الـ«ميكانيزم»، وهذا ما يحتّم عليها مراعاتها المزاج الشيعي الذي يتوق لعودة النازحين إلى قراهم، بدلاً من اتباعه سياسة الإنكار لما حل به من خسائر لا تقدّر سياسياً ومادياً.

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد بالقصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

وقيل للمصدر بأن تفرّد سلام بالكشف عن التحضير للمرحلة الثانية قوبل برفض «صامت» من «حزب الله»، يُفترض أن يظهر للعلن، بذريعة أنه يبيع مواقف مجانية لواشنطن، وكان جوابه بأنه لم يحدد موعداً لانطلاقة هذه المرحلة وربط تحديده بتقييم مجلس الوزراء للإنجاز الذي حققه الجيش في جنوب النهر، بموازاة ما ستقرره الـ«ميكانيزم» في اجتماعها في السابع من الشهر المقبل.

التعهد الأميركي

ولفت إلى أن ما قاله سلام لا يشكّل تفرداً في موقفه، وإنما جاء انسجاماً مع الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتبنّتها الحكومة ومحصورة بتطبيق حصرية السلاح على مراحل، وبالتالي لا نية لديه لإلزام الحكومة بموقف من خارج بيانها الوزاري. وقال بأن الرؤساء على موقفهم بإلزام إسرائيل القيام بخطوة مماثلة لسيطرة الجيش على جنوب النهر، وهذا ما يضع الإدارة الأميركية أمام تعهدها بتطبيق تلازم الخطوات قبل أن تتراجع عنه بذريعة عدم تجاوب إسرائيل.

واستبعد اتهام سلام بحرق المراحل. وقال بأنه اختار الوقت المناسب لإعلام المعنيين دولياً وإقليمياً بضرورة أن ينعم لبنان بالاستقرار، وأن الحكومة ملتزمة بحصرية السلاح ولن تتراجع عنها، ولا بد من تنفيذها، متمنياً على «حزب الله» إعادة النظر في سلوكه لإسقاط ما تتذرع به إسرائيل، وإن كانت ليست في حاجة إلى الذرائع لتواصل خروقها.

التوقيت المناسب

وأكد المصدر أن سلام اختار التوقيت المناسب لتمرير رسالة الحكومة، وأن لا مشكلة بينه وبين عون. وقال بأنه أراد من توقيته أن يحاكي الرئيس دونالد ترمب استباقاً لاستقباله رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في 29 الحالي؛ لعله يضغط لضبط أدائه ولجم تهديده بتوسعة الحرب، ما دام أنه صامد على التزامه باستكمال تطبيقه لحصرية السلاح. ورأى أنها تتلازم مع استعداده للانتقال للمرحلة الثانية من خطة الجيش، وهو يراهن على حث أصدقاء لبنان للتدخل لدى ترمب لإلزام نتنياهو القيام بخطوة، في مقابل صمود عون والحكومة أمام تعهدهما بحصريته.

كما أن توقيت سلام، حسب المصدر، يأتي في سياق تمرير رسالة للدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري لدعم الجيش الذي استضافته باريس بإصرار حكومته على تطبيق حصرية السلاح بما يتيح للبنان تحديد مكان وزمان انعقاده بعد أن تبنّت عقده في شباط (فبراير) المقبل، من دون أن يعفي «حزب الله» من مسؤوليته بتسهيل تطبيق حصريته، وأن تحفّظه يبقى تحت سقف تسجيل موقف لاسترضاء بيئته بتكرار قوله باستعادته لقدراته العسكرية، على أن يمتنع حتى إشعار آخر عن استخدامها في ظل الخلل في ميزان القوى. وإلا ما هو تفسير قاسم بطمأنته للمستوطنات في شمال فلسطين بأن لا خطر عليهم؟ وما المانع من أن تنسحب طمأنته على اللبنانيين الذين هم بأمس الحاجة لعودة الاستقرار إلى بلدهم من بوابة الجنوب؟