دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط»: الكلام عن سحب «اليونيفيل» مجرد «شائعات»

ترقب طلب التجديد من الحكومة اللبنانية وسط مساعٍ لـ«ملاءمة» دورها بعد الحرب

دورية لقوة «اليونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)
دورية لقوة «اليونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)
TT

دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط»: الكلام عن سحب «اليونيفيل» مجرد «شائعات»

دورية لقوة «اليونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)
دورية لقوة «اليونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (صور الأمم المتحدة)

وصف دبلوماسيون أمميون وغربيون لـ«الشرق الأوسط» التسريبات عن احتمال سحب القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل)، بأنها «غير دقيقة» و«مجرد شائعات»، وسط استمرار ترقب طلب الحكومة اللبنانية تمديد مهمة هذه القوة التي ينتهي تفويضها الحالي مع نهاية أغسطس (آب) المقبل.

وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير المشار إليها غير دقيقة»، من دون أن يدخل في أي تفاصيل أخرى.

وتواجه «اليونيفيل» منذ أشهر وضعاً جديداً بعد الحرب الأخيرة عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، والتي نشأت ضمن تداعيات دخول «حزب الله» على خط حرب غزة بعد هجوم «حماس» ضد إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفي ظل مساعٍ متجددة لـ«ملاءمة» الوضع الجديد مع التطورات التي تلت الاتفاق بين لبنان وإسرائيل على وضع حد للأعمال العدائية.

وتنتشر «اليونيفيل» في جنوب لبنان منذ مارس (آذار) 1978. وأدخلت بعض التعديلات على تفويضها بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، وبعد حرب عام 2006 بين إسرائيل و«حزب الله». وتتكرر التجاذبات على «اليونيفيل» كل عام تقريباً مع اقتراب موعد التجديد لها؛ إذ إن بعض الدول تسعى إلى إدخال المزيد من التعديلات على المهمات الموكلة إليها.

آلاف الجنود

قائد القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) الجنرال آرولدو لازارو ساينز خلال إحاطة في مجلس الأمن بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وتمتد منطقة عمليات «اليونيفيل» من نهر الليطاني إلى الخط الأزرق. وهي تضم أكثر من عشرة آلاف جندي من نحو 50 دولة، ونحو 800 موظف مدني. وينتشر حالياً في المنطقة نحو أربعة آلاف جندي لبناني.

وقال الناطق باسم «اليونيفيل» أندريا تينينتي لـ«الشرق الأوسط» إن «التحدي الأبرز الذي تواجهه (اليونيفيل) يتمثل في غياب حل سياسي طويل الأمد بين لبنان وإسرائيل». وأضاف: «تواصل (اليونيفيل) تشجيع الأطراف على تجديد الالتزام بالتنفيذ الكامل للقرار (1701)، واتخاذ خطوات ملموسة نحو معالجة الأحكام العالقة من القرار، بما في ذلك خطوات نحو وقف دائم لإطلاق النار». واعتبر أنه «من السابق لأوانه التكهن بما قد يبدو عليه تفويض (اليونيفيل) بعد أغسطس المقبل»، مذكّراً بأن القرار في هذا الشأن «يقع على عاتق مجلس الأمن».

ووصف أحد الدبلوماسيين ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الولايات المتحدة تميل إلى المطالبة بإنهاء تفويض «اليونيفيل»، بأنه «تهويل معتاد سعياً إلى التأثير على لبنان وغيره من الأطراف المهتمة بالتجديد لـ(اليونيفيل) ودورها في الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان، وعلى طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل».

وقال دبلوماسيون غربيون إن الدبلوماسيين المعنيين في الأمم المتحدة يترقبون وصول رسالة من لبنان تعبر عن الرغبة في التمديد لعام إضافي للقوة. وتوقع أحدهم أن تتضمن الرسالة اللبنانية مطلباً واضحاً بانسحاب القوات الإسرائيلية من كل الأراضي اللبنانية المحتلة، ومنها التلال الخمس التي تتمركز فيها القوات الإسرائيلية منذ أشهر.

وبموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يجب على إسرائيل أن تنسحب من لبنان خلال مهلة 60 يوماً، غير أنها لم تفعل ذلك، ثم طالبت بتمديد بقائها في جنوب لبنان حتى 18 فبراير (شباط) الماضي، في مطلب أيدته واشنطن. ولا تزال القوات الإسرائيلية متمركزة في تلال الحمامص والعويضة وجبل بلاط واللبونة والعزية. ويسعى لبنان إلى حل لهذه المسألة عبر اللجنة الخماسية المشرفة على تنفيذ وقف الأعمال العدائية، وعبر اتصالات مكثفة بين الجانبين اللبناني والأميركي.

الناطق باسم «اليونيفيل» أندريا تينينتي

ويسعى لبنان أيضاً إلى تضمين رسالته مسألة إطلاق اللبنانيين الذين تحتجزهم إسرائيل. وأكد دبلوماسي آخر أن فرنسا باعتبارها «حاملة القلم» في ما يتعلق بشؤون لبنان في مجلس الأمن «تنوي مواصلة العمل لتجديد التفويض» الخاص بـ«اليونيفيل».

فكرة الانسحاب

وكانت الصحف الإسرائيلية نسبت الأحد إلى «محللين إقليميين» تحذيرهم من أن خطوة سحب «اليونيفيل» قد «تهدد استقرار لبنان الهش بتعريضه لعمليات عسكرية إسرائيلية مباشرة، في حين لا تزال الحكومة في بيروت تكافح من أجل نزع سلاح (حزب الله) والفصائل الفلسطينية»، مضيفة أنه «يُنظر إلى إسرائيل على أنها تسعى إلى فرض ترتيبات أمنية جديدة على الحدود مع لبنان، مستغلةً استعداد إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب لتلبية مطالبها».

وكان المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي اقترح أخيراً أن على إسرائيل والولايات المتحدة «إطلاق مبادرة دبلوماسية مشتركة لإنهاء تفويض (اليونيفيل)، كجزء من ترتيب أمني أوسع بين إسرائيل ولبنان، برعاية الولايات المتحدة، يشمل آليات أمنية متكاملة لتحل محل القوة الدولية».

ونشرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن «الولايات المتحدة لم تحسم قرارها بعدُ في شأن دعمها المستقبلي لـ(اليونيفيل)، لكنها ترغب في رؤية إصلاحات كبيرة، مما قد يعني سحب الدعم». وأضافت أنه «من الأسباب التي ساقتها الولايات المتحدة لتغيير موقفها في شأن (اليونيفيل): الرغبة في خفض ميزانية الأمم المتحدة، وتعزيز التعاون الأمني ​​المباشر بين إسرائيل ولبنان».

225 مخبأ أسلحة

لم يشأ المسؤول الأممي التعليق على مواقف الولايات المتحدة أو إسرائيل في ما يتعلق بالتجديد لـ«اليونيفيل»، لكنه أشار إلى ضرورة احتفاظ «اليونيفيل» بحرية التنقل في منطقة عملياتها. وقال: «نحن ننفذ مئات النشاطات العملياتية يومياً، ونادراً ما نشهد قيوداً على حرية تنقلنا. في بعض الحالات، يعود ذلك إلى سوء فهم، وفي حالات أخرى يعتقد السكان المحليون خطأً أن أفراد الجيش اللبناني بحاجة دائمة إلى الوجود معنا». وأكد أنه «يمكن لـ(اليونيفيل) القيام بنشاطاتها مع الجيش اللبناني أو من دونه، وفقاً للقرار (1701)»، علماً أنه «حتى النشاطات التي تُنفذ من دون الجيش اللبناني، تنسّق وتُخطط مع الجيش». وقال أيضاً: «يبقى تنفيذ القرار (1701) من مسؤولية الأطراف، ولا تستطيع (اليونيفيل) فرضه».

ولفت تينينتي إلى أن «(اليونيفيل) لا تملك تفويضاً لدخول أي مكان بالقوة إلا إذا كانت هناك أدلة موثوقة على وقوع أعمال تؤدي إلى نشاط عدائي وشيك في ذلك المكان»، مذكّراً بأن «لبنان دولة ذات سيادة، وكما هي الحال في أي بلد آخر، يوجد إطار قانوني لدخول الممتلكات الخاصة». وكشف أنه «خلال الأشهر الخمسة التي مرت منذ التوصل إلى تفاهم وقف الأعمال العدائية، اكتشف جنود حفظ السلام التابعون لـ(اليونيفيل) نحو 225 مخبأً مشتبهاً به للأسلحة والذخائر، وأحالوا كل ما عُثر عليه إلى القوات المسلحة اللبنانية».


مقالات ذات صلة

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

ترحيب لبناني ودولي بتعيين كرم رئيساً للجنة الـ«ميكانيزم»

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن ترؤس السفير سيمون كرم الوفد اللبناني في لجنة الـ«ميكانيزم» «يشكّل خطوة مهمة في دفع عملها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دبابات وجرافات إسرائيلية عند الحدود مع لبنان (رويترز)

ترقب في لبنان وحديث متزايد عن تصعيد إسرائيلي

يسود الترقب في لبنان لما سيكون عليه الوضع الأمني في الأيام المقبلة، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية المترافقة مع جهود تصب باتجاه إبعاد توسعة الحرب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الجيش اللبناني نفذ طوقاً أمنياً في محيط المبنى الذي استهدف  بالضاحية الجنوبية في عملية إغتيال القيادي هيثم الطبطبائي (أ.ب)

بين زيارة البابا والمهلة الأميركية… قلقٌ يكبّل يوميات اللبنانيين

يتقدّم اللبنانيون نحو أسابيع مفصلية الأكثر دقة منذ وقف الأعمال العدائية إذ يتقاطع مزاجهم العام عند موعدين، زيارة البابا والمهلة الأميركية نهاية العام

«الشرق الأوسط» (بيروت)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.