تبون: عبّرنا للروس عن قلقنا من حضورهم العسكري قرب حدودنا

تقرير يوصي الحكومة الأميركية بتعزيز التعاون مع الجزائر في 3 مجالات

الرئيس الجزائري خلال المقابلة الصحافية في الجزائر مساء الجمعة (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري خلال المقابلة الصحافية في الجزائر مساء الجمعة (الرئاسة الجزائرية)
TT

تبون: عبّرنا للروس عن قلقنا من حضورهم العسكري قرب حدودنا

الرئيس الجزائري خلال المقابلة الصحافية في الجزائر مساء الجمعة (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري خلال المقابلة الصحافية في الجزائر مساء الجمعة (الرئاسة الجزائرية)

كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، للمرة الأولى، أنه عبّر للروس خلال لقاء جمعهم بهم عن قلق الجزائر من الحضور العسكري الروسي قرب الحدود الجنوبية للبلاد، ولا سيما مالي والنيجر. كما هوّن الرئيس تبون من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض ضريبة بنسبة 30 في المائة على المنتجات الجزائرية المصدّرة إلى الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، أوصى تقرير بحثي الحكومة الأميركية بتعزيز التعاون مع الجزائر في 3 مجالات.

وكان الرئيس تبون يتحدث خلال مقابلة مع وسائل إعلام عمومية، بثّها التلفزيون الرسمي أخيراً، عندما تطرّق إلى مسألة الضريبة الأميركية التي تم تبليغ الجزائر بها في 9 يوليو (تموز) الحالي، في أول ردّ فعل رسمي من الحكومة الجزائرية على هذا القرار.

الرئيس الجزائري خلال استقباله مسؤول شركة «إكسون موبايل» الأميركية في الجزائر يوم 25 يونيو 2025 (الرئاسة الجزائرية)

«قرار سيادي»

وقال تبون: «إنه قرار سيادي... حتى لو تم رفع النسبة إلى 50 في المائة، فهذا شأن يخصّه (الرئيس ترمب). حتى أنا حرّ في الطريقة التي ستتعامل بها جمارك بلادي»، في إشارة تُفهم على أن الجزائر قد تُقدِم على رفع الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية المستوردة، ردّاً على خطوة ترمب.

وسُئل تبون عما إذا كان ذلك يثير قلق بلاده، فردّ قائلاً: «كان سيكون الأمر مقلقاً لو أن التجارة مع الولايات المتحدة تمثل 40 في المائة من تجارتنا الخارجية، لكن الواقع أنها لا تتجاوز 0.5 في المائة، فلماذا أزجّ نفسي في أمر لا يعنيني؟».

وتسلّمت الحكومة الجزائرية رسالة من ترمب، تتضمن قراره برفع الضريبة إلى 30 في المائة، مؤكداً فيها أن الإجراء يشمل الصادرات الجزائرية غير النفطية، بعدما كانت خاضعة لمعدل ضريبة 18.9 في المائة سابقاً. وأعلن أن القرار سيدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من الأول من أغسطس (آب) 2025، ما وضع الجزائر أمام موقف دقيق، إذ إن أي إجراء مماثل من جانبها قد يُقابَل تلقائياً بمزيد من التصعيد في الرسوم الأميركية.

وشدّد الرئيس الأميركي في رسالته على أنه «إذا قررتم لأي سبب كان، رفع رسومكم الجمركية، فسيتم إضافة النسبة التي تختارونها إلى نسبة 30 في المائة التي نفرضها. يُرجى تفهّم أن هذه الرسوم ضرورية لتصحيح سنوات طويلة من السياسات الجمركية وغير الجمركية، والحواجز التجارية الجزائرية، التي تسببت في عجز تجاري غير مستدام ضد الولايات المتحدة». وأوضح أن هذا العجز «يشكل تهديداً خطيراً ليس لاقتصادنا فقط، بل لأمننا القومي أيضاً».

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

قلق من الحضور الروسي قرب الحدود

من جهة أخرى، تحدث الرئيس تبون في المقابلة الصحافية، عن الوضع في مالي والعلاقات مع الجزائر، في سياق تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل. وتطرق إلى موقف الجزائر من وجود المرتزقة الروس على حدودها، في إشارة إلى مجموعة «فاغنر» التي غادرت مالي في يونيو (حزيران) الماضي، بعد فترة امتدت 4 سنوات. وتم إبدال هذه المجموعة، التي عرفت بأساليبها العنيفة، بـ«فيلق أفريقيا»، وهي قوة شبه عسكرية أخرى تخضع لسيطرة موسكو. وقد شكّل وجود المسلحين التابعين لموسكو مصدر قلق دائم للجزائر، حيث كشف الرئيس تبون أنه عبّر عن هذا الانزعاج صراحة للجانب الروسي، من دون أن يُوضح لمن نقل هذا الموقف، ولا متى تم ذلك.

الرئيسان الروسي والجزائري خلال لقائهما في موسكو في 15 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

وتفيد مصادر مطلعة بأن هذه المسألة طُرحت خلال زيارة الرئيس تبون إلى روسيا في يونيو 2024، وتحديداً أثناء محادثاته مع الرئيس فلاديمير بوتين في قصر الكرملين. ولم تكشف المصادر ذاتها عن ردّ الرئيس الروسي على هذا الطرح.

في سياق ذي صلة، أكّد «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، في تقرير حديث رفع إلى صناع القرار الأميركيين، أن الجزائر «دولة محورية في أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، وتمثل شريكاً استراتيجياً محتملاً للولايات المتحدة، خاصة في ظل الاضطرابات الإقليمية، ولا سيما منطقة الساحل» الأفريقي. وأوصى التقرير الحكومة الأميركية بتبني نهج «أكثر تنظيماً واستدامة في تعاملها مع الجزائر، لمواجهة تصاعد نفوذ الصين وروسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى معالجة حالة عدم الاستقرار في الساحل».

واعتمد المعهد على مصادر علنية ومقابلات مع مسؤولين جزائريين وأميركيين، في صياغة التقرير، حيث جاء فيه أنه «لا يسعى إلى التنبؤ بالمستقبل، بل يهدف إلى تقديم مسارات تساعد واشنطن في تحديد خياراتها الاستراتيجية مع الجزائر».

وبهذا الخصوص، يدعو التقرير إلى إعادة تشكيل العلاقة الثنائية بين البلدين، التي اتسمت حتى الآن بالمقاربة الأمنية المؤقتة، ويطبعها أيضاً التزام الجزائر بعقيدة عدم الانحياز منذ الاستقلال. وبحسب سابينا هينيبيرغ، المتخصصة في شؤون شمال أفريقيا، الباحثة المشاركة في المعهد ومؤلفة التقرير، فإن الجزائر تمثل في الوقت ذاته «شريكاً لا غنى عنه وتحدياً معقداً». وترى أن على واشنطن التركيز على 5 محاور رئيسية في علاقاتها مع الجزائر؛ الأمن والطاقة والاقتصاد والثقافة والدبلوماسية.

محاور للتعاون بين الجزائر وواشنطن

وفي ظل انسحاب الولايات المتحدة وفرنسا من منطقة الساحل، يشدد التقرير على الدور الذي يمكن أن تضطلع به الجزائر في استقرار هذه المنطقة المتضررة من الإرهاب. ويوصي بموجب مذكرة الدفاع الموقعة بين البلدين مطلع 2025، بتعزيز الحوار الاستراتيجي في مجالات الاستخبارات والحدود والتدريب.

في الجانب الاقتصادي، وبما أن الجزائر تسعى للتخلص من تبعيتها للمحروقات، يشجع المعهد الحكومة الأميركية على الاستثمار في الصناعات الزراعية والتعدين والصحة، والطاقة المتجددة. ويضرب مثالاً رمزياً بتصدير أبقار من تكساس إلى الجزائر كدليل على أن «الالتزام الصبور يمكن أن يُثمر، رغم البطء البيروقراطي».

ويتناول التقرير أيضاً نقاط القوة والضعف و«التناقضات في الوضع الجزائري». فمن نقاط القوة، حسبه، جيشها ذو الخبرة، وشبابها النشط، وثقلها الدبلوماسي في أفريقيا، ومواردها الطاقوية. أما نقاط الضعف فتتمثل في تبعيتها للنفط (90 في المائة من الصادرات) والجفاف والبيئة الجامدة في قطاع الأعمال. ومن «التناقضات» التي يشير إليها التقرير «بطء بعض الإصلاحات والدعم الضخم للطاقة، وانعدام الثقة في الاستثمار الأجنبي رغم تعديل القوانين لتيسيره». ويبرز التقرير أن «بيئة الأعمال ما زالت معقدة، تعيقها البيروقراطية، والضبابية القانونية».


مقالات ذات صلة

الجزائر: صنصال يعلن عودته «بعد أسبوع» وسط انفراجة في العلاقات مع فرنسا

شمال افريقيا لقطة بالهاتف من لقاء تلفزيوني مع الكاتب بوعلام صنصال بعد إطلاق سراحه

الجزائر: صنصال يعلن عودته «بعد أسبوع» وسط انفراجة في العلاقات مع فرنسا

أعلن الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال، المفرج عنه حديثاً من السجن، الذي كان محور توترات بين البلدين، عن نيته العودة إلى الجزائر الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في قمة السيادة الرقمية الأوروبية في برلين ألمانيا 18 نوفمبر 2025 (أ.ب)

ماكرون: جاهز للحوار مع الرئيس الجزائري حول العلاقات بين بلدينا

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الثلاثاء)، إنه جاهز للحوار مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن العلاقات المتوترة بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا عناصر الحماية المدنية الجزائرية خلال مكافحة حريق في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة (الحماية المدنية الجزائرية عبر «فيسبوك»)

رئيس الجزائر يأمر بفتح تحقيق لكشف أسباب اندلاع حرائق كبيرة مؤخراً

أمر رئيس الجزائر عبد المجيد تبّون، بفتح تحقيق بعد حرائق كبيرة شهدتها البلاد في الأيام الأخيرة، اعتبرت غير اعتيادية لشهر نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر وفرنسا اتفقتا سرَاً على أن تؤدي ألمانيا دوراً في الإفراج عن الكاتب صنصال (الشرق الأوسط)

الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال يحدِث انقساماً حاداً في الجزائر

رحَّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة سيباستيان لوكورنو بالخطوة، وعدَّا أنها تعكس «بعداً إنسانياً إيجابياً»...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يلقي خطاباً في وزارة الدفاع 9 أكتوبر الماضي (الرئاسة)

المعارضة و«الموالاة» بالجزائر يلتقيان في السعي للعودة إلى صناديق الاقتراع

يسعى الفاعلون السياسيون بالجزائر لإقناع المواطنين بالعودة إلى صناديق الاقتراع بعد أن كان العزوف السمة الغالبة في جميع الاستحقاقات منذ انتخابات الرئاسة 2019.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

رفضت مصر إعلان الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة. كما عبّرت عن رفضها «أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية».

وجاء الموقف المصري في اتصالات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الجمعة، مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزراء «الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته»، إلى جانب «دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية».

الرفض المصري المدعوم بمواقف دول أخرى، جاء بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، اعتراف إسرائيل رسمياً بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة ذات سيادة، وهي أول دولة تعترف بـ«الإقليم الانفصالي» في الصومال دولة مستقلة.

وقال بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، الجمعة، إن الوزير عبد العاطي تلقى اتصالات من نظرائه: الصومالي عبد السلام عبدي، والتركي هاكان فيدان، والجيبوتي عبد القادر حسين عمر، وشددوا على «الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل»، إلى جانب «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، يعتقد أن دعم إسرائيل «أرض الصومال» «سيفتح الباب لدول أخرى للاعتراف بهذا الإقليم». ورجح أن «تلجأ إثيوبيا إلى تفعيل اتفاقها مع (أرض الصومال)، للحصول على منفذ بحري لها، مقابل الاعتراف الرسمي به دولة».

وسيؤثر الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» استراتيجياً على مصالح الدولة المصرية في جنوب البحر الأحمر، وفق حليمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود إسرائيل في هذه المنطقة سيعني حصولها على موضع قدم في جنوب البحر الأحمر وشماله في إيلات»، مشيراً إلى أن هذا التحرك «سيلقى معارضة شديدة من الدول العربية والأفريقية؛ لأن من مبادئ الاتحاد الأفريقي احترام حدود الدول وعدم المساس بها».

وسبق أن عارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع «إقليم أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي بعد توقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» في القاهرة يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

وأكد عبد العاطي، الجمعة، أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول «سابقة خطيرة، وتهديد للسلم والأمن الدوليين ولمبادئ القانون الدولي»، وقال إن «احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول يمثّل ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي».

كما شدد على «الرفض القاطع لأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه»، وقال إن «هذا المخطط ترفضه الغالبية العظمى لدول العالم بشكل قاطع».

ولن يغيّر الاعتراف الإسرائيلي الوضعية القانونية لـ«إقليم أرض الصومال» بعدّه جزءاً من أرض الصومال، وفق عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عصام هلال، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما اتخذته إسرائيل خطوة أحادية تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي».

ويرى هلال أن الدعم الإسرائيلي للإقليم الصومالي «يعدّ تحولاً دبلوماسياً، سينعكس على توازن القوى في منطقة القرن الأفريقي». وأكد ضرورة «تكثيف الجهود الدبلوماسية لحماية الأمن والاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة».

ودائماً ما تؤكد مصر أن «أمن البحر الأحمر قاصر فقط على الدول المتشاطئة وليس مقبولاً أي وجود عسكري به»، وتكررت هذه التصريحات بعد أن أعلنت إثيوبيا طموحها لإيجاد منفذ بحري على ساحل البحر الأحمر.

و«إقليم أرض الصومال»، الذي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، يحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، ولا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

ووقّع نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ورئيس «إقليم أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله، إعلاناً مشتركاً، وقال إن «إسرائيل تخطط لتوسيع علاقاتها مع الإقليم من خلال تعاون واسع في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد».


إدريس: مستعدون للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)
TT

إدريس: مستعدون للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)

أكد رئيس الحكومة السودانية كامل إدريس، استعداد حكومته للتواصل مع الدول الداعمة لقوات الدعم السريع، وذلك بعد أيام من طرحه أمام مجلس الأمن الدولي، مبادرة لإنهاء الحرب.وقال إدريس في مؤتمر صحافي في مدينة بورتسودان عقب عودته من نيويورك «هناك انطباع سائد بأننا نرفض السلام، ولكن هذه الزيارة دليل على أننا دعاة سلام وأن هذه الحرب قد فُرضت علينا فرضاً». وأضاف «حتى الدول الداعمة للدعم السريع سنسعى لتحسين علاقة السودان معها تمهيداً للسلام العادل وإنهاء الحرب بما يرضي أهل السودان قاطبة».

وقدم إدريس لمجلس الأمن هذا الأسبوع «مبادرة السودان للسلام» التي تنصّ على انسحاب قوات الدعم السريع «من كافة المناطق التي تحتلها» بالتزامن مع وقف لإطلاق النار «تحت رقابة مشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية». وشدد إدريس على أن ذلك لا يعني نشر «أي قوات أممية» في السودان. كما أشار الى أن المبادرة تشمل حواراً للاتفاق على «كيف يُحكم السودان. ومن هذا الاتفاق ننطلق الى الانتخابات الحرة المباشرة المراقبة دوليا».

كامل إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية في مجلس الأمن الدولي الإثنين (إ.ب.أ)

ووصف إدريس اجتماعه في مجلس الأمن بالـ«موفق» معربا عن شكره لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وللرئيس الأميركي دونالد ترمب ومبعوثه مسعد بولس والرئيس والمصري عبد الفتاح السيسي، لجهودهم من أجل إنهاء النزاع».
وقال إدريس، إن المبادرة التي طرحتها حكومته لوقف الحرب، والتي عرض تفاصيلها أمام مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الماضي، بعثت برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن السودان «دولة تسعى إلى السلام لا الحرب»، وإنها نقلت البلاد «من موقع المتلقي للمبادرات إلى موقع صانعها». وأكد إدريس في الوقت نفسه أن السودان، بوصفه دولة ذات سيادة، لن يقبل بنشر أي قوات أممية أو فرض أي آليات رقابة دولية دون اتفاق صريح مع الحكومة.

نزع السلاح أولوية

وأوضح رئيس الوزراء أن أي هدنة لا تترافق مع نزع سلاح «قوات الدعم السريع» وتجميع قواتها، ستؤدي إلى تعقيد النزاع وإطالة أمد الحرب، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات يجب أن تتم بتوافق وضمن رقابة دولية متفق عليها. وفي رده على التساؤلات بشأن آليات الرقابة الدولية، أكد إدريس أن السودان «لن يقبل بأي قوات أممية مفروضة»، قائلاً: «اكتوينا بجمرة القوات الدولية، ولن نكرر تجارب سابقة ذقنا فيها الأمرّين»، مشدداً على أن أي رقابة دولية مشروطة بموافقة الحكومة السودانية.

نازحة سودانية من منطقة هجليج داخل مخيم في مدينة القضارف شرق السودان 26 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأشار إدريس إلى أن من أولويات المبادرة ضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في جميع أنحاء البلاد، لافتاً إلى أن مرجعيتها تستند إلى خريطة الطريق التي قدمتها الحكومة السودانية للأمم المتحدة، والجهود السعودية – الأميركية، وما تم التوصل إليه في إعلان مبادئ اتفاق جدة. كما كشف عن لقاءات وصفها بالإيجابية والداعمة لجهود وقف الحرب، جمعته مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن الدولي، وأعضاء المجموعة الأفريقية بالمجلس، التي تضم الجزائر وسيراليون والصومال.

وأشار رئيس الوزراء إلى رفض عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية لأي محاولة لتشكيل حكومة موازية في السودان، في إشارة إلى حكومة «تحالف تأسيس» التي تقودها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في مدينة نيالا بجنوب دارفور.

وأكد إدريس أن الحكومة تعتزم الشروع في خطوات عملية لتنفيذ المبادرة، عبر الدعوة إلى حوار سوداني – سوداني شامل لا يستثني أحدًا، تسبقه إجراءات لتهيئة المناخ العام، تتيح مشاركة السودانيين في الخارج، من خلال رفع القيود وشطب البلاغات غير المؤثرة، وصولًا إلى انتخابات حرة ونزيهة. وختم إدريس بالإشارة إلى أن الحكومة السودانية ستكثف تحركاتها الدبلوماسية مع دول الجوار لدعم مبادرة السلام، والعمل على تحسين علاقاتها مع الدول التي ما زالت تقدم دعمًا لـ«قوات الدعم السريع».

لاتفاوض ولاهدنة

من جهة ثانية، أكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، أنه «لا تفاوض ولا هدنة» مع «قوات الدعم السريع»، مشددًا على أن «السلام العادل سيتحقق عبر رؤية وخريطة طريق يضعها الشعب السوداني وحكومته». وأوضح عقار أن الحرب الدائرة في البلاد تمثل صراعًا على الموارد، وتهدف إلى إحداث تغيير ديمغرافي في السودان.

ميدانيًا، اتهمت «قوات الدعم السريع» الجيش السوداني بشن غارة جوية باستخدام طائرة مسيّرة استهدفت احتفالًا لمواطنين بأعياد الميلاد في منطقة «بيام جلد» بجنوب كردفان، ما أسفر، بحسب قولها، عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 19 آخرين، بينهم أطفال ونساء.

وفي سياق متصل، أعلنت «القوة المشتركة» المتحالفة مع الجيش السوداني أنها تمكنت من إحباط هجمات متزامنة شنتها «قوات الدعم السريع» على عدد من المناطق في ولاية شمال دارفور، مؤكدة تكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وأضافت «القوة المشتركة» في بيان أن «قوات الدعم السريع» أقدمت على إحراق قرى بأكملها، في محاولة لتفريغ المناطق من سكانها، ووصفت ذلك بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وكانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتي أبو قمرة التابعة لمحلية كرنوي، وأمبرو، عقب معارك محدودة مع «القوة المشتركة».


مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)

تعوّل مصر على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، بما يحافظ على وحدة وسلامة أراضيه، إلى جانب تحقيق «تسوية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والتنمية».

وأكدت وزارة الخارجية المصرية «موقف القاهرة الثابت الداعم للشرعية في اليمن»، وشددت في إفادة، الجمعة، على «حرصها الكامل على وحدة اليمن، وضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، بما يمهد لاستعادة الاستقرار في اليمن والمنطقة، ويضمن حرية الملاحة في البحر الأحمر».

وعاد التصعيد أخيراً للساحة اليمنية، بعد تحركات عسكرية نفذها «المجلس الانتقالي الجنوبي»، في محافظتي حضرموت والمهرة، شرق اليمن.

سفينة هولندية تعرّضت لهجوم حوثي في خليج عدن أواخر سبتمبر الماضي (أ.ب)

وأعربت القاهرة، الجمعة، عن «تقديرها للجهود المبذولة للعمل على خفض التصعيد في اليمن، للحيلولة دون تفاقم الوضع الراهن».

وناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره اليمني، شائع الزنداني، «الجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية والإمارات من أجل خفض التصعيد وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن»، وأكد، وفقاً لبيان «الخارجية المصرية»، الجمعة، «ترحيب بلاده بالاتفاق المتعلق بتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، باعتباره خطوة تدعم الجهود الجارية لتهيئة مناخ مُواتٍ لاستئناف مسار التسوية».

وكانت السعودية قد أشارت إلى إرسال فريق عسكري سعودي - إماراتي مشترك إلى عدن، لوضع ترتيبات تضمن عودة قوات «الانتقالي» إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف.

وأكد بيان لـ«الخارجية السعودية»، الخميس، أن «القضية الجنوبية عادلة، ولن تُحل إلا عبر الحوار، ضمن الحل السياسي الشامل، بعيداً عن فرض الأمر الواقع بالقوة».

في سياق ذلك، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إلى تجنب التصعيد وتغليب المصلحة العليا للشعب اليمني، والتمسك بوحدة البلاد، وقال في إفادة، الخميس، إن «التطورات الأخيرة، تزيد من تعقيد الأزمة اليمنية، وتضر بمبدأ وحدة التراب اليمني».

وأعاد أبو الغيط التأكيد على الموقف العربي الموحد بشأن الالتزام بوحدة اليمن وسيادته وأمنه وسلامة أراضيه، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، مؤكداً «دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي».

سفير مصر السابق لدى اليمن، يوسف الشرقاوي، أكد أن «تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية بهذا الشكل المتسارع يهدد الوضع الأمني في اليمن كاملاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجهود العربية والإقليمية يجب أن تركز على حماية وحدة اليمن وسلامة أراضيه، والتصدي لأي محاولات تشجع لاتجاهات انفصالية تضر بوحدة الأراضي اليمنية».

وباعتقاد الشرقاوي، فإن «الدور العربي محوري لخفض التصعيد في الأراضي اليمنية»، وقال إن «التسوية يجب أن تقوم على حوار وطني يمني داخلي، ويتم تنفيذ مخرجاته»، إلى جانب «البناء على (اتفاق مسقط) الخاص بتبادل الأسرى، بما يهيئ المناخ لتسوية سياسية للأزمة».

و«تخشى القاهرة من انعكاسات التوتر والتصعيد في اليمن على الأوضاع الإقليمية»، وفق الشرقاوي، الذي قال إن «مصر تهتم بالتهدئة في اليمن، بما ينعكس إيجابياً على الوضع الأمني في جنوب البحر الأحمر، وحركة الملاحة في باب المندب، لارتباطها المباشر بحركة الملاحة في قناة السويس».