قلب الفنان جوزيف عطية معادلة البداية والنهاية رأساً على عقب في حفله الغنائي ضمن مهرجان «أعياد بيروت». بدايته كانت تُشبه ختام هذا النوع من الأمسيات؛ فبدلاً من أن يكون مشهد وقوف الجمهور والتصفيق الحار في ختام السهرة، شكّل هذا المشهد افتتاحها. وما إن صدح صوته وهو يشق طريقه بين مقاعد الحضور من الخلف، حتى وقف الناس يصرخون باسمه، وبقوا على هذا المنوال للحظات طويلة، معبّرين عن حماسهم للقائه.

زحف جمهور عريض بالآلاف من العاصمة ومدينة الفنان الأم، البترون. وعندما توجّه إليهم ملقياً التحية، سألهم عما إذا كانوا يتذكرون أولى أغانيه، وقال: «كنت يومها يافعاً في بداية مشواري، وكان عمري 18 عاماً»، فصرخ الحضور: «لا تروحي»، ليستهلّ بها حفله في مهرجان «أعياد بيروت»، الذي يشارك فيه للسنة الثانية على التوالي.
تواصل عطية طيلة الوقت مع جمهوره، مستعيراً من بيروت اسماً له، فكان كلّما رغب في أن يشاركوه أداء أغنية، يتوجه إليهم بالقول: «يللا بيروت».
وبالفعل، كان الحضور يشبه العاصمة بنبضه وتفاعله مع عطية، متعطشاً للفرح، ومقاوماً بعمره الفتي، يردد كلمات أغانيه الجديدة والقديمة. وبدا جوزيف عطية سعيداً بلقاء جمهور متنوع تعتز به إدارة المهرجان، الذي تنظمه الشركات الثلاث: «ستار سيستم»، و«غات»، و«تويو تو سي».
وعندما سألت «الشرق الأوسط» مجموعة من الحضور عن المدينة التي جاءوا منها، صرخوا بحماس: «مش مبيّن علينا؟ نحن من جبيل والبترون، نلحق بعطية إلى آخر الدنيا لأنه ابن مناطقنا ونحبّه كثيراً».
لوّن عطية حفله بأغنيات قديمة بنى عليها شهرته، مثل: «حبيت عيونك»، و«البغددة»، و«تعب الشوق»، وغيرها من ريبرتواره القديم، كما انتقى مجموعة من ألبومه الحديث «فكل مكان». وتفاعل الحضور مع «سلام»، و«جمالا»، و«ألف شخص»، وقدّم للمرة الأولى على المسرح أغنيته الجديدة «ولا ممكن».
وفي حين رافقته الفرقة الموسيقية في معظم أغنياته، اختار أن يعزف «دوّر بقلوب الناس» وحده على البيانو، فكانت لحظات رومانسية سطعت خلالها أضواء الهواتف المحمولة التي رفعها الحضور عالياً. كما واكبته فرقة راقصة في أكثر من لوحة غنائية، أضفت على الحفل مشهديّة بصرية جميلة.

تعاطى عطية مع جمهوره أكثر من مرة من خلال النكتة الظريفة وخفة الظل، ومن بينها تلك التي ذكّر فيها بفضيحة حفل «كولدبلاي» في أميركا، والتي نتج عنها استقالة رئيس مجلس إدارة شركة أميركية من منصبه بسبب مقطع فيديو انتشر له وهو يعانق موظفة خلال الحفل. فسأل عطية مازحاً: «هل هناك من رئيس مجلس إدارة بين الحضور؟ هل نوجّه الكاميرات نحو الجمهور أم لا؟».
وخصّص عطية في حفله مساحة للفولكلور اللبناني، فقدم مجموعة من أغنيات العتابا والميجانا، واختتمها بـ«عالعين موليتين». وتحلّق الجمهور حول المسرح خلالها يرقص الدبكة اللبنانية، ثم ألحق هذه الوصلة بأغنيته «بوّستك عا خديداتك»، لتشتعل أجواء الحفل حماساً.
لم يتعب جمهور عطية طيلة السهرة من الغناء والتفاعل مع أغنياته، وكان في كل مرة يناديهم عطية بـ«يللا بيروت»، فتتفجّر طاقاتهم الشبابية أكثر فأكثر طرباً لصوت فنانهم الأحبّ.
وبعد تقديمه «تعب الشوق»، التي أظهرت إمكانيات عطية الصوتية بشكل واضح، وُزِّعت الأعلام اللبنانية على الحضور، في إشارة إلى اقتراب أدائه لأغنية «لبنان رح يرجع والحق ما بموت».








