هجمات الحوثيين تستدعي موجة الانتقام الإسرائيلية الحادية عشرة

الجماعة تبنّت إطلاق صواريخ ومسيّرات واستهداف سفينة شحن

حريق ضخم في ميناء الحديدة إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)
حريق ضخم في ميناء الحديدة إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

هجمات الحوثيين تستدعي موجة الانتقام الإسرائيلية الحادية عشرة

حريق ضخم في ميناء الحديدة إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)
حريق ضخم في ميناء الحديدة إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

أفاق اليمنيون، فجر الاثنين، على الموجة الحادية عشرة من الضربات الإسرائيلية الانتقامية رداً على هجمات الحوثيين، حيث استهدفت مواني الحديدة الثلاثة على البحر الأحمر ومحطة كهرباء وسفينة تحتجزها الجماعة منذ أواخر 2023، بينما زعمت الجماعة إطلاق 11 صاروخاً ومسيرة باتجاه إسرائيل.

وفي حين أحاطت الجماعة المتحالفة مع إيران نتائج الضربات الإسرائيلية بالتعتيم، أقرت بمهاجمة سفينة شحن في البحر الأحمر، وقالت إنها باتت مهددة بالغرق، بعد السماح لطاقمها بالإجلاء.

وكان الجيش الإسرائيلي، وجه قبل الغارات التي نفذها تحذيرات بإخلاء موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف ومحطة كهرباء رأس كثيب قبل أن يمطرها بعشرات الصواريخ، بالتزامن مع ادعاءات الجماعة الحوثية أنها حاولت التصدي للطائرات بصواريخ أرض- جو محلية الصنع.

وأطلقت إسرائيل على عمليتها الجديدة مسمى «الراية السوداء»، وجدد وزير خارجيتها يسرائيل كاتس في تغريدة على منصة «إكس» تحذيراته للحوثيين وقال: «كما حذّرتُ: قانون اليمن هو نفسه قانون طهران. من يحاول إيذاء إسرائيل سيُؤذى، ومن يرفع يده ضدها ستقطع. وسوف يستمر الحوثيون في دفع ثمن باهظ نتيجة أفعالهم».

في السياق نفسه، أكد السكان في محافظة الحديدة الخاضعة للحوثيين سماع انفجارات ضخمة استهدفت أرصفة موانئ المحافظة الثلاثة، ومحطة كهرباء رأس كثيب التي أدى استهدافها إلى انقطاع الكهرباء عن مدينة الحديدة.

من جهته، أوضح أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أن عشرات الطائرات الحربية أغارت على الموانئ الثلاثة، متهماً الجماعة الحوثية باستخدامها لنقل وسائل قتالية من النظام الإيراني.

وقال أدرعي في بيان على منصة «إكس» إن الحوثيين يستغلون المجال البحري «لتفعيل القوة وتنفيذ اعتداءات إرهابية ضد سفن نقل وتجارة في منطقة الملاحة الدولية».

وأكد أن من بين الأهداف المقصوفة في ميناء رأس عيسى السفينة التجارية «غالالكسي ليدر» والتي استولى عليها الحوثيون في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، متهماً الجماعة بأنها وضعت على متن السفينة نظام رادار لمراقبة القطع البحرية في المجال الدولي بغية الترويج لأنشطة إرهابية.

وأشار أدرعي إلى تدمير محطة كهرباء الحديدة في منطقة «رأس كثيب»، وقال إن الضربات جاءت رداً على هجمات الحوثيين الذين وصفهم بأنهم «ذراع مركزية للنظام الإيراني».

صواريخ ومسيرات

بعد يوم من اعتراض إسرائيل صاروخاً حوثياً دون أضرار تبنت الجماعة، الاثنين، إطلاق 11 صاروخاً ومسيرة، وذلك بعد تلقيها الضربات الجديدة، في حين لم يؤكد الجيش الإسرائيلي سوى صاروخين قال إنه جرى التعامل لاعتراضهما دون ورود تقارير عن أي إصابات بشرية.

وادعى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع أن العملية شملت استهداف مطار بن غوريون بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، كما شملت استهداف كل من ميناء أسدود ومحطة الكهرباء في منطقة عسقلان بصاروخين باليستيين فرط صوتيين لم يحدد نوعهما، إلى جانب استهداف ميناء إيلات بثماني طائرات مسيرة، وفق قوله.

صاروخ استعرضه الحوثيون في صنعاء ضمن مخزون أسلحتهم (أرشيفية- رويترز)

وإذ زعم متحدث الجماعة وصول الصواريخ والطائرات المسيرة إلى أهدافها بنجاح، وفشل المنظومات الاعتراضية في التصدي لها، ادعى أن دفاعات جماعته نجحت في «إجبار عدد من التشكيلات القتالية» الإسرائيلية على مغادرة الأجواء دون أن تتمكن من شن الغارات، وهي المزاعم التي قابلها المغردون اليمنيون بالسخرية.

ويعد هذا الهجوم هو الرابع من نوعه منذ توقف حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل، في وقت تتخوف فيه الأوساط اليمنية من ردود فعل انتقامية قد تكون أكثر عنفاً وتدميراً من الموجات السابقة.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صاروخين من اليمن، وقال في بيان نشر على «تلغرام»: «جرت محاولات لاعتراض الصاروخين، العمل جارٍ على مراجعة نتائج الاعتراض»، مضيفاً أنه تم تفعيل صفارات الإنذار في مناطق عدة.

نقص استخباري

وفي حين يهوّن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي من أثر الضربات الإسرائيلية، تواجه تل أبيب إلى جانب البعد الجغرافي شحة في المعلومات التي قد تمكنها من توجيه ضربات موجعة للحوثيين، على غرار ما حدث مع «حزب الله» وإيران.

ووفق مراقبين يمنيين، دفع هذا القصور في الحصول على معلومات عن مخابئ قادة الجماعة وتحركاتهم إسرائيل إلى الاكتفاء بتكرار الضربات الانتقامية على البنى التحتية الاقتصادية الخاضعة للجماعة.

ويستبعد المراقبون أن تؤدي هذه الضربات إلى إضعاف قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ والمسيرات، في حين ترهن الجماعة توقفها بانتهاء الحرب على غزة وإدخال المساعدات.

عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (أ.ف.ب)

ووسط الحديث الدائر عن اقتراب التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، كان المتحدث العسكري الحوثي قال في بيان سابق إن قوات جماعته «على استعداد وجاهزية للتعامل مع أي تطورات قد تحدث خلال الأيام المقبلة».

وعلى الرغم من عدم تأثير هجمات الحوثيين عسكرياً، فإنها تشكل مشاغلة للدفاعات الإسرائيلية، وسط مخاوف من أن تفشل المنظومة في اعتراض أحد الصواريخ ما قد يؤدي إلى سقوط ضحايا.

وفي ظل هذه المعطيات تبرز الجماعة بوصفها التهديد المتبقي لتل أبيب بعد تدمير قدرات «حزب الله»، وإسكات سلاح الفصائل العراقية وصولاً إلى توجيه ضربات موجعة لإيران شملت برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.

ومنذ 17 مارس (آذار) الماضي استأنف الحوثيون هجماتهم باتجاه إسرائيل عقب انهيار الهدنة في غزة؛ حيث أطلقوا قرابة 42 صاروخاً باليستياً والعديد من المسيّرات، وجميعها جرى اعتراضها أو لم تصل إلى أهدافها، باستثناء صاروخ انفجر قرب مطار بن غوريون في تل أبيب في الرابع من مايو (أيار) الماضي.

صاروخ حوثي اعترضه الجيش الإسرائيلي وشوهد من مدينة عسقلان (رويترز)

وأطلقت الجماعة نحو 200 صاروخ ومسيّرة منذ نوفمبر 2023، وحتى 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل استئناف الهجمات في مارس بالتزامن مع الحملة التي أطلقها ترمب ضد الجماعة لإرغامها على التوقف عن مهاجمة السفن.

ودفعت هجمات الحوثيين إسرائيل إلى تدمير أغلب أرصفة موانئ الحديدة الثلاثة ومستودعات الوقود والرافعات، كما دمّرت مطار صنعاء و4 طائرات مدنية، ومصنعي أسمنت ومحطات توليد كهرباء. وقالت الجماعة حينها إن الخسائر تقدر بملياري دولار.

واختارت إسرائيل في الموجة العاشرة من ضرباتها في 10 يونيو (حزيران) الماضي أن تقصف أرصفة ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين باستخدام سفنها الحربية لأول مرة.

كما نفذت إبان المواجهة مع إيران محاولة اغتيال في صنعاء استهدفت رئيس أركان الجماعة عبد الكريم الغماري، وهي العملية التي لا تزال نتيجتها طي الكتمان الحوثي.

العودة إلى مهاجمة السفن

وبعد توقف دام عدة أشهر، عادت الجماعة الحوثية إلى مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، إذ تزعم منع ملاحة السفن وشركات الشحن المرتبطة بالموانئ الإسرائيلية.

وأكدت مصادر الأمن البحري البريطانية، الأحد، تعرض سفينة بضائع سائبة ترفع علم ليبيريا، وتملكها جهات يونانية لهجوم جنوب غربي ميناء الحديدة، ما أدى إلى اشتعال النار على متنها وتسرب الماء إليها، وهو ما دفع الطاقم إلى إخلائها.

طوربيد بحري استعرضه الحوثيون في سياق تهديدهم للسفن (إعلام حوثي)

وفي حين يعد هذا أول هجوم بحري منذ تعهد الحوثيون بالتوقف عن مهاجمة السفن الأميركية، مقابل توقف حملة ترمب ضدهم في 6 مايو الماضي، ذكرت مصادر الأمن البحري أن السفينة تدعى «ماجيك سيز».

وبعد يوم من تجاهل الجماعة للحادث، أعلن متحدثها العسكري يحيى سريع، الاثنين، المسؤولية عن الهجوم، زاعماً أن السفينة «ماجيك سيز» تابعة لشركة انتهكت حظر الدخول إلى موانئ إسرائيل.

وأوضح سريع أن جماعته استخدمت في الهجوم على السفينة زورقين مسيرين، و5 صواريخ باليستية ومجنحة، و3 طائرات مسيرة، مشيراً إلى أنها معرَّضة للغرق بعد السماح لطاقمها بالإجلاء.

ويُعتقد أن الجماعة الحوثية حاولت قرصنة السفينة، إلا أن طاقمها الأمني رد بإطلاق النار، ما دفع الجماعة إلى استخدام الصواريخ والزوارق المسيرة المفخخة في استهدافها.

وفي أول رد دولي، أدانت الولايات المتحدة بشدة الهجوم على السفينة، وقالت في بيان صادر عن سفارتها لدى اليمن إن السفينة التجارية كانت تعبر البحر الأحمر بسلام في طريقها إلى مصر.

وذكر البيان أن هذه الهجمات «تشكل تهديداً للأمن البحري العالمي والتجارة الدولية، وتُخاطر بإلحاق أضرار بيئية بهذا الممر المائي الحيوي، ما قد يدمر صناعة صيد الأسماك في اليمن».

وكانت سلطنة عمان توسطت في اتفاق بدأ سريانه في 6 مايو الماضي تعهدت فيه الجماعة الحوثية بالتوقف عن مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر مقابل وقف الحملة العسكرية الواسعة التي أطلقها ترمب.

وشن الحوثيون أكثر من 150 هجوماً ضد السفن منذ نوفمبر 2023، ما تسبب في إرباك حركة الشحن الدولي عبر البحر الأحمر. وأدت الهجمات إلى غرق سفينة بريطانية وأخرى يونانية، كما أدت إلى تضرر العديد من السفن الأخرى، فضلاً عن قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر» مع اعتقال طاقمها لأكثر من عام. كما تسبب هجوم آخر على سفينة شحن ليبيرية في مقتل 4 بحارة على الأقل.


مقالات ذات صلة

بلاغ عن تعرّض سفينة لإطلاق نار على بعد 15 ميلاً بحرياً غرب اليمن

العالم صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر - 1 مارس 2024 (رويترز)

بلاغ عن تعرّض سفينة لإطلاق نار على بعد 15 ميلاً بحرياً غرب اليمن

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، تلقيها بلاغاً عن تعرّض سفينة لإطلاق نار على بعد 15 ميلاً بحرياً غرب اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

بدأ الحوثيون في الأيام الأخيرة الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتهم المقبلة في وقت أبدت فيه قيادة الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الجماعة

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع مسؤول أممي (إعلام حكومي)

اليمن يعزز التنسيق مع المنظمات الدولية ويحذر من تجاوز أنظمة الاستيراد

اليمن يعزز تنسيقه مع المنظمات الأممية في مجالات الإغاثة والزراعة والحكومة تحذر من التفاف بعض التجار على أنظمة الاستيراد وتشدد على الالتزام بالآليات

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر من خفر السواحل اليمنية في البحر الأحمر (إعلام عسكري)

تشكيل لجنة دولية لتسيير الشراكة الأمنية البحرية مع اليمن

أعلن كل من السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا واليابان عن تشكيل لجنة التسيير لشراكة اليمن للأمن البحري وتعزيز خفر السواحل.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون يروجون أن المنتجات المحلية قادرة على توفير احتياجات السكان (إ.ب.أ)

سعي حوثي لصنع طبقة تجارية بديلة لرجال الأعمال المعروفين

يسعى الحوثيون إلى تفكيك الطبقة التجارية التقليدية التي ورثت دورها عبر عقود، بهدف إحلال طبقة جديدة موالية لهم مذهبياً خصوصاً من المنحدرين من محافظة صعدة

محمد ناصر (تعز)

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».


جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)

في خطوة تعكس اشتداد القبضة الحوثية على الحليف الشكلي لها داخل صنعاء، بدأت الجماعة خلال الأيام الماضية الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتها المقبلة، في وقت أبدت فيه قيادة ذلك الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الحوثيين، وعلى رأسها إقالة أمينه العام غازي الأحول من منصبه، بعد اعتقاله واتهامه بالتواصل مع قيادة الحزب المقيمة خارج اليمن.

وكانت أجهزة الأمن الحوثية قد اعترضت في 20 من أغسطس (آب) الماضي سيارة الأمين العام لفرع «المؤتمر» في مناطق سيطرتها، واقتادته إلى المعتقل ومرافقيه مع عدد من القيادات الوسطية، متهمةً إياهم بالتواصل المباشر مع قيادة الحزب في الخارج والتخطيط لإثارة الفوضى داخل تلك المناطق.

وبعد أيام من الاحتجاز، اشترط الحوثيون لعقد أي تسوية عزل الأحول وتعيين القيادي الموالي لهم حسين حازب بديلاً عنه، وهو اسم يلقى معارضة واسعة داخل قواعد الحزب، ويتهمه الكثيرون بالتنكر لمبادئ الحزب ومؤسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، خصوصاً بعد مقتله برصاص الحوثيين نهاية عام 2017.

الحوثيون اشترطوا عزل الأحول من موقعه بصفته أميناً عاماً لجناح حزب «المؤتمر» (إعلام محلي)

وقد سمح الحوثيون لأسرة الأحول بزيارته لأول مرة قبل أيام، غير أنهم تجاهلوا تماماً مطالب الجناح المحسوب على «المؤتمر» بالإفراج عنه أو وقف ملاحقة قياداته. ويشارك هذا الجناح فيما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» بثلاثة ممثلين، إلا أن دوره ظل شكلياً، بينما تحرص الجماعة على اختيار رؤساء الحكومات المتعاقبين من شخصيات تنتمي إلى هذا الجناح لكنها تدين لها بولاء كامل.

ومع استمرار ضغوط الحوثيين، أصدر رئيس فرع «المؤتمر» في صنعاء صادق أبو رأس قراراً بتكليف يحيى الراعي أميناً عاماً للحزب إلى جانب موقعه نائب رئيس الحزب، في خطوة عُدت استجابة جزئية لمطالب الجماعة. إلا أن الحوثيين ردوا على هذه الخطوة بفرض حصار محكم على منزل أبو رأس في صنعاء، ما زال مستمراً منذ خمسة أيام، وفق مصادر محلية تحدثت إلى «الشرق الأوسط».

وتشير مصادر سياسية في صنعاء إلى أن الجناح «المؤتمري» رضخ لهذه الخطوة أملاً في إطلاق سراح الأحول ومرافقيه، إلا أن الجماعة لم تُظهر أي تجاوب، بل صعّدت من قيودها على قيادة الحزب بهدف استكمال السيطرة على هذا الجناح الذي قدّم تنازلات كبيرة ومتتالية منذ مقتل صالح.

تصعيد وضغوط متواصلة

اللجنة العامة، وهي بمثابة المكتب السياسي للحزب في جناحه الخاضع للحوثيين، عقدت اجتماعاً برئاسة الراعي، خُصص لمناقشة الأوضاع الداخلية وتطورات المشهد السياسي. وخلاله جدد الراعي التزام الجناح بوحدة الجبهة الداخلية وتماسكها مع الحوثيين لمواجهة «المؤامرات التي تستهدف استقرار البلاد»، حسب ما أورده الموقع الرسمي للحزب.

وأيدت اللجنة العامة بالإجماع قرار تعيين الراعي أميناً عاماً، مؤكدة تمسكها بوحدة الحزب وضرورة الالتفاف خلف قيادته التنظيمية والسياسية. غير أن اللافت كان غياب رئيس الحزب أبو رأس عن الاجتماع، في ظل استمرار فرض طوق أمني حول منزله، ما يعكس حجم الضغط الذي تمارسه الجماعة لإجبار الجناح على قبول بقية شروطها.

وتشير المصادر إلى أن قيادة «المؤتمر» لا تزال تراهن على إقناع الحوثيين بالاكتفاء بإقالة الأحول، وعدم فرض تغيير كامل في تركيبة القيادة، رغم أن الجماعة لم تُبد أي مرونة حتى الآن، وتواصل استغلال الانقسام الداخلي للحزب لإعادة تشكيله وفق متطلبات مشروعها السياسي.

إعادة إبراز لبوزة

تزامنت هذه التطورات مع تحركات حوثية متسارعة لتسمية رئيس جديد لحكومتهم غير المعترف بها، بعد مقتل رئيس الحكومة السابق أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً لهم قبل أسابيع.

ولاحظ مراقبون قيام الجماعة بإعادة إظهار القيادي المؤتمري قاسم لبوزة، الذي يشغل موقع «نائب رئيس المجلس السياسي» بصفة رمزية، بعد تغييب إعلامي دام عاماً ونصف العام.

وخلال الأيام الماضية، كثّف لبوزة من زياراته للوزراء الناجين من الغارة، بينما نشطت حسابات حوثية في الإشادة بـ«قدراته ومواقفه»، في خطوة يرى فيها البعض تمهيداً لتسميته رئيساً للحكومة الجديدة.

الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

وتقول مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن عودة ظهور لبوزة ليست مصادفة، بل هي مؤشر واضح على اختياره من قبل قيادة الجماعة لتولي رئاسة الحكومة، خصوصاً أنه كان أحد أبرز المرشحين للمنصب ذاته قبل تشكيل الحكومة السابقة.

كما أن الجماعة تحرص على استقطاب قيادات جنوبية ضمن جناح «المؤتمر» لتغطية طبيعة الحكومة المقبلة والظهور بمظهر التنوع المناطقي، رغم أن السلطة الفعلية تبقى في يد الجماعة حصراً.

ويرى المراقبون أن إعادة تدوير القيادات الموالية للجماعة داخل «المؤتمر»، ومنحها واجهات سياسية جديدة، يعكس أن الحوثيين ماضون في إحكام السيطرة على ما تبقى من الحزب، وتحويله إلى واجهة شكلية تبرر خياراتهم السياسية والعسكرية، خصوصاً مع ازدياد عزلة سلطة الجماعة داخلياً وخارجياً.


هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
TT

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)

لجأ عناصر وقادة حوثيون إلى ممارسة الابتزاز، والمساومة للحصول على شهادات الماجستير، والدكتوراه، في ظل تنافس أجنحة الجماعة على المناصب، والموارد، بينما يغرق التعليم الأكاديمي بالتمييز، والتطييف، واستغلال مؤسساته، وموارده لتقوية شبكات الولاء، والسيطرة على المجتمع.

ويساوم الحوثيون الملتحقون ببرامج الماجستير والدكتوراه طلاباً حاليين، وسابقين، لمساعدتهم في إعداد رسائلهم، من خلال إجراء البحوث، والدراسات، ويساهم القادة المعينون في مواقع قيادية في تلك الجامعات في عمليات الابتزاز من خلال اختيار الطلاب المتفوقين، والتنسيق بينهم، والقادة الساعين للحصول على المساعدة.

وكشف أحد الطلاب الملتحقين بدراسة برنامج للماجستير في كلية الآداب في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن منعه من دخول الحرم الجامعي بعد رفضه الاستجابة لضغوط شديدة، وإغراءات للقبول بمساعدة اثنين من القادة الحوثيين في إعداد الدراسات والأبحاث الخاصة بهما، وتضمنت الإغراءات إعفاءه من بعض الرسوم المطلوبة، ووعود بتوظيفه عند الانتهاء من الدراسة.

وأضاف الطالب الذي طلب التحفظ على هويته، حفاظاً على سلامته، أن عدداً من زملائه وافقوا على إعداد رسائل الماجستير لقادة وعناصر حوثيين مقابل حصولهم على بعض الامتيازات، والمكافآت المالية، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها السكان في مناطق سيطرة الجماعة.

طالبات في جامعة صنعاء خلال حفل تخرج (غيتي)

وأكّد أن إقبال عناصر الجماعة على الالتحاق بالجامعات للحصول على مختلف الشهادات الجامعية أصبح ظاهرة ملحوظة في جامعة صنعاء، واصفاً ذلك بالتهافت، والذي يرى أنه يأتي في سياق التنافس على المناصب في المؤسسات العمومية التي تسيطر عليها الجماعة.

اختراق المجتمع

تسعى الجماعة الحوثية، وفقاً لمصادر أكاديمية، إلى نفي تهمة العبث بالتعليم الأكاديمي، بإلزام عناصرها وقياداتها الملتحقين بالدراسة في مختلف الجامعات بالحصول على شهادات أكاديمية من خلال إعداد دراسات وأبحاث حقيقية وفقاً للمعايير العلمية، بعد أن تعرضت، خلال الفترة الماضية، للتهكم، بسبب حصول عدد من قادتها على شهادات عليا بسبب نفوذهم، وتحت عناوين تفتقر لتلك المعايير.

وأعلنت الجماعة الحوثية، في فبراير (شباط) الماضي، حصول مهدي المشاط، رئيس مجلس الحكم الحوثي الانقلابي، على درجة الماجستير، في واقعة أثارت استنكاراً واسعاً، وكثفت من الاتهامات لها بالعبث بالتعليم العالي، والإساءة للجامعات اليمنية.

الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

وتتنافس تيارات وأجنحة داخل الجماعة الحوثية للسيطرة على القطاعات الإيرادية بمختلف الوسائل، ويسعى قادة تلك الأجنحة إلى بسط نفوذهم من خلال تعيين الموالين لهم في مختلف إداراتها.

وتقول المصادر الأكاديمية لـ«الشرق الأوسط» إنه بسبب هذا التنافس بين هذه الأجنحة لجأ عدد من القادة الحوثيين إلى إطلاق معايير مختلفة للتعيينات، ولم يعد الولاء لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي حكراً على أحد داخلها، وتراجع معيار تقديم التضحيات من خلال القتال في الجبهات، أو إرسال الأبناء والأقارب إليها، بعد توقف المواجهات العسكرية مع الحكومة الشرعية.

ولجأ قادة الجماعة إلى المزايدة على بعضهم بالشهادات الجامعية التي حصلوا عليها، وتبرير استحقاقهم للمناصب بما يملكون من مؤهلات علمية، خصوصاً أن غالبيتهم لم يتلقوا تعليماً بسبب انتمائهم للجماعة، وانشغالهم بالقتال في صفوفها، إلى جانب أن العديد من العناصر التحقوا بها للحصول على النفوذ، وتعويض حرمانهم من التعليم.

وتطلب الجماعة من عناصرها الالتحاق بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية المستحدثة، للحصول على شهادة البكالوريوس تحت مبررات مختلفة، منها تعزيز «الهوية الإيمانية» لهم، وتأهيلهم في مواجهة «الغزو الفكري».

احتفالية حوثية في جامعة صنعاء في الذكرى السنوية لقتلاها (إعلام حوثي)

ويرى أكاديميون يمنيون أن الغرض من إنشاء هذه الجامعة وإلحاق آلاف العناصر الحوثية بها هو تطييف التعليم، واستغلال مخرجاته في تمكين الجماعة من إغراق المؤسسات العامة بعناصر موالية لها لإدارة شؤون المجتمع بالمنهج الطائفي، وتبرير منحهم المناصب القيادية العليا في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لسيطرتها.

تمييز وفساد

يتلقى الطلاب في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التابعة للجماعة الحوثية، بحسب مصادر مطلعة، تلقيناً حول إدارة المجتمع بمنهجية مستمدة مما يعرف بـ«ملازم حسين الحوثي»، وهي مجموعة من الخطب والمحاضرات التي ألقاها مؤسس الجماعة، وتعدّ مرجعاً لتوجيه الأتباع، وغرس أفكارها في المجتمع.

في غضون ذلك، أبدى عدد من طلاب جامعة صنعاء استياءهم من الفساد التعليمي، والتمييز الذي تمارسه الجماعة، بمنح المنتمين إليها درجات عالية في مختلف المواد والمقررات الدراسية رغم عدم حضورهم، أو تلقي الدروس، والاكتفاء بحضور الامتحانات.

أساتذة في جامعة صنعاء انتفضوا سابقاً ضد الممارسات الحوثية وتعرضوا للإقصاء (إعلام محلي)

وبَيَّن عدد من الطلاب لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة خصصت 10 درجات في كل مادة لكل طالب يشارك في فعالياتها التعبوية، وكلفت بعض الموالين لها من زملائهم بإعداد كشوفات لتسجيل حضور ومشاركة الطلاب في تلك الفعاليات.

وطبقاً لهؤلاء الطلاب، فإن المكلفين بمراقبة الحضور والمشاركة في الفعاليات لا يحضرون إلى قاعات الدراسة، ولا يشاركون في الدروس العملية، ولا يمكن مشاهدتهم إلا خلال فعاليات التعبئة.

وبسبب هذا التمييز والفساد يضطر عدد من الطلاب إلى الانضمام للجماعة للحصول على تلك الامتيازات، وضمان النجاح دون مجهود دراسي، والحصول مستقبلاً على وظيفة دون عناء.