هل تقود «ضغوط ترمب» لانفراجة في «هدنة غزة»؟

مصر تؤكد استمرار تحركات الوسطاء لوقف إطلاق النار

فلسطينيون يفحصون الملاجئ المدمرة في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يفحصون الملاجئ المدمرة في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

هل تقود «ضغوط ترمب» لانفراجة في «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يفحصون الملاجئ المدمرة في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يفحصون الملاجئ المدمرة في مدرسة تابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

3 أيام فاصلة أمام ملف التهدئة في قطاع غزة، لحسم إمكانية حدوث اتفاق قبل أو مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، وسط تعويل مصري على «ضغوط» من واشنطن تجاه إسرائيل لتحقيق هدنة وشيكة.

تلك الضغوط الأميركية التي أكدتها تسريبات إعلامية إسرائيلية، ووصفتها بـ«الثقيلة» يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنها تحمل فرصاً لتحقيق انفراجة حال كانت حقيقية وجادة، وتوقعوا أن يكون هناك اتفاق إنساني لدخول مساعدات في أدنى حد لو لم تتوافر فرص لإبرام صفقة مؤقتة أو شاملة لتبادل الرهائن ووقف إطلاق النار.

وقبيل زيارة ترمب للمنطقة التي تبدأ الثلاثاء، وتشمل السعودية وقطر والإمارات، قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إن مصر تعول على الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل وإجبارها على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكداً في مقابلة مع قناة تلفزيون «روسيا اليوم»، الجمعة، أنه لن يكون هناك «لا أمن ولا استقرار لإسرائيل والمنطقة دون إنشاء الدولة الفلسطينية».

وفي اليوم التالي، أكد عبد العاطي خلال لقاء بالقاهرة مع نائب رئيس فلسطين، حسين الشيخ، «استمرار مصر في جهود الوساطة لاستئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى جهودها الحثيثة من أجل تعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية لقطاع غزة في ظل التدهور السريع للأوضاع الإنسانية بالقطاع»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن مصر موقفها واضح وتريد إنجاز تهدئة واستقرار بالمنطقة، وتسعى بكل الطرق إلى أن يكون ذلك قريباً، وتعويلها على واشنطن في محله، إذ يعد ضغط ترمب حاسماً لو كان جاداً في ذلك، وإذا أصر على هدنة فسيفعلها.

رد فعل فلسطينيين على مقتل أحد أقاربهم في غارة إسرائيلية جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تسارع الوقت وتضغط في كل اتجاه وتعول على الجميع، لا سيما واشنطن حليفة إسرائيل، من أجل تحقيق انفراجة والذهاب بشكل دراماتيكي لهدنة مؤقتة على الأقل، وتأمل أن تعلن قبل زيارة ترمب للمنطقة».

تلك الضغوط التي تعوّل عليها مصر، أكدها إعلام إسرائيلي، إذ نقلت صحيفة «هآرتس»، الجمعة، عن مصدر إسرائيلي قوله إن «الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً ثقيلة على إسرائيل للتوصل إلى صفقة مع (حماس) مع زيارة ترمب للمنطقة، وأخبرتها أنها إن لم تتقدم مع واشنطن باتجاه صفقة فسوف تبقى إسرائيل وحدها».

ورجّحت صحيفة «يسرائيل هيوم» باليوم ذاته، عن مصادر لم تسمّها، أن «ترمب قد يزور إسرائيل خلال جولته في الشرق الأوسط فقط، في حال التوصل إلى صفقة رهائن»، وإسرائيل ليست مدرجة خلال الجولة المعلنة قبل أسبوعين، وتشمل السعودية وقطر والإمارات.

فيما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الجمعة، عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أن ترمب يفكر في الإعلان عن خطة لإيصال المساعدات لغزة قبل رحلته للشرق الأوسط، وذلك غداة إعلان وزارة الخارجية الأميركية أن التوصل إلى حلّ لإيصال المساعدات الغذائية إلى غزة «على بُعد خطوات، وأن إعلاناً سيصدر قريباً».

دخان فوق الخيام في وقت سابق إثر غارة إسرائيلية بمخيم للنازحين الفلسطينيين بخان يونس (أ.ف.ب)

وفي إشارة للضغوط، خاطب الكاتب الأميركي البارز المقرب من إسرائيل، توماس فريدمان، ترمب في عموده بصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الجمعة، وأكد أن حكومة نتنياهو ليست حليفة للولايات المتحدة، وأنها تتصرف بطريقة تهدد المصالح الأميركية في المنطقة، موضحاً أن استثناء إسرائيل من جولته المرتقبة في الشرق الأوسط، وكذلك التفاوض بشكل مستقل مع حركة «حماس» وإيران والحوثيين رسالة واضحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي.

وبرأي رخا أحمد حسن فإن ترمب يمارس ضغوطاً؛ لكن نتنياهو يتجه عكس ما يريد الرئيس الأميركي، لا سيما في ملف الهدنة والمساعدات الإنسانية، وبات العد التنازلي لنهاية نتنياهو وحكومته محسوماً حتى لو تأجل لانتخابات 2026، مشيراً إلى أن مقال توماس فريدمان لترمب تأكيد أن وجود ذلك الشخص مضر بمصالح واشنطن نفسها.

وأضاف: «رغم قرب الزيارة، فليس هناك ما يدعو للاطمئنان بحدوث شيء خصوصاً أن الوقت لا يسمح بذلك لكن يبقى احتمال حدوث هدنة مؤقتة بخلاف الاتفاق الإنساني أمر وارد ولو كان ضعيفاً، وسيكون ذلك في إطار مفاجأة وهذا يتوقف على موقف أميركي جاد وحاسم لإحداث الانفراجة والاتفاق».

بينما يعتقد أيمن الرقب أن ما يدور في التسريبات الإسرائيلية والأميركية ضغوط شكلية لم تتحول لجادة بعد، وتشمل فقط الوقوف عند حدود اتفاق إنساني يدخل بعض المساعدات وليس هناك ما يمكن أن يقول إن هناك هدنة مؤقتة أو شاملة، محذراً من هذا النهج باعتباره حلولاً مؤقتة لا تحقق استقراراً، مؤكداً أهمية أن يدرك ترمب أن الحلول السياسية بجوار الأخرى الإنسانية ستكون ضمانة أكبر لتهدئة أكبر وأوسع وأشمل وأنجح لمصالح واشنطن بالمنطقة.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

شؤون إقليمية 
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
TT

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)

أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على مناطق حدودية مع تشاد، بينها أم قمرة وأم برو، ونشرت مقاطع مصورة تُظهر انتشار قواتها هناك، في وقت لم يصدر فيه تعليق رسمي من الجيش السوداني.

وقالت «الدعم السريع» إن العملية هدفت إلى إنهاء وجود ما وصفتها بالجيوب المسلحة، ووقف أعمال انتقام وفوضى تتهم الجيش السوداني و«القوة المشتركة» المتحالفة معه بتنفيذها ضد قيادات الإدارة الأهلية ومدنيين. وأكدت نشر قوات لتأمين المدنيين والطرقات والمرافق العامة في تلك المناطق لإعادة الاستقرار.

وفي تطور آخر، تأكد مقتل قائد «الفرقة 22 مشاة» التابعة للجيش السوداني في مدينة بابنوسة، اللواء معاوية حمد عبد الله، خلال هجوم شنته «الدعم السريع» على المدينة مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ورغم عدم صدور بيان من الجيش بشأن مقتل قائده، أفاد موقع رسمي تابع لحكومة الولاية الشمالية بأن حاكمها العسكري، عبد الرحمن إبراهيم، قدّم واجب العزاء في الفقيد بمنطقة أنقري التابعة لمحلية البرقيق.


مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)

يشهد الصومال حالة من الزخم والترتيبات الواسعة استعداداً لأول انتخابات مباشرة منذ نحو ستة عقود، مع الاقتراع على أعضاء المجالس المحلية لإقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو، الخميس.

تلك الترتيبات والمساعي المكثفة حكومياً يُنظر لها، بحسب خبير في الشؤون الصومالية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على أنها توجُّه من الحكومة لدعم أكبر مشاركة تُحقق صحة موقفها من الانتخابات المباشرة، خاصة أن الاقتراع يُعد اختباراً جديداً لإمكانية عقد الانتخابات الرئاسية الصومالية عام 2026، في ظل تحفظات المعارضة.

وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي.

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

وقد تأجلت الانتخابات التي ستُجرى، الخميس، بنظام «شخص واحد صوت واحد» ثلاث مرات هذا العام. ومن المتوقع تنظيم انتخابات رئاسية العام المقبل، مع انتهاء ولاية الرئيس حسن شيخ محمود.

ولفتت وكالة الأنباء الصومالية (صونا)، الأربعاء، إلى أن انتخابات الخميس ستُجرى في المديريات الست عشرة بمحافظة بنادر، حيث يتوجه المواطنون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يمثلهم في المجالس المحلية لأول مرة منذ 1969.

«محطة مفصلية»

وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل مليون ناخب و20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

وأوضح متحدث اللجنة عبد الفتاح فيصل حسين، الأربعاء، أن التصويت سيجري في 16 دائرة انتخابية موزعة على 213 مركز اقتراع و523 موقع تصويت.

وأعلنت هيئة الطيران المدني، الأربعاء، أن جميع الرحلات الجوية من مقديشو وإليها ستُعلّق الخميس خلال فترة الانتخابات، تزامناً مع تنفيذ خطة واسعة أعلنتها الأجهزة الأمنية الصومالية، تقضي بنشر نحو عشرة آلاف من عناصر الشرطة لتأمين الاقتراع، وفق ما أعلنه وزير الأمن الداخلي عبد الله شيخ إسماعيل، الأحد.

تجمع جماهيري يقوده رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري في مديرية كاران بمحافظة بنادر دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عبد الكريم حسن، الثلاثاء، أن اللجنة ستنشر نحو خمسة آلاف موظف في مراكز التصويت بالعاصمة للإشراف على الانتخابات التي وصفها بأنها «محطة مفصلية في مسار التحول الديمقراطي في الصومال».

وقاد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري تجمعاً جماهيرياً، الاثنين، في مديرية كاران بمحافظة بنادر، دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة، مشدداً على أهمية المشاركة الشعبية في تقرير المصير السياسي.

وكان قد تقرر تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو عن الموعد المقرر سابقاً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتوفير «وقت إضافي لإعداد مرشحيها، واستكمال الترتيبات اللوجستية» قبل التصويت لضمان مشاركة أكبر، وفق ما أعلنه وقتها عبد الكريم حسن.

موقف المعارضة

ويرى الخبير في الشؤون الصومالية، عبد الولي جامع بري، أن ترتيبات الحكومة بشأن الانتخابات لها تأثيرات مهمة على الحشد الشعبي والمشاركة بعد عقود من الغياب الديمقراطي، خاصة أنها تأتي وسط تحفظات المعارضة التي قررت عدم المشاركة فيها.

وأعلن «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو الأسبوع الماضي رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس الرئيس حسن شيخ محمود مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

موظفون حكوميون بالصومال خلال توزيع بطاقات الاقتراع (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقَّب الرئيس الصومالي، الثلاثاء، في فعالية انتخابية لحزب «العدالة والتضامن» الحاكم في مقديشو، قائلاً: «لقد استخلصنا نقطة واحدة من نتائج مؤتمر كيسمايو، وهي فتح باب الحوار والحوار مفتوح، وقد استجابت الحكومة رسمياً لهذا الطلب»، محذراً من مخاطر تحويل الخلافات السياسية إلى مواجهات مسلحة.

«اختبار حقيقي»

يتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

ويرى خبير الشأن الصومالي جامع بري أن الانتخابات الحالية قد تفتح الطريق لتفاهمات حول الرئيس في المستقبل، لكن الواقع لا يزال معقداً، خاصة والمعارضة لديها تحفظات حقيقية.

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة ترى في المسار الحالي انتخابات غير متوازنة، وربما غير دستورية أو غير شاملة كلياً، مما قد يحدّ من مشاركة شرائح واسعة من المواطنين إذا شعرت بأن العملية ليست عادلة أو أنها تمثيلية».

وهو يعتقد أن النظام يراهن على تحول سياسي حقيقي نحو الديمقراطية عبر الانتخابات المباشرة التي تعد اختباراً حقيقياً لرئاسيات 2026، لكن المعارضة ستبقى لديها تحفظات عميقة على طريقة تنظيم الانتخابات ومسارها، وتبقى نتائج الحوار المنتظر هي الفيصل في تحديد المستقبل.


انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
TT

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها بقرارات من الهيئة الوطنية للانتخابات الشهر الماضي، في حين يترقب مرشحون نتائج الطعون الجديدة.

وتحسم «المحكمة الإدارية العليا» مصير 48 طعناً على نتائج 30 دائرة أُلغيت قضائياً ضمن المرحلة الأولى، الأربعاء، وسط توقعات بأن يتقدم بعض المرشحين بطعون أخرى في أعقاب الإعلان عن نتيجة جولة إعادة المرحلة الأولى، وكذلك بعد الإعلان عن نتائج إعادة المرحلة الثانية والمقررة الخميس، حسب «هيئة الانتخابات».

وخلال الأسابيع الماضية قبلت «الإدارية العليا» عدداً من الطعون التي أسفرت عن إلغاء نتائج 30 دائرة بالمرحلة الأولى، كما رفضت أخرى تنوعت أسبابها بين «التشكيك في سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء في المحاضر أو تجاوزات خلال عملية الاقتراع».

وتأثرت انتخابات البرلمان المصري سلباً بطول جدول الاقتراع مع إلغاء دوائر انتخابية وإعادتها، وانعكس ذلك على مؤشرات المشاركة المتراجعة عند جولة الإعادة.

ودعا مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد بنداري خلال مؤتمر صحافي عقده، مساء الثلاثاء، قبل بدء التصويت في الخارج الذي يستمر ليومين، المواطنين «لاستكمال طريق العمل الجماعي من أجل تعزيز الديمقراطية عبر المشاركة في هذه المحطة الانتخابية».

المستقلون والحزبيون

تجري الإعادة في 19 دائرة انتخابية بين 70 مرشحاً يتنافسون على 35 مقعداً موزعة على سبع من محافظات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، هي الجيزة وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة والفيوم، على أن تبدأ انتخابات الداخل السبت والأحد المقبلين، وفق «الهيئة الوطنية للانتخابات».

ويتفوق أعداد المستقلين المتنافسين في تلك الجولة على المرشحين الحزبيين، إذ يواجه 42 مستقلاً 28 مرشحاً حزبياً ينتمون إلى 9 أحزاب. ويعوّل المستقلون على تحقيق نتائج إيجابية أسوة بما أظهرته نتائج الحصر العددي للمرحلة الثانية بعد أن حصدوا 46 مقعداً من أصل 101 مقعد جرى التنافس عليها بنظام الفردي في 13 محافظة.

ناخبون يتوجهون للإدلاء بأصواتهم بجولة إعادة 19 دائرة ملغاة بالمرحلة الأولى من «النواب» بالسفارة المصرية في الرياض (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

وقال المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، إن حزبه نظم جولات دعم للمرشحين في المحافظات المختلفة قبل بدء جولة إعادة المرحلة الأولى، مشيراً إلى أن المنافسة مع المستقلين والأحزاب «صعبة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتخابات شهدت تصويباً في مسارها... وهناك حرص على الالتزام بالمعايير الانتخابية».

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حذَّر من الرشاوى الانتخابية، وما قد تؤدي إليه من تمكين «الجاهل أو الأحمق»، وذلك ضمن لقاء تفاعلي بأكاديمية الشرطة الشهر الماضي.

طول أمد الجدول الانتخابي

كان بنداري قد أعاد التأكيد خلال مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، على «حرص هيئة الانتخابات على تلقي شكاوى وبلاغات جميع أطراف العملية الانتخابية إزاء أي مشكلة أو خروقات انتخابية قد تحدث، حتى يمكن التحقيق فيها والتعامل معها بصورة فورية وفق صحيح حكم القانون وإزالة أسبابها».

ونوَّه الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، بأن الخريطة الزمنية التي عدلتها «الهيئة الوطنية للانتخابات» تقضي بالإعلان النهائي عن النتائج في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن ثم فمن المتوقع أن تفصل محكمة القضاء الإداري في الطعون قبل هذا الموعد.

وأضاف أنه في حال إرجائها، فمن الممكن إحالة بعض الطعون إلى محكمة النقض التي تفصل فيها مع بدء انعقاد البرلمان خلال مدة 60 يوماً.

واستطرد قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات مجلس النواب الحالية «قد تكون الأقل من حيث مشاركة الناخبين مع تأثرها ببطلان ما يقرب من 70 في المائة من دوائر المرحلة الأولى وطول أمد الجدول الانتخابي».

وعقب انتهاء إعادة الدوائر التسع عشرة، من المقرر أن تجري جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين بالخارج يومي 31 ديسمبر (كانون الأول) و1 يناير، بينما تُعقد داخل مصر يومي 3 و4 يناير، على أن تُعلن النتائج النهائية في العاشر من الشهر.