ترمب «ممتعض وغاضب» من نتنياهو... ومساعٍ للتقريب بينهما

خلاف أميركي - إسرائيلي «شبه علني» حول وقف النار في غزة

الرئيس ترمب مغادراً أبوظبي الجمعة في ختام جولته الخليجية (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب مغادراً أبوظبي الجمعة في ختام جولته الخليجية (إ.ب.أ)
TT

ترمب «ممتعض وغاضب» من نتنياهو... ومساعٍ للتقريب بينهما

الرئيس ترمب مغادراً أبوظبي الجمعة في ختام جولته الخليجية (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب مغادراً أبوظبي الجمعة في ختام جولته الخليجية (إ.ب.أ)

في الوقت الذي بات فيه الخلاف الأميركي - الإسرائيلي حول وقف النار في قطاع غزة، صارخاً وواضحاً وشبه علني، تسعى قوى في واشنطن إلى التسوية والتقريب بين إدارة الرئيس دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويوضح نائب وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، سفير إسرائيل في واشنطن، داني أيالون، أن ترمب ممتعض وغاضب من نتنياهو، لكن هناك قوى في العاصمة الأميركية تريد ردم الهوة بينهما، وتجادل بأن نتنياهو هو الأفضل لقيادة إسرائيل؛ لأنه رغم ضعفه يظل الأقوى والأقدر على تمرير القرارات.

وقال أيالون، في حديث إذاعي يوم الجمعة، إن ترمب لا يتقبل تصرفات نتنياهو ويعدّها «عقلية قديمة»، ويرى أن العالم كله يستجيب لطلباته ما عدا نتنياهو. لذلك قرر تركه على الهامش، خلال زيارته إلى الخليج. وتابع أنه على الرغم من ذلك، فلن يسمح ترمب بحدوث أزمة في العلاقات بين البلدَيْن، «فهو يعرف أن هناك قوى عديدة تنتظر وتتمنى وقوع مثل هذه الأزمة. فهذه القوى، مثل (حماس) وإيران وغيرهما، ستستمد التشجيع من خلاف مثل هذا، وستشدد مواقفها في المفاوضات، وهذا يلحق ضرراً بكل خطط الرئيس الأميركي للشرق الأوسط».

لكن موقف نتنياهو هذا يواجه معارضة إسرائيلية شديدة وانتقادات لاذعة. وهناك من يعدّه «تطرفاً غير مسبوق» يهدّد بالمساس في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، ويكشف عن تراجع حقيقي كبير وخطير في مكانة إسرائيل داخل المنظومة الإقليمية الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة وفق معادلات «أمنية وتجارية». ويقول هؤلاء المعارضون لنتنياهو إن إسرائيل لا تجد نفسها بموقع الصدارة في هذه المنظومة، كما كانت تحلم هي والرئيس ترمب، بل تجد نفسها خارج هذه المنظومة.

نازحون من بيت لاهيا في شمال قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)

وعدّ المحرر العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن الولايات المتحدة تُعيد تشكيل تحالفاتها في المنطقة من بوابة الاقتصاد وضبط النزاعات، في حين تبتعد عن نهج «الهيمنة العسكرية». وحسب هرئيل، فإن إدارة ترمب تعكس مزيجاً من البراغماتية القوية، والنزعة التجارية، وعدم الرغبة في الانجرار إلى حروب طويلة. ولفت إلى أن ترمب يسعى إلى فرض تسويات على اللاعبين الإقليميين، بمن فيهم إسرائيل، التي لا تبدو مستعدة للقبول بأي صيغة تتضمّن وقف الحرب في غزة. وحسب هرئيل، فإن دور إسرائيل في الأحداث الجارية يبدو حتى الآن هامشياً.

وأشار هرئيل إلى أن نتنياهو لا يُبدي أي استعجال لقبوله المقترح الأميركي، أولاً لأنه، كما درج طوال سنوات حكمه، يخشى من تسوية تُفرض عليه. لكنه يُحذّر من احتمالات أكثر خطورة، منها أن «تقرر واشنطن ببساطة ترك إسرائيل تواجه أزماتها، أو أن يُقدم نتنياهو على إفشال الترتيبات الأميركية بالقوة، سواء في غزة أو حتى بإيران». وقال هرئيل إن تصريحات ترمب خلال جولته أظهرت انفتاحاً أميركياً على مناقشة تزويد دول في المنطقة بمقاتلات حديثة، في خطوة تُثير قلقاً في بعض الأوساط العسكرية الإسرائيلية، نظراً إلى أنها تقوّض المبدأ الذي ساد لأكثر من خمسة عقود بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.

ويقول منتقدون لنتنياهو إن حساباته تختلف عن حسابات جنرالاته، فهو يضع في رأس اهتمامه مصالحه الحزبية والشخصية؛ بحيث يعزّز ائتلافه الحكومي، ولا يسمح بسقوط هذا الحكم؛ لأنه يعرف أن وقف الحرب يعني اندلاع حرب أخرى داخل إسرائيل لإسقاط حكمه.

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية قرب خيام للنازحين في مدينة غزة الجمعة (إ.ب.أ)

وكشف المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، عن أن مبعوثين لترمب سعوا إلى التوصل لاتفاق جديد مع حركة «حماس» خلال زيارة الرئيس الأميركي، لكن رفض إسرائيل تقديم أي ضمانات بإنهاء الحرب حال دون ذلك. كما يشير إلى أن تعامل الإدارة الأميركية مع «حماس» بصفتها طرفاً قابلاً للتفاوض، كسر محظوراً سياسياً طالما تبنته إسرائيل، وأن «حماس» باتت تمتلك فعلياً «مفتاح الدخول» إلى البيت الأبيض، لكن هناك غياباً واضحاً للقيادة لدى «حماس» على الأرض بسبب سياسة الاغتيالات الإسرائيلية.

وكانت مصادر مقربة من نتنياهو قالت إن محاولة إسرائيل اغتيال القيادي في «حماس»، محمد السنوار، في هجوم عنيف على المستشفى الأوروبي في خان يونس، الثلاثاء، يمكن أن تؤدي إلى وضع جديد بحيث تتدهور الأوضاع أكثر. وهناك قلق أيضاً في تل أبيب من أن يكون نتنياهو يصر على الاغتيالات حتى يضمن استمرار الحرب. وقد حرص، هو ومساعدوه، على التأكيد للأميركيين أن «الجيش الإسرائيلي يقترب من إخضاع (حماس)»، وأن «الضغط العسكري اقترب من حالة أن يؤتي ثماره».

وتساءل برنياع، في هذا السياق: «من سيعيد الأسرى في حال غياب القيادة الفعلية؟ وهل يدركون لدينا أن تجاهل التسوية سيُبقي إسرائيل في حالة استنزاف دائم؟ وهل يحسبون أننا لا نعد الشهور التي مضت من دون أن يحقّق الضغط العسكري أهداف الحرب؟».

بدوره، كتب المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، أن «نتنياهو لا يملك استراتيجية خروج حقيقية من الأزمة»، وأن «رفضه مناقشة مستقبل القطاع يأتي نتيجة اعتبارات ائتلافية داخلية، وليس لمصلحة استراتيجية. وما تطلبه واشنطن من إسرائيل ليس كثيراً، وهو فقط أن تكون مستعدة لمناقشة، بشكل عام، فكرة حل الدولتَيْن في المستقبل، لكن حتى هذا ترفضه الحكومة الحالية». وحسبه، فإن إسرائيل ضيّعت فرصة أن تكون المستفيد الرئيسي من التحالف الذي تعمل واشنطن على تشكيله في المنطقة، بقيادة اقتصادية وأمنية، مشيراً إلى أن الثمن الوحيد المطلوب من إسرائيل كان سياسياً: التخلي عن لغة القوة، والعودة إلى الحوار. لكن الحكومة الحالية فضّلت التمسك بلغة القوة وبمزيد من القوة إذا ما فشل ذلك، وبهذا أضاعت فرصة الانضمام إلى «الطائرة الإقليمية التي تُقلع نحو مستقبل مختلف، واختارت أن تغرق إسرائيل في أنفاق خان يونس وأزقة غزة».

«أضاعت إسرائيل فرصة الانضمام إلى الطائرة الإقليمية التي تُقلع نحو مستقبل مختلف واختارت أن تغرق في أنفاق خان يونس وأزقة غزة»

يوآف ليمور المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»


مقالات ذات صلة

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

خاص فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب) play-circle

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

للمرة الأولى؛ أجبرت مجموعة مسلحة تنشط شرق مدينة غزة قاطني مربع سكني في حي التفاح على النزوح، على إخلائه بالكامل، تحت تهديد السلاح، وبدعم إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

قيادي بـ «حماس»: انفجار رفح وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل

قال محمود مرداوي القيادي في حركة «حماس» إن الانفجار الذي وقع في منطقة رفح في جنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء كان في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.


تقرير: نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن الصواريخ الباليستية الإيرانية

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

تقرير: نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن الصواريخ الباليستية الإيرانية

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري، قوله، الخميس، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيُطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ووصف المصدر التهديد الذي تمثله الصواريخ الإيرانية بأنه خطير للغاية، مؤكداً أن إطلاق عدد كبير منها على إسرائيل سيلحق أضراراً تعادل «قنبلة نووية صغيرة».

وكان نتنياهو قال، الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل ضخمة.


عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
TT

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي.

وقال عراقجي خلال ملتقى «تبيين السياسة الخارجية للبلاد والأوضاع الإقليمية» في أصفهان إن «المؤامرة الجديدة» لا تقوم على المواجهة العسكرية المباشرة، بل على محاولة خلق بيئة ضاغطة اقتصادياً بهدف إضعاف الداخل، مضيفاً أن هذا الرهان «لن ينجح تماماً كما فشل رهان الاستسلام خلال الحرب الأخيرة».

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.

ووصف عراقجي الحرب التي استمرت 12 يوماً بأنها «قصة مقاومة بطولية»، وقال إن «صمود إيران أحبط مؤامرة العدو الرامية إلى إرغام البلاد على الاستسلام». وأضاف أن خصوم إيران «اعتقدوا أنهم قادرون خلال أيام قليلة على فرض استسلام غير مشروط، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى التراجع أمام صمود المجتمع والقوات المسلحة». وصرح بأن الحرب «وجهت رسالة من دون أي شروط مسبقة مفادها أن الشعب الإيراني لن يخضع للقهر أو الإملاءات».

وانتقد عراقجي المبالغة في تصوير آلية «سناب باك» التي أعادت القوى الغربية بموجبها العقوبات الأممية على إيران في نهاية سبتمبر (أيلول). وقال إن الروايات التي جرى تسويقها للجمهور حول هذه الآلية «كانت أسوأ بكثير من الواقع»، وهدفت إلى شل الاقتصاد الإيراني نفسياً عبر بث الخوف، في حين أن هذه الأدوات «لم تكن تمتلك في الواقع الفاعلية التي جرى الادعاء بها».

ودعا عراقجي إلى مقاربة واقعية، قائلاً: «علينا أن نقر بوجود العقوبات، وأن نقر أيضاً بأنه يمكن العيش معها»، لافتاً إلى أنه يدرك تكلفة العقوبات وتأثيراتها، مشيراً إلى أنها تكشف أيضاً عن فرص لإصلاح الاختلالات الداخلية. وأضاف أن العقوبات تستخدم في كثير من الأحيان كأداة «حرب نفسية»، سواء عبر التهويل بآليات مثل «سناب باك» أو عبر تضخيم آثارها بما يتجاوز الواقع، بهدف شل الاقتصاد معنوياً قبل أن يكون مادياً.

صورة نشرها موقع عراقجي الرسمي من خطابه في ملتقى بمدينة أصفهان الخميس

وأوضح عراقجي أن «لإيران الحق في التذمر من العقوبات فقط بعد استنفاد كامل طاقاتها الداخلية والإقليمية»، مشيراً إلى أن البلاد لم تستخدم بعد كل إمكانات الجوار ولا كل أدوات الدبلوماسية الخارجية. وقال إن تفعيل هذه الأدوات يمكن أن يخفف من الأعباء الاقتصادية حتى في ظل استمرار القيود.

«الدبلوماسية الاقتصادية»

وتوقف عراقجي عند مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، مؤكداً أن مهمة وزارة الخارجية تشمل تسهيل مسارات التصدير والاستيراد وفتح أسواق جديدة. وفي هذا السياق، أشار إلى السجاد الإيراني بصفته مثالاً على التداخل بين الاقتصاد والثقافة، موضحاً أن كل سجادة إيرانية في الخارج تمثل «سفيراً ثقافياً»، وأن تراجع صادرات هذا القطاع يشكل خسارة اقتصادية واجتماعية ينبغي معالجتها عبر إزالة العوائق أمام المنتجين والمصدرين.

وقال إن الحكومة «مدينة للشعب»، وإن واجبها هو الخدمة لا المطالبة، عادّاً أن نجاح الدبلوماسية الاقتصادية سيكون أحد معايير تقييم أداء السياسة الخارجية في المرحلة المقبلة، إلى جانب الحفاظ على نهج الصمود في مواجهة الضغوط.

وفيما يخص دور وزارة الخارجية، حدّد عراقجي مهمتين أساسيتين. الأولى مواصلة السعي إلى رفع العقوبات عبر المسارات الدبلوماسية، مع الحفاظ على المبادئ والمصالح الوطنية. وقال: تشكل تجربة الاتفاق النووي والمفاوضات اللاحقة رصيداً تفاوضياً لا يمكن تجاهله، لكنها لا تعني العودة الآلية إلى المسارات السابقة، بل البناء عليها، مؤكداً أن الوزارة «لن تدّخر جهداً» في استثمار أي فرصة لتخفيف الضغوط الدولية.

وأضاف أن المهمة الثانية تتمثل في دعم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، ولا سيما القطاع الخاص. وشدّد على أن السياسة الخارجية لا ينبغي أن تبقى محصورة في التقارير المكتبية، بل أن تتحول إلى عمل ميداني يواكب مشكلات التجار والشركات الإيرانية في الخارج ويسعى إلى حلها. واستشهد بتجربة دعم شركة إيرانية خاصة في مناقصة إقليمية كبيرة انتهت بفوزها في منافسة مع شركات دولية.

ترقب لزيارة نتنياهو

ويأتي ذلك في وقت تصر فيه واشنطن على تنفيذ سياسة «الضغوط القصوى» على الاقتصاد الإيراني، فيما يزداد تركيز إسرائيل على الصواريخ الباليستية بوصفها التهديد الأكثر إلحاحاً، وسط تقديرات إسرائيلية بأن إيران خرجت من حرب يونيو بترسانة أقل مما كانت عليه قبلها، لكنها بدأت خطوات لإعادة البناء.

وقال عراقجي الأسبوع الماضي إن إيران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل وأكثر من السابق»، مشيراً إلى أن الاستعداد يهدف إلى منع الحرب لا السعي إليها. وأضاف أن استهداف إيران خلال مسار اتصالات دبلوماسية كان «تجربة مريرة»، وأن بلاده أوقفت اتصالات كانت قائمة منذ أشهر، مع تأكيدها أنها مستعدة لاتفاق «عادل ومتوازن».

وتترقب الساحة الإقليمية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الاثنين المقبل، وسط تقارير إسرائيلية تفيد بأنه يعتزم طرح ملف الصواريخ الإيرانية على الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتعود مؤشرات التصعيد إلى حرب يونيو التي اندلعت في 13 من الشهر نفسه بهجوم إسرائيلي على منشآت وأهداف داخل إيران، وأشعلت مواجهة استمرت 12 يوماً، قبل أن تنضم الولايات المتحدة لاحقاً بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي طهران، سعى مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة إلى تثبيت رواية مفادها أن قدرات البلاد لم تُستنزف خلال الحرب، وأن ما تبقى من أدوات الردع لم يستخدم بعد. وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي الأربعاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لكل سيناريو»، محذراً من رد «قاطع» إذا فُرضت مواجهة، ومضيفاً أن أي تحرك هجومي إيراني سيكون «لمعاقبة المعتدي».

وتزامن ذلك مع تضارب في الرواية الإيرانية حول أنشطة صاروخية داخل البلاد. وفي إسرائيل، قال نتنياهو إن بلاده «على علم» بأن إيران أجرت «تدريبات» في الآونة الأخيرة، وإنها تراقب الوضع وتتخذ الاستعدادات، محذراً من رد قاس على أي عمل ضد إسرائيل، من دون تقديم تفاصيل إضافية، في سياق تحذيرات من سوء تقدير متبادل قد يدفع نحو مواجهة غير مقصودة.