انتقادات في إسرائيل لدعوة ترمب إلى إلغاء «المحاكمة السخيفة» لنتنياهو

محكمة ترفض طلب رئيس الوزراء إلغاء جلسات الأسبوعين المقبلين بسبب انشغاله بـ«قضايا إقليمية كبيرة»

الرئيس دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض يوم 7 أبريل الماضي (رويترز)
الرئيس دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض يوم 7 أبريل الماضي (رويترز)
TT

انتقادات في إسرائيل لدعوة ترمب إلى إلغاء «المحاكمة السخيفة» لنتنياهو

الرئيس دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض يوم 7 أبريل الماضي (رويترز)
الرئيس دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض يوم 7 أبريل الماضي (رويترز)

رفضت محكمة إسرائيلية، اليوم (الجمعة)، طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تأجيل جلسات محاكمته بتهم فساد خلال الأسبوعين المقبلين نتيجة انشغاله في قضايا إقليمية كبيرة.

وجاء ذلك في وقت رأت وسائل إعلام إسرائيلية أن القنبلة التي فجّرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عندما طالب بإلغاء «المحاكمة السخيفة على بعض السيجار والشمبانيا» التي يتعرض لها نتنياهو، يمكن أن ترتد على رئيس الوزراء وتورطه في قضية فساد أخرى. إذ إن ترمب، مهما كان صديقاً وحليفاً وكانت نياته طيبة إزاء نتنياهو، يظل رئيس دولة أجنبية.

وبحسب القانون الإسرائيلي، لا يجوز لمنتخب من الجمهور في إسرائيل أن يتلقى دعماً في مواجهة المحكمة، خصوصاً إذا كانت لدى الجهة الداعمة أو لدى بلادها مصالح في إسرائيل. وبالتالي فإن هذا التدخل يمكن أن يصبح نوعاً من الرشوة.

وقد خرجت وسائل الإعلام في الدولة العبرية تفسّر لترمب هذا القانون وتشرح له تفاصيل محاكمة نتنياهو وأنها ليست مسألة سيجار وشمبانيا فحسب، بل مسألة تلقي الرشى والاحتيال وخيانة الأمانة في قضايا كبيرة.

ولم يخل هذا التفسير من تهكم، من خلال القول مثلاً إن شخصاً لا يمانع في تلقي هدايا بمئات ملايين الدولات «لن يفهم خطورة أن يتلقى رئيس حكومة في إسرائيل بضعة مئات ألوف الدولارات.

لكن القانون الإسرائيلي السائد في إسرائيل تسنّه الكنيست وليس تغريدة في الشبكات الاجتماعية».

وأشارت وسائل إعلام إلى أن ترمب لم يطلق هذه المبادرة من خاطره، بل هناك من طلب منه ذلك، في تلميح إلى جهات تدعم نتنياهو.

وكتبت صحيفة «هآرتس» في مقال افتتاحي، اليوم الجمعة: «لقد أخطأ ترمب حين قرر التدخل في هذا الموضوع، سواء لأن في ذلك ما يضعف جهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي ويعمّق الاستقطاب، أو لأن تدخله الفظّ يرسم صورة إسرائيل دولة تابعة للولايات المتحدة. صحيح أنه استجاب لطلب الحكومة حين أعطى ضوءاً أخضر لهجوم على منشآت إيران النووية، بعث بقاذفات سلاح الجو الأميركي كي يساعد في الهجوم، بل وأوقف الحرب تجاه إيران في الوقت المناسب. كما أنه يعمل من خلال مبعوثه ستيف ويتكوف من أجل تحرير المخطوفين من غزة. لكن يجدر به أن يرفع يديه عن مسألة محاكمة نتنياهو، ويركز على مهمة أخرى حددها لنفسه، إنهاء الحروب».

وأضافت: «نتنياهو يُحاكم على سلسلة اتهامات خطيرة عليه أن يقدّم الحساب عليها. فهو ليس فوق الشعب ولا يستحق (تنزيلات إيران) أو (تنزيلات ترمب). لقد قال المرة تلو الأخرى، إنه: (لم يكن شيء ولا يوجد شيء). والآن على المحكمة، وعليها فقط، أن تحسم إذا كان بريئاً فعلاً أم هو مذنب».

وكانت التصريحات التي أدلى بها ترمب، وهاجم فيها محاكمة نتنياهو، بقضايا الفساد، قد أشعلت نار خلافات في المجتمع الإسرائيلي وأحدثت انقساماً حاداً في المواقف.

ويتضح، بحسب وسائل إعلامية، أن تصريحات ترمب جاءت في إطار صفقة كبيرة يعدّ لإبرامها تتضمن إنهاء الحرب في غزة، ومحاولة توسيع الاتفاق الإبراهيمي. وبعد ساعات قليلة من نشر تغريدة ترمب حول ضرورة إلغاء محاكمة نتنياهو، تقدّم محاميه بطلب رسمي إلى المحكمة المركزية في القدس، الخميس، لإلغاء مواعيد الإدلاء بشهادته خلال الأسبوعين المقبلين، في إطار محاكمته بقضايا فساد، وذلك «بسبب تطورات إقليمية ودولية وأمنية بالغة الأهمية». وجاء في الطلب الذي قدمه محامي نتنياهو، عميت حداد، أنه في أعقاب الحرب على إيران بالإضافة إلى «تطورات إقليمية ودولية إضافية، يُطلب من رئيس الحكومة تخصيص كامل وقته وطاقته لمعالجة قضايا سياسية، قومية وأمنية من الدرجة الأولى، من ضمنها إدارة الحرب على غزة، ومعالجة ملف الأسرى».

جانب من احتجاجات ضد بنيامين نتنياهو خارج قاعة محكمة في تل أبيب يواجه فيها اتهامات بالفساد يوم 10 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وأضاف الطلب أنه «في ظل هذه الظروف الاستثنائية، يُطلب من المحكمة المحترمة إلغاء الجلسات التي كان من المقرر أن يدلي خلالها رئيس الحكومة بشهادته خلال الأسبوعين المقبلين».

وأشار محامو الدفاع إلى أنهم سيحاولون خلال هذه الفترة استدعاء شهود آخرين من شهود الدفاع «قدر الإمكان».

وفي ساعة متأخرة من مساء الخميس، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن أن نتنياهو سيتوجه إلى واشنطن في زيارة عاجلة، حيث سيلتقي بالرئيس دونالد ترمب في الأسبوع الثاني من يوليو (تموز)، أي بعد أسبوعين.

وحسب المراسل السياسي لقناة «i24NEWS» العبرية، غاي عزريئيل، فإن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، يدير محادثات معمقة خلف الكواليس مع ستيف ويتكوف.

وفي هذه المرحلة، ليس من الواضح طبيعة الاجتماع بين ترمب ونتنياهو والقضايا التي ستُطرح فيه، ولكن يُفترض أنه سيشمل توسيع نطاق الاتفاق الإبراهيمي والدفع باتفاق لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء القتال في قطاع غزة. لكن المحكمة أصدرت قراراً، الجمعة، ترفض فيه إلغاء جلسات الأسبوعين وتقول إن تفسيرات نتنياهو لهذا الطلب غير كافية.

وقد سارع وزير المال بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير إلى نشر بيانين يحذران فيهما نتنياهو من خطورة العودة إلى «الحلول السياسية القديمة المهترئة» التي تعتمد على إقامة دولة فلسطينية.

وقالا: «نتنياهو لا يملك صلاحيات للتفاوض على دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال».

من جهته، سارع نتنياهو إلى إصدار بيان ينفي فيه أنه تلقى أي مقترح لإقامة دولة فلسطينية ونفى حتى وجود اتصالات بشأن صفقة شاملة مثل هذه.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بقضايا الفساد المرفوعة ضده ووصفها بأنها «مهزلة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي حينها فيديريكا موغيريني خلال مؤتمر في مدينة مكسيكو بالمكسيك 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

توقيف مسؤولة سابقة للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي بشبهة الاحتيال المالي

أفاد مصدر مطّلع أنه تم توقيف المسؤولة السابقة للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، بشبهة الاحتيال المالي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle 01:56

نتنياهو يمثُل أمام المحكمة... ما أبرز التهم الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي؟

مَثَل بنيامين نتنياهو، أمام المحكمة، اليوم (الاثنين)، للمرة الأولى منذ أن طلب من الرئيس العفو عنه في محاكمته بقضية فساد منظورة منذ فترة طويلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (إ.ب.أ) play-circle

وزير خارجية إسرائيل يؤيد إنهاء محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد

أعلن جدعون ساعر وزير خارجية إسرائيل، اليوم (الأحد)، تأييده إنهاء محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قضايا الفساد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية خلال خطاب أمام المؤتمر العام الـ39 لحزبه في أنقرة (حساب الحزب في إكس)

انتخاب أوزيل رئيساً لحزب «الشعب الجمهوري» للمرة الرابعة في عامين

تعهد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، بانتزاع حزبه السلطة في البلاد بالانتخابات المقبلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.