قرار الكنيست «ضم» الضفة الغربية هو الرد الإسرائيلي على مؤتمر نيويورك

التيار اليميني الحاكم يريد التهرب من مستلزمات الانفراج والسلام

الكنيست الإسرائيلي (رويترز)
الكنيست الإسرائيلي (رويترز)
TT

قرار الكنيست «ضم» الضفة الغربية هو الرد الإسرائيلي على مؤتمر نيويورك

الكنيست الإسرائيلي (رويترز)
الكنيست الإسرائيلي (رويترز)

القرار الذي صادق عليه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، مساء الأربعاء، وفيه يدعو الحكومة إلى «فرض السيادة الإسرائيلية على جميع أنحاء الضفة الغربية، بما يشمل غور الأردن»، أثار وبحق تساؤلات عن شكله ومضمونه وسبب توقيته في هذه الأيام. والإجابات تصب في نقطة تركيز واحدة: إنه الرد الإسرائيلي غير الرسمي، ولكن الواضح جداً على مؤتمر نيويورك، الذي سيلتئم في الأسبوع المقبل بمبادرة وقيادة فرنسا والمملكة العربية السعودية.

رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بولي إدلشتاين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست (أرشيفية - إكس)

فهذا المؤتمر جاء «حاجة ملحة إلى عمل حاسم ولا رجعة فيه، لإنهاء الصراع وتحقيق حل الدولتين»، كما أكدت رئيسة الفريق التفاوضي للمملكة العربية السعودية في وزارة الخارجية، المستشارة منال بنت حسن رضوان، خلال اجتماع اللجنة التحضيرية في مايو (أيار) الماضي، مؤكدة ضرورة أن يسفر المؤتمر عن نتائج ملموسة بدلاً من مجرد الإيماءات الرمزية. وقالت: «يبدأ السلام الإقليمي بالاعتراف بدولة فلسطين، ليس كبادرة رمزية، بل ضرورة استراتيجية، لتكون بداية النهاية للصراع».

ووفقاً للمذكرة التوضيحية الصادرة عن الجهات المنظمة، يهدف المؤتمر إلى «حشد الزخم من خلال البناء على المبادرات الوطنية والإقليمية والدولية، واعتماد تدابير ملموسة لتعزيز احترام القانون الدولي ودفع سلام عادل ودائم وشامل يضمن الأمن للجميع والتكامل الإقليمي. وسيُشكل المؤتمر منصة لإعادة تأكيد الدعم الدولي لحل الدولتين، والأهم من ذلك، التخطيط والتنسيق لتنفيذ هذا الحل. والهدف الأسمى هو المساعدة على إنهاء الاحتلال، وتجسيد قيام دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة، التي تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعية مدريد ومبادرة السلام العربية».

وقالت وكيلة الأمين العام لـ«الشؤون السياسية وبناء السلام»، روز ماري ديكارلو، إن السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط: «لا يمكن أن يتحقق دون الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هذه ليست قضية هامشية أو يمكن تأجيلها إلى أجل غير مسمى. إنها القضية الأقدم على أجندة الأمم المتحدة للسلم والأمن».

زعيم المعارضة يائير لبيد متحدثاً في صورة نشرها الكنيست بحسابه في «إكس»

وأضافت أن هذه القضية «تقع في قلب الاستقرار الإقليمي وتمتد آثارها إلى أبعد من منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تقوض آفاق التنمية وحقوق الإنسان وتغذي الحلقة المأساوية للاستياء والعنف».

واستشهدت بما قاله الأمين العام أمام مجلس الأمن، عن «خطر تلاشي وعد حل الدولتين إلى حد الاختفاء». وأكدت عدم وجود طرق مختصرة أو بدائل عن حل الدولتين المتفاوض عليه الذي يفضي إلى دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة القادرة على البقاء، التي تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع دولة إسرائيل».

ودعت إلى إعادة التأكيد على «أن الشعبين (الفلسطيني والإسرائيلي) لهما الحق في العيش في سلام وأمن وكرامة، وأن الأمن لا يمكن أن يُفرض بالوسائل العسكرية». وقالت: «الاحتلال المترسخ وتوسيع المستوطنات غير القانونية والعنف ضد المدنيين، والأزمة الإنسانية المتنامية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ليست فقط أموراً لا يمكن الدفاع عنها أخلاقياً، ولكنها (أيضاً) لا يمكن أن تستمر سياسياً».

لكن هذا المنطق يبدو متناقضاً تماماً لفكر الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي تتمسك بمبدأ تصفية القضية الفلسطينية حتى لو بقيت إسرائيل تعيش على الحراب إلى الأبد، كما «يبشر» رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.

فهذه الحكومة بادرت إلى قرار بأكثرية 90 نائباً من مجموع 120، في مثل هذه الأيام من السنة الماضية. والمفترض أن لديها قاعدة قانونية إسرائيلية لرفض قيام الدولة الفلسطينية. لكنها ارتأت أن يتخذ الكنيست قراراً جديداً الآن، قبل أسبوع من مؤتمر نيويورك، ضمن العداء لفكرة الدولة الفلسطينية.

وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير خلال جلسة الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

ومع أن الكنيست كان يستطيع اتخاذ قرار ملزم للحكومة، أو سن قانون ينص على ضم الضفة الغربية، فإنه امتنع عن ذلك. واتخذ قراراً يدعو الحكومة إلى «اتخاذ قرار بالضم»... ولوحظ أن جميع الوزراء، وكذلك نتنياهو، صوتوا إلى جانب هذا القرار، الموجه إليهم لتنفيذ الضم. والسبب في مجيء القرار على هذا النحو، هو إبقاء الضم مفتوحاً، تهديداً لمن يفكر في اتخاذ «قرارات أحادية الجانب» في الضفة الغربية.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، ووزراء آخرون، قد طالبوا بإلغاء مؤتمر نيويورك، وهددوا بالرد «على كل قرار يمس بإسرائيل»، وجباية الثمن من الفلسطينيين، مثل ضم مناطق في الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.

لكن، ليس صدفة، أن قرار الكنيست الجديد لم يستقطب 90 نائباً، بل 71 هم نواب الائتلاف، ومعهم حزب أفيغدور ليبرمان المعارض. ففي المعارضة لم يعودوا يفرحون لمثل هذه القرارات، التي تؤدي بالتالي إلى عزلة إسرائيل أكثر مما هي معزولة. ورئيس المعارضة، يائير لبيد، الذي صوت ضد هذا القرار، يطلق في الشهور الأخيرة تصريحات ناضجة حول تأييده خيار التسوية الإقليمية، التي تحل بموجبها قضية الصراع مع الفلسطينيين. صحيح أنه لا يتحدث عن دولة، ويستخدم تعبيراً مريحاً أكثر (الانفصال عن الفلسطينيين)، إلا أن الجميع يعرفون ما الذي يقصده في هذا الانفصال.

نتنياهو وبن غفير في الكنيست (رويترز)

والصحيح أن إسرائيل تشهد مخاضاً هذه الأيام، بعد أن تصاعدت أزمتها الداخلية وتفاقمت. فالتيار الحاكم يريد التهرب من مستلزمات الانفراج والسلام. ولكن في مقابله يوجد تيار آخر يفكر بطريقة معاكسة، ويصغي جيداً للرسائل المقبلة من العالم العربي.

وفرنسا والسعودية وكل السياسيين في المنطقة، يدركون أن الحكومة الحالية ليست عنواناً للسلام، إلا إذا وظف الرئيس الأميركي دونالد ترمب كل قوته لإقناعها. لكن هذا المؤتمر هو بداية مسار لتسوية الصراع الإسرائيلي العربي برمته. وقادته خططوا لإطلاقه وهم مدركون أن حكومة نتنياهو الحالية، ليست العنوان، وأنهم على الطريق في هذا المسار سيصطدمون بقرارات وعثرات جمة، يضعها أعداء السلام على اختلاف هوياتهم. ولهذا فقد بنوه مساراً له بداية وفيه استمرارية تحتاج إلى صبر وحنكة وحكمة.


مقالات ذات صلة

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

العالم العربي مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979.

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)

هل قلصت مصر وجودها العسكري في سيناء إثر ضغوط إسرائيلية؟

أكد مصدر مصري مُطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات المصرية في سيناء موجودة من أجل حفظ الأمن القومي المصري، وهو أمر لا تقبل فيه القاهرة مساومة أو إغراءً».

هشام المياني (القاهرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
رياضة عالمية جماهير مكابي أثارت تصرفات عنصرية في مباراة شتوتغارت (رويترز)

عقوبة أوروبية على جماهير مكابي الإسرائيلي بسبب «هتافات معادية للعرب»

فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، عقوبة منع حضور جماهير نادي مكابي تل أبيب لمباراة واحدة خارج أرضه، وذلك بسبب هتافات عنصرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية جانب من مباحثات قائد القوات البرية التركي متين توكال ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في دمشق 11 ديسمبر (الدفاع التركية)

تركيا: لا خيار أمام «قسد» سوى تنفيذ اتفاق الاندماج بالجيش السوري

أكدت تركيا أن لا خيار أمام «قسد» سوى الاندماج بالجيش السوري وفق اتفاق 10 مارس (آذار)، واتهمت إسرائيل بتشجيعها على عدم تنفيذ الاتفاق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.


إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
TT

إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

قالَ السفير الإيراني لدى العراق، كاظم آل صادق، إنَّ طهران تتطلَّع إلى تشكيل حكومة عراقية مقبلة تراعي مصالح بلدها وإيران معاً، مؤكّداً أنَّ الفصائل العراقية قرَّرت بنفسها طرحَ مبادرة حصر السلاح بيد الدولة، ولديها مخاوفُ من تداعيات الخطوة.

ونفى آل صادق، أمس (الجمعة)، أن تكون تلك الفصائل «وكيلة» لإيران، عادّاً هذا الوصف إهانة لها، ومشدداً على أنَّها باتت تتخذ قراراتها بصورة مستقلة، على حدّ تعبيره.

ولا تزال إيران تمتلك مستحقاتٍ مالية في مصارفَ عراقية لا تستطيع سحبَها بالكامل بسبب قيود العقوبات الأميركية، وفق كلام السفير الذي أكَّد أنَّ طهران تمكَّنت خلال حكومة محمد شياع السوداني من الحصول على «أكبر كمية» من أموالها مقارنة بالحكومات السابقة.

وانتقد آل صادق الدور الأميركي في العراق، مؤكّداً دعمَ بلاده لاستقرار العراق وتعزيز علاقاته الإقليمية.


تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.