ما نعرفه حتى الآن عن حريق «سنترال رمسيس»

حريق سنترال رمسيس (رويترز)
حريق سنترال رمسيس (رويترز)
TT

ما نعرفه حتى الآن عن حريق «سنترال رمسيس»

حريق سنترال رمسيس (رويترز)
حريق سنترال رمسيس (رويترز)

أفادت بيانات رسمية عدة من جهات مصرية بتمكن قوات الحماية المدنية من إخماد نيران الحريق الذي اندلع في سنترال رمسيس بوسط القاهرة وأدى إلى تعطل واسع النطاق لخدمات الإنترنت والهواتف، وكذلك الملاحة الجوية بالبلاد.

ووفقاً للسلطات المصرية، تمت السيطرة التامة على الحريق قرب فجر الثلاثاء، وكانت النيران قد نشبت عصر الاثنين، وتعمل قوات الدفاع المدني حالياً على تبريد مكان النيران لمنع تجددها مرة أخرى، وفق البيانات الرسمية.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الصحة المصرية ظهر الثلاثاء، فإن حريق السنترال أسفر عن 4 وفيات و27 مصاباً من العاملين بالشركة المصرية للاتصالات الذين كانوا في مقر عملهم بالسنترال وقت اندلاع الحريق.

وأكدت الوزارة أنه بالتنسيق مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، «عادت خدمات الأرقام الهاتفية للإسعاف وللرعاية العاجلة إلى الاستقرار بشكل كبير».

وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القاهرة عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس (مجلس الوزراء)

وقال رئيس البورصة المصرية، أحمد الشيخ، في تصريحات صحافية إن جلسة تداولات الثلاثاء تم إلغاؤها بشكل استثنائي، بعد تعطل جزئي في خدمات الاتصالات والربط الإلكتروني؛ نتيجة الحريق الذي اندلع عصر الثلاثاء في مبنى سنترال رمسيس التابع إلى الشركة المصرية للاتصالات.

وقرر البنك المركزي مد العمل بالبنوك حتى الخامسة مساء بدلاً من الثالثة بسبب تأثير الحريق على الخدمات المصرفية، أيضاً أعلنت وزارة الطيران المدني امتداد التأثير على خدمات الملاحة الجوية؛ ما أدى إلى تأخر بعض الرحلات من مطار القاهرة الدولي.

في حين كشف الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر عن أن الحريق، الذي اندلع في سنترال رمسيس نشب في غرفة أجهزة بالطابق السابع من المبنى؛ ما أدى إلى تلف بعض الكابلات الرئيسية والسيرفرات الحيوية، موضحاً في بيان أن فرق الحماية المدنية تحركت على الفور للسيطرة على النيران، مع اتخاذ إجراءات عاجلة شملت فصل التيار الكهربائي عن المبنى بالكامل لضمان سلامة العاملين ومنع تفاقم الأضرار.

رجل إطفاء يُخمد النيران بعد اندلاع حريق بمحطة تحويل الهواتف الأرضية ومبنى وزارة الاتصالات في قلب القاهرة (أ.ف.ب)

وأشار الجهاز إلى أن خدمات الإنترنت الثابت وخدمات المحمول (صوت/ نقل بيانات) تأثرت لدى شركات المحمول الثلاث بالبلاد نسبياً نتيجة تعطل بعض دوائر الربط بسبب الحريق، وجار التنسيق بين الفرق الفنية بالشركة المصرية للاتصالات وشركات المحمول لاستعادة دوائر الربط المتأثرة بحريق سنترال رمسيس واستبدالها باتجاهات أخرى على باقي سنترالات الشركة المصرية للاتصالات، ومن المتوقع استعادة دوائر الربط خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة، وأنه قد تم نقل حركة الإنترنت الثابت بالكامل على مركز الحركة التبادلي بسنترال الروضة.

وأكد الجهاز أن جميع خدمات الطوارئ تعمل بشكلٍ جيد، وأن تأثير الحريق محدود على الخدمات، كما تم توفير أرقام اتصال بديلة للأماكن المتأثرة، مع جود تأثير بسيط على خدمات التليفون الأرضي والمحمول بمحيط منطقة سنترال رمسيس ويؤكد على عودة الخدمة بشكلٍ تدريجي، وسوف يقوم بإصدار بيانات تبعاً لتطور الموقف.

وقدم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات اعتذاراً عن تأثر بعض الخدمات، وأكد قيامه بتعويض العملاء المتضررين طبقاً للوائح التنظيمية.

في حين قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري، عمرو طلعت، إنه خلال 24 ساعة ستعود خدمات الاتصالات كافة بشكل تدريجي، موضحاً أنه تم نقل جميع الخدمات إلى أكثر من سنترال ليعملوا شبكةً بديلة، ونفى أن تكون مصر معتمدة على سنترال رمسيس فقط مركزاً رئيسياً لخدمات الاتصالات.

حريق في مبنى اتصالات بمنطقة رمسيس بوسط القاهرة (رويترز)

وفي بيان، قال وزير الاتصالات: «لا يوجد سنترال واحد فقط تعتمد عليه مصر وسنترال رمسيس سيظل خارج الخدمة لأيام، ومع ذلك ستعود الخدمات بشكل تدريجي بعد ما تم نقل جميع الخدمات التي توجد في سنترال رمسيس إلى أكثر من سنترال».

وأضاف أن معظم الخدمات الحيوية تعمل بشكل طبيعي في أغلب المحافظات، مثل النجدة والمطافئ والإسعاف ومنظومة تقديم الخبز والمطارات والمواني والمرافق الحيوية، وبعض الخدمات في عدد من المحافظات المحدودة ظهرت بها أعطال يتم التعامل معها لاستعادتها خلال صباح الثلاثاء.

وشدد على أنه تتم متابعة الموقف أولاً بأول؛ موجهاً نحو سرعة الانتهاء من أعمال الإصلاح واستعادة خدمات الاتصالات المتأثرة في أسرع وقت، وحصر المستخدمين المتضررين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعويضهم.

وعن ملابسات الحادث، قال رئيس الشركة المصرية للاتصالات المالكة لسنترال رمسيس، المهندس محمد نصر، إن الحريق اندلع داخل إحدى صالات الطابق المخصص لاستضافة مشغلي الاتصالات، والذي يضم صالات منفصلة لكل مشغل، وامتد الحريق إلى الأدوار الأخرى نتيجة لشدته، وأوضح أن جميع صالات الأجهزة الخاصة بالشركة المصرية للاتصالات مؤمَّنة بإجراءات أمنية وأنظمة إطفاء ذاتية؛ مشيراً إلى أن قوة الحريق واشتداده حالَا دون تمكن أجهزة الإطفاء من إخماد الحريق.

وزير الاتصالات المصري يزور مصابي سنترال رمسيس (مجلس الوزراء)

وناقش مجلس النواب المصري خلال جلسته العامة، الثلاثاء، تداعيات حادث سنترال رمسيس حيث رد وزير الشئون النيابية والقانونية، محمود فوزي، على بيانات عاجلة مقدمة من نواب عدة بشأن حادث سنترال رمسيس، مؤكداً أن «السنترال سيبقى خارج الخدمة أسبوع أو أكثر والخدمات مستمرة».

وخلال الجلسة، قال رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي إن «وزير الشؤون النيابية في ردوده أوضح أن الحريق ينم عن ضرر جسيم يقع خلفه مباشرة خطأ جسيم»، متابعاً: «يعني هناك أخطاء جسيمة يا سيادة الوزير وحضرتك اعترفت بهذا، أي خطأ جسيم نتج عنه وفيات ينم عن أخطاء جسيمة للوزارة، هذا خطأ جسيم لا يمر مرور الكرام».

وبحسب بيان، قرر مجلس النواب إحالة جميع البيانات العاجلة إلى لجنة الاتصالات بالمجلس، وطالب اللجنة بعقد اجتماع عاجل، الثلاثاء، بحضور وزير الاتصالات مع نقل الحقائق كاملة للرأي العام.

وكان من بين النواب الذين تقدموا ببيانات عاجلة حول حريق السنترال، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب النائبة مارثا محروس، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «سنترال رمسيس إحدى النقاط الرئيسية في شبكة اتصالات الجمهورية، وداخله أكبر مراكز حفظ البيانات، حتى الآن غير معلوم أي معلومات عما مسه الحريق، وهذا هندسياً يحتاج إلى وقت لحصره؛ لأن كل كابل له حسابات وتقدير».

وتابعت: «اعتماد الشبكة على نقطة رئيسية واحدة مثل سنترال رمسيس، دون وجود قدرة حقيقية للمسارات البديلة على تحمّل نفس سعة الترافيك، كشف عن حاجة ملحة إلى تطوير البنية التحتية نحو نموذج أكثر توزيعاً ومرونة، يضمن استمرار الخدمة في حالات الطوارئ، دون توقف شامل كما حدث في الأزمة الأخيرة، وهو ما ستتم مناقشة وزير الاتصالات عن أسباب عدم وجوده ولماذا غابت الإجراءات الوقائية التي تمنع حدوث كوارث بهذا الشكل، فضلاً عن ضرورة معرفة أسباب الحريق».

تجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة بدأت التحقيقات في الحادث وانتقلت رفقة رجال المعمل الجنائي لمعاينة موقع الحريق وكشف أسبابه، وكانت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية المصرية نقلت عن مصدر أمني قوله إن الحريق يرجّح أن يكون بسبب تماس كهربائي.

وكان محافظ القاهرة، إبراهيم صابر، الذي تواجد في موقع السنترال وأشرف على إخماد النيران، قد أكد في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن أسباب الحريق غير معلومة، لكنه قرر تشكيل لجنة هندسية لبيان مدى تأثر مبنى سنترال رمسيس من الحريق.

وكان لافتاً أن وزيرة التنمية المحلية، منال عوض، التي تواجدت في موقع الحادث أيضاً أصدرت بياناً عقب إخماد النيران مؤكدة أن الحريق لم يسفر عن وفيات، وأدى فقط إلى إصابات طفيفة بين العاملين واختناقات بين أفراد الدفاع المدني وتم إسعافهم، لكن الحكومة كشفت بعد ذلك عن 4 وفيات و27 مصاباً.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

شمال افريقيا أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج» أحمد عبد القادر (ميدو) الذي سبق وجرى توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة المأخوذة من مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين مباني مدمرة وأعمدة دخان تتصاعد في الأفق إثر غارات إسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

مصر: لا مجال للحديث عن تقسيم غزة... والانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب ضرورة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي شاحنة محمَّلة بمساعدات إنسانية تنتظر الإذن على الجانب المصري من معبر رفح مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس» تدعو الوسطاء للضغط على إسرائيل لفتح معبر رفح في الاتجاهين

دعت حركة «حماس» الوسطاء والدول الضامنة لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار في غزة، إلى ممارسة ضغط جاد على إسرائيل لوقف «خروقاتها» للاتفاق.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا بهو المتحف المصري الكبير (الشرق الأوسط)

رفع قيمة تأشيرة الدخول إلى مصر... هل يؤثر على تدفقات السياحة؟

أثار قرار الحكومة المصرية زيادة «رسوم تأشيرات الدخول» إلى البلاد بنحو 20 دولاراً تساؤلات حول مدى تأثيره على حركة السياحة الوافدة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».


جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)

في خطوة تعكس اشتداد القبضة الحوثية على الحليف الشكلي لها داخل صنعاء، بدأت الجماعة خلال الأيام الماضية الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتها المقبلة، في وقت أبدت فيه قيادة ذلك الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الحوثيين، وعلى رأسها إقالة أمينه العام غازي الأحول من منصبه، بعد اعتقاله واتهامه بالتواصل مع قيادة الحزب المقيمة خارج اليمن.

وكانت أجهزة الأمن الحوثية قد اعترضت في 20 من أغسطس (آب) الماضي سيارة الأمين العام لفرع «المؤتمر» في مناطق سيطرتها، واقتادته إلى المعتقل ومرافقيه مع عدد من القيادات الوسطية، متهمةً إياهم بالتواصل المباشر مع قيادة الحزب في الخارج والتخطيط لإثارة الفوضى داخل تلك المناطق.

وبعد أيام من الاحتجاز، اشترط الحوثيون لعقد أي تسوية عزل الأحول وتعيين القيادي الموالي لهم حسين حازب بديلاً عنه، وهو اسم يلقى معارضة واسعة داخل قواعد الحزب، ويتهمه الكثيرون بالتنكر لمبادئ الحزب ومؤسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، خصوصاً بعد مقتله برصاص الحوثيين نهاية عام 2017.

الحوثيون اشترطوا عزل الأحول من موقعه بصفته أميناً عاماً لجناح حزب «المؤتمر» (إعلام محلي)

وقد سمح الحوثيون لأسرة الأحول بزيارته لأول مرة قبل أيام، غير أنهم تجاهلوا تماماً مطالب الجناح المحسوب على «المؤتمر» بالإفراج عنه أو وقف ملاحقة قياداته. ويشارك هذا الجناح فيما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» بثلاثة ممثلين، إلا أن دوره ظل شكلياً، بينما تحرص الجماعة على اختيار رؤساء الحكومات المتعاقبين من شخصيات تنتمي إلى هذا الجناح لكنها تدين لها بولاء كامل.

ومع استمرار ضغوط الحوثيين، أصدر رئيس فرع «المؤتمر» في صنعاء صادق أبو رأس قراراً بتكليف يحيى الراعي أميناً عاماً للحزب إلى جانب موقعه نائب رئيس الحزب، في خطوة عُدت استجابة جزئية لمطالب الجماعة. إلا أن الحوثيين ردوا على هذه الخطوة بفرض حصار محكم على منزل أبو رأس في صنعاء، ما زال مستمراً منذ خمسة أيام، وفق مصادر محلية تحدثت إلى «الشرق الأوسط».

وتشير مصادر سياسية في صنعاء إلى أن الجناح «المؤتمري» رضخ لهذه الخطوة أملاً في إطلاق سراح الأحول ومرافقيه، إلا أن الجماعة لم تُظهر أي تجاوب، بل صعّدت من قيودها على قيادة الحزب بهدف استكمال السيطرة على هذا الجناح الذي قدّم تنازلات كبيرة ومتتالية منذ مقتل صالح.

تصعيد وضغوط متواصلة

اللجنة العامة، وهي بمثابة المكتب السياسي للحزب في جناحه الخاضع للحوثيين، عقدت اجتماعاً برئاسة الراعي، خُصص لمناقشة الأوضاع الداخلية وتطورات المشهد السياسي. وخلاله جدد الراعي التزام الجناح بوحدة الجبهة الداخلية وتماسكها مع الحوثيين لمواجهة «المؤامرات التي تستهدف استقرار البلاد»، حسب ما أورده الموقع الرسمي للحزب.

وأيدت اللجنة العامة بالإجماع قرار تعيين الراعي أميناً عاماً، مؤكدة تمسكها بوحدة الحزب وضرورة الالتفاف خلف قيادته التنظيمية والسياسية. غير أن اللافت كان غياب رئيس الحزب أبو رأس عن الاجتماع، في ظل استمرار فرض طوق أمني حول منزله، ما يعكس حجم الضغط الذي تمارسه الجماعة لإجبار الجناح على قبول بقية شروطها.

وتشير المصادر إلى أن قيادة «المؤتمر» لا تزال تراهن على إقناع الحوثيين بالاكتفاء بإقالة الأحول، وعدم فرض تغيير كامل في تركيبة القيادة، رغم أن الجماعة لم تُبد أي مرونة حتى الآن، وتواصل استغلال الانقسام الداخلي للحزب لإعادة تشكيله وفق متطلبات مشروعها السياسي.

إعادة إبراز لبوزة

تزامنت هذه التطورات مع تحركات حوثية متسارعة لتسمية رئيس جديد لحكومتهم غير المعترف بها، بعد مقتل رئيس الحكومة السابق أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً لهم قبل أسابيع.

ولاحظ مراقبون قيام الجماعة بإعادة إظهار القيادي المؤتمري قاسم لبوزة، الذي يشغل موقع «نائب رئيس المجلس السياسي» بصفة رمزية، بعد تغييب إعلامي دام عاماً ونصف العام.

وخلال الأيام الماضية، كثّف لبوزة من زياراته للوزراء الناجين من الغارة، بينما نشطت حسابات حوثية في الإشادة بـ«قدراته ومواقفه»، في خطوة يرى فيها البعض تمهيداً لتسميته رئيساً للحكومة الجديدة.

الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

وتقول مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن عودة ظهور لبوزة ليست مصادفة، بل هي مؤشر واضح على اختياره من قبل قيادة الجماعة لتولي رئاسة الحكومة، خصوصاً أنه كان أحد أبرز المرشحين للمنصب ذاته قبل تشكيل الحكومة السابقة.

كما أن الجماعة تحرص على استقطاب قيادات جنوبية ضمن جناح «المؤتمر» لتغطية طبيعة الحكومة المقبلة والظهور بمظهر التنوع المناطقي، رغم أن السلطة الفعلية تبقى في يد الجماعة حصراً.

ويرى المراقبون أن إعادة تدوير القيادات الموالية للجماعة داخل «المؤتمر»، ومنحها واجهات سياسية جديدة، يعكس أن الحوثيين ماضون في إحكام السيطرة على ما تبقى من الحزب، وتحويله إلى واجهة شكلية تبرر خياراتهم السياسية والعسكرية، خصوصاً مع ازدياد عزلة سلطة الجماعة داخلياً وخارجياً.


هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
TT

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)
بوابة جامعة صنعاء كبرى الجامعات اليمنية (إعلام محلي)

لجأ عناصر وقادة حوثيون إلى ممارسة الابتزاز، والمساومة للحصول على شهادات الماجستير، والدكتوراه، في ظل تنافس أجنحة الجماعة على المناصب، والموارد، بينما يغرق التعليم الأكاديمي بالتمييز، والتطييف، واستغلال مؤسساته، وموارده لتقوية شبكات الولاء، والسيطرة على المجتمع.

ويساوم الحوثيون الملتحقون ببرامج الماجستير والدكتوراه طلاباً حاليين، وسابقين، لمساعدتهم في إعداد رسائلهم، من خلال إجراء البحوث، والدراسات، ويساهم القادة المعينون في مواقع قيادية في تلك الجامعات في عمليات الابتزاز من خلال اختيار الطلاب المتفوقين، والتنسيق بينهم، والقادة الساعين للحصول على المساعدة.

وكشف أحد الطلاب الملتحقين بدراسة برنامج للماجستير في كلية الآداب في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن منعه من دخول الحرم الجامعي بعد رفضه الاستجابة لضغوط شديدة، وإغراءات للقبول بمساعدة اثنين من القادة الحوثيين في إعداد الدراسات والأبحاث الخاصة بهما، وتضمنت الإغراءات إعفاءه من بعض الرسوم المطلوبة، ووعود بتوظيفه عند الانتهاء من الدراسة.

وأضاف الطالب الذي طلب التحفظ على هويته، حفاظاً على سلامته، أن عدداً من زملائه وافقوا على إعداد رسائل الماجستير لقادة وعناصر حوثيين مقابل حصولهم على بعض الامتيازات، والمكافآت المالية، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها السكان في مناطق سيطرة الجماعة.

طالبات في جامعة صنعاء خلال حفل تخرج (غيتي)

وأكّد أن إقبال عناصر الجماعة على الالتحاق بالجامعات للحصول على مختلف الشهادات الجامعية أصبح ظاهرة ملحوظة في جامعة صنعاء، واصفاً ذلك بالتهافت، والذي يرى أنه يأتي في سياق التنافس على المناصب في المؤسسات العمومية التي تسيطر عليها الجماعة.

اختراق المجتمع

تسعى الجماعة الحوثية، وفقاً لمصادر أكاديمية، إلى نفي تهمة العبث بالتعليم الأكاديمي، بإلزام عناصرها وقياداتها الملتحقين بالدراسة في مختلف الجامعات بالحصول على شهادات أكاديمية من خلال إعداد دراسات وأبحاث حقيقية وفقاً للمعايير العلمية، بعد أن تعرضت، خلال الفترة الماضية، للتهكم، بسبب حصول عدد من قادتها على شهادات عليا بسبب نفوذهم، وتحت عناوين تفتقر لتلك المعايير.

وأعلنت الجماعة الحوثية، في فبراير (شباط) الماضي، حصول مهدي المشاط، رئيس مجلس الحكم الحوثي الانقلابي، على درجة الماجستير، في واقعة أثارت استنكاراً واسعاً، وكثفت من الاتهامات لها بالعبث بالتعليم العالي، والإساءة للجامعات اليمنية.

الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

وتتنافس تيارات وأجنحة داخل الجماعة الحوثية للسيطرة على القطاعات الإيرادية بمختلف الوسائل، ويسعى قادة تلك الأجنحة إلى بسط نفوذهم من خلال تعيين الموالين لهم في مختلف إداراتها.

وتقول المصادر الأكاديمية لـ«الشرق الأوسط» إنه بسبب هذا التنافس بين هذه الأجنحة لجأ عدد من القادة الحوثيين إلى إطلاق معايير مختلفة للتعيينات، ولم يعد الولاء لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي حكراً على أحد داخلها، وتراجع معيار تقديم التضحيات من خلال القتال في الجبهات، أو إرسال الأبناء والأقارب إليها، بعد توقف المواجهات العسكرية مع الحكومة الشرعية.

ولجأ قادة الجماعة إلى المزايدة على بعضهم بالشهادات الجامعية التي حصلوا عليها، وتبرير استحقاقهم للمناصب بما يملكون من مؤهلات علمية، خصوصاً أن غالبيتهم لم يتلقوا تعليماً بسبب انتمائهم للجماعة، وانشغالهم بالقتال في صفوفها، إلى جانب أن العديد من العناصر التحقوا بها للحصول على النفوذ، وتعويض حرمانهم من التعليم.

وتطلب الجماعة من عناصرها الالتحاق بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية المستحدثة، للحصول على شهادة البكالوريوس تحت مبررات مختلفة، منها تعزيز «الهوية الإيمانية» لهم، وتأهيلهم في مواجهة «الغزو الفكري».

احتفالية حوثية في جامعة صنعاء في الذكرى السنوية لقتلاها (إعلام حوثي)

ويرى أكاديميون يمنيون أن الغرض من إنشاء هذه الجامعة وإلحاق آلاف العناصر الحوثية بها هو تطييف التعليم، واستغلال مخرجاته في تمكين الجماعة من إغراق المؤسسات العامة بعناصر موالية لها لإدارة شؤون المجتمع بالمنهج الطائفي، وتبرير منحهم المناصب القيادية العليا في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لسيطرتها.

تمييز وفساد

يتلقى الطلاب في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التابعة للجماعة الحوثية، بحسب مصادر مطلعة، تلقيناً حول إدارة المجتمع بمنهجية مستمدة مما يعرف بـ«ملازم حسين الحوثي»، وهي مجموعة من الخطب والمحاضرات التي ألقاها مؤسس الجماعة، وتعدّ مرجعاً لتوجيه الأتباع، وغرس أفكارها في المجتمع.

في غضون ذلك، أبدى عدد من طلاب جامعة صنعاء استياءهم من الفساد التعليمي، والتمييز الذي تمارسه الجماعة، بمنح المنتمين إليها درجات عالية في مختلف المواد والمقررات الدراسية رغم عدم حضورهم، أو تلقي الدروس، والاكتفاء بحضور الامتحانات.

أساتذة في جامعة صنعاء انتفضوا سابقاً ضد الممارسات الحوثية وتعرضوا للإقصاء (إعلام محلي)

وبَيَّن عدد من الطلاب لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة خصصت 10 درجات في كل مادة لكل طالب يشارك في فعالياتها التعبوية، وكلفت بعض الموالين لها من زملائهم بإعداد كشوفات لتسجيل حضور ومشاركة الطلاب في تلك الفعاليات.

وطبقاً لهؤلاء الطلاب، فإن المكلفين بمراقبة الحضور والمشاركة في الفعاليات لا يحضرون إلى قاعات الدراسة، ولا يشاركون في الدروس العملية، ولا يمكن مشاهدتهم إلا خلال فعاليات التعبئة.

وبسبب هذا التمييز والفساد يضطر عدد من الطلاب إلى الانضمام للجماعة للحصول على تلك الامتيازات، وضمان النجاح دون مجهود دراسي، والحصول مستقبلاً على وظيفة دون عناء.