خطورة الهجمات الحوثية البحرية تتصاعد... والجماعة تتوعد

إسرائيل تعترض باليستياً انطلق من الأراضي اليمنية

هجمات الحوثيين أدت إلى إغراق سفينتي شحن في البحر الأحمر خلال 5 أيام (إ.ب.أ)
هجمات الحوثيين أدت إلى إغراق سفينتي شحن في البحر الأحمر خلال 5 أيام (إ.ب.أ)
TT

خطورة الهجمات الحوثية البحرية تتصاعد... والجماعة تتوعد

هجمات الحوثيين أدت إلى إغراق سفينتي شحن في البحر الأحمر خلال 5 أيام (إ.ب.أ)
هجمات الحوثيين أدت إلى إغراق سفينتي شحن في البحر الأحمر خلال 5 أيام (إ.ب.أ)

مع تأكد مقتل 3 وفقدان 12 بحاراً، وغرق سفينتي شحن يونانيتين خلال خمسة أيام، دخل تهديد الجماعة الحوثية للملاحة في البحر الأحمر طوراً أكثر خطورة وسط مخاوف من توسّع المواجهة في المنطقة، بخاصة مع تصاعد هجمات الجماعة تجاه إسرائيل.

الجماعة الحوثية المدعومة من إيران أصدرت بيانين تبنت فيهما هجمات أغرقت السفينتين التي تعود ملكيتهما لجهات يونانية تحت ذريعة صلتهما بالمواني الإسرائيلية، حيث تدعي مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتربط توقف الهجمات بتوقف الحرب وإدخال المساعدات إلى سكان القطاع.

وظهر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، في خطبته الأسبوعية، متباهياً بإغراق السفينتين ووصف ذلك بأنه «درس واضح» لكل شركات النقل البحري التي تتحرك للنقل لصالح إسرائيل.

وتوعد الحوثي بالقول: «لا يمكن السماح لأي شركة تقوم بالنقل لبضائع العدو الإسرائيلي عبر مسرح العمليات المعلن عنه».

في هذا السياق، أفادت مهمة الاتحاد الأوروبي لتأمين الملاحة في البحر الأحمر (أسبيدس) بأنه تم إنقاذ 10 بحارة من طاقم السفينة «إتيرنتي سي»، مؤكدة مقتل 3 آخرين، وفقدان 12 لا يعرف مصيرهم.

وأوضحت المهمة الأوروبية في بيان على منصة «إكس» أنها أنقذت ليلة الأربعاء - الخميس ثلاثة أفراد إضافيين من طاقم السفينة «إتيرنيتي سي» يحملون الجنسية الفلبينية، وواحداً من فريق الأمن البحري يحمل الجنسية اليونانية، حيث انتشلتهم من البحر ليبلغ عدد من تم إنقاذهم 10 أشخاص.

وفي حين لا يزال 12 بحاراً من طاقم السفينة في عداد المفقودين، وزع الحوثيون فيديو دعائياً يُظهر مشاهد استهداف وإغراق «إتيرنيتي سي»، التي ترفع علم ليبيريا، وهي ثاني سفينة تجارية يستهدفها ويغرقها المتمردون اليمنيون بعد الهجوم على «ماجيك سيز» الأحد الماضي.

وكان مجموع من على متن السفينة 25 شخصاً بين أفراد الطاقم وأفراد الأمن، وأوضحت مهمة «أسبيدس» في وقت سابق أن القتلى الثلاثة هم كبير المهندسين، وأحد العاملين في غرفة المحركات، ومتدرب، وأشارت إلى وجود «إصابتين على الأقل بينهما لشخص كهربائي من الجنسية الروسية فقد ساقه».

أفراد طاقم سفينة «إترنيتي سي»، التي غرقت بعد تعرضها لهجوم حوثي شوهدوا في البحر أثناء عملية إنقاذ (رويترز)

من جهتهم، أعلن الحوثيون تبنيهم الهجوم على السفينة «إتيرنتي سي» وإغراقها، زاعمين أنها كانت متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إن الهجوم تم بزورق مسيَّر وستة صواريخ مجنحة وباليستية، كما ادعى أن عناصر جماعته انتشلت عدداً من طاقم السفينة وقدمت الرعاية الطبية لهم، ونقلهم إلى مكان آمن، لكنه لم يذكر عددهم. وسط تقديرات جهات ملاحية بأنهم ستة أشخاص.

ثاني هجوم مميت

يعدّ هذا الهجوم المميت على السفينة «إتيرنتي سي» هو الثاني من نوعه منذ بدأت الجماعة الحوثية هجماتها البحرية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023؛ إذ سبق أن قتل 4 بحارة في هجوم على سفينة ليبيرية العام الماضي.

وبرر المتحدث الحوثي الهجوم على السفينة، وقال إنها قامت «بانتهاك واضح» لقرار حظر التعامل مع ميناء إيلات، ورفضت النداءات والتحذيرات من قبل قوات الجماعة.

وهدَّد سريع بالمزيد من الهجمات البحرية، وقال إن الجماعة مستمرة في منع حركة الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وأن الشركات كافة التي تتعامل مع مواني إسرائيل، ستتعرض سفنها وطواقمها للاستهداف بغض النظر عن وجهة تلك السفن.

الحوثيون استخدموا زوارق وصواريخ ومسيَّرات في هجماتهم ضد السفن (إ.ب.أ)

وكانت سلطنة عمان توسطت في اتفاق بدأ سريانه في 6 مايو (أيار) الماضي، تعهدت فيه الجماعة الحوثية بالتوقف عن مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر مقابل وقف الحملة العسكرية الواسعة التي أطلقها ترمب، لكن الاتفاق لم يشمل إسرائيل.

وشن الحوثيون أكثر من 150 هجوماً ضد السفن منذ نوفمبر 2023؛ ما تسبب في إرباك حركة الشحن الدولي عبر البحر الأحمر. وأدت الهجمات إلى غرق سفينة بريطانية وأخرى يونانية، إلى جانب غرق السفينتين الأخيرتين هذا الأسبوع.

كما أدت الهجمات إلى تضرر كثير من السفن الأخرى، فضلاً عن قرصنة السفينة «جالاكسي ليدر» مع اعتقال طاقمها لأكثر من عام.

وفي عهد الرئيس جو بايدن أنشأت الولايات المتحدة تحالفاً سمته «حارس الازدهار» لحماية الملاحة، وشنت مئات الضربات ضد الجماعة الحوثية قبل أن يستأنفها ترمب في مارس (آذار) الماضي لمدة نحو سبعة أسابيع.

ومع عدم قدرة هذه التدابير على وقف هجمات الحوثيين البحرية، كان الاتحاد الأوروبي أطلق مهمة «أسبيدس» في البحر الأحمر مطلع العام الماضي، لحماية السفن، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الجماعة كما فعلت واشنطن وبريطانيا.

صاروخ إلى تل أبيب

بالتزامن مع هذه التطورات التصعيدية في البحر الأحمر، تبنت الجماعة الحوثية، الخميس، إطلاق صاروخ باليتسي أعلنت إسرائيل اعتراضه، وهو الهجوم الخامس من نوعه منذ توقف حرب الاثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران الشهر الماضي.

وفي بيان لمتحدث الحوثيين العسكري يحيى سريع، قال إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية، استهدفت مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي نوع «ذو الفقار». مدعياً أنه حقق هدفه وتسبب في دوي صفارات الإنذار في أكثر من 300 بلدة ومدينة وهروع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ، ووقف حركة الملاحة في المطار.

صاروخ أطلقه الحوثيون لاستهداف سفينة شحن في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وتوعد المتحدث الحوثي باستمرار الهجمات، وقال إن جماعته «تعمل على توسيع عملياتها العسكرية بالضربات الصاروخية على الأهداف العسكرية والحيوية الإسرائيلية إلى جانب الهجمات البحرية».

من جهته،أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن صباح الخميس، وقال إن ذلك تسبب «بتفعيل الإنذارات في بعض مناطق البلاد».

وعلى الرغم من عدم تأثير هجمات الحوثيين عسكرياً، فإنها تشكل مشاغلة للدفاعات الإسرائيلية، وسط مخاوف من أن تفشل المنظومة في اعتراض أحد الصواريخ؛ ما قد يؤدي إلى سقوط ضحايا.

وتبرز الجماعة باعتبارها التهديد المتبقي لتل أبيب بعد تدمير قدرات «حزب الله» وإسكات سلاح الفصائل العراقية وصولاً إلى توجيه ضربات موجعة لإيران شملت برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.

مشهد لانفجارات على متن سفينة الشحن الغارقة «ماجيك سيز» والتي هاجمها الحوثيون (أ.ف.ب)

ومنذ 17 مارس (آذار) الماضي استأنف الحوثيون هجماتهم باتجاه إسرائيل عقب انهيار الهدنة في غزة؛ حيث أطلقوا قرابة 45 صاروخاً باليستياً والكثير من المسيّرات، وجميعها جرى اعتراضها أو لم تصل إلى أهدافها، باستثناء صاروخ انفجر قرب مطار بن غوريون في تل أبيب في الرابع من مايو الماضي.

كما أطلقت الجماعة نحو 200 صاروخ ومسيّرة منذ نوفمبر 2023، وحتى 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل استئناف الهجمات في مارس بالتزامن مع الحملة التي أطلقها ترمب ضد الجماعة لإرغامها على التوقف عن مهاجمة السفن.

ونفذت إسرائيل الاثنين الماضي الموجة الحادية عشرة من الضربات الانتقامية رداً على هجمات الحوثيين، حيث استهدفت مواني الحديدة الثلاثة على البحر الأحمر ومحطة كهرباء وسفينة تحتجزها الجماعة منذ أواخر 2023، بينما زعمت الجماعة إطلاق 11 صاروخاً ومسيَّرة باتجاه إسرائيل.

وأدت الموجات الإسرائيلية العشر السابقة إلى تدمير أغلب أرصفة مواني الحديدة الثلاثة ومستودعات الوقود والرافعات، كما دمّرت مطار صنعاء و4 طائرات مدنية، ومصنعي أسمنت ومحطات توليد كهرباء.


مقالات ذات صلة

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

العالم صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية اليوم الجمعة أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

بدأ الحوثيون في الأيام الأخيرة الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتهم المقبلة في وقت أبدت فيه قيادة الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الجماعة

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع مسؤول أممي (إعلام حكومي)

اليمن يعزز التنسيق مع المنظمات الدولية ويحذر من تجاوز أنظمة الاستيراد

اليمن يعزز تنسيقه مع المنظمات الأممية في مجالات الإغاثة والزراعة والحكومة تحذر من التفاف بعض التجار على أنظمة الاستيراد وتشدد على الالتزام بالآليات

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر من خفر السواحل اليمنية في البحر الأحمر (إعلام عسكري)

تشكيل لجنة دولية لتسيير الشراكة الأمنية البحرية مع اليمن

أعلن كل من السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا واليابان عن تشكيل لجنة التسيير لشراكة اليمن للأمن البحري وتعزيز خفر السواحل.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون يروجون أن المنتجات المحلية قادرة على توفير احتياجات السكان (إ.ب.أ)

سعي حوثي لصنع طبقة تجارية بديلة لرجال الأعمال المعروفين

يسعى الحوثيون إلى تفكيك الطبقة التجارية التقليدية التي ورثت دورها عبر عقود، بهدف إحلال طبقة جديدة موالية لهم مذهبياً خصوصاً من المنحدرين من محافظة صعدة

محمد ناصر (تعز)

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».


جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)

في خطوة تعكس اشتداد القبضة الحوثية على الحليف الشكلي لها داخل صنعاء، بدأت الجماعة خلال الأيام الماضية الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتها المقبلة، في وقت أبدت فيه قيادة ذلك الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الحوثيين، وعلى رأسها إقالة أمينه العام غازي الأحول من منصبه، بعد اعتقاله واتهامه بالتواصل مع قيادة الحزب المقيمة خارج اليمن.

وكانت أجهزة الأمن الحوثية قد اعترضت في 20 من أغسطس (آب) الماضي سيارة الأمين العام لفرع «المؤتمر» في مناطق سيطرتها، واقتادته إلى المعتقل ومرافقيه مع عدد من القيادات الوسطية، متهمةً إياهم بالتواصل المباشر مع قيادة الحزب في الخارج والتخطيط لإثارة الفوضى داخل تلك المناطق.

وبعد أيام من الاحتجاز، اشترط الحوثيون لعقد أي تسوية عزل الأحول وتعيين القيادي الموالي لهم حسين حازب بديلاً عنه، وهو اسم يلقى معارضة واسعة داخل قواعد الحزب، ويتهمه الكثيرون بالتنكر لمبادئ الحزب ومؤسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، خصوصاً بعد مقتله برصاص الحوثيين نهاية عام 2017.

الحوثيون اشترطوا عزل الأحول من موقعه بصفته أميناً عاماً لجناح حزب «المؤتمر» (إعلام محلي)

وقد سمح الحوثيون لأسرة الأحول بزيارته لأول مرة قبل أيام، غير أنهم تجاهلوا تماماً مطالب الجناح المحسوب على «المؤتمر» بالإفراج عنه أو وقف ملاحقة قياداته. ويشارك هذا الجناح فيما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» بثلاثة ممثلين، إلا أن دوره ظل شكلياً، بينما تحرص الجماعة على اختيار رؤساء الحكومات المتعاقبين من شخصيات تنتمي إلى هذا الجناح لكنها تدين لها بولاء كامل.

ومع استمرار ضغوط الحوثيين، أصدر رئيس فرع «المؤتمر» في صنعاء صادق أبو رأس قراراً بتكليف يحيى الراعي أميناً عاماً للحزب إلى جانب موقعه نائب رئيس الحزب، في خطوة عُدت استجابة جزئية لمطالب الجماعة. إلا أن الحوثيين ردوا على هذه الخطوة بفرض حصار محكم على منزل أبو رأس في صنعاء، ما زال مستمراً منذ خمسة أيام، وفق مصادر محلية تحدثت إلى «الشرق الأوسط».

وتشير مصادر سياسية في صنعاء إلى أن الجناح «المؤتمري» رضخ لهذه الخطوة أملاً في إطلاق سراح الأحول ومرافقيه، إلا أن الجماعة لم تُظهر أي تجاوب، بل صعّدت من قيودها على قيادة الحزب بهدف استكمال السيطرة على هذا الجناح الذي قدّم تنازلات كبيرة ومتتالية منذ مقتل صالح.

تصعيد وضغوط متواصلة

اللجنة العامة، وهي بمثابة المكتب السياسي للحزب في جناحه الخاضع للحوثيين، عقدت اجتماعاً برئاسة الراعي، خُصص لمناقشة الأوضاع الداخلية وتطورات المشهد السياسي. وخلاله جدد الراعي التزام الجناح بوحدة الجبهة الداخلية وتماسكها مع الحوثيين لمواجهة «المؤامرات التي تستهدف استقرار البلاد»، حسب ما أورده الموقع الرسمي للحزب.

وأيدت اللجنة العامة بالإجماع قرار تعيين الراعي أميناً عاماً، مؤكدة تمسكها بوحدة الحزب وضرورة الالتفاف خلف قيادته التنظيمية والسياسية. غير أن اللافت كان غياب رئيس الحزب أبو رأس عن الاجتماع، في ظل استمرار فرض طوق أمني حول منزله، ما يعكس حجم الضغط الذي تمارسه الجماعة لإجبار الجناح على قبول بقية شروطها.

وتشير المصادر إلى أن قيادة «المؤتمر» لا تزال تراهن على إقناع الحوثيين بالاكتفاء بإقالة الأحول، وعدم فرض تغيير كامل في تركيبة القيادة، رغم أن الجماعة لم تُبد أي مرونة حتى الآن، وتواصل استغلال الانقسام الداخلي للحزب لإعادة تشكيله وفق متطلبات مشروعها السياسي.

إعادة إبراز لبوزة

تزامنت هذه التطورات مع تحركات حوثية متسارعة لتسمية رئيس جديد لحكومتهم غير المعترف بها، بعد مقتل رئيس الحكومة السابق أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً لهم قبل أسابيع.

ولاحظ مراقبون قيام الجماعة بإعادة إظهار القيادي المؤتمري قاسم لبوزة، الذي يشغل موقع «نائب رئيس المجلس السياسي» بصفة رمزية، بعد تغييب إعلامي دام عاماً ونصف العام.

وخلال الأيام الماضية، كثّف لبوزة من زياراته للوزراء الناجين من الغارة، بينما نشطت حسابات حوثية في الإشادة بـ«قدراته ومواقفه»، في خطوة يرى فيها البعض تمهيداً لتسميته رئيساً للحكومة الجديدة.

الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

وتقول مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن عودة ظهور لبوزة ليست مصادفة، بل هي مؤشر واضح على اختياره من قبل قيادة الجماعة لتولي رئاسة الحكومة، خصوصاً أنه كان أحد أبرز المرشحين للمنصب ذاته قبل تشكيل الحكومة السابقة.

كما أن الجماعة تحرص على استقطاب قيادات جنوبية ضمن جناح «المؤتمر» لتغطية طبيعة الحكومة المقبلة والظهور بمظهر التنوع المناطقي، رغم أن السلطة الفعلية تبقى في يد الجماعة حصراً.

ويرى المراقبون أن إعادة تدوير القيادات الموالية للجماعة داخل «المؤتمر»، ومنحها واجهات سياسية جديدة، يعكس أن الحوثيين ماضون في إحكام السيطرة على ما تبقى من الحزب، وتحويله إلى واجهة شكلية تبرر خياراتهم السياسية والعسكرية، خصوصاً مع ازدياد عزلة سلطة الجماعة داخلياً وخارجياً.


هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
TT

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)

لجأ عناصر وقادة حوثيون إلى ممارسة الابتزاز، والمساومة للحصول على شهادات الماجستير، والدكتوراه، في ظل تنافس أجنحة الجماعة على المناصب، والموارد، بينما يغرق التعليم الأكاديمي بالتمييز، والتطييف، واستغلال مؤسساته، وموارده لتقوية شبكات الولاء، والسيطرة على المجتمع.

ويساوم الحوثيون الملتحقون ببرامج الماجستير والدكتوراه طلاباً حاليين، وسابقين، لمساعدتهم في إعداد رسائلهم، من خلال إجراء البحوث، والدراسات، ويساهم القادة المعينون في مواقع قيادية في تلك الجامعات في عمليات الابتزاز من خلال اختيار الطلاب المتفوقين، والتنسيق بينهم، والقادة الساعين للحصول على المساعدة.

وكشف أحد الطلاب الملتحقين بدراسة برنامج للماجستير في كلية الآداب في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن منعه من دخول الحرم الجامعي بعد رفضه الاستجابة لضغوط شديدة، وإغراءات للقبول بمساعدة اثنين من القادة الحوثيين في إعداد الدراسات والأبحاث الخاصة بهما، وتضمنت الإغراءات إعفاءه من بعض الرسوم المطلوبة، ووعود بتوظيفه عند الانتهاء من الدراسة.

وأضاف الطالب الذي طلب التحفظ على هويته، حفاظاً على سلامته، أن عدداً من زملائه وافقوا على إعداد رسائل الماجستير لقادة وعناصر حوثيين مقابل حصولهم على بعض الامتيازات، والمكافآت المالية، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها السكان في مناطق سيطرة الجماعة.

طالبات في جامعة صنعاء خلال حفل تخرج (غيتي)

وأكّد أن إقبال عناصر الجماعة على الالتحاق بالجامعات للحصول على مختلف الشهادات الجامعية أصبح ظاهرة ملحوظة في جامعة صنعاء، واصفاً ذلك بالتهافت، والذي يرى أنه يأتي في سياق التنافس على المناصب في المؤسسات العمومية التي تسيطر عليها الجماعة.

اختراق المجتمع

تسعى الجماعة الحوثية، وفقاً لمصادر أكاديمية، إلى نفي تهمة العبث بالتعليم الأكاديمي، بإلزام عناصرها وقياداتها الملتحقين بالدراسة في مختلف الجامعات بالحصول على شهادات أكاديمية من خلال إعداد دراسات وأبحاث حقيقية وفقاً للمعايير العلمية، بعد أن تعرضت، خلال الفترة الماضية، للتهكم، بسبب حصول عدد من قادتها على شهادات عليا بسبب نفوذهم، وتحت عناوين تفتقر لتلك المعايير.

وأعلنت الجماعة الحوثية، في فبراير (شباط) الماضي، حصول مهدي المشاط، رئيس مجلس الحكم الحوثي الانقلابي، على درجة الماجستير، في واقعة أثارت استنكاراً واسعاً، وكثفت من الاتهامات لها بالعبث بالتعليم العالي، والإساءة للجامعات اليمنية.

الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

وتتنافس تيارات وأجنحة داخل الجماعة الحوثية للسيطرة على القطاعات الإيرادية بمختلف الوسائل، ويسعى قادة تلك الأجنحة إلى بسط نفوذهم من خلال تعيين الموالين لهم في مختلف إداراتها.

وتقول المصادر الأكاديمية لـ«الشرق الأوسط» إنه بسبب هذا التنافس بين هذه الأجنحة لجأ عدد من القادة الحوثيين إلى إطلاق معايير مختلفة للتعيينات، ولم يعد الولاء لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي حكراً على أحد داخلها، وتراجع معيار تقديم التضحيات من خلال القتال في الجبهات، أو إرسال الأبناء والأقارب إليها، بعد توقف المواجهات العسكرية مع الحكومة الشرعية.

ولجأ قادة الجماعة إلى المزايدة على بعضهم بالشهادات الجامعية التي حصلوا عليها، وتبرير استحقاقهم للمناصب بما يملكون من مؤهلات علمية، خصوصاً أن غالبيتهم لم يتلقوا تعليماً بسبب انتمائهم للجماعة، وانشغالهم بالقتال في صفوفها، إلى جانب أن العديد من العناصر التحقوا بها للحصول على النفوذ، وتعويض حرمانهم من التعليم.

وتطلب الجماعة من عناصرها الالتحاق بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية المستحدثة، للحصول على شهادة البكالوريوس تحت مبررات مختلفة، منها تعزيز «الهوية الإيمانية» لهم، وتأهيلهم في مواجهة «الغزو الفكري».

احتفالية حوثية في جامعة صنعاء في الذكرى السنوية لقتلاها (إعلام حوثي)

ويرى أكاديميون يمنيون أن الغرض من إنشاء هذه الجامعة وإلحاق آلاف العناصر الحوثية بها هو تطييف التعليم، واستغلال مخرجاته في تمكين الجماعة من إغراق المؤسسات العامة بعناصر موالية لها لإدارة شؤون المجتمع بالمنهج الطائفي، وتبرير منحهم المناصب القيادية العليا في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لسيطرتها.

تمييز وفساد

يتلقى الطلاب في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التابعة للجماعة الحوثية، بحسب مصادر مطلعة، تلقيناً حول إدارة المجتمع بمنهجية مستمدة مما يعرف بـ«ملازم حسين الحوثي»، وهي مجموعة من الخطب والمحاضرات التي ألقاها مؤسس الجماعة، وتعدّ مرجعاً لتوجيه الأتباع، وغرس أفكارها في المجتمع.

في غضون ذلك، أبدى عدد من طلاب جامعة صنعاء استياءهم من الفساد التعليمي، والتمييز الذي تمارسه الجماعة، بمنح المنتمين إليها درجات عالية في مختلف المواد والمقررات الدراسية رغم عدم حضورهم، أو تلقي الدروس، والاكتفاء بحضور الامتحانات.

أساتذة في جامعة صنعاء انتفضوا سابقاً ضد الممارسات الحوثية وتعرضوا للإقصاء (إعلام محلي)

وبَيَّن عدد من الطلاب لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة خصصت 10 درجات في كل مادة لكل طالب يشارك في فعالياتها التعبوية، وكلفت بعض الموالين لها من زملائهم بإعداد كشوفات لتسجيل حضور ومشاركة الطلاب في تلك الفعاليات.

وطبقاً لهؤلاء الطلاب، فإن المكلفين بمراقبة الحضور والمشاركة في الفعاليات لا يحضرون إلى قاعات الدراسة، ولا يشاركون في الدروس العملية، ولا يمكن مشاهدتهم إلا خلال فعاليات التعبئة.

وبسبب هذا التمييز والفساد يضطر عدد من الطلاب إلى الانضمام للجماعة للحصول على تلك الامتيازات، وضمان النجاح دون مجهود دراسي، والحصول مستقبلاً على وظيفة دون عناء.