الأزهر: الإعدام حكم الإسلام في عناصر تنظيم داعش الإرهابي

ردًا على استفسار وفد كنسي بريطاني عن سبب عدم تكفيرهم

الأزهر: الإعدام حكم الإسلام  في عناصر تنظيم داعش الإرهابي
TT

الأزهر: الإعدام حكم الإسلام في عناصر تنظيم داعش الإرهابي

الأزهر: الإعدام حكم الإسلام  في عناصر تنظيم داعش الإرهابي

أفتى الأزهر بأن حكم الإسلام فيما يقوم به عناصر تنظيم داعش من قتل وذبح للمسالمين هو «الإعدام»، ويطبق على أفعالهم حد الحرابة، وهو القتل، وأن القضية ليست في تكفيرهم.
وجاء ذلك في مجمل رد قيادات الأزهر على حكم تكفير التنظيم. وعقدت أمس بمشيخة الأزهر جلسة حوار بين علماء من الأزهر وقادة الكنيسة الإنجليكانية بعنوان «دور القادة الدينيين في مكافحة استخدام النصوص الدينية لارتكاب العنف والإرهاب باسم الدين».
وقال الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، رئيس لجنة حوار الأديان بمشيخة الأزهر، إن الأحداث التي يمر بها عالمنا المعاصر تقتضي أن يكون هناك حوار بين الشرق والغرب لتصحيح المفاهيم التي يستخدمها الإرهابيون للقيام بجرائمهم باسم الدين، مضيفا أن مصر لديها تجربة فريدة وعبقرية تجمع الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه في مظلة «بيت العائلة المصرية».
وتصدر جلسة حوار وفد كنيسة كانتربري البريطانية خلال لقائهم مع قيادات الأزهر أمس، وطرح سؤال: لماذا لا تكفرون الشباب المسلم الذين يقاتلون مع «داعش» في أوروبا ويرتكبون جرائم يحرمها الإسلام؟ ورد الأزهر قائلا: «القضية ليست التكفير.. لكن حكم هؤلاء في الإسلام الإعدام».
وتساءل أساقفة كنيسة كانتربري في لندن عن عدم صدور فتوى حتى الآن بتكفير «داعش» طالما يقومون بأعمال القتل والعنف ضد المسالمين. وقال زقزوق: «تطبق على أفعال هؤلاء حد الحرابة وهي القتل، وقضية هل هو كافر أم لا فهي قضية لفظية فقط؛ ولكن حكم هؤلاء في الإسلام هو الإعدام»، مضيفا: «لكن الإسلام يقول إن هذه ليست القضية ولا أهمية لها، لكن المهم ماذا يفعل الإسلام مع هؤلاء؟.. الإسلام أمر بتطبيق الحد تجاههم بأن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، بمعنى أن هناك حكما بالإعدام مع هؤلاء.. وهو موجود صريح في القرآن الكريم، ولا يهمني أن أقول إنهم كفار أو غير كفار، لأنها قضية لفظية فقط، لأنه كون أن يحكم الإنسان على إنسان آخر بالكفر، فهي علاقة ظاهرية، فلا يجوز لأحد أن ينظر في ضمير الآخر، حتى يمكننا أن نعرف أنه مؤمن أو غير ذلك، لكن القضية المهمة ما هو تعامل القرآن الكريم مع هؤلاء».
من جهته، أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، نائب رئيس جامعة الأزهر، أنه «ليس بالضرورة أن أكفر من يكفرني، فهؤلاء نعدهم من البغاة، ويطبق عليهم حد الحرابة، وهناك قواعد للدخول في الإسلام، ولا أستطيع إخراجه من الإسلام؛ إلا بخرق تلك القواعد». وتابع: «والنبي صلى الله عليه وسلم عرف الإسلام تعريفا واضحا، وهو شهادة أن (لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله)، وغيرها من بقية أركان الإسلام، فلا يمكن أن يخرج من الإسلام؛ إلا بإنكاره أحد أركان الإسلام»، لافتا إلى أن هناك ضوابط لفهم القرآن، فيجب أن تفسر آيات القرآن في إطار النص القرآني كله، والذي لا يفهم بعيدا عن سياق الأحداث التي نزلت فيه والأحداث المشابهة له في كل زمان، ومن خلال تفسير الحديث الشريف لهذه النصوص القرآنية. وأضاف أن «جماعات العنف انتزعت النصوص من سياقها، وفسرت آيات القتال تفسيرات خاطئة لتستبيح على أساسها قتل المخالفين، رغم أن الإسلام لم يشرع القتال إلا لصد المعتدين والدفاع عن الوطن، وحرم الاعتداء على ضيوف المجتمعات الإسلامية الذين دخلوا إليها بموجب تأشيرات دخول تعتبر بمثابة عهد أمان لهم».
ويجري الأزهر حوارا مع كنيسة كانتربري طبقا لاتفاق وقع بين الطرفين عام 2002، وطمأن الأزهر الوفد الكنسي على وضع المسيحية في المناهج التعليمية بمصر.
في ذات السياق، أكد القس توبي هاورث، ممثل كنيسة كانتربرى البريطانية في جلسة الحوار، أهمية الحوار مع الأزهر لمواجهة التنظيمات الإرهابية التي تنشر العنف والتطرف، وفي مقدمتها «داعش».
من جهته رد السفير عبد الرحمن موسى مستشار شيخ الأزهر، على تساؤل الأنبا منير حنا، ما الذي يمنع الأزهر من الوصول لعقول الشباب كما وصل إليهم «داعش»؟، قائلا: «نعلم جميعا كيف ذللت جميع الصعاب أمام داعش لكي تصل إلى العالم كله، وقد اندهشت في زيارتي الأخيرة منذ أسبوعين إلى بريطانيا، وأدهشني وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط بأن ميزانية داعش الإعلامية مليار دولار، فكان السؤال من أين هذا؟، ومن أين هذه الإمكانات الضخمة، وكيف تم لداعش الحصول على هذه الأموال».
وشدد السفير موسى على أن الأزهر طلب مرارا من القادة السياسيين في العالم أن يعملوا على مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا، وإصدار تشريعات تمنع الإساءة إلى الأديان؛ لكن «لا توجد أي استجابة من أحد.. وبهذا فلا يستغرب أن تتفشى العنصرية والإساءة للدين الإسلامي»، في الغرب.
واعترف رئيس الوفد الكنسي البريطاني بهذا التقصير، لكنه أفاد: «التشريعات في بريطانيا قوية وحاسمة فيما يتعلق بالكراهية ضد المسلمين»، مشددا على ضرورة التصدي لمثل تصريحات المرشح للرئاسة الأميركية ترامب، الذي حرض على المسلمين مؤخرا ودعا الأميركيين إلى حمل السلاح ضد المسلمين أو منعهم من دخول البلاد. وأضاف: «سوف نعمل معا للتصدي لمثل هذه التصريحات.. فعندما يخاف الناس، يلجأون لمثل هذه الأفعال الإجرامية، فلا بد أن نكون واضحين، لأنه يجب أن يعيش المسلمون والمسيحيون وكل الأديان السماوية في أمن وسلام كمواطنين».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.