طهران: المفاوضات ستفشل إذا تمسكت أميركا بمنع التخصيب

تخت روانجي نفى تعليق الأنشطة النووية الإيرانية لمدة 3 أعوام

إسلامي وبزشكيان أمام نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
إسلامي وبزشكيان أمام نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

طهران: المفاوضات ستفشل إذا تمسكت أميركا بمنع التخصيب

إسلامي وبزشكيان أمام نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
إسلامي وبزشكيان أمام نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي الشهر الماضي (الرئاسة الإيرانية)

حذَّرت إيران من فشل المحادثات النووية مع الولايات المتحدة إذا أصرت واشنطن على منع طهران من تخصيب اليورانيوم.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، الاثنين، إن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة «لن تفضي إلى أي نتيجة» إذا أصرت واشنطن على وقف طهران عمليات تخصيب اليورانيوم تماماً.

وقال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، الأحد، إن أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران يجب أن يتضمن وقف تخصيب اليورانيوم. وتقول طهران إن أغراض برنامجها النووي سلمية بحتة.

وقال تخت روانجي لوكالة «إيلنا» الإصلاحية: «موقفنا بشأن التخصيب واضح، وأكدنا مراراً أنه إنجاز وطني لن نتنازل عنه».

ذكرت الوكالة أن تخت روانجي نفى تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية، مزاعم حول «ضغوط من وساطات إقليمية» بما في ذلك فرنسا وعمان وقطر، واقتراح «تخصيب صفري لليورانيوم لمدة تصل إلى ثلاث سنوات؛ لبناء الثقة المبدئية والعودة التدريجية إلى مسار الاتفاق النووي»، مضيفاً: «لم يطرَح مثل هذا الأمر».

وأضاف تخت روانجي: «لن نتنازل مطلقاً عن موضوع التخصيب، ولن نفعل ذلك. وقد قلنا منذ البداية إنه إذا كان موقفهم هو التخصيب الصفري، فمن الطبيعي أن الأمور لن تصل إلى نتيجة عملياً».

وشدد تخت روانجي على «الخطوط الحمراء النووية الإيرانية»، لافتاً إلى أن الفريق التفاوضي «ملتزم بالمبادئ التي حددها المرشد (علي خامنئي) والمجلس الأعلى للأمن القومي، ولا تقبل بتجميد حقوقها الثابتة في التخصيب، حتى مؤقتاً، وتحت أي ضغط».

عراقجي محاطاً بنائبيه كاظم غريب آبادي ومجيد تخت روانجي وآخرين من فريقه خلال الجولة الثانية من المحادثات التي عُقدت في روما 19 أبريل الماضي (رويترز)

وذكرت وكالة «إيلنا» إن «تخصيب اليورانيوم» في الخطاب الدبلوماسي الإيراني «لا يعد مجرد قدرة تكنولوجية فحسب، بل هو «رمز للاستقلال الاستراتيجي وثمرة المقاومة في وجه الضغوط الغربية».

وأضافت: «أي اتفاق يفرض فيه تعليق هذا المكون — حتى لو كان مؤقتاً أو محدوداً — ينظر إليه من قِبل صانعي القرار في طهران على أنه عودة إلى سياسة الابتزاز النووي، وهو أمر غير مقبول».

ورأت الوكالة أن «الهدف من هذه المقترحات ليس بالضرورة الوصول إلى اتفاق نهائي، بل اختبار الأجواء السياسية في طهران».

ونقلت عن محللين إيرانيين قولهم إن «هذه الروايات تهدف إلى ممارسة الضغط النفسي وإدارة الرأي العام داخل إيران، وتمهيد الطريق لإحياء نسخة مخففة من الاتفاق النووي - نسخة قد ترفع بعض العقوبات، لكنها تحافظ على تقييد الحقوق النووية الإيرانية».

وأضافت في السياق نفسه أن «طهران تسعى إلى: الحفاظ على أبواب الدبلوماسية مفتوحة وتجنب تكرار تجارب الماضي المكلفة، مثل الاتفاقيات الناقصة أو غير المضمونة التنفيذ». وأضاف: «إيران ترفض التفاوض خارج غرفة المفاوضات»، مؤكداً أن «القرار الإيراني سيتحدد بناءً على الأفعال لا الأقوال».

أندريه رودينكو نائب وزير الخارجية الروسي يستمع إلى نظيره الإيراني كاظم غريب آبادي على هامش منتدى «حوار طهران» (مهر)

لاحقاً، قال تخت روانجي لوكالة «إرنا» الرسمية إن «المواقف المتعرجة والمتناقضة للولايات المتحدة تُربك أجواء المفاوضات، ولا يمكن لأحد أن يطمئن أو يدّعي أن هذه الازدواجية بلا تأثير».

ورداً على سؤال حول احتمال تأثر الجولة الخامسة من المفاوضات بتصريحات المسؤولين الأميركيين، قال تخت روانجي إن «موعدها ومكانها سيُعلَن من قِبل العمانيين»، مضيفاً أن المواقف الأميركية المتضاربة لا تزال تعقّد الأجواء.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الاثنين، للصحافيين: «مهما كرروا ذلك، فإن مواقفنا لن تتغير. مواقفنا واضحة: سنواصل التخصيب». وذلك بعدما قال الأحد، إن بلاده ستواصل تخصيب اليورانيوم «مع أو من دون اتفاق» مع القوى الدولية.

وكتب، في منشور على منصة «إكس»: «إن كانت الولايات المتحدة مهتمة بضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية، فإن التوصل إلى اتفاق في متناول اليد، ونحن مستعدون لمحادثات جادة للتوصل إلى حل يضمن هذه النتيجة إلى الأبد».

وقال ويتكوف، لشبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، الأحد، إن هناك خطاً أحمر واضحاً لدى الولايات المتحدة يتمثل في التخصيب النووي، مضيفاً: «لا يمكننا السماح بالتخصيب ولو بنسبة 1 في المائة؛ لأن التخصيب يعطي القدرة على التسلح النووي، ونحن لن نسمح بوصول قنبلة إلى هنا».

وشدد ويتكوف على أن أي اتفاق محتمل يجب أن يُبنى على هذا الأساس، قائلاً: «كل شيء يبدأ من وجهة نظرنا باتفاق لا يتضمن التخصيب. لا يمكننا القبول بذلك إطلاقاً».

وقال إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، إن واشنطن تُعقّد المفاوضات من خلال إعلان تصريحات مغايرة لما تجري مناقشته خلف الأبواب المغلقة خلال المحادثات، مضيفاً أن «التخصيب ليس أمراً خيالياً يمكن طلب إيقافه أو تعليقه من إيران».

وقال بقائي إن «مشاركة إيران في المفاوضات تثبت جديتها وحسن نيتها للوصول إلى تفاهم عادل ومستدام». وأضاف: «أي مسار تفاوضي يهدف إلى حل التحديات وتسوية الخلافات. لذلك؛ فإن مشاركتنا في المفاوضات رغم سماعنا لتصريحات وآراء متناقضة من الطرف الأميركي، تهدف إلى إثبات حقانية إيران وجديتها وحسن نيتها للوصول إلى تفاهم معقول وعادل ودائم. في الأساس، مجرد المشاركة في عملية التفاوض يعني قبول مبدأ مناقشة النقاط الخلافية والسعي لحلها. ومن هذا المنطلق، واصلنا المشاركة حتى الآن، ونأمل أن نتمكن من تحقيق نتيجة منطقية في النهاية».

ونفى بقائي وجود مسار تفاوضي مواز بين الطرفين، كما أفادت بعض وسائل الإعلام الغربية بالتزامن مع المحادثات بوساطة عمانية. وقال إن «المسار التفاوضي الوحيد هي محادثات وزير الخارجية الإيراني والمبعوث الأميركي»، لافتاً إلى أن الفريق التفاوضي الإيراني «نشر نتائج المحادثات بشفافية قدر الإمكان ضمن الحدود المتاحة إعلامياً».

وقال بقائي: «في كل مرة تُعقد جلسة مفاوضات، يتم تحقيق بعض التقدم، ونفهم على الأقل وجهات نظر بعضنا بعضاً. لكن للأسف، بمجرد عودة الأطراف الأميركية إلى واشنطن، يعلنون مواقف جديدة. هذا الأمر يخلق حالة من عدم اليقين المتكرر؛ ما يجعل أي عملية تفاوض أكثر صعوبة، ويعزز الشكوك حول جدية الطرف الآخر في هذا المسار. هذا سؤال يجب على الأطراف الأميركية الإجابة عنه بشكل طبيعي».

آلية «سناب باك»

وأجرت إيران في تركيا، الجمعة، مباحثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن برنامجها النووي.

وأجرت واشنطن وطهران منذ 12 أبريل (نيسان) أربع جولات مباحثات بوساطة عُمانية؛ سعياً إلى اتفاق جديد بشأن برنامج طهران النووي، يحل بدلاً من الاتفاق الدولي الذي أُبرم قبل عقد.

وأتاح الاتفاق المبرم بعد أعوام من المفاوضات الشاقة، تقييد أنشطة طهران النووية وضمان سلمية برنامجها، لقاء رفع عقوبات اقتصادية مفروضة عليها.

وخلال ولايته الأولى في الفترة بين عامي 2017 و2021، انسحب ترمب من اتفاق أُبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، الذي فرض قيوداً صارمة على أنشطة تخصيب اليورانيوم في طهران مقابل تخفيف العقوبات الدولية.

وأعاد ترمب، الذي وصف اتفاق عام 2015 بأنه منحاز لإيران، فرض عقوبات أميركية شاملة على طهران. وردت طهران بزيادة نشاط التخصيب.

وتدرس القوى الأوروبية الثلاث ما إذا ستفعّل آلية «سناب باك» أو «الزناد»، للعودة السريعة إلى العقوبات الأممية وهي جزء من اتفاق 2015، تتيح إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران في حال انتهاكها الاتفاق. وتنتهي المهلة لتفعيل هذه الآلية في أكتوبر (تشرين الأول) 2025.

وحذَّر عراقجي في وقت سابق هذا الشهر من عواقب «لا رجعة فيها» إذا اتجهت بريطانيا وفرنسا وألمانيا نحو إعادة فرض العقوبات.

واقترح زيارة لندن وباريس وبرلين لمناقشة الملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى قضايا أخرى «ذات اهتمام وقلق مشترك». وحض عراقجي الأوروبيين في خطاب، الأحد، على التركيز على المصالح المشتركة بدلاً من الخلافات.

وقال بقائي إن «استخدام آلية (سناب باك) لا يستند إلى أي أساس قانوني أو مبرر منطقي؛ لأن البرنامج النووي الإيراني سلمي تماماً. إذا استطاعوا إثبات حدوث أدنى انحراف في الطبيعة السلمية للبرنامج الإيراني، فحينها يمكنهم القول إنهم سيعرضون الأمر على مجلس الأمن الدولي».

وأضاف: «هو إصرار بعض الدول الأوروبية على توظيف إمكانية ضمن إطار القرار 2231 لمجلس الأمن، وهو استغلال لصلاحياتهم ومسؤولياتهم بموجب ميثاق الأمم المتحدة بصفتهم أعضاء دائمين في مجلس الأمن. وهذا غير مقبول من جانبنا بأي شكل من الأشكال».

وجاء ذلك، بعدما أفادت صحیفة «فرهيختغان» التابعة لمكتب علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني بأن مفاوضات الجمعة بين إيران والتروكيا الأوروبية، «كانت متوترة للغاية»، مشيرة إلى أن الدول الأوروبية، «تبنت مواقف حادة وطرحت تهديدات جدية على الطاولة».

وأشارت إلى أن الدبلوماسيين الأوروبيين أبلغوا كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية «عزمهم على تفعيل آلية (سناب باك)»، كما أشار إلى ضرورة إدراج بند بعنوان «سناب باك بلس» ضمن نص الاتفاق المحتمل.


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.