«مؤتمر عام» في السويداء باتجاه «سوريا واحدة موحدة»

أكاديمي يشكك: العنوان أكبر من حجم المشكلة

مسلحون دروز سوريون يشاركون في تشييع قتلى سقطوا خلال مواجهات مع القوات الحكومية السورية بالسويداء (أرشيفية - أ.ف.ب)
مسلحون دروز سوريون يشاركون في تشييع قتلى سقطوا خلال مواجهات مع القوات الحكومية السورية بالسويداء (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«مؤتمر عام» في السويداء باتجاه «سوريا واحدة موحدة»

مسلحون دروز سوريون يشاركون في تشييع قتلى سقطوا خلال مواجهات مع القوات الحكومية السورية بالسويداء (أرشيفية - أ.ف.ب)
مسلحون دروز سوريون يشاركون في تشييع قتلى سقطوا خلال مواجهات مع القوات الحكومية السورية بالسويداء (أرشيفية - أ.ف.ب)

في محاولة جديدة لإخراج محافظة السويداء السورية من حالة الاستعصاء السياسي الداخلي المسيطر على التيارات المختلفة، والخارجي على صعيد العلاقة مع دمشق، يُعقد الثلاثاء المقبل «مؤتمر السويداء العام إلى سوريا الواحدة الموحدة»، بهدف الوصول إلى رؤية توافقية بين مكونات المحافظة، وتنبثق عنه «أمانة عامة» تتولى التعامل مع السلطة.

المبادرة طرحها عدد من المغتربين في أوروبا وأميركا من أبناء السويداء ذات الغالبية الدرزية والواقعة جنوب سوريا. وبينما يبلغ عدد المدعوين 120 شخصاً، يستمر المؤتمر يوماً واحداً تُطرح خلاله محاور النقاش، على أن تنبثق عنه «أمانة عامة»، ويصدر بيان ختامي ومخرجات وتوصيات.

ويأتي المؤتمر وسط حالة من التوتر تسيطر على السويداء، بدأت بعد أشهر قليلة من التغيير السوري الذي حدث في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتسبب فيها رفض بعض الأطراف في المحافظة تنفيذ ما تضمنته مبادرات توافقت عليها مرجعيات دينية ونخب ثقافية وأكاديمية بشأن العلاقة مع دمشق.

لقاء الرئيس الشرع مع وفد من وجهاء وأعيان السويداء في 24 فبراير الماضي (الرئاسة السورية)

وأخذ هذا التوتر منحًى تصاعدياً مع تمسك تلك الأطراف بالسلاح العشوائي والحالة الفصائلية المسلحة السائدة في المحافظة، وتوجيه انتقادات حادة للحكومة، ومطالبة البعض بحماية دولية وبنظام لا مركزي.

وازداد التوتر في بداية مايو (أيار) الماضي بعد وقوع أحداث دامية في مناطق محيطة بدمشق تقطنها أغلبية درزية، وتمددها لريف السويداء، وذلك بعد انتشار شريط مسجل يسيء للإسلام، لتحدث بعد ذلك فوضى أمنية مع عملية اقتحام شبّان أواخر الشهر ذاته مبنى المحافظة، ومغادرة المحافظ مصطفى البكور إلى دمشق.

المنسق العام للمؤتمر

وأكد المنسق العام للمؤتمر، فراس العيسمي، موافقة كل المكونات (السياسية والمدنية والاجتماعية والدينية) على الدخول إلى المؤتمر للتوافق على رؤية واحدة لتشكيل «أمانة عامة» يحدد صلاحيتها المؤتمر، وضمن الثوابت التي يتم المطالبة بها في كل سوريا؛ لأنه لا يوجد خلاف في المحافظة، وإنما تباين في وجهات النظر.

وقال العيسمي لـ«الشرق الأوسط»: «الخط الوطني هو الخط الثابت، وإذا كان هناك اختلاف في الرأي على آلية تفعيل مبادرات سابقة، فهذا لا يعني أنه لدينا خط ثانٍ أو من يعرقل، وإنما هناك آلية تنفيذ لا تصل إلى النهاية».

وأكد أنه ستتم دعوة جميع المكونات، وأن «كل المرجعيات وافقت على المشاركة، وباركت ودعمت هذا الموضوع».

وحرص العيسمي على توضيح أن أبناء السويداء لا يطالبون بشيء خارج عن المألوف. وعدّ أنه «من حق أي مواطن أن يطالب السلطة بالالتزام بما يُطلب منها؛ لأنها هي الأم التي يجب أن تتعامل مع أبنائها بسوية واحدة».

وبحسب قوله، فإن «الأمانة العامة» التي ستنبثق من المؤتمر هي من تحدد، ضمن الخط الوطني، الوجهة القادمة، وكيف سيكون التعامل مع السلطة.

اجتماع موسع بين وجهاء ومشايخ السويداء ومحافظي دمشق والقنيطرة والسويداء لإيجاد حل سريع للأزمة في أشرفية صحنايا (أرشيفية - السويداء 24)

وتحدث العيسمي عما يجري في السويداء منذ أكثر من نحو 50 يوماً، ومطالبة فعاليات المحافظة السلطة بتأمين طريق دمشق - السويداء، وتفعيل الضابطة العدلية، وحماية المحافظة من القصف.

وستتم مناقشة مسألة مطالبة البعض بنظام لا مركزي ضمن الشق السياسي خلال المؤتمر، والتي سيطرحها المهتمون والمختصون، وفقاً للعيسمي الذي لفت إلى أن مسألة السلاح والفصائل المسلحة التي دعيت للمشاركة، ستُطرح أيضاً للنقاش مع المختصين في الجانب السياسي.

وإن كانت مسألة مطالبة البعض بـ«حماية دولية» ستُطرح، قال العيسمي: «هذه تتعلق بالمداخلات للمدعوين، ولا يوجد لديّ تصور كيف سيتم النقاش». وعدّ أن «أكثر شيء ملزم لتطبيق المخرجات هو حاجة المجتمع وسوريا للاستقرار ورؤية واحدة».

«حركة رجال الكرامة»

بدوره، أكد الناطق الرسمي باسم «حركة رجال الكرامة»، باسم أبو فخر، تلقي الحركة دعوة للمشاركة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تأكيد على ضرورة حضور الحركة، ونحن كلنا ثقة بأن الحوار والوصول إلى تفاهمات واتفاقات هي السبيل للخروج من حالة الاستعصاء».

وإن كانت الحركة ستلتزم بمخرجات المؤتمر، قال أبو فخر: «أي قرار أو مخرجات تتناسب مع توجهاتنا وتضمن حقوق أهلنا وتحافظ على كرامتهم، فنحن معها».

وأضاف: «أول مرحلة من مراحل الخروج من حالة الاستعصاء السياسي، هي إجراء تسوية لأبناء الطائفة الموجودين في دمشق وريفَي دمشق والقنيطرة؛ لأنه يوجد حديث عن محاولات لإخراج أبناء الطائفة من دمشق إلى السويداء».

«عنوان أكبر من حجم المشكلة»

الكاتب والباحث الأكاديمي، جمال الشوفي، المنحدر من السويداء، والذي تلقى دعوة للمشاركة، ذكر أن هناك جهوداً كثيرة تُبذل لإيجاد حل لحالة الاستعصاء السياسي في المحافظة. لكن الشوفي رأى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن السويداء لا تحتمل فكرة عقد مؤتمر وطني عام؛ لأنها جزء لا يتجزأ من سوريا، والكل يؤكد هذه الثوابت.

ومن وجهة نظره، فإنه «إذا كان عند البعض نقاط خلاف متعلقة بترتيب البيت الداخلي في سوريا، فيمكن التفاهم حولها بطريقة حوارية وتشكيل اللجان، ويمكن للسويداء أن تعقد جلسة حوار أو نقاش موسعة»، وأضاف: «المؤتمر يأخذ عنواناً أكبر من حجم المشكلة».

مشايخ دروز خلال تشييع قتلى في السويداء (أرشيفية - أ.ف.ب)

واستقبل الرئيس أحمد الشرع أواخر مايو (أيار) الماضي وفداً من السويداء، كان الشوفي من بين أعضائه.

وفي حديثه لفت الشوفي إلى أن الحديث خلال اللقاء تناول ضرورة تثبيت الضابطة العدلية، ودمج الفصائل بوزارة الدفاع، وحماية طريق دمشق - السويداء، والكشف عن ملابسات ما جرى في بداية مايو، ومسألة الإطلاق اليومي للقذائف على المحافظة، ومن هي الجهات الخارجة عن القانون، ومشكلة طلاب الجامعات.

وهذه المشاكل تحتاج إلى تعامل فعلي مع السلطة، بحسب الشوفي الذي أضاف: «إذا كان 80 في المائة من أبناء السويداء موافقين على هذا الكلام، وكانت المبادرة مبنية على هذه الطروحات فقط، فيكفي وجود لجان تفعيل، والتي لا تحتاج إلى مؤتمر، وإنما إلى العودة للمرجعيات الاجتماعية، والمبادرة في هذا الموضوع».

ووفق الشوفي، فإن «المسؤولية باتت في الوقت الحالي على المرجعيات الدينية والاجتماعية في السويداء بالتعاون مع السلطة، وليست على المجتمع المدني والسياسي، وما يحاوله المجتمع المدني والسياسي أخشى أن يصطدم بالواقع، وأن تكون النتائج سلبية»، معرباً عن خشيته من أن «تكون مخرجات المؤتمر غير ملزمة لكل الجهات».

وقال: «علينا التفريق ما بين الخلاف في وجهات النظر حول الحالة السياسية، والتي تؤدي إلى أن إحدى الجهات لا تقبل التعامل مع هذه السلطة، وهذا الخلاف في الرأي حول آليات الحكم أمر طبيعي ومشروع، ويحتاج إلى فتح جلسات حوار سورية موسعة، لا في السويداء فقط».

ووصف الشوفي ما قدمه الوفد خلال اللقاء بأنه آليات حل؛ لأن تشخيص المشكلة في السويداء كان واضحاً، مشيراً إلى أن آلية الحل تتضمن أولاً: تجنب العنف، وثانياً: اللجوء إلى الحوار، وثالثاً: تجزئة المشكلة والبدء بحلها.

وبعدما وصف الشوفي تجاوب الشرع مع ما طرحه الوفد بأنه «كبير جداً»، قال: «الرئيس طرح أفكاراً واضحة عن السويداء. هو كان يعتقد أن السويداء ستكون المشارك الرئيسي في 8 ديسمبر، ولكن بدأ يتبدى أن هناك قراءة سياسية غير مدققة للواقع السوري ظهرت في بعض التصريحات حول الحماية الدولية». وأضاف: «قلنا له: وليكن، تبقى اختلافات في الرأي، والمهم السياق الموضوعي. فقال: أنا مع السياق الموضوعي في الحل، وأنتم أبناء السويداء معروفون، ابحثوا في الحلول الممكنة تحت عنوان الحوار والتوافق، ونحن جاهزون».

وتابع: «كان هناك إشارة مهمة، وهي أنه ما دام الواقع الأمني في السويداء غير مستقر ومحكوماً فصائلياً بهذه الطريقة، ولا يوجد دولة، فيخشى أن الانفتاحات الاقتصادية التي ستحصل في سوريا لا تطول السويداء. وهذا لا يرغبه هو ولا نحن».


مقالات ذات صلة

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

المشرق العربي رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت) في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق )
الاقتصاد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (رويترز)

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

قالت الحكومة الكندية، اليوم (الجمعة)، إنها رفعت اسم سوريا من قائمة الدول الأجنبية الراعية للإرهاب وحذفت «هيئة تحرير الشام» من قائمة الكيانات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
TT

عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أن بدء المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في قطاع غزة، يتطلب انسحاب إسرائيل من القطاع، وتسليم «حماس» والفصائل سلاحها للسلطة الفلسطينية.

وقال عباس -خلال اتصال هاتفي مع المستشار الألماني فريدريك ميرتس- إن أولويته الآن هي تطبيق خطة ترمب من أجل وقف الحرب، ووقف نزيف الدم، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع التهجير القسري.

واعتبر عباس أن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة «والتي تقوم على تسليم سلاح (حماس) والفصائل للدولة الفلسطينية، وانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة، بما يفتح الطريق أمام دخول اللجنة الإدارية الفلسطينية والشرطة الفلسطينية، ونشر قوة الاستقرار الأولية، والانطلاق في عملية إعادة الإعمار بشكل منظَّم وفعَّال».

وأكد عباس ضرورة اتخاذ خطوات موازية في الضفة الغربية «لوقف تقويض حل الدولتين»، تشمل «وقف عنف المستوطنين، ووقف التوسع الاستيطاني وسياسة الضم، والإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل، لما لذلك من تأثير بالغ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، وقدرة الحكومة الفلسطينية على القيام بالتزاماتها تجاه المواطنين».

وأعاد عباس إدانة هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقال إن على «حماس» إنهاء حكمها وتسليم سلاحها.

المستشار الألماني فريدريك ميرتس يصعد إلى الطائرة متوجهاً إلى الأردن ثم إسرائيل السبت (د.ب.أ)

وأكد التزام فلسطين بالاعتراف بدولة إسرائيل، والالتزام بحل الدولتين: «لتعيش دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وسلام».

وتطرق عباس إلى الخطوات التي أخذتها السلطة الفلسطينية لتنفيذ إصلاحات، وشمل ذلك تحديث المناهج المدرسية وفق معايير اليونيسكو، وإنشاء نظام رعاية اجتماعية موحد، وإلغاء قانون دفعات الأسرى، والاستعداد للذهاب إلى الانتخابات العامة فور انتهاء الحرب وتوفر الظروف الملائمة لذلك.

وبرنامج الإصلاح الذي تحدث عنه عباس هو جزء من التزامات «السلطة» لتهيئة نفسها من أجل حكم غزة في نهاية خطة ترمب.

ويفترض أن تشكل «السلطة» لجنة إدارية وقوات شرطة فلسطينية، خلال المرحلة الثانية التي ترفض إسرائيل الانتقال إليها قبل الحصول على آخر جثة.

دعوة ألمانية للإصلاح

وكان المستشار الألماني قد دعا في الاتصال الهاتفي الرئيس الفلسطيني إلى إجراء «إصلاحات ضرورية وعاجلة» في «السلطة»، حتى تتمكن من «أداء دور بنَّاء في نظام ما بعد الحرب»، وفق ما أفاد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان كورنيليوس. كما أكد دعم ألمانيا لخطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للسلام في غزة، و«رحَّب بموقف السلطة الفلسطينية المتعاون» تجاه الاتفاق، حسب المتحدث.

وجاءت مكالمة ميرتس مع عباس قبل ساعات من مغادرة المستشار برلين، اليوم (السبت)، في زيارة إلى إسرائيل. وفي اتصاله مع محمود عباس، جدد المستشار موقف برلين من ناحية أن حل الدولتين لا يزال السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين؛ حسب المتحدث باسم الحكومة الألمانية.

رفات الرهينة الأخيرة

أبلغت إسرائيل الوسطاء بأن «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تعرفان كيفية الوصول إلى رفات الرقيب ران غفيلي، وهو رفات آخر إسرائيلي كان محتجزاً في قطاع غزة.

ووفقاً لأخبار القناة «12» سافر وفد برئاسة غال هيرش، المسؤول الحكومي عن ملف المحتجزين، إلى القاهرة يوم الخميس، وطالب الوسطاء باتخاذ إجراءات لضمان استعادة جثة غفيلي.

وصرح مصدر إسرائيلي بأن المحادثات في العاصمة المصرية تناولت أيضاً المرحلة الثانية من خطة ترمب للسلام في غزة.

وأفادت التقارير بأن الوسطاء أشاروا للوفد الإسرائيلي إلى أن «حماس» تبدي اهتماماً بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، وتريد الانتقال إلى المرحلة التالية، بما في ذلك نزع سلاح غزة ونزع سلاحها.

وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، إن كثيراً من القضايا ما زالت عالقة، ولا يوجد حولها اتفاق أو خطة واضحة، بما في ذلك الانتقال إلى المرحلة الثانية.

واتهم المصدر إسرائيل بمحاولة إبقاء الوضع في قطاع غزة على ما هو عليه. وأضاف: «إنهم يريدون غزة مقسَّمة، ويحاولون إطالة أمد هذا الوضع، على الرغم من الإعلانات الكثيرة حول الانتقال إلى المرحلة الثانية».

أطفال فلسطينيون من عائلات نازحة يتجمعون في ساحة مدرسة دير البلح المشتركة التابعة لوكالة «الأونروا» غرب دير البلح وسط قطاع غزة لتلقي بعض الدروس (أ.ف.ب)

وحسب تقارير سابقة، يفترض أن يعلن ترمب الانتقال إلى المرحلة الثانية، قبل أعياد الميلاد، بعد اجتماع مرتقب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال له ترمب في آخر مكالمة إنه يتوقع منه أن يكون «شريكاً أفضل» في ملف غزة.

وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من أجزاء من غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يتضمن «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

مشعل: نرفض الوصاية

رئيس حركة «حماس» في الخارج، خالد مشغل، أعلن السبت رفض حركته كل أشكال الوصاية والانتداب على قطاع غزة، مشدداً على أن الفلسطينيين هم من يحكمون أنفسهم.

وقال مشعل في كلمة له خلال مؤتمر «العهد للقدس: نحو تجديد إرادة الأمة في مواجهة التصفية والإبادة» الذي انعقد في مدينة إسطنبول، إن على الأمة أن تقرر تحرير القدس، وأن تسخِّر كل الجهود والإمكانات من أجل غزة وضمان وقف الحرب عليها، رافضاً «كل أشكال الوصاية والانتداب للاحتلال على غزة والضفة وعامة فلسطين» ومشدداً على أن «الفلسطيني هو من يحكم نفسه، ومن يقرر لنفسه، فلا وصاية ولا انتداب ولا إعادة احتلال، فشعبنا لا يحتاج لا إلى حماية ولا إلى وصاية، ويتطلع إلى الاستقلال لا إلى الانتداب، فهذه أرضنا ووطننا وهذا مصيرنا، ونحن من نقرر».

وطالب مشعل «بحماية مشروع المقاومة وسلاح المقاومة»، ورفض احتكار القرار فيما يخص القضية، وقال إنه يجب بناء وحدة وطنية وشراكة «في ميدان النضال والسياسة والقرار».


مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قالت قناة «الأقصى» الفلسطينية إن 7 أشخاص لقوا حتفهم بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم السبت.

ولم تذكر القناة أي تفاصيل أخرى على الفور.

وفي وقت سابق اليوم، أفادت إذاعة «صوت فلسطين» بمقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال غربي قطاع غزة.

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق دبابة متمركزة بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

على الصعيد الآخر، ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن قواته أطلقت النار على عدد من الأشخاص قال إنهم «اجتازوا الخط الأصفر وشكلوا تهديداً فورياً عليها»، مشيراً إلى أن القوات قتلت ثلاثة «لإزالة التهديد».

ومنذ بدء وقف إطلاق النار الهش، أفرجت «حماس» عن جميع الرهائن الأحياء وعددهم 20، وسلمت 27 جثة مقابل الإفراج عن نحو ألفي معتقل وسجين فلسطيني لدى إسرائيل.

ورغم تراجع وتيرة العنف، تواصل إسرائيل قصف غزة وتدمير ما تقول إنه بنية تحتية تابعة لـ«حماس». وتتبادل الحركة وإسرائيل الاتهامات بانتهاك الاتفاق.


التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)

يشكّل إعلان إسرائيل عن استعدادها لفتح قنوات تعاون اقتصادي مع لبنان، بالتزامن مع تكليف الرئيس اللبناني جوزيف عون للسفير السابق في واشنطن سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، محطة جديدة في مسار المواجهة المعقّدة بين بيروت وتلّ أبيب.

وبينما تبدو خطوة إسرائيل مجرد انفتاح اقتصادي، إلا أنها «تحمل في جوهرها رسائل سياسية ملغومة بتوقيت حسّاس جداً»، حسبما تقول مصادر لبنانية، و«تندرج ضمن مسعى إسرائيلي لإعادة رسم مشهد إقليمي يتيح لها الظهور بمظهر الساعي إلى الاستقرار، مقابل تحميل لبنان ولا سيما (حزب الله) مسؤولية استمرار التوتر».

ولا يعكس الموقف الإسرائيلي بالنسبة للبنان تغيّراً فعلياً في السلوك، أو المقاربة، بقدر ما يشكّل محاولة لتسويق صورة سياسية يريدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مرحلة دقيقة داخلياً، وإقليمياً. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل، التي تواصل عملياتها العسكرية في لبنان براً وبحراً وجواً، لا تبدو مستعدة لاتخاذ خطوات عملية، بل تكتفي بإشارات مرونة محسوبة، تؤسّس بمفهومها لمرحلة تفاوض محتملة حين تنضج الظروف، وتتقاطع الحسابات الإقليمية».

الغاز والنفط

ويشكّل موقع لبنان الجيوسياسي نقطة جذب إقليمية لإسرائيل، وكل دول المنطقة، رغم قدراته الاقتصادية المحدودة. ويقول مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تل أبيب «لا تسقط من حساباتها إمكانية التعاون في مجال الطاقة والغاز، لا سيما بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مع لبنان في العام 2022، حيث تسعى لإعطاء انطباع بأن شرق المتوسط يمكن أن يتحوّل إلى منطقة تبادل اقتصادي».

رئيس الحكومة نواف سلام خلال استقباله وفد مجلس الأمن الدولي في بيروت يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

ويلفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل «تولي أهمية قصوى للتعاون في البنى التحتية الحدودية، مثل إدارة الموارد المائية، خصوصاً أن طمعها بمياه لبنان تاريخي، كما تتطلع إلى ربط أسواق المنطقة ببعضها، خصوصاً إذا فُعّل مشروع ممرات النقل الإقليمي».

ويشدد المصدر الرسمي على أن «أي تعاون اقتصادي بين دولتين في حالة نزاع مستمر يتطلب أولاً وقفاً دائماً لإطلاق النار، يتبع بترتيبات أمنية واضحة، ثم فتح قنوات اتصال رسمية، مقرونة بضمانات دولية، لذلك تبقى المبادرة الإسرائيلية مجرّد خطوة يحاول نتنياهو استثمارها في الداخل، ليظهر للمجتمع الإسرائيلي أنه انتزع مكاسب مهمّة في بداية مرحلة التفاوض مع لبنان».

رسالة سياسية

وينظر الخبراء إلى المبادرة الإسرائيلية على أنها رسالة سياسية موجّهة إلى الخارج أكثر مما هي طرح اقتصادي قابل للتطبيق. ويرى الباحث في الشؤون الجيوسياسيّة الدكتور زياد الصائغ أن إسرائيل «تسعى إلى الاستثمار في الموقف الأميركي السّاعي إلى تطبيق عملاني لمقرّرات مؤتمر شرم الشيخ، ولقاءات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، بما يعني الذهاب أبعد من وقف القتال».

ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «تعتبر أن السلام من البوّابة الاقتصادية هو الأنجع لتجاوز الصراعات، لكنّ هذا أقرب إلى الفولكلور، لا سيّما مع استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانيّة»، ويشدد الصائغ على أن «الاستعجال، ورفع منسوب ما جرى في لجنة الميكانيزم قد يأخذ طابع جسّ النبض أيضاً لمدى استعداد لبنان للذهاب بعيداً في المفاوضات، وهذا أيضاً يشكّل محاولة غير ناضجة الظروف».

سفينة عسكرية إسرائيلية تبحر بجوار منصة إنتاج حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - رويترز)

لكن الاستعجال الإسرائيلي للتعاون الاقتصادي مغاير تماماً للمشهد اللبناني، باعتبار أن الذهاب نحو هذا الخيار أشبه بالمغامرة، ويؤكد الصائغ أنّ «ملف لبنان التفاوضيّ يبدو ضبابيّاً حتى السّاعة، ولو أنّ سقفه اتفاقيّة الهدنة الموقعة ما بين لبنان وإسرائيل في العام 1949 برعاية الأمم المتحدة، لكن من الواضح أنّ السفير سيمون كرم، وبخبرته الواسعة ووضوحه السّيادي، سيفتح الطريق أمام بناء عناصر هذا الملف من المسار السياسي، إلى الدبلوماسيّ، إلى القانونيّ، إلى ذاك المرتبط بالقرار 1701».

ويذكّر بأن لبنان «جزء من الإجماع العربي، وملتزم بسقف المبادرة العربية للسلام، وكل ما يُساق خارج ذلك يبقى من قبيل التمنّيات، أو التوقّعات، لكن من الواضح أنه لا عودة عن قرار تجفيف الصراعات والحروب في الشرق الأوسط».

طاقة وسياحة

إضافة إلى ذلك، يطرح تركيز الحكومة الإسرائيلية على المجال الاقتصادي علامات استفهام في ظلّ محدودية الدور الاقتصادي للبنان في المنطقة، ولا يستبعد الصائغ أن «تسعى إسرائيل إلى تعاون اقتصادي مع لبنان على المستوى النفطي، أو السياحي، أو الصناعي، خصوصاً في ظلّ الحديث عن فكرة إنشاء منطقة اقتصاديّة على حدود لبنان الجنوبيّة، انطلاقاً من المبادرة الأميركية». لكنّه شدد على أن ذلك «لا يستقيم قبل حوار دبلوماسيّ بطابع سياسي، ويبدو مستحيل المنال في هذه المرحلة، خصوصاً مع استمرار احتلال إسرائيل للنقاط الخمس، وعدم إنجاز تسوية تحريرية لمزارع شبعا، وبدء إعمار الجنوب، توازياً مع تحقيق بسط الدولة اللبنانية سيادتها حصراً على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة». وختم الصائغ بالقول إن «ذلك كلّه يبقى مضبوطاً تحت سقف اتفاقية الهدنة 1949».