السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا... هل اقترب بعد إعلان ترمب؟

الرئيس الأميركي أكد توقيع البلدين «معاهدة» الاثنين

كونغوليون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من قراهم في أعقاب اشتباكات بين حركة «23 مارس» والجيش الكونغولي قرب غوما (رويترز)
كونغوليون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من قراهم في أعقاب اشتباكات بين حركة «23 مارس» والجيش الكونغولي قرب غوما (رويترز)
TT

السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا... هل اقترب بعد إعلان ترمب؟

كونغوليون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من قراهم في أعقاب اشتباكات بين حركة «23 مارس» والجيش الكونغولي قرب غوما (رويترز)
كونغوليون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من قراهم في أعقاب اشتباكات بين حركة «23 مارس» والجيش الكونغولي قرب غوما (رويترز)

إعلان أميركي جديد بشأن «معاهدة سلام» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، فتح تساؤلات جادة حول مستقبله، خصوصاً بعد أن حدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، موعداً مبكراً لإبرام الاتفاق بين البلدين، الاثنين المقبل، بعد أيام من توقيع اتفاق أولي بين البلدين الجارين المتصارعين منذ عقود.

هذا الإعلان الرئاسي الأميركي يراه خبراء في الشؤون الأفريقية تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، بادرة جيدة يمكن البناء عليها؛ لكن تحتاج إلى تفاوض مباشرة مع حركة التمرد «23 مارس» المدعومة من رواندا، حتى يتم الابتعاد عن اتفاق هش والتوصل إلى سلام دائم.

وأعلنت الكونغو الديمقراطية ورواندا، في بيان مشترك، الأربعاء، أنهما وقعتا بالأحرف الأولى على اتفاق ينهي النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسيتم توقيعه رسمياً بالعاصمة الأميركية في 27 يونيو (حزيران) الحالي.

وأشاد ترمب في منشور على منصته «تروث سوشيال» بتلك الخطوة التي رعتها واشنطن، وقال إنه «يوم عظيم لأفريقيا وللعالم»، موضحاً أن مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا سيحضرون إلى واشنطن، الاثنين، للتوقيع على معاهدة السلام، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، السبت، دون الكشف عن سبب ذلك التبكير.

وتعاني منطقة شرق الكونغو الديمقراطية الغنية بالموارد من أعمال عنف منذ 3 عقود، وقد تجددت منذ أن شنت جماعة «23 مارس» المسلحة المناهضة للحكومة والمدعومة من رواندا هجوماً جديداً في نهاية عام 2021، تصاعد منذ مطلع العام الحالي.

المحلل السياسي التشادي، المختص بالشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن إعلان ترمب «يمثل خطوة دبلوماسية مهمة، لكنه لا يعني بالضرورة أن السلام بين البلدين قد اقترب فعلاً، فأمام هذا الأمل الذي قد يثيره الإعلان، صراع يمتد لعقود من الزمن، ويعتمد على عوامل مُعقّدة تشمل الصراع على الأراضي، والموارد الطبيعية، والتحالفات العسكرية والسياسية المتشابكة».

كما أن التبكير في موعد الإعلان الذي كان مقرراً في 27 يونيو الحالي، يشير إلى «رغبة واشنطن في تسريع جهودها لحل الأزمات بين البلدين»، وفق عيسى، لكن «لا يعني بالضرورة إنهاء جميع القضايا العميقة بينهما بشكل كامل، لأن التوترات في منطقة شرق الكونغو تتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي، خصوصاً أن دعم رواندا للحركات المسلحة الكونغولية قد أسهم في تعقيد الوضع الأمني بشكل كبير».

جنود من جيش الكونغو الديمقراطية يتمركزون خارج غوما في مقاطعة شمال كيفو (رويترز)

في المقابل، يعتقد المحلل السياسي السوداني المختص بالشأن الأفريقي، محمد شمس الدين، أنه «رغم أن ترمب متقلب المواقف ولديه إرث من التصريحات المتناقضة؛ فإنه لم يعلن جازماً بهذه الصيغة حول موعد الاتفاق النهائي بين الكونغو ورواندا؛ إلا في حال وصلت إليه تأكيدات حول الموقف النهائي لأطراف هذا الاتفاق متعدد الأطراف».

وبرأي شمس الدين، فإن «هذا الإعلان قد يعجل بنهاية معاناة بلدين عانى شعبهما طويلاً من الصراعات والتدخلات في شؤون بعضهما بصورة عطلت مسيرة الازدهار الاقتصادي، رغم ثراء المنطقة بالثروات والمعادن الثمينة التي تعتمد عليها صناعات الحاضر والمستقبل التكنولوجية، بالإضافة لطاقة المستقبل (اليورانيوم)».

وتضمن الاتفاق الأولى للبلدين الذي يستند إلى إعلان المبادئ الذي تمت الموافقة عليه في أبريل (نيسان) الماضي، أحكاماً بشأن «احترام سلامة الأراضي ووقف الأعمال العدائية» في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، و«فك الارتباط ونزع السلاح والدمج المشروط للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة»، بحسب البيان الذي أصدرته وزارة خارجية البلدين، بالإضافة إلى قطر وهي وسيط أيضاً.

ووقَّعت رواندا والكونغو الديمقراطية، في 25 أبريل الماضي «إعلان مبادئ» في واشنطن، بحضور وزير الخارجية الأميركي، وذلك عقب يومين من إعلان حكومة الكونغو الديمقراطية، وحركة «23 مارس»، في بيان مشترك، اتفاقهما، عقب وساطة قطرية، على «العمل نحو التوصُّل إلى هدنة».

وأواخر مايو (أيار) الماضي، نقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، عن مصدرين مقربين من المفاوضات، أن «مسؤولين من الكونغو الديمقراطية متفائلون بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن في نهاية يونيو الحالي، لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، فضلاً عن دعم الولايات المتحدة جهود إنهاء التمرد المدعوم من رواندا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية».

عناصر من حركة «23 مارس» يقومون بدوريات في الشوارع بمقاطعة كيفو شرق الكونغو (أ.ف.ب)

وحققت حركة «23 مارس» المسلحة التي يقول خبراء الأمم المتحدة والولايات المتحدة إنها مدعومة عسكرياً من رواندا، تقدماً سريعاً في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، واستولت على بلدات رئيسية وأراضٍ شاسعة في اشتباكات أسفرت عن مقتل الآلاف.

ومنذ 2021، أُقرَّ أكثر من 10 اتفاقات هدنة في منطقة شرق الكونغو الديمقراطية، لكن كلّ المحاولات الدبلوماسية لإنهاء النزاع باءت بالفشل.

ويرى عيسى أن «عدم إشراك القوى الفاعلة الأخرى في المنطقة، مثل الجماعات المسلحة بشرق الكونغو في الاتفاق، قد يُبقي السلام هشّاً وعرضة للانهيار»، مضيفاً أنه «من المحتمل أن حركة التمرد في شرق الكونغو لن تستجيب بسهولة لمجرد توقيع معاهدة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، لأن لديها أهدافاً سياسية وعسكرية طويلة الأمد، وهي لا تتوقف فقط بسبب اتفاقات بين الحكومات»، مشيراً إلى أنه «حتى إذا تم توقيع المعاهدة بين البلدين، فالتعامل مع هذه الحركة يتطلب مفاوضات مباشرة معها، ودمجها في العملية السياسية أو العسكرية».

وحذر من أنه «إذا كانت المعاهدة تقتصر على الحكومات فقط دون معالجة قضية الجماعات المسلحة، فقد نشهد سلاماً مؤقتاً في العلاقات بين الكونغو ورواندا».

شمس الدين يرى أيضاً أن تلك الحركة المتمردة «ستكون مفتاح هذا الاتفاق التاريخي، والتي لن يتغير موقفها من دون الحصول على ضمانات ومكاسب قوية بالحصول على ما تبحث عنه منذ عقود من حصة في السلطة تمكنها من ضمان حصتها في الثروة، التي ستكون ضالعة في حراستها والإشراف عليها بحكم وجودها في مناطق شرق البلاد التي تربطها مع رواندا».


مقالات ذات صلة

الصومال يتأهب أمنياً لأول انتخابات مباشرة منذ 6 عقود

العالم العربي قائد قوات الشرطة الوطنية بالصومال العميد أسد عثمان عبد الله (وكالة الأنباء الصومالية)

الصومال يتأهب أمنياً لأول انتخابات مباشرة منذ 6 عقود

وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة تقترب أول انتخابات مباشرة في الصومال منذ عقود، من خطوة التصويت الشعبي، الخميس المقبل، وسط خلافات بين الحكومة الفيدرالية والمعارضة.

محمد محمود (القاهرة)
أفريقيا صورة أطفال نشرها المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية صنداي داري (إكس)

نيجيريا: الجيش يعلن القضاء على 21 «داعشياً»

أعلن الجيش النيجيري القضاء على 21 من عناصر تنظيم «داعش في غرب أفريقيا»، خلال عملية عسكرية لمحاربة الإرهاب بولاية بورنو، أقصى شمال شرقي البلاد.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جدد مجلس الأمن الدولي ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026.

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا آبي أحمد خلال استقبال الرئيس الصومالي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

محادثات «شيخ محمود - آبي أحمد»... هل تلقي بـ«ظلال إيجابية» على الصومال؟

تأتي محادثات بين رئيس الصومال حسن شيخ محمود، ورئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، في توقيت مهم لمقديشو، إذ تتواصل لقاءات للمعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند

محمد محمود (القاهرة )
أفريقيا الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة تنشط فيها مجموعات إرهابية (إعلام محلي)

نيجيريا: مقتل قيادي «إرهابي» في عملية للجيش

أعلن الجيش النيجيري مقتل قائد إرهابي ومصوّره وعدد من العناصر الإرهابية الأخرى، ضمن المهام التي تنفذها قوات عملية «هادين كاي» العسكرية، في ولاية بورنو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)

مسلّحون يخطفون 28 شخصا أثناء توجههم إلى مهرجان إسلامي في نيجيريا

جنود من الجيش النيجيري (متداولة)
جنود من الجيش النيجيري (متداولة)
TT

مسلّحون يخطفون 28 شخصا أثناء توجههم إلى مهرجان إسلامي في نيجيريا

جنود من الجيش النيجيري (متداولة)
جنود من الجيش النيجيري (متداولة)

نصب مسلّحون كمينا لمركبة في وسط نيجيريا تقل أشخاصا كانوا في طريقهم لحضور مناسبة دينية إسلامية، وقاموا بخطف 28 شخصا بينهم نساء وأطفال، بحسب تقرير أمني صدر الاثنين.

وجاء في التقرير الذي أعد للأمم المتحدة واطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية «مساء 21 ديسمبر (كانون الأول)، خطف مسلحون 28 شخصا، بينهم نساء وأطفال، أثناء توجههم إلى تجمع المولد النبوي الشريف» قرب قرية زاك في منطقة بشار في ولاية بلاتو.

وتُعد هذه الواقعة الأحدث في سلسلة من عمليات الخطف الجماعي التي وقعت في الأسابيع الأخيرة والتي سلطت الضوء على الوضع الأمني المتردي في نيجيريا.


نيجيريا تعلن حل الخلاف الدبلوماسي مع واشنطن

وزير الإعلام النيجيري محمد إدريس (رويترز)
وزير الإعلام النيجيري محمد إدريس (رويترز)
TT

نيجيريا تعلن حل الخلاف الدبلوماسي مع واشنطن

وزير الإعلام النيجيري محمد إدريس (رويترز)
وزير الإعلام النيجيري محمد إدريس (رويترز)

أعلنت الحكومة النيجيرية، الاثنين، أن الخلاف الدبلوماسي الأخير مع الولايات المتحدة، الذي هدد فيه الرئيس دونالد ترمب بالتدخل العسكري على خلفية مزاعم بوقوع مجازر بحق المسيحيين، «قد تم حلّه إلى حد كبير».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) انتقادات مفاجئة لنيجيريا، قائلا إنّ مسيحييها يواجهون «تهديداً وجودياً» يصل إلى حد «الإبادة»، وسط النزاعات المسلحة المتعددة التي تشهدها الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

ورحّب البعض بهذه الحملة الدبلوماسية، فيما عدّ آخرون أنها قد تؤجّج التوترات الدينية في أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، التي شهدت في الماضي موجات من العنف الطائفي.

وقال وزير الإعلام النيجيري محمد إدريس في مؤتمر صحافي عُقد في العاصمة بمناسبة نهاية العام: «لقد حُلّ الخلاف الدبلوماسي الأخير مع الولايات المتحدة إلى حد كبير من خلال حوار جِدي قائم على الاحترام، توج بتعزيز الشراكة بين أميركا ونيجيريا».

وترفض الحكومة النيجيرية ومحلّلون مستقلون توصيف العنف في البلاد بأنه اضطهاد ديني، وهو خطاب لطالما استخدمه اليمين المسيحي في الولايات المتحدة وأوروبا، والانفصاليون النيجيريون الذين يحتفظون بلوبي نشط في واشنطن.

وجاءت تصريحات إدريس بعدما استقبلت نيجيريا وفداً من الكونغرس الأميركي في وقت سابق هذا الشهر.

لكن نيجيريا لا تزال على قائمة واشنطن للدول «المثيرة للقلق» بشأن اتهامات بانتهاك الحرية الدينية.

وفي الأسبوع الماضي، كانت نيجيريا من بين الدول التي شملتها قيود التأشيرات والهجرة التي فرضتها إدارة ترمب.

غير أنّ هناك مؤشرات على ازدياد التعاون الأمني، إذ يتابع محلّلون ارتفاعاً في رحلات الاستطلاع الأميركية فوق معاقل جهادية معروفة داخل الغابات.

وتُعدّ النزاعات المسلحة المتعددة في نيجيريا معقدة، وتتسبب في مقتل مدنيين مسلمين ومسيحيين من دون تمييز في كثير من الأحيان.

وتواجه البلاد تمرداً جهادياً مستمراً في شمال شرقها، بالإضافة إلى عصابات «قطاع طرق» تنهب القرى، وتنفذ عمليات خطف مقابل فدية في شمال غربي البلاد.

أما في الوسط، فيتواجه رعاة مسلمون في الغالب مع مزارعين مسيحيين، لكن العنف يرتبط بالأرض والموارد أكثر من ارتباطه بالدين، حسب الخبراء.

ودافع إدريس أمام الصحافيين أيضاً عن اتفاق مساعدات حديث سيُسهم بموجبه الجانب الأميركي بـ2.1 مليار دولار، مع ما وصفته وزارة الخارجية الأميركية بأنه «تركيز قوي على دعم مقدّمي خدمات صحية مسيحيين». وقال إن «هذا الترتيب سيعود بالفائدة على كل النيجيريين».


نيجيريا: الجيش يعلن القضاء على 21 «داعشياً»

صورة أطفال نشرها المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية صنداي داري (إكس)
صورة أطفال نشرها المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية صنداي داري (إكس)
TT

نيجيريا: الجيش يعلن القضاء على 21 «داعشياً»

صورة أطفال نشرها المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية صنداي داري (إكس)
صورة أطفال نشرها المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية صنداي داري (إكس)

أعلن الجيش النيجيري القضاء على 21 من عناصر تنظيم «داعش في غرب أفريقيا»، خلال عملية عسكرية لمحاربة الإرهاب بولاية بورنو، أقصى شمال شرقي نيجيريا، كما أعلن تحرير 130 من تلاميذ مدرسة كاثوليكية اختُطفوا الشهر الماضي.

وقال الجيش في بيان، الأحد، إن قواته نصبت كميناً لقافلة إمداد تابعة لتنظيم «داعش»، كانت تتحرك بين منطقتَي سوجيري وكاياملا على الطريق الرابطة بين دامبوا ومدينة مايدوغوري؛ عاصمة ولاية بورنو.

وأوضح الجيش أن العملية العسكرية شارك فيها عناصر من «قوة المهام المدنية المشتركة»، وحراس محليون دربهم الجيش لحماية القرى ومواجهة الهجمات الإرهابية التي تشنها «داعش» في المنطقة.

وأفاد الجيش بأن العملية جاءت بناءً على معلومات استخباراتية مؤكدة، تشير إلى تجمع أكثر من 100 مقاتل في المنطقة، يُشتبه في استعدادهم لشن هجمات منسقة على مجتمعات مجاورة، ونقلهم إمدادات إلى معاقلهم.

واندلع اشتباك مسلح في نحو منتصف النهار، حاول خلاله المسلحون تنفيذ التفاف خلفي، «غير أن القوات تصدت لهم بفاعلية، مستخدمة قوة نارية متفوقة، وسيطرت على مجريات القتال»، وفق ما أعلن الجيش.

وأضاف الجيش أن عمليات تمشيط لاحقة في الغابة كشفت عن مقتل 21 عنصراً إرهابياً، «فيما يُعتقد أن آخرين فروا مصابين بطلقات نارية، مع تأكيد العثور على ما لا يقل عن 17 جثة في موقع الاشتباك، إضافة إلى ملاحظة آثار دماء تقود إلى الأحراش القريبة».

قتلى من تنظيم «داعش» على يد الجيش النيجيري (إعلام محلي)

وقد ضُبطت دراجات نارية، وكميات متنوعة من المواد الغذائية والملابس، وأدوية، ومستلزمات طبية، ومصابيح يدوية، إلى جانب أسلحة وذخائر ومستلزمات لوجيستية أخرى.

وقال الجيش إن قواته «واصلت الضغط لمنع المسلحين من حرية الحركة في المنطقة، قبل تنفيذ انسحاب تكتيكي منظم لتثبيت الوضع وإتاحة الفرصة لإعادة تجميع القوات، مع تسجيل معنويات مرتفعة رغم شدة الاشتباك»، وفق نص البيان.

وأوضح المقدم ساني أوبا، ضابط الإعلام في «قوة المهام المشتركة - الشمال الشرقي» ضمن عملية «هادين كاي» العسكرية لمحاربة الإرهاب، أن «عمليات المتابعة لا تزال متواصلة لتحديد حصيلة إضافية من الخسائر واستعادة مزيد من المضبوطات».

وأكد المقدم ساني أوبا «فاعلية الجهود الأمنية المشتركة القائمة على العمل الاستخباراتي في تعطيل شبكات الجماعات الإرهابية وخطوط إمدادها، والتزام المؤسسة العسكرية مواصلة العمليات الهجومية لحماية مايدوغوري ودامبوا والمجتمعات المحيطة في شمال شرقي البلاد».

وفي تطور ميداني آخر، اكتشفت قوات عملية «هادين كاي» وحيّدت عبوة ناسفة بدائية الصنع كانت مزروعة على طول الطريق الرابطة بين دامبوا وكومالا في ولاية بورنو، خلال دورية لجنود «اللواء الـ25» بتاريخ 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وقال الجيش إن قواته فجرت العبوة الناسفة بشكل آمن دون تسجيل إصابات، كما ألقت القوات القبض على شخصين يُشتبه في تورطهما بتوفير الإمدادات اللوجيستية لعناصر جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «داعش».

مواد غذائية وتجهيزات كانت بحوزة عناصر من التنظيم الإرهابي (إعلام محلي)

وفي سياق أمني منفصل، أعلنت السلطات النيجيرية، الأحد، تحرير 130 تلميذاً اختُطفوا من مدرسة كاثوليكية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بولاية النيجر التي تقع وسط شمالي البلاد، وذلك بعدما أُطلق سراح 100 تلميذ آخرين في وقت سابق من الشهر الحالي.

وقال المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية، صنداي داري، إن «130 تلميذاً مختطفاً في ولاية النيجر أُطلق سراحهم، ولم يبقَ أحد في الأسر»، مرفقاً منشوره بصورة تُظهر أطفالاً يبتسمون.

وكان مئات التلاميذ والموظفين قد اختُطفوا في أواخر الشهر الماضي من «مدرسة سانت ماري الداخلية» المختلطة في قرية بابيري، فيما أفاد مصدر بالأمم المتحدة بأن المجموعة المتبقية من تلميذات المرحلة الثانوية ستُنقل إلى مينا؛ عاصمة الولاية، مع بقاء العدد الدقيق للمخطوفين سابقاً غير واضح منذ الهجوم.

وتعيش نيجيريا على وقع أحداث أمنية متصاعدة، حيث زاد نشاط الجماعات الإرهابية الموالية لتنظيمَي «داعش» و«القاعدة»، بالإضافة إلى عمليات خطف جماعية واسعة تستهدف المدارس والكنائس، تقف خلفها عصابات منظمة تستفيد من الحصول على الفدى مقابل الإفراج عن المختطفين.

نيجيريا صاحبة الاقتصاد الأقوى في غرب أفريقيا، والبلد الأكبر في أفريقيا من حيث تعداد السكان في القارة السمراء، تواجه صعوبة كبيرة في ضبط الأمن على امتداد مناطق واسعة من أراضيها، فيما أعلنت مؤخراً عن إصلاحات جوهرية في المؤسستين العسكرية والأمنية للقضاء على الإرهاب والجريمة.