جدت مشاعر المعجبات «الفائرة» بحفل الفنان اللبناني راغب علامة بالساحل الشمالي المصري الجدل بشأن أزمات مماثلة تعرض لها مطربون مصريون وعرب بمصر، وذلك بعد تصدر اسم الفنان اللبناني قائمة الأكثر بحثاً بموقع «غوغل» وتداول صور وفيديو من حفله تظهر فتيات يصعدن إليه للمسرح لتبادل الرقصات معه واحتضانه وتقبيله.
وإثر انتشار مقاطع فيديو فتيات حفل راغب علامة على نطاق واسع، قررت نقابة الموسيقيين المصرية منع المطرب اللبناني من الغناء في مصر لحين التحقيق معه في فيديوهات احتضانه وتقبيله من قبل الفتيات ووصف الواقعة بـ«المسيئة لقيم المجتمع المصري» بحسب نقابة المهن الموسيقية. قبل أن يتواصل علامة سريعاً مع النقيب المصري مصطفى كامل ليوضح له طبيعة ما حدث، ما يمهد لتجاوز الأزمة.
ويحمّل نقاد ومتابعون الجهات المنظمة للحفلات الغنائية المسؤولية عن تكرار مثل هذه الوقائع.
وأعادت واقعة علامة الجدل مجدداً بشأن هذه الوقائع التي سبق أن تعرض لها عدد من المطربين من بينهم كاظم الساهر، وتامر حسني، وماجد المهندس، وعمرو دياب، ومحمد منير.
وقبل عامين تعرض الساهر لموقف غريب بعد مباغتته من قبل فتاة جرت نحوه لتعانقه وأثارت الواقعة جدلاً كبيراً، لا سيما بعد ردة فعل الساهر الذي أبدى انزعاجه من الأمر.
وخلال حفلها في بيروت عام 2024، صعد أحد المعجبين إلى المسرح لاحتضان إليسا والتقاط صورة معها.

وفي شهر مايو (أيار) الماضي، تعرض تامر حسني لموقف محرج من إحدى المعجبات بعد أن طلبت منه التقاط صورة تذكارية معه، لتفاجئه بعدها بقُبلة على خده وأثار ذلك الفيديو جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويرى الكاتب والناقد الفني المصري طارق الشناوي أن «إلقاء اللوم على المطرب أو الجمهور لا يصح، لأن الجهة المنظمة هي المنوطة بالأمر»، لافتاً إلى أن «ما يحدث في الحفلات الغنائية في مصر أمر متعارف عليه في العالم كله وبأشكال مختلفة، وأن التسلل يحدث رغم الترتيبات الأمنية المسبقة».
وذكر الشناوي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن أم كلثوم سقطت أرضاً بسبب معجب قبّل قدمها، وعبد الحليم حافظ قبلته «غنوة الموجي»، بحفل شهير، وعندما استشعر رد فعل الجمهور عقب تصفيقهم، خاطبهم بالقول إنها ابنة الملحن محمد الموجي.
وأكد الشناوي «أن ما نراه بالحفلات لا يستحق التوقف عنده، ولا الضجة الكبيرة التي تحدث عقب انتهائه، فالتعبير عن المشاعر الفياضة مسؤولية المعجب وليس الفنان».

وتتفاوت أشكال التعبير عن إعجاب الفتيات بالمطربين في الحفلات، فبينما كان يتم الاكتفاء بإرسال الورود والدمى في كثير من الحفلات القديمة في مصر، فإن الأمر تطور إلى الصعود إلى المسرح واحتضان المطربين وتقبيلهم وسط ردود فعل متباينة من المطربين الذي يسعى بعضهم لصد المعجبات فيما يجاري آخرون الأمر لعدم التأثير على الحفل.
ولعل الفنان العراقي كاظم الساهر من بين أشهر المطربين الذين كانوا يتعرضون لوقائع «الإعجاب» في حفلاته بأوائل الألفية الجديدة بمصر، لدرجة أن هتاف الفتيات «بحبك يا كاظم» بات أمراً اعتيادياً في كل حفلاته بمصر. بجانب إلقاء الكثير من الدمى والورود.
الكاتب والناقد الفني اللبناني جمال فياض، «يرى أن الفنان لا يمكن أن يؤدي حفلاً جميلاً ومميزاً إلا إذا لاحظ انفعالات الجمهور، وكبار فنانينا تعرضوا لهجوم المعجبين والمعجبات على المسرح من أجل حضن أو قبلة».
وأضاف فياض لـ«الشرق الأوسط»: «شاهدنا في حفلات عمرو دياب، وراغب علامة، وتامر حسني، وكاظم الساهر، أمثلة كثيرة، لمشاعر المعجبات الفائرة ليس فقط بالأحضان والقبلات، ولكن بالبكاء أحياناً لتأثرهم الشديد برؤية نجومهم المحبوبين».
ويؤكد فياض أن «كل ما يجري على المسرح طبيعي، لأن الفنان عادة لا يقدم أفضل ما عنده إلا إذا سمع كلام الاستحسان والثناء من الجمهور، وخصوصاً من جيل الشباب»، لافتاً إلى أن «مسؤولية الحفل تقع على عاتق الأمن، ومتعهد الحفل، ويجب ألا نعطي الأمور أكثر من حجمها الطبيعي.
وكشف فياض عن أنه فوجئ بوجود «مثالية» أكثر من اللازم في هذا الجدل، موضحاً أن تعبير المعجبات عن مشاعرهن الفياضة يكون في حفلة ترفيهية، رغم التعبير المبالغ فيه أحياناً. وفق قوله.
الكاتب والناقد الفني المصري أحمد السماحي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يحدث للمطربين على خشبة المسرح، وفي الفعاليات العامة موجود من قديم الأزل، لافتاً إلى أن «موسيقار الأجيال»، محمد عبد الوهاب كان «معشوق النساء»، وعندما كان يظهر في مكان ما كُن يلتففن حوله بكثافة.

ونوّه السماحي بـ«أن الفنان الذي يتمتع بالوسامة والكاريزما، يكون محط أنظار المعجبات والجميلات، وما حدث في حفل راغب، ويحدث مع غيره من المطربين شيء طبيعي، موضحاً أن المشاعر (الفائرة) لبعض المعجبات ومهاويس المطربين تضعهم في أزمة لا ذنب لهم فيها».
ووفق السماحي فإن مشاعر المعجبات التي وصفها بـ«الطائشة»، تختلف باختلاف الزمن، فقد قربت «السوشيال ميديا» الناس من الفنانين، عكس العقود الماضية التي كان يهاب فيها المعجب الاقتراب من نجمه المفضل، ولو اقترب يكن بحرص وحذر، إلا ما ندر.



