​تجدّد الحراك السياسي في تركيا حول حلّ «الكردستاني» و«الدستور الجديد»

كليتشدار أوغلو يترقب حكماً قضائياً يُعيده لرئاسة «الشعب الجمهوري»

إردوغان التقى بـ«وفد إيمرالي» للمرة الأولى لبحث قضية حلّ حزب «العمال الكردستاني» في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان التقى بـ«وفد إيمرالي» للمرة الأولى لبحث قضية حلّ حزب «العمال الكردستاني» في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)
TT

​تجدّد الحراك السياسي في تركيا حول حلّ «الكردستاني» و«الدستور الجديد»

إردوغان التقى بـ«وفد إيمرالي» للمرة الأولى لبحث قضية حلّ حزب «العمال الكردستاني» في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان التقى بـ«وفد إيمرالي» للمرة الأولى لبحث قضية حلّ حزب «العمال الكردستاني» في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)

يتسارع حراك سياسي بتركيا يسير في خطين متوازيين يركزان على عملية السلام الداخلي التي تقوم على حل حزب «العمال الكردستاني»، ووضع الدستور الجديد للبلاد.

وبينما أعلن البرلمان التركي إرجاء عطلته الصيفية التي كان من المقرّر أن تبدأ الثلاثاء وحتى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لمدة شهر، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أنه سيلتقي للمرة الثانية بـ«وفد إيمرالي» الذي شكّله حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، الذي يتولى الاتصالات مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين، عبد الله أوجلان، والحكومة والبرلمان وقادة الأحزاب السياسية.

إردوغان أيّد مبادرة حليفه بهشلي لحلّ حزب «العمال الكردستاني» (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه خلال عودته من لاهاي، حيث شارك في قمة قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إنه سيلتقي بوفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» (وفد إيمرالي) الأسبوع المقبل، إذا سنحت الفرصة. وأضاف: «بصفتنا (تحالف الشعب) - المكّون من حزبي (العدالة والتنمية) الحاكم و(الحركة القومية) - نسعى جاهدين إلى إبقاء العمل نحو هدف (تركيا خالية من الإرهاب) بعيداً عن التأثيرات الخارجية، ونواصل مسيرتنا بطريقة بناءة وحازمة وصبورة ومتفائلة».

حلّ «العمال الكردستاني»

وأكّد إردوغان اهتمام أجهزة الأمن الوثيق بقضية نزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، لافتاً إلى تبلور إجماع كبير في البرلمان، وقال إن الدعم للعملية على أعلى مستوى، وإنه لا يجب الزّج بهذه القضية الوطنية في جدل السياسة اليومية المُرهق. وعبّر إردوغان عن ارتياحه لأن مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» أحرزت تقدّماً ملحوظاً نحو تعزيز جبهتها الداخلية، رغم عدم اكتمال العملية بعد.

رئيس البرلمان نعمان كورتولموش خلال لقاء مع «وفد إيمرالي» الخميس (حساب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب على إكس)

في الوقت ذاته، التقى عضوا «وفد إيمرالي»، برفين بولدان ومدحت سنجار، برئيس البرلمان نعمان كورتولموش، الخميس. وأعلن بولدان وسنجار، في مؤتمر صحافي عقب اللقاء، أنهما سيلتقيان خلال الأيام المقبلة مع رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، الذي أطلق عملية السلام الحالية. وأضافا أنهما سيلتقيان أيضاً مع رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، والرئيس رجب طيب إردوغان، رئيس حزب «العدالة والتنمية»، كما سيزور الوفد أوجلان بعد انتهاء هذه الجولة.

وقال سنجار: «قد يكون لدى الجميع انتقادات واعتراضات وتحفظات، ولكن التعبير عنها بطريقة ديمقراطية، والسعي إلى حلول وسط في البرلمان سيسهمان في تحقيق السلام الاجتماعي، ونرجو أن يتم تشكيل اللجنة البرلمانية المعنية بالقضية قبل بدء عطلة البرلمان الصيفية».

الدستور الجديد

بالتوازي، عقدت اللجنة القانونية التي كلّفها إردوغان بإعداد مشروع الدستور الجديد لتركيا، اجتماعها الثالث. وأكّد إردوغان، في تصريحاته للصحافيين، أن تركيا بحاجة إلى دستور مدني ديمقراطي ينهي حقبة دساتير الانقلاب، عادّاً أن الدستور الحالي تحوّل إلى «خليط مرقع» بسبب تعدّد التعديلات التي أدخلت عليه.

إردوغان أكد أنه سيلتقي بـ«وفد إيمرالي» مجدداً ودعا إلى دعم الدستور الجديد (رويترز)

وربط إردوغان، بشكل غير مباشر، بين الدستور الجديد ومبادرة السلام المعروفة بـ«تركيا خالية من الإرهاب»، قائلاً إن «هدفنا هو توفير ضمانة أقوى في الدستور الجديد لجميع المكاسب التي دفعنا ثمنها».

وانتقد موقف حزب «الشعب الجمهوري» الذي يطالب أولاً بالالتزام بالدستور الحالي من أجل المشاركة في وضع الدستور الجديد، قائلاً: «إذا عملنا بهذا المنطق، فلن نلبي طموحات الأمة».

وتابع أن حزب «الشعب الجمهوري» أصبح «أسيراً لطموحات حفنة من صائدي الثروات، وفي ظلّ كل الأحداث التي تدور حولنا، لا يستطيع طرح أفكار أو اقتراحات أو حلول للمشاكل، (...) ويعيش مشاجرات لا تنتهي».

أزمة «الشعب الجمهوري»

يواجه حزب «الشعب الجمهوري» حالياً أزمة داخلية، قد تنتهي بعودة رئيسه السابق كمال كليتشدار أوغلو لرئاسته، إذا قضت المحكمة في 30 يونيو (حزيران) الحالي بـ«البطلان المطلق» لمؤتمره العام الـ38 الذي عقد في 5 و6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي خسر فيها كليتشدار أوغلو سباق الرئاسة لصالح إردوغان في الجولة الثانية من التصويت.

أوزيل وكليتشدار أوغلو خلال المؤتمر العام لحزب «الشعب الجمهوري» في نوفمبر 2023 (حساب الحزب على إكس)

واتّهم رئيس بلدية إسطنبول المحتجز، أكرم إمام أوغلو و11 غيره، بارتكاب مخالفات وتقديم رشوة أو وعود بمناصب لمندوبي الحزب للتصويت لصالح أوزيل الذي فاز برئاسة الحزب.

ورفض كليتشدار أوغلو دعوة أوزيل للإدلاء بتصريحات يرُدّ فيها على المزاعم التي جاءت في شكوى تقدم بها رئيس بلدية هطاي السابق، لطفي ساواش، ولم يستجب لجهود قام بها قيادات في الحزب، من بينهم رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، للإدلاء بهذه التصريحات. وقد تقود هذه القضية إلى قرار بعودة كليتشدار أوغلو، أو تعيين وصي لإدارة الحزب، حتى عقد مؤتمر عام جديد. وقال كليتشدار أوغلو إنه لن يقبل بفرض وصي على الحزب، لكن ليس من المنطقي القول بأنه لن يتم الاعتراف بقرار المحكمة، في إشارة إلى تصريح سابق لأوزيل.


مقالات ذات صلة

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

الولايات المتحدة​ ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى مبنى المستشارية في برلين (د.ب.أ)

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

قال مسؤول في البيت الأبيض إن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيلتقي، غداً الجمعة، مسؤولين قَطريين ومصريين وأتراكاً في ميامي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال خطاب أمام المؤتمر السنوي لسفراء تركيا بالخارج (الرئاسة التركية)

فيدان وبرّاك بحثا دمج «قسد» بالجيش السوري... وإردوغان حذر من انتهاكات إسرائيل

بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك المستجدات الخاصة بسوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مسيّرة «خارج السيطرة»، الاثنين، بعدما اقتربت من المجال الجوي التركي من جهة البحر الأسود.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان يؤكد مُضيَّ «العمال الكردستاني» في التخلص من أسلحته

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن عملية إحراق أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، وتطهير الكهوف الجبلية في شرق وجنوب شرقي البلاد مستمرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بوتين ترحيبه بجهود ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا

أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين يترحيبه بالحوار الذي يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام مع أوكرانيا

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مسار أمني ــ اقتصادي لمفاوضات لبنان وإسرائيل


«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»
TT

مسار أمني ــ اقتصادي لمفاوضات لبنان وإسرائيل


«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»

تأخذ المفاوضات بين لبنان وإسرائيل مساراً أمنياً - اقتصادياً، في وقت تعتمد تل أبيب سياسة «تضخيم» لقدراتِ «حزب الله»، ما يثير مخاوف من أنها تمهّد لتوجيه ضربة جديدة في لبنان.

وعقدت لجنة «الميكانيزم» المعنية بمراقبة وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، اجتماعَها الثاني بمشاركة مدنيين في الناقورة (جنوب لبنان). وتحدث بيان للسفارة الأميركية في بيروت عن تركيز البحث على «أهمية عودة سكان جانبي الحدود إلى منازلهم»، فيما أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنَّه، إضافة إلى نزع سلاح «حزب الله»، تمَّ البحث في تعزيز المشروعات الاقتصادية لإظهار المصلحة المشتركة في إزالة تهديد «حزب الله»، وضمان الأمن المستدام لسكان جانبي الحدود.

في موازاة ذلك، بث الجيش الإسرائيلي تسجيلات مصوّرة للأسير عماد أمهز الذي قُدّم بوصفه ضابطاً في «حزب الله» والذي خُطف في عملية نفذتها وحدة كوماندوز قبل عام في شمال لبنان. واعترف أمهز في التسجيلات بأنَّه قاد قوات سلاح بحرية تابعة للحزب ولإيران، ما أثار مخاوف من أن أقواله تندرج في إطار حملة تروّج لها تل أبيب لإقناع واشنطن بـ«ضرورة توجيه ضربة لـ(حزب الله)».

في المقابل، انتهت اجتماعات باريس المتعلقة بلبنان برضا العواصم المعنية الثلاث (باريس، وواشنطن، والرياض) عن أداء الجيش والتزامه الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح مع نهاية العام الحالي، فيما تم الاتفاق على عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.


السلطات التركية تحقق في تحطم مسيرة بعد أيام من إسقاط أخرى

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
TT

السلطات التركية تحقق في تحطم مسيرة بعد أيام من إسقاط أخرى

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)

قالت وزارة الداخلية التركية، اليوم الجمعة، إنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيّرة روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان - 10» في مدينة قوجه إيلي بشمال غرب ‌البلاد.

وذكرت الوزارة أن التقييمات الأولية تشير إلى أن الطائرة المسيرة ​كانت تُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، مضيفةً أن التحقيق في الواقعة لا يزال جارياً، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات التركية فتحت تحقيقاً، الجمعة، بشأن طائرة غير مأهولة تحطمت شمال غربي تركيا بعد أيام من إسقاط البلاد لمسيرة أخرى دخلت المجال الجوي من البحر الأسود، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وأوضحت قناة «إن تي في» الإخبارية أن سكان ولاية قوجه إيلي اكتشفوا طائرة غير مأهولة في أحد الحقول، مما دفع إلى فتح تحقيق رسمي بشأن الحطام.

واعترضت طائرات تركية من طراز «إف - 16»، الاثنين الماضي، ما وصفه مسؤولون بأنه مسيّرة «خارجة عن السيطرة» بعدما انتهكت المجال الجوي للبلاد.

وأفادت وزارة الدفاع بأنه جرى تدمير المسيرة في موقع آمن لحماية المدنيين والمجال الجوي. وحذرت الحكومة التركية بعد ذلك روسيا وأوكرانيا بأن عليهم الالتزام بأكبر قدر من الحذر فوق البحر الأسود.

وجاء هذا الإسقاط عقب سلسلة من الضربات الأوكرانية ضد ناقلات «أسطول الظل» الروسي قبالة الساحل التركي، مما زاد من المخاوف في تركيا بشأن خطر امتداد الحرب في أوكرانيا إلى المنطقة.


«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

TT

«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي

إظهار إسرائيل للبناني عماد أمهز الذي قدمته بوصفه «الضابط في الذراع العسكرية لـ(حزب الله)»، وهو يعترف بصوته وصورته بأنه قاد قوات سلاح بحرية تابعة للحزب ولإيران وتنطلق من بيروت لتنفيذ عمليات إرهاب ضد أميركا وغيرها من دول الغرب المعادية، جاء ضمن الحملة التي تروج لها السلطات الإسرائيلية لتبرير التصعيد الحربي على لبنان، ومحاولة لإقناع واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بـ«ضرورة توجيه ضربة قاسية أخرى لـ(حزب الله) تضطره إلى نزع سلاحه».

ومع أن أمهز اعتقل قبل سنة، وتم في حينه التحقيق معه وتوثيق اعترافاته، فإن إسرائيل اختارت نشرها، قبيل اجتماع لجنة مراقبة وقف النار الدولية، التي التأمت بحضور مدنيين اثنين، لبناني وإسرائيلي في رأس الناقورة الحدودية، من جهة، وبعد الاجتماعات التي عُقدت في باريس الخميس في حضور مسؤولين لبنانيين وأميركيين وسعوديين وفرنسيين، وفيها اتفق على أن يقوم الجيش اللبناني بإجراء «توثيق جدي» للتقدم المحرز على صعيد نزع سلاح «حزب الله». فالإسرائيليون ليسوا راضين عن هذه التقييمات الإيجابية لأداء الجيش اللبناني. ويصرون على مواصلة تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان، بدعوى أنّ «حزب الله» يعيد بناء قدراته العسكرية بمساعدة إيران، ويشكّكون في فاعلية الجيش اللبناني في هذا المجال. وهم لا يخفون استعداداتهم للقيام بتصعيد أكبر ضد لبنان، علماً بأن غاراتهم اليومية تسببت بمقتل 340 لبنانياً منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار.

كان الجيش الإسرائيلي قد نشر، الجمعة، شريط فيديو يوثق اعترافات أمهز، ويكشف فيه مشروعاً بحرياً سرياً لـ«حزب الله»، واصفاً إياه بأنه أحد أكثر المشاريع حساسيةً وسريةً داخل التنظيم. ووفق المعطيات التي كُشف عنها، فإن هدف المشروع تُمثل في إنشاء بنية تحتية منظمة لتنفيذ عمليات إرهابية في البحر، تحت غطاء أنشطة مدنية، بما يتيح استهداف مصالح وأهداف إسرائيلية ودولية في المجال البحري، موجهة ضد «كل القوى المعادية وبينها الأميركية والغربية».

وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن المشروع أُدير بشكل مباشر من قبل الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله، إلى جانب فؤاد شكر، الذي شغل منصب رئيس أركان التنظيم، وكلاهما تم اغتيالهما في شهر سبتمبر (أيلول) 2024 خلال الحرب، ويقوده المسؤول المباشر عن «الملف البحري السري»، علي عبد الحسن نور الدين، الذي تولى تنسيق وتطوير القدرات العملانية المرتبطة بهذا المشروع. وقال أمهز في هذا الشريط إن العملية التي قادت إلى تفكيك خيوط المشروع تعود إلى نحو عام، حين نفذ مقاتلو وحدة الكوماندوز البحري التابعة للجيش الإسرائيلي عملية خاصة أُطلق عليها اسم «من وراء الخطوط»، في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد 140 كيلومتراً من الشواطئ الإسرائيلية، التي اعتقلت القوة الإسرائيلية خلالها عماد أمهز، «العنصر البارز في وحدة صواريخ الساحل التابعة لـ(حزب الله)، ويُعد إحدى الشخصيات المركزية في (الملف البحري السري)».

ووضع الجيش الإسرائيلي لائحةً لقادة «حزب الله»، الذين تم اغتيالهم وبينها صورة علي نور الدين، الذي قالوا «إنه لم يقتل بعد، لكنه تحت مرمى السهام». وقال الأسير أمهز إن الوحدة البحرية لـ«حزب الله» تمكنت من تنفيذ عشرات العمليات السرية، بينها استخدام النقل البحري المدني للجنود وتفعيل دوريات وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل وعمليات مراقبة وتجسس للبحرية الأميركية والغربية في البحر المتوسط.

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن أمهز نُقل إلى إسرائيل وخضع لتحقيق أمني معمّق، تبيّن خلاله أنه تلقى تدريبات عسكرية متقدمة في إيران ولبنان، واكتسب خبرة بحرية واسعة خُصصت لتنفيذ هجمات إرهابية في البحر. كما أقر خلال التحقيق بدوره المحوري في المشروع البحري السري، وقدم معلومات استخبارية وُصفت بالحساسة، أسهمت في كشف طبيعة المشروع، هيكليته، وأهدافه العملانية. وشدد على أن هذا الكشف يسلط الضوء على سعي «حزب الله» لتوسيع ساحات المواجهة، ونقلها إلى المجال البحري، عبر استغلال واجهات مدنية، بما يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والملاحة الدولية، ويبرر، وفق البيان، مواصلة الجهود الاستخبارية والعملانية لإحباط مثل هذه المخططات.

ويرمي النشر على هذا النحو، أيضاً، لإبراز مدى فداحة خسائر «حزب الله» في هذه الحرب وإزالة الانطباع بأن قادته مقاتلون صلبون، وإظهارهم ضعفاء في الأسر الإسرائيلي يكشفون أوراقهم الأمنية. وهذه طريقة معروفة تتبعها إسرائيل منذ قيامها، بشكل خاص مع الفلسطينيين، وكذلك مع جنود مصريين وسوريين تم أسرهم في العمليات الحربية.