أوجلان أعلن انتهاء الصراع المسلح مع تركيا بعد 47 عاماً

أكد إلقاء أسلحة «الكردستاني» ودعاه للعمل السياسي... وإردوغان تحدث عن تطورات إيجابية

زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان كما ظهر في الرسالة المصورة التي دعا فيها الحزب لبدء مرحلة جديدة بعد إلقاء أسلحته (أ.ف.ب)
زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان كما ظهر في الرسالة المصورة التي دعا فيها الحزب لبدء مرحلة جديدة بعد إلقاء أسلحته (أ.ف.ب)
TT

أوجلان أعلن انتهاء الصراع المسلح مع تركيا بعد 47 عاماً

زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان كما ظهر في الرسالة المصورة التي دعا فيها الحزب لبدء مرحلة جديدة بعد إلقاء أسلحته (أ.ف.ب)
زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان كما ظهر في الرسالة المصورة التي دعا فيها الحزب لبدء مرحلة جديدة بعد إلقاء أسلحته (أ.ف.ب)

كتب مؤسس حزب العمال الكردستاني وزعيمه التاريخي عبد الله أوجلان، فصل النهاية لصراع مسلح مع الدولة التركية استمر 47 عاماً، داعياً إلى التحول إلى السياسات الديمقراطية القانونية.

ورحب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالخطوة، مشدداً على أن تركيا لن تسمح بأي محاولة لتخريب عملية نزع المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) أسلحتها، معرباً عن أمله في إتمام العملية في أقرب وقت ممكن. وأعلن أوجلان أن حزب العمال الكردستاني تخلَّى رسمياً عن فكرة تأسيس دولة قومية للأكراد داخل تركيا، وانتهاء الكفاح المسلح بشكل طوعي, ووصف هذا التحول بأنه «فوز تاريخي».

ونشرت «وكالة فرات للأنباء»، المقرّبة من حزب العمال الكردستاني، الأربعاء، رسالة مصورة لأوجلان من داخل محبسه، الواقع في جزيرة إيمرالي، جنوب بحر مرمرة، أكد فيها أن وجود الشعب الكردي قد تم الاعتراف به، وبالتالي، فإن الكفاح المسلح أصبح من الماضي، في إعادة لما ذكره في ندائه للحزب الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي تحت عنوان: «دعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي».

رسالة جديدة لأوجلان

وقال: «في إطار الوفاء بالوعود التي التزمنا بها، ينبغي انتهاء الكفاح المسلح بشكل طوعي، والانتقال إلى المرحلة القانونية والسياسية الديمقراطية».

كان ظهور أوجلان (76 عاماً) في هذا الفيديو، وتوجيه هذا النداء، من المطالب الأساسية التي تمسك بها حزب العمال الكردستاني، وسمحت بها السلطات التركية، على الرغم من أن القانون التركي لا يسمح بالرسائل الصوتية أو المصورة للمحكومين بالسجن المؤبد المشدد.

أوجلان أطلق نداء «السلام والمجتمع الديمقراطي» 27 فبراير وأكده في رسالته الجديدة (إ.ب.أ)

وأضاف أوجلان، الذي ظهر معه في الفيديو عدد من السجناء الذين نُقلوا مؤخراً إلى إيمرالي بهدف كسر عزلته التي استمرت 26 عاماً: «أواصل الدفاع عن (نداء السلام والمجتمع الديمقراطي) الصادر في 27 فبراير، وأعتبر ردكم الإيجابي عليه، بمضمونه الشامل والدقيق، في المؤتمر الـ12 لحل حزب العمال الكردستاني (عُقد في كردستان العراق بين 5 و7 مايو - أيار الماضي)، رداً تاريخياً».

ولفت إلى أن هذا النداء يُعد «تحولاً تاريخياً»، وأنه صُمِّم ليحل محل بيان «مسار ثورة كردستان» الذي مضى عليه نحو خمسين عاماً، معرباً عن اعتقاده أنه يحمل مضموناً تاريخياً ومجتمعياً، ليس فقط للمجتمع التاريخي الكردي، بل للمجتمعين الإقليمي والعالمي أيضاً. وأضاف: «أؤمن بقوة السياسة والسلم الاجتماعي، لا بقوة السلاح، وأدعوكم إلى تطبيق هذا المبدأ. تؤكد التطورات الأخيرة في المنطقة بوضوح أهمية وإلحاح هذه الخطوة التاريخية التي اتخذناها».

وتابع أنه يجب اعتبار ما تم تحقيقه ذا قيمة وتاريخية عالية، معرباً عن شكره لجهود «الرفاق» الذين بنوا جسوراً من العلاقات لا تقل قيمةً وتستحق الثناء، و«يجب أن أؤكد بوضوح أن كل هذه التطورات كانت نتيجة الاجتماعات التي عقدتها في إيمرالي، وحرصتُ، كل الحرص، على أن تُعقد بإرادة حرة».

وشدد على أن التقدم المُحرز لا يُقدَّر بثمن، وأن «الخطوات التي يجب اتخاذها تاريخية».

إلقاء السلاح ومغادرة إيمرالي

وعن مسألة إلقاء أسلحة عناصر العمال الكردستاني، قال أوجلان: «بخصوص إلقاء السلاح، سيتم تحديد الطرق المناسبة والقيام بخطوات عملية سريعة». وحث في الرسالة، التي يعود تاريخ تسجيلها إلى شهر يونيو (حزيران) الماضي، البرلمان التركي على تشكيل لجنة للإشراف على نزع السلاح وإدارة عملية سلام أوسع نطاقاً.

الأكراد في ديار بكر احتفلوا بنداء أوجلان 27 فبراير لحل حزب العمال الكردستاني وإطلاق أسلحته (أ.ف.ب)

وذكر أن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، يبذل جهوده مع الأحزاب الأخرى في البرلمان التركي من أجل تشكيل هذه اللجنة، عادّاً إنشاء آلية لنزع السلاح سيدفع هذه العملية قدماً، مشدداً على أنه يتعين إلقاء الأسلحة بطريقة تبدد الشكوك وتفي بتعهدات حزب العمال الكردستاني.

وأجاب أوجلان في رسالته المصورة على النقاشات الواسعة حول ظروف سجنه وإمكانية إطلاق سراحه في إطار «الحق في الأمل»، الذي أقرته محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في 2014، والذي يسمح للمحكومين بالسجن المؤبد المشدَّد بالانخراط في المجتمع بعد قضاء 25 عاماً في السجن.

جانب من محاكمة أوجلان في تركيا عام 1999 (أرشيفية - إعلام تركي)

وقال: «كما تعلمون، لم أرَ حريتي قط على أنها قضيةً فردية، من الناحية الفلسفية، لا يمكن عزل الحرية الفردية عن حرية المجتمع، فالمجتمع حرٌّ بقدر ما يصبح الفرد حراً، والعكس بالعكس، من الطبيعي أن يتم الالتزام بهذا التوجه».

كان حزب العمال الكردستاني قد أعلن في 3 يوليو (تموز) الحالي أن مجموعة من مقاتليه (20 - 30 مقاتلاً) سوف يبدأون في تسليم أسلحتهم، في أول خطوة ملموسة باتجاه نزع السلاح في إطار «عملية السلام والحل الديمقراطي»، كبادرة حسن نية تؤكد لتركيا المضي في تعهداته بموجب نداء زعيمه التاريخي، الذي أعقبه إعلان الحزب في 12 مايو قراره حل نفسه وإلقاء أسلحته.

ويُنتظر أن تعقد مراسم لتسليم هذه المجموعة أسلحتها في السليمانية، الجمعة، لكن مصادر إعلامية تحدثت عن بدئها، الخميس، لأن حزب العمال الكردستاني كان ينتظر هذه الرسالة من أوجلان.

إردوغان يرحب

وفي أول رد فعل رسمية من جانب الدولة، قال الرئيس رجب طيب إردوغان: «بخصوص هدف (تركيا خالية من الإرهاب) ندخل في مرحلة سنسمع فيها أخباراً إيجابية خلال الأيام المقبلة، ونأمل أن تكتمل هذه المرحلة المباركة في أقصر وقت ممكن وبنجاح، دون أن تتعرض لأي انتكاسات أو محاولات تخريب من الأطراف المظلمة (لم يحددها)».

إردوغان أكد أمام نواب حزبه في البرلمان التركي أن الأيام القدمة ستشهد تطورات إيجابية (الرئاسة التركية)

وأضاف، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم: «سنحقق أولاً هدف تركيا خالية من الإرهاب، ثم هدف منطقة خالية من الإرهاب، وسنبرهن بذلك على أن تضحيات شهدائنا لم تذهب سدى».

وعلى صعيد تشكيل اللجنة البرلمانية، التي يُطلِق عليها حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، «لجنة السلام والمجتمع الديمقراطي»، بينما تضع الحكومة التركية العملية برمتها في إطار مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، من المقرر أن يوجه رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، الأسبوع المقبل، دعوة إلى رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب للاجتماع والبدء في تشكيل اللجنة التي ستتولى بحث الترتيبات القانونية اللاحقة على حل حزب العمال الكردستاني وتسليم أسلحته.

واستقبل كورتولموش، الأربعاء، رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، الذي أطلعه على مسار العملية الجارية لحل حزب العمال الكردستاني وتسليم أسلحته، والاتصالات التي قام بها في بغداد، الثلاثاء، وفي أربيل، الأسبوع الماضي، حول هذه العملية الهادفة إلى إنهاء الإرهاب في تركيا والمنطقة المحيطة.

وحسب مصادر أمنية في تركيا، ستستغرق عملية تسليم أسلحة حزب العمال الكردستاني من 3 إلى 5 أشهر، وستتم بتنسيق مع السلطات في العراق وإقليم كردستان، وسيتم إنشاء نقاط لتسليم الأسلحة في المناطق الحدودية مع تركيا.

إلى ذلك، ليس من المعروف، حتى الآن ماذا سيكون مصير العناصر المسلحة وقيادات حزب العمال الكردستاني، في أثناء سير هذه العملية.


مقالات ذات صلة

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

شؤون إقليمية قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

مددت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمرّ عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

بعث زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، برسالة إلى قائد «قسد» مظلوم عبدي، طالبه فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوفها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

وجّه زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان رسالة دعم جديدة لعملية السلام بتركيا في الوقت الذي تستمر فيه الاتصالات والمناقشات حولها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)

تركيا: تجاذب حول قانون أوجلان للسلام والاعتراف بـ«المشكلة الكردية»

فجّرت المطالب الكردية بشأن «عملية «السلام» في تركيا التي تمر عبر حل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته تجاذباً على الساحة السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

تستعد لجنة شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية السلام وحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.


واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
TT

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز في «الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية عابرة للحدود.

وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه يبحث عن مسؤول رفيع في «قوة القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»؛ للاشتباه بتورطه في توجيه وإدارة عمليات استهدفت مسؤولين أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين، في تطورٍ يعيد إلى الواجهة ملف المواجهة المفتوحة بين طهران والغرب، والذي طالما حذّرت منه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وكشف المكتب، في بيان صحافي، أن الشخص الذي كان يُعرَف سابقاً باسمه الحركي سردار عمار هو في الحقيقة سعيد توكلي، داعياً الجمهور إلى المساعدة في تقديم أي معلومات قد تسهم في مسار التحقيق، الذي تتولاه دائرة المكتب بواشنطن العاصمة.

ووفق الرواية الأميركية، فإن توكلي مطلوب للاستجواب، على خلفية شبهات تتعلق بإدارة عمليات استخباراتية سرية وعمليات «قاتلة» طالت معارضين إيرانيين وصحافيين، إضافة إلى مواطنين إسرائيليين ومسؤولين حاليين وسابقين بالحكومة الأميركية، سواء داخل الولايات المتحدة أم في عدد من الدول الأوروبية.

وفي محاولةٍ لتوسيع نطاق البحث، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصافاً جسدية لتوكلي، مشيراً إلى أن شعره رمادي أو أبيض، وعيناه بُنيتان، ويتحدث اللغة الفارسية، داعياً أي شخص يمتلك معلومات عنه إلى التواصل مع أقرب فرع للمكتب أو مع سفارة أو قنصلية أميركية.

صورة جرى توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تُظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري بالمياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

شبكة عابرة للحدود

وتقول السلطات الأميركية إن توكلي يتولى قيادة وحدة تُعرف باسم 11000 داخل «الحرس الثوري» الإيراني، وهي وحدة يُعتقد أنها لعبت دوراً محورياً في إدارة شبكة عملياتية مرتبطة بمحاولات هجوم في دول عدة؛ من بينها أستراليا واليونان وألمانيا والمكسيك.

وتنسجم هذه الاتهامات مع ما دأبت واشنطن على تأكيده بشأن اعتماد طهران، عبر «فيلق القدس»، على شبكات سرية تعمل خارج حدودها لتنفيذ عمليات ضغط أمني وسياسي ضد خصومها.

وكان جهاز الموساد الإسرائيلي قد أعلن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أن هذه الشبكة حاولت تنفيذ سلسلة هجمات، خلال عاميْ 2024 و2025، زاعماً إحباط عدد منها. ونقل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «الموساد» أن أنشطة الشبكة أدت، في إحدى نتائجها، إلى طرد السفير الإيراني من أستراليا؛ في خطوة عكست حجم التوتر بين كانبيرا وطهران، على خلفية تلك الاتهامات.

في السياق نفسه، كانت منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية قد اتهمت، في أغسطس (آب) 2025، «الحرس الثوري الإيراني» بتوجيه ما لا يقل عن هجوميْ حرق متعمَّد ذويْ طابع مُعادٍ للسامية.

وذكرت أن أحد الهجومين استهدف كنيس «أداس إسرائيل» في ملبورن، في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2024، في حين طال الآخر مطعم «لويس كونتيننتال كيتشن» في سيدني بتاريخ 20 أكتوبر 2024، وهي وقائع أثارت قلقاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والأمنية الأسترالية.

تحذيرات متراكمة

لا يأتي هذا التطور بمعزل عن سلسلة تحذيرات أطلقتها الإدارة الأميركية، خلال السنوات الأخيرة، بشأن محاولات إيرانية لتنفيذ عمليات خطف واغتيال داخل الأراضي الأميركية نفسها، فيما تعدُّه واشنطن تصعيداً غير مسبوق في أساليب المواجهة.

ففي أكتوبر الماضي، أعلن مكتب الادعاء العام بالمنطقة الجنوبية من نيويورك توجيه اتهامات إلى ثمانية أشخاص، بينهم مسؤول عسكري إيراني، بزعم ارتباطهم بشبكة سعت إلى قتل مواطن أميركي من أصل إيراني عبر استئجار «مجموعة إجرامية» من أوروبا الشرقية لاغتيال صحافي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ذهبت وزارة العدل الأميركية أبعد من ذلك، حين أعلنت أن ثلاثة أميركيين عُرضت مكافآت مالية مقابل اغتيالهم من قِبل مسؤول في «الحرس الثوري الإيراني»، وكان من بينهم دونالد ترمب، خلال حملته الانتخابية الرئاسية.

وفي تعليقٍ عكس نبرة التشدد الأميركية، قال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن «هناك قلة من الجهات في العالم تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي للولايات المتحدة بقدر ما تُشكله إيران».


الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

في الوقت الذي يحظى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأكبر دعم سياسي وعسكري واقتصادي غير مسبوق من الولايات المتحدة، عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

وتحدثوا عن شعورهم بأنه يشعر بالندم على قبوله الخطة ويرغب في العودة إلى استئناف الحرب.

وحسب «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قالت مصادر في واشنطن، إنه في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى الإعلان، منتصف الشهر المقبل، عن تأسيس «مجلس السلام» وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية وقوة الاستقرار الدولية في القطاع، والتقدم في خطة الرئيس ترمب للسلام الشامل، يعود نتنياهو إلى أفكار ومقترحات تهدد بانهيار الخطة.

الرئيس الأميركي دونال دترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

وذكرت هذه المصادر للقناة الإسرائيلية أن وزير الدفاع الأميركي، بيتر بيريان هيغسيث، ووزير الخارجية، مارك روبيو، والمستشارين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، «فقدوا ثقتهم بنتنياهو، وترمب هو الوحيد الذي لا يزال يحب نتنياهو. ولكن ترمب يريد ويصرّ على رؤية تقدم أسرع في اتفاق غزة مما هو يتقدم الآن»، ويريد أن يعقد اجتماع «مجلس السلام» برئاسته، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا يريد عراقيل إسرائيلية لخطته.

وقال مسؤول أميركي للقناة إن «الشعور السائد منذ فترة هو كأن الإسرائيليين نادمون على الاتفاق في غزة».

وفي تل أبيب، يقول اللواء (احتياط) إسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إن الرؤية لدى حكومة نتنياهو هي أن الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل هي أشبه بهدنة مؤقتة، وفي الوقت نفسه، تُستخدم التهديدات ذريعةً لسياسة أمنية قوية. ويؤكد أنه «على الرغم من انتهاء الحرب في لبنان وسوريا قبل عام، وفي غزة قبل نحو ثلاثة أشهر، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقش أو تتخذ أي قرار رسمي بشأن إنهاء الحرب، ناهيك عن أنها لم تعترف حتى بشكل كامل بانتهاء الحرب. وثمن عدم إنهاء الحرب باهظ للغاية، لكن هذه الحكومة تُفضّل تبديد ضباب المعركة والتخبط، بل وحتى نقض جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار المفروضة عليها على جميع الجبهات. ولا تُبدي أي اهتمام بالاعتراف بنهاية الحرب. بل على العكس، فهي ترغب سياسياً في العودة إلى الحرب بأسرع وقت ممكن؛ وذلك لأسباب داخلية محضة، مثل إزالة مسألة لجنة التحقيق الرسمية من على الطاولة، واختلال وظائفها، والفشل في إعادة تأهيل الشمال، والإهمال الذي تعاني منه إسرائيل جراء الحرب التي تتحمل مسؤوليتها، وتزايد عزلتها الدولية. وفي هذا يتسبب نتنياهو بالإحراج الشديد للرئيس ترمب، الذي وصف بأنه الأفضل لإسرائيل في التاريخ».

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة شرم الشيخ المصرية 13 أكتوبر 2025 (أرشيفية - أ.ف.ب)

إزاء هذا الوضع، تواصل الإدارة الأميركية التقدم في الإعداد لتطبيق خطة ترمب. ومن خلال الاجتماع الذي عقده ويتكوف مع رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية التركي، في ميامي، يوم الجمعة الماضي، تبين أن واشنطن تطالب الجيش الإسرائيلي أن يحترم اتفاق وقف إطلاق النار والامتناع عن استهداف المدنيين الغزيين.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إنه تقرر خلال اجتماع ميامي أن تشرف حكومة التكنوقراط الفلسطينية على نزع سلاح غزة، حسب ثلاثة مصادر في البيت الأبيض، وذلك من خلال إقناع «حماس» وتنظيمات مسلحة أخرى، بأن الحكومة الفلسطينية الجديدة هي المسؤولة الوحيدة عن القانون والنظام والمخولة استخدام السلاح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن نزع السلاح سيتم على مراحل، وسيكون التركيز في البداية على السلاح الثقيل، مثل الصواريخ والقذائف الصاروخية، ولاحقاً سيتم نزع أسلحة خفيفة، وأن هذه العملية ستشمل الميليشيات التي تدعمها وتسلحها إسرائيل، وأن بإمكان الحكومة الفلسطينية طلب مساعدة القوة الدولية.

كتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «القناة 12» إلى أن نتنياهو «متشكك حيال خطة نزع السلاح وتشكيلة حكومة التكنوقراط والقوة الدولية، وكذلك حيال أدوار تركية وقطرية في غزة»، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «لا ننظر إلى نتائج اللقاء في ميامي على أنه إيجابي».

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنه يتوقع أن يطرح ترمب أمام نتنياهو الوضع في الضفة الغربية والتخوف من انهيار السلطة الفلسطينية، وأن إدارة ترمب تريد دفع إصلاح في السلطة الفلسطينية «لكن هذا لن ينجح إذا استمرت إسرائيل في خنقها». وأضافوا أن إدارة ترمب تريد أن تنفذ إسرائيل خطوات للجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وأن تحرر مليارات الدولارات من مستحقات المقاصة التي تحتجزها، وأن «تتوصل إلى تفاهمات معينة مع الولايات المتحدة حول قضية المستوطنات».

وعلى الرغم من هذه الرسائل السلبية، ذكرت مصادر في تل أبيب أن نتنياهو ينوي إرضاء ترمب بقبول دور تركي في القوات الدولية في غزة، بشرط أن توافق أنقرة على تنسيق أمني مباشر معها.